مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس جهاز الموساد الجديد دافيد برنياع إن إيران تعمل حتى في هذه الأيام بالذات على تحقيق رؤيتها النووية تحت غطاء من الحماية الدولية وبرعاية الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول العظمى الست [مجموعة الدول 5+1] مع إيران وتسعى الولايات المتحدة للعودة إليه بعد انسحاب الإدارة الأميركية السابقة منه سنة 2018.
وجاءت أقوال برنياع هذه في سياق كلمة ألقاها خلال مراسم توليه مهمات منصبه الجديد خلفاً ليوسي كوهين، والتي أقيمت أمس (الثلاثاء)، وبدا أنها تتطابق مع رؤية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشأن معارضة الاتفاق النووي مع إيران.
وقال برنياع إن التحديات الأمنية الماثلة أمام إسرائيل كبيرة جداً، وأكد أن إيران تقف في رأس القائمة نظراً إلى كونها ماضية قدماً في رؤيتها النووية من خلال ترويج الأكاذيب وبذل جهود لإخفاء نشاطاتها كما أنها تتقدم باستمرار نحو برنامج إنتاج أسلحة دمار شامل.
وأضاف برنياع: "يجب أن يقال بصوت عال وواضح: إيران تعمل على تحقيق رؤيتها النووية تحت غطاء من الحماية الدولية. والاتفاق الآخذ بالتبلور بين إيران والقوى العظمى يعزز فقط الشعور بالعزلة التي نحن فيها بشأن هذه القضية."
وشدّد برنياع على وجوب ألّا تعمل إسرائيل وفقاً لقاعدة الأغلبية لأن هذه الأغلبية في العالم لن تتحمل ثمن الخطأ في تقييم التهديد النووي الإيراني.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه بلّغ الرئيس الأميركي جو بايدن أن حكومته ستواصل العمل لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي حتى لو تم التوصل إلى اتفاق جديد معها.
وأضاف نتنياهو في سياق كلمة ألقاها خلال مراسم تولّي دافيد برنياع مهمات منصب رئيس جهاز الموساد خلفاً ليوسي كوهين، والتي أقيمت أمس (الثلاثاء)، أنه سيختار الاحتكاك بالإدارة الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني إذا ما اضطر إلى ذلك. وقال: "إذا ما اضطررنا إلى الاختيار بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة وبين إزالة التهديد الوجودي من إيران فإن الغلبة ستكون لمصلحة إزالة التهديد الوجودي."
وأشار نتنياهو إلى أن أكبر خطر تتعرض له إسرائيل هو التهديد الوجودي المتمثل في محاولات إيران التزود بأسلحة نووية. كما أشار إلى أن هذا الخطر يشمل على حد سواء التهديد بالتدمير من خلال استخدام أسلحة نووية، والتهديد بعشرات آلاف الصواريخ المدعومة بغلاف نووي، مؤكداً أن الخطر المذكور يهدد استمرار المشروع الصهيوني ويجب محاربته حتى النهاية.
في المقابل أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس عن رفضه لتصريحات نتنياهو، وأكد أن الخلافات مع الولايات المتحدة تُحلّ عبر الحوار في الغرف المغلقة وليس عبر التصريحات الإعلامية.
وقال غانتس في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" أمس إن الولايات المتحدة كانت وستظل الحليف الأهم لإسرائيل في كل ما يتعلق بالحفاظ على تفوقها الأمني في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف غانتس: "إن إدارة الرئيس بايدن هي صديقة حقيقية لإسرائيل وليس لإسرائيل ولن يكون لها شريك أفضل من الولايات المتحدة. وحتى لو كان هناك خلافات فسيتم حلها بحوار مباشر في الغرف المغلقة وليس بخطاب تحدٍّ يمكن أن يضرّ بأمن إسرائيل."
لخص وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أمام عشرات الصحافيين الأجانب أول أمس (الإثنين) عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة في أيار/مايو الفائت واستمرت 11 يوماً.
وقال غانتس إن على المجتمع الدولي أن يفهم أنه لولا اعتراض منظومة "القبة الحديدية" لنحو 1200 قذيفة صاروخية وُجهت من قطاع غزة نحو مراكز سكانية في الجبهة الإسرائيلية الداخلية لكان هناك مئات الإصابات ودمار كبير. وأضاف: "إن ما كان في غزة هو ليس ما سيكون، وإن عودة أبنائنا [الأسرى والمفقودون] وهدوء طويل المدى هما جزء من الشروط لإطلاق مشروع إعادة إعمار قطاع غزة، والذي يجب أن تنفذه السلطة الفلسطينية ودول في المنطقة والعالم."
ورداً على سؤال عن احتمال وقوع حرب مع لبنان في المستقبل، قال غانتس: "إن ما رأيناه في غزة سيكون عشرة أضعاف في لبنان. ستكون حرباً معقدة لأن حزب الله يخفي 100.000 صاروخ، جزء منها دقيق ولمسافة طويلة المدى، وكل هذا موجود بين سكان مدنيين. إن إسرائيل جمعت منذ سنة 2006 معلومات استخباراتية كبيرة، وسيكون لدينا عدد متنوع من الخطط والأهداف. لكن في حال وقوع حرب ستتحمل دولة لبنان المسؤولية الكاملة عنها، وحزب الله وقادته سيلحق بهما ضرر كبير."
كما تطرّق غانتس إلى إيران فأشار إلى أن إسرائيل تتابع العمليات في إيران والتقدم في مستويات تخصيب اليورانيوم لديها واقترابها من امتلاك سلاح نووي. وقال: "إن إيران قبل أي شيء هي تحدٍّ عالمي وبعد ذلك تحدٍّ لاستقرار المنطقة، وفقط في النهاية قضية تواجهها إسرائيل. وعلى جميع قادة العالم العمل لكي يكون الاتفاق معها قادراً على إبعادها عن امتلاك سلاح نووي."
كما أعرب غانتس عن معارضته للاتفاق النووي السابق، وأكد أنه لم يكن جيداً بما في الكفاية لمنع إيران من تعاظم قوتها ومن امتلاك سلاح نووي.
من المتوقع أن يتوجه وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس مساء اليوم (الأربعاء) إلى الولايات المتحدة في زيارة خاطفة تستمر يوماً واحداً يلتقي خلالها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
وسيناقش غانتس خلال هذه الزيارة قضايا عدة، منها الحوار الاستراتيجي مع واشنطن بشأن الاتفاق الآخذ بالتبلور مع إيران، والحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي، وسبل التوصل إلى تهدئة بعيدة المدى مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وستشمل المحادثات ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة "حماس" في قطاع غزة.
وسيعرض غانتس خلال لقاءاته طلب إسرائيل من الولايات المتحدة منحها مساعدات أمنية بمبلغ نحو مليار دولار تشمل إعادة تزويد الجيش الإسرائيلي بأسلحة تتضمن صواريخ لبطاريات منظومة "القبة الحديدية". ويدور الحديث حول تبكير موعد إرسال شحنات من هذه الأسلحة سبق أن تعهدت الولايات المتحدة بنقلها إلى إسرائيل ضمن المساعدات السنوية التي تمنحها لها.
وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس إن إسرائيل تنوي أيضاً طلب إعادة تزويدها بقنابل ذكية وأُخرى بإمكانها أن تخترق أماكن محصنة.
وصل وزير خارجية هنغاريا بيتر سيارتو أمس (الثلاثاء) إلى إسرائيل في زيارة تضامن ودعم.
وعقد سيارتو فور وصوله اجتماعاً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. كما قام بزيارة إلى مبنى في مدينة بيتح تكفا [وسط إسرائيل] تعرض لسقوط قذائف صاروخية أطلقتها حركة "حماس" من قطاع غزة خلال عملية "حارس الأسوار" العسكرية. ورافقه في هذه الزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي.
وشكر أشكنازي نظيره الهنغاري على زيارته ودعم هنغاريا لإسرائيل طيلة فترة العملية العسكرية الأخيرة في قطاع غزة، والذي انعكس من خلال تصريحات علنية وكلمة شديدة اللهجة ضد "حماس" في جلسة الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومنع صدور قرار ضد إسرائيل في مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
وأشار الوزير الهنغاري خلال زيارته إلى بيتح تكفا إلى أن هنغاريا تدين تصرفات "حماس" كما تدين قرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي ينص على فتح تحقيق ضد إسرائيل بشبهة ارتكاب جرائم حرب محتملة خلال العملية العسكرية الأخيرة في غزة. وأضاف: "لا يجب التحدث بنفس المستوى عن دولة ديمقراطية كإسرائيل وعن حركة إرهابية كـ’حماس’، ومن حق إسرائيل الطبيعي الدفاع عن نفسها. أنا فخور بالموقف الذي اتخذته هنغاريا التي ستستمر في الوقوف إلى جانب إسرائيل، وستحتج في كل منصة دولية ضد القرارات المنحازة التي تتجاهل هجمات المنظمات الإرهابية."
وتُعتبر زيارة وزير خارجية هنغاريا سابع زيارة تضامُن لوزراء خارجية دول أجنبية إلى إسرائيل منذ بدء عملية "حارس الأسوار"، إذ زارها قبله وزراء خارجية كل من اليونان وألمانيا وتشيكيا وسلوفاكيا والولايات المتحدة وبريطانيا.
- كل شيء ممكن أن يحدث في أجواء السوق الحالية، لكن تكثر المؤشرات إلى أن "حكومة التغيير" في إسرائيل باتت حقيقة. وهذه الحكومة بسبب طابعها والجهات التي تعتمد عليها تعكس في الوقت عينه شرخاً تاريخياً من ناحية صهيونية ومن ناحية القدرة على الحكم. وعلى ما يبدو فإن الأيديولوجيا أو محاولة بلورة قواسم مشتركة في مواضيع في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد وما شابه لن تكون هناك، لكن ستكون مساومات على الحقائب الوزارية. وما سيبرز في هذه الحكومة، بالإضافة إلى الكراهية تجاه بنيامين نتنياهو، هو تنكّر عناصرها للأهداف التي عرضوها في الانتخابات بل وحتى لمعتقداتهم السياسية المزعومة. كما يمكن القول إن هناك رخصاً سياسياً من جانب اليمين الأيديولوجي. وحتى لو وضعنا الرواسب جانباً، وبعضها قد يكون مفهوماً، وخصوصاً لدى قادة حزب "يمينا"، فليس في ذلك ما ينفي القول إن طموحاتهم الشخصية غطت على كل الاعتبارات الأُخرى، بما في ذلك مستقبل حزبهم، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على "الصهيونية الدينية"، وعلى حزب "أمل جديد" [برئاسة عضو الكنيست جدعون ساعر المنشق عن الليكود]، وكل منهم بحسب طريقه الخاص ساهم بدوره في الشرخ الحالي.
- سبق لعالم الاجتماع السياسي ماكس ويبر أن قال إن "السياسيين لا توجههم التزاماتهم بمبادئ معينة"، ومع ذلك من الصعب عدم التساؤل عن كيفية تكرار التراجيديا اليونانية لإفشال حكومات الوسط - اليمين ونقل الحكم إلى اليسار من طرف اليمين المتطرف. هكذا فعل اليمين المتطرف في الماضي ليتسحاق شامير، وهكذا فعل لبنيامين نتنياهو في ولايته الأولى كرئيس للحكومة [1996- 1999]، والآن ها هو يفعلها مرة ثانية. والنتيجة لإسقاط شامير كانت اتفاقات أوسلو، والنتيجة لإسقاط نتنياهو حينها كانت نشوء حقل ألغام سياسي نجونا منه بمعجزة. والآن على خلفية التهديد الإيراني من جهة والرياح التي تهب من واشنطن من جهة أُخرى ستكون النتائج أخطر بكثير.
- كانت مناكفة اليمين المتطرف لشامير ونتنياهو، وقبل ذلك لمناحيم بيغن في إثر اتفاقية السلام مع مصر، نابعة من السياسة التي يجب الجسر فيها أحياناً بين المرغوب فيه وبين ما يتوفر، ويسمى هذا براغماتية. ففي سنة 1996 عندما طرحت اللجنة السياسية لليكود خطة براغماتية للبحث في موضوع يهودا والسامرة [الضفة الغربية] عارضها عضو الكنيست بنيامين زئيف بيغن باستخفاف، بدعوى أن "هذه براغماتية مثل المقايضة في السوق." ولا بد من القول إن السياسة البراغماتية، مع التشديد على الجانب الأمني وحماية البوصلة الأيديولوجية، هي السبيل الذي قاد فيه نتنياهو بنجاح طريق إسرائيل السياسي ووصل إلى إنجازات غير مسبوقة في المجال الدولي وعلى الصعيد الإسرائيلي- العربي. وبفضله تحوّل "السلام الآن" من شعار تافه وخادع إلى واقع سياسي. وتم هذا من دون الفلسطينيين الذين يصرون على رفضهم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، ما جعل الرئيس الأميركي جو بايدن يقر بأنه السبب الحقيقي وراء غياب السلام.
- لكن هذا السبيل السياسي قد يقف الآن أمام عقبة كأداء، إذ إن "حكومة التغيير" ستكون حكومة شلل وجمود، وبذور حلها تبدو مغروسة فيها منذ يومها الأول. فعندما سنضطر إلى مواصلة التصدي للتهديد النووي الإيراني كيف ستتخذ القرارات؟ وعندما تعطي "حماس" وجهات فلسطينية أُخرى، بما في ذلك في إسرائيل، الإشارة إلى حملة شغب أُخرى هل سيكون هناك قاسم مشترك بين ممثلي اليسار في الحكومة وبين بني غانتس ورجال "يمينا"، ناهيك بالعنصر الحيوي في لوحة الفسيفساء السلطوية الذي يسمى القائمة المشتركة؟ ماذا سيكون الرد الإسرائيلي عندما تحاول إدارة بايدن أن تدفع إلى الأمام بصورة نشطة خططاً للشرق الأوسط عموماً، وللموضوع الفلسطيني خصوصاً، أو عندما تنشب أزمة اقتصادية جرّاء التضخم المالي العالمي؟ إن الحل المتوقع هو ألا يقرروا. أما النتيجة الواضحة فهي الدونية والسلبية الإسرائيلية في كل المجالات. ولا شك في أن "حماس" أيضاً تفهم ذلك وقد تعمل بموجبه، بينما يبدو أن هجمة الصواريخ والإرهاب الأخيرة شكلت لها "بروڤة" عامة.
- للنزاهة ينبغي القول إن الحكومة الحالية والحكومة التي سبقتها اعترتهما عدة نواقص تسببت بانصرافهما، كما ساهمت في ذلك علل نظام الحكم كنتيجة لطريقة الانتخابات القائمة. أما حالياً فلا يتبقى لنا سوى الأمل بأن تتمكن الدولة سريعاً من تجاوز نتائج الشرخ الحالي وفترة "حكومة التغيير".
- العصبية المتزايدة في المجال السياسي، مع اقتراب مفاوضات إقامة حكومة تغيير من خط النهاية تنزلق أيضاً إلى توترات في المجال الأمني. أمس اندلع في اللحظة الأخيرة حريق صغير - لا أساس حقيقياً له- في الساحة الإيرانية. لكن الخطر الأكبر هو عدم الاستقرار الذي تنطوي عليه المواجهات من دون حل في غزة، وأيضاً إمكان اندلاع مواجهات إضافية في القدس.
- أمس (الثلاثاء) وفي أثناء حفل تغيير رئيس الموساد تطرّق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى التهديد الإيراني، وضمّن كلامه تلميحات إلى إدارة بايدن. "إذا اضطررنا إلى الاختيار، وآمل ألاّ يحدث ذلك، بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة وبين القضاء على تهديد وجودي [سلاح نووي إيراني] – القضاء على التهديد الوجودي هو الذي يغلب"، قال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه.
- بعد وقت قصير على ذلك أصدر وزير الدفاع بياناً غمز فيه من قناة نتنياهو. قال غانتس إن إيران هي فعلاً "تهديد وجودي لاستقرار المنطقة والسلام في العالم"، لكن إسرائيل هي أقوى دولة في المنطقة، "وإذا كان هناك خلافات مع الولايات المتحدة، فإنها تُحلّ في حوار في الغرف المغلقة وليس في حديث استفزازي يمكن أن يؤذي أمن إسرائيل."
- مضمون كلام نتنياهو لا يشذ بصورة واضحة عن مضمون تصريحاته السابقة. لكن فعلياً ثمة شك كبير في أن إسرائيل قادرة على معالجة التهديد النووي الإيراني من الناحية العسكرية بمفردها. علاوة على ذلك، من الصعب جداً أن نتخيل نجاح نتنياهو في فرض خطوة كهذه على القيادة الأمنية في ذروة مواجهة سياسية قد تنتهي هذه المرة بخسارته.
- وعلى عكس ما نُشر أمس، الأميركيون لا يتخوفون فعلاً من أن يأمر نتنياهو بمثل هذا الهجوم في وقت قد يكون الأسبوع الأخير له في منصبه. لديهم الكثير من أجهزة الاستشعار في إسرائيل كي يعرفوا ما هي النيات. ولا علاقة للرحلة المقررة لغانتس هذه الليلة إلى واشنطن بتهديد إسرائيلي جديد لإيران، لكنها تتعلق في الأساس بالحاجة الماسة إلى ملء مخازن السلاح.
- السيناتور الجمهوري ليندزي غراهام الذي التقى غانتس في إسرائيل أمس، شرح الخلفية الحقيقية للزيارة في مقابلة مع الشبكة التلڤزيونية المحافظة "فوكس". وقال وزير الدفاع إنه سيطلب من الإدارة مساعدة طارئة توازي مليار دولار لشراء المزيد من الصواريخ الاعتراضية لبطاريات القبة الحديدية. ويمكن الافتراض أن إسرائيل ستكون مهتمة أيضاً بتزويد سلاح الجو بسلاح دقيق.
- وكما بدا من كلام غانتس لوسائل الإعلام، وأيضاً أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين، فإن إسرائيل مدركة أن الإدارة الأميركية تتوجه نحو توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران. وهي (إسرائيل) تريد استخدام هذا التوجه إلى جانب جولة القتال الأخيرة في غزة من أجل الحصول على مساعدة أميركية إضافية، ولاحقاً رزمة تعويضات واسعة في مجال المشتريات الأمنية، وربما أيضاً بادرات واتفاقات أُخرى.
- المخاطر المباشرة موجودة في ساحات أُخرى. وكما ذكرنا، القدس لا تزال قابلة للاشتعال. ويبدو أن الأمور ليست مستقرة في قطاع غزة؟ وقف إطلاق النار الذي دخل في حيز التنفيذ في 21 أيار/مايو لا يزال عموماً قائماً، لكنه لم يُدعَم باتفاق شامل. كل ما حققه الوسطاء المصريون حتى الآن هو تعهدات متبادلة بالهدوء في مقابل الهدوء.
- لكن على الرغم من عدم إطلاق قذائف من القطاع، ازدادت الحرائق في حقول غلاف غزة وبالقرب من الحدود. وهناك حدود لعدد المرات التي تستطيع السلطات المحلية من خلالها إقناع الجمهور بأن ما يجري هو فقط حرائق سببها الطقس الحار، وليست حرائق متعمدة بواسطة البالونات المشتعلة.
- في ختام عملية "حارس الأسوار" أعلن رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان بصورة احتفالية أن هذه المرة ستُطبّق معادلة أمنية جديدة في القطاع. إسرائيل لن تضبط نفسها بعد الآن إزاء أي استفزاز من غزة، وحساب صاروخ يُطلَق على سديروت سيكون كحساب صاروخ يُطلَق على تل أبيب. المشكلة في مثل هذه التصريحات أنها طبعاً تخلق إغراء كبيراً للطرف الثاني لاختبار هذا الكلام.
- على كل حال "حماس" ملزمة بالاستخبارات المصرية ولا تزال مشغولة في تسويق سردية انتصارها في غزة. ومن المحتمل أن تضبط الحركة نفسها في مثل هذه الظروف. لكن ماذا عن أي فصيل مارق في رفح يتعامل مع وقف إطلاق النار كرهينة؟ لكنه قد يتحرك عندما يعلم بأنه يستطيع أيضاً عرقلة المفاوضات الائتلافية في إسرائيل بواسطة إطلاق صاروخ واحد؟
- لذا، تنتظرنا أيام عصيبة في الساحتين الأمنيتين في القدس وغزة. والتوترات لن تنتهي بالضرورة مع حل العقدة الائتلافية، لأسباب خاصة بها لا تتعلق فقط بالأزمة السياسية المتواصلة في إسرائيل.
- شهدت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة لأول مرة تعبيراً عن استراتيجية قاسم سليماني: تطويقها بحلقة من النار من كل الساحات، وأيضاً في الساحة الداخلية. هذه المرة ساحة غزة، التي تندلع فيها حرب من حين إلى آخر، اتخذت إطاراً جديداً. وقد وضعت في المقدمة القدس والمسجد الأقصى، وهو ما أشعل أعمال الشغب وسط العرب في إسرائيل.
- في خطابه بعد الحرب قال زعيم "حماس" إسماعيل هنية: "المعركة فتحت باباً نحو آفاق جديدة." من حظ إسرائيل أن هذه الآفاق الجديدة وما تنطوي عليه من مخاطر لم تتحقق بعد. الآن مع وقف إطلاق النار يتعين على إسرائيل تقدير التداعيات المستقبلية.
- ما الذي كان مفاجئاً في هذه الحرب؟ من ناحية الجهوزية العملانية كان الجيش مستعداً للحرب. مع ذلك تعترف عناصر استخباراتية في الجيش بأنهم فوجئوا إلى حد ما بمبادرة "حماس" إلى هذه الجولة. والمفاجأة تكمن في الإطار الجيوسياسي والهدف الجديدين اللذين وضعتهما "حماس" للمعركة من خلال تركيزها على القدس.
- في معارك القرن الماضي، بينها حرب الأيام الستة [حرب حزيران /يونيو 1967]، وحرب يوم الغفران [تشرين الأول/أكتوبر 1973]، فرض البدء بالحرب استعدادات مسبقة للعدو ترافقت مع إشارت تحذيرية. وعندما قرر الرئيس عبد الناصر في أيار/مايو 1967 إدخال قواته إلى سيناء، شكلت عملية نشر القوات في منطقة سيناء فترة تحذير لإسرائيل. كذلك المؤشرات الدالة على عمليات الإعداد للحرب كانت واضحة أيضاً في الفترة التي سبقت حرب يوم الغفران، التي اختارت شعبة الاستخبارات العسكرية تجاهلها مع الأسف. منذ ذلك الحين اعتمدت التقديرات الاستخباراتية على المراقبة الدقيقة والمنتظمة لعلامات الإنذار. هنا يكمن التغيير الجوهري الذي أحدثه احتمال المفاجأة لدى "حماس".
- بعكس التنظيمات العسكرية التقليدية، تعمل "حماس" وحزب الله انطلاقاً من منطق يقلص فترة الاستعداد للعملية. معظم قذائفهما وصواريخهما منشورة في نقاط الإطلاق المعهودة. كذلك بالنسبة إلى الجزء الأكبر من قواتهما التي تعتمد على الأبناء المحليين. على سبيل المثال كتائب الشجاعية أو جباليا تعتمدان على أبناء الأحياء من رتبة المقاتلين وحتى رتبة قادة الكتيبة. بهذه الطريقة يكون الانتقال من الحياة العادية إلى حالة الطوارىء سريعاً ويترك للاستخبارات العسكرية وقتاً تحذيرياً قصيراً.
- تفرض فترة الإنذار القصيرة على إسرائيل تغييراً شاملاً لمبادىء عقيدتها الأمنية. وفعلاً أجرى رئيس الأركان أفيف كوخافي في خطته الجديدة، التي بلور فيها عقيدة عمل الجيش، تغييرات أيضاً على المقاربة التقليدية في وسائل الدفاع. منذ فترة رئيس الأركان السابق أيزنكوت وُظفت موارد لتحسين الدفاع، بينها إقامة جدار من الباطون في عمق الأرض حول قطاع غزة. إنجازات الجيش الإسرائيلي في الدفاع بمواجهة "حماس" في الجولة الأخيرة شكلت انعطافة يجب عدم الاستخفاف بها. تجدر الإشارة إلى إنجاز سلاح البحر في مجابهة وصدّ أي مبادرة هجومية من طرف القوة البحرية لـ"حماس"، وكذلك إنجاز سلاح الجو في إسقاط المسيّرات التي أطلقتها الحركة - بينها مسيّرات مزودة بمتفجرات أُطلقت في اتجاه منصات الغاز- تمار وإنجاز الدفاع على حدود القطاع الذي منع تسلل قوات كوماندوس تابعة لـ"حماس". بالإضافة إلى جهود اعتراض الصواريخ الذي قامت به بطاريات القبة الحديدية التي تستحق التقدير، وهي تنضم إلى مجمل إنجازات الجهود الدفاعية.
- على المستوى الأوسع، التهديد الذي تمثله "حماس" مع القوة النارية الصاروخية التي هاجمت مدن إسرائيل، يجب أن يشكل جرس إنذار إزاء إمكان انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية. دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 لن تكون مجردة من السلاح، ويمكن أن تشكل تهديداً أكبر بكثير من تهديد قطاع غزة. حجم الإنتاج الذاتي لوسائل القتال الذي طورته "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة يشير إلى سخافة وهم نزع السلاح. معظم الإنتاج الذاتي للسلاح يجري بواسطة آلات تصنيع ومواد خام مدنية. لا توجد طريقة لتجريد دولة من مخارط ممكننة، ومن أنابيب الحديد والفوسفات. حقيقة أنه لا يوجد حتى الآن في المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين في الضفة إنتاج للصواريخ تعود إلى قدرات المراقبة والإحباط من خلال انتشار الجيش ووجود المستوطنات في عمق الضفة الغربية.
- إن نجاح قيادة المنطقة الوسطى خلال هذه الجولة في كبح العنف وأعمال الاحتجاج الشعبي في مناطق الضفة الغربية يبرر مطالبة إسرائيل بالاستمرار في وجودها في المنطقة. إن فحص الموارد والجهود المطلوبة لضمان أمن منطقة الساحل الإسرائيلي بالاعتماد على نشاط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ودعم المستوطنات الإسرائيلية هناك، مقارنة بالموارد والجهود المطلوب من المؤسسة الأمنية توظيفها في قطاع غزة، يشير إلى أي حد الوضع القائم في الضفة الغربية هو أكثر نجاعة وأقل تكلفة.
- الداعون إلى انفصال جديد عن الضفة واقتلاع مستوطنات والتراجع إلى خط جدار الفصل يعتمدون في موقفهم على فرضيتين أساسيتين:
- الانسحاب إلى خطوط 1967 مع تعديلات طفيفة سيؤدي إلى إنهاء "الاحتلال"، وسيمنح إسرائيل شرعية وتأييداً دوليين للقيام بعملية عسكرية في حال تعرّض أمنها لخطر من مناطق الدولة الفلسطينية.
- الجيش الإسرائيلي من خلال تفوقه الدائم يستطيع القضاء على أي تهديد أمني في وقت قصير وبثمن معقول.
- حجم التهديد الذي تواجهه إسرائيل من قطاع غزة، والرأي العام المعادي لإسرائيل في دول الغرب (بعد الانفصال الأحادي الجانب من غزة في سنة 2005 تعهد المجتمع الدولي بدعم أي رد عسكري إسرائيلي على هجمات من القطاع) يطرحان شكوكاً كبيرة في مدى صحة هذين الافتراضين.
- أيضاً تأييد الرئيس الأميركي حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ليس أمراً بديهياً ويمكن التقدير أن الدعم الذي تلقاه رئيس الحكومة نتنياهو خلال الأيام العشرة للقتال سيكون له ثمن. الإدارة الأميركية الملتزمة بالدفع قدماً بحل الدولتين أدركت جيداً أن عدم دعم إسرائيل خلال تعرّضها للهجوم من غزة سيجعل من الصعب عليها مطالبة إسرائيل مستقبلاً بالانسحاب من الضفة الغربية.
- تشير أحداث الأسابيع الأخيرة التي أظهرت حدود قوة الجيش الإسرائيلي في حال نشوب حرب متعددة الجبهات (بما فيها الجبهة الداخلية) إلى الخطر الوجودي الذي تنطوي عليه انسحابات إضافية. ومع كل التفوق العملاني للجيش الإسرائيلي فإذا طُلب منه القتال في وقت واحد في الساحة الشمالية لن يقدر على الدفاع عن الساحل الممتد من حدود نتانيا حتى كفر سابا.