مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إنه يتعين على إيران البدء بدفع ثمن انتهاكاتها الاتفاق المبرم معها سنة 2015 وسعيها المحموم لتخصيب اليورانيوم ومَوضعة نفسها كدولة عتبة نووية.
وأضاف بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "إنني أدعو جميع الدول التي تتفاوض مع إيران في فيينا [النمسا] إلى الالتزام بالخط الثابت والتوضيح لإيران أنه من المستحيل أن تنخرط في تخصيب اليورانيوم وأن تتفاوض في الوقت نفسه. إن هدفنا هو الاستفادة من النافذة الزمنية التي أتاحها الانتقال من جولة مفاوضات إلى أُخرى لنقول لأصدقائنا في الولايات المتحدة: هذا هو الوقت المناسب لاستخدام صندوق الأدوات الذي في جعبتنا لمواجهة هرولة إيران في مجال التخصيب. وعلى إيران البدء بدفع الثمن في مقابل انتهاكاتها".
ومن المقرر أن يتوجه كلٌّ من وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس ورئيس جهاز الموساد دافيد برنياع إلى واشنطن في نهاية جولة المحادثات الحالية بشأن العودة إلى الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران.
أكد رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ أنه إذا لم تتخذ الأسرة الدولية الخطوات اللازمة من أجل إحباط المشروع النووي الإيراني فإن إسرائيل ستضطر إلى الدفاع عن نفسها بنفسها.
وأضاف هرتسوغ في سياق كلمة ألقاها خلال مراسم تقديم السفير الأميركي الجديد توم نايدس أوراق اعتماده، والتي أقيمت في مقر رئاسة الدولة في القدس أمس (الأحد)، أن التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل والولايات المتحدة حالياً هو التهديد الإيراني، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع التطورات في هذا المضمار عن كثب، بما في ذلك المفاوضات مع طهران، وأنها سترحب بأي حلّ دبلوماسي شامل للقضية بشكل يضمن إزالة التهديد الإيراني إلى الأبد، لكنه في الوقت عينه شدّد على أنه في حال لم يتم التوصل إلى مثل هذا الحل، فإن إسرائيل لا تزال تحتفظ بكافة الخيارات التي ستظل مطروحة على الطاولة.
ورحّب هرتسوغ بالسفير نايدس وأكد أن إسرائيل تتطلع إلى العمل معاً بانسجام وتنسيق، مشيراً إلى أن "اتفاقيات أبراهام" [اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية] غيّرت تماماً المناخ السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
وتطرّق رئيس الدولة إلى العلاقات بين البلدين، فقال إنه يكنُّ التقدير العميق للرئيس جو بايدن بسبب دعمه، الذي لا يقبل التأويل، لدولة إسرائيل والتحالف الفولاذي بين البلدين، وأكد أن هذا التحالف يجب أن يكون فوق أي اعتبارات حزبية، وأن يحظى بدعم أي إدارة تتولى مقاليد الحكم في واشنطن، كما أكد أن هذا التحالف يعني الكثير بالنسبة إلى مواطني إسرائيل.
من جانبه، أكد السفير الأميركي الجديد في إسرائيل توم نايدس تعهُّد البيت الأبيض عدم حصول إيران على أسلحة نووية، كما شدّد على التزام الرئيس بايدن استئناف الإمدادات اللازمة لتشغيل منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ، ودفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين إلى الأمام. وأضاف أنه سيعمل بالتعاون مع سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة مايك هرتسوغ من أجل تعزيز العلاقات بين الدولتين وضمان أمنهما وازدهارهما.
أعرب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بار ليف [العمل] عن دعمه لسلوك جنديين من حرس الحدود أطلقا النار على شاب فلسطيني في القدس الشرقية أول أمس (السبت) وأردياه قتيلاً، وأكد أنهما تصرفا كما هو مطلوب منهما، وذلك على الرغم من قيام قسم التحقيق مع أفراد الشرطة ["ماحش"] بإجراء تحقيق في الحادث شمل استجواب الجنديين.
وأضاف بار ليف في سياق تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الأحد)، أنه لا يعتقد أنه كان هناك حاجة إلى استجواب الشرطيين على الإطلاق، لكنه في الوقت عينه أوضح أن هذا الإجراء كان روتينياً.
وقال بار ليف: "لقد دخل الجنديان في قتال ولم يترددا وقاما بتحييد الهدف بشكل مناسب. هذا ما نتوقعه منهما ومن كل القوات الأمنية".
وكان هذا الحادث، الذي قالت الشرطة الإسرائيلية إنه يُشتبه بأنه "هجوم إرهابي"، خضع لتحقيق وحدة "ماحش" المذكورة بسبب مقطع فيديو من مكان الحادث يُظهر الجنديين وهما يطلقان النار على الفلسطيني عدة مرات وهو ممدّد على الأرض. وقال الجنديان إنهما خشيا من أن منفّذ الهجوم كان لا يزال يشكل خطراً عندما أطلقا النار عليه، ولم يعرفا ما الذي كان يحمله أو يخفيه بحيازته.
وذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الجنديين قتلا الشاب الفلسطيني بعد أن قام بطعن رجل من اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] في عنقه بالقرب من باب العامود في القدس الشرقية، الأمر الذي أسفر عن إصابته بجروح متوسطة، وبعد ذلك حاول مهاجمة عناصر الشرطة.
وأضاف البيان أن الفلسطيني القتيل هو محمد شوكت أبو سليمة (25 عاماً) من بلدة سلفيت وكان اعتُقل سنة 2019 وأمضى فترة في السجن الإسرائيلي بتهمة التحريض على العنف ولم يكن منتمياً لأي فصيل.
وأشاد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت مساء أول أمس بالجنديين وأعرب عن عدم رضاه عن قيام وحدة "ماحش" بالتحقيق معهما. وقال بينت: "لقد تصرفا بشكل سريع وحازم كما هو متوقع من عناصر قوات الأمن ضد إرهابي حاول قتل مدني إسرائيلي. أود أن أنقل لهما دعمي الكامل. هذه هي الطريقة التي يُتوقع أن تتصرف بها قواتنا، وهذه هي الطريقة التي تتصرف بها. يجب ألّا نسمح بأن تتحول عاصمتنا إلى بؤرة للإرهاب".
من ناحية أُخرى، أثار إطلاق النار على منفّذ الهجوم وهو ممدد على الأرض انتقادات من طرف أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة. وشبّه بعضهم ما حدث بواقعة قيام الجندي الإسرائيلي إليئور أزاريا بإطلاق النار على الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في الخليل سنة 2016، بعد أن تمت السيطرة عليه ولم يعد يشكل تهديداً، وهو ما أفضى إلى الحكم على أزاريا بالسجن.
وقالت عضو الكنيست عايدة توما - سليمان من القائمة المشتركة إن الشرطة الإسرائيلية قامت بإعدام أبو سليمة في الوقت الذي لم يعد يشكل خطراً.
ووصف عضو الكنيست عوفر كسيف من القائمة المشتركة إطلاق النار بأنه إعدام بشكل تعسفي، وأكد أن إطلاق النار على شخص مُصاب ممدّد على الأرض في الوقت الذي لم يعد يشكل تهديداً، بغض النظر عن أفعاله، هو جريمة حرب.
كما انتقد وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج، من ميرتس، سلوك حرس الحدود، وقال إنه في مواجهة محاولة القتل يجب إطلاق النار على المهاجمين لإنقاذ الأرواح، وليس من أجل إزهاق أرواحهم عندما لا يشكلون تهديداً.
- كان رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت على حق في شكواه بشأن الفجوة غير المعقولة بين الخطاب وانعدام الفعل، والتي وجدها في الموضوع الإيراني حين وصل إلى مكتب رئاسة الحكومة. ولا شك في أن السياسة حيال إيران منذ سنة 2015 تجسّد إفلاساً له عنوان ومسؤول. ثمة قصور يقف في أساسه إهمال سائب ووهم ذاتي خطر. فقد كان الاتفاق المبرم سنة 2015 سيئاً بالفعل، لكن ما إن تم توقيعه حتى أصبح حقيقة واقعة. غير أن [رئيس الحكومة السابق] بنيامين نتنياهو اختار خوض صدام غير مُجدٍ مع [الرئيس الأميركي السابق] باراك أوباما، وهكذا فوَّت فرصة ذهبية لتمكين إسرائيل، بشكل غير مسبوق، من التسلح بوسائل تتيح لها عملاً مستقلاً ضد المشروع النووي الإيراني.
- وفي سنة 2018 حث نتنياهو [الرئيس الأميركي السابق] دونالد ترامب على الخروج من الاتفاق، وهي خطوة هاذية سمحت للإيرانيين باللهاث المتسارع نحو دولة عتبة نووية بزعم أن الأميركيين هم الذين يخرقونه. والأخطر من ذلك، في الحالتين، وفي ظل الغرق في وهم ذاتي، لم يعمل نتنياهو على مدى أعوام على إعداد "الخطة ب" الإسرائيلية والأميركية في شكل عمل عسكري موضعي يعيد الإيرانيين أعواماً إلى الوراء. إن إيران خصم مرير يعمل على تحقيق أهدافه، لكن الفشل هو بسبب مسؤولية نتنياهو.
- ويمكن القول إنه لن يكون بعيداً اليوم الذي قد نسمع فيه نتنياهو وشركاءه يزعمون ما يلي: قاد نتنياهو وترامب القويان ردع الإيرانيين عن التحرك إلى الأمام، لكن ما إن وقف جو بايدن [الرئيس الأميركي الحالي] ونفتالي بينت الضعيفان في القيادة حتى اندفع الإيرانيون نحو النووي. وهذا بالطبع هراء تام يبدل النتيجة بالسبب، لكن مع ذلك، من المتوقع أن نسمع أسوأ منه أيضاً.
- تتضح خطورة القصور حين ندرك أن إعداد خيار عسكري لإرجاء البرنامج النووي يحتاج إلى عدة أعوام، وإلى مساعدة أميركية مكثفة. لكن نتيجته ستكون أنه قبل ذلك بكثير وفي مدى بضعة أشهر يمكن للإيرانيين أن يصبحوا دولة عتبة نووية، ولن يكون ممكناً منع طهران من الوصول إلى سلاح نووي في الوقت الذي تختاره. هذا واقع جديد يستوجب تقويماً ذكياً للوضع وقرارات وأفعالاً، وليس مجرد تهديدات متبجحة فارغة تعطي انطباعاً وأثراً في بعض مواطني إسرائيل، لكنها لا تفعل الشيء نفسه بالنسبة إلى الإيرانيين أو شركائهم في المفاوضات. ويبدو أن المفاوضات نفسها ستراوح مكانها، وهو ما سيتيح للإيرانيين إمكان استمرار الزحف نحو دولة عتبة نووية، أو ربما لن تستأنف على الإطلاق.
- إنني أُكثر من استخدام تعبير دولة عتبة نووية لأنه، في تقديري، ليس لدى الإيرانيين مصلحة في السير إلى ما بعد هذه العتبة، لأن من شأن ذلك [الوصول إلى مرحلة العتبة النووية] أن يسمح لهم بالتمتع بإنجازاتهم من دون أن يضطروا إلى الاعتراف بخرق "ميثاق منع انتشار السلاح النووي" الذي وقّعوه، وهكذا يدفعون متصدّري الميثاق إلى العمل ضدهم مرة أُخرى بواسطة فرض العقوبات.
- حتى لو أصبحت إيران دولة عتبة نووية، بعد جمع ما يكفي من المادة المشعة إلى مستوى 90%، فإنها ستحتاج إلى عامين لإنتاج اليورانيوم المعدني وبناء السلاح النووي. لكن بمجرد الوصول إلى دولة عتبة يمكن بسهولة إخفاء استمرار التخصيب إلى 90% وعمل "مجموعة السلاح". ومن اللحظة التي يتم فيها تجاوُز تلك العتبة لن تكون لمراقبي الأمم المتحدة قدرة على تأكيد أن إيران لا تتقدم سراً إلى مكانة قوة نووية حقيقية، والتجربة مع باكستان وكوريا الشمالية على وجه الخصوص أثبتت أنه عندما يُرفع الستار في النهاية، بعد محاولة إخفاء مقصودة، تكون الدولة في مرحلة تتجاوز التقديرات.
- لا تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي كي تلقي قنبلة على الولايات المتحدة أو إسرائيل أو جار آخر، مثلما لا تحوز كوريا الشمالية سلاحاً نووياً لإلقاء قنبلة على كوريا الجنوبية أو اليابان أو الولايات المتحدة، بل لتضمن بقاء نظام كيم جونغ أون وحرية عمله. ونظام آيات الله ملتزم ومتطرف، لكنه ليس غبياً. كما أن إيران، مثل كوريا الشمالية، تريد البقاء والتأثير فيما يحدث في المنطقة ومحيطها، لكنها لا تريد العودة إلى العصر الحجري. إذا ما وصلت إيران إلى دولة عتبة، فستتمتع بمكانة إقليمية وعالمية محسّنة، وستكون منيعة على التدخل العسكري الخارجي لإسقاط النظام، وستحظى بحرية عمل مضاعفة للتآمر والعمل في المنطقة كلها، وستكون كمن حقق توازناً استراتيجياً مع إسرائيل، وستكسب صورة دولة استفزت العالم، لكنها فرضت إرادتها عليه.
- يفكر الإيرانيون ويتحدثون عن إسرائيل بتعابير تؤكد أنها ظاهرة ليست طبيعية في الشرق الأوسط ومآلها أن تختفي تحت وطأة الضغط الشامل عليها ومقاومة جوهرها وطريقها ووجودها عن طريق إحاطتها بطوق من العداء النشط واستنزافها ضمن معادلة تجمع بين المقاومة العنيفة من الخارج وإضعافها من الداخل. لا ينبغي الاستخفاف بالقدرات الإيرانية أو بصدق تطلُّع الإيرانيين إلى رؤية إسرائيل ضعيفة ومهزومة، وأخيراً مختفية عن الخريطة. لكن يجب ألّا ننسى أن إسرائيل ليست ضعيفة ولديها فرص للتعاون مع بعض الجيران السُّنة، وسيكون تحت تصرفها إسناد شامل من الدولة التي لا تزال الأقوى في العالم [الولايات المتحدة].
- فضلاً عن ذلك، تُعد إسرائيل في العالم، ومنذ أكثر من 50 عاماً، بمثابة قوة نووية عظمى. وبحسب مصادر أجنبية، فإنها تستعد منذ يوبيل، وعلى نحو كبير، لمواجهة أي ظهور لسلاح نووي في دولة معادية لها في المنطقة.
- توجه الولايات المتحدة قوتها الجيو - سياسية في الوقت الحالي من أجل التصدي للصين، وتتخلى عن التزامها بتدخل عسكري مادي في منطقتنا. هذا ميل بدأ لدى أوباما، وتعاظم لدى ترامب، ونضج إلى خطوات عملية لدى بايدن. لا يوجد احتمال لإقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن سلّم الأولويات هذا، أو لتنفيذ هجوم على النووي الإيراني في الزمن القريب، بهدف دفعه إلى الوراء عدة أعوام. ليس واضحاً ما إذا كان لدى الولايات المتحدة أو إسرائيل الآن خطة قابلة لتنفيذ هذا الهدف. هذه هي خلاصة القصور التاريخي الذي تسبب به نتنياهو ووُصف أعلاه.
- على الرغم من ذلك، فإن علينا أن نستخلص من هذا الوضع الناشئ ما هو الحد الأقصى بالنسبة إلى إسرائيل. إن حاجة إسرائيل العاجلة هي التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة لتحديد أهداف مشتركة وسبل تحقيقها في وضع تكون فيه إيران دولة عتبة نووية، وليس خلافات داخلية واتهامات متبادلة مع الإدارة في واشنطن، لا تنطوي على أي منفعة عملية. هذا يتضمن توثيق التعاون الاستخباراتي، وبلورة توافقات على أوضاع وأحداث تستوجب رداً إسرائيلياً/أو أميركياً، وإعداد خطط عمل ملموسة وجاهزة في حال تحقُّق هذه الأوضاع. إن تنسيق المساعدة المكثفة لإسرائيل تكون بواسطة عمل ذاتي تجاه إيران عند الحاجة، وتسريع بناء المنظومة المتعددة الطبقات للدفاع ضد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لإسرائيل، بما في ذلك حل مشكلة صواريخ الاعتراض اللازمة لـ"القبة الحديدية" وتسريع تطوير الاعتراض الدفاعي والهجومي بواسطة الليزر، ونشر "العصا السحرية" وبطاريات "حيتس" من الجيل التالي. وفي ظروف الثقة المتبادلة ستكون الولايات المتحدة معنية بمثل هذا التنسيق لأن أنظارها موجهة نحو الصين.
- إن وجود إيران نووية، أو حتى كـدولة عتبة نووية، هو تغيير جذري سلبي في وضعنا الاستراتيجي، لكنه لا يتضمن تهديداً وجودياً لإسرائيل في المدى المنظور. فلا يُتوقع لأي تطور أن يعفينا من مسؤولية مواصلة البحث عن كل سبيل لإحباط تحقيق هذه الأهداف الإيرانية،وعلينا أن نفهم الواقع، وندرك وجود ثمن للقصور، لكن من دون الإدمان على الأوهام، وعلى الزعماء الذين يعيشون في الأفلام.
- إن الخطر الذي سيترتب على احتمال وصول إيران إلى دولة عتبة نووية في هذه المرحلة ليس وقوف إسرائيل أمام خطر قنبلة نووية تُلقى عليها، إنما الخطر الحقيقي هو انهيار لا مرد له لنظام منع انتشار السلاح النووي. في حالة إيران نووية، من المتوقع أن تسعى تركيا ومصر والسعودية لتصبح دولاً نووية في غضون عقد من الأعوام، وكل ديكتاتور في العالم الثالث يرغب في ذلك سيبني لنفسه قدرة نووية. وفي مثل الوضع الناشئ الذي وصفه قبل أعوام البروفيسور رام أليسون، من هارفرد، في كتابه: سيظهر بعد 20 أو 30 عاماً سلاح نووي، حتى وإن كان بدائياً، في حيازة أي منظمة إرهابية متطرفة، ويكون خطِراً على العالم كله، لا على إسرائيل فحسب، ويجب الاستعداد سياسياً منذ اليوم لهذه الحالات، وخصوصاً فيما يتعلق بانتشار النووي في الشرق الأوسط.
- إن التبجّح الفارغ ليس الطريق الصحيح، وهذه ليست سياسة، بل وصفة لإضعاف إسرائيل وتقليص قدرة الردع وحرية عملها. إننا نتوقع أكثر من حكومة التغيير الجديدة.
- من المخطط أن تجري مسيرة الأعلام لنشطاء اليمين المتطرف هذا المساء. في المرة الماضية جرى مثل هذه المسيرة قبل بضعة أشهر فقط، والإصرار على مرورها في الحي الإسلامي في القدس أشعل الشرق الأوسط. حالياً، يخطط النشطاء لمرور المسيرة في البلدات المختلطة؛ مع ذلك، لم يشمل مسارها المرور في أحياء حساسة بصورة خاصة.
- المسيرة دفعت منظمة "مبادرات أبراهام" إلى توجيه نداء إلى رؤساء المدن ومنظّمي المسيرة، وقّعه 22 من أعضاء مجالس المدن المختلطة، إلى التصرف بمسؤولية والحرص على عدم المرور في أحياء حساسة يمكن أن تخلق استفزازاً. ليس مفاجئاً أن نسمع أن الدعوة إلى الأخذ في الحسبان الحساسية في البلدات التي عانت قبل بضعة أشهر جرّاء العنف الشديد، تسببت بهجوم شديد على المنظمة في وسائل التواصل الاجتماعي، وقام المغردون من اليمين المتطرف بمقارنة منظمة "مبادرات أبراهام"، التي يتمحور عملها على الحياة المشتركة وتعمل مع وزارات الدولة بحركة "حماس" (ربما لأن الناطق بلسانها دعا إلى الاحتجاج على المسيرة).
- كعادتهم، نشطاء اليمين المتطرف اتّهموا اليساريين بأنهم غير وطنيين، والحجة المركزية لذلك يمكن تلخيصها بـ"هل ممنوع رفع علَم الدولة؟" ليس من الصعب الشرح أن هذه الحجة ديماغوجية وغبية.
- مسيرات المثليين لا تمر في الأحياء الحريدية [للمتدينين المتزمتين]، والأعلام ليست هي القصة المركزية في هذا الحدث الذي يمكن أن يكون مرفوضاً واستفزازياً، حتى لو لم يُرفع فيه علَم واحد. من الواضح للجميع أن الأساسي في هذه المسيرات ليس حب العلَم ولا حب إسرائيل، بل كراهية العرب، وهي تحمل رسالة واضحة بأن لا مكان لهم تحت هذا العلَم، وضمنياً في الدولة.
- مسيرات الأعلام يشارك فيها بضع مئات من النشطاء، ويمكن اعتبارها استفزازاً من طرف أقلية هامشية ومتطرفة. لكن مسيرات الأعلام على أنواعها ترمز إلى جرح عميق ودامٍ، وهي فرصة جيدة للبدء بمواجهته.
- ملايين الإسرائيليين لا يشاركون في هذه المسيرات ويكرهونها، لكن عندما يسمعون "هل ممنوع على اليهود رفع علَم دولتهم" يشعرون بالاضطراب، حتى اليساريون من بينهم. ربما هذه الحجة غبية، لكنها ليست فارغة. نحو 20% من مواطني الدولة، أي نحو مليونيْ مواطن ومواطنة لديهم علاقة معقدة بعلَم دولتهم.
- عملياً، حتى اليوم، أغلبية معسكر اليسار - الوسط كبتت تماماً تعقيدات الهوية- الوطنية للمواطنين العرب في إسرائيل. هذا المعسكر يريد حل المشكلة الفلسطينية من خلال حل "دولتين لشعبين"، ومنح حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة. لكن كيف يبدو المستقبل الذي يقترحه هذا المعسكر لنحو مليوني إسرائيلي، هم فلسطينيو الأصل والهوية؟ هذا سؤال قلائل تجرأوا على مواجهته ويمكن أن نفهم السبب لأن الإجابة تبدو مستحيلة تقريباً.
- من جهة، الاعتراف بالهوية الفلسطينية للمواطنين العرب في دولة ديمقراطية – ليبرالية تؤمن بالمساواة والتعددية يثير الخوف من تقويض أسس الصهيونية والأغلبية اليهودية في الدولة التي تشكل أغلبية ناخبي الوسط واليسار. من جهة أُخرى، الحفاظ على التفوق اليهودي في هوية الدولة ينطوي على إقصاء وانتهاك كبير لحقوق الأقلية والقيم الديمقراطية التي تُعتبر منارة هذا المعسكر. دولة يهودية أو ديمقراطية؟ هذا هو الخيار الذي، على ما يبدو، رفض معسكر الوسط - اليسار القيام به وفضّل أن يكبته.
- الواقع المعقد يتطلب حلولاً معقدة. بالتحديد الآن، في السنة التي يقوم فيها أول ائتلاف عربي - يهودي، إلى جانب مشاركة متزايدة للمواطنين العرب في المجتمع الإسرائيلي، حان الوقت لنضوج المعسكر السياسي العريض الذي يمتد من ناخبي يوجد مستقبل، وصولاً إلى حركة ميرتس. المطلوب بلورة رؤية تقترح على مليونيْ مواطن ومواطنة عدم التخلي عن هويتهم الوطنية. هذه المهمة مطروحة علينا: يجب علينا بلورة هوية متجانسة وشاملة للمواطَنة الإسرائيلية يمكن أن يتماهى معها اليهود والعرب وتشمل المساواة والهوية القومية المعقدة، جنباً إلى جنب.
- هذه المهمة صعبة تتطلب منا تأملاً داخلياً وقراراً أخلاقياً. والأكيد أن علَم الدولة ليس الرمز القومي الوحيد الذي يلجأ إليه كل مواطني الدولة، بل هو موجّه حصرياً إلى الشعب اليهودي. حاولوا أن تفكروا قليلاً، هل لدينا رموز مشتركة تتعلق بنا كلنا كإسرائيليين؟ على سبيل المثال، نحتفل بعيد الحانوكا هذا الأسبوع؛ في المقابل، أُقيمت شجرة الميلاد في الناصرة وفي بلدات أُخرى. على مدار العام، يحتفل اليهود والعرب بأعيادهم الدينية بصورة منفصلة، من دون أي تاريخ مشترك، أليس هناك عيد إسرائيلي لا يذكّر بنكبة شعب آخر أو جرح آخر. هل تصبح دولة إسرائيل أقل "يهودية" إذا نجحنا في الاتفاق على عيد وعطلة للجميع؟ مثلاً عيد إبراهيم، الأب المشترك بيننا؟
- يتعين على الوسط – اليسار التخلي عن تردُّده ورسم رؤية واضحة مع شركائه العرب لا تنحصر بتخصيص ميزانيات لمحاربة العنف وضجيج المسيرات الاحتجاجية، بل تقترح مستقبلاً مستداماً وعادلاً وواضحاً لحياتنا هنا معاً. نحن أقوياء بما فيه الكفاية كي لا يشكل هذا تهديداً لنا، ويجب أن نكون شعباً يثق بنفسه كي يترك مكاناً للآخرين للعيش إلى جانبه وليس مكانه. هذا هو علَم اليسار الصهيوني الذي يجب أن نرفعه، والذي يمكن أن نسير تحته كلنا معاً.