مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس يوقّع مذكرة تفاهم أمنية مع البحرين
بينت: العالم سيصبح مكاناً آمناً أكثر بعد تصفية زعيم "داعش" في الأراضي السورية
محامو نتنياهو: قيام الشرطة الإسرائيلية بالتجسس على هاتف شاهد الملك في "الملف 4000" هو بمثابة فضيحة ووترغيت إسرائيلية
مقالات وتحليلات
الزيارة إلى البحرين: فرصة لتعزيز العلاقات وردع زعماء إيران
الهجوم على الإمارات خلال زيارة هرتسوغ هو فقط نموذج لتمرير الرسائل حالياً
العاصفة الجديدة بشأن مذبحة الطنطورة تثبت أن الجانب الفلسطيني ما زال غارقاً في هدف إيجاد أدوات مناكفة سياسية جديدة تُستخدم من أجل المساس بإسرائيل
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 4/2/2022
غانتس يوقّع مذكرة تفاهم أمنية مع البحرين

وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أمس (الخميس) مذكرة تفاهم مع وزير الدفاع البحريني عبد الله بن حسن النعيمي تهدف إلى إضفاء طابع رسمي على العلاقات الأمنية بين إسرائيل والبحرين، بعد عام ونصف العام على تطبيع العلاقات بينهما. وفي إثر مراسم التوقيع، التقى وزير الدفاع ولي العهد البحريني ورئيس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة، ثم التقى الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وأقيمت مراسم التوقيع في مقر وزارة الدفاع البحرينية في المنامة، وحضرها القائد العام لقوة الدفاع عن البحرين خليفة بن أحمد آل خليفة.

وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية إن مذكرة التفاهم ستساعد في تعزيز التعاون الاستخباراتي، وستكون إطاراً للتدريبات والتعاون بين الصناعات الدفاعية في البلدين. وأشار البيان إلى أن هذا التوقيع يأتي وسط تهديدات متزايدة من طرف إيران ضد إسرائيل ودول الخليج.

وأكد غانتس، في سياق كلمة ألقاها في مراسم التوقيع، أن توقيع مذكرة التفاهم يؤدي إلى رفع التعاون الاستراتيجي بين الدولتين إلى مستوى جديد، وإلى تنمية العلاقات القائمة بين الدولتين والشعبين.

وقام غانتس في وقت سابق أمس بزيارة إلى قاعدة الأسطول الأميركي الخامس في البحرين، وأشاد بالعلاقات المتنامية بينه وبين سلاح البحر الإسرائيلي، بعد انتقال إسرائيل إلى القيادة المركزية للجيش الأميركي العام الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن سلاح البحر الإسرائيلي بدأ هذا الأسبوع بالمشاركة في التمرين البحري الدولي الضخم "آي إم إكس"، والذي يقوده الأسطول الخامس، ويركز على الأنظمة البحرية غير الآهلة واستخدام الذكاء الاصطناعي. وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها إسرائيل في مناورات بحرية تشارك فيها أيضاً دول لا تربطها بها علاقات رسمية، بما في ذلك السعودية واليمن وباكستان.

 

"يديعوت أحرونوت"، 4/2/2022
بينت: العالم سيصبح مكاناً آمناً أكثر بعد تصفية زعيم "داعش" في الأراضي السورية

أشاد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت بالعملية الناجحة التي نفّذتها الولايات المتحدة صباح أمس (الخميس) وأدت إلى تصفية زعيم تنظيم "داعش" أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، خلال عملية عسكرية في الأراضي السورية، وأكد أن العالم أصبح مكاناً آمناً أكثر الآن بعد هذه العملية.

وقال بينت في بيان نشره في حسابه الخاص على موقع "تويتر"، في إثر العملية: "أهنئ حليفتنا الولايات المتحدة والجنود الأميركيين الشجعان على إنجاز هذه العملية الجريئة. يتعين علينا مواصلة الحرب العالمية التي نخوضها ضد الإرهاب بمنتهى القوة والعزيمة".

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال في بيان صادر عنه أمس إن القوات الأميركية نجحت في قتل زعيم تنظيم "داعش" أبو إبراهيم القرشي في عملية لمكافحة الإرهاب في شمال غرب سورية. وأضاف أن هذه العملية تمت من أجل حماية الشعب الأميركي وحلفائه وجعل العالم أكثر أمناً. وأكد أن جميع القوات التي شاركت في العملية عادت إلى قواعدها سالمة.

 

"معاريف"، 4/2/2022
محامو نتنياهو: قيام الشرطة الإسرائيلية بالتجسس على هاتف شاهد الملك في "الملف 4000" هو بمثابة فضيحة ووترغيت إسرائيلية

قال محامو الدفاع عن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق وزعيم المعارضة الحالي في الكنيست ورئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو في بيان صادر عنهم أمس (الخميس)، إن قيام الشرطة الإسرائيلية بالتجسس على هاتف شاهد الملك في "الملف 4000" شلومو فيلبر هو بمثابة فضيحة ووترغيت إسرائيلية، وطالبوا الشرطة بإيضاحات قبل استئناف المحاكمة ضد نتنياهو [وُجهت إلى نتنياهو تهمة تلقّي الرشوة في "الملف 4000"، وذلك على خلفية قيامه بالدفع قدماً بمصالح رجل الأعمال الإسرائيلي شاؤول ألوفيتش المالك الرئيسي لشركة "بيزك" للاتصالات، في مقابل تغطية أخبار رئيس الحكومة وعائلته بصورة إيجابية في الموقع الإخباري "واللا" الذي يمتلكه ألوفيتش. كما تم توجيه تهمة تلقّي الرشوة إلى ألوفيتش وزوجته].

وكانت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 كشفت النقاب، الليلة قبل الماضية، عن تسجيل صوتي لمحادثة جرت بين محققي الشرطة في اللحظات التي سبقت دخول المدير العام السابق لوزارة الاتصال شلومو فيلبر إلى غرفة التحقيق سنة 2018، ويوثّق التسجيل حديثاً دار بين المحققين بخصوص التنصت على هاتف شاهد الملك.

وعلّق عضو الكنيست تساحي هنغبي، من الليكود، على الموضوع، فقال إن استخدام برامج التجسس لاختراق هواتف موظفين عاملين في سلك الدولة وغير مشتبه بهم بارتكاب جريمة خطرة ومن دون أمر من القاضي، بغرض انتزاع المعلومات والتنصت، يشكل انتهاكاً لحقوق المواطَنة الأساسية، ويلوث الإجراءات القانونية بشكل لا يمكن إصلاحه.

كما طالب محامو الزوجين ألوفيتش بعقد جلسة عاجلة بخصوص اختراق الهواتف المحمولة، أو بوقف المحاكمة.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يسرائيل هَيوم"، 4/2/2022
الزيارة إلى البحرين: فرصة لتعزيز العلاقات وردع زعماء إيران
أليعيزر مروم - لواء في الاحتياط
  • زيارة وزير الدفاع بني غانتس إلى البحرين برفقة قائد سلاح البحر اللواء ديفيد سلمه، هي زيارة تاريخية وإحدى نتائج اتفاقات أبراهام الآخذة في الازدياد مع مرور الزمن.
  • تقع البحرين، هذه الجزيرة الصغيرة، بين السعودية وإيران، وهي مقر لقيادة الأسطول الخامس الأميركي. قبل عامين، كان يبدو من المستحيل أن تقيم البحرين علاقات مع إسرائيل وتدعو وزير دفاعها إلى زيارة رسمية للحديث عن التعاون الأمني بينهما.
  • بالنسبة إلى إسرائيل، التعاون الأمني مع البحرين التي تبعد مسافة 140 ميلاً عن إيران، يمكن أن يكون مفيداً على عدد من المستويات. صحيح أنه من الصعب أن تسمح البحرين للسفن الإسرائيلية بالعمل انطلاقاً من أراضيها في وقت قريب، لكن توقيع اتفاق سري، وإمكان جمع معلومات استخباراتية هو أمر مؤكد. في المقابل، ستحصل البحرين على قدرات تكنولوجية عسكرية لم تعرفها من قبل، وعلى مظلة دفاعية في مواجهة التهديد الإيراني.
  • في الشرق الأوسط، حيث يمكن أن يؤثر وقوع اضطرابات في الحرم القدسي فيما يجري في طهران، سيكون لهذه الزيارة أصداء. إيران كدولة تنتمي إلى الدائرة الثالثة، بالنسبة إلى إسرائيل، تتطلع إلى فرض نفوذها، وأحياناً، قواتها في دول تنتمي إلى الدائرة الأولى المحاذية لإسرائيل. فجأة، الإسرائيليون يتصرفون بالطريقة عينها، ويقفون بالقرب من بوابة إيران في الخليج. في هذه الحالة يمكن أن يشمل ردّ طهران تحذيرات وتهديدات موجهة إلى دول المنطقة، مع احتمال القيام بعملية فعلية.
  • الولايات المتحدة تقف وراء هذه الخطوة. لقد تركت إدارة بايدن، عسكرياً، الجزء الأكبر من المنطقة، وكانت الذروة في الهروب من أفغانستان. لكن الأميركيين ينشطون على المستوى الدبلوماسي في كل الجبهات، سواء الفلسطينية أو الإقليمية. تريد إدارة بايدن تحقيق إنجازات قبيل الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر، من أجل المحافظة على أكثرية ديمقراطية في المجلسين - والعامان الأخيران من ولاية بايدن سيكونان صعبين.
  • إنجاز مهم يمكن أن يتحقق مع إبرام اتفاق نووي مع الإيرانيين. وليس صدفة تنظيم الولايات المتحدة مناورة بحرية واسعة النطاق، تشارك فيها 60 سفينة من الأسطول الخامس، وسينضم إليها سلاح البحر الإسرائيلي قريباً، والإعلان بشأنها خلال زيارة غانتس. المقصود أداة ضغط على إيران، ومن المحتمل أن الإحساس بالعزلة الإيرانية سيدفعها إلى توقيع الاتفاق، وهو ما يشكل مصلحة أميركية واضحة. على أي حال، زيارة غانتس إلى المنامة تخلق منصة جيدة لاستمرار التعاون مع البحرين، ومع الأسطول الخامس، ولهذه العلاقة أهمية كبرى بالنسبة إلى أمن إسرائيل، ويمكن أن تسبب صداعاً كبيراً للزعامة في طهران.

 

"هآرتس"، 4/2/2022
الهجوم على الإمارات خلال زيارة هرتسوغ هو فقط نموذج لتمرير الرسائل حالياً
عاموس هرئيل - محلل عسكري
  • في غضون أسبوعين ونصف الأسبوع، أُطلقت مسيّرات وصواريخ من اليمن في اتجاه الإمارات ما لا يقل عن أربع مرات. في إحدى المرات قُتل مدنيون وتضررت شاحنات نفط. المتمردون الحوثيون الذين يعملون بالوكالة عن إيران، وبتوجيه منها، وقّتوا هذا الأسبوع هجمتهم مع الزيارة الأولى للرئيس يتسحاق هرتسوغ إلى الإمارات.
  • أيضاً الرسائل الشفهية من إيران والحوثيين كانت واضحة جداً. لقد حسّن الإماراتيون علاقاتهم قليلاً مع طهران، وانسحبوا من التدخل العلني في الحرب الأهلية في اليمن (إلى جانب السعودية والحكومة الأصلية هناك)، بعد الهجوم الإيراني على منشآت نفطية في السعودية، في أيلول/سبتمبر 2019، لكنهم في الأشهر الأخيرة يساعدون كتيبتين تعملان إلى جانب الحكومة اليمنية. أيضاً إسرائيل متهمة بتزويد السعودية والمؤيدين لها في الحرب بالسلاح. هذه هي خلفية الهجمات الأخيرة على الإمارات والتهديدات العلنية بأن المسيّرات والصواريخ ستصل إلى إسرائيل في المستقبل.
  • عندما يفتح الجيش الإسرائيلي الخرائط، يبدو واضحاً أن إسرائيل تقع في مرمى هجوم مشابه من طرف الميليشيات الموالية لإيران، والموجودة في العراق وسورية، وأيضاً في اليمن. هذا هو سبب التعامل بجدية مع هذه التهديدات كدليل على خطة عمل مستقبلية من جهة إيران. في هذه الأثناء، وبعد القصف الذي استقبل به الحوثيون هرتسوغ، تحدثت تقارير سورية عن هجوم إسرائيلي استهدف منطقة دمشق، والذي أتى بعد فترة تهدئة استمرت قرابة الشهر، جرى خلالها تعداد عشر طائرات شحن وصلت من طهران إلى العاصمة السورية. وتركز الهجوم على المنطقة التي تحتفظ فيها إيران وحزب الله بمخازن سلاح لم يُهرَّب بعد إلى لبنان.
  • ... التحدي الإيراني في أثناء زيارة هرتسوغ لم يعرقل استمرار الحملة الدبلوماسية الإسرائيلية في الخليج. فأول أمس وصل وزير الدفاع بني غانتس إلى البحرين في زيارة رسمية، بعد أكثر من عام على إبرام اتفاقات أبراهام. جاء غانتس إلى البحرين لتوقيع مذكرة تعاون أمني. وتقول أوساط وزير الدفاع إن هذا الاتفاق سيُظهر إلى العلن الأمور التي عادة ما كانت الدولتان تقومان بها في الماضي من تحت الطاولة. ومن المحتمل أن تبيع إسرائيل البحرين سلاحاً في المستقبل. والانطباع في المؤسسة الأمنية أن البحرين تعمل بمباركة جارتها السعودية. التقاطع بين الزيارات العلنية وبين الهجمات المتوالية من إيران، بواسطة اليمن، يزيد في حدة ما تحتاج إليه الإمارات الآن من إسرائيل، وبصورة أقل البحرين: مساعدة دفاعية واسعة النطاق ضد المسيّرات والصواريخ. وسبق أن تحدث قائد سلاح الجو اللواء عميكام نوركين في كانون الأول/ديسمبر الماضي عن مثل هذه الصفقة المحتملة.
  • الباحث في معهد دراسات الأمن القومي اللواء في الاحتياط آساف أوريون قال لـ"هآرتس" إن في إمكان إسرائيل أن تبيع لشركائها الجدد مجموعة كاملة من الوسائل، من الرادارات إلى بطاريات الصواريخ الاعتراضية من طراز القبة الحديدية، والتي تشكل معاً الرد الإسرائيلي على الصواريخ. كما تستعين السعودية والإمارات بصواريخ باتريوت الأميركية، لكن أداء المنظومات الإسرائيلية يبدو أفضل بكثير. وستكون عمليات البيع مشروطة بآلية تضمن عدم وقوع هذه المنظومات الإسرائيلية في أيدٍ غير صحيحة. يعتقد أوريون أن هناك فرصة ممتازة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل ودول الخليج، بينما هذه الأخيرة بحاجة إلى مساعدة.
  • ... يجري تبادُل الرسائل في الخليج على وقع المفاوضات الدائرة في فيينا بين إيران والدول الكبرى. وفي تقدير الموفد الأميركي للمفاوضات روبرت مالي (الذي لا يشارك فيها شخصياً)، أن المفاوضات دخلت في مرحلة "اللحظة الأخيرة"، فبعدها لن تكون العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي مطروحة، في ضوء التقدم الذي سجله الإيرانيون في برنامجهم النووي. ويدّعي مالي أنه بقيت أسابيع قبل استنفاد المفاوضات بصيغتها الحالية.

 

"يديعوت أحرونوت"، 4/2/2022
العاصفة الجديدة بشأن مذبحة الطنطورة تثبت أن الجانب الفلسطيني ما زال غارقاً في هدف إيجاد أدوات مناكفة سياسية جديدة تُستخدم من أجل المساس بإسرائيل
ميخائيل ميلشتاين - رئيس طاقم الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب
  • مؤخراً، ثارت مرة أُخرى عاصفة بشأن قضية الطنطورة، وذلك في إثر فيلم وثائقي جديد تضمن اعترافات لجنود الجيش الإسرائيلي بأنهم شاركوا في مذبحة ارتُكبت بحق سكان القرية سنة 1948. وهكذا يثبت من جديد أن "قصة 1948" لم تنتهِ قط، وأنها ما زالت تصوغ حياة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، لكنها مرفقة بمقاربة ثابتة يقوم فيها أحد الطرفين [الإسرائيلي] بجلد ذاته، في حين أن الطرف الثاني [الفلسطيني] يرفض أن يقوم بأي نقد ذاتي.
  • لا شيء جديداً في هذا النقاش الذي أثيرَ من جديد. وكانت المحكمة، التي بحثت قبل 20 عاماً في أطروحة البحث التي كتبها تيدي كاتس في هذا الشأن، بعد أن رفع جنود لواء ألكسندروني دعوى ضده بشبهة قيامه بنشر كاذب، قد أثبتت أن البحث كان ممتلئاً بالتزوير، ولا سيما الفارق الشاسع بين الأمور التي كُتبت وتلك التي قيلت على لسان شهود عرب، لكن هذه المحكمة لم تقرر بتاتاً عدم وقوع مذبحة.
  • إن النقاش الحالي هو حلقة إضافية في الخطاب الذي يجري في إسرائيل منذ منتصف الثمانينيات، حين بدأ يتطور تيار المؤرخين الجدد الذي يجري في إطاره اتباع خطاب نقدي بشأن تاريخ إسرائيل. غير أن ما ينبغي قوله هو أن الهجمة الفورية، التي تقوم بها محافل سياسية تتسلح منذ البداية بأدلة عن الطابع السلبي لإسرائيل وجرائمها التاريخية، تحبط مسبقاً أي نقاش موضوعي بشأن ذاكرة 1948. كما أن مطالبة الفلسطينيين بفتح تحقيق دولي في هذه القضية ودعوة أعضاء كنيست من القائمة المشتركة إلى تخليد الحدث تشهدان على أن هناك غياباً للاهتمام بالحقيقة المتوازنة بشأن الماضي، وأن الهدف هو إيجاد أداة مناكفة سياسية جديدة تُستخدم من أجل المساس بإسرائيل والتشكيك بالسردية التاريخية السائدة لدى الجانب اليهودي.
  • ولعل الأهم من كل هذا أنه يبرز في أوساط الفلسطينيين، ولا سيما في أوساط الكثيرين من الجمهور العربي في إسرائيل، تمسُّك برواية أحادية البعد مديدة الأعوام تحدّد طرفاً واحداً مطالباً بالاعتراف بجرائمه التاريخية، بينما الآخر نظيف منها وغير مطالَب بأي مراجعة نقدية للمذابح التي ارتكبها على مدى الأعوام، ولإعلانات زعمائه في سنة 1948 بأنهم سيبيدون الييشوف اليهودي، الأمر الذي أثّر بالطبع في وعي اليهود وأفعالهم، وكذلك مراجعة إجراءات عدائية ورافضة تم اتخاذها على غرار رفض مشروع التقسيم في سنة 1947، وهي إجراءات تنطوي على مسؤولية جسيمة عن وقوع الصدمة التاريخية التي ما زال الفلسطينيون يعانون جرّاء تداعياتها حتى يومنا هذا.
  • في رأيي، السؤال الذي يجب أن يُطرح ليس ما إذا وقعت بالفعل مذبحة في الطنطورة، وواضح أنه من الحيوي أن تنبش إسرائيل في جراح ماضيها حتى لو لم يكن الفلسطينيون يفعلون هذا، إنما السؤال هو كيف أن جهداً إيجابياً يصبح في أساسه حملة أحادية البعد تتحرك بقوة فكر وأهداف سياسية. ويبرز في هذا السياق باحثون يدّعون أنهم "كاشفون للمظالم التاريخية"، لكنهم يستندون عملياً إلى قوة استنتاجات تبلورت مسبقاً من دون تطلُّع إلى هدف بلورة صورة متوازنة، وهو ما يستلزم منهم الغوص أيضاً في أرشيفات عربية (المفتوح منها قليل)، وبالطبع إتقان اللغة العربية. إن ما يحدث عملياً في ظل غياب مثل هذا المسار هو أن ما يُفترض به أن يكون بحثاً تاريخياً مهنياً يصبح دعاية تشبه محاولة وصف الحرب العالمية الثانية، مع التركيز التام على المعاناة التي عايشها سكان اليابان وألمانيا.
  • ثمة مَن يتمسك بادعاءات فحواها أن الفلسطينيين ما زالوا ضحايا الصراع، وبناءً على ذلك، من غير الممكن مطالبتهم بنقد ذاتي، غير أن مثل هذه الادعاءات يصبح مسوغات ليس من شأنها إيجاد حوار، بل إنها تصعّب على الفلسطينيين إمكان التصدي لأخطائهم التاريخية. وربما حان الوقت من أجل نشوء "مؤرخين جدد" يتكفلون بتحرير الخطاب العقيم المتحجر بين الشعبين، وبالدفع قدماً بكل ما من شأنه المساهمة في بحث مستقبل الفلسطينيين الذي ما زال غائباً في هذه اللحظة.