مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
لبيد يشدد أمام ماكرون على ضرورة تهديد إيران بشنّ عملية عسكرية ضدها بغية إجبارها على التنازل عن تطلعاتها النووية
بينت يدافع عن إجراء تتبُّع الهواتف الخليوية من طرف جهاز "الشاباك" لتحديد الحالات المشتبه بإصابتها بمتحوّر "أوميكرون"
إرجاء إطلاق الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وتل أبيب إلى أجل غير مسمى جرّاء تفشّي متحوّر "أوميكرون"
مقالات وتحليلات
حركة "حماس" تعدّ العدّة لخوض مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل في وضع أفضل
هذا لم ينجح مع "حماس" فلماذا سينجح مع إيران؟
إسرائيل وأوروبا القديمة - الجديدة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 1/12/2021
لبيد يشدد أمام ماكرون على ضرورة تهديد إيران بشنّ عملية عسكرية ضدها بغية إجبارها على التنازل عن تطلعاتها النووية

عقد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أمس (الثلاثاء) اجتماعاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس. وتركز الاجتماع على المحادثات الجارية حالياً في العاصمة النمساوية ڤيينا بشأن مشروع إيران النووي.

وحذّر لبيد خلال الاجتماع من أن طهران تمارس سياسة المماطلة للمضي قدماً في هذا المشروع، مؤكداً أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال رفع العقوبات المفروضة عليها، بل تشديدها.

 كما شدد وزير الخارجية على ضرورة تهديد إيران بشنّ عملية عسكرية ضدها بغية إجبارها على التنازل عن تطلعاتها في هذا الشأن.

"يديعوت أحرونوت"، 1/12/2021
بينت يدافع عن إجراء تتبُّع الهواتف الخليوية من طرف جهاز "الشاباك" لتحديد الحالات المشتبه بإصابتها بمتحوّر "أوميكرون"

دافع رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت عن موافقة الحكومة على تتبُّع الهواتف الخليوية من طرف جهاز الأمن العام ["الشاباك"] لتحديد الحالات المشتبه بإصابتها بمتحوّر "أوميكرون" الجديد من ڤيروس كورونا.

وجاء دفاع بينت هذا خلال مكالمة عبر الڤيديو أجراها أمس (الثلاثاء) مع المستشار النمساوي ألكسندر شالنبرغ ورئيس الحكومة التشيكية ميلوش زيمان، لمناقشة التعاون في مكافحة ڤيروس كورونا ومتحوّر "أوميكرون" الجديد.

وتطرّق بينت إلى موضوع إغلاق الحدود، فقال: "بما أننا ما زلنا غير متأكدين من متحوّر ’أوميكرون’ الجديد، ولأن عدد المرضى لا يزال منخفضاً للغاية، فقد أغلقنا حدودنا تماماً أمام الأجانب في هذه المرحلة". كما أشار إلى أن اللقاحات المعززة لها تأثير سريع للغاية، إذ يمكن رؤية تغيير سريع في الحماية من انتشار العدوى، ومن الأمراض الخطِرة أيضاً، في غضون 5 إلى 6 أيام بعد تلقّي جرعة اللقاح الثالثة.

وشدد بينت على أنه إذا لم يأخذ الناس الجرعة الثالثة، فستتجاوز العدوى مناعة الأشخاص الذين تم تطعيمهم مرتين، وسيقول هؤلاء لأنفسهم إن اللقاح لا يعمل ويفقدون الثقة به، لكن هذا خطأ لأن هناك حاجة إلى ثلاث جرعات حتى تكون فعالة.

وأفاد بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بأن الزعماء الثلاثة تبادلوا الرؤى بشأن تجارب دولهم وأفكارهم والتحديات الماثلة أمامهم في مكافحة الڤيروس، واتفقوا على البقاء على اتصال كمحاولة للحفاظ على الصحة العامة.

 

"يسرائيل هيوم"، 1/12/2021
إرجاء إطلاق الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وتل أبيب إلى أجل غير مسمى جرّاء تفشّي متحوّر "أوميكرون"

ذكر بيان صادر عن الخطوط الجوية المغربية أمس (الثلاثاء) أن الخط الذي كانت الشركة تنوي إطلاقه بين الدار البيضاء وتل أبيب يوم 12 كانون الأول/ديسمبر الحالي تم إرجاؤه إلى أجل غير مسمى جرّاء تفشّي متحوّر "أوميكرون"، وبناء على ذلك، أُجِّلت أيضاً الرحلة التي كان منتظراً أن يقوم بها وفد مؤلف من أكثر من 70 رجل أعمال مغربياً إلى إسرائيل بمناسبة افتتاح هذا الخط الجوي.

ويأتي هذا القرار بعد يوم من إعلان المغرب تعليق جميع رحلات المسافرين إليه مدة أسبوعين، اعتباراً من أول أمس (الاثنين)، وذلك لتفادي دخول متحوّر "أوميكرون" إلى أراضي المملكة.

وكانت شركة الخطوط الجوية المغربية أعلنت في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي إطلاق هذا الخط الجوي الأول من نوعه بوتيرة 3 رحلات في الأسبوع، وذلك استجابة لتطلعات الجالية المغربية المقيمة بإسرائيل، ولتمكين السياح ورجال الأعمال من السفر بين البلدين.

ويضم المغرب أكبر جالية يهودية في شمال أفريقيا تقدَّر بـ3000 شخص، بينما يعيش نحو 700.000 يهودي من أصل مغربي في إسرائيل. وكان هؤلاء يضطرون إلى استخدام رحلات جوية غير مباشرة للسفر بين البلدين قبل أن يستأنفا علاقاتهما الدبلوماسية في أواخر العام الفائت برعاية الولايات المتحدة.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 1/12/2021
حركة "حماس" تعدّ العدّة لخوض مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل في وضع أفضل
أليكس فيشمان - محلل عسكري
  • بدأت الاستعدادات في نيسان/أبريل الماضي، ومع بداية تشرين الأول/ أكتوبر، أي في ذروة الأعياد اليهودية في هذا الشهر، كان التنظيم التابع لحركة "حماس" في الضفة الغربية ناضجاً لتنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق النار في محاور الطرقات ضد متنزهين وجنود إسرائيليين.
  • وكانت الخطة تقضي بتركيز الجهد في زرع سلسلة كمائن نارية وإصابة أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين في أثناء الأعياد. وإلى جانب عمليات القتل المكثفة، كان الهدف هو دفع الضفة الغربية نحو الفوضى. وفي مثل هذا السيناريو، كان الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى حشد قوات إضافية وفرض حظر التجوال، وتبدأ الاحتكاكات بالسكان المحليين، وعندها ستتلقى صورة السلطة الفلسطينية المهزوزة أصلاً ضربة أُخرى.
  • كان هذا التنظيم هو الأكبر من ناحية الحجم منذ سنة 2014، وضمّ نحو 60 شخصاً وكُشِف في غضون أسابيع قليلة. والأشخاص الذين كانوا جزءاً منه لم يُقرَّر اعتقالهم إلا عشية الخروج إلى العمليات. وتبين في التحقيقات أنه أعدّ أيضاً أربعة أحزمة ناسفة كان يُفترض أن تنفجر في القدس ومدن أُخرى داخل الخط الأخضر. كل هذا تم تحريكه من إستانبول، لكن حركة "حماس" في غزة كانت مشارِكة بصورة جيدة في العملية.
  • ما الذي فكر فيه رجال الحركة في القطاع؟ هل فكروا في أن تنفّذ "حماس" عملية انتحارية في حافلة باص إسرائيلية وألا تتضرر غزة جرّاء ذلك؟ يبدو أنه نعم. تعتقد غزة أن في إسرائيل رجالاً عاجزين لا يريدون إلا الهدوء، ولهذا يمكن أن يُملى على إسرائيل متى تكون التهدئة ومتى تفتح النار. وهذا ما حدث في الأسبوع الماضي عندما قُتل إسرائيلي في القدس على يدي ناشط معروف من "حماس"، إذ سارع الناطق بلسان الحركة إلى الإشادة بالناشط، لكن من دون التطرق إلى العملية التي قام بها لكون "حماس" في المرحلة الحالية تقوم بفصل نشاطها في غزة عن نشاطها في الضفة. ويبدو أن إسرائيل تتساوق مع ذلك، إذ إنها لم ترد بأي عقوبة، ولو موقتة، كي تعرب عن استيائها من أن "حماس" في غزة تحرض على تنفيذ عمليات مع التشديد على القدس.
  • على مدار نصف العام الذي مضى منذ عملية "حارس الأسوار" في القطاع، نتنفس الصعداء هنا في كل يوم يمر بهدوء، ويتباهى المسؤولون بـ"الردع"، تماماً مثلما كانت عليه الحال في الأعوام التي سبقت حرب لبنان الثانية [2006] وتباهينا فيها بأن صواريخ حزب الله يعلوها الصدأ بسبب قلة الاستخدام. غير أنه في أثناء الأشهر التي مضت منذ عملية "حارس الأسوار"، نجحت "حماس" في تجديد قسم لا بأس به من منظومة الصواريخ التي استُخدمت في العملية، واستؤنف العمل في قسم كبير من مصانع السلاح المتضررة في القطاع، بما في ذلك بناء وسائل خاصة، مثل الطائرات المسيّرة بوتيرة سريعة. وبموازاة ذلك، تُجري "حماس" تجارب على صواريخ وطائرات مسيّرة، وقبل بضعة أسابيع اعترضت منظومة "القبة الحديدية" طائرة مسيّرة غزّية فوق البحر. إن غزة تتسلح استعداداً لمواجهة عسكرية أُخرى، لكن عندنا في وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي يتمسكون بالتسوية كعنصر يضمن نوعاً من الاستقرار.
  • لقد أقنعت إسرائيل نفسها بأن زعيم "حماس" يحيى السنوار يريد قبل أي شيء تحسين شروط المعيشة في القطاع، ولذا تبدو التسوية مهمة بالنسبة إليه، غير أنها مهمة بالنسبة إليه أساساً من أجل إعادة بناء ذراعه العسكرية. ومن ناحيته، يعدّ تحسين مستوى المعيشة بمثابة علاوة تسمح له بمواصلة السيطرة في القطاع. والتسوية، من ناحيته، ليست استراتيجية، بل هي تكتيك هدفه كسب الوقت بغية الوصول إلى مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل يتم خوضها في وضع أفضل. إن المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة ومصر لإجراء مصالحة بين حركتيْ "فتح" و"حماس"، ولإقامة حكومة وحدة فلسطينية للوصول إلى تسوية مع إسرائيل، هي الأُخرى مجرد هراء في هراء من إنتاج وزارة الخارجية الأميركية والاستخبارات المصرية.
  • إن التنظيم الذي أحبطه جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] في الضفة يكشف نيات خطِرة لـ"حماس" في غزة. فماذا تقول السياسة الإسرائيلية؟ وما هي الاستراتيجيا التي يمليها وزير الدفاع؟ وما هي توصيات رئيس هيئة الأركان العامة؟ ليس واضحاً.
"هآرتس"، 1/12/2021
هذا لم ينجح مع "حماس" فلماذا سينجح مع إيران؟
تسفي برئيل - محلل سياسي
  • إسرائيل تطرح في الحملة الدعائية الإقناعية، والتي تخوضها بصورة مكثفة ضد المفاوضات مع إيران، ضرورة مواصلة سياسة العقوبات الشديدة و"عدم الخضوع للابتزاز الإيراني" كوسيلة ناجعة وحيوية لدفع إيران إلى التراجع عن برنامجها النووي.
  • إنها استراتيجيا إسرائيلية ثابتة وأوتوماتيكية وقديمة. الجزء المهم فيها التناقض الذي تنطوي عليه. المطالبة بالعقوبات لا تمنع الاعتراف بأن إيران دولة عقلانية، وأن سياستها تعتمد على مبدأ الثمن والفائدة. انطلاقاً من هذه النظرة، فإن الأزمة الاقتصادية التي تعانيها، وعزلتها (غير الكاملة) في العالم، والغضب والإحباط الداخلي اللذان يهددان استقرار النظام وحتى أنهما يهددان بقاءه، هي الوسائل التي يمكن أن تعيد إيران إلى الاتفاق النووي الأصلي، وأن تضمن عدم تطويرها قنبلة نووية. لكن المطالبة بالعقوبات تتعارض مع عدم ثقة إسرائيل بالاتفاق الأصلي وبنجاعته في كبح تطوير نووي. وإذا كان هذا صحيحاً، ما الفائدة من العقوبات، وبمَ تفيد الآن؟
  • العقوبات بحد ذاتها لم تغيّر سياسة إيران الخاضعة منذ أكثر من 40 عاماً لنظام العقوبات؟ أيضاً سياسة "الضغط الأقصى" التي استخدمها دونالد ترامب ضدها لم تغيّر شيئاً. إيران وقّعت الاتفاق النووي الأصلي مع باراك أوباما في سنة 2015، لأنها في الأساس وجدت فيه شريكاً مستعداً لفهم مخاوفها والموافقة على صيغة تلبي حاجاتها. وظلت إيران متمسكة بالاتفاق النووي حتى عندما انتُخب ترامب رئيساً، وانتظرت عاماً بعد انسحابه من الاتفاق لتبدأ بخرقه علناً. وعلى الرغم من ذلك، فإنها لم تعلن انسحابها منه.
  • انتخاب جو بايدن رئيساً وسياسته الحازمة بالعودة إلى الاتفاق النووي شكّلا فرصة لإيران في العودة إلى المفاوضات. هل ما تريده الآن المماطلة كي تستطيع الاستمرار في تخصيب اليورانيوم وبناء قنبلة؟ الافتراض في إسرائيل أن هذا ما تنويه فعلاً. إذا كان هذا صحيحاً لماذا تعود إيران إلى المفاوضات أصلاً؟ هل هو حرص منها على سمعتها، أو كي لا يحمّلها المجتمع الدولي مسؤولية خرق الاتفاق، وبالتالي إضفاء الشرعية على هجوم عسكري عليها؟
  • هذا التفسير لا يتعارض فقط مع فكرة أن إيران دولة عقلانية، لكنه يتجاهل أن هجوماً عسكرياً ضدها يجب أن يأخذ في الحسبان الردود المتوقعة لروسيا والصين وحلفائها. بالإضافة إلى ذلك، المسعى الإسرائيلي لإقناع الولايات المتحدة بمواصلة سياسة العقوبات يعتمد على الاعتراف بأن بايدن لا ينوي المشاركة في هجوم عسكري. لذلك، الادعاء الإسرائيلي أن إيران أصبحت دولة على عتبة النووي ويجب التحرك ضدها عسكرياً من دون تأخير، وعدم انتظار عرض قنبلة نووية في معرض عسكري - لا يتطابق مع المطالبة بالعقوبات، ولا مع الحقائق.
  • كان يجب على إسرائيل استيعاب هذا الدرس منذ وقت طويل، لأنها هي نفسها تستخدم نموذجاً مصغراً عن "الضغط الأقصى" غير المفيد إزاء غزة منذ 14 عاماً. صحيح أن المنطق الذي يكمن وراء فرض حصار خانق على غزة تغيّر بمرور الزمن، لكن الحصار في أساسه هدف إلى منع "حماس" من تهديد إسرائيل عسكرياً، وكبح تسلُّحها، والتسبب بانقلاب في السلطة يؤدي إلى سقوطها على يد جمهور فقير يائس ومحبط.
  • وبعكس إيران، استخدمت إسرائيل "الخيار العسكري" بصورة وحشية عدة مرات، وماذا كانت النتيجة؟ تحاول إسرائيل مع شركائها العرب الوصول إلى اتفاق تهدئة طويل الأجل يشمل تنازُلها عن العقوبات، وتقديم مساعدة في إعادة إعمار الاقتصاد، وبناء بنى تحتية تقدم حافزاً لـ"حماس" لوقف إطلاق النار. تعرف إسرائيل أن مثل هذا الاتفاق لن يؤدي إلى اعتراف "حماس" بها، ولن يغير أيديولوجيتها، ولن ينزع سلاحها. هذا هو نوع الاتفاق الذي تريد دول الغرب التوصل إليه مع إيران - مع مكافأة: تجميد البرنامج النووي.
"معهد القدس للاستراتيجيا والأمن"، 29/11/2021
إسرائيل وأوروبا القديمة - الجديدة
د. عمانوئيل نافون - خبير في العلاقات الدولية
  • انتهاء حقبة أنغيلا ميركل يطرح تساؤلات بشأن السياسة الخارجية للحكومة الألمانية الجديدة. أولاف شولتز، المستشار المقبل، هو الذي سيقود التحالف بين الحزب الاجتماعي- الديمقراطي وبين حزب الخضر والحزب الليبرالي. تأليف حكومة وسط – يسارية في الدولة الأكبر في أوروبا، اقتصادياً، بعد 16 عاماً من حكمٍ بقيادة الحزب المحافظ، يشكل تغيّراً سياسياً له وزنه. بعده سيأتي تغيير سياسي آخر: الانتخابات الرئاسية في فرنسا في نيسان/أبريل 2022. صحيح أنه من المتوقع احتفاظ الرئيس ماكرون بمنصبه، لكن يجب ألّا نستبعد أن يُحدث إريك زمور مفاجأة على غرار ما فعله ماكرون في سنة 2017. إذا انتُخب ماكرون مرة ثانية فإنه سيقوم بتغييرات جوهرية في السياسة الخارجية والسياسة الداخلية. معنى هذا أنه يجب أن نتوقع تغيُّرات مهمة في السياسة الخارجية لأهم دولتين في أوروبا في سنة 2022. ما أطلق عليه وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد اسم "أوروبا القديمة" (المقصود في الأساس فرنسا وألمانيا اللتان عارضتا الغزو الأميركي للعراق في سنة 2003) ستشهد تغيُّرات سياسية. ويتعين على دولة إسرائيل فهم هذه التغيُّرات واستيعابها وتحديث سياستها الخارجية بما يتلائم معها.
  • هل السياسة الإسرائيلية الخارجية استنفدت نفسها؟
  • العلاقات بين إسرائيل وأوروبا تدهورت في سنة 1973 لسببين: 1- حظر منظمة أوبيك تصدير النفط في أعقاب حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر] سمح لفرنسا بالحصول على تأييد المجموعة الاقتصادية الأوروبية لموقفها من النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني (المؤيد لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب إلى خطوط السابع من حزيران/يونيو)؛ 2- توسيع المجموعة الاقتصادية الأوروبية وانضمام بريطانيا وإيرلندة والدانمارك، وتأييد بريطانيا وإيرلندة الموقف الفرنسي. أدى توسُّع المجموعة الاقتصادية الأوروبية مرة أُخرى (وانضمام إسبانيا والبرتغال في سنة 1986) إلى زيادة الفجوة السياسية بين أوروبا وإسرائيل. خلال ولاية الرئيس جاك شيراك (1995-2007) زادت انتقادات فرنسا لإسرائيل وتأييدها لياسر عرفات (وخصوصاً في فترة الانتفاضة الثانية). كما قاد شيراك معارضة أوروبا للحرب على العراق في سنة 2003، وأنّب دول أوروبا الشرقية ("أوروبا الجديدة"، بحسب رامسفيلد) لتأييدها الولايات المتحدة.
  • مع توسُّع الاتحاد الأوروبي (الذي حل محل المجموعة الاقتصادية الأوروبية في سنة 1992)، بحيث ضم دول أوروبا الشرقية، بدأ منذ سنة 2004 تضاؤل الهيمنة الفرنسية التاريخية وضعُفت قدرتها على فرض مواقفها.
  • بحسب اتفاقية لشبونة (2007)، جرى تعيين مفوض أعلى للسياسة الخارجية والأمن، لكن لم يكن هناك حتى اليوم سياسة خارجية مشتركة للاتحاد الأوروبي. ونظراً إلى أن قرارات المجلس الوزاري للشؤون الخارجية تتطلب الحصول على إجماع كل الدول الأعضاء في الاتحاد، تمكنت إسرائيل في الأعوام الأخيرة من منع صدور قرارات في مجلس الأمن تتعلق بالشرق الأوسط بفضل علاقاتها مع مجموعة الدول "Visegrad" (هنغاريا، وبولندة، وسلوفاكيا) ودول البلطيق (ليتوانيا، ولاتفيا، وأستونيا). على سبيل المثال، رغبة المجلس في إدانة قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس و"صفقة القرن" للرئيس ترامب جرى إحباطهما بفضل العلاقات الخاصة لإسرائيل مع دول أوروبا الشرقية. قدرة إسرائيل على انتهاج سياسة "فرّق تسُد" حيال الاتحاد الأوروبي نبعت من معارضة جزء من الدول لإملاءات بروكسيل والمس بالسيادة الوطنية المتزايدة في الأعوام الأخيرة. الأزمة المالية في سنة 2009 (التي هددت اليورو)، وأزمة اللاجئين في سنة 2015 (التي أغرقت أوروبا بالمهاجرين واللاجئين السوريين)، ألحقتا الضرر بثقة دول الاتحاد بالعملة المشتركة والحدود المفتوحة، وزادتا في شعبية الأحزاب والحكومات المشككة بالاتحاد الأوروبي. في سنة 2016 صوّتت بريطانيا مع الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهي انسحبت فعلاً في سنة 2020...
  • يعبّر دبلوماسيون أوروبيون في أحاديث مغلقة عن استيائهم من عرقلة إسرائيل قرارات المجلس الوزاري للشؤون الخارجية بسبب ﭬيتو رئيس حكومة هنغاريا فيكتور أوربان، ويحذّرون إسرائيل بأن عليها الاختيار بين بروكسيل وبين بودابست... بالإضافة إلى ذلك، وصلت العلاقات بين إسرائيل ودول أوروبا الشرقية إلى مفترق طرق في آب/أغسطس 2021 مع نشوء الأزمة الدبلوماسية مع بولندة بسبب قانون يقيد مطالبات ضحايا الحكم النازي والشيوعي. وسيكون من الصعب على إسرائيل الاعتماد على تصويت بولندة على قرارات المجلس الوزاري للشؤون الخارجية...
  • من الأفضل لإسرائيل مواصلة تأييدها الخفي للعلاقات الخاصة مع حكومات أوروبا الشرقية من أجل وقف القرارات المعادية لها في المجلس الوزاري للشؤون الخارجية، لكن إلى جانب هذا، يتعين على إسرائيل فهم التغيُّرات السياسية في أوروبا، وخصوصاً في باريس وبرلين.
  • شكّل ماكرون سابقة ومفاجأة عندما انتُخب رئيساً لفرنسا في سنة 2017. ليس فقط بسبب سنه الشاب (احتفل بعيد ميلاده الأربعين بعد دخوله إلى الإليزيه)، بل لأنه انتُخب من دون حصوله على تأييد أحزاب السلطة.. بعد هذه المفاجأة لا يمكن أن نستبعد مفاجأة جديدة في انتخابات 2022. وتشمل التوقعات المرشح الجديد لليمين الفرنسي إريك زمور...
  • يعتبر زمور نفسه فرنسياً يهودياً. زوجته وأولاده يهود، وأحياناً يشارك في صلاة يوم السبت وفي الأعياد في الكنيس الأرثوذكسي. لكنه يتبنى النموذج الذي طلبه نابليون من اليهود في فرنسا في سنة 1807: المواطَنة الكاملة مقابل التنازل عن المكون القومي في الهوية اليهودية. بكلمات أُخرى، في إمكان اليهود الاحتفاظ بدينهم، لكن عليهم في الوقت عينه الاندماج والتماهي مع القومية الفرنسية. هو سمح لليهود بالصلاة في الكنيس، لكنه طلب منهم استبدال القدس بباريس. هذا هو السبب الذي يجعل زمور لا يعتبر نفسه صهيونياً. مع ذلك، هو يعترف بحق إسرائيل في اعتبار نفسها دولة قومية، وفي الدفاع عن نفسها...
  • فيما يتعلق بانتخاب ماكرون مرة أُخرى، إذا تحقق هذا فإنه سيخلق فرصاً جديدة بالنسبة إلى إسرائيل. خلال ولاية ماكرون، احتوى الأسطول الفرنسي السياسة الهجومية للرئيس التركي في الحوض الشرقي للبحر المتوسط؛ وهو يعارض بشدة حصول إيران على سلاح نووي، ويدين العداء للصهيونية ويعتبره نموذجاً جديداً من العداء للسامية. إذا انتُخب ماكرون مجدداً، فإنه يمكن أن يذهب أبعد من ذلك. دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى مقرّب جداً من ماكرون قال في حديث غير مُعَدّ للنشر: إذا انتُخب ماكرون مجدداً، فإنه سيغيّر السياسة "الديغولية" الفرنسية حيال إسرائيل والشرق الأوسط بصورة جذرية. وأوضح الدبلوماسي أن السياسة الفرنسية العربية لم تعُد مهمة في ضوء انهيار الدول العربية، والتهديد الإيراني، وحقبة "ما بعد النفط" التي تقترب. وأضاف أن القوة الفرنسية الصلبة والناعمة في الشرق الأوسط يمكن أن تستعين بالقوة العسكرية الإسرائيلية والتفوق التكنولوجي لإسرائيل.
  • يتعين على إسرائيل متابعة ما يجري في السياسة الفرنسية في الأشهر المقبلة، والتوظيف في علاقاتها مع فرنسا وتعيين سفير أو سفيرة من أجل تحسين منظومة العلاقات التي أصبحت ناضجة لتغيُّرات جوهرية...