مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
دعا رئيس حزب "يمينا" عضو الكنيست نفتالي بينت، المرشح لتولّي رئاسة "حكومة التغيير"، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الكفّ عن حملة التحريض ضد أعضاء الحكومة المستقبلية والتخلي عن مقاليد الحكم من دون أن يترك وراءه أرضاً محروقة.
وأضاف بينت في بيان متلفز تلاه مساء أمس (الأحد): "في الأسابيع الأخيرة تمارَس حملة عنف ضد أعضاء الكنيست من حزبي ’يمينا’ و’أمل جديد’ [برئاسة جدعون ساعر]. هذه الحملة ممولة ومنظمة وتهدف إلى كسرهم حتى ينسحبوا ويصوتوا ضد الحكومة الجديدة. ولقد سمعت نتنياهو يقول ’لا تخافوا من مهاجمتهم’، وهو ما يعني مراقبة متواصلة ليوم كامل بالسيارة وراء عضو في الكنيست وإخافة أولادها وهم في طريقهم إلى المدرسة، وتهديد أقارب أعضاء كنيست آخرين بالإقالة من العمل، وإرسال شتائم وتهديدات من كل حدب وصوب. لا يوجد لأي أحد احتكار للسلطة، ونحن لسنا نظاماً ملكياً، نحن لدينا نظام ديمقراطي يتم استبداله، ويا سيد نتنياهو لا تترك وراءك أرضاً محروقة. كل الشعب يريد أن يتذكر الأمور الجيدة التي قمت بها، ولذا، أتوجه إليك بأن تحرّر البلد وأن تستمر قدماً، فمسموح للمواطنين التصويت لحكومة لا تقف أنت على رأسها."
وقال بينت: "هذا كذب أن يُقال إنني أترأس حكومة يسار. الحكومة التي سأترأسها يمينية أكثر من الحكومة الحالية بعشر درجات. أنا رجل يميني يلبس القلنسوة [الدينية]، وأنتمي إلى الصهيونية الدينية، وأغلبية أحزاب الحكومة من الوسط واليمين."
وتوجه بينت إلى رئيس الكنيست ياريف ليفين [الليكود] طالباً منه تحديد جلسة يوم الأربعاء المقبل للتصويت على إقامة الحكومة. وقال موجهاً كلامه إلى ليفين: "نحن نعرف أن نتنياهو يضغط عليك لتأخير التصويت. هذا ربما لفائدة نتنياهو، لكن أنت تعرف يا ياريف أن هذا ليس لمصلحة البلد، وأنت أقسمت بالولاء للدولة وليس لمصلحة شخص معين."
وجاءت تصريحات بينت هذه بعد أن عقد رؤساء أحزاب ائتلاف "حكومة التغيير" أمس جلسة عمل في فندق دان في تل أبيب أعربوا خلالها عن قلقهم حيال حملة التحريض الممنهجة المنطلقة من جانب حزب الليكود وناشطيه.
وقالت مصادر شاركت في الاجتماع إن بينت أعلن فيه أن أعضاء الكنيست من "يمينا"، باستثناء عضو الكنيست عميحاي شيكلي، سيصوتون لمصلحة تأليف "حكومة التغيير"، وهو ما يعني أنها ستحصل على ثقة الكنيست، وإن بأغلبية ضئيلة.
ويضم الائتلاف الحكومي الجديد ثمانية أحزاب من مختلف الأطياف السياسية، وهي أحزاب اليمين "يمينا" و"أمل جديد" وإسرائيل بيتنا"، وحزبا الوسط "يوجد مستقبل" وأزرق أبيض، وحزبا اليسار الصهيوني العمل وميرتس، وحزب راعم الإسلامي [القائمة العربية الموحدة]. ومن المقرر أن يشغل بينت منصب رئيس الحكومة حتى أيلول/سبتمبر 2023، ليخلفه رئيس "يوجد مستقبل" يائير لبيد بعد ذلك لمدة سنتين.
قال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إنه يعارض إجراء مسيرة الأعلام في البلدة القديمة من القدس الشرقية يوم الخميس المقبل.
وأكد غانتس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الأحد)، أن تنظيم المسيرة في التوقيت الحالي يمكن أن يضر بإجراءات سياسية ويجر البلد والمناطق [المحتلة] إلى حالة أُخرى من التوتر.
ووجّه رئيس حزب "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش انتقادات إلى غانتس وقال إنه وزير دفاع جبان يرضخ للإرهاب.
وعُلم أمس بأن الشرطة لم تصادق بعد على هذه المسيرة التي دعا اليها ناشطون من اليمين، والتي تأتي بدلاً من تلك التي كان من المقرّر أن تجري في يوم ذكرى توحيد شطريْ القدس قبل عدة أسابيع وتم إلغاؤها بسبب الوضع الأمني في القدس الشرقية.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن حزب الليكود سيعارض بشدة إقامة "حكومة التغيير" التي وصفها بأنها حكومة الاحتيال والخنوع، وتعهّد بأن يعمل حزبه على إسقاطها في أسرع وقت ممكن إذا ما تمّ تأليفها فعلاً، مؤكداً أنها حكومة يسار متطرفة خطرة تستند إلى داعمي الإرهاب، وفي حال الموافقة عليها فإن ائتلافها سيكون نتيجة أكبر احتيال انتخابي في تاريخ إسرائيل.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته كتلة الليكود في الكنيست أمس (الأحد): "عندما نتحدث عن حكومة يسارية خطرة نقصد حكومة ستخسر النقب [جنوب إسرائيل]، ولا تستطيع مقاومة مطالب الولايات المتحدة بتجميد البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وكذلك في القدس، ولن تقاوم إعادة فتح قنصلية أميركية للفلسطينيين في قلب القدس، وبذلك تعيد موضوع تقسيم القدس إلى جدول الأعمال."
كما أشار نتنياهو إلى أن الحكومة المرتقبة لن توافق على أي عمليات جريئة خلف خطوط العدو في إيران بعد أن يتم إبرام اتفاق لإعادة انضمام الولايات المتحدة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه سنة 2015، والذي عارضه بشدة. وقال إن حكومة يسارية متطرفة تعتمد على مؤيدي الإرهاب لا يمكنها محاربة الفصائل الفلسطينية في غزة أو المحكمة الجنائية الدولية بطريقة صحيحة إذا ما تحركت لتوجيه اتهام إلى الجنود الإسرائيليين بارتكاب جرائم حرب.
وحث نتنياهو أعضاء الكنيست اليمينيين في الأحزاب المعارضة له على رفض هذه الحكومة التي تعرّض إسرائيل لخطر لم تعرفه منذ أعوام عديدة.
من ناحية أُخرى قال نتنياهو إنه يدين كل أشكال التحريض والعنف، لكنه في الوقت عينه أكد أن الآخرين يصمتون عندما يكون هناك تحريض ضد اليمين وضده شخصياً أو ضد عائلته.
وادّعى نتنياهو أن معسكر اليمين يتعرض للهجوم بصورة غير منصفة بسبب انتقاده لخصومه السياسيين. وقال: "لا يمكن التعامل مع الانتقاد من اليمين على أنه تحريض والانتقاد من اليسار على أنه فعل مشروع لحرية التعبير. هذه محاولة لتصوير اليمين على أنه شيء عنيف وخطر على الديمقراطية."
كما وجّه رئيس الحكومة انتقادات إلى موقعيْ "فايسبوك" و"تويتر" بعد أن تم حظر حسابات بعض الشخصيات اليمينية، بمن فيهم نجله يائير، ووصف نتنياهو هذا الحظر الموقت بأنه محاولة لإسكات اليمين.
وكان رئيس الكنيست ياريف ليفين افتتح جلسة كتلة الليكود فوصف "حكومة التغيير" بأنها حكومة اليسار المتطرف.
وقال ليفين: "ثمة حكومة جديدة على وشك أن تؤلَّف وهي قائمة على الكراهية الشديدة، ليس فقط تجاه رئيس الحكومة، لكن تجاه جميع القيم التي ندافع عنها. هذه الحكومة ستكون عاجزة أمام إيران، وستوقف الاستيطان في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]."
وكانت مصادر مقربة من ليفين ذكرت في وقت سابق أمس أنه يدرس تحديد موعد لجلسة الكنيست التي ستصادق على الحكومة الجديدة، إمّا يوم الأربعاء القادم وإمّا يوم الإثنين في 14 حزيران/يونيو.
وأضافت هذه المصادر أنه من المتوقع أن يبلّغ ليفين الكنيست اليوم (الإثنين) إعلان رئيس "يوجد مستقبل" يائير لبيد في الأسبوع الفائت نجاحه هو وشركاؤه في تأليف حكومة تحظى بأغلبية أصوات أعضاء الكنيست.
وبموجب القانون، أمام ليفين مدة أسبوع لجدولة التصويت بشأن الثقة بالحكومة الجديدة. ويتوقع الكثيرون أن يستغل هذه المدة بكاملها من أجل منح نتنياهو وشركائه السياسيين الحدّ الأقصى من الوقت لمحاولة إفشال إقامتها.
في خطوة تُعتبر نادرة حذّر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] نداف أرغمان من التصعيد الخطر في خطاب التحريض العنيف، وخصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال أرغمان في بيان نشره مساء أمس (السبت)، إن هذا الخطاب قد يفسَّر في أوساط مجموعة معينة أو عند أشخاص بأنه يتيح نشاطات عنيفة وغير قانونية، ومن المحتمل أن تصل نشاطات كهذه حتى إلى سفك الدماء والإضرار بالأرواح.
وأضاف أرغمان: "إلى جانب المسؤوليات المفروضة على جهاز الشاباك، بالإضافة إلى أجهزة إنفاذ القانون الأُخرى، تُفرض مسؤولية ثقيلة في هذه الأيام على ممثلي الجمهور من كل الطيف السياسي، وكتّاب الرأي ورجال الدين والمعلمين وكل مواطني إسرائيل"، مشيراً إلى أن "مسؤولية تهدئة الأرواح وكبح النقاش تقع على أكتاف الجميع."
ويُعتبر بيان رئيس جهاز "الشاباك" استثنائياً، ولم يسبق له أن أصدر بياناً مشابهاً، وهو يأتي غداة تشديد الحراسة على أعضاء كنيست من أحزاب اليمين، الذين قرروا دعم "حكومة التغيير" المناوئة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتنياهو. وكان اليمين الإسرائيلي المؤيد لنتنياهو دعا إلى تظاهرات قبالة منازل أعضاء الكنيست نفتالي بينت وأييلت شاكيد ونير أورباخ من حزب "يمينا".
وعقّب وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس على بيان أرغمان في حسابه على موقع "تويتر" قائلاً: "يبدو أننا لم نستخلص العبر اللازمة من أحداث الماضي. إن مَن يحاول سلب شرعية مسارات ديمقراطية أساسية يتحمل أيضاً المسؤولية."
ووصفت عضو الكنيست تمار زاندبرغ من حزب ميرتس البيان بأنه "جرس إنذار لنتنياهو وأتباعه."
وأعاد تحذير أرغمان إلى أذهان البعض في إسرائيل الفترة التي سبقت اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق يتسحاق رابين سنة 1995 برصاص ناشط يهودي يميني متطرف على خلفية سعيه للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
- ردُّ بنيامين نتنياهو على ازدياد التحريض ضد السياسيين، الذي حذّر منه رئيس الشاباك نداف أرغمان يوم السبت، هو بمثابة إعطاء ضوء أخضر لأنصاره للاستمرار في التحريض.
- تحدث أرغمان عن "تصاعُد العنف والتطرف في الخطاب العنيف والتحريضي"، الذي يتضمن "دعوات إلى العنف والاعتداء الجسدي". وتابع محذراً "هذا الخطاب يمكن أن يُفسَّر في وسط مجموعات معينة أو لدى أفراد بأنه يسمح بأعمال عنيفة غير قانونية يمكن أن تصل إلى القتل." وفي الختام طلب أرغمان مساعدة نواب الجمهور وقادة الرأي العام ورجال الدين والمربين ومواطني إسرائيل، وإصدار "دعوة واضحة وصارمة إلى الوقف الفوري للخطاب التحريضي والعنيف."
- هذا كله لا يعني شيئاً بالنسبة إلى نتنياهو الذي يعتبر أن الأهداف تبرر دائماً كل الوسائل. وبدلاً من إدانة التحريض والتهديدات التي تتعرض لها شخصيات عامة عموماً، وأعضاء الكنيست نفتالي بينت وأييليت شاكيد وسائر أعضاء حزب يمينا خصوصاً- كل ذنبهم أنهم انضموا إلى حكومة التغيير- وأن يوضح بصوت عالٍ وواضح لا لبس فيه أن هذه ليست هي الطريق، أنكر نتنياهو اتهامه بالتحريض، لا بل أعطاه ضوءاً أخضر حين أشار إلى الصحافيين الذين من المشروع ضربهم.
- فقد أوضح أن "حرية التعبير ليست تحريضاً. لا يمكن التعامل مع انتقادات اليمين كتحريض، ومع انتقادات اليسار كعمل مشروع للتعبير عن حرية الرأي. هذه محاولة لتصوير اليمين كشيء عنيف وخطر على الديمقراطية." وبصورة بروتوكولية أضاف إدانة ضعيفة لكل "تحريض وعنف من أي طرف"، وسارع إلى تقديم نفسه وزوجته كضحايا للتحريض.
- ما يجري هو عملية إجرامية وتلاعُب بالمشاعر هدفها تحويل الانتباه عن مصدر الحريق والخطر. وبعكس ما قاله نتنياهو، للعنف الجسدي والسياسي في إسرائيل اتجاه واحد: من اليمين نحو اليسار. والدليل أنه بينما كان أرغمان يُصدر تحذيره نشر كبار الحاخامين في الصهيونية الدينية، وبينهم الحاخامون حاييم دروكمان وشلومو أفينر وشموئيل إلياهو، رسالة علنية عنوانها: "دعوة من حاخامي إسرائيل"، دعوا فيها "إلى بذل كل ما يمكن لمنع قيام هكذا حكومة". منذ أيامِ يغآل عامير [قاتل يتسحاق رابين] الكل يفهم ماذا يعني بذل "الكل"، على الرغم من أن الحاخامين نشروا في اليوم التالي مقاطع من شريط ڤيديو أوضحوا فيها أنهم لم يقصدوا بأي صورة العنف، وأن العنف موجود فقط في رأس مَن يحذّرون منه. ليخبروا يتسحاق رابين بذلك.
- لا يكفي الحديث بالقطارة عن العنف من "كلا الجانبين". ويتعين على أرغمان وعلى الشرطة الإسرائيلية استخدام كل الوسائل لديهما لمنع سفك دماء والدفاع عن الذين يتعرضون للتهديد، والذين هم من معسكر واحد - معسكر التغيير - من تهديدات المعسكر الآخر – معسكر نتنياهو.
- في المؤسسة الأمنية يقدّرون أن الأحداث المضطربة المرتقبة هذا الأسبوع في القدس يمكن أن تؤذي العلاقات التي يجري العمل على إعادة بنائها بين إسرائيل وإدارة بايدن. وبالاستناد إلى مصدر أمني رفيع المستوى، تتخوف الولايات المتحدة من مسيرة الأعلام، ومن أحداث أُخرى يمكن أن تؤدي إلى تأجيج مشاعر الفلسطينيين، وأن تعرّض للخطر وقف إطلاق النار الهش بعد عملية "حارس الأسوار"، الذي وظفت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة من أجل التوصل إليه. خلال الزيارة القصيرة التي قام بها وزير الدفاع بني غانتس في نهاية الأسبوع إلى واشنطن، أوضح له مضيفوه اهتمامهم بإعادة بناء علاقات ثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة والفلسطينيين، وليس مفاقمة المواجهات، ومن المعقول الافتراض أنه إذا تصرفت إسرائيل بخلاف رغبتهم، فإنها يمكن أن تخرّب العلاقات مع إدارة بايدن.
- بشأن كل ما يتعلق بعملية "حارس الأسوار" في قطاع غزة وما تلاها، وجد غانتس في واشنطن تفهماً كبيراً لحاجات إسرائيل الأمنية ورؤيتها للخطوات المقبلة بشأن الموضوع النووي الإيراني. وأوضح وزير الدفاع الأميركي أيضاً التزام إدارة بايدن، مثل سابقتها، بالمحافظة على التفوق النوعي -العسكري الإسرائيلي في مواجهة التهديدات الإقليمية وإيران ووكلائها ومجموعات مسلحة أُخرى. المؤشر إلى ذلك استعداد الولايات المتحدة لإعطاء إسرائيل ما تريد في مجال السلاح الدقيق، الجوي والبري.
- كما أشار غانتس إلى التزام إدارة بايدن بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد صواريخ تُطلَق عشوائياً من غزة على مواطنين إسرائيليين. وهذه إشارة واضحة إلى أن إدارة بايدن لا تؤيد تلقائياً كل عملية عسكرية تقرر إسرائيل تنفيذها. التأييد الأميركي مضمون فقط عندما تتحرك إسرائيل للدفاع عن نفسها ضد اعتداءات تستهدف جبهتها الداخلية المدنية والمواطنين العزّل. في مثل هذه الحالة ستقدم الولايات المتحدة لإسرائيل دعماً سياسياً وعسكرياً ومعنوياً أيضاً كما فعلت في العملية الأخيرة. لكن ما لم يُقَل – والذي لا يقلّ أهمية - هو أن تأييد الولايات المتحدة لإسرائيل ليس في جميع الحالات وليس من دون شروط، وهذا مثير للاهتمام.
- وزير الدفاع الأميركي كرر طبعاً تعهُّد الرئيس بايدن ملء مخازن المنظومة الاعتراضية لصواريخ القبّة الحديدية مجدداً، والذي نقص في الجولة الأخيرة، لكنه لم يتعهد تأييد الشروط التي وضعتها إسرائيل لإعادة إعمار غزة (المحافظة على الحد الأدنى من الوضع الإنساني في غزة، والرد بضراوة على كل خرق لاتفاق وقف إطلاق النار من طرف "حماس" والتنظيمات الأُخرى في القطاع، واشتراط إعادة إعمار غزة بحل قضية الأسرى والمفقودين، وتعزيز السلطة الفلسطينية).
- في المقابل، حرص وزير الدفاع الأميركي على أن يوضح للحكومة الحالية في القدس، وأيضاً للحكومة المقبلة، أن بايدن يؤيد حل الدولتين، لكن أوستين شدّد على أن هذا يمكن أن يحدث فقط بعد عملية متواصلة من بناء الثقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين. بحسب أوستين، ليس لدى الولايات المتحدة رغبة في الضغط على إسرائيل في مسألة حل النزاع، لكن ذلك يمكن أن يحدث في المستقبل.
- لقد تجاهل غانتس كلام أوستين الواضح على ما يبدو كي لا يمس بفرص تأليف حكومة التغيير مع بينت وساعر. في الوقت عينه اقترح غانتس على الأميركيين تعلّم الأساليب التي استخدمتها إسرائيل في غزة ونجحت بواسطتها في ضرب الأهداف الاستراتيجية لـ"حماس" بدقة، مع التسبب بأقل ضرر ممكن للسكان الأبرياء. في نهاية الاجتماع لمّح أوستين إلى أن إدارة بايدن تؤيد بصورة غير مباشرة الحكومة الجديدة التي ستؤلَّف وتتمنى لها النجاح. غانتس الحذِر قال شكراً، مكتفياً بذلك.
- السبب الأساسي لدعوة غانتس هو على ما يبدو الانطباع لدى كبار المسؤولين الأميركيين بأن الاتفاقات النهائية مع الإيرانيين تقترب، والولايات المتحدة تريد حماية نفسها من الناحيتين السياسية والعسكرية. وبينما تدرك إسرائيل أن إيران والشرق الأوسط لم يعودا على رأس سلّم أولويات واشنطن، تتخوف إدارة بايدن من الانتقادات التي ستوجَّه إليها من جانب أنصار الحزب الجمهوري الذين يعارضون عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب. لإحباط هذه الانتقادات يريد بايدن أن يثبت أنه تشاور مع إسرائيل وأخذ برأيها في أثناء المفاوضات الدائرة في ڤيينا بشأن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران. السبب الثاني لهذه الدعوة هو إدراك الولايات المتحدة أن لدى إسرائيل قدرات عملانية واستخباراتية تسمح لها بتصعيد التوتر في الخليج الفارسي وتحدّي الإيرانيين، الأمر الذي يمكن أن يمس بالمفاوضات الدائرة بوساطة من الاتحاد الأوروبي.
- الأميركيون يريدون مفاوضات سريعة، وبعد الانتخابات الرئاسية في إيران في 18 حزيران/يونيو الجاري يتخوفون من أن يضع الرئيس المقبل- في حال فوز المرشح المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي- عراقيل في وجه الاتصالات. الهدف الثالث للأميركيين هو إجراء محادثات نزيهة مع إسرائيل قبل إنهاء الاتفاق من دون التعهد أنهم سيقبلون مشورة إسرائيل التي تتخوف من بنود خفية في الاتفاق الذي يجري العمل عليه تمس بأمنها.
- المفاجىء كان غانتس الذي أوضح لنظيره الأميركي لويد أوستين ولوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إسرائيل لا تعارض - بالتأكيد ليس علناً - استئناف الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، بل تطالب فقط بإدخال تحسينات وتعديلات تجعله أفضل وأكثر نجاعة وأقل عرضة لخرق القيود المفروضة على التطوير النووي والصواريخ، مسألةٌ الإيرانيون خبراء فيها. مع ذلك أضاف غانتس تحفظاً يتفق فيه مع تصريح بنيامين نتنياهو في الأسبوع الماضي وهو أن إسرائيل ستواصل العمل بصورة مستقلة لإحباط المشروع النووي الإيراني وضربه حتى بعد التوصل إلى اتفاق بين الدول العظمى وبين إيران.
- قال غانتس في تصريحاته العلنية بعد الاجتماع بوزير الدفاع الأميركي إن "إسرائيل ستواصل تطوير قدرات تسمح لها بالدفاع عن نفسها في ضوء خطورة التهديد"، وهو بذلك يلمّح إلى الولايات المتحدة بأنها إذا لم تعط إسرائيل ما تريده في المجال الأمني المتعلق بإيران، فإن إسرائيل ستفعل ذلك بنفسها. لكن في الوقت عينه أكد غانتس لمحاوره إنه بعكس نتنياهو (وأيضاً حكومة التغيير التي ربما ستؤلَّف في إسرائيل) ينوي إجراء حوار مع الإدارة الأميركية على الرغم من عدم الاتفاق معها، من دون وسائل إعلام، ومن دون خطوات تحريضية.
- وتعهد غانتس بـ"حوار مفتوح داخل أبواب مغلقة" لا يحرج الإدارة الحالية ولا يقدم ذخيرة لخصوم بايدن السياسيين. لا شك في أن المواقف التي عبّر عنها غانتس في واشنطن تم تنسيقها مع نتنياهو الذي وافق على ما يبدو على وقف المواجهة الصاخبة والإعلامية مع إدارة بايدن. من المحتمل أيضاً أن هذه هي النصيحة التي قدمها له رئيس الموساد المنتهية ولايته يوسي كوهين الذي يؤيد أيضاً تخفيف التصعيد مع الولايات المتحدة ولا يرى فائدة من معارضة جارفة لاستئناف الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران. يدرك كوهين، بحسب المقربين منه، أن من الأفضل الآن تحسين الاتفاق لا محاولة إلغائه. ومن المعقول أنه جرى تبليغ لبيد وبينت بالمواقف التي سيعرضها غانتس في واشنطن ووافقا عليها.
- وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين لم يخفِ الخلافات في الرأي بين الإدارة الأميركية الحالية في واشنطن وبين إسرائيل. وقال في تصريح له بعد محادثاته الطويلة مع غانتس إنها كانت "محادثات بناءة وصريحة"، اختار تحديداً كلمة frank التي تدل في اللغة الدبلوماسية على الاختلاف في الآراء بين الطرفين.
- يظهر من كلام أوستين وجود خلافات بين الإدارة الأميركية الحالية وبين الحكومة الإسرائيلية الحالية في نقطتين مركزيتين: الأولى تتعلق بإيران - الأميركيون استمعوا وسجلوا ملاحظات غانتس ويوسي كوهين ومائير بن شبات المتعلقة بالاتفاق الآخذ في التبلور في ڤيينا - لكنهم لم يتعهدوا الأخذ بها وتطبيقها. أحد المطالب الإسرائيلية التي طُرحت منع تصنيع صواريخ قادرة على حمل رأس حربي نووي، وهذا اقتراح إسرائيلي من عدة اقتراحات لتحسين الاتفاق مع إيران لم يتعهد الأميركيون الموافقة عليه. ويبدو أنهم عرضوا على غانتس مسودة الاتفاق الذي جرت بلورته واستمعوا إلى ملاحظاته وملاحظات مساعديه.
- النقطة الثانية موضع الخلاف تتعلق بالمساعدة الأميركية للقدرات الإسرائيلية لضرب إيران. بخلاف إدارة ترامب وأوباما، اللتين عبّرتا عن استعدادهما الكبير لمساعدة إسرائيل على العمل لإحباط وعرقلة مشروع السلاح النووي الإيراني، فإن الإدارة الحالية في واشنطن ليست مستعدة للتعهد بمساعدة إسرائيل على تطوير قدرات تسمح لها بضرب المشروع النووي الإيراني والصواريخ الإيرانية. وليس المقصود هنا قدرات سرية بل قدرات عملانية وعسكرية تريد إسرائيل التزود بها من الولايات المتحدة في حال قفزت إيران نحو سلاح نووي.
- سلسلة الاجتماعات القصيرة والمكثفة التي أجراها غانتس في واشنطن سمحت بالتقدير أن الإدارة الأميركية وإسرائيل مهتمتان بفتح صفحة جديدة في العلاقات، وعلى ما يبدو سيكون الحوار القاسم المشترك والأساسي الذي سيجري عليه بناء منظومة العلاقات الجديدة بين واشنطن والقدس. شكلت المحادثات في نهاية الأسبوع الماضي في واشنطن نموذجاً واضحاً عن الطريقة التي بواسطتها تملأ الدبلوماسية العسكرية والأمنية الفراغ الذي تشهده الدبلوماسية التقليدية بعد العداء الواضح بين الإدارة الجديدة وبين نتنياهو.