مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس: حتى لو تم توقيع اتفاق نووي بين الدول العظمى وإيران يجب الاستمرار في إعداد قدرات هجومية وعقوبات قاسية ضدها
مقتل فتى فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي جنوبي بيت لحم
رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا تعلن تركيبة لجنة التحقيق التي ستتقصى وقائع "قضية الغواصات"
تقرير: انتخاب 4 قضاة جدد في المحكمة الإسرائيلية العليا، بينهم أول قاض عربي مسلم وأول قاضية يهودية من أصول شرقية
مقالات وتحليلات
إذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني نحو السلاح النووي بأي ثمن فلا مفرّ لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما
التهديد الجوي الجديد يضع سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي أمام تحديات جديدة
الحرب الباردة تزداد سخونة - التداعيات على إسرائيل
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 23/2/2022
غانتس: حتى لو تم توقيع اتفاق نووي بين الدول العظمى وإيران يجب الاستمرار في إعداد قدرات هجومية وعقوبات قاسية ضدها

قال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إنه حتى لو تم توقيع اتفاق نووي بين الدول العظمى وإيران يجب الاستمرار في إعداد قدرات هجومية وعقوبات قاسية ضد هذه الأخيرة.

وأضاف غانتس في سياق كلمة ألقاها أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في أميركا الشمالية المنعقد في القدس مساء أمس (الثلاثاء): "إذا تم توقيع اتفاق نووي فهو ليس نهاية المطاف، بل بداية الإجراءات التي يجب علينا اتخاذها. على سبيل المثال، يجب الاستمرار في التحقيق في الملفات المفتوحة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووقف تطوير الصواريخ البالستية الإيرانية التي يمكن أن تحمل رؤوساً نووية، والتعامل مع سريان الاتفاق وما سيحدث بعده. ونحن بحاجة إلى إعداد قدرات هجومية وحزمة عقوبات كبيرة وقاسية في حال انتهكت إيران ذلك الاتفاق عاجلاً أم آجلاً".

وادعى غانتس أن عدوانية إيران لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن عدداً من وزراء الدفاع الذين اجتمع بهم بلّغوه قلقهم حيال دعم إيران لدول داعمة للإرهاب ولمنظمات إرهابية. كما ادعى أن إيران زودت فنزويلا بطائرات مسيّرة من دون طيار وأسلحة متطورة، فضلاً عن تزويدها بالمعرفة والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج هذه الطائرات على أرضها. وعرض صوراً قال إنها تُظهر أن إيران نقلت إلى فنزويلا التكنولوجيا الخاصة بإنتاج طائرات مسيّرة متطورة.

وقال غانتس إن المعطيات التي بحيازة إسرائيل تشير إلى أنه حتى بعد توقيع الاتفاق النووي السابق سنة 2015 رفعت إيران ميزانيتها الأمنية بنسبة 50%.

وشدد وزير الدفاع على ضرورة الاستمرار في محاربة من وصفهم بأنهم وكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط، وعلى ضرورة التأكد من أن الأموال التي ستدخل إلى إيران، في حال توقيع اتفاق نووي جديد معها، لن تُوجَّه إلى دعم الإرهاب وانتهاك الاستقرار الإقليمي.

 

"هآرتس"، 23/2/2022
مقتل فتى فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي جنوبي بيت لحم

قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الفتى الفلسطيني محمد شحادة (14 عاماً) قُتل أمس (الثلاثاء) بنيران الجيش الإسرائيلي بالقرب من قرية الخضر جنوبي بيت لحم.

وأعلن بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن إطلاق النار في اتجاه الفتى المذكور جاء رداً على محاولة قيامه بإلقاء زجاجة حارقة.

وأضاف البيان أنه خلال نشاط للجيش الإسرائيلي بالقرب من قرية الخضر، لاحظت قوات الجيش وجود ثلاثة شبان فلسطينيين مشتبه بهم وصلوا إلى المنطقة التي أُلقيَت فيها زجاجات حارقة في اتجاه مركبات إسرائيلية أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة، وقامت القوات بإطلاق النار نحو أحدهم، وهو ما أدى إلى إصابته بجروح بالغة.

 

"يديعوت أحرونوت"، 22/2/2022
رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا تعلن تركيبة لجنة التحقيق التي ستتقصى وقائع "قضية الغواصات"

أعلنت رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا إستير حيوت أمس (الاثنين) تركيبة لجنة التحقيق لتقصّي وقائع ما يُعرف باسم "قضية الغواصات"، أو "الملف 3000"، وذلك بعد شهر من مصادقة الحكومة على إقامة هذه اللجنة.

وأشارت حيوت إلى أن الرئيس السابق للمحكمة العليا القاضي المتقاعد آشير غرونيس سيترأس اللجنة، وسيكون في عضويتها كلّ من قاضي المحكمة العليا السابق تسفي زيلبرتال، ومحافظة بنك إسرائيل السابقة كرنيت فلوغ، وقائد سلاح البحر السابق أبراهام بن شوشان، والضابط السابق في سلاح الجو يعقوب بورتمان.

وستقوم اللجنة بالتحقيق في عدة أمور، أهمها حيثيات صفقة شراء 3 غواصات جديدة، و4 زوارق عسكرية لحراسة منصات الغاز في البحر الأبيض المتوسط، وسفينتين مضادتين للغواصات، وجميعها من صنع شركة "تيسنكروب" الألمانية في الفترة 2009–2016، وفي أي ظروف وافق رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو على أن تقوم ألمانيا ببيع غواصات متطورة إلى مصر.

يُذكر أن تحقيق الشرطة الإسرائيلية في هذه القضية كشف عن تورط العديد من المقربين من نتنياهو، لكن ليس هو نفسه، بشبهة تلقّي أموال غير مشروعة كجزء من خطة عامة ضخمة لشراء سفن وغواصات للبحرية الإسرائيلية بلغت مليارات الشيكلات من شركة "تيسنكروب". ووصف البعض هذه القضية بأنها أكبر فضيحة فساد أمنية في تاريخ إسرائيل.

"معاريف"، 22/2/2022
تقرير: انتخاب 4 قضاة جدد في المحكمة الإسرائيلية العليا، بينهم أول قاض عربي مسلم وأول قاضية يهودية من أصول شرقية

أعلنت لجنة اختيار القضاة أمس (الاثنين) انتخاب 4 قضاة جدد في المحكمة الإسرائيلية العليا التي تضم 15 قاضياً، بينهم أول قاض عربي مسلم، وأول قاضية يهودية من أصول شرقية، وهم: غيلا كانفي - شتاينيتس وروت رونين وخالد كبوب والمحامي يحيئيل كاشير. وتم انتخاب الأربعة بناءً على تسويات اتفق عليها مسبقاً معظم أعضاء اللجنة. ويقضي قانون انتخاب القضاة بأن يحصل كل قاض مرشح لهذه المهمة على دعم أربعة من أعضاء اللجنة.

ومن المقرر أن يتسلم القضاة مناصبهم بالتدريج، إذ اتُّفق على دخول القاضية كانفي - شتاينيتس أولاً، يليها القاضي كبوب، ثم المحامي كاشير، وأخيراً القاضية رونين.

وسيحل القضاة الجدد محل القاضيين ميني مزوز وحنان ميلتسر اللذين تقاعدا، ومحل القاضيين نيل هندل وجورج قرا اللذين سيتقاعدان خلال الأشهر المقبلة.

وأثنى وزير العدل الإسرائيلي جدعون ساعر على انتخاب اللجنة وقال: "إن القضاة الأربعة الجدد هم أفضل المرشحين وتم اختيارهم وفقاً للمعايير الثلاثة التي حدّدتها: الامتياز والتوازن والتنوع. إننا ندرك أن نظام القضاء في إسرائيل يحتاج إلى إصلاح وليس إلى تدمير، كما أنه بحاجة إلى قضاة يلتزمون بالحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية".

وعارضت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييلت شاكيد، عضو لجنة تعيين القضاة ووزيرة العدل السابقة، تعيين رونين وامتنعت من التصويت لكبوب، وقالت إنها غير راضية عن التعيينات.

وكتبت شاكيد على صفحتها الخاصة في موقع "فايسبوك": "لو كنت أنا رئيسة اللجنة اليوم لكانت النتائج مختلفة. ليس سراً أنني أردت تعيين قضاة آخرين. ولكن رئيس اللجنة وزير العدل قاد خطاً مختلفاً وأصرّ على أهمية مبدأ التوازن وضرورة وجود مرشحين من كل طرف سياسي".

ويُعتبر كاشير وكانفي - شتاينيتس محافظين في حين يُعتبر كبوب ورونين أكثر ليبرالية.

وتشغل القاضية كانفي - شتاينيتس (63 عاماً) منصب نائبة رئيس المحكمة المركزية في القدس، وستكون أول قاضية دائمة في المحكمة العليا من أصول شرقية. وتم تعيينها في محكمة الصلح في القدس في أيلول/سبتمبر 1993، وفي أيار/مايو 2006 عُينت قاضية في المحكمة المركزية في القدس. وهي زوجة عضو الكنيست عن حزب الليكود والوزير السابق يوفال شتاينيتس.

ويشغل القاضي كبوب (63 عاماً) حالياً منصب نائب رئيس المحكمة المركزية في تل أبيب، وسيكون أول قاض مسلم دائم في المحكمة العليا، فجميع القضاة العرب السابقين في المحكمة كانوا مسيحيين.

وعملت القاضية رونين (60 عاماً) سكرتيرة لرئيس المحكمة العليا السابق مئير شمغار، وتم تعيينها في حزيران/يونيو 1995 قاضية في محكمة الصلح في تل أبيب. وفي أيار/مايو 2005، تم تعيينها قاضية في المحكمة المركزية في تل أبيب، وهي قاضية في قسم الشؤون الاقتصادية في المحكمة المركزية في تل أبيب منذ سنة 2010.

أما القاضي كاشير (60 عاماً) فهو شريك ورئيس قسم الدعاوى القضائية في مكتب محاماة خاص عملت فيه المستشارة القانونية الجديدة للحكومة الإسرائيلية غالي بهراف - ميارا حتى وقت قريب.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 23/2/2022
إذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني نحو السلاح النووي بأي ثمن فلا مفرّ لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما
يعقوب عميدرور - لواء احتياط والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي
  • حين اكتشفت إسرائيل سنة 1994 أن إيران تقوم بجهد لامتلاك سلاح نووي، قدّر أفضل الخبراء أن الإيرانيين سيمتلكون سلاحاً نووياً في سنة 2005، أو في أقصى الأحوال في سنة 2010. وعندما دخل الإيرانيون إلى سورية كي يبنوا قوتهم العسكرية كان لديهم خطط منظمة، لكنهم نجحوا في تحقيق نحو 25% منها فقط، وربما أقل. وكان ينبغي لمشروع الدقة المشترك مع حزب الله في لبنان أن يُنتج حتى الآن آلاف الصواريخ والقاذفات الصاروخية الدقيقة، لكنهم بعيدون عن هذا العدد مسافة كبيرة.
  • إن كل هذه التأجيلات تحققت بسبب الاستخدام العاقل للقوة. وطبعاً لا يُعتبر استخدام القوة السبب الوحيد الذي أدى إلى عدم حيازة إيران سلاحاً نووياً. فقد نجحت إسرائيل في تجنيد الولايات المتحدة، التي جلبت قوتها الاقتصادية، ودولاً أُخرى كي تضغط على طهران. لكن ينبغي القول إنه من دون استخدام القوة من أنواع مختلفة لكانت إيران اقتربت من السلاح النووي كثيراً.
  • ولا بد من القول إن إنجازات إسرائيل في كل ما هو متعلق بكبح القدرة الإيرانية في سورية وموضوع السلاح الدقيق تحققت بالقوة فقط، ولا أعرف طريقاً آخر لمنع الأمرين. غير أن الأمور تبدو أكثر تعقيداً فيما يرتبط بموضوع منع النووي الإيراني. فالأميركيون يروّجون أسطورة، فحواها أنهم وقّعوا اتفاقاً [مع إيران] في عهد [الرئيس الأميركي السابق] باراك أوباما، لأن إسرائيل هددت بشنّ هجوم. لكن بصفتي كنت أحد المسؤولين في الأيام التي توجّه فيها الأميركيون إلى المفاوضات، وقاموا بإخفاء ذلك عن إسرائيل، من المهم القول إن إسرائيل قالت لهم بوضوح: لديكم كل الوقت الذي تحتاجون إليه، ولن نهاجم ما دام الإيرانيون لم يتجاوزوا خطوطاً معينة بقيت عمداً ضبابية.
  • لقد سارع الأميركيون إلى عقد صفقة سيئة، ليس لأنهم تخوفوا من هجوم إسرائيلي، بل لأنهم لم يرغبوا في الوصول إلى وضع يسألهم فيه العالم، وعلى رأسه إسرائيل، عما يعتزمون القيام به حين يتبيّن أن الإيرانيين غير مستعدين للتنازل عن البرنامج النووي؟ لهذا الغرض غيروا سياستهم من "تفكيك القدرة النووية" إلى "التأجيل والرقابة". لكن بسبب الاتفاق السيئ لم يتأجل كل شيء، ولم تنشأ رقابة واسعة وعميقة بما فيه الكفاية. لقد كان هذا الاتفاق سيئاً وبررته الإدارة الأميركية بذريعة لا أساس لها في الواقع تتمثل في "منع هجوم إسرائيلي". وللأسف هناك مَن يتبنى هذه الذريعة في إسرائيل أيضاً.
  • يجب علينا أن نستوعب الحقيقة المحزنة: إذا كانت إسرائيل راغبة في منع استمرار برنامج إيران لإنتاج سلاح نووي، فلا يبدو أن بإمكانها الاعتماد على جهود سياسية تقوم بها جهة ما. وإذا كانت إسرائيل مصممة على إيقاف التقدّم الإيراني بأي ثمن، فلا مفر لها غير إعداد خيار القوة، لا بل استخدامه يوماً ما.
  • كنت من الأشخاص الذين لم يعجبهم الوصف المتبجح لقائد سلاح الجو المنتهية ولايته لإنجازات هذا السلاح، لكن لا ينبغي أن ننكر الواقع: لولا نشاط سلاح الجو على أساس الاستخبارات المتميزة لكانت إسرائيل في مواجهة عدو إيراني مع صواريخ عديدة، ومع مسيّرات غير قليلة جاهزة للعمل تحت قيادة إيرانية في الأراضي السورية. لولا نشاط سلاح الجو لكانت هناك اليوم قدرات دقيقة أكثر بكثير في يدي حزب الله. وقد تضطر إسرائيل إلى الخروج إلى عملية واسعة لتصفية هذه القدرة، ذلك بأن قصف سلاح الجو لن يكفي، ولن يؤدي أي جهد سياسي واستراتيجيا حكيمة، مهما تكن، إلى النتيجة المرجوة.
  • واضح أيضاً أن ثمة حاجة إلى تفكير عميق مستقبلاً وحاضراً، ولا ينبغي الاكتفاء باستخدام القوة العسكرية. لكن في الوقت نفسه علينا أن ندرك أنه في العالم الآخذ بالتشكل الآن هناك أوضاع لا يمكن فيها إزالة التهديدات لإسرائيل، أو تأجيلها على الأقل، إلاّ بالقوة فقط. وطبعاً يفترض استخدام القوة إعداداً سياسياً مناسباً وإعلاماً جيداً لما بعده، لكن الخطوة الحاسمة هي خطوة القوة. بالنسبة إلى دولة صغيرة كإسرائيل، وفي المنطقة التي توجد فيها، لا مفر من المعادلة التالية: إن قاعدة القدرة الاستراتيجية والفعل السياسي هي القوة العسكرية التي في يديها. وفقط حين تكون هذه حاضرة ونشطة، ومؤثرة ومانعة، فإنها تسمح بخطوات استراتيجية في المجال السياسي. من دون قوة، لن يتحقق شيء.

 

"معاريف"، 23/2/2022
التهديد الجوي الجديد يضع سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي أمام تحديات جديدة
تسبيكا حيموفيتس - قائد سابق لمنظومة الدفاع الجوي في سلاح الجو
  • حادثة تسلُّل مسيّرة حزب الله من لبنان إلى إسرائيل يوم الجمعة الماضي فتح خطاباً إعلامياً وعاماً واسع النطاق طمس الواقع ومنع تحليله بصورة رصينة. توقيت الحادثة، مباشرة بعد خطاب نصر الله عن حجم الصواريخ الدقيقة التي في حوزته، وبعد أسابيع من بدء الكشف عن انتشار منظومة حزب الله المضادة للصواريخ - اختاره حزب الله بدقة من أجل خدمة أهدافه الداخلية في لبنان، ولخلق معادلة جديدة في مواجهة دولة إسرائيل.
  • إن محاولة تقزيم الحدث وتسمية المسيّرة بـ"طائرة صغيرة" لا تخدمان الهدف والحاجة إلى فهم الواقع والاستعداد للآتي. حقيقة أن المسيّرة تسللت إلى المجال الجوي لدولة إسرائيل، وبقيت في نطاقه دقائق طويلة وعادت أدراجها من دون أن تصاب، بالإضافة إلى المحاولة الفاشلة لاعتراضها، كل ذلك يدل على فشل. وحده التحليل الدقيق غير المراوغ للحدث ونتائجه يضمن أننا في حوادث مستقبلية مشابهة سننجح في العمل بصورة أفضل. وانطلاقاً من معرفتي لقادة سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي، ليس لديّ أدنى شك في أنهم سيحققون ويتعلمون من الحادثة، وسيبذلون كل ما في وسعهم كي يكونوا أفضل في الحادثة المقبلة.
  • من الخطأ تحليل وفحص حادثة يوم الجمعة الماضية كحادثة منفردة بحد ذاتها. إذ يمكننا أن نرى فيها توجهاً نحو بناء تهديد جوي له خصائص جديدة، ينضم إلى تهديد الصواريخ في العقد الأخير، والذي احتل مكانة مهمة في خريطة التهديدات التي تواجهها دولة إسرائيل. التهديد الجوي الجديد يحل محل المنصات الجوية التقليدية، وهو مركّب من منصات جوية صغيرة من الصعب تعقّبها، تحلّق على علو منخفض، وذات سرعة بطيئة وعالية، زهيدة الثمن، وسهلة الاستخدام، وتتطلب حداً أدنى على الصعيد اللوجستي، وهي سهلة الحركة والإخفاء. ولقد تحولت إلى "سلاح الجو" الجديد للتنظيمات الإرهابية وللدول في آن معاً.
  • نحن نشهد الاستخدام المستمر للمسيّرات والطائرات الصغيرة من دون طيار في كل ساحات المواجهة لدولة إسرائيل، في غزة وسورية ولبنان، وحتى من إيران. التهديد الجوي الجديد يضع أمام سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي تحديات جديدة. أولها تحدي الكشف عنه - القدرة على كشف التهديد عند تسلُّله، وطبعاً تحدي اعتراضه - بعد كشف التهديد وتحديد هويته، ثم ضرورة التصدي له وتدميره، وذلك انطلاقاً من سلة حلول للاعتراض من الأرض، كما حدث في الحادثة المذكورة بواسطة القبة الحديدية. اختيار نقطة الاعتراض مهم لمنع التسبب بضرر بيئي محتمل بعد القيام بالاعتراض، وفيما يتعلق بجمع شظايا الهدف التي تُستخدم في أغراض التحقيق، أو لأهداف إعلامية.
  • في محاولة لتقزيم الحادثة، سمعنا في الأيام الأخيرة من عدد غير قليل من المحللين أن الضرر كان ضئيلاً جداً. لكن فحص الضرر يجب أن يكون في ضوء احتمال الضرر الناشىء على صعيد الوعي - ماذا يتعلم العدو، وكيف يستخدم الحادثة من أجل خدمة أغراضه. ربما ليس للتهديد الجوي الجديد تأثير جدي على موازين القوى، وليس لديه اليوم القدرة على إحداث ضرر كبير واستراتيجي.
  • هذه التهديدات الجديدة تميل إلى أن تصبح أشد قوة، مثل صواريخ القسّام التي كانت في البداية قادرة على حمل مواد ناسفة محدودة، ويبلغ مداها بضعة كيلومترات، وخلال عقد طورت "حماس" قدرة إنتاج منظمة لصواريخ وقذائف يبلغ مداها أكثر من 100 كيلومتر، وقادرة على حمل عشرات ومئات الكيلوغرامات من المواد الناسفة. إذا تجاهلنا التهديد الجوي الجديد، فسنواجه تهديداً متزايداً واسع النطاق في مختلف الساحات، ولديه قدرات كبيرة.
  • صحيح أننا نعمل كي نواجه، بفعالية، تهديد المسيّرات والطائرات الصغيرة من دون طيار، لكن في تقديري أن هذا يجري بصورة محدودة وغير كافية. المطلوب استعداد من نوع آخر قبل أن نستيقظ بعد وقت قصير على واقع مختلف، نشهد فيه استخدام عشرات الطائرات الصغيرة والمسيّرات في آن معاً ضد دولة إسرائيل.

 

مقال خاص، 21/2/2022
الحرب الباردة تزداد سخونة - التداعيات على إسرائيل
ألداد شافيط، وأودي ديكل، وعينات كورتس - باحثون في معهد دراسات الأمن القومي
  • لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، يتحضر النظام الدولي لإمكان شنّ روسيا معركة واسعة النطاق في أوروبا، مع الاستعداد للدخول في مواجهة مع الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة.
  • ... قبل إطلاق الطلقة الأولى، من الواضح أن دول الشرق الأوسط، وبينها إسرائيل، تهمها المحافظة على الوقوف على الحياد بقدر الممكن والامتناع من الحاجة إلى اتخاذ موقف من النزاع في أوروبا الشرقية واختيار طرف. فمن جهة، على الرغم من الإدراك أن الولايات المتحدة تقلص تدخُّلها في الشرق الأوسط، فإن عدة دول في المنطقة لا تزال ترى في العلاقات الجيدة مع الإدارة الأميركية مدماكاً مركزياً في عقيدتها الأمنية. لكن من جهة أُخرى، هي مهتمة أيضاً بالحفاظ على شبكة العلاقات مع روسيا، والتي تعمقت في الأعوام الأخيرة وتشمل اليوم علاقات عسكرية واسعة النطاق، والدفع قدماً بصفقات لشراء سلاح روسي. هذا بالإضافة إلى التدخل العميق لروسيا في الحرب في سورية.
  • من السابق لأوانه أن نقدّر بصورة كاملة التداعيات العالمية للأزمة في أوروبا، ومن الواضح أنه سيكون للتطورات العسكرية والسياسية والتسويات، التي سيجري وضعها، تأثير أيضاً في المخاطر والفرص التي ستواجهها دول الشرق الأوسط. صحيح أنه ليس باستطاعة هذه الدول منع التدهور العسكري، لكن يتوجب عليها بلورة سياسات والعمل بسرعة، في ضوئها، من أجل تقليص مخاطر محتملة.
  • أيضاً إسرائيل، مثلها مثل الدول الأُخرى في المنطقة، تحرص حتى الآن على السير بين النقاط والامتناع من التعبير عن موقف إزاء التطورات. لقد اضطرت إسرائيل إلى دعوة مواطنيها إلى مغادرة أوكرانيا كي لا تحتجزهم الحرب - إذا نشبت - وتعرّضت لإدانة من سلطات كييف، بعد أن نُشر أنها طلبت من روسيا المساعدة في إخراج المواطنين الإسرائيليين من أوكرانيا. بالنسبة إلى إسرائيل، التداعيات الأساسية للأزمة تتركز على ثلاثة مستويات: على المستوى العالمي، وعلى مستوى الساحة الإقليمية، وعلى جارتها الأقرب - الساحة الشمالية.

في مواجهة الساحة العالمية

  • كلما طالت الأزمة وتعقدت، وخصوصاً إذا نشبت الحرب واستمرت وقتاً، من المتوقع أن يطلب الرئيس بايدن والإدارة الأميركية، المهتمة بترسيخ وتأكيد المكانة الرائدة للولايات المتحدة في النظام الدولي، اختيار طرف بصورة علنية والدعم الصارم للخطوات الأميركية، والمشاركة في الضغوط التي ستُمارَس على روسيا، والانصياع لمجمل العقوبات المفروضة عليها. في مثل هذه الظروف، من الصعب جداً أن تكون الإدارة الأميركية مستعدة للإصغاء، وأن تتفهم محاولات إسرائيل التوضيح والادعاء أن المصالح الإسرائيلية تفرض عليها المحافظة على قنوات مفتوحة مع موسكو. ومن المعقول أنه إزاء تحفُّظ دول الشرق الأوسط عن إظهار تعاطفها الكامل مع موقف الولايات المتحدة وخطواتها، أن تقوم الإدارة الأميركية، لاحقاً، بتصفية حسابها مع الدول التي ستحاول الوقوف موقف المتفرج.
  • إن الأزمة في أوروبا الشرقية يمكن، تحديداً، أن تؤكد للولايات المتحدة أهمية المنطقة كمزود بالطاقة بدلاً من روسيا. ويبدو أن الإدارة الأميركية تتوقع رؤية خطوات في هذا الاتجاه. ولقد برز سعيها لإيجاد بديل في مسألة الطاقة حيال قطر التي اعتُبرت، خلال الزيارة التي قام بها الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني إلى واشنطن مؤخراً، "حليفة مهمة غير عضو في حلف الناتو" (Major Non-Nato ally). وتوجهت الإدارة بطلب مشابه إلى السعودية، استُقبل حتى الآن ببرود، لكن من المعقول، لاحقاً، أن يلبّي السعوديون الطلبات الموجهة إليهم، والمتعلقة بسوق الطاقة، من أجل تحسين علاقاتهم مع الإدارة الأميركية. أحد بدائل تزوُّد أوروبا بالغاز الروسي هو حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، المشتركة بين مصر وقبرص وإسرائيل. سيكون من الصعب على مصر وعلى إسرائيل رفض طلب الولايات المتحدة تزويد أوروبا بالغاز والمساعدة بوقف التزود بالغاز الروسي عبر خطيْ Nordstream.

في الساحة الإقليمية

  • الأزمة في أوروبا الشرقية، وخصوصاً إذا تدهورت إلى معركة عسكرية، يمكن أن تؤثر مباشرة في استقرار جزء من دول الشرق الأوسط، في الأساس بسبب اعتماد هذه الدول إلى حد كبير على التزود بالمحاصيل الزراعية عموماً، وبالقمح خصوصاً، من أوكرانيا وروسيا. على سبيل المثال، مصر هي إحدى أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، وهي تشتري معظم محاصيلها من روسيا وأوكرانيا... بالإضافة إلى هذا الجانب الاقتصادي، يجب أن نضيف الارتفاع في تكاليف الطاقة والنقل والمواصلات، ويجب أن نأخذ في الحسبان أن هذه المشكلات، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها دول كثيرة في المنطقة - الناجمة عن الزيادة الديموغرافية وحجم البطالة العالي، في الأساس وسط جيل الشباب، وتأثيرات التغيرات المناخية، كل ذلك سيجعل من الصعب جداً على هذه الدول الحؤول دون تدهور الوضع. في مثل هذا الواقع، ستزداد احتمالات أن تواجه أنظمة المنطقة صعوداً في الاحتجاج الشعبي من جديد، وستعجز عن تلبية المطالب الشعبية. والدول التي من المحتمل أن يتزعزع استقرارها، كنتيجة غير مباشرة للأزمة بين روسيا ودول الناتو، هي الدول الأضعف في المنطقة: سورية ولبنان وليبيا والعراق. في ظل هذه الظروف لأزمة عالمية حادة، تزداد المخاوف أيضاً على استقرار الأردن ومصر. وغني عن الذكر أن عدم الاستقرار في الدول المجاورة سيزيد في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل. ومن المعقول أن إسرائيل نفسها يمكن أن تواجه ارتفاعاً في أسعار الطاقة وتأثيراتها في غلاء المعيشة. ثمة تحدٍّ آخر بالنسبة إلى إسرائيل يعود إلى تركيز الولايات المتحدة على أوروبا، وهو ما سيسرّع توجّه الابتعاد الأميركي عن الشرق الأوسط والحد من دعم الولايات المتحدة العسكري لحلفائها في المنطقة.

إسرائيل في مواجهة الجبهة الشمالية

  • يبدو أن احتمالات أن تستغل روسيا ساحة عملها في سورية كي تثبت للولايات المتحدة أنها تملك أدوات لجعل جبهات إضافية قابلة للانفجار، إلى جانب أوروبا الشرقية، تتحقق عملياً ونظرياً. في الفترة الأخيرة، تضع روسيا العراقيل في طريق المعركة التي تخوضها إسرائيل ضد التمركز الإيراني في سورية، وضد جهود طهران في نقل السلاح إلى حزب الله في لبنان، عبر الأراضي السورية. فخلال كانون الثاني/يناير الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائرات روسية وسورية تقوم بدوريات مشتركة في أجواء هضبة الجولان، وأن موسكو ودمشق تنويان الاستمرار في ذلك. كانت هذه رسالة واضحة إلى إسرائيل، مفادها أن روسيا تقدر، إذا شاءت، إزعاج إسرائيل في صراعها ضد المحور الإيراني كما تجلى ذلك في الأراضي السورية. كما يجب أن نرى في ذلك خطوة هدفها أن توضح للقدس أن وقوفها إلى جانب طرف في الأزمة بين روسيا والناتو ينطوي على خطر عليها، وهي رسالة إلى واشنطن بأن موسكو تملك أدوات ضغط أُخرى...
  • بناءً على ذلك، الرد الأميركي على هجوم روسي على أوكرانيا، والذي يمكن أن يتجلى بفرض العزلة على روسيا وتعميق العقوبات المفروضة عليها، من المتوقع أن يكون له تداعيات سلبية على إسرائيل. في إطار الرد الروسي ضد حلفاء الولايات المتحدة، من المحتمل أن تقطع موسكو التنسيق العملاني الروسي - الإسرائيلي، وأن تحاول التصدي للهجمات الإسرائيلية في سورية بواسطة منظومة الدفاع الجوي وطائرات اعتراض روسية. في الوقت عينه، من المحتمل أن تمتنع روسيا من كبح إيران، وربما تشجعها على استخدام أذرعتها، ليس فقط ضد القوات الأميركية، بل أيضاً ضد إسرائيل.

توصيات مركزية لإسرائيل

  • يدل اختيار دول الشرق الأوسط الحياد، وبينها إسرائيل، على التغيير الذي طرأ على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى موازين القوى الإقليمية. مع ذلك، فإن العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة التي تشكل درعاً سياسياً - دبلوماسياً حيوياً لإسرائيل، والالتزامات الأميركية العلنية بأمنها، لا يتركان خياراً أمام إسرائيل - أيضاً لو فضلت الوقوف موقف المتفرج – سوى أن تدعم موقف واشنطن بصورة كاملة ومن دون تردد. إذا امتنعت إسرائيل من الوقوف في معسكر الولايات المتحدة وأوروبا، فإن التوترات مع الإدارة الأميركية ستزداد، وستنزلق أيضاً إلى المطالبة الأميركية بتقليص شبكة العلاقات مع الصين. ناهيك بأن القدس لا تقدر على رفض طلب واشنطن تطوير بديل من روسيا لتزويد أوروبا بالغاز.
  • المطلوب بلورة رد على مجموعة التداعيات على إسرائيل في حال تطورت نسخة جديدة من "الحرب الباردة" بين الولايات المتحدة وروسيا. في هذا الإطار، من المهم الحرص على التشاور الدائم مع واشنطن، وأن ننقل منذ الآن رسالة واضحة وملزمة وسرية بأن إسرائيل، عند الحاجة، ستقف علناً إلى جانب الطرف الذي تقوده الولايات المتحدة، حتى على حساب علاقاتها مع روسيا.

ج- المفاوضات الدائرة في فيينا بشأن العودة إلى الاتفاق النووي تتقدم، وثمة معقولية كبيرة أن يجري توقيع الاتفاق في الأيام المقبلة. ننصح إسرائيل بالامتناع، بقدر الممكن، من الدخول في مواجهة مع الإدارة الأميركية، حتى لو أُبرم اتفاق جديد مع إيران في المرحلة المقبلة.

د-   في هذه المرحلة، يجب المحافظة على قنوات الحوار مع موسكو - في ضوء الحاجة الحيوية والدائمة إلى منع حدوث احتكاك عسكري في الجبهة الشمالية، كما يجب الاستعداد لسيناريو قطع التنسيق العملاني بين إسرائيل وروسيا، وأن يجد الجيش الإسرائيلي نفسه في مواجهة تحديات متزايدة في الساحة الشمالية.

ه-   حالياً، يجب الامتناع من بيع السلاح لأوكرانيا ودول تحيط بروسيا، في الأساس السلاح المضاد للدبابات، ومواصلة الامتناع من تزويد الجيش الأوكراني ببطاريات القبة الحديدية.

و-   على إسرائيل توسيع نطاق مساعيها لترسيخ علاقاتها مع دول المنطقة، وأن تنقل إليها رسائل إيجابية، استعداداً لاحتمال نشوب اضطرابات داخلية فيها، بهدف الحؤول دون انسحابها من عملية التطبيع. وهذه ستكون رسالة أيضاً إلى الولايات المتحدة بأن إسرائيل لا تقف فقط مع الجانب الصحيح، بل تعمل على ترسيخ جبهة إقليمية تؤيد سياستها.

ز-   يجب الاستجابة إلى المحاولات التي تبذلها تركيا للتقرب مجدداً. فتركيا دولة مهمة في الناتو وتحسين العلاقات معها سيعزز موقع إسرائيل الاستراتيجي وأرصدتها في المنطقة.