مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس: "على لبنان أن يعلم بأن ما شهدته غزة ليس سوى القليل مما قد يشهده"
رجال أعمال إسرائيليون يتحدثون عن برودة في التعامل معهم في الإمارات
بعد ضغط من وزير الدفاع والمستشار القانوني للحكومة: المجلس الوزاري المصغر سيبحث موضوع مسيرة الأعلام
تقرير: السماح بمسيرة الأعلام في الحي الإسلامي في القدس سيكون مثل رمي عود ثقاب مشتعل في مكان طافح بالوقود
مقالات وتحليلات
لا تكرروا الأخطاء التي ارتكبناها في حرم المسجد الأقصى
"حارس الأسوار" من الزاوية التركية: أردوغان هو "درع فلسطين"؟
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 7/6/2021
غانتس: "على لبنان أن يعلم بأن ما شهدته غزة ليس سوى القليل مما قد يشهده"

قال وزير الدفاع بني غانتس في حفل توزيع وسام "المعركة" على الذين قاتلوا في الحزام الأمني في الجنوب اللبناني، والذي أُقيم يوم الإثنين في قاعدة غاليلوت، بمناسبة مرور 21 عاماً على الانسحاب من الجنوب اللبناني، بحضور رئيس الأركان أفيف كوخافي: "إذا وُجدت في لبنان زعامة قادرة يمكن التوصل إلى تعاون اقتصادي وعلاقات جوار حسنة بين الشعبين، وحتى إلى السلام." وتابع: "إسرائيل ستكون مستعدة دائماً للدفاع عن مواطنيها، وستستخدم دائماً كل الوسائل لديها من أجل استعادة أبنائها، في لبنان وغزة وفي كل مكان. على لبنان أن يعلم بأن ما شهده قطاع غزة قبل أسابيع هو فقط النزر القليل مما قد يشهده." وتطرّق إلى تهديدات حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله قائلاً: "الحرب التي ستنشب مع لبنان ستدور في الأساس في أراضي العدو والضرر سيكون كبيراً ومؤلماً وواسعاً." وتابع غانتس: "في الأعوام الماضية لم ينجح لبنان في السيطرة على ما يجري داخل حدوده." وهدد: "كل مَن يخبىء مخزناً للسلاح في منزله يعرّض حياة أولاده للخطر. وكل مَن يطلق الصواريخ من فناء منزله يعرّض جيرانه للخطر. مَن تسلّحه إيران ويحاول أن يعمل في مواجهة إسرائيل في المجال الجوي عموماً سنجده وسنسقطه في المكان والزمان اللذين نختارهما. الدولة التي تحمي تنظيماً مسلحاً تخون مواطنيها وتتنكر لحقهم في العيش برخاء وأمن."

تجدر الإشارة إلى أن وسام المعركة سيوزَّع على جنود وقادة وعاملين في الجيش وعلى قدامى مقاتلي [جيش لبنان الجنوبي] الذين شاركوا في الخدمة العسكرية منذ 30 أيلول/سبتمبر 1982 وحتى 24 أيار/مايو 2000، وعلى الوحدات التي قاتلت في لبنان أو ساهمت في ذلك بصورة مباشرة.

"يديعوت أحرونوت"، 8/6/2021
رجال أعمال إسرائيليون يتحدثون عن برودة في التعامل معهم في الإمارات

يرى رجال أعمال إسرائيليون يعملون في الإمارات منذ توقيع اتفاقات التطبيع مع دولة الإمارات في البيت الأبيض في أيلول/سبتمبر العام الماضي، أن التقارب الذي شعروا به في السنة الماضية انتهى. وفي رأيهم، التوترات الأخيرة في القدس والحرم وعملية "حارس الأسوار" أدت إلى نهاية شهر العسل.

وقال رجل أعمال إسرائيلي ناشط جداً في دبي وسافر خلال النصف السنة الأخيرة إلى هناك 10 مرات: "حتى الآن في كل مرة أتيت فيها وطلبت اجتماعاً كانت كل الأبواب تُفتح فوراً، والاستقبال كان حاراً جداً ومتعاوناً. لكن منذ التوترات شعرت ببرودة، فجأة لم يعد لديهم وقت للاجتماع، فيتهربون منا ولم نعد نعجبهم."

ويعتقد رجال أعمال إسرائيليون أن الأجواء تغيرت بعد الأحداث الأمنية في الشهر الماضي. ويقول أحدهم: "ليس هذا لأنهم يحبون "حماس"، قطعاً لا. لكن المشاهد في المسجد الأقصى صدمتهم. وما دامت ذكرى الأحداث لا تزال طرية في أذهانهم من الصعب عودة الأعمال إلى طبيعتها. هذا سيستغرق وقتاً حالياً. الإماراتيون لا يريدون أن يظهروا الآن  أنهم  يجرون أعمالاً مع إسرائيليين."

وذكرت مصادر سياسية مضطلعة على العلاقات مع الإمارات أن هذا الكلام صحيح، لكنه محدود جداً، ولا يظهر على المستوى الرسمي وفي الاتصالات بين الدولتين.

 

قناة "كان الإخبارية"، 8/6/2021
بعد ضغط من وزير الدفاع والمستشار القانوني للحكومة: المجلس الوزاري المصغر سيبحث موضوع مسيرة الأعلام

سيبحث المجلس الوزراي المصغر اليوم مسيرة الأعلام بعد أن أوضح المستشار القانوني للحكومة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الداخلي أمير أوحنا أن تغيير قرار الشرطة بشأن المسيرة يجب أن يكون قراراً سياسياً.

وخلال نقاش جرى ليلاً بحضور رئيس الحكومة أوضح قادة الأجهزة الأمنية أن هذه المسيرة يجب ألاّ تجري في الوقت الحاضر وضمن المخطط الذي وضعه المنظّمون لها. هذا الموقف دفع الشرطة إلى إلغاء المسيرة. وفي ختام الاجتماع طُلب من القائد العام للشرطة أن يقدم بدائل من المسيرة، وأن يطرحها على المستوى السياسي.

وبعد إعلان عدد من أعضاء الليكود في الكنيست وعضو الكنيست إيتمار بن غفير نيتهم المشاركة في المسيرة المخطَّط لها أن تمر بالقرب من بوابة نابلس، قال مصدر في الإدارة الأميركية  إن الأميركيين يعتقدون أنه من المهم جداً أن تمتنع الأطراف كلها من القيام بخطوات يمكن أن تزيد في التوتر. كما غرّد الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط قائلاً : "في ضوء وقف إطلاق النار الهش يجب على الطرفين الامتناع من القيام بخطوات استفزازية أحادية الجانب."

"هآرتس"، 7/6/2021
تقرير: السماح بمسيرة الأعلام في الحي الإسلامي في القدس سيكون مثل رمي عود ثقاب مشتعل في مكان طافح بالوقود

في انتظار قرار المجلس الوزاري المصغر بشأن السماح لمسيرة الأعلام يوم الخميس، يدّعي منظّمو مسيرة الأعلام الجديدة من أتباع حزب الصهيونية الدينية أن مسيرتهم هي تحرّك سياسي عادي يحفظه قانون التعبير عن حرية الرأي. لكن إصرارهم على المرور في الحي الإسلامي يدل على نواياهم الحقيقية: محاولة إلقاء عود ثقاب مشتعل في قلب بخار الوقود المتجمع في القدس.

يزداد قلق إدارة بايدن من الوضع في القدس، ومن أن يؤدي التصعيد من جديد إلى جرّ إسرائيل و"حماس" إلى مواجهة إضافية في قطاع غزة كما حدث قبل شهر في عملية "حارس الأسوار". وقد طرح الأميركيون مخاوفهم هذه خلال اجتماعاتهم بوزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس في الأسبوع الماضي.

وكان غانتس أجرى مشاورات في نهاية يوم السبت مع كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية دعا في ختامها إلى تغيير مسار مسيرة الأعلام المخطَّط لها. وأجرى القائد العام للشرطة أمس تقديراً للوضع مع كبار المسؤولين في إقليم القدس في هذا الشأن أيضاً. بينما قالت مصادر سياسية إن الوضع الأمني عاد إلى طبيعته، وبالتالي يمكن القيام بالمسيرة، بحسب المسار الذي قُدّم للشرطةـ وتقدّر مصادر أمنية أن القائد العام للشرطة يدرك أن القرار الصحيح هو إبعاد المشاركين في المسيرة عن الحي الإسلامي وتغيير مسارها.

في تقدير المؤسسة الأمنية أن الوضع في القطاع لا يزال حساساً للغاية، وأن زعيم "حماس" يحيى السنوار يبحث عن ذريعة للتصعيد من جديد، ويمكن أن يجد في أحداث القدس هذه الذريعة.

في هذه الأثناء لا تزال إسرائيل تحاول  أن تفرض على "حماس" ترتيبات جديدة بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار، منها منع دخول المال القطري إلى القطاع إلّا بواسطة السلطة الفلسطينية. ترفض "حماس" ذلك، كما تشعر بالقلق من الخطوات الإسرائيلية الرامية إلى تقليص دخول البضائع عبر المعابر ومحاولتها الربط بين التخفيف من الحصار وبين تحقيق تقدُّم في صفقة إطلاق سراح الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في القطاع. ورأى مصدر أمني إسرائيلي أن فرص حدوث تصعيد جديد في القطاع هي بنسبة 50%.

وهكذا بصورة مقصودة جزئياً نشأت حركة مثل الكماشة؛ من جهة، عنف في القدس وتوتر متزايد في القطاع، ومن جهة ثانية ضغط كبير على أعضاء حزب يمينا في الكنيست لدفعهم إلى  الانشقاق عن الائتلاف الآخذ في التشكل، وفي الخلفية التهديدات العنيفة ضدهم. والنتيجة التي نحصل عليها تهديد واضح للعملية الديمقراطية لتأليف الحكومة.  

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يسرائيل هَيوم"، 7/6/2021
لا تكرروا الأخطاء التي ارتكبناها في حرم المسجد الأقصى
يوسي بيلين - عضو كنيست سابق
  • على الرغم من فشل قمة كامب ديفيد التي عُقدت في تموز/يوليو 2000، وعلى الرغم من أن السبب الأساسي لذلك هو عدم الاتفاق على مستقبل الحرم القدسي، إلّا إن رئيس المعارضة آنذاك أريئيل شارون قرر القيام بزيارة إلى الحرم مع أعضاء كتلة الليكود.
  • على ما يبدو كان هدف شارون "فحص التجديدات التي قام بها الوقف الإسلامي للموقع"، لكن مغزى الزيارة لم يكن خافياً عن الأعين: من الواضح أن شارون كان يسعى للتسبب بالاستفزاز وتقديم نفسه كمدافع عن الأماكن المقدسة من دون أن يتحمل مسؤولية ما يمكن أن تسببه هذه الزيارة.
  • السؤال الذي كان مطروحاً على حكومة إيهود باراك آنذاك، هل تسمح لشارون بالقيام بالزيارة على الرغم من معرفتها بأن نتائجها ستكون وخيمة، أم تمنعها، وبذلك تفتح الباب أمام انتقادات المعارضة بشأن كم الأفواه ومنع زيارة أعضاء الكنيست تحديداً إلى الحرم، بينما تسمح للآخرين بذلك.
  • رئيس السلطة آنذاك ياسر عرفات التقى باراك في 25 من ذلك الشهر في محاولة لإقناعه بمنع زيارة شارون. وكانت رسالته أنه سيكون من الصعب جداً كبح النار التي ستشتعل في مناطق السلطة. رئيس الحكومة لم يعطِه جواباً إيجابياً.
  • يومها قدّرت الشرطة أنها تستطيع مرافقة الزيارة ومنع المواجهات مع المسلمين في الحرم. القائد العام للشرطة قال يومها علناً "لو قدّرت الشرطة مدى خطورة زيارة شارون لكانت منعتها"، لكن هذا لم يحدث. لم نتخذ قراراً سياسياً. أبقينا التقدير في يد الشرطة لأن هذا كان أسهل في تلك الفترة، لكن لاحقاً تبين لنا أننا أخطأنا.
  • ما حدث بعد ذلك هو من التاريخ. في 28 أيلول/سبتمبر 2000 زار شارون الحرم برفقة أعضاء الكنيست من الليكود ونحو ألف شخص كانوا هناك، معظمهم من رجال الشرطة. خلال الزيارة رشق العرب الشرطة بالحجارة، وهو ما أدى إلى جرح عشرة من أفرادها وعشرين فلسطينياً. الزيارة التي كان من المفترض أن تستغرق 45 دقيقة توقفت. في اليوم التالي وقعت أعمال احتجاج كبيرة بعد صلاة يوم الجمعة. فقد خرج المسلمون الغاضبون من الصلاة ورشقوا ساحة الحائط الغربي التي جرى إخلاؤها بالحجارة. استخدمت الشرطة وسائل متعددة، بينها النار الحية، فاشتعلت المناطق الفلسطينية.
  • من الواضح أن ما جرى كان عود الثقاب الذي أشعل الانتفاضة الثانية ولم يكن سببها الابتعاد عن الاتفاق الدائم، ربما لولا الاستفزاز لكان من المحتمل جداً التوصل إلى تسوية قابلة للحياة تمنع الاشتباكات، لا أحد يعرف.
  • الهدف من مسيرة الأعلام يوم الخميس ليست الاحتفال، بل الرغبة في الاستفزاز، وأن من حقنا المرور مع أعلام إسرائيل في كل مكان في القدس. كما أراد شارون أن يثبت أن الحرم خاضع للسيادة الإسرائيلية وليس هناك مَن يمنعه من زيارته في أي وقت وعندما يشاء.
  • الأجواء التي خلقتها المواجهة الأخيرة مع "حماس" لا تزال مضغوطة. إشعال عود كبريت يوم الخميس يمكن أن يؤدي إلى تجدد إطلاق النار. يجب على حكومة إسرائيل منع ذلك وألّا تختبىء وراء الشرطة، فالمطلوب قرار سياسي. 
"مباط عال"، العدد 1483، 7/6/2021
"حارس الأسوار" من الزاوية التركية: أردوغان هو "درع فلسطين"؟
غاليا ليندنشتراوس ورامي دانيال - باحثان في معهد دراسات الأمن القومي
  • طوال عملية "حارس الأسوار" كانت تركيا من بين الدول التي انتقدت السياسة الإسرائيلية بشدة. وغرّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالعبرية على تويتر ودان "الهجمات الشنيعة" لإسرائيل على المسجد الأقصى. وتكرر اتهام إسرائيل بـ"الدولة الإرهابية" في تصريحات متّخذي القرارات في أنقرة. وفي إطار الانتقادات التركية، اتهم أردوغان الرئيس الأميركي جو بايدن بأن "يديه ملطخة بالدماء"، في سياق موافقته على صفقة السلاح مع إسرائيل.
  • بالإضافة إلى الخطاب الحاد أجرى أردوغان محادثات هاتفية بشأن الوضع مع زعماء العديد من الدول، في الأساس دول العالم الإسلامي (مع الأردن والكويت وقطر والسعودية والجزائر وباكستان وماليزيا)، وأيضاً مع الرئيس الروسي، ومع البابا. كما طُرح الموضوع خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي إلى الرياض بعد قطيعة استمرت 4 أعوام لم تشهد مثل هذه الزيارة بسبب التوترات بين الدولتين - من بين أمور أُخرى بسبب مقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في اسطنبول. كما استغلت تركيا وجود رئيس للجمعية العمومية للأمم المتحدة تركي الجنسية للدعوة إلى عقد جلسة طارئة للجمعية لبحث الأحداث التي تجري بين إسرائيل و"حماس". وفي لجنة منظمة التعاون الإسلامي دعا وزير الخارجية التركي إلى اتخاذ خطوات ملموسة لردع إسرائيل ودعم الفلسطينيين. وتحدث مولود جاويش أوغلو عن أن العالم الإسلامي سيرسل قوة دولية إلى القدس كي لا تتكرر الأحداث التي وقعت خلال شهر أيار/مايو في المدينة. وصرّح أردوغان: "إذا وقفنا لامبالين حيال القمع في فلسطين وسورية وليبيا وتركمانستان وكاراباخ، فسنجد الذين يتعرضون للقمع ذات يوم على عتبة أبوابنا." في أعقاب الأحداث سحبت تركيا الدعوة التي أرسلتها إلى وزير الطاقة الإسرائيلي لحضور مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي.
  • يمكن النظر إلى التشديد الكبير للحكومة التركية على جولة العنف بين إسرائيل والفلسطينيين كطريقة لتحويل انتباه الجمهور التركي عن مشكلات في الساحة الداخلية. بدأت التوترات في القدس في وقت كان الوضع الداخلي في تركيا حساساً للغاية. فالدولة كانت في حالة إغلاق كامل بعد موجة تفشٍّ شديدة لوباء الكورونا، ومع وضع اقتصادي متدهور جرّاء الانخفاض في قيمة الليرة التركية، وتداعيات الأزمة الصحية، والانتقادات التي وجهتها المعارضة إلى إدارة الأزمة الاقتصادية وعملية التلقيح التي تقوم بها الحكومة. التركيز على ما يجري بين إسرائيل والفلسطينيين سمح للرئيس وللحكومة بتحويل الانتباه عن نقاش الأمور الداخلية، وحتى إسكات الانتقادات الموجهة ضدها.
  • لكن بالإضافة إلى محاولات استغلال جولة العنف بين إسرائيل والفلسطينيين لأغراض سياسية داخلية-تركية، فإن المجتمع التركي، في أغلبيته الساحقة، وقف إلى جانب الفلسطينيين منذ بداية المواجهات. وسائل الإعلام المحلية التي عموماً لا تغطي أحداثاً دولية في العمق خصصت الكثير من الوقت لتغطية مراحل جولة العنف، وانتهجت خطاً معادياً لإسرائيل "القاتلة". وكان هناك توافق في الآراء في المنظومة السياسية، إذ إن الأحزاب كلها انتقدت إسرائيل بشدة.
  • ميزتان أساسيتان مهمتان برزتا في ردة فعل المنظومة السياسية التركية على اشتعال العنف في الساحة الإسرائيلية - الفلسطينية تتطلبان انتباهاً. الأولى، على الرغم من المفردات الحادة جداً التي استُخدمت في وصف إسرائيل وفي إدانتها من طرف الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي، فإنها لم تترافق مع دعوات إلى القضاء على إسرائيل، ولم تعبّر كلها عن إيمانها بحل الدولتين لشعبين بالاستناد إلى خطوط 1967. ثانياً، على الرغم من استخدام حركات اليسار التركي صيغاً مختلفة عن الصيغ التي استخدمتها الحكومة التركية، واستعمالها تعابير معادية للإمبريالية، إلّا إنها شاركت بصورة مطلقة في الدعوات "للدفاع عن القدس والأقصى". تدل هذه الظاهرة على نجاح الإسلام السياسي في تركيا على صعيد الوعي الذي حوّل الأقصى إلى موضوع قادر على تجنيد كل السكان الأتراك حتى هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم علمانيين.
  • على الرغم من كل الجهود الخطابية والدبلوماسية، إن تأثير أنقرة فيما يجري على الأرض خلال جولة العنف بين إسرائيل و"حماس" كان محدوداً. لم تتخذ السلطات التركية خطوات حادة للمسّ بإسرائيل: ولم يختَر الأتراك المسّ بالعلاقة التجارية بين الدولتين، فتركيا التي تتمتع بميزان تجاري إيجابي مع إسرائيل هي التي ستكون الأكثر تضرراً. وعلى الرغم من تهديدات وزير الخارجية التركي بأن الدول الإسلامية سترسل عند الحاجة قوة دولية إلى القدس، فإن إرسال قوات عسكرية محدودة، مثل سفن من سلاح البحر التركي إلى شواطىء غزة، سواء بمبادرة تركية فردية أو برعاية منظمة دولية، لا يزال سيناريو قليل الاحتمال. مع ذلك، المقارنة التي قام بها أردوغان بين ما يحدث بين إسرائيل والفلسطينيين وبين الوضع في سورية وليبيا وكاراباخ، الساحات التي تدخلت فيها تركيا عسكرياً، تستوجب انتباهاً. ليس هذا فقط، بل الدلائل الكثيرة على وجود نشطاء لـ"حماس" في تركيا التي تساعد الجهود العسكرية للحركة، تشكل مشكلة دائمة بالنسبة إلى إسرائيل. أيضاً الخطاب الحاد الذي يستخدمه مسؤولون رفيعو المستوى ووسائل الإعلام التركية له تأثير متراكم في صورة إسرائيل وحتى في داخلها وسط الجمهور العربي. بالنسبة إلى عمليات التسوية التي ستجري بعد وقف إطلاق النار، وخصوصاً إذا فشلت، ثمة حاجة إلى أن نأخذ خصائص التدخل التركي في منظومة الاعتبارات الإسرائيلية في مواجهة "حماس".
  • بعد التقارير التي تحدثت في الأشهر السابقة عن رغبة أنقرة في تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل، تدل التحركات التركية خلال جولة العنف على هشاشة هذه الآمال، وعلى حقيقة أن الخلافات بين القدس وأنقرة لا تزال على حالها.