مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مصادر سورية: إسرائيل هاجمت أهدافاً في جنوب سورية وتسببت بمقتل جندي
الولايات المتحدة تراجعت عن نيتها فتح قنصليتها في القدس الشرقية
اتهام مواطن إسرائيلي وفلسطيني من غزة بالتجسس على إسرائيل لمصلحة "حماس"
تقرير: استعدادات الجيش لشن هجوم على إيران ستستغرق 3-5 أعوام
مقالات وتحليلات
"حماس" والتوتر ما بين التسوية والمقاومة
يجب عدم الاستخفاف بالخطر الإيراني
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 16/12/2021
مصادر سورية: إسرائيل هاجمت أهدافاً في جنوب سورية وتسببت بمقتل جندي

ذكرت مصادر رسمية سورية أن إسرائيل شنت هجوماً جوياً ضد أهداف تقع جنوب سورية، وأن جندياً سورياً قُتل جرّاء الهجوم. وبحسب الأخبار التي جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، سُمعت أصداء الانفجارات في العاصمة دمشق.

في هذه الأثناء، أعلن ناطق أميركي أن الجيش الأميركي اعترض أول أمس مسيّرة صغيرة بالقرب من قاعدة التنف في شمال سورية. وكانت القوات الأميركية لاحظت اقتراب مسيّرتين صغيرتين من القاعدة جرى اعتراض إحداها، بينما نجحت الأُخرى في الابتعاد. تأتي عملية الاعتراض هذه بعد مرور شهرين على مهاجمة قاعدة التنف بخمس مسيّرات انتحارية إيرانية، انتقاماً لهجمات إسرائيلية ضدها في سورية.

وتحدث المراسل العسكري طال ليف رام في صحيفة "معاريف" (16/12/2021) عن الهجوم الأخير المنسوب إلى إسرائيل، فقال إنه انطلق، على الأرجح، من منطقة هضبة الجولان، والهدف كان في جنوب دمشق. وأشار إلى أن الجندي القتيل يمكن أن يكون من طاقم الدفاعات الجوية التي اعترضت طائرات سلاح الجو. ورأى طال أن الخروج الإيراني من سورية لن يحدث بسرعة، لكن هناك بعض النقاط الإيجابية بالنسبة إلى إسرائيل، مثلاً التخوف من خروج الولايات المتحدة من سورية، بعد انسحابها من أفغانستان، لم يعد مطروحاً، كما أعرب عن اعتقاده أن هناك تراجعاً في حجم الوجود الإيراني.

موقع N12، 15/12/2021
الولايات المتحدة تراجعت عن نيتها فتح قنصليتها في القدس الشرقية

تراجعت الولايات المتحدة عن نيتها فتح قنصلية للفلسطينيين في القدس، هذا ما ورد في تقرير نشره موقع "تايمز أوف إسرائيل"، نقلاً عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قال "نظراً إلى أن إسرائيل تقف في مواجهة إدارة بايدن بشأن الاتفاق النووي مع إيران، فإن الولايات المتحدة لا تريد فتح جبهة جديدة مع إعادة فتح القنصلية". ويبدو أن هذا القرار جاء نتيجة الضغوط التي مارستها إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي أوضح لبينت، خلال الزيارة التي قام بها الأخير إلى البيت الأبيض واجتماعه به، أنه لا ينوي التخلي عن إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، لأن ذلك يشكل وفاء لوعد تعهد به خلال حملته الانتخابية. وشرح بينت للرئيس بايدن معارضته هذه الخطوة، لكنه اقترح تشكيل هيئة تضم الطرفين للبحث في الموضوع وإيجاد حل مقبول من الجانبين.

في وقت لاحق، أشار الأميركيون إلى أن قرار تجميد إعادة فتح القنصلية ليس نهائياً، وأن الخط الرسمي لبايدن وإدارته مواصلة خطوات إعادة فتحها.

"هآرتس"، 16/12/2021
اتهام مواطن إسرائيلي وفلسطيني من غزة بالتجسس على إسرائيل لمصلحة "حماس"

اتهُّم كلٌّ من حسين بياري، مواطن إسرائيلي من سكان يافا (30 عاماً)، تقطن عائلته في غزة، ومحمود أحمد (33 عاماً)، من سكان غزة ويحمل إذن دخول إلى إسرائيل للتجارة، بالتجسس على إسرائيل، وبأنهما عميلان لحركة "حماس". 

وبالاستناد إلى الشرطة، قام بياري بجمع معلومات عن منشآت عسكرية حساسة في إسرائيل، وعن عمل القبة الحديدية في شتى أنحاء البلد. كما طلبت منه "حماس" تحريض السكان العرب في إسرائيل ضد الدولة، وتزويدهم بالسلاح للقيام بهجمات داخل إسرائيل. وعلى ما يبدو، جرى تجنيده خلال زيارته عائلته في غزة.

وبالاستناد إلى الشاباك، اعترف محمود أحمد بأنه جُنِّد في شبكة التجسس التابعة لـ"حماس" في سنة 2019، وقام بجمع معلومات عن القبة الحديدية، وصوّر سراً جنوداً إسرائيليين في المحطة المركزية في عسقلان. وكشفت التحقيقات مع المتهمين أنهما كانا يلتقيان مشغلّيهما من "حماس" في قطاع غزة ويحصلان منهم على المهمات، وكانا على تواصُل دائم معهم.

"يسرائيل هَيوم"، 16/12/2021
تقرير: استعدادات الجيش لشن هجوم على إيران ستستغرق 3-5 أعوام

يستعد الجيش الإسرائيلي لخوض حرب شاملة ضد إيران، يشكل الهجوم ضد المنشآت النووية جزءاً منها فقط. وتشمل الخطط العملانية الجديدة إمكان "تبادُل الضربات" مباشرة بين الدولتين، أو من خلال وكلاء.

الجهوزية الآن هي جزئية فقط بسبب إهمال الاستعدادات في العقد الماضي، بعد إبرام الاتفاق النووي، وجرى تسريعها مجدداً، لكنها تتطلب فترة 3-5 أعوام حتى تصبح جاهزة بصورة كاملة. كما تطور إسرائيل قدرات من شأنها توسيع نطاق خياراتها في مواجهة إيران، وتنوي زيادة تسلُّحها بمختلف أنواع القنابل والصواريخ الاعتراضية من طراز القبة الحديدية والعصا السحرية، استعداداً لمواجهة مستقبلية مع إيران.

وتتوزع الاستعدادات لهجوم مستقبلي ضد إيران إلى ثلاث طبقات مركزية: المرحلة التي تسبق الهجوم، والهجوم بحد ذاته، وما سيجري بعده. في المرحلة التي تسبق الهجوم، سيكون مطلوباً من الجيش إعداد الخطط العملانية والتدريب على النماذج القتالية والاستعداد لمواجهة تصعيد على سائر الجبهات.

في المقابل، سيكون على إسرائيل القيام بمسعى دبلوماسي حثيث للحصول على شرعية دولية للهجوم. وستفعل إسرائيل ذلك من دون الكشف عن نياتها بشأن الهجوم، باستثناء الولايات المتحدة التي ستشاركها السر.

يقول ضابط رفيع المستوى إن التنسيق مع الولايات المتحدة استراتيجي، وفي قلب مصلحة إسرائيل، ويمكن الاستعانة بالأميركيين خلال الهجوم، مثلاً استخباراتياً، ومن خلال الرادارات التي نشرها الأميركيون في العراق والخليج، وحتى في مهمات إنقاذية.

كما سيتعين على إسرائيل أن تقرر ما هي الخطوط الحمراء التي ستهاجم إيران بسببها. أمّا الهجوم بحد ذاته فمن الممكن أن يكون محدوداً أو واسعاً، وأن يشمل فقط منشأة نتانز في قم، ومنشآت أُخرى لها علاقة بالبرنامج النووي، وحتى مواقع للحرس الثوري الإيراني.  ومن المعقول أن تهاجم إسرائيل، في أي سيناريو هجومي، منظومة الدفاع الجوي الإيراني للحد من خطر تعرُّض طائرات سلاح الجو للإصابة.

في إطار التحضيرات للهجوم، ستستعد إسرائيل أيضاً "لليوم التالي". يُجمع الخبراء على أن إيران سترد، لكنهم يختلفون بشأن حجم الرد. جزء منهم يعتقد أن إيران ستستخدم كل قدراتها وكل مَن يخضع لوصايتها في هجوم مضاد واسع النطاق، بينما يعتقد آخرون أن الرد سيكون محصوراً جداً، وفي الأساس من طرف حزب الله الذي يُعتبر سلاحاً أساسياً في ترسانة الرد الإيراني. ويُجمع الخبراء أيضاً على أن إيران ستحاول مباشرة إعادة بناء برنامجها النووي بعد تعرُّضها للهجوم، وستدّعي أن تعرُّضها لهجوم من دولة نووية، مثل إسرائيل، يعطيها الحق في الحصول على سلاح نووي لتدافع عن نفسها ضد هجمات شبيهة مستقبلاً.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"موقع الأخبار N12"، 10/12/2021
"حماس" والتوتر ما بين التسوية والمقاومة
أودي ديكل - عقيد احتياط ومدير "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، شغل في السابق منصب رئيس دائرة المفاوضات مع الفلسطينيين في عهد رئيس الحكومة إيهود أولمرت
  • كلما اقتربت حركة "حماس" من التوصل إلى تسوية مع إسرائيل بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار لفترة طويلة (حتى خمسة أعوام) في مقابل ترميم قطاع غزة وتحسين الوضع الاقتصادي والإنساني هناك، اشتدت لديها غريزة "المقاومة"، وهو ما انعكس في تصريح رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية بأن "المقاومة هي خيار حماس الاستراتيجي".
  • الحجة التي تستخدمها "حماس" في "تسخين" الأجواء هي "عدم الرضا العميق" عن أداء الوسطاء المصريين، وعن تراجعهم عن تعهداتهم لها. وكما يقول المتحدثون بلسانها، فإن التفاهمات تتقدم بوتيرة بطيئة جداً ولم يتحقق فيها أي اختراق حتى الآن. وكشف مصدر مجهول الهوية في قيادة حركة "حماس" لقناة "الجزيرة" إن الحركة تفحص إمكان التصعيد مقابل إسرائيل، على خلفية استمرار "الحصار" على قطاع غزة والتلكؤ في إعادة إعماره، إلى جانب "الهجمات" الإسرائيلية على المسجد الأقصى و"المسّ بالأسرى". كما اتهم المصدر نفسه مصرَ بأن أداءها يشكل تخلياً عن تعهدها إرغام إسرائيل على احترام التفاهمات التي تم التوصل إليها بشأن التهدئة في مقابل التزام فصائل "المقاومة" الحفاظ على الهدوء. وعليه، حدد المتحدثون باسم "حماس" هدفاً جديداً لنهاية العام الجاري هو تطبيق التفاهمات، وربما تبدأ أعمال التصعيد خلال الأسبوع القريب.
  • تأتي تهديدات "حماس" هذه بعد أسابيع عديدة من الهدوء في قطاع غزة، وذلك على خلفية التقدم الذي أُحرِز خلال الاتصالات الجارية للتوصل إلى تسوية؛ سياسة التسهيلات الإسرائيلية السخية في إدخال البضائع إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم؛ زيادة عدد العمال/ التجار المسموح لهم بالدخول إلى إسرائيل، بموافقة "حماس"، إلى عشرة آلاف؛ تحويل الهبات المالية من قطر إلى غزة، وبصورة خاصة لتزويد محطة الطاقة بالوقود، وللعائلات الفقيرة؛ التسوية القطرية - المصرية الخاصة بشراء الوقود ومواد البناء وتحويل الأموال اللازمة لتمويل دفع رواتب العاملين في حكومة "حماس" في قطاع غزة؛ الزيادة الكبيرة في حجم وأنواع البضائع والمواد الخام التي يتزود بها قطاع غزة من مصر.
  • فما الذي يثير قلق "حماس"، إذاً؟ تتأثر "حماس" بموجة العمليات التي تُنفَّذ (ضد أهداف إسرائيلية ويهودية) في "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية)، بينما تحرص هي على حفظ الهدوء الأمني، تتعايش مع إقامة الحواجز الأمنية حول قطاع غزة وتستفيد من التسهيلات في الحصار. وعلى الرغم من أن "حماس" تشجع التصعيد في الضفة الغربية، سواء بالتحريض أو بتحفيز شبان على تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين، فإن التوتر الذي تعيشه يزداد حدة حيال الهدوء السائد في قطاع غزة، ولا سيما معضلة "حماس" وتخبُّطها بين هوياتها المتعددة - حركة إسلاموية، حركة وطنية فلسطينية، لاعب شبه دولتي يسيطر على قطاع غزة وحركة مقاومة عنيفة. ترى "حماس" أنه في أعقاب "حارس الأسوار" (العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، من 10 حتى 21 أيار/مايو الماضي، والذي أطلقت عليه فصائل المقاومة الفلسطينية اسم "معركة سيف القدس") أصبح من حقها اعتراف مصر وإسرائيل والمجتمع الدولي بأنها أصبحت في مكانة اللاعب الدولتي الشرعي، أو أقرب ما يمكن منها، بل الاعتراف بها بما يعادل الاعتراف بالسلطة الفلسطينية على الأقل. لكن هذا الإنجاز تبدد مع مرور الوقت.
  • في المقابل، سرّبت "حماس" مسودة وثيقة سياسية قدمتها إلى مصر وتلخص فيها مواقفها المتعددة. لم تتخلّ "حماس" عن الهدف الأسمى -"تحرير فلسطين" - بصرف النظر عن الظروف المتغيرة، بل تطمح إلى "وضع حد لحصرية حركة "فتح" في عملية صنع القرارات في داخل الحركة الوطنية الفلسطينية". وتفصل "حماس" بين مسألة الأسرى والمفقودين (الإسرائيليين) وبين أية تسوية، أو تفاهمات مع إسرائيل بشأن التهدئة الأمنية لمدى طويل، وقد أوضحت بصورة لا لبس فيها أنها لن تتوقف عن محاولات خطف جنود إسرائيليين من أجل تحرير أسرى فلسطينيين.
  • يمثل قطاع غزة وحُكم حركة "حماس" فيه مشكلة لا حل لها، وهي أشبه بمرض عضال لا علاج له ولا دواء. تذهب إسرائيل أحياناً إلى البحث في عدد من الخيارات وتحتار فيما بينها: (1) وقف إطلاق النار لفترة طويلة مع تسوية لقضية الأسرى والمفقودين (الإسرائيليين)، ووقف تعاظُم "حماس" العسكري؛ (2) تفاهمات بشأن تهدئة قصيرة المدى، من دون تسوية قضية الأسرى والمفقودين، ومن دون وقف التعاظُم العسكري؛ (3) الاستمرار في إدارة الصراع والتأقلم مع تغيرات الوضع؛ (4) عملية عسكرية محدودة النطاق لترميم الردع؛ (5) عملية عسكرية واسعة النطاق لتدمير الذراع العسكرية لحركة "حماس"؛ (6) الانفصال التام والنهائي عن قطاع غزة وإغلاق المعابر إلى إسرائيل.
  • اختارت إسرائيل خيار الدفع نحو تفاهمات بشأن تهدئة طويلة المدى مع "حماس"، بوساطة مصرية، في مقابل تسهيلات في الحصار وتحسين جدّي للبنى التحتية المدنية في قطاع غزة، مع التركيز بصورة خاصة على التزويد المنتظم بالكهرباء والماء، بالإضافة إلى توسيع وزيادة مصادر العمل ومقومات العيش لعموم السكان في القطاع.
  • من شأن الاستجابة لمطالب "حماس" الخاصة بتسريع التسهيلات في الحصار وإعادة إعمار قطاع غزة، من دون الحصول على مقابل عملي يضمن وقف تعاظُم الذراع العسكرية للحركة وحلاً لمسألة الأسرى والمفقودين، أن تؤدي إلى استمرار تعاظُم قوة "حماس" في الساحة الفلسطينية الداخلية، في موازاة استمرار تراجُع قوة السلطة الفلسطينية، بما يترتب على ذلك من زعزعة للاستقرار والهدوء في الضفة الغربية. نهاية سلطة "حماس" في قطاع غزة لا تبدو في الأفق، ولا بدائل جيدة منها، بل لا حلول فعالة لمنع تعاظُمها. ستواصل "حماس" التنقل بين هوياتها المتعددة، الدينية، والوطنية، والمدنية، والمقاومة - ولن تلتزم بالتسوية لمدى بعيد، بل ثمة أحداث متوقعة على الدوام، من شأنها "إشعال فتيل المقاومة لديها"، وهو ما يعني أن الطريق من التسوية إلى المواجهة العسكرية وإدارة الصراع قصيرة جداً.

 

"يسرائيل هَيوم"، 15/12/2021
يجب عدم الاستخفاف بالخطر الإيراني
مئير بن شبات - شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي في الفترة 2017-2021، وحالياً باحث في معهد دراسات الأمن القومي
  • الوضع الاستراتيجي لإسرائيل مع نهاية السنة الميلادية جيد، لكنه هش ومتعدد التحديات. هو جيد لأنه على الرغم من أحداث العام الماضي، فإن إسرائيل تنهي سنة 2021 مع وضع سياسي متين واقتصاد قوي ومستقر وقوة عسكرية لا لبس حولها، وهي لا تزال تستفيد من إنجازاتها السياسية، ومن صورة قوتها الأمنية العامة، ومن ميزاتها كدولة ناشئة، ومن ابتكاراتها التكنولوجية.
  • وضع "هش"، نظراً إلى العدد الكبير من القضايا الحساسة والمترابطة فيما بينها والتداعيات الواسعة النطاق لكل واحدة منها. وعلى رأسها المسألة النووية الإيرانية: الاقتراب من لحظة الحسم والتوترات المتزايدة حولها على الصعيدين السياسي والأمني.
  • وضعٌ "متعدد التحديات"، هو وصف يميز دائماً الوضع العام في إسرائيل، لكنه يكشف هذه المرة صعوبة إدارة الأمور وفق المبادىء والأولويات الموضوعة في الماضي، بسبب الحاجة إلى التصرف بلطف وتركيز أكبر على المستويين الاستراتيجي والعملاني. هناك تحدٍّ آخر هو اتخاذ القرارات المتعلقة بجزء من المسائل داخل المنظومة السياسية، وذلك في ضوء الاختلافات في وجهات النظر حول طاولة النقاشات.
  • إن وحدة المجتمع الإسرائيلي هي شرط ضروري للمناعة الوطنية. وهذا الأمر صحيح طوال الوقت، فكم بالأحرى في مواجهة الواقع السياسي-الأمني في زمننا هذا. التوترات في العلاقة بين العرب واليهود في المدن المختلطة منذ أحداث "حارس الأسوار"، والشعور بالإحباط وعدم الثقة بالأمن الفردي، في ضوء ضعف السلطة والارتفاع الكبير في الجريمة في القطاع العربي، كل ذلك أدى إلى بروز تصدعات جديدة، وعمّق تلك التي كانت موجودة نتيجة الاستقطاب الداخلي.
  • صورة الوضع هذه تتطلب تغيير المقاربة ووضع هذه المسألة بين الأهداف الأولى للحكومة في العام المقبل.

تهديد وجودي لإسرائيل

  • ما هو الهدف وإلى أين يجب توجيه الجهود؟
  • أولاً - ترسيخ دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وقوية وآمنة ومزدهرة. هذا هو الهدف الأسمى الذي يجب أن تتوجه إليه جهود الدولة، وأن يشكل البوصلة لتحديد أهداف ملموسة لهيئات التخطيط والتنفيذ في كل المجالات. هذه الصيغة تعكس الرغبة في التمسك، بقدر الإمكان، بمقاربة عملية، من دون إهمال النقاش المهم والمطلوب دائماً في المسائل الكبيرة، مثل الهوية والهدف والرؤيا.
  • ثانياً - منع إيران من التحول إلى دولة على عتبة النووي. فالسعي لمنع تحوُّل إيران إلى دولة نووية، أو على عتبة النووي، هو في رأس التحديات التي تواجهها إسرائيل في سنة 2022، كما هو معروف. التعريف المبسّط لـ"دولة على عتبة النووي" هو أنها دولة لديها تكنولوجيا وقدرة عملانية على إنتاج سلاح نووي، لكنها لم تفعل ذلك بعد.
  • لماذا البرنامج النووي مهم لإيران إلى حد أنها مستعدة للمخاطرة في دفع أثمان باهظة في الموضوع؟ يمكن أن نلخّص الجواب بكلمتين: بقاء ورؤيا.
  • تسعى إيران للحصول على سلاح نووي لحماية نظام الملالي في مواجهة تدخُّل عسكري خارجي يسعى لإسقاطه. بقاء النظام هو بمثابة ضمانة لئلا تكون الجمهورية الإسلامية فصلاً عابراً في التاريخ. وبقاء النظام هو أيضاً الأداة الأساسية لتحقيق رؤيته الطموحة.
  • سلاح نووي، أو دولة على عتبة النووي، يمنحان إيران حرية العمل في خطواتها التآمرية وتنفيذ خططها لترسيخ الهيمنة الإيرانية في المنطقة. وهو سيمكّنها من استخدام قوات بالوكالة في حماية الردع الكبير الذي سيُضاف إليها، وسيجعلها تتمتع بمكانة عالمية جيدةـ وسيزيد بصورة كبيرة في قدرتها على المساومة في مسائل عديدة. حصول إيران على سلاح نووي يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل.
  • لا يمكن قبول الافتراض أن إيران ستتصرف طوال الوقت وفي أي سيناريو بصورة عقلانية، وأن حسابات الربح والخسارة ستمنعها من إلحاق الضرر بإسرائيل. إن وصف إسرائيل بالسرطان والتهديد الدائم بتدميرها يعكسان نمطاً وموقفاً إيرانياً عميقاً حيالها.
  • لسنا بحاجة إلى خيال جامح لرسم سيناريو تمرُّد داخلي قوي في إيران يدفع الزعامة إلى التقدير أن نهاية النظام باتت قريبة، وهو ما يغريه، قبل سقوطه، باستخدام السلاح النووي الذي في حوزته.
  • لكن حتى من دون سيناريو التهديد بإلقاء القنبلة، يبقى التهديد لإسرائيل غير محتمَل. تحوُّل إيران إلى دولة على عتبة النووي سيسمح لها بتحريك قوات بالوكالة عنها للقيام بهجمات تقليدية مكثفة ضد خصومها، من دون الخوف من رد عسكري ضدها. تستطيع إيران أن تقف موقف المتفرج وهي تشاهد وكلاءها يسحقون خصومها بإطلاق آلاف الصواريخ. ينطبق ذلك على حزب الله ومختلف الميليشيات التي تدعمها إيران.
  • بالإضافة إلى ذلك، تحوُّل إيران إلى دولة نووية، أو على عتبة النووي، سيؤدي إلى سباق على التسلح النووي في المنطقة كلها. السعودية ومصر وتركيا لن تقف موقف المتفرج، ولا يتسع هنا المجال لوصف التداعيات الواسعة النطاق لهذه الخطوة.
  • بناءً على ذلك، لا يمكن قبول وجهة النظر الداعية إلى احتواء إيران النووية. ويتعين على إسرائيل الإصرار على المطالبة بخطوات تمنع إيران من التحول إلى دولة على عتبة النووي.

الضغط لا يزال فاعلاً

  • الاتفاق هو وسيلة وليس غاية! الاتفاق مهم فقط إذا شمل تعهدات وخطوات وآليات تضمن تحقيق الهدف. وبخلاف ذلك، هو أشبه بدواء لا يناسب المرض: ندفع ثمنه، ونعلق آمالاً زائفة على الشفاء، ونبذل جهوداً لإيجاد البدائل، وفي نهاية الأمر - المعاناة تستمر، سواء جرّاء المرض، أو العوارض المرافقة له.
  • ليس لدى إيران سبب كي تسارع إلى التوصل إلى اتفاقات، وخصوصاً إلى قيود وخطوات جوهرية من النوع المطلوب. خيار عسكري موثوق به وضغط اقتصادي يمكنهما تشكيل حجة مقنعة. من الصعب أن نجد نموذجاً لبرنامج نووي جرى تفكيكه من دون ضغط أو إكراه.
  • صحيح أن الضغط لم يدفع إيران حتى الآن إلى نقطة الانهيار، لكن هذا لا يدل على عدم فعاليته. الوسائل التي استُخدمت حتى الآن لم تُستنفد بعد، وتغيُّر السلطة في الولايات المتحدة، رأت فيه إيران أفقاً وأعطاها أملاً. على هذه الخلفية بالتحديد، يمكن أن تكون أداة العقوبات في يد إدارة بايدن أقوى مما كانت عليه في الإدارة السابقة، لأنها تواجه اقتصاداً إيرانياً منهاراً، ونظراً إلى تأثيرها المعنوي، يمكن أن تشكل مفتاحاً لإغلاق باب الأمل.
  • يجب مواصلة الحوار بين إسرائيل والولايات المتحدة على كل القنوات، وفي كل الموضوعات والسيناريوهات، في المديَين، المباشر والبعيد. كما يجب أن تحتفط إسرائيل بحرية العمل وحرية التعبير عن رأيها. ويجب أن يجري النقاش في المسائل العملانية ضمن منتديات داخلية ملائمة وألّا يجري في وسائل الإعلام.

طرد قوى محور الشر

  • هناك تحدٍّ آخر يواجهنا في سنة 2022، هو إخراج إيران من سورية.
  • إن المعركة السياسية - والأمنية لمنع إيران من التمركز في سورية أعطت نتائجها. من دون التخلي عنها، يجب الاستعداد لفرص التوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى الخروج الكامل لقوى الشر من هذه الدولة. مثل هذه التسوية يجب أن يمر عبر اتفاق أميركي - روسي تنضم إليه الدول السُّنية العربية وتركيا. على خلفية التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، تبدو سورية قادرة على تشكيل فرصة لهما في تحقيق إنجاز مشترك: التوصل إلى حل دبلوماسي لنزاع معقد ودموي.
  • ماذا ستتضمن هذه التسوية؟ وجهة النظر الإسرائيلية هي في قلب هذه التسوية. التعهد بانسحاب القوات التي دخلت إلى سورية بعد سنة 2011 (تعريف يشمل إيران ووكلاءها)، وآليات رقابة وتحكُّم على المعابر والحدود، ومنع تمركُز عناصر إرهابية إسلامية، والمحافظة على اتفاقات فصل القوات العائدة إلى سنة 1974.