مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد) أن حركة "حماس" تمتلك غواصات ذاتية القيادة قادرة على حمل متفجرات بوزن 50 كيلوغراماً ويمكن تشغيلها عن طريق نظام "جي. بي. أس".
وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه تم تدمير بعض هذه الغواصات خلال عمليات القصف الأخيرة في قطاع غزة، وأن هناك احتمالاً بأن الحركة لا تزال تمتلك ثلاث غواصات من هذا الطراز. وأشار أيضاً إلى أن "حماس" تمتلك قدرات بحرية أُخرى، بينها قوارب كوماندوز سريعة ومعدات غوص متقدمة، وأكد أنه قام بتدمير معظمها.
وذكرت مصادر في قيادة سلاح البحر الإسرائيلي أن المعركة في قطاع غزة حققت حتى الآن إنجازات كبيرة في الميدان البحري وتم خلالها تدمير أهداف بحرية لـ"حماس" والجهاد الإسلامي، بينها قوارب للكوماندوز ومخازن وسائل قتالية بحرية ومواقع مراقبة.
من ناحية أُخرى ذكر الجيش الإسرائيلي أنه اكتشف أن حركة "حماس" حاولت استهداف منصة الغاز الطبيعي قبالة مدينة أسدود التي تبعد 20 كيلومتراً عن قطاع غزة، لكن محاولتها باءت بالفشل.
وأضاف أنه من أجل عدم المخاطرة بسلامة الموقع تم توقيف نشاط المنصة بقرار صادر عن وزارة الطاقة الإسرائيلية بينما قام الجيش الإسرائيلي بنصب منظومة دفاعية لإحباط أي هجوم ضد المنصة.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن 7 من جنود قوات حرس الحدود الإسرائيلية أصيبوا بجروح في عملية دهس قام بها شاب فلسطيني في حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية أمس (الأحد).
ووصفت جروح اثنين منهم بأنها متوسطة في حين وصفت جروح الباقين بأنها طفيفة.
وأضاف البيان أن العملية وقعت بالقرب من الموقع الذي تجري فيه تظاهرات في الآونة الأخيرة احتجاجاً على نية المستوطنين الاستيلاء على بيوت عائلات فلسطينية في الحي وإجلائها عنه.
وأشار البيان إلى أن جنود قوات حرس الحدود قاموا بإطلاق النار على منفذ العملية وأردوه قتيلاً.
كما أشار إلى أنه اندلعت في إثر العملية مواجهات في المكان بين عناصر حرس الحدود والشرطة وسكان حي الشيخ جرّاح.
أقرت لجنة المتابعة العليا لشؤون السكان العرب في إسرائيل في الاجتماع الذي عقدته في يافا أمس (الأحد)، إعلان الإضراب العام والشامل في جميع مرافق المجتمع العربي باستثناء التعليم الخاص غداً (الثلاثاء)، وذلك رداً على العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والقدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جرّاح، ورداً على العدوان على السكان العرب داخل إسرائيل ودس عصابات الإرهاب الاستيطانية لضربهم، وعلى حملة الاعتقالات الواسعة النطاق التي تشنها أجهزة الاستخبارات والشرطة ضد الناشطين وتترافق مع الإسراع في تقديم لوائح اتهام.
ودعت لجنة المتابعة في بيان صادر عنها مساء أمس إلى أن يكون الإضراب سلمياً، وأن يترافق مع نشاطات محلية، وأن تكون له مرجعية سياسية واضحة تقودها مركبات لجنة المتابعة والسلطات المحلية واللجان الشعبية وأطر المجتمع المدني والشبابي في كل واحدة من المدن والبلدات، وتحت الشعارات السياسية التي تطرحها لجنة المتابعة.
كما دعت إلى وقف الحرب الدموية على قطاع غزة والعدوان المستمر على مدينة القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جرّاح وسحب كافة العصابات الاستيطانية وقوات القمع من جميع المدن والقرى العربية.
وجاء الاجتماع في يافا في إثر قيام مستوطنين بعمليات اعتداء على عدد من منازل السكان العرب في المدينة كان أخطرها محاولة أحد المستوطنين إحراق منزل عائلة الجنتازي في حيّ العجمي مساء الجمعة الفائت، وهو ما أسفر عن إصابة ثلاثة أطفال بحروق وُصفت حروق أحدهم بأنها بالغة الخطورة.
من ناحية أُخرى وجهت لجنة المتابعة العليا، وفي خطوة هي الأولى من نوعها، رسالة ووثيقة إلى مؤسسات دولية وعالمية عديدة تطالبها بالتحرك الفوري لتأمين الحماية للسكان العرب في وجه تصعيد سياسات القمع والبطش التي تنتهجها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، وخصوصاً في الأيام الأخيرة، وفي وجه قيام السلطات الإسرائيلية باستقدام عصابات مستوطنين متطرفة لتشارك في الاعتداء على السكان العرب، ولا سيما في المدن الفلسطينية التاريخية عكا وحيفا ويافا واللد والرملة.
قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إن الاجتماع الذي عقده المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية أمس (الأحد) لمناقشة آخر المستجدات المتعلقة بعملية "حارس الأسوار" العسكرية التي يقوم الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة منذ يوم 10 أيار/مايو الحالي، لم يتطرق إلى وقف إطلاق النار المحتمل بين الجانبين.
وبعد الاجتماع عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن عملية "حارس الأسوار" مستمرة بكامل قوتها. وأضاف أنه تم قصف أكثر من 1000 هدف في غزة، الأمر الذي تسبب بخسائر فادحة لحركة "حماس"، بما في ذلك منشآتها تحت الأرض، والتي قال إنها تعرضت لضربة قوية، لكنها ليست كاملة.
وقال نتنياهو إن أي "إرهابي" في القطاع لن يكون بمأمن، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي قام أيضاً بتدمير أبراج إرهاب، في إشارة إلى المباني الشاهقة التي دمرتها الغارات الجوية الإسرائيلية. وأضاف أن الجيش يبذل قصارى جهده لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد.
وقال نتنياهو: "إن العملية ستستغرق بعض الوقت. هناك ضغوط، لكننا نحصل على دعم جاد وفي مقدمه من الولايات المتحدة. لدينا دعم دولي ونحن نستخدمه."
وتكلم في المؤتمر الصحافي وزير الدفاع بني غانتس [رئيس أزرق أبيض] فقال إن الجيش الإسرائيلي يواصل ضرب "الإرهابيين" في غزة، وأشار إلى أن الهدف هو هدوء طويل الأمد وتعزيز للمعتدلين.
وتكلم بعد غانتس رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي فقال إن حركة "حماس" ارتكبت خطأ فادحاً ولم تحسب قدرات الجيش الإسرائيلي بصورة صحيحة، وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي ألحق أضراراً كبيرة بقدرات الحركة، ولا سيما بنيتها التحتية تحت الأرض، وبقدراتها على الاستمرار في إنتاج الصواريخ. واعترف كوخافي في الوقت عينه بأن النيران الكثيفة على الجبهة الداخلية مستمرة، مشيراً إلى أن قيادة الجيش تبذل قصارى جهدها لجعل الدفاعات الجوية أكثر فعالية.
وعلى الرغم من أن نتنياهو أشار إلى أن القتال لا يوشك على الانتهاء وتباهى بدعم الولايات المتحدة، إلّا إن مسؤولين إسرائيليين كباراً قالوا لموقع "واللا" في وقت سابق أمس إن هناك آذاناً صاغية لدعوات الرئيس الأميركي جو بايدن وشخصيات أميركية بارزة أُخرى إلى وقف القتال، وأكدوا أن إسرائيل ستبدأ بالتحرك نحو وقف إطلاق النار الآن بعد أن تم تحقيق عدد من الأهداف العسكرية ضد "حماس"، وكذلك استجابة للضغط الدولي المتزايد.
وقال هؤلاء المسؤولون أنه كما كانت الحال مع الاتفاقات السابقة بين إسرائيل والفصائل المسلحة في غزة فإن وقف إطلاق النار سيتم بوساطة مصرية.
هذا، وتعرّض جنوب إسرائيل الليلة الماضية للقصف بصواريخ أطلقها فلسطينيون في قطاع غزة، الأمر الذي تسبب بوقوع أضرار مادية في العديد من البلدات الإسرائيلية من دون وقوع إصابات، في الوقت الذي قصف الجيش الإسرائيلي أهدافاً تابعة لحركة "حماس" في القطاع.
وأدى إطلاق الصواريخ المكثف إلى انطلاق صفارات الإنذار في أجزاء كبيرة من الجنوب، بما في ذلك مدن بئر السبع وأسدود وأشكلون. وقالت خدمات الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلية إن فرق الطوارئ التابعة لها تعمل في عدة مواقع في بئر السبع وأشكلون، حيث تعرضت منازل وسيارات للقصف.
وقال الجيش الإسرائيلي أنه تم أمس إطلاق نحو 190 صاروخاً من القطاع في اتجاه إسرائيل. وأضاف أن 20 صاروخاً منها سقطت في غزة، وأن منظومة "القبة الحديدية" تمكنت من اعتراض عشرات الصواريخ من دون تحديد عددها.
لقي شخصان من اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] مصرعهما وأصيب 219 آخرون بجروح وُصفت حالة 5 منهم بأنها خطرة جرّاء انهيار مدرج في أثناء تجمّع كبير في كنيس يهودي في حي [مستوطنة] "غفعات زئيف" شمالي القدس الشرقية خلال مراسم احتفالية أُقيمت بمناسبة عيد "شفوعوت" [البواكير] مساء أمس (الأحد).
وأظهر مقطع فيديو اكتظاظ المصلّين في الكنيس قبل أن ينهار المدرج فجأة.
وتم نقل الجرحى إلى المستشفيات في القدس. وأكد مسعفون ورجال إطفاء بعد تمشيط المنطقة عدم وجود أشخاص عالقين تحت المدرج. وقال المسعفون إن القتيلين هما رجل في الأربعين من عمره وفتى في الثانية عشرة من عمره.
وقال قائد شرطة منطقة القدس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام إن الكنيس يقع في مبنى غير مكتمل ولم تتم الموافقة على استخدامه بعد.
تجدر الإشارة إلى أن الكثير من مراسم الاحتفالات بالأعياد التي يقيمها اليهود الحريديم تتسم بوجود مدرجات فيها تكون مكتظة بالمصلّين الذين يقفون أو يرقصون عليها حول طاولة مركزية يجلس وراءها قادة الطائفة.
- نتنياهو وغانتس وكوخافي بدوا واثقين بأنفسهم وحازمين، وفي المؤسسة الأمنية هناك شعور واضح بأن عملية "حراس الأسوار" تتقدم كما هو مخطط لها، من نجاح إلى نجاح. وحتى الآن لم تحدث إخفاقات على الرغم من الخسائر والأضرار في الجانب الإسرائيلي.
- هناك انطباع بأن المؤسسة الأمنية تريد مواصلة العملية يومين أو ثلاثة أيام للاقتراب بقدر الممكن من حسم مادي، وعلى صعيد الوعي إزاء "حماس"، مع معرفة واضحة بأنه لن يكون هناك صورة انتصار؛ لن يخرج يحيى السنوار ومحمد ضيف من مخبئهما تحت الأرض رافعين العلم الأبيض ويوقّعا وقف إطلاق النار. لكن مناشدتهما مصر وأنصارهما في الخارج من أجل ترتيب وقف إطلاق نار سيكون عاجلاً ويائساً، وسيكون من الواضح أن المفعول الردعي كان حارقاً جداً. ويقدّرون في الجيش وفي الشاباك أننا اقتربنا من هذا الوضع، لكننا لم نصل إليه بعد.
- من الصعب قياس "حرق الوعي الردعي" والإنجازات على صعيد الوعي، لأنها مفاهيم مجردة ولا شكل لها. لكن ما يعزز الثقة بالنفس لدى نتنياهو والمؤسسة الأمنية هي الإنجازات المادية التي أحرزتها العملية العسكرية:
- تدمير جزء كبير من منظومة الأنفاق التي استخدمتها "حماس" للاختباء، وكان من المفروض أن تستخدمها في القتال على طريقة "اضرب واهرب" ضد قوات الجيش الإسرائيلي التي ستقتحم القطاع. هذه الأنفاق كانت العمود الفقري الاستراتيجي لـ"حماس" وقد خسرته، وفي هذه الأثناء أحرز سلاح الجو إنجازاً على صعيد الوعي، ووضع مقاتلي "حماس" أمام معضلة، هل يبقون فوق الأرض ويتلقون صاروخاً صغيراً، أو ينزلون إلى شبكة المخابىء والأنفاق ويتلقون قذيفة تستطيع أن تخرق تحصينات وزنها طنان ويبقون محاصرين أو مصابين.
- تدمير معظم منظومة إنتاج القذائف والصواريخ بصورة لن تكون لدى "حماس" والجهاد الإسلامي القدرة على إعادة بنائها لأعوام طويلة.
- في الأيام الأخيرة حدث تحوّل إضافي في القتال المادي كان لمصلحة الجيش الإسرائيلي، وفي الأساس لمصلحة المواطنين. المقصود القدرة على الكشف بسرعة عن منصات إطلاق الصواريخ المتعددة الأفواه، ومعظمها مخبّأ تحت الأرض، وضربها. كان هذا ثمرة تطور استخباراتي جرى خلال القتال وتم تطبيقه. وفي الواقع هذا اليوم، وفي الليلة التي سبقته دُمّر نحو 80 منصة إطلاق للصواريخ التي تُعتبر مكوناً مهماً جداً في المنظومة الصاروخية لكلٍّ من "حماس" والجهاد الإسلامي.
- هذه المنصات التي يعمل جزء منها هيدروليكياً، وجزء منها يدوي، تطلق صليات قذائف وصواريخ من كل العيارات والأحجام. هذه الصواريخ هي التي اعترضت القبة الحديدية 90% منها، والتي كان من المفترض أن تصيب مناطق مبنية أو استراتيجية. إن ضرب منصات إطلاق صواريخ تحت الأرض، إذا نجح الجيش في تطوير أسلوب تدميرها بكفاءة عالية، سيحرم التنظيمات المسلحة من ميزة خاصة لا تزال موجودة لديها حتى الآن. هذا مهم، ليس فقط بالنسبة إلى العملية الحالية، بل مهم عموماً في المواجهات المستقبلية، بما فيها مع حزب الله والتنظيمات في سورية.
- من المهم التوضيح في هذا الشأن أن هذه التقنية لا تزال في مرحلة التطوير في أثناء القتال ولم تقترب بعد من نجاعة القبة الحديدية المثيرة للإعجاب. لكن البداية مشجعة جداً ولا شك في أن هذا سيؤثر أيضاً في القدرة القتالية لـ"حماس" والجهاد.
لماذا يجب مواصلة القتال
- لم نقترب بعد إلى وضع لم يعد فيه للجيش ولسلاح الجو أهداف. على العكس، القتال يخلق طوال الوقت أهدافاً تحددها الاستخبارات ويهاجمها سلاح الجو ضمن دوائر ضيقة. لكن في مثل هذه الأوضاع في اليوم السابع للقتال هناك في الأساس خطر حدوث تعقيدات. قنبلة طائشة، صاروخ لم يُعترَض يؤدي إلى إصابة عدد كبير من المواطنين، قنبلة مدفعية على مستوطنات قريبة من السياج تؤدي إلى إزهاق أرواح - كل هذا يمكن أن يقضي على الثقة بالنفس التي رأيناها اليوم لدى نتنياهو وغانتس وكوخافي.
- هم يعرفون ذلك جيداً، كما يعرفون التداعيات السياسية لمثل هذا التعقيد المحتمل. لذا، هناك مصلحة اليوم لإسرائيل وللجيش في إنهاء العملية ما دامت تحظى بالدعم الدولي، وما دامت [أعمال الشغب] في الضفة الغربية لم تخرج تماماً عن السيطرة، والحوادث العنيفة في المدن المختلطة يبدو أنها تلاشت.
- من جهة ثانية هناك اعتبارات لمصلحة استمرار القتال على الأقل بضعة أيام. أحدها رغبة وزير الدفاع غانتس ورئيس الأركان كوخافي في استكمال الخطة المتدرجة وتدمير المزيد من الأنفاق التي كانت "حماس" ستحاول بواسطتها مفاجأة إسرائيل، مثل غارة بحرية على أشدود وأشكلون، وطائرات من دون طيار، ومسيّرات دقيقة موجهة إلى منصات الغاز في "تمار"، ومسيّرات وطائرات شراعية - كل هذا جرى تحييد الجزء الأكبر منه. لا يزال هناك قدرة على إطلاق الصواريخ التي يمكن أن تفاجئنا وتسمح لـ"حماس" بتحقيق إنجاز على صعيد الوعي.
- قبل كل شيء لا يزال هناك مسؤولون رفيعو المستوى في "حماس" يجب القضاء عليهم، بحسب اعتقاد الشاباك. حتى الآن اغتيل رؤساء منظومة الإنتاج والتطوير لدى "حماس"، وأربعة من أصل ستة من قادة الألوية. ومقارنةً بعملية الجرف الصامد، اغتيل فقط لواءان من "حماس". وفي الشاباك وفي الاستخبارات العسكرية يعتقدون أنهم لم يقولوا الكلمة الأخيرة في هذا المجال.
- سبب إضافي هو أن الأطراف في العالم العربي وفي الساحة الشمالية لم يقتنعوا كلهم بأن الضربة القوية الموجهة إلى "حماس" والجهاد الإسلامي هي فعلاً رادعة. لذلك هناك مصلحة في الاستمرار في القتال، وهذا ما جعل نتنياهو وغانتس وكوخافي يطلبون من المواطنين الالتزام بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية؛ يبدو أنهم قرروا الاستمرار في القتال يومين أو ثلاثة أيام، وأخذوا الضوء الأخضر من المجلس الوزاري المصغر، لكن في الوقت عينه ازدادت المخاوف من تعقيدات يمكن أن تطيح الإنجازات المادية للقتال.
الشاباك يغير اللعبة
- أيضاً في الساحة الداخلية الإسرائيلية طرأ تحوّل عندما دخل الشاباك لمساعدة الشرطة. صحيح أن الشاباك لا يقوم بدوريات في شوارع المدن المختلطة، لكن في كل حادثة إرهابية، مثل إطلاق النار من سلاح ناري، ورشق زجاجات حارقة، والتحضير لهجمات تعرّض حياة الناس للخطر - يستطيع الشاباك أن يعمل بصورة قانونية، ليس فقط لتقديم معلومات استخباراتية، بل أيضاً في إحضار [المشاغبين] من العرب واليهود إلى غرفة التحقيقات، والحصول منهم على أدلة واعترافات، قدرة خسرتها الشرطة موقتاً.
- كما يملك الشاباك قدرة أفضل بكثير من أي جهاز آخر في أجهزة الاستخبارات على مراقبة شبكات التواصل الاجتماعية والتعرف إلى تهديدات قبل أن تدخل في حيز التنفيذ. من هنا كان دخوله إلى جانب الشرطة حدثاً "يغير اللعبة"، وسيكون له تأثير مهدىء على الأرض. منذ الآن في يد الشاباك والشرطة مئات المعتقلين الذين يجري التحقيق معهم قبل توجيه كتب اتهام.
- في مثل هذا الوضع يقول المقامرون "من الأفضل مغادرة طاولة القمار." وفي الواقع يدرسون في إسرائيل كيفية القيام بذلك. يبحثون عمّا يسمى "آلية خروج". والنية هي عدم السماح لـ"حماس" بالسيطرة على ذلك، بل إسرائيل هي التي ستُملي نهاية المعركة بصورة أحادية الجانب، ولن تسمح لـ"حماس" ومصر بجرّها وتمييع الإنجاز كما حدث في الجرف الصامد. نهاية أحادية الجانب هي من دون شك النهاية المفضلة في الوضع الحالي، وموضوعات، مثل منع تعاظُم القوة في المستقبل واستعادة الأسرى والمفقودين، يمكن البحث فيها عندما تطلب "حماس" مساعدة الولايات المتحدة والدول الأوروبية للتخفيف من الضائقة الخانقة التي يعيشها القطاع حالياً. عندها تحين ساعة العمل السياسي بالتنسيق مع حلفائنا.
- اعتمدت الاستراتيجيا الإسرائيلية منذ سيطرة "حماس" على قطاع غزة في سنة 2007 على تجربة تخفيف مساوىء الوضع الذي نشأ. إعادة احتلال القطاع لم تكن مطروحة بعد الانفصال الأحادي الجانب الذي حدث قبل ذلك، ناهيك بأن تحمّل المسؤولية عن مصير سكان يبلغ عددهم مليوناً ونصف المليون شخص هو فكرة تنفر إسرائيل منها. في مثل هذه الظروف نشأ اعتراف أمر واقع بـ"حماس" كعنصر مسؤول عن الحياة اليومية والنظام العام في القطاع كخيار أقل سوءاً.
- مع ذلك، الاعتراف بالحاجة إلى تقليص الأذى السيئ لهذه الحركة المسلحة دفع إسرائيل إلى تطبيق سياسة مستمرة من "الحصار" على القطاع، هدفها السماح باستمرار السيطرة المدنية للحركة والمراقبة والسيطرة على قدراتها العسكرية. كانت هذه سياسة اللاخيار التي حاولت إسرائيل الاستفادة منها إلى أقصى حد بواسطة التمييز والفصل بين غزة والضفة الغربية وخلق كيانين فلسطينيين متخاصمين يُضعف المنظومة الفلسطينية وقدرتها على الإيذاء.
- وفي الواقع أدت هذه السياسة إلى واقع معقد: لقد خففت من إمكان التفجير الكبير في القطاع ونتيجة ذلك سمحت بمواجهة أكثر نجاعة لتعاظم قوة حزب الله وتمركز إيران في سورية، لكنها أدت في الوقت عينه إلى عدم استقرار دائم جرى التعبير عنه، ليس فقط بتعاظم قوة "حماس"، بل أيضاً في ثلاث جولات قتال كبيرة (الرصاص المصبوب، وعمود سحاب، والجرف الصامد)، وانضم إليها في الأيام الأخيرة (حراس الأسوار). كل عملية من هذه العمليات، إلى جانب نشاطات إضافية لـ"حماس" (مثل "المعركة على السياج الحدودي" قبل عامين)، جسدت إشكالية تبنّي استراتيجيا لا تسعى لحسم واضح، بل للمحافظة على واقع موقت يجبر الطرفين على السير بين النقاط، الأمر الذي لم يكن في مصلحة إسرائيل أحياناً.
- أيضاً خطوات "التسوية" في العامين الأخيرين وصفقة المال مقابل الأمن لم تحققا كامل أهدافهما، ولم تكسرا المنطق وراء لعبة القط والفأر بين "حماس" وإسرائيل. لقد رأت "حماس" في التسوية أداة للقيام بعمليات محدودة في واقع "التهدئة" - صحيح أيضاً أن إسرائيل لم تذهب حتى النهاية في رفع "الحصار"، ولم تقم بخطوات اقتصادية بعيدة الأجل في القطاع كي لا تسمح للحركة بأن تقوى أكثر من اللازم. هكذا وصلت إسرائيل إلى جولة عنف إضافية في مواجهة "حماس"، ليس بسبب القدس التي كانت شرارة الاشتعال، بل بسبب قرار واعٍ من "حماس" عبر إظهار "مقاومة" كبيرة على خلفية مسارين متقابلين: مسار براغماتي - نفعي ساد الشرق الأوسط في العقد الأخير وأدى إلى اتفاقات أبراهام وأبعدَ المسألة الفلسطينية عن جدول الأعمال؛ وفي مقابله الإدراك أن سياق الانتظام يتغير لغير مصلحة إسرائيل، في الأساس مع السياسة المهادِنة للإدارة الأميركية الجديدة والتخلي عن الأصدقاء التقليديين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط عموماً، وعن شركاء إسرائيل في اتفاقات أبراهام خصوصاً.
- في مثل هذه الظروف تضع المواجهة الحالية إسرائيل أمام معضلة صعبة: هل تواصل الاستراتيجيا التي أدت إلى إنجازات محدودة وفترات من الهدوء النسبي في ظل واقع مواجهة دائمة؛ أو المخاطرة باستراتيجيا تسعى لحسم مطلق. هذه المقاربة غابت تماماً عن اللغة العملانية الإسرائيلية في العقود الأخيرة (في الواقع منذ حرب يوم تشرين الأول/أكتوبر 1973)، وحولتها المؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية إلى عقيدة "لا انتصار" و"لا حسم"، وجرى الاكتفاء باستراتيجيا سعت للامتناع من احتلال غزة وإدارة معارك عسكرية من الجو مع العلم بحدودها العملانية. لذلك انتهت كل المعارك تقريباً بنوع من التعادل بين إسرائيل و"حماس"، الأمر الذي حافظ على واقع "لا في العير ولا في النفير". حقيقة دخول القبة الحديدية في قيد الاستخدام قلص من احتمال الأذى من جانب "حماس"، وأوجد هامشاً محتملاً لإدارة معارك يتم التحكم فيها عن بُعد والامتناع من الدخول البري إلى قطاع غزة.
- في مثل هذه الظروف لا تملك إسرائيل ترف الاستمرار في الوسيلة الموقتة التي لا تتلاءم مع روح العصر والأجواء المتغيرة في المنطقة، ويتعين عليها أن تتبنى استراتيجيا تعتبر أن المواجهة الحالية ليست فقط أزمة، بل فرصة لإعادة صوغ قواعد اللعبة: ليس فقط في مواجهة "حماس"، بل أيضاً إزاء أعدائها في المنطقة (من إيران وحزب الله، وصولاً إلى السلطة الفلسطينية وأطراف متشددة وسط العرب في إسرائيل) ولاعبين دوليين هم أصدقاء ظاهرياً (مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللذين يحرصان في الأيام الأخيرة على صوغ بياناتهما إزاء ما يحدث في المنطقة بلغة "متساوية") لإجبارهم على أن يدركوا حدود إسرائيل.
- من هذه الناحية يجب تحويل القتال في غزة من معركة ستنتهي بنتائج غير حاسمة إلى معركة تنتهي بحسم حقيقي. معنى هذا الحسم تفكيك أطر القتال لدى "حماس" وخلق واقع صعب في القطاع يشكل درساً مهماً ورادعاً للأعداء والأصدقاء على حد سواء إزاء حدود صبر إسرائيل، وفي الأساس إزاء الخطوط الحمراء والأثمان المترتبة على تخطيها. يتطلب مثل هذا التغيير القيام بعملية برية في العمق يمكن أن تكبد إسرائيل ثمناً بالأرواح حاولت إسرائيل تقليصه في العقود الأخيرة، والأهم أيضاً القيام بتغيير النظرية من خلال الاستعداد للدخول إلى منطقة عملانية محسومة، ويمكن أن تطرح تساؤلات إزاء اليوم التالي وهوية الأطراف التي ستسيطر على القطاع: سواء المقصود ببقايا المنظومة الحماسية الضعيفة، أو عناصر دولية تقبل أن تأخذ على عاتقها مهمة ترميم القطاع الذي قد يستمر أعواماً طويلة.
- الأحداث الصعبة لا تشكل فقط أزمة وقيوداً، بل فرصة للانفصال عن العقيدة التي كانت ذات دلالة في فترات معينة، لكنها لم تعد صالحة، وفي ظروف معينة أصبحت تثقل على مستقبل الدولة. بناء على ذلك يجب أن تتحول غزة إلى مثال.