مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن رئيس الحكومة نفتالي بينت شدّد، في سياق اتصال هاتفي أجراه أمس (الخميس) بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أهمية اتخاذ موقف قوي وحازم ضد تقدُّم إيران في المشروع النووي، في ظل استمرار المحادثات النووية في فيينا، وناقش معه ملفات الأمن الإقليمي، كما تناول الاتصال التحديات الأمنية في الساحة الدولية، واتفق الزعيمان خلاله على مواصلة التعاون الوثيق بين إسرائيل وروسيا.
وأضاف البيان أن بوتين دعا بينت وزوجته إلى زيارة روسيا، وردّ بينت بأنه سيكون من دواعي سرورهما القيام بالزيارة. وكان بينت زار منتجع سوتشي الروسي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي والتقى الرئيس بوتين للمرة الأولى منذ توليه منصبه.
وتتفاوض روسيا مع دول أُخرى مع طهران بشأن برنامجها النووي، واستؤنفت المحادثات في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت بعد استراحة استمرت عدة أشهر.
وأكد الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية يوم الاثنين الفائت أن جهود جميع الأطراف لإحياء الاتفاق النووي المبرم سنة 2015 مع الدول الست العظمى أسفرت عن حدوث تقدم جيّد خلال المحادثات الجارية في فيينا.
وكان بينت أكد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام يوم الاثنين الفائت، أن إسرائيل ستحتفظ بحرية غير مقيدة للعمل ضد إيران، بغض النظر عن أي اتفاق نووي. وأضاف بينت: "نحن قلقون بالتأكيد إزاء كل ما يتعلق بسير المحادثات النووية في فيينا. من المهم بالنسبة إليّ أن أقول هنا، بوضوح وبشكل لا لبس فيه: إن إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاقات، وستحافظ على حرية غير محدودة وغير مقيدة للعمل في كل مكان وزمان".
تواصلت أمس (الخميس) لليوم الرابع على التوالي التظاهرات في النقب [جنوب إسرائيل]، احتجاجاً على مشروع غرس الأشجار في أراضٍ تابعة للسكان البدو في المنطقة، والذي تقف وراءه مؤسسة الصندوق الدائم لإسرائيل ["الكيرن كاييمت"] التابعة لدائرة أراضي إسرائيل.
وأشار بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إلى أن نحو 2000 شخص شاركوا في تظاهرة أقيمت بالقرب من أراضي عشيرة الأطرش البدوية، وقام بعض المتظاهرين بإلقاء الحجارة في اتجاه رجال الشرطة. كما أشار إلى أن الشرطة قامت باعتقال 13 شخصاً من المتظاهرين بشبهة رشق الحجارة والقيام بأعمال شغب.
وأوضح البيان أن الشرطة قامت بتفريق المتظاهرين بواسطة طائرة مسيّرة لرش الغاز المسيل للدموع. وأفيد بأن ثلاثة من المتظاهرين أصيبوا بإصابات بسيطة وتم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وذكر البيان أنه تم أمس اقتلاع شتلات الأشجار التي زُرعت في عدة دونمات بجوار مضارب عشيرة الأطرش، على الرغم من الحراسة التي وضعتها "الكيرن كاييمت" في المكان.
من ناحية أُخرى وصفت القائمة المشتركة، في بيان صادر عنها أمس، الحكومة الإسرائيلية الحالية بأنها حكومة الاستيطان وغرس الشجر على حساب البشر، وحملتها مسؤولية القمع والبطش البوليسي الوحشي ضد المتظاهرين، وطالبت بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
وأكد البيان أن ما يجري في النقب حالياً هو استمرار لحملة التجريف والتشجير التي تهدف أولاً وأخيراً إلى اقتلاع البشر والحدّ من توسعهم. وأضاف: "إن ما رأيناه خلال قمع التظاهرة يؤكد أن النيات المبيّتة لدى هذه الحكومة تجاه أهلنا في النقب لم تتغير، بل على العكس تزداد حدّة وشراسة. هذا القمع الوحشي هو عمل يهدف إلى ردع أي مقاومة مستقبلية لمخططات التجريف والتحريش وسلب الأرض، والتي أكدت أطراف في الحكومة أنها مستمرة، وسوف تنفّذ وفق التخطيط، وكل مَن يقول غير ذلك فهو يذرّ الرمال في عيون أهل النقب وأصحاب الأرض".
شارك أكثر من 5000 مستوطن إسرائيلي الليلة الماضية في تظاهرة أقيمت أمام ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس للمطالبة بعدم هدم بؤرة "حومش" الاستيطانية غير القانونية بالقرب من جنين. ودعا المتظاهرون إلى وقف ما وصفوه بأنه استيلاء فلسطيني على المناطق المفتوحة في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] والنقب، وشددوا على ضرورة تنظيم عملية الاستيطان الشبابية.
واتهم رئيس المجلس الإقليمي بنيامين الحكومة الإسرائيلية بأنها تسعى لاستئناف العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية، وبذا تشجع "الإرهابيين". ووجّه كلامه إلى رئيس الحكومة نفتالي بينت قائلاً: "أنت تدرك جيداً أن هناك عملية استيلاء عربية مدعومة من أوروبا على أراضي الضفة الغربية والنقب. لقد قررتم بيع البلد، ولن ندع ذلك يحدث".
وأضاف رئيس مجلس بنيامين: "تحدث هنا أمور لم نشهد مثيلاً لها منذ أوسلو، مثل ازدياد حوادث إلقاء الحجارة والعمليات الإرهابية وقيام وزراء بالتحريض على المستوطنين. نحن سنخرج إلى النضال، ولدينا دولة واحدة في الشمال والجنوب، وفي النقب ويهودا والسامرة، وسنحرسها. سنبني أرض إسرائيل وسنعمل على إسقاط الحكومة عاجلاً أم آجلاً".
أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية في بيان صادر عنها أمس (الخميس) تسجيل رقم قياسي جديد في عدد الإصابات اليومية بمتحور "أوميكرون" من فيروس كورونا خلال الساعات الـ24 الماضية، والتي بلغت 48095 إصابة جديدة تشكل نسبة 11.95% من عدد الفحوصات التي أجريت ووصلت إلى 400.000 فحص.
وأضاف البيان أن عدد الإصابات الخطرة مستمر في الارتفاع وبلغ 283 إصابة، بينهم 76 حالتهم حرجة، و65 يستعينون بأجهزة تنفس اصطناعي.
ووفقاً للبيان، انخفض مؤشر انتشار العدوى أمس وبلغ 1.9، لكن المؤشر ارتفع وبلغ 2.0 بين مَن هم في سنّ الـ 60 عاماً فما فوق.
وأشار البيان إلى أن عدد الإصابات النشطة في إسرائيل، حالياً، يبلغ 258.664 إصابة، وهناك نحو 40.000 شخص تم إدخالهم إلى الحجر الصحي بعد تواصلهم مع مصابين، وارتفع إجمالي حالات الوفاة إلى 8290 حالة.
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 13 الليلة قبل الماضية أن وزير الخارجية الإسرائيلي ورئيس الحكومة البديل يائير لبيد عقد قبل أسبوعين اجتماعاً مع رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج.
وأضافت القناة أن لبيد وفرج بحثا ملفات أمنية واقتصادية ولم يتطرقا إلى القضايا السياسية، وقالت إن الاجتماع يشكّل دليلاً إضافياً على دفء العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وأشارت القناة إلى أن لبيد سبق أن اعترف بأنه التقى مسؤولين فلسطينيين رفيعي المستوى عدة مرات، وأكدت أن لقاءه فرج يُعتبر أول اجتماع يعقده مع مسؤول فلسطيني كبير مُقرّب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ونقلت قناة التلفزة عن مصادر فلسطينية قولها إن هناك لقاءات إضافية متوقعة ستُعقد خلال الفترة المقبلة بين كبار المسؤولين الإسرائيليين وكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية.
وكان لبيد أكد الأسبوع الماضي أنه لا ينوي الدخول في أي مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية لدى تسلُّمه رئاسة الحكومة، خلفاً لنفتالي بينت، بحسب اتفاق التناوب فيما بينهما، مشيراً إلى أن ما يحول دون إجراء مفاوضات كهذه هو تعقيد تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية المؤلفة من أحزاب يمينية ويسارية وأحزاب تنتمي إلى الوسط.
كما أن رئيس الحكومة بينت أكد مؤخراً أنه لا يخطّط لإحراز أي تقدّم سياسي مع الفلسطينيين في الوقت الحالي.
وجاء تأكيد بينت هذا على خلفية الاجتماع الذي عُقد بين وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في منزل الأول في "روش هعاين" [وسط إسرائيل] في أواخر الشهر الفائت.
ونوّه بينت بأن الاجتماع بين غانتس وعباس تمّ بموافقته وجاء في إطار التعاون الأمني والاقتصادي وليس السياسي بين الجانبين، مشيراً إلى أنه شخصياً لا ينوي عقد أي لقاء مع عباس لأسباب عديدة ذكرها في الماضي، منها قيام السلطة الفلسطينية بتقديم شكوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
- كما في الأمس كذلك قبل عام، وقفنا نراقب الجرافات التي أرسلتها الدولة لتجرف الحقول حول مسقط رأسي بلدة سعوة في النقب. وكما في الأمس أيضاً اليوم، رافقت الأعمال مئات من عناصر الشرطة وعشرات المركبات، ويومها احتج أيضاً السكان البدو. وبخلاف ما يمكن أن يعتقد مَن يشاهد ويقرأ وسائل الإعلام العبرية، فإن تظاهرات النقب في اليومين الأخيرين ليست قصة بدأت الآن، وهي لا تتعلق بنشاطات بيئية وتشجيرية في مواجهة عنف عشوائي للمواطنين البدو الغاضبين. هناك أسباب لاحتجاج وغضب المواطنين البدو، وحان الوقت للحديث عنها.
- الأراضي التي جرفتها الدولة في الأيام الأخيرة يعمل فيها سكان مولدا - سعوة، وهي بلدة اعترفت بها الدولة منذ عشرات الأعوام. من الممكن القول إنهم يشجّرون الصحراء. بيْد أن الدولة تجرف هذه الأراضي كجزء من سياسة تعود إلى أعوام طويلة متوحشة ولا لزوم لها. لماذا الصندوق الدائم لإسرائيل بحاجة إلى العودة عاماً بعد عام إلى تشجير أرض زراعية؟ ومن بين آلاف الدونمات الخالية في النقب، لماذا تحديداً هنا؟ ولماذا في هذه الفترة بالذات؟
- الجواب هو أن أعمال التشجير التي يقوم بها الصندوق الدائم لإسرائيل [الكيرن كاييميت] ليست بيئية ولا اجتماعية. بل هي في الواقع تشجير سياسي، هدفه كبح تطوير البلدات العربية في النقب وتحديد وقائع على أراضٍ هي موضوع خلاف في المحاكم. يجد السكان أنفسهم مرة أُخرى عاجزين أمام قوى الدولة والأجهزة المتعددة لتطبيق القانون، والتي تهدم منازلهم وحقولهم، من دون أن تقدم لهم بديلاً حقيقياً متفقاً عليه يسمح لهم بالبناء أو العمل في أراضيهم بصورة قانونية ومنظّمة.
- في الأعوام الخمسة الأخيرة هدمت الدولة نحو 10 آلاف مبنى في بلدات عربية في النقب. ويُهدم سنوياً نحو 600 منزل. التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن وصفها. وبالإضافة إلى هدم المنازل، الدولة تهدم أيضاً مصدر رزق السكان، أي الأراضي الزراعية التي يعتاشون منها.
- كيف نرد على حجة أن هذه الأراضي ليست ملكاً للسكان وأنهم يعملون فيها خلافاً للقانون؟ حتى لو تجاهلنا الخلافات بشأن ملكية الأراضي، هناك أمور أساسية يجب أن نفهمها: بعكس سكان المستوطنات اليهودية، ليس لدى السكان العرب في النقب بديلاً قانونياً يسمح لهم بالعيش على أراضيهم وتحصيل رزقهم بكرامة.
- مقارنة بالسكان اليهود في النقب، فإن أغلبية البدو ليس لديها أفق تخطيطي يسمح بالحياة في بلدات ريفية تشمل مساكن وبنى تحتية وأراضي زراعية. وفي حالات كثيرة، الحل الوحيد المقترح على السكان هو الانتقال إلى بلدات حضرية، الأمر الذي يتطلب منهم تغييراً جوهرياً لنمط حياتهم. لذلك، هم يواصلون العمل في أراضٍ يطالبون بملكيتها، جزء منها عمل فيه آباؤهم منذ أجيال.
- في النقب توجد مشكلات حقيقية لا يتحدثون عنها. المشكلة أن هناك عدداً كبيراً من مواطني دولة إسرائيل يعيشون في فقر مدقع وظروف يرثى لها، وفي أحيان كثيرة ليس لديهم بنى تحتية ولا خدمات أساسية. هذه المشكلة من الممكن حلها. مَن يهمه الحل فعلاً لا يقوم بأعمال تتسبب بالمعاناة، وتزيد في حدة المواجهات، وتضر بالحقوق على الأرض والقدرة على بناء الثقة مع المجتمع البدوي.
- مَن يريد العثور على حلّ يتعين عليه مواصلة التوجهات التي بدأت: تنمية اجتماعية – اقتصادية للبلدات العربية في النقب، تخطيط يعتمد على التعاون مع السكان، التوصل إلى اتفاقات تقدم جواباً حقيقياً على الحاجات المطروحة على الأرض، وفي الأساس الدفع قدماً بمخطط توجيهي للاعتراف بالقرى غير المعترف بها. هذه خطوة محقة، وهي أيضاً لمصلحة كل سكان النقب.
- دأب الزعماء في إسرائيل على تشجيع ذهان قومي إزاء الأخطار الوجودية التي تهدد إسرائيل، والتي تتبدل. ياسر عرفات الذي كان محاصراً في ملجئه في بيروت، كان بالنسبة إلى مناحيم بيغن، هتلر الجديد. بعد فترة حلّ محله صدام حسين. اليوم، إيران هي التي تعدّ لنا محرقة ثانية. التهديد الإيراني لإسرائيل، الذي يتخذ ساحة قتال له في الجبهة الداخلية المدنية - وهي في إسرائيل الأكثر عرضة للخطر، وحساسة بصورة خاصة- هو تهديد تقليدي وليس تهديداً نووياً. وإيران نووية ليست تهديداً وجودياً بقدر ما هي تهديد استراتيجي كاسر للتوازن يفرض على إسرائيل أن تدرك أن "عقيدة بيغن" – هجوم استباقي هدفه تدمير أي برنامج نووي في المنطقة قبل أن يصبح عسكرياً - تقترب من نهاية دربها، وبالتالي يجب عليها تغيير استراتيجيتها الإقليمية.
- بالتأكيد لا يمكن الاستخفاف بإيران نووية، لأنها يمكن أن تحرك سباقاً بين دول أُخرى في المنطقة للحصول على القنبلة، مثل تركيا ومصر والسعودية. ولا يوجد تشابه بين ميزان الردع النووي، الذي كان موجوداً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في مرحلة الحرب الباردة - ولا توازن الرعب في النزاع الثنائي بين الهند وباكستان، الدولتين النوويتين- وبين انتشار نووي واسع النطاق في الشرق الأوسط مع نزاعاته، ومع الميليشيات والتنظيمات الإرهابية الكثيرة التي تنشط فيه.
- ما هو بالتحديد الذي حوّل إسرائيل وإيران- دولتين لا حدود مشتركة بينهما ولا نزاعات تاريخية، بل لديهما عدو مشترك هو العالم العربي السّني- إلى عدوتين لدودتين؟
- عداء إيران لـ "الشيطان الأصغر" إسرائيل التي كانت حليفة لإيران في عهد الشاه، ولـ"الشيطان الأكبر" الولايات المتحدة، هو في نظرها مسألة سياسية- لاهوتية لها علاقة بتحديد هوية الثورة الإسلامية. ومثل ثورات أُخرى في الماضي - الثورة الفرنسية والسوفياتية- تعتبر الجمهورية الإسلامية انتشارها في منطقة عربية- سنية معادية أداة مركزية في الدفاع عن الثورة، وفي نشر تعاليمها. إيران لا تعتبر المفاوضات بشأن القضية النووية مدخلاً إلى مصالحة تاريخية مع النظام الأميركي - الإسرائيلي في المنطقة. نظام يشكل عقبة في طريقها وتسعى لأن تكون قطباً معارضاً له.
- ... الحرب بين إسرائيل وحزام الميليشيات التي نشرتها إيران في المنطقة – وعلى رأسها حزب الله - تدور منذ أعوام بكل الوسائل الممكنة، في الظلام وفي الجو، وفي البحر ومن خلال هجمات سيبرانية. اللحظة المؤسِّسة للعداء الإسرائيلي - الإيراني كانت ولادة عملية السلام الإسرائيلي - العربي. فقد استُبعدت إيران من مؤتمر السلام في مدريد ومن اتفاقات أوسلو – التي فتحت أبواب العالم العربي أمام إسرائيل، وصولاً إلى دعوة شمعون بيرس إلى انضمام إسرائيل إلى الجامعة العربية - كل ذلك جسّد سيناريو رعب بالنسبة إلى إيران، معناه العزلة في منطقة يتحالف فيها أعداؤها اللدودون مع قوة كبرى إقليمية، مثل إسرائيل، التي تقف وراءها الولايات المتحدة.
- سلام إسرائيلي–عربي هو تهديد استراتيجي لإيران التي خسرت قبل أعوام من اتفاق أوسلو مئات الآلاف من أبنائها في حرب فرضها عليها صدام حسين. حل المشكلة الفلسطينية من خلال تسوية سياسية هو آخر أمر تريده. لقد أدارت إيران ظهرها لعرفات عندما توجه إلى تسوية مع إسرائيل، لكنها دعمت خياره في الحرب (يجب أن نتذكر سفينة السلاح كارين إي التي أرسلتها إيران لتسليح الميليشيات الفلسطينية خلال الانتفاضة الثانية)، واليوم هي تؤيد معارضة "حماس"، وتعارض بقوة الخيار الدبلوماسي لمحمود عباس.
- الدرس الذي تعلمته إيران، وهي في طريقها إلى دولة على حافة النووي، هو أن القدرة النووية التي تملكها أنظمة قمعية، مثل كوريا الشمالية، تمنحها حصانة في مواجهة هجوم أميركي لإطاحة النظام. كما تعلمت أنه لو كان لدى صدام حسين سلاح نووي لما تجرأت الولايات المتحدة على غزو بلاده في سنة 2003. درس آخر مهم يمكن أن تتعلمه إيران من حالة أوكرانيا التي بقي لديها، مع تفكك الاتحاد السوفياتي، ترسانة نووية كانت الثالثة من حيث الحجم في العالم. لو لم توافق أوكرانيا في مذكرة "بودابست" في سنة 1994 على التخلي عن قدراتها النووية في مقابل ضمانات أميركية للحفاظ على سلامة أراضيها، فمن شبه المؤكد لما كانت روسيا تجرأت على احتلال شبه جزيرة القرم، ولما هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا كما يفعل اليوم.
- لا الحرب الهجينة مع إسرائيل، ولا العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة، منعت إيران من التقدم، بعناد، إلى وضع دولة على حافة النووي. يعاني الاقتصاد الإيراني حالياً جرّاء أزمة عميقة، ومن حين إلى آخر تخرج الاحتجاجات إلى الشوارع. أيضاً أوروبا، التي وعدت إيران بالالتفاف على العقوبات بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، تبين أنها دعامة من قصب. وليس في إمكان اليورو الهش الالتفاف على مركزية الدولار الأميركي في المنظومة المالية العالمية. مع كل ذلك، يتضح أنه عندما تملك دولة قدرات تكنولوجية وعلمية – وإيران تملك ذلك- وتكون مصرّة على الوصول إلى القدرة النووية، فإنها تقدر على تحقيق ذلك.
- ......
- عقيدة بيغن استُخدمت بنجاح كبير لدى تدمير المفاعل العراقي في سنة 1981، والسوري في سنة 2007. لقد كانت عمليات جراحية ضد منشآت موجودة في دول امتنعت من الاعتراف علناً بأن لديها برامج نووية. بناءً على ذلك، المخاطرة بأن مهاجمة هذه المنشآت ستؤدي إلى حرب شاملة كانت ضئيلة، وتقريباً غير موجودة. في المقابل، الإيرانيون لا يستطيعون عدم الرد بهجوم مباشر ضد أهداف إسرائيلية، ومن خلال استخدام وكيلها في لبنان حزب الله.
- مع ذلك، أي هجوم إسرائيلي سيضع إيران أمام معضلة صعبة. ومثل إسرائيل التي تشكل الجبهة الداخلية نقطة ضعفها الكبيرة، تفضل إيران القيام بردّ مدروس على شن حرب شاملة. لكن الحروب عموماً تتعقد، وقد تتدهور المواجهات إلى حرب ساحقة تضطر فيها أيضاً الولايات المتحدة إلى التحرك إذا تعرضت قواتها في المنطقة للهجوم، وكل ذلك يمكن أن يضر بقيمة عليا في نظر الزعامة الإيرانية، بغض النظر عن راديكاليتها: المحافظة على النظام وضمان إنجازاته في المنطقة.
- المعضلة التي سيواجهها حزب الله ستكون أصعب. إيران لم تمول الحزب على الحدود الشمالية مع إسرائيل بأموال طائلة، فقط كي يحارب لإعادة مزارع شبعا إلى لبنان. لقد فعلت ذلك من أجل اللحظة التي سيكون عليها فتح جبهة إضافية في مواجهة إسرائيل. لكن هنا، تحديداً، تكمن نقطة ضعف الإمبراطورية الإيرانية: فهي تعتمد على ميليشيات محلية وعندما تنشب حرب شاملة، سيكون عليها أن تقف مع المصلحة الوطنية وليس مع مصلحة إيران. في العراق، على سبيل المثال، الزعيم الشيعي الأكثر قوة مقتدى الصدر، وقف في الأعوام الأخيرة على رأس المعارضين للسيطرة الإيرانية على بلده. أيضاً حزب الله هو تنظيم محلي لبناني، وهو يتخوف منذ الحرب الثانية على لبنان من الدمار جرّاء حرب شاملة مع إسرائيل. مع ذلك، وقوف حزب الله موقف المتفرج إذا اندلعت مواجهة إسرائيلية –إيرانية مباشرة هو ترف لا يستطيع الحزب أن يسمح لنفسه به.
- الاستراتيجيا المفضلة لإيران هي الامتناع من خوض حرب حسم والاستمرار في تطوير قوات محلية، من اليمن، وصولاً إلى لبنان، من خلال التقدم إلى عتبة القدرة على إنتاج قنبلة من دون تخطّيها...
- ليس لكل مشكلة حل عسكري، وليس لدى إسرائيل مثل هذا الحل للبرنامج النووي الإيراني. هجوم إسرائيلي على إيران يمكن فقط أن يعطي حافزاً للطموحات النووية الإيرانية. وممنوع أن تسيطر على النقاش مسألة الاستعدادات الإسرائيلية لمثل هذا الهجوم. وما لا يقل أهمية هو انتهاج استراتيجيا إقليمية تعمل على تحريك وتوسيع اتفاقات أبراهام من أجل التوصل إلى تسويات أمنية إقليمية تسعى لكبح السباق النووي في المنطقة. السباق النووي يتطلب لعبة مختلفة تماماً عن تلك التي تعودنا عليها في مرحلة كانت فيها عقيدة بيغن هي العقيدة الوحيدة.