مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
بينت يحذّر "حماس": على كل من يوجّه الصواريخ في اتجاه إسرائيل تحمُّل المسؤولية
الحكومة الإسرائيلية تقرر تعريف وحدة "اليمام" في الشرطة بأنها "وحدة العمليات القومية لمكافحة الإرهاب"
توقعات بإصابة ثلث الإسرائيليين بمتحور "أوميكرون" في الأسابيع الثلاثة المقبلة
مقالات وتحليلات
نموذج التسوية الآخذ بالتشكّل في غزة لا يُعدّ ضمانة لعدم خروج "حماس" إلى مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل
اعتقدنا أن المال سيحل النزاع. لكن هذا تبدد
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 3/1/2022
بينت يحذّر "حماس": على كل من يوجّه الصواريخ في اتجاه إسرائيل تحمُّل المسؤولية

وجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت رسالة تحذيرية إلى حركة "حماس" في إثر غارات قام سلاح الجو الإسرائيلي بشنها ضد مواقع تابعة للحركة بعد ساعات قليلة من إطلاق صاروخين من قطاع غزة في اتجاه وسط إسرائيل مساء أول أمس (السبت).

وقال بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "إن كل قصص ’حماس’ بشأن مسؤولية البرق عن إطلاق الصواريخ بصورة لا إرادية لم تعد ذات صلة، وعلى كل مَن يوجّه الصواريخ في اتجاه دولة إسرائيل تحمُّل المسؤولية".

وأوضح بينت أن الجيش الإسرائيلي اكتفى برد محدود على صورة هجوم ضد مجمع لصنع الصواريخ على غرار معظم الهجمات التي نُفِّذت منذ نهاية عملية "حارس الأسوار"، كما هاجم مواقع فارغة، بغية إرسال إشارة إلى "حماس"، فحواها أن النية في إسرائيل هي نحو إنهاء الحدث وعدم الانجرار إلى أي تصعيد.

وذكرت مصادر مقربة من رئيس الحكومة أن تردّي وضع الأسير الإداري الفلسطيني هشام أبو هواش، المضرب عن الطعام منذ أكثر من 100 يوم، يساهم في رفع منسوب التوتر بين إسرائيل ومختلف الفصائل في القطاع. وسبق لحركة الجهاد الإسلامي أن أطلقت تهديدات بأنه في حال وفاة أبو هواش فإنها سترد على ذلك بحزم. وأكدت "حماس"، بدورها، أنها تراقب الوضع الخطر لأبو هواش، وأن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياته، ودعت المنظمات الإنسانية إلى التوقف عن صمتها والقيام بمهماتها.

وكان بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي ذكر أن سلاح الجو الإسرائيلي قام في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية بشن عدة غارات جوية استهدفت سلسلة من الأهداف في مجمع لصنع الصواريخ تابع لـ"حماس" في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه قامت دبابات إسرائيلية بقصف مواقع عسكرية تابعة للحركة في منطقة الحدود مع القطاع.

وأوضح البيان أن هذه الهجمات جاءت رداً على قصف صاروخي انطلق من داخل قطاع غزة صباح أول أمس واستهدف العمق الإسرائيلي المجاور لشواطئ البحر الأبيض المتوسط غربي منطقة غوش دان في وسط إسرائيل. وأكد البيان أن "حماس" مسؤولة عما يحدث في قطاع غزة، وتتحمل بالتالي تبعات أي أعمال عدائية تتخذ من القطاع قاعدة لها. وأشار البيان إلى أن إحدى الطائرات تعرضت لإطلاق النار خلال الغارات الجوية من دون أن يؤدي ذلك إلى وقوع إصابات أو أضرار. كما أشار إلى أن الصاروخين اللذين أُطلقا من القطاع سقطا في منطقة مفتوحة، ولم يكن هناك حاجة إلى تشغيل صافرات الإنذار، ولا إلى تنفيذ أي محاولة اعتراض.

في المقابل، قالت مصادر فلسطينية في قطاع غزة إن انطلاق الصاروخين كان نتيجة الأحوال الجوية، ولم يكن مقصوداً، أو في إطار التجارب.

 

"يديعوت أحرونوت"، 3/1/2022
الحكومة الإسرائيلية تقرر تعريف وحدة "اليمام" في الشرطة بأنها "وحدة العمليات القومية لمكافحة الإرهاب"

صادقت الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد) على اقتراح رئيس الحكومة نفتالي بينت ووزير الأمن الداخلي عومر بار ليف، والقاضي بتعريف وحدة "اليمام" الخاصة في الشرطة الإسرائيلية بأنها "وحدة العمليات القومية لمكافحة الإرهاب".

وجاءت هذه المصادقة تنفيذاً لتوصية قدمها مجلس الأمن القومي في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

وقال بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، بعد المصادقة على الاقتراح، إنه وضع أمام "اليمام" هدفاً بأن تكون وحدة مكافحة الإرهاب الأفضل في العالم.

"يديعوت أحرونوت"، 3/1/2022
توقعات بإصابة ثلث الإسرائيليين بمتحور "أوميكرون" في الأسابيع الثلاثة المقبلة

توقع البروفيسور عيران سيغال، وهو خبير صحي من "معهد فايتسمان للعلوم" في رحوفوت [وسط إسرائيل] يقدم المشورة إلى الحكومة الإسرائيلية، أن يُصاب واحد من بين كل ثلاثة أو أربعة إسرائيليين بمتحور فيروس كورونا "أوميكرون" خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وحذّر من أن معظمهم لن يعرف أنه مصاب، لأن معدات فحوصات كورونا آخذة بالنفاد في البلد.

وجاءت توقعات هذا الخبير في سياق تقرير رسمي بشأن فيروس كورونا تم تسليمه إلى الحكومة، وفي سلسلة من المقابلات الصحافية التي أكد فيها أنه يقدّر بأن 2-4 ملايين من إجمالي سكان إسرائيل، البالغ عددهم 9.5 مليون نسمة، سينتهي بهم الأمر بالإصابة بـ"أوميكرون"، لكن عدد الحالات الخطرة لن يتجاوز الرقم القياسي الحالي، البالغ نحو 1200.

وقال سيغال أيضاً إن من المتوقع أيضاً أن ينهار جهاز الفحوصات. وأضاف: "إن ما سيحدث هو مثلما يحدث في جميع أنحاء العالم، إذ إن القيود التي نجحت إلى حد ما ضد المتحورات الأُخرى ستكون، ببساطة، غير فعالة ضد ’أوميكرون’ ولن يأتي التوقف إلا عندما يصاب كل شخص يمكن أن يصاب بالعدوى"، وتوقع أن يستغرق الأمر نحو 3 أسابيع قبل أن تبدأ الأرقام بالانخفاض.

وكان المدير العام لوزارة الصحة الإسرائيلية البروفيسور نحمان آش أكد في وقت سابق أمس أن إسرائيل يمكن أن تصل إلى "مناعة القطيع"، على الرغم من أن الثمن سيكون أعداداً كبيرة جداً من الإصابات.

وأظهرت أرقام وزارة الصحة، التي نُشرت صباح أمس، أنه تم تأكيد 4197 إصابة جديدة بالفيروس، وهو رقم يمثل انخفاضاً في عدد الفحوصات في نهاية الأسبوع، مع ارتفاع معدل الفحوصات الإيجابية إلى 4.57%. وقد سجلت حالات الإصابة اليومية بالفيروس ارتفاعاً حاداً، من 1000 حالة قبل نحو 10 أيام إلى نحو 5500 حالة يوم الجمعة الماضي، بينما ضاعف عدد الحالات النشطة نفسه 3 مرات في غضون أسبوع ووصل إلى 31.958 حالة.

ومع ذلك، شهدت حالات الإصابة الخطرة بالفيروس ارتفاعاً أكثر اعتدالاً، من 77 حالة في 22 كانون الأول/ديسمبر الفائت إلى 110 حالات حتى يوم أمس. وظلت حصيلة الوفيات ثابتة عند 8244 وفاة، إذ سُجلت 4 حالات وفاة بكورونا منذ 21 كانون الأول/ديسمبر.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في مستهل الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس، إنه سيكون هناك قريباً عشرات الآلاف من الإصابات اليومية. وأشاد بقيود السفر الواسعة النطاق التي فُرضت في الأسابيع الأخيرة، قائلاً إنها أخّرت وصول "أوميكرون"، ومكّنت إسرائيل من دراسة تفشّي المرض في جنوب أفريقيا وبريطانيا والولايات المتحدة وأماكن أُخرى، ورؤية المستقبل بشكل فعال.

وأضاف بينت: "إن هدفنا دائماً هو نفس الهدف: تمكين الاقتصاد من العمل على أكمل وجه ممكن، مع حماية الفئات الأكثر ضعفاً بيننا"، مشيراً إلى أن الحكومة تناقش الحلول المحتملة للضغط الشديد على مواقع الفحوصات والتبليغ عن نقص في معدات فحوصات كورونا. كما أشار إلى أن إسرائيل قد تحتاج إلى تغيير المعايير بشأن الأشخاص الذين سيكون بإمكانهم إجراء فحوصات بسبب النقص في الفحوصات، وهي ظاهرة قال إنها تحدث في جميع أنحاء العالم.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 3/1/2022
نموذج التسوية الآخذ بالتشكّل في غزة لا يُعدّ ضمانة لعدم خروج "حماس" إلى مواجهة عسكرية أُخرى مع إسرائيل
اللواء احتياط عاموس جلعاد ود. ميخائيل ميلشتاين - معهد السياسة والاستراتيجيا في جامعة رايخمان [مركز هرتسليا المتعدد المجالات سابقاً
  • يُفترض أن تؤدي جهود حركة "حماس" المتزايدة في تشجيع الإرهاب في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وحادثة إطلاق النار في منطقة الحدود مع قطاع غزة الأسبوع الماضي، وحادثة إطلاق الصاروخين أول أمس (السبت) - سواء أكان ذلك في إثر خللفني أو عن قصد - إلى إشعال أضواء حمراء أمام مقرري السياسة في إسرائيل بشأن فجوات التسوية الآخذة بالتشكّل في غزة، وإلى التحذير من مغبة الاطمئنان الزائد بالهدوء النسبي في هذه الجبهة.
  • ولا شك في أن المقارنة بين إعلانات إسرائيل و"حماس" في نصف العام الأخير يمكنها أن تجسّد الفجوة بين الجانبين؛ فإسرائيل تعمل بنشاط على تحسين نسيج الحياة في القطاع وتستند إلى نظرية تقضي بأن الغزيين الذين تتحسن حياتهم يمكنهم أن يمنعوا يحيى السنوار [قائد "حماس" في القطاع] من العمل على الدفع قدماً بمبدأ الجهاد الوجودي، من ناحيته. أما "حماس" فتتباهى، من جهتها، بإعادة البناء المتسارع لقوتها العسكرية، استعداداً لمعركة مستقبلية، وتهدد باستئناف التصعيد إذا لم تلبَّ مطالبها على المستوى المدني، أو في ضوء التوتر الناشئ في القدس ويهودا والسامرة، أو في أوساط الأسرى الفلسطينيين.
  • إن أصحاب القرار في إسرائيل مطالَبون بالقيام بإجراء تغيير في الوعي والعمل بالنسبة إلى القطاع. أولاً، مطلوب الاعتراف بقيود التفكير الغربي الذي يفترض أن اقتصاداً جيداً يشكل كابحاً أمام الأيديولوجيات المتطرفة. هذا النموذج فشل مرات عديدة في العقود الأخيرة في الشرق الأوسط، بما في ذلك في أثناء عملية "حارس الأسوار" التي بدأت فيها "حماس" الهجوم بمبادرتها لأول مرة في تاريخها، بدوافع أيديولوجية ودينية، في ظل خرق فظ للتسوية، ومن دون أن يسبق المواجهة أي احتكاك في القطاع الذي تحسّن فيه الوضع المدني حتى ذلك الحين.
  • ثانياً، ثمة حاجة ماسة إلى صب مضمون عملي في الشعار الذي رُفع في أثناء حملة "حارس الأسوار": "ما كان ليس ما سيكون". فالعمل على بوادر حسن نية مدنية واسعة النطاق تجاه القطاع (وعلى رأسها خروج العمال إلى إسرائيل) من دونأن تكون "حماس" مطالَبة بثمن ما في موضوع الأسرى والمفقودين وموضوع تعاظُم القوة العسكرية ومواصلة تشجيع الإرهاب في يهودا والسامرة والقدس، وإن كان ينتج هدوءاً في المدى الفوري، إلاّ أن من شأنه أن يصبح تحدياً استراتيجياً في المدى البعيد. إن السياسة الإسرائيلية الحالية تنطوي على اعتراف بـ"حماس" كحقيقة قائمة، وعلى تعزيز لمكانتها في الساحة الفلسطينية (وأساساً على أعتاب "اليوم التالي" لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس)، وعلى تقليص لإمكان الاحتجاج الجماهيري ضدها، ولاحتمال عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
  • تقف إسرائيل في غزة أمام معضلة الاختيار بين بديل سيئ وبديل أسوأ، وأمام مشكلة متعاظمة ليس لها حل سحري. صحيح أن اتخاذ نهج متصلب وجباية ثمن من "حماس" للرفض وخرق التسوية (في يهودا والسامرة أيضاً) سيجر احتكاكات أمنية في القطاع، لكنه نهج كفيل بتعزيز الردع تجاه منظمة إرهابية، وبتفاقم العلاقات بينها وبين الجمهور الغزي، وتشويش مساعي تعاظُم قوتها في طريقها لتصبح بمثابة "حزب الله على الحدود الجنوبية لإسرائيل".
  • وفوق كل شيء، مطلوب تحسين قدرة التحليل الإسرائيلية للمنطق الذي يحكم تفكير "حماس". إن الحديث يدور حول جهة تحركها قوة السعي للعمل والاشتباك لغرض تحقيق أهدافها الأيديولوجية البعيدة المدى. تسمح "حماس" بين الحين والآخر بفترات هدوء مثل الآن بدوافع مصلحية، لكن تطلُّعها المركزي هو ليس إلى حياة طيبة وهادئة للفلسطينيين، ويبدو أنه من الصعب على إسرائيل أحياناً فهم "الآخر" الذي يحركه عالم قيم مختلف، وخصوصاً عالم مفعم بالحماسة الأيديولوجية. إن نموذج التسوية الآخذ بالتشكّل في غزة لا يُعتبر ضماناً لعدم خرق "حماس" التفاهمات، وفقاً لاعتباراتها وحساباتها، والخروج إلى مواجهة أُخرى تكون فيها قوة إلحاق الأضرار بإسرائيل والمفاجآت أكثر إيلاماً من الماضي.

 

"يديعوت أحرونوت"، 2/1/2022
اعتقدنا أن المال سيحل النزاع. لكن هذا تبدد
دورون متسا - مستشرق
  • يتوجه الانتباه العام، مؤخراً، إلى بعض الظواهر التي تحدث على الأرض بين البحر المتوسط ونهر الأردن: أحجام الجريمة في المجتمع العربي، غياب الدولة في البلدات البدوية في النقب ومحيطها، الفوضى في السلطة الفلسطينية (وخصوصاً في جنين والخليل)، الإرهاب ضد اليهود في الضفة الغربية والقدس، وكذلك عنف اليهود حيال الفلسطينيين؛ كل ظاهرة من هذه الظواهر يجري تحليلها بصورة منفصلة لأنها، ظاهرياً، تجري في مجالات جيو - استراتيجية مختلفة، لكن المقصود هو خطأ بصري. يوجد بين هذه الظواهر قاسم مشترك يدل على عملية مهمة تجري في الشرق الأوسط كله.
  • في العقد ونصف العقد الأخيرين، جرت بلورة المنطقة من خلال نموذج "نفعي اقتصادي"، تجلت صيغته الرسمية في "صفقة القرن" للرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن حتى قبل نشرها، كان الواقع الشرق الأوسطي يسير وفق الروح التي تبلورت في سنة 2010، في ظل اضطرابات "الربيع العربي" الذي حطم النظام السياسي القديم، وأيضاً برعاية التوجه العام العالمي نحو جعل الفكر الاقتصادي هو الذي يدفع بقيم الحريات السياسية للثورة الفرنسية.
  • توجد في الأساس فكرة براغماتية، هي السعي لتحقيق الاستقرار من خلال العمل على الدفع قدماً بنوعية الحياة، في الأساس رفع مستوى حياة سكان الشرق الأوسط. والمقصود نظرة رأت أنه من الأفضل الاهتمام بالحاضر على حساب الدفع قدماً برؤى بعيدة المدى تعتمد على هوية أيديولوجية مثل تلك التي عرفتها المنطقة في بداية القرن العشرين من خلال اتفاقية سايكس – بيكو البريطانية الفرنسية، العائدة إلى سنة 1916.
  • بعد مرور 100 عام، تحول النموذج النفعي الاقتصادي إلى محور مركزي جرت من خلاله بلورة السياسة الإقليمية. وعلى أساسه أُبرمت "اتفاقيات أبراهام" بين إسرائيل والدول الغنية في الشرق الأوسط؛ وتبلور نموذج الحكم الذاتي في الضفة الغربية، والذي اعتمد على صفقة اقتصادية – سياسية بين النخبة في القدس ورام الله؛ وجرى الدفع بعملية ضخمة للدمج الاقتصادي للجمهور العربي الذي على أساسه قام منصور عباس بخروجه السياسي، وعلى هامشه حاولت إسرائيل استنساخ النموذج مع "حماس" في غزة (مال مقابل هدوء).
  • النموذج النفعي الاقتصادي أعطى ثماره. ففي العقد الأخير تمتعت إسرائيل باستقرار أمني نسبي سمح لاقتصادها بالنمو أكثر وحسّن النموذج. لكن إلى جانب هذه الخطوات ظهرت أيضاً اتجاهات معاكسة أشارت إلى السقف الزجاجي لهذا النموذج: عملية "حارس الأسوار"، في أيار/مايو 2021، كانت المؤشر الأول إلى الرد المضاد من طرف مؤيدي نموذج الهوية القومية في الشرق الأوسط. وهو ظهر خلال الأزمة الاقتصادية التي رافقت وباء الكورونا، وبسبب ضعف الأطراف السياسية والمؤسساتية.
  • الأطراف التي شعرت بأنها مهددة من الفكرة الاقتصادية، والتي رأت أنها تبعد الأيديولوجيا، أو التي كان من الصعب عليها المشاركة في الاحتفال الاقتصادي - بدأت محاولتها في تحدّيه. المقصود جهات موجودة على أطراف المجتمع، سواء العربي - الفلسطيني أو اليهودي: مجرمون جنائيون، إرهابيون ومطلوبون، شباب لا مستقبل لهم، مهمَّشون اقتصادياً. كل هؤلاء بدأوا يقومون بردّ مضاد من خلال ممارسات متعددة أُعطيت تعريفات مختلفة: "إرهاب"، "جريمة"، "عنف"، "أعمال شغب". القاسم المشترك بينها كلها هو المحاولة المستمرة لزعزعة أسس النظام الاقتصادي القائم بين النخب التي تتماهى معه.
  • في نظر هذا التحليل، يمكن رؤية علاقة خفية بين ظاهرة الجريمة في المجتمع العربي والبدوي (هؤلاء الذين يحاربون باسم الدفاع عن التقاليد، وضد التحديث المنسوج من داخل النموذج النفعي - الاقتصادي)، وبين الفوضويين في السلطة الفلسطينية الموجودين على هامش العملية الاقتصادية، وبين الصعوبة التي يواجهها جزء من الجيل الشاب العربي الفلسطيني في الاندماج فيها، بالإضافة إلى أطراف في المستوطنات اليهودية في المناطق التي يشكل النموذج الاقتصادي، بالنسبة إليها، عائقاً في وجه تحقيق رؤاها التقليدية في احتلال الحرم القدسي. هؤلاء رأوا في النموذج عنصراً يخفف من أفكار الضم وتوسيع المستوطنات والصراع على أراضي المنطقة ج، لمصلحة التكيف مع نموذج حياة بورجوازية في الضفة الغربية.
  • ما يبدو أنه مجموعة عشوائية من النقاط يكشف عملية عميقة مهمة في الصراع القوي الذي يجري في الشرق الأوسط بين نموذجين: النموذج النفعي الاقتصادي الذي يمكن أن نسميه "أهل الثروة"، وبين نموذج الهوية القومية - الأيديولوجية أو معسكر " أهل الشرف".
  • هذا هو اللقاء الأخير بين "الشرق الأوسط الجديد" وبين "الشرق الأوسط القديم"، بين سايكس بيكو وبين مرحلة "صفقة القرن" للعصر ما بعد الحداثي. يحدث اللقاء بقوة على طول الخط هنا وهناك، وداخل كل هذه المجموعات التي تبدو منفردة، وتشكّل المنطقة كلها.