مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إن المؤسسة الأمنية تجري تحقيقاً لتقصّي وقائع عدم اعتراض الصاروخ السوري الذي أُطلق في اتجاه منطقة النقب [جنوب إسرائيل] بعد منتصف الليلة قبل الماضية.
وقد انفجر الصاروخ في الهواء وعُثر عصر أمس (الخميس) على شظايا وأجزاء كبيرة أُخرى منه، ولم تسجَّل خسائر بشرية أو مادية. وكان الصاروخ واحداً من رشقة صواريخ أُطلقت في اتجاه طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي لدى قيامها بنشاط أمني في الشطر السوري من هضبة الجولان.
وأصدر الجيش الإسرائيلي أمس بياناً جديداً يوضح فيه روايته لحادث سقوط الصاروخ.
وقال البيان إنه في إثر الحادث الأمني المتمثل في سقوط صاروخ سوري أرض - جو طائش داخل الأراضي الإسرائيلية، كثرت الأقاويل والتعقيبات غير الدقيقة، ولذا، يهمنا توضيح تسلسل الأحداث على الشكل التالي: قام الجيش السوري [الليلة قبل الماضية] بتفعيل مضاداته الأرضية، مطلِقاً صواريخ من نوع "SA 5"، فتجاوز أحد هذه الصواريخ هدفه وانزلق إلى داخل الأراضي الإسرائيلية في منطقة النقب، ولم يكن موجهاً أو مستهدفاً أي مكان معين. وفي إثر الحدث قام سلاح الجو بالرد، مهاجِماً البطارية المسؤولة عن إطلاق الصاروخ بالإضافة إلى بطاريات أرض - جو أُخرى في الأراضي السورية.
من ناحية أُخرى نقلت وكالة "رويترز" للأنباء أمس عن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي قوله إن الضربة السورية داخل إسرائيل لا تبدو متعمدة، وأكد في الوقت عينه أنها تعكس عدم كفاءة الجيش والدفاع الجوي في سورية.
علم موقع "واللا" بأن القيادة السياسية الإسرائيلية أصدرت تعليمات إلى المسؤولين الأمنيين الذين سيقومون بزيارة إلى واشنطن في مطلع الأسبوع المقبل تقضي بالتشديد على معارضة إسرائيل للاتفاق النووي مع إيران وعودة الإدارة الأميركية إلى الاتفاق المبرم مع طهران سنة 2015 كما تشير المفاوضات الجارية في العاصمة النمساوية ڤيينا، والتي تهدف إلى إحياء هذا الاتفاق الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية السابقة.
وجاءت هذه التعليمات على لسان كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، وذلك في ختام جلسة عُقدت مع المسؤولين الأمنيين الذين سيتوجهون إلى واشنطن.
وأكد نتنياهو خلال الجلسة أن إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاق النووي مع إيران وغير ملتزمة به، وأوضح أن إسرائيل ملتزمة بمصالحها الأمنية ولن تتصرف إلا بناء على ذلك. كما شدّد على أن إسرائيل ستحافظ على حرية التصرف ضد إيران.
ومن المتوقع أن يتوجه كل من رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، ورئيس هيئة الأمن القومي في ديوان رئاسة الحكومة مئير بن شبات، إلى واشنطن في مطلع الأسبوع المقبل لعقد اجتماعات مع مسؤولين أميركيين بشأن الملف الإيراني.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان" أن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الثلاثة لا يشكلون وفداً إسرائيلياً، إذ إن كلاً منهم سيجري محادثات منفردة مع نظيره. وأضافت أن المسؤولين الثلاثة سيُجرون محادثات مع شخصيات رفيعة في الإدارة الأميركية على خلفية التقدم الذي طرأ في مفاوضات ڤيينا فيما يتعلق بإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس (الخميس) عدة طلبات التماس لمنع بنيامين نتنياهو من تولّي منصب رئيس الحكومة بسبب محاكمته الجارية بشبهة ارتكاب مخالفات فساد، والتي استؤنفت يوم 5 نيسان/أبريل الحالي مع استدعاء شهود رئيسيين للإدلاء بشهاداتهم.
وعللت المحكمة العليا قرارها هذا بقولها إنه لا يوجد أي داع للتدخل، إذ لم يتم في هذه المرحلة تحديد السبب الذي يبرر عدم قدرة نتنياهو على أداء دوره كرئيس للحكومة.
وكانت المحكمة العليا رفضت يوم الأحد الفائت طلب التماس آخر لمنع نتنياهو من تأليف الحكومة المقبلة.
ذكرت مصادر فلسطينية أن أكثر من 100 فلسطيني أصيبوا بجروح خلال مواجهات اندلعت مع قوات الشرطة الإسرائيلية في أحياء البلدة القديمة في القدس الشرقية مساء أمس (الخميس).
وأضافت هذه المصادر أن المواجهات اندلعت على خلفية قيام عشرات المتطرفين اليهود بالاعتداء على الفلسطينيين وأملاكهم في هذه الأحياء وغيرها.
يُذكر أن أحداث العنف في القدس الشرقية تطورت انطلاقاً من باب العمود الذي حولته قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي منذ 8 أيام إلى ثكنة عسكرية، حيث قامت بإغلاق مداخله ومخارجه والساحة المحيطة به بالحواجز الحديدية، وانتشر مئات الجنود الذين قاموا بتفريق المصلّين الفلسطينيين كل ليلة بعد انتهاء صلاة التراويح في المسجد الأقصى.
من ناحية أُخرى نظم عناصر المنظمات اليمينية الإسرائيلية المتطرفة مساء أمس تظاهرة شارك فيها المئات، بدعوة من منظمة "لهافا" الفاشية. وانطلق المشاركون في التظاهرة في مسيرة في اتجاه باب العمود بالتزامن مع خروج المصلّين في المسجد الأقصى من صلاة التراويح.
وكانت تقارير إعلامية متطابقة أشارت في وقت سابق أمس إلى أن ناشطي اليمين الإسرائيلي المتطرف تلقوا دعوات من منظمة "لهافا" الفاشية لتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين في القدس الشرقية، وللتواجد في البلدة القديمة للدفاع عن الشرف اليهودي.
واشتملت هذه الدعوات على تعليمات محددة متعلقة بالمشاركة في الاعتداءات والتظاهرة، ومما جاء فيها أنه يفضل الوصول إلى العناوين المحددة بقمصان بيضاء وسراويل سوداء، وعدم حمل هواتف نقالة أبداً. كذلك طولب الناشطون بالوصول إلى أي مكان يوجد فيه يهود وعرب معاً، وبأن يكونوا مستعدين للبقاء في القدس طوال الليل، إمّا بسبب عدم إمكان توفر مواصلات، وإمّا بسبب احتجازهم في المعتقل.
كما طالب المنظمون الناشطين بحمل وسائل دفاع عن النفس، وبأن يتجولوا طوال الوقت وهم يرتدون الكمامات الواقية.
- في الوقت الذي تُجري الوفود المشاركة في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني المنعقدة في العاصمة النمساوية ڤيينا مشاورات في عواصم بلادها استعداداً لاستئناف المحادثات الأسبوع المقبل، قالت مصادر ضالعة في هذه المفاوضات لـ"وول ستريت جورنال" إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بثت إشارات فحواها أنها تنوي تخفيف العقوبات المفروضة على إيران بصورة كبيرة، بما في ذلك في مجال النفط والإيداعات المالية، وأيضاً في مجالات أُخرى.
- وعلى الرغم من ذلك أكدت المصادر نفسها أنه من المتوقع أن تكون الأسابيع المقبلة صعبة، وذلك بسبب ضغوط سياسية داخلية، سواء في الجانب الأميركي أو في الجانب الإيراني.
- وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية أنه ما زال هناك عدم اتفاق أساسي بين إيران والولايات المتحدة في المفاوضات، وهو يدور أساساً حول ماهية العقوبات التي يتعين على الولايات المتحدة رفعها، والخطوات التي يجب على طهران اتخاذها من أجل العودة إلى تعهداتها ووقف برنامجها النووي.
- وبالنسبة إلى إسرائيل، قال هذا المسؤول في سياق إحاطة لمراسلي وسائل إعلام: "أبدت الولايات المتحدة شفافية حيال إسرائيل فيما يتعلق بمفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وستواصل القيام بذلك. نحن نعي حقيقة أن ثمة عدم توافق مع إسرائيل وسنبحث ذلك معهم من خلال محادثات." وأشار إلى أن واشنطن تجري محادثات مع مندوبي إسرائيل قبل كل جولة مفاوضات وبعدها.
- وأوضح المسؤول نفسه أنه حتى في حال الاتفاق على العودة إلى الاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات المفروضة على إيران في كل ما يتعلق بتقديم مساعدات إلى حزب الله، وستواصل العمل ضد نشاطات إيران التي تتناقض مع مصالح الولايات المتحدة ومصالح حلفائها في المنطقة.
- وأشار هذا المسؤول أيضاً إلى أن الولايات المتحدة لن توافق على مطلب إيران بأن ترفع واشنطن بداية كل العقوبات المتعلقة بالاتفاق النووي، وفقط بعد ذلك تعود إيران إلى تنفيذ التزاماتها وتكف عن تخصيب اليورانيوم. وقال المسؤول: "إننا منفتحون لأنواع متعددة من السيناريوهات، غير أن السيناريو الذي يقول إن على الولايات المتحدة القيام بكل شيء قبل أن تفعل إيران أي شيء غير مقبول."
- بالاستناد إلى كل المؤشرات، الصاروخ السوري المضاد للطائرات SA-5 الذي انفجر (ليل الأربعاء - الخميس) جنوبي بئر السبع، هو ما يسميه الجيش الإسرائيلي "انزلاقاً"، أي إنه نتيجة محاولة اعتراض طائرة حربية إسرائيلية، وليس تلميحاً سورياً مقصوداً يهدف إلى ردع إسرائيل عن القيام بهجمات إضافية. لكن هذه النقطة تحتاج إلى فحص معمق، وهذه العملية تستغرق أياماً.
- صواريخ SA-5 وS-300، التي حصل عليها السوريون من روسيا، قادرة على الوصول إلى مدى يصل إلى مئات الكيلومترات، وهي تشكل تهديداً حقيقياً للطائرات المدنية في المجال الجوي الإسرائيلي والطائرات المتوجهة إلى إسرائيل- وفي الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وفي دول عربية مجاورة.
- دوي الانفجارات الذي سُمع في منطقة القدس ومنطقة الساحل مصدره الصاروخ الاعتراضي، لكن هذا الصاروخ، الذي أُطلقته منظومة الدفاع الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي في اتجاه الصاروخ السوري المضاد للطائرات، لم يصِبه. في سلاح الجو بدأوا تحقيقاً لاستخلاص الدروس والحرص على أن تكون النتيجة أفضل في المرة المقبلة. ومن الواضح أن ما جرى ليس فشلاً للمشغّلين أو خللاً تقنياً في المنظومة الاعتراضية.
- في الماضي أُطلق صاروخ"حيتس 2" لاعتراض صاروخ SA-5 كان على وشك السقوط في أراضي إسرائيل، وتم اعتراضه بنجاح. شظايا الصاروخ، الذي سقط حينها في هضبة إربد في الأردن، دلت على إصابة جيدة للصاروخ السوري. في كل الأحوال، منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية ليست معدّة لاعتراض صواريخ مضادة للطائرات، بل لاعتراض صواريخ أرض- أرض. بحسب التقارير، دُمِّرت 5 بطاريات صواريخ سورية في الهجوم الإسرائيلي الذي وقع بعد إطلاق الصاروخ السوري المضاد للطائرات.
- لقد سبق أن أطلق السوريون صواريخ SA-5في الماضي على طائرات حربية إسرائيلية في أثناء هجومها على أهداف في سورية. ففي سنة 2018 أسقط مثل هذا الصاروخ طائرة أف-16 إسرائيلية في منطقة الجليل. الطياران هبطا بسلام. يومها أيضاً، كما في هذه الليلة، هاجم سلاح الجو بطارية صواريخ SA-5 وبطاريات أُخرى. كل حادث غير مسبوق كهذا كان على ما يبدو فرصة لسلاح الجو لقضم منظومة اعتراض الصواريخ والسلاح الجوي الكثيف والمتطور الذي زودت روسيا سورية به. لكن الروس يسارعون إلى تقديم بطاريات صواريخ حديثة وأكثر تطوراً بدلاً من تلك التي دُمِّرت. الأمر الذي يجبر إسرائيل على المضي قدماً. لقد جرى هذا مع صاروخ SA-5 ومع صواريخ أُخرى، جزء منها يمكن استخدامه كصواريخ أرض - أرض غير دقيقة وذات قدرة تدميرية محدودة.
- يعلم السوريون جيداً بأن إطلاق صاروخ SA-5 على طائرة في المجال الجوي الإسرائيلي سيؤدي إلى رد. الصاروخ الذي أُطلق هذه المرة من جنوبي دمشق مرّ فوق القدس ومناطق حساسة أُخرى قبل أن يسقط في النقب. منظومة الكشف والإنذار للدفاع الإسرائيلي كشفت الصاروخ وقدّرت بصورة صحيحة المكان الذي سيسقط فيه - في ضواحي البلدة البدوية أبو قرينات في النقب، والتي جرى تحذيرها.
- بيْد أن الصاروخ لم يكن يهدف إلى إصابة الطائرة بحد ذاتها، بل الانفجار بالقرب منها. في حال لم يصل إلى الهدف، من المفترض أن ينفجر رأسه الحربي، الذي يبلغ وزنه عشرات الكيلوغرامات من المواد الناسفة، تلقائياً في الجو. الأمر المهم الذي يجب فحصه، هل إسرائيل مستعدة لمواجهة وضع قد يبدو الآن غير معقول، إذا قرر السوريون الرد على هجمات إسرائيل بإطلاق صواريخ في اتجاه المجال الجوي الإسرائيلي؟
- في هذا السياق سقط قبل أسبوعين صاروخ سوري مضاد للطائرات في الأراضي اللبنانية، غربي كريات شمونة. من المحتمل أن يكون سقوط هذا الصاروخ إشارة أولى إلى أن السوريين سيستخدمون الصواريخ المضادة للطائرات البعيدة المدى بصورة أوسع من الماضي، وجرى إطلاق الصاروخ هذه الليلة مع معرفة واضحة بأنه سيسقط في عمق أراضي إسرائيل، وهذه إشارة إضافية في هذا الاتجاه.
- هذه المسألة يجب أن تُفحَص بعناية، على الرغم من التقديرات التي طُرحت وأشارت إلى أن الصاروخ السوري أُطلق عن قصد في اتجاه المفاعل في ديمونا، إلاّ أن هذه التقديرات لا أساس لها. مع ذلك ذكّرت وكالة الأنباء AP بمقال كتبه محلل إيراني يوم السبت الماضي في صحيفة "كيهان" المقربة من المحافظين، لمّح إلى أن مفاعل ديمونا يمكن أن يكون هدفاً لهجوم في أعقاب الانفجار في نتانز.
- وطرح المحلل في كلامه فكرة هجوم "العين بالعين". وبحسب كلامه، "قادرون على تنفيذ عمليات ضد المفاعل في ديمونا، لكن ليس هناك إمكان للقيام بعملية من نفس مستوى حادثة نتانز." صحيح أن توزيع "كيهان" ليس واسعاً نسبياً، لكن المحرر الرئيسي فيها يعيّنه المرشد الروحي الأعلى في إيران علي خامنئي، ووُصف في الماضي بأنه مستشار له.
- من أجل فهم أهمية الحادث الذي وقع هذه الليلة نحن بحاجة إلى تحقيق معمق في كل النواحي التقنية والعملانية - بدءاً من الهجوم الإسرائيلي الأصلي في منطقة دمشق، الذي يبدو أنه استهدف تدمير منظومات سلاح وصلت من إيران، وصولاً إلى المواجهة بين منظومة الدفاع في سلاح الجو وبين الصاروخ.
- يجب أن نفحص أيضاً ما إذا كان لدى السوريين نية القيام مستقبلاً باستخدام أوسع للصواريخ المضادة للطائرات البعيدة المدى ضد طائرات سلاح الجو في أثناء تحليقها في الأجواء الإسرائيلية. في كل الأحوال، تؤكد حادثة الليلة مدى قابلية المنطقة للانفجار، وأن أي عملية عسكرية تجري فيها يمكن أن تتطور في اتجاهات متعددة وغير متوقعة. ليس لدى إسرائيل نية أو رغبة في تصعيد الوضع، ويبدو أيضاً أنها رغبة حلفاء إيران، النظام في سورية وحزب الله في لبنان.
- في الأمس أحيوا ذكرى النكبة في حيفا، المدينة التي ولدتُ فيها وأسكن فيها اليوم. عندما أسير في شوارع حيفا لا يمكنني إلّا أن أفكر في الناس الذين عاشوا في المنازل المهجورة، ومن بينهم عمتي فتحية. في 22 نيسان/أبريل 1948 استُكمل احتلال المدينة. عشرات الآلاف من الحيفاويين أصبحوا لاجئين في لبنان ودول أُخرى، وآخرون انتشروا في شتى أنحاء البلد، من دون السماح لأي منهم بالعودة إلى منزله حتى اليوم. في هذا الصباح 23 نيسان/أبريل، ومن أصل 70.000 من السكان العرب الفلسطينيين في حيفا بقي 2900 فقط.
- المقتلَعون واللاجئون من حيفا هم أبناء شعبي، بينهم جاري وأفراد عائلته، كارثتهم هي جزء من القصة التأسيسية للشعب الفلسطيني كله.
- هم يتوقعون منا أن ننسى هذه الكارثة بعد 73 عاماً. حكومات إسرائيل المتعاقبة تريد منا – نحن العرب أبناء الشعب الفلسطيني، مواطنو الدولة - التخلي عن ماضينا، وعن هويتنا، وأن نحمل هوية جديدة "عرب إسرائيل". "العربي - الإسرائيلي" المنفصل عن جذوره والهوية الخالية من المضمون، نوع من مخلوق هجين؛ من جهة، لا ينتمي إلى الشعب الفلسطيني، لكن من جهة ثانية هو ليس إسرائيلياً بالكامل في الدولة اليهودية. طبعاً لا يوجد شيء من نوع "يهودي إسرائيلي"، مواطنو إسرائيل من اليهود هم ببساطة إسرائيليون.
- كتب يغآل آلون: "شعب لا يعرف ماضيه وحاضره هو شعب فقير ومستقبله يكتنفه الغموض." يقولون لنا إن الفلسطينيين مواطنون في إسرائيل، وكي نحظى بمستقبل علينا التخلي عن الماضي، لكن الحقيقة هي أننا فقط من خلال معرفة الماضي نستطيع أن نبني لأنفسنا مستقبلاً. مستقبل نكون فيه جزءاً من الشعب الفلسطيني، وأيضاً مواطنين كاملين ومتساوين في الدولة التي ولدنا فيها.
- في السنوات الأخيرة تحول الصراع على المستقبل في إسرائيل إلى صراع بين مجموعتين - المجموعة المؤيدة لنتنياهو وتلك المعارضة له. مرة أُخرى ينتظرون منا أن نضع تاريخنا وهويتنا جانباً، والانضمام بأي ثمن إلى المعسكر الذي يأمل بأن يحل محله. لكن ماذا لو أن المرشح لقيادة هذا المعسكر هو نفتالي بينت الذي ينكر النكبة من جهة، ومن جهة ثانية يدعو إلى مواصلتها - من خلال هدم منازل، وشرعنة المستوطنات، وضم المناطق المحتلة، ومصادرة أراض في بلدات عربية في النقب والجليل. كيف يمكنني أنا الذي اقتُلعَت عائلته، وعمتي تعيش اليوم منفية في مخيم للاجئين في الأردن، أن أتجاهل هذا كله؟
- منتهى السخرية عندما قال ياريف ليفين في ذكرى إضاءة الشموع إن هذا العيد هو عيد كل مواطن إسرائيلي، بمن فيهم العرب. هل هناك ما هو أكثر قسوة وسخرية من هذا الكلام؟ العنصرية غير المباشرة التي تحاول التنكر في صورة اليد الممدودة للشراكة، هي عنصرية خطرة لا تقل إيذاءً من العنصرية الواضحة والمباشرة.
- الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تقوم من دون الاعتراف بمظالم الماضي والمظالم المستمرة في الحاضر. الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تقوم مع استمرار الاحتلال، ومع استمرار سياسة التهويد المتواصلة في شتى أنحاء البلد، وما دام ليس هناك اعتراف بالقرى غير المعترَف بها في النقب، وما دامت البلدات والمدن العربية تعاني جرّاء التمييز في تخطيط البناء والبنى التحتية وفي الأراضي، وما دامت الشرطة تتعامل مع المواطنين العرب كأعداء وتتخلى عنهم في مواجهة التنظيمات الإجرامية.
- شراكة حقيقية يهودية - عربية تبدأ من الاعتراف المتبادل بحق الشعبين، اليهودي والفلسطيني، في تقرير المصير. فقط انطلاقاً من هذا الاعتراف، ومن إصلاح الظلم التاريخي، يمكن أن نبني معاً مستقبلاً يسوده العدل والمساواة والديمقراطية والسلام والشراكة.