مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية بالإجماع الليلة الماضية على قبول الاقتراح المصري القاضي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وبموجب الاقتراح فإن إطلاق النار سيتوقف عند الساعة الثانية بعد منتصف الليلة الماضية من دون قيد أو شرط من كلا الجانبين.
وقال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن قرار المجلس الوزاري المصغر بشأن قبول الاقتراح المصري اتُّخذ بتوصية من الجهات الأمنية كافة. وأضاف أن وفداً مصرياً سيصل إلى القطاع فجر اليوم (الجمعة) للإشراف على التزام الفصائل الفلسطينية بالاتفاق كما سيصل وفد مماثل إلى إسرائيل.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى أنه تم تبليغ مصر بقرار المجلس الوزاري المصغر. وأكدت هذه المصادر أن الجيش الإسرائيلي سيوقف هجماته على أهداف في القطاع، وفي حال قيام حركة "حماس" بإطلاق صواريخ سيستأنف الجيش عمليات القصف والاستهداف.
وقال مصدر في قيادة حركة "حماس" إن الحركة تلقت ضمانات من الجانب المصري بوقف الاعتداءات على الحرم القدسي الشريف وبتجميد عملية إجلاء العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية، الأمر الذي أنكرته إسرائيل جملة وتفصيلاً. وقال مصدر سياسي رفيع المستوى في القدس إن هذا الادعاء كاذب ولا يمت إلى الحقيقة بصلة.
من جانبه قال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إن مصير اتفاق وقف إطلاق النار سيُحدَّد على الأرض، وأكد أنه في حال التزم الطرف الآخر به فإن إسرائيل ستلتزم به أيضاً.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة استأنفت إطلاق الرشقات الصاروخية في اتجاه الأراضي الإسرائيلية عند الساعة التاسعة من صباح أمس (الخميس) بعد أن هدأت عمليات إطلاق الصواريخ من غزة الليلة قبل الماضية، ولم تُسمع صفارات الإنذار في المدن والمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة الجنوبية من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حتى الساعة التاسعة صباحاً.
وأضاف البيان أنه تم في هجمات صباح أمس إطلاق عدة قذائف هاون وصواريخ على مستوطنات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة مع هجوم بقذائف الهاون على مستوطنتي نيريم وعين هشلوشا. وعلى مدار الساعة التالية استهدفت موجات أُخرى من قذائف الهاون مستوطنات أُخرى حول القطاع، وأُطلقت صواريخ في اتجاه مدينة أشكلون، إحدى أكثر المدن الإسرائيلية تضرراً في جولة القتال الحالية. وقال مسعفون أنه لم ترِد أنباء عن وقوع إصابات بشرية جرّاء إطلاق الصواريخ، لكن ثلاثة أشخاص على الأقل أُصيبوا بجروح طفيفة في أثناء الركض إلى الملاجئ.
وبعد الساعة العاشرة صباحاً بقليل أعلنت حركة "حماس" أنها أطلقت صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات على حافلة باص للجيش الإسرائيلي بالقرب من معسكر زيكيم جنوبي أشكلون.
وأكد الجيش الإسرائيلي الهجوم، وقال إن الحافلة كانت خالية من الركاب عندما أصيبت. وأعلن أن جندياً كان يقف في مكان قريب أصيب بشظية ونُقل إلى المستشفى لتلقّي العلاج. وكان هذا ثاني هجوم صاروخي موجه مضاد للدبابات ضد الجنود الإسرائيليين في منطقة الحدود حتى الآن. وفي الهجوم الأول الذي وقع الأسبوع الفائت قُتل جندي إسرائيلي عندما أصاب صاروخ المركبة التي كان يستقلها وأصيب جنديان آخران بجروح أحدهما في حالة خطرة والآخر جروحه متوسطة.
ونشر الجيش الإسرائيلي مساء أمس شريطاً مصوراً يوثق تدميره موقع إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات في بيت حانون في شمال قطاع غزة بالإضافة إلى مقتل عدد من مقاتلي حركة "حماس".
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي في تغريدة على موقع "تويتر": "أغار الجيش الإسرائيلي ودمّر قبل قليل موقع إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات في بيت حانون، والذي يبدو أنه استُخدم لإطلاق الصاروخ نحو الحافلة صباح أمس. كما قضى الجيش على ناشطين مسلحين من منظومة إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات التابعة لـ‹حماس› بعد أن استهدف السيارة التي كانوا يستقلونها."
اتهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إيران بتقديم الدعم الكامل لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وبتسليح "حماس" وحزب الله.
وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال اجتماعه بوزير الخارجية الألماني هايكو ماس في تل أبيب أمس (الخميس): "بينما نخوض قتالاً على مدى أيام على جبهات متعددة في البلد كانت إيران وراء العديد من هذه الأعمال العدوانية. إن إيران لا تدعم الجهاد الإسلامي في غزة بالكامل وتمنحها كل التمويل فحسب، بل أيضاً تقدم أسلحة لـ‹حماس› وحزب الله".
وأضاف نتنياهو: "إن إيران توفر البنية التحتية التي تعتمد عليها المنظمات الإرهابية. وبينما نخوض قتالاً أرسلت إيران طائرة مسيّرة مسلحة من العراق أو سورية إلى إسرائيل قبل أيام، واعترضتها قواتنا على الحدود بين إسرائيل والأردن."
وأظهر نتنياهو لماس بقايا الطائرة الإيرانية المسيّرة من دون طيار، التي أُطلقت من العراق أو سورية وتم اعتراضها فوق منطقة الحدود الإسرائيلية- الأردنية قبل عدة أيام.
وقال وزير الخارجية الألماني لرئيس الحكومة الإسرائيلية إنه جاء للتعبير عن تضامن ألمانيا الكامل مع الشعب الإسرائيلي، وأشار إلى أن ألمانيا تدين هجمات "حماس" المسؤولة عن التصعيد، وأن إسرائيل تمتلك الحق في الدفاع عن نفسها.
وكان ماس قال في وقت سابق أمس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي عُقد في تل أبيب، إنه يقوم بزيارة إلى إسرائيل للإعراب عن تضامنه معها، وأكد أن لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها في وجه هذا الهجوم الكبير وغير المقبول من طرف الفصائل الفلسطينية المسلحة.
كما استقبل نتنياهو أمس وزيري خارجية التشيك وسلوفاكيا وعرض خلال الاجتماع بهما جناح الطائرة الإيرانية من دون طيار التي أُسقطت بالقرب من منطقة الحدود الأردنية، وقال: "إن دعم ‹حماس› والجهاد الإسلامي يأتي من إيران، وفي حال رفع الدعم الإيراني عن التنظيمات [الإرهابية] الفلسطينية فستنهار خلال أسبوعين."
أقيمت في مدينة أم الفحم [المثلث الشمالي] مساء أمس (الخميس) مراسم تشييع جثمان الشاب محمد كيوان (17 عاماً) الذي أصيب بنيران الشرطة الإسرائيلية في مفترق مستوطنة "مي عامي" الأسبوع الفائت، وتوفي أول أمس (الأربعاء) متأثراً بجروحه.
وقد أقيمت صلاة الجنازة في ساحة السوق البلدي وشُيّع كيوان بعدها في موكب شارك فيه نحو 35.000 شخص ومرّ في شوارع المدينة. وحمل بعض المشيعين الأعلام الفلسطينية.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها تواصل التحقيق في ملابسات الحادث.
وكانت الشرطة ادّعت فور وقوع الحادث أن اثنين من عناصرها أطلقا النار على مركبة حاولت دهسهما بالقرب من أم الفحم في اليوم الذي تعرض فيه كيوان للإصابة، لكنها أكدت أنه لا يزال من غير الواضح مَن الذي أطلق النار التي تسببت بمقتله، أو ما إذا كان هو في السيارة التي دهست الشرطيين.
من ناحية أُخرى، وفي ضوء تراجع حدة التوتر، اتُّخذ قرار بإعادة 3 سرايا تابعة لحرس الحدود الإسرائيلي إلى مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بعد أن كانت منتشرة في المدن المختلطة. وذلك بعد جلسة مشتركة بين قيادتي الشرطة والجيش عُقدت أمس.
- كشف رئيس قسم التحقيقات في شعبة التحقيق والاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية العميد دودو بوآني أن الشرطة ستقدم دعاوى اقتصادية ضد مواطنين عرب ويهود شاركوا في أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها إسرائيل. كما ستقدم ضدهم لوائح اتهام جنائية بشبهة إلحاق أضرار بالأملاك العامة.
- حتى الآن اعتادت الشرطة والنيابة العامة تقديم دعاوى اقتصادية ضد منظمات الإجرام فقط، وذلك في سبيل شلّ نشاطها المالي. لكنهما الآن تنويان مدّ أيديهما إلى جيوب المشاغبين من أجل ردعهم.
- وحصلت "يسرائيل هيوم" من الشرطة الإسرائيلية على معطيات رسمية تتعلق بما قامت به من أعمال خلال الأحداث الأخيرة. ويتبين من هذه المعطيات أنه منذ يوم 9 أيار/مايو الحالي وحتى صباح أمس (الخميس) قامت الشرطة بفتح أكثر من 3300 ملف جنائي متعلقة بأعمال العنف. والمخالفات المركزية هي القيام بأعمال شغب، وإشعال حرائق على خلفية قومية متطرفة، وإلحاق أضرار بأملاك على خلفية عنصرية، وشنّ هجمات في ظروف خطرة.
- وحتى صباح أمس قامت الشرطة باعتقال 1415 شخصاً بشبهة المشاركة في أعمال الشغب، 1148 بالغاً و267 قاصراً. والأغلبية الساحقة من المعتقلين، 1256 معتقلاً من العرب، بينما بلغ عدد المعتقلين اليهود 159. وتم حتى الآن تمديد اعتقال 566 من بين المعتقلين وجرى تقديم أكثر من 100 لائحة اتهام.
- وقالت مصادر رفيعة المستوى في قيادة الشرطة الإسرائيلية إن أحداث العنف التي شهدتها مدينة اللد كان يمكن أن تكون سيئة أكثر لولا أن منظمات [الإجرام] وعائلات [المجرمين] في المدينة مرّروا رسائل إلى المشاغبين فحواها أنه لا يجوز استخدام السلاح الجنائي في أحداث على خلفية قومية. ووفقاً لهذه المصادر، شارك في أحداث اللد فلسطينيون من المناطق [المحتلة] ومن منطقة المثلث. وقام مواطنون [مستوطنون] من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بدعم السكان اليهود في المدينة في أثناء أعمال العنف.
- كما علمت "يسرائيل هيوم" بأن طاقماً من شعبة التحقيق والاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية يعمل في الأيام الأخيرة مع دائرة الشؤون المدنية في النيابة العامة على بلورة أنظمة تقديم دعاوى اقتصادية ضد الذين شاركوا في أعمال الشغب وقاموا بإلحاق أضرار بالأملاك العامة، أو برموز الدولة.
- انحدار جديد سُجّل أمس في منظومة العلاقات الطويلة والصعبة والمضطربة أحياناً بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورؤساء الأذرع الأمنية. في البداية حاول نتنياهو في بيان رسمي خارج عن المألوف إحالة مسؤولية وقف إطلاق النار – الذي فرضه عليه الرئيس الأميركي جو بايدن - على الجيش والأجهزة الأمنية الأُخرى. بعدها فوراً، وفي تسريبات إلى وسائل الإعلام بدأت الافتراءات على أداء الجيش في العملية على قطاع غزة، من أجل تحويل أي اتهام لنتنياهو بالعملية الخاسرة.
- جاء في بيان قرار المجلس الوزاري المصغر أنه تمت الموافقة على وقف إطلاق النار بالإجماع وفق "تصويت كل الجهات الأمنية - رئيس الأركان، ورئيس الشاباك، ورئيس الموساد، ورئيس مجلس الأمن القومي". إنها محاولة مكشوفة للاختباء خلف إجماع الأطراف المهنية بدلاً من تبرير اعتبارات المستوى السياسي لوقف إطلاق النار. ولهذا علاقة بالتسريبات المقصودة في الأيام الأخيرة عن أن الجيش يضغط على نتنياهو لإنهاء العملية، وأن رئيس الحكومة لا يزال يفكر في ذلك.
- لكن الأمر الأساسي جرى الاحتفاظ به من أجل التسريبات التي وصلت بعد دقائق معدودة من انتهاء الجلسة. فقد أفاد مراسل "هآرتس" يهونان ليز بأن أطرافاً شاركت في الجلسة قالت إن المعلومات الاستخباراتية التي زُودت بها العملية كانت "ركيكة" ولم تقدم "أهدافاً تغير الواقع"، بينما فشل سلاح الجو في تدمير شبكة الأنفاق الهجومية التابعه لـ"حماس" و"المترو" الشهير الذي كان إحدى المهمات المركزية للعملية. كما انتقد عدد من الوزراء فشل محاولات اغتيال مسؤولين كبار في "حماس"، واستمرار سقوط الصواريخ على إسرائيل حتى في الليلة الأخيرة من العملية. ونقلت وسائل إعلامية هجوماً شنته الوزيرة ميري ريغيف على رئيس الأركان أفيف كوخافي خلال الجلسة. وقيل إن ريغيف طالبت باستمرار العملية وكوخافي تحفظ عن ذلك (ريغيف أصدرت بيان تكذيب).
- مَن يطرح هذه الحجج يعتمد بصورة أساسية على الذاكرة القصيرة للجمهور. أولاً، الادعاءات بشأن عدم وجود أهداف، وصعوبة تنفيذ الاغتيالات، وإطلاق الصواريخ حتى اللحظة الأخيرة، هذه الادعاءات تُطرح في كل عملية مشابهة في القطاع. وهي جزء من القيود المعروفة في المواجهة مع تنظيم مسلح يعمل في منطقة مكتظة بالسكان المدنيين. ثانياً، فقط قبل يومين أو ثلاثة أيام كرر رئيس الحكومة والناطقون بلسانه والمتملقون له الادعاء أن العملية الحالية تختلف عن غيرها، وبقيادة نتنياهو تتحقق إنجازات غير مسبوقة.
- عندما كان بني غانتس رئيساً للأركان اعتاد التساهل مع نتنياهو في قرارات شبيهة لإنهاء جولة قتال وتحميل الجيش الإسرائيلي المسؤولية. يبدو أن كوخافي، الذي ربما يدرك أكثر الظروف السياسية المعقدة السائدة حالياً، هو أقل استعداداً للتطوع لهذه المهمة. حينها ما العمل من أجل الدفاع عن الصورة المجروحة والمكدومة لرئيس الحكومة كسيّد الأمن، أيضاً عندما يتواصل سقوط الصواريخ؟ يشددون على الاتفاق الكاسح على المستوى المهني ويتعمدون توجيه الافتراءات إلى أداء الجيش.
- على ما يبدو النجاحات العملانية للجيش الإسرائيلي في القتال كانت محدودة وهي بالتأكيد لا تتلاءم مع أجواء النشوة التي أشاعها جزء من الجنرالات السابقين في الاستديوهات. "حارس الأسوار" هي عملية أُخرى من سلسلة عمليات محدودة في قطاع غزة، ليس هناك مَن يراهن فعلاً على أنها ستزيل التهديد الأمني الذي يشكله القطاع. لقد كان هناك إحباط قبلها وعلى ما يبدو سيكون هناك إحباط بعدها. لكن محاولة اتهام الجيش بوقف إطلاق النار هو تشويه سخيف للحقائق. العملية انتهت لأن البيت الأبيض نفذ صبره إزاء القصف الإسرائيلي في غزة. وهذا لا علاقة له بمسألة عدد منصات إطلاق الصواريخ التي دُمرت، وعدد المسؤولين الكبار في "حماس" الذين أُزيلوا من قائمة الأهداف.
- ينهي نتنياهو العملية، تحديداً كما توقع مسبقاً، بخيبة أمل معينة. فالحريق الأمني الذي تسبب هو نفسه به من خلال الدعم الذي منحه للخطوات الاستفزازية للشرطة في القدس، أحبط مساعي تأليف حكومة التغيير التي سعت لإبعاده عن الحكم. لكن طريقه إلى تأليف حكومة جديدة لا يزال غير ممهّد. صفارة النهاية التي وضعته في حالة تعادُل مخيب للأمل مع "حماس" لا تحسّن مكانته لدى الجمهور. في هذه الأثناء هو يخوض مواجهة مع خصومه السياسيين (وفي مواجهة النيابة العامة) ويشن معركة تراجُع وتأجيل لا معركة هجوم هدفها الانتصار. وأمس انضم إلى خصومه أشخاص كثر.
- في ظل كل هذه الاضطرابات هناك جانب مشرق واحد يتعلق بالأبواق. طوال الأسابيع الأخيرة أشادت هذه الأبواق بحكمة وبطولة رئيس الأركان كوخافي الذي أنزل ضربة قاصمة بالخصم الحمساوي برعاية نتنياهو. لقد صُوِّر كوخافي في أوساط نتنياهو كأعظم قائد يهودي منذ أيام بار كوخبا. كل هذا انتهى أمس عندما كان المطلوب إيجاد كبش فداء جديد بسرعة. هذه المرة المطلوب مرونة نادرة من هؤلاء المنتفعين في تقديمهم الحجج المتغيرة. ونتساءل كيف سيواجهون التحدي هذا الصباح.
- يواصل رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان وضباط آخرون رفيعو المستوى تصوير الضربة الشديدة جداً التي لحقت بـ"حماس"، والتقدير أنها ستؤدي إلى نهاية المعركة وتعزيز الردع الإسرائيلي. وهم يعربون عن رضى حقيقي حيال سير عملية "حارس الأسوار" ونتائج العمليات الهجومية للجيش الإسرائيلي. لقد تعرضت "حماس" لضربة قاسية، لكن الجمهور في إسرائيل محبط من استمرار إطلاق الصواريخ، ومن عجز الجيش عن منع ذلك، ومن عدم تحقيق انتصار إسرائيلي واضح وقاطع. في الاستديوهات المفتوحة في القنوات المتعددة اعتُبر كل إطلاق جديد لصواريخ "حماس" علامة على إخفاق الجيش في ضرب الحركة. كانت وتيرة الأحداث في هذه العملية أسرع مما كانت عليه في المواجهات السابقة، من هنا أيضاً الشعور المعروف بالمرارة الذي سارع هذه المرة إلى الظهور.
- هذا التناقض المحبط هو حصيلة ثلاث مفاجآت شهدها الجمهور الإسرائيلي خلال أيام العملية. لقد كان هناك أيضاً مفاجآت (صغيرة) لها علاقة بعمليات "حماس" (البدء بالعملية بحد ذاته، إطلاق الصواريخ على القدس، والقصف الكثيف على منطقة الوسط). لكن المفاجآت الثلاث الأساسية كالعادة لا تزال هي نفسها: اكتشاف الجمهور الإسرائيلي أن حكومته تختار (مجدداً) ردع "حماس" بدلاً من إخضاعها؛ العمليات الهجومية للجيش الإسرائيلي غير قادرة على وقف إطلاق الصواريخ على الرغم من قوتها الهائلة؛ والصعوبة التي يواجهها الجيش في تفسير وتجسيد الإنجازات (الحقيقية) التي حققها خلال أيام العملية. إلى جانب هذا الإحباط المعين الذي يتميز به الجمهور الإسرائيلي، فإن هذه المفاجآت هي وليدة سياسة إخفاء متعمدة تطبَّق منذ أعوام طويلة، مقرونة بفشل مستمر للقيادتين السياسية والعسكرية في الشرح للجمهور الاستراتيجيا الإسرائيلية والخصائص الحالية للمواجهات العسكرية.
- هكذا اكتشف الإسرائيليون عند بدء المواجهة مرة أُخرى التفضيل الواضح الذي أعطته القيادتان السياسية والعسكرية لعمليات ردع تعتمد في الأساس على سلاح الجو، ونفورهما من عمليات حسم تفرض استخدام القوات البرية في عملية مناورة في أرض الخصم. مثل هذا التفضيل في الإمكان رؤيته على الأقل منذ العمليات التي جرت في التسعينيات ("تصفية الحساب" و"عناقيد الغضب")، واستمر أيضاً في حرب لبنان الثانية، وفي سلسلة العمليات في غزة. هذه المرة أيضاً اختارت إسرائيل هدفاً غامضاً هو "تعزيز الردع". هذا الخيار يؤثر في طبيعة العملية ونتائجها بصورة أساسية. لقد كان من الواضح لمتخذي القرارات أن العملية لن تحقق حسماً واضحاً وقاطعا،ً وأنه لن تكون هناك صورة نصر. هم يقدّرون (وهم على حق) أن للعملية هدف مناسب سيتحقق بثمن معقول. لكن الجمهور الذي يواصل في الأعوام الأخيرة الاستماع إلى الخطابات الرنانة عن "الحسم" و"الانتصار" يشعر بالإحباط والذهول.
- المفاجأة الثانية تتعلق بصعوبة مواجهة إطلاق "حماس" الصواريخ. طوال أعوام تسلحت "حماس" بصواريخ كثيرة وقذائف من مختلف القياسات وُضعت في أماكن خفية وسط السكان المدنيين، وفي مواقع تحت الأرض. هذه المنظومة تسمح لـ"حماس" بإطلاق الصواريخ من دون إزعاج، سواء على غلاف غزة، أو على مدى متوسط (أشدود وبئر السبع)، وأيضاً على منطقة الوسط. هذه المسألة تحتل مكاناً مركزياً في عقيدتها القتالية. إسرائيل بنَت منظومة دفاعية فعالة ("القبة الحديدية") وناجعة بصورة غير مسبوقة، وقد حققت إنجازات كبيرة خلال العملية. كما تنفّذ جهداً هجومياً كبيراً ضد نقاط إطلاق الصواريخ.
- لكن مرة أُخرى اتضح أن الجيش ليس قادراً على وقف إطلاق الصواريخ ومنع سقوط عدد قليل من القتلى. هذا الوضع لن يتغير جوهرياً في المدى الزمني القريب. وإطلاق الصواريخ له مغزى استراتيجي وقدرة على بلورة الوعي في المعركة.
- المفاجأة الثالثة لها علاقة بالمفاجأتين السابقتين. العمليات الهجومية للجيش الإسرائيلي تسببت بضرر كبير لـ"حماس" يمكن أن يؤثر في عملية اتخاذ قراراتها في المستقبل. لكن المواجهة الحالية تكشف في الأساس الفجوة الكبيرة في رؤية إنجازات الطرفين في أثناء المواجهات بحد ذاتها.
- إنجازات "حماس" – إطلاق الصواريخ، صفارات الإنذار، إصابة المنازل وسقوط قتلى- هي واضحة ومباشرة وتُعتبر لها علاقة بالمواجهة الحالية. بينما على الرغم من أهمية إنجازات الجيش الإسرائيلي فإنها تبدو غير ملموسة وأقل وضوحاً. عندما نربط هذه الفجوة بالاعتراف المتزايد بعدم القدرة على وقف إطلاق الصواريخ نحصل على نتيجة كئيبة: ببساطة، لم يشعر الجمهور بنجاح الجيش الإسرائيلي. لقد اعتمد الجيش على فكرة ردع "حماس" عن خوض مواجهة مقبلة، لكن الجمهور يريد انتصاراً في المواجهة الحالية.
- تدور عملية "حارس الأسوار" حول بعدين مختلفين: في الأول تهاجم "حماس" الجبهة الداخلية بكميات من الصواريخ لم نشهدها من قبل؛ وفي الثاني تهاجم إسرائيل "حماس" في غزة بقوة ودقة أكبر من العمليات السابقة. لكن عملياً توجد علاقة فضفاضة بين البعدين. في ضوء استمرار القصف، سكان إسرائيل الواقعون تحت النار لم يتأثروا كثيراً بالدمار الهائل الذي ألحقه الجيش بمنظومات العدو وبعدد المصابين من نشطائه. كما لم يجد الجيش الإسرائيلي وسيلة ناجعة كي يشرح للجمهور الإنجازات والعمليات الهجومية. استخدام أعداد الهجمات والأهداف وعدد كيلومترات البنى التحتية التي دُمرت، والغموض بشأن المنطق العسكري للهجمات على مبان متعددة الطبقات - لم يساعده في هذا الشأن أيضاً.
- بهذا المعنى يبدو أن القيادتين السياسية والعسكرية فوجئتا أيضاً خلال العملية. فقد اكتشفتا مجدداً أن التطلع إلى تحقيق حسم واضح وقاطع في حرب خاطفة لا يزال يطبع تفكير الجمهور الإسرائيلي والنتائج التي ينتظرها من المواجهات العسكرية. هذا هو أيضاً المنظور الذي ينظر الجمهور من خلاله إلى النتائج فعلياً. وهذا هو أحد أسباب إحباط الجمهور الإسرائيلي وزاد فيه الحديث في الاستديوهات في القنوات المختلفة، الذي منح تفضيلاً واضحاً للاهتمام بالقصف المستمر ووجد صعوبة في تفسير إنجازات الجيش. من هنا يعكس التطلع إلى اغتيال شخصية معروفة في قيادة "حماس" الرغبة في صورة انتصار، لكن ثمة شك في أن نجاح مثل هذه العملية سيغير الصورة الأساسية للوضع.
- في ظل الاستراتيجيا الحالية للمستوى السياسي، ثمة شك في أن هناك طريقة أفضل من التي اختارها الجيش للمواجهة مع "حماس". تدل الدروس المستخلصة من المواجهات السابقة على أن العمليات التي تهدف إلى تحقيق الردع يجب عليها التمييز بين الأحداث وبين المشاعر في أثناء القتال وبين التداعيات في المَدَيين المتوسط والبعيد. لكن يمكننا أن نأمل هذه المرة بتحقيق ردع قوي يجري التعبير عنه بفترات هدوء طويلة نسبياً. إذا كان هذا فعلاً ما سيحدث، من الأفضل أن تستغل القيادتان السياسية والعسكرية الوقت بصورة تلائم تطلعات الجمهور، وأن توضح المنطق الفعلي في استراتيجيتها، وتبحث علناً سمات المواجهات المنتظرة. قبل الحرب مع حزب الله التي طبعاً ستكون أكثر إشكالية بكثير.