مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مقتل شرطيين فلسطينيين وإصابة فلسطيني ثالث برصاص قوات إسرائيلية خلال عملية اعتقال "مطلوبيْن" في جنين
بن غفير يتظاهر في باب العمود وكتائب القسام تحذّر إسرائيل من مغبة المساس بالمسجد الأقصى
مصادر مسؤولة في سلطة الإطفاء والإنقاذ: الحرائق الضخمة في جبال القدس قد تكون متعمدة وعلى خلفية قومية
مقالات وتحليلات
المواجهة العسكرية مع "حماس" وقطاع غزة لم تضع أوزارها بعد
اضطرابات أيار/مايو 2021 وتداعياتها
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 11/6/2021
مقتل شرطيين فلسطينيين وإصابة فلسطيني ثالث برصاص قوات إسرائيلية خلال عملية اعتقال "مطلوبيْن" في جنين

قالت مصادر فلسطينية إن شرطيين في جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية قُتلا في أثناء عملية تبادل لإطلاق النار مع قوات إسرائيلية عملت في جنين في شمال الضفة الغربية فجر أمس (الخميس). كما قُتل في العملية نفسها فلسطيني ثالث يُشتبه في أنه ناشط في حركة الجهاد الإسلامي وكان هدفاً لعملية اعتقال إسرائيلية.

وأوضحت هذه المصادر أن تبادل إطلاق النار بدأ عندما سعت عناصر في الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب التابعة لحرس الحدود لاعتقال "مطلوبيْن" فلسطينيين بعد مطاردة خارج مقر قيادة الاستخبارات العسكرية التابعة للسلطة الفلسطينية في جنين، ولاحظ عنصران من الاستخبارات الفلسطينية كانا في مهمة حراسة حدوث عملية الاعتقال، إذ عملت القوات الإسرائيلية السرية من مركبة مدنية واختارا الاشتباك معها.

وقالت السلطة الفلسطينية إن عنصريْ الأمن الفلسطينيين القتيلين هما الملازم أدهم عليوي (23 عاماً) من سكان قرية زواتا قضاء نابلس، والنقيب تيسير العيسه (33 عاماً) من بلدة صانور قضاء جنين. والقتيل الثالث كان أحد هدفيْ العملية وهو جميل العموري، أما "المطلوب" الثاني فهو وسام أبو زيد الذي أصيب واعتُقل.

وذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أن عملية الاعتقال استهدفت "مطلوبيْن" من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية يُعتقد أنهما وراء سلسلة من هجمات إطلاق النار على قوات الأمن الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، وكانا مختبئين في المبنى المجاور لمجمع الاستخبارات العسكرية الفلسطينية. وأضافت أنه لم يُصَب أيّ من جنود القوة العسكرية الإسرائيلية في الحادث.

وقال الناطق بلسان رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن الحادث يُعتبر تصعيداً إسرائيلياً خطراً، وأشار إلى أن الفلسطينيين الثلاثة قُتلوا على أيدي عناصر من القوات الخاصة الإسرائيلية تنكروا كعرب خلال المداهمة. وطالب أبو ردينة المجتمع الدولي والولايات المتحدة بالتدخل لوقف مثل هذه الهجمات.

وجاء هذا الحادث بعد أقل من شهر على قيام جنود إسرائيليين بفتح النار على ضابطيْ استخبارات تابعيْن للسلطة الفلسطينية في أثناء توقفهما عند مفرق تبوح شمال الضفة الغربية لاعتقادهم بأنهما مشتبه بهما. وأسفر ذلك عن مقتل أحدهما وإصابة الآخر بجروح وُصفت بأنها حرجة.

"يديعوت أحرونوت"، 11/6/2021
بن غفير يتظاهر في باب العمود وكتائب القسام تحذّر إسرائيل من مغبة المساس بالمسجد الأقصى

حذّرت كتائب عز الدين القسّام الجناح العسكري لحركة "حماس" في قطاع غزة إسرائيل من مغبة المساس بالمسجد الأقصى في القدس الشرقية.

وقال المتحدث باسم كتائب عز الدين القسّام أبو عبيدة في رسالة نشرها على حسابه في "تلغرام" أمس (الخميس): "إن كتائب القسام وقيادة المقاومة تتابعان عن كثب ما يجري في القدس والمسجد الأقصى من محاولات استفزازية وعدوانية من المغتصبين وزعمائهم، وتحذّران من مغبة المساس بالأقصى وتحييان المرابطين الأحرار في القدس على تصديهم ومقاومتهم تدنيس الأقصى والعدوان عليه."

وشهدت مدينة القدس أوضاعاً متوترة في إثر قيام رئيس حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] عضو الكنيست إيتمار بن غفير بزيارة إلى باب العمود بالقرب من المسجد الأقصى مساء أمس، وقام عشرات الشبان الفلسطينيين بالتصدي له فاعتقلت الشرطة الإسرائيلية 14 شاباً منهم.

وجاء بن غفير إلى باب العمود احتجاجاً على قرار الشرطة الإسرائيلية منعه من تنظيم "مسيرة الأعلام" الإسرائيلية الخاصة بيوم توحيد القدس، والتي دعت منظمات يمينية إلى إقامتها أمس، إذ كان من المقرر أن تمر في مناطق في القدس الشرقية شهدت مواجهات متكررة في الأشهر الأخيرة بين الفلسطينيين والقوات الأمنية الإسرائيلية. وأجازت السلطات الإسرائيلية إقامة المسيرة يوم الثلاثاء المقبل في حال تغيير خط سيرها.

وقال بن غفير في مؤتمر صحافي عقده في باب العمود: "وصلنا إلى هنا كي نحتج ضد قرار السلطات الإسرائيلية وقرار القائد العام للشرطة. بعد 2000 سنة من حلم آبائنا بالوصول إلى مدينة القدس، قرار قائد الشرطة إلغاء مسيرة الأعلام هو قرار تعسفي."

واتهم بن غفير الجانب الإسرائيلي بالخضوع لما تقوم به حركة "حماس".

"يسرائيل هيوم"، 11/6/2021
مصادر مسؤولة في سلطة الإطفاء والإنقاذ: الحرائق الضخمة في جبال القدس قد تكون متعمدة وعلى خلفية قومية

قالت مصادر مسؤولة في سلطة الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلية أمس (الخميس) إنها تشتبه في أن الحرائق الضخمة التي اندلعت في جبال القدس أول أمس (الأربعاء) كانت متعمدة وعلى خلفية قومية. وأضافت أن استنتاجها هذا يأتي على خلفية حدوث حرائق سابقة، وكذلك وقوع حالات كثيرة من إلقاء زجاجات حارقة في المنطقة نفسها.

بموازاة ذلك نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية 13 مساء أمس عن قائد الشرطة الإسرائيلية في منطقة القدس نيسيم تويتو قوله إن قوات الإطفاء بقيت طوال الليلة قبل الماضية في المنطقة خشية تجدُّد الحرائق. وأضاف: "حتى الآن لم نتوصل إلى أي استنتاج بشأن أسباب الحرائق، ونحن حالياً في ذروة التحقيقات. لكن على خلفية تاريخ المنطقة والتوتر فيها، من الممكن أن يكون سبب الحرائق عائداً إلى دوافع قومية. في الوقت الحالي ليس لدينا أي شيء نعتمد عليه كي نقول إن هذا هو السبب. وسننتظر انتهاء التحقيقات." 

وكانت حرائق ونيران ضخمة اشتعلت في جبال القدس بالقرب من بلدات إسرائيلية في المنطقة أول أمس، ونتيجة ذلك تم إجلاء عدد من السكان في تلك البلدات من بيوتهم. كما أدت الحرائق إلى إغلاق شوارع رئيسية مؤدية إلى مدينة القدس وعملت عشرات طواقم الإطفاء و10 طائرات مروحية على إطفائها. 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"معاريف"، 11/6/2021
المواجهة العسكرية مع "حماس" وقطاع غزة لم تضع أوزارها بعد
جاكي حوجي - محلل الشؤون العربية
  • مرّ أمس (الخميس) 30 يوماً على اندلاع القتال في قطاع غزة. وعلى الرغم من أن الصواريخ والقذائف لا تتطاير من فوق رؤوسنا، فإن هذه المواجهة العسكرية لم تضع أوزارها بعد. وهي مستمرة بوسائل أُخرى.
  • هدّدت إسرائيل بإعادة غزة عدة أعوام إلى الوراء وفعلاً هذا ما تقوم به. فغزة الآن رجعت ثلاثة وربما أربعة أعوام إلى الوراء، قبل اتفاق الدولارات المشهور، وفي الأيام التي كانت فيها ساعة كهرباء واحدة تُعتبر منتوجاً باهظ القيمة والثمن.
  • طابور الحاويات الذي كان يقف يومياً في معبر كيرم شالوم [كرم أبو سالم] ويحمل معه السولار إلى محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع لم يرَه أحد منذ أكثر من شهر. وتقوم محطة الكهرباء القديمة جنوبي مدينة غزة بإنتاج جلّ التيار الكهربائي لسكان القطاع. ولدى عمل تلك المحطة كان السكان يحظون بـ16 إلى 20 ساعة كهرباء يومياً، أما اليوم فإنهم يكتفون بساعات قليلة فقط. كما تم تقليص مساحة الصيد البحري إلى 6 أميال، وهي ثلث المساحة في الأيام العادية. ونتيجة ذلك انخفض حجم الصيد إلى نحو صفر. كذلك فإن معبر إيرز [بيت حانون] مغلق أمام التجار والمرضى.
  • مصير اتفاق الدولارات الشهري المسمى "الأموال في مقابل الأعمال" موجود ضمن النقاشات المكثفة بين إسرائيل ومصر وقطر، لكن إسرائيل بدأت المساس به أيضاً. وكان من المفروض أن تدخل الأموال إلى القطاع هذا الأسبوع، لكن تم كبح ذلك بأوامر من القدس. ويدور الحديث حول 100.000 عامل يشتغلون في أعمال بسيطة ويتلقى كل منهم 100 دولار شهرياً، وحول عشرات آلاف الموظفين في المكاتب الحكومية الذين يتلقون رواتب متواضعة. ويتم الدفع لجميع هؤلاء من خزينة قطر بمصادقة من إسرائيل. والقطريون موافقون على الاستمرار في دفع الأموال (30 مليون دولار في المجمل)، لكن إسرائيل فرضت ڤيتو على ذلك.
  • لو كانت هذه القيود مفروضة قبل شهر لكانت قيادة حركة "حماس" قفزت عليها كما لو أنها كنز كبير. في ذلك الوقت، أوائل أيار/مايو، بحث محمد ضيف وزملاؤه في الجناح العسكري لـ"حماس" عن أي حجة لتجميع نقاط لمصلحتهم على حساب إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فوجدوها في حي الشيخ جرّاح وجبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]. لكن الآن وعلى الرغم من أن إسرائيل تخوض معركة قاسية ضدهم، فإنهم يفضلون السعي للتوصل إلى حل هادئ.
  • إذا لم يأت الحل وواصلت إسرائيل حرمانهم من الدولارات فلا شك في أنهم سيقومون بإجراء تقييم جديد للموقف وسيفكرون كيف ينبغي لهم العمل. إن استمرار عدم وجود كهرباء كما في الماضي، ووقف تدفّق الدولارات، سيكونان بمثابة هزيمة لـ"حماس"، في حين أن زعيم الحركة في القطاع يحيى السنوار أكد أنهم خاضوا معركة بطولية وانتصروا فيها.
  • إن استخدام الصواريخ جيد ما دام يجني فوائد وأرباحاً. فأي أرباح جناها استخدام الصواريخ خلال جولة القتال الأخيرة، باستثناء الدمار الهائل وتقليص ساعات الكهرباء؟
الموقع الإلكتروني للمركز 8/6/2021
اضطرابات أيار/مايو 2021 وتداعياتها
دورون متسا - باحث في مركز بيغن – السادات للأبحاث الاستراتيجية
  • حوادث شهر أيار/مايو جرى تفسيرها في الخطاب السياسي اليهودي العام من منظور ثنائي واضح. أوساط اليمين تنظر إلى هجوم العرب في إسرائيل على جيرانهم اليهود من منظور "خطاب 1948"- كنموذج آخر للصراع غير القابل للحل بين اليهود والفلسطينيين في المنطقة الواقعة بين النهر والبحر. في مقابل ذلك فضّلت أوساط اليسار النظر إلى انفجار العنف على أنه من عمل مجموعات متطرفة من الطرفين ويجب ألاّ يعرقل التعايش بين اليهود والعرب في إسرائيل.
  • الحقيقة ليست مع هذا الجانب أو مع الجانب الآخر، وكل تفسير من التفسيرين يحتوي على جزء من صورة الواقع. تأطير أحداث 2021 في المدن المختلطة يجب أن يجري من خلال الربط العميق بين تطورات عميقة حدثت في الأعوام الأخيرة في القطاع العربي عموماً، وفي العلاقات بينه وبين الدولة خصوصاً. الأمر البارز في حوادث العنف الأخيرة أنها نشبت بالتحديد بعد فترة يمكن وصفها بفترة وردية في علاقة الدولة بالمواطنين العرب.
  • تطوران كبيران كان لهما تأثيرهما في علاقة العرب في إسرائيل بدولة إسرائيل في العقد الأخير. عملية الاندماج الواسعة للعرب في إسرائيل في الاقتصاد الإسرائيلي. ولقد تجلى ذلك بصورة عملية ورمزية في قرار الحكومة 922 (كانون الأول/ديسمبر 2015)، الذي خصص المليارات لمعالجة المسائل الاجتماعية- والاقتصادية المُلحة في المجتمع العربي، واعتبر دمج الأقلية العربية في الاقتصاد الإسرائيلي هدفاً وطنياً وعاملاً مهماً للازدهار.
  • التطور الثاني تجلى في توجّه العرب في إسرائيل نحو براغماتية سياسية وتضاؤل الاهتمام بالقضايا الوطنية. في المقابل وافقت النخبة السياسية العربية على التعاون مع حكومات اليمين من أجل الدفع قدماً بعمليات الاندماج الاقتصادي على الرغم من تعارُض وجهات النظر بشأن قضية الوضع القومي للأقلية العربية في إسرائيل. التوجه نحو البراغماتية نجَم عن عدة أسباب، بينها التزام الحكومة الإسرائيلية بعملية الاندماج الاقتصادي، وتراجُع جدول الأعمال السياسي في السياق الفلسطيني، والاستقرار الأمني النسبي الذي تحقق في مناطق الضفة الغربية خلال العقد الأخير.
  • خلال فترة الكورونا ازداد التعاون بين الدولة وبين الأقلية العربية. وللمرة الأولى منذ أيام الحكم العسكري عاد الجيش الإسرائيلي إلى بلدات عربية، لكن هذه المرة بمهمة أُخرى- فقد جرى نشر جنود الجبهة الخلفية في كفر قاسم والطيبة وجلجوليا وفي بلدات عربية أُخرى للمساعدة في حملات التوعية من وباء الكورونا وتقديم المساعدة للمسنين والمحتاجين. على هذه الخلفية برزت ظاهرة منصور عباس التي كانت مؤشراً إلى مرحلة جديدة من التعاون مع الأحزاب الصهيونية. سعى عباس لتحويل البراغماتية العربية والتعاون الخفي للسياسيين العرب مع حكومات اليمين إلى أيديولوجيا علنية. هذه الأيديولوجيا حظيت بشرعية شعبية عندما نجح حزب القائمة العربية الموحدة (راعام) في الحصول على 4 مقاعد في الانتخابات بعد انشقاقه عن القائمة المشتركة.
  • عمليات الاندماج الاقتصادي والبراغماتية السياسية في علاقة إسرائيل بمواطنيها العرب تضافرت مع عمليات مشابهة حدثت في منطقة الشرق الأوسط. اتفاقات أبراهام وحركة التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي أوجدت دينامية إقليمية جديدة تعتمد على فكرة نفعية براغماتية لتفضيل الاقتصاد ورفع مستوى الحياة ونوعيتها على القضايا المتعلقة بسياسة الهوية التي انتهجها اللاعبون المحليون.
  • ما الذي أدى إلى اضطرابات أيار/مايو؟ على عكس حوادث تشرين الأول/أكتوبر 2000 لم تقع أعمال الشغب في منطقة الجليل التي تتمركز فيها الأغلبية السكانية العربية. صحيح برزت مظاهر عنف في نقاط جغرافية معينة في شمال الدولة، لكن الاضطرابات الأساسية كانت في المدن المختلطة. وبرزت في حوادث العنف الأخيرة، بالإضافة إلى مشاركة عناصر ذات ماضٍ جنائي، مشاركة السكان الفقراء الذين لم ينجحوا في الانضمام إلى عملية الاندماج الاقتصادي بين الدولة وبين الطبقة العربية المتوسطة. يذكّر هذا الأمر بـ"الربيع العربي" الذي بدأ في مصر وفي شمال أفريقيا على خلفية ثورة الشباب على عدم إشراكهم في عمليات النمو الاقتصادي في دولهم.
  • بالإضافة إلى ذلك، تبين أن قدرة الزعامات العربية -الإسرائيلية على مواصلة التعاون وفق نموذج الاندماج محدودة. السياسة العربية يتقاسمها عاملان- هيمنة السياسة القديمة للمحور المؤلف من القائمة المشتركة، والزعامة الجديدة لمنصور عباس الذي شكّل تحدياً لها. وبدلاً من سياسة الهوية الوطنية للأقلية العربية التي دفعت بها قدماً الزعامة القديمة منذ سبعينيات القرن الماضي، قدّم منصور عباس مقاربة سياسية ثورية بالمفاهيم التاريخية- تفضيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية على رؤيا المساواة والمواطنة. في الأشهر الأخيرة سعت الزعامة العربية القديمة لإعادة الخطاب في القطاع العربي إلى سياسة الهوية الوطنية؛ كما أن الأحداث العنيفة في القدس وطرح مسألة "المسجد الأقصى في خطر" ساهما في توفير السبيل للعودة من الخطاب الاقتصادي – الاجتماعي إلى الخطاب الوطني.
  • هناك سبب إضافي لنشوب الاضطرابات له علاقة بالإطار السياسي العام، ومن ضمنه صورة ضعف الدولة وأجهزتها على خلفية أزمة الكورونا والأزمة السياسية العميقة التي أدت إلى أربع معارك انتخابية خلال العامين الأخيرين، وضعف مكانة نتنياهو السياسية الذي عمل كمحور موجّه للنظام الجديد في الشرق الأوسط في العقد الأخير؛ وعودة سياسة الهويات برعاية الإدارة الأميركية الجديدة التي أدارت ظهرها للنظام الاقتصادي النفعي الذي دفعت الإدارة السابقة به قدماً.
  • ما حدث في المدن المختلطة في إسرائيل هو رد فعل مضاد ثلاثي الأبعاد- اجتماعي، سياسي، ومنهجي - على وجهة النظر النفعية - البراغماتية التي وجّهت العلاقة بين الدولة والأقلية العربية في العقد الأخير. هذه النظرة واجهت تحدياً من الأعلى من طرف النخبة العربية القديمة التي عملت في إطار سياسة الهوية الوطنية، ومن الأسفل من طرف الضواحي العربية في المدن المختلطة والنقب، وعلى نطاق واسع.
  • وماذا الآن؟ تطرح الاضطرابات أسئلة جوهرية، ليس فقط إزاء مفاهيم بالية مثل "التعايش"، بل بصورة أساسية إزاء النموذج الذي اعتمدت عليه العلاقات بين اليهود والعرب في العقد الأخير. ضمن هذا الإطار لا شك في أن هذه الاضطرابات خرقت التوازن القائم في منظومة العلاقات بين العرب في إسرائيل وبين الدولة بصورة تشبه أحداث يوم الأرض في سنة 1976 وأحداث تشرين الأول/أكتوبر سنة 2000. حوادث أيار/مايو كانت غير مسبوقة بسبب حجم مشاركة الجمهور العربي وخطورة العنف الذي تميزت به، وكذلك بسبب الإطار العام الذي وقعت فيه هذه الحوادث في ذروة جولة قتال بين إسرائيل و"حماس".
  • طوال حوادث أيار/مايو لمّحت الحكومة إلى نيتها كبحها من خلال وسائل تُستخدم في مجال محاربة الإرهاب القومي. واستُخدمت أجهزة الأمن العام من أجل العثور على متورطين في أعمال العنف وإحباطها مسبقاً، كما استُخدمت قوات حرس الحدود في الأساس في مناطق الضفة الغربية وانتشرت في البلدات المختلطة، ولمّحت الحكومة إلى استعدادها لاستخدام قوات من الجيش لقمع الاضطرابات العنيفة.
  • هل من الممكن العودة إلى نموذج يجمع بين التعاون الاقتصادي والبراغماتية السياسية أم أن التوازن في علاقة العرب في إسرائيل بالدولة قد تغير وفي أي اتجاه؟ من الصعب جداً إعطاء جواب واضح عن هذا السؤال في الوقت الحالي. مع ذلك، يمكن أن نشير إلى عدد من العوامل التي يمكن أن تدفع نحو استمرار نموذج الاندماج إلى جانب عدد من العوامل التي يمكن أن تدفع نحو تفكيك هذا النموذج.
  • بين العوامل التي يمكن أن تدفع نحو استمرار نموذج الاندماج يمكن الإشارة إلى تأييد حزب راعام من الخارج لحكومة بينت - لبيد (إذا تشكلت). نجاح عباس السياسي يمكن أن يؤكد صدقية التوجه البراغماتي الذي يطرحه. والمصالح الاقتصادية لكل الأطراف يمكن هي أيضاً أن تدفع في اتجاه استمرار نموذج الاندماج.
  • من بين العوامل التي يمكن أن تدفع نحو تفكيك نموذج الاندماج نشير إلى التداعيات الاقتصادية لأزمة الكورونا التي ستؤدي في نهاية الأمر إلى تقليص نفقات الدولة، وإلى تقليصات - الأمر الذي سيعرّض استمرار تطبيق الخطة الاقتصادية الخمسية في القطاع العربي للخطر. يضاف إلى ذلك التركيبة غير المتجانسة لحكومة بينت - لبيد التي يمكن أن تشجع الخطاب القومي - خطاب سيلقى دعماً كبيراً من زعامة القائمة المشتركة التي تريد تحدي توجه منصور عباس.
  • تغيّر قوة المواجهة حيال "حماس" في قطاع غزة يمكن هو أيضاً أن يؤثر سلباً في العلاقات بين المواطنين اليهود والعرب بصورة تجعل من الصعب على المنظومة العودة إلى التوازن الذي كان قائماً قبل أحداث أيار/مايو. في هذه الظروف لا شك في أن الكليشيه المعروف "الأيام ستخبرنا" هو الأكثر صحة من أي وقت مضى في وصف الواقع الحالي للعلاقات بين العرب واليهود في دولة إسرائيل.