مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
لبيد: الغزو الروسي لأوكرانيا انتهاك صارخ للنظام الدولي
بينت يمتنع من التنديد بروسيا
هرتسوغ يبدأ زيارة في أثينا ويؤكد أهمية التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص
مقالات وتحليلات
تحسين العلاقات مع تركيا يجب ألّا يتم على حساب أرصدة استراتيجية وسياسية واقتصادية وأمنية بنتها إسرائيل مع جيران آخرين في شرق البحر الأبيض المتوسط
المؤسسة الأمنية قلقة من تداعيات خطوات بوتين على الجبهة ضد سورية وإيران
أفعال بوتين ستحدد كيف سيبدو العالم في العقود المقبلة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 25/2/2022
لبيد: الغزو الروسي لأوكرانيا انتهاك صارخ للنظام الدولي

دان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد الغزو الروسي لأوكرانيا ووصفه بأنه انتهاك صارخ للنظام الدولي. وكانت هذه الإدانة الإسرائيلية الأشد والأكثر مباشرة لموسكو منذ بدء الأزمة في شرق أوروبا.

وقال لبيد خلال إحاطة إعلامية في مقرّ وزارة الخارجية في القدس أمس (الخميس): "إن إسرائيل تدين الهجوم، وعلى استعداد لتقديم المساعدة الانسانية لمواطني أوكرانيا. إسرائيل دولة خاضت الحروب، والحرب ليست سبيلاً لحل النزاعات".

ودعا لبيد إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بوساطة قوى عالمية. وشدد على أن إسرائيل تتمتع بعلاقات عميقة ومتينة وجيدة مع روسيا وأوكرانيا، وهناك عشرات الآلاف من الإسرائيليين ومئات الآلاف من اليهود في كلا البلدين، مشيراً إلى أن الحفاظ على أمنهم وسلامتهم يقف على رأس جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية.

وكرر لبيد دعوته الإسرائيليين إلى مغادرة أوكرانيا براً.

من ناحية أُخرى، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الدبلوماسيين الإسرائيليين في أوكرانيا يواصلون العمل من مكتبهم الموقت في مدينة لفيف في غرب البلد، وأكدت أن هناك خطة جاهزة لإجلائهم إلى بولندا إذا لزم الأمر.

وأشارت مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن إسرائيل لم تُخطر روسيا قبل إصدار الإدانة.

وكشفت مصادر مقربة من وزير الخارجية أن المسؤولين في الوزارة اقترحوا على لبيد بياناً ذكر روسيا وآخر لم يذكرها، فاختار الإدانة الأكثر مباشرة.

وكانت إسرائيل أصدرت أول أمس (الأربعاء) بياناً بشأن الأزمة الأوكرانية لم يُذكَر فيه اسم روسيا، وتجنب انتقاد موسكو علناً، ويُعتقد أن سبب هذا يعود أساساً إلى حاجتها إلى العمل في الأراضي السورية من خلال التنسيق مع روسيا التي لديها وجود عسكري في هذه الأراضي.

 

"يسرائيل هيوم"، 25/2/2022
بينت يمتنع من التنديد بروسيا

امتنع رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت من التنديد بروسيا، في إثر قيامها بشنّ حرب على أوكرانيا.

وقال بينت في سياق كلمة ألقاها خلال مراسم إنهاء دورة ضباط في الجيش الإسرائيلي أمس (الخميس): "إن هذه الفترة صعبة وتراجيدية، وقلبنا مع مواطني أوكرانيا الذين علقوا في وضع كهذا من دون ذنب اقترفوه. إن العالم بات أقل استقراراً، ومنطقتنا تغيّر وجهها من يوم إلى آخر. وتدل هذه الأيام على أن الحرب بين الجيوش ليست شيئاً من الماضي".

وأضاف بينت أن إسرائيل تقف في هذه الأيام بالذات كمرساة قوة واستقرار وأمن وأمل في منطقة صعبة ممتلئة بالتهديدات والتحديات، وأكد أن أي إسرائيلي يدرك دائماً أن لديه بيتاً يعود إليه، وأن هناك مَن يهتم به في أثناء وقوع مصيبة.

وكرر بينت دعوة المواطنين من إسرائيل إلى مغادرة أوكرانيا.

"يديعوت أحرونوت"، 25/2/2022
هرتسوغ يبدأ زيارة في أثينا ويؤكد أهمية التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص

أكد رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ أهمية التحالف الاستراتيجي مع كل من اليونان وقبرص.

وجاء تأكيد هرتسوغ هذا في سياق تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقده مع الرئيسة اليونانية كاترينا سكلاروبولو في أثينا أمس (الخميس)، وأشار فيها أيضاً إلى أن زيارته ستعزز هذا التحالف والعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين إسرائيل واليونان.

ووصل هرتسوغ إلى أثينا أمس في زيارة رسمية إلى اليونان تسبق زيارته المقررة إلى تركيا. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى إن هدف هذه الزيارة هو طمأنة اليونان وقبرص بأن تحسُّن العلاقات بين القدس وأنقرة لن يكون على حساب العلاقات مع أثينا ونيقوسيا.

وقال هرتسوغ لنظيرته اليونانية إن زيارته تعبّر عن الصداقة الشجاعة بين البلدين، والتي تُعَدّ استراتيجية في حوض البحر المتوسط، وتنبع بالأساس من القيم والمصالح المشتركة والصداقة العريقة. وتشمل زيارة هرتسوغ عقد اجتماعات مع رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس، ومسؤولين كبار آخرين، ومندوبين من الجالية اليهودية اليونانية.

ومن المقرّر أن يتوجه هرتسوغ إلى قبرص الأسبوع المقبل بهدف طمأنة قادتها على أن العلاقات مع تركيا لا تأتي على حساب العلاقات معها، ثم يعود إلى إسرائيل من أجل الإعداد لزيارته المرتقبة إلى تركيا يوم 9 آذار/مارس المقبل، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 25/2/2022
تحسين العلاقات مع تركيا يجب ألّا يتم على حساب أرصدة استراتيجية وسياسية واقتصادية وأمنية بنتها إسرائيل مع جيران آخرين في شرق البحر الأبيض المتوسط
عوديد عيران - باحث كبير في "معهد أبحاث الأمن القومي" وسفير إسرائيل السابق في الأردن والاتحاد الأوروبي
  • من المقرر أن يقوم رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ هذه الأيام بزيارات إلى ثلاث دول مجاورة لنا في شرق البحر الأبيض المتوسط هي اليونان، وقبرص، وتركيا [بدأ زيارة رسمية إلى اليونان أمس الخميس]، وسيكون خلالها مطالباً، مثل الدبلوماسية الإسرائيلية كلها، بتجنيد كل كفاءاته كي يتصرف بلياقة مع الجيران الذين تسود فيما بينهم علاقات مشحونة ومتوترة.
  • ولا شك في أن تركيا تُعَدّ لاعباً إقليمياً بارزاً، ونشاطها يتقاطع، وأحياناً يتناقض مع المصالح الإسرائيلية. فحتى سنة 2010 اتسع التعاون الأمني بين الدولتين، بل إن إسرائيل أودعت في أيدي الأتراك موضوع الوساطة السياسية بينها وبين سورية. غير أن قضية "سفينة مرمرة" في أيار/مايو 2010 وضعت حداً لهذا الفصل الغني والمثير في العلاقات الثنائية بين الدولتين، فإلى جانب الانخفاض في صفقات السلاح، وتقلّص التدريبات الجوية المشتركة والسياحة، شُطب من جدول الأعمال مشروع تسويق الغاز الطبيعي من شواطئ إسرائيل إلى أوروبا بواسطة منظومة نقل كانت موجودة في تركيا. وتقوم اليونان إلى حدّ كبير بالتعويض عن فقدان تركيا كشريك استراتيجي، أمني واقتصادي. فاليونان وقبرص عضوان في الاتحاد الأوروبي، وفي العقد الأخير الذي توقف فيه الحوار على المستوى السياسي الأعلى بين بروكسل والقدس على نحو شبه تام أصبحت اليونان وقبرص بمثابة شريان التفافي حمانا من قرارات معادية لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي. كما أن حكومة اليونان صادقت لسلاح الجو الإسرائيلي بأن يتدرب في مجالها الجوي، وصناعاتنا الأمنية زادت نشاطها في أراضي هذه الدولة.
  • وينبغي أن نضيف إلى هذا البُعد الإقليمي للعلاقات بين إسرائيل وبين اليونان وقبرص، منتدى الغاز لدول شرق البحر المتوسط الذي أقيم بصورة رسمية سنة 2020 وضم أيضاً كلاً من إيطاليا، ومصر، والأردن، والفلسطينيين، وتقوم فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدور مراقبين. وهذا المنتدى مبني على أساس خدمة المصلحة المشتركة لمنتجي الغاز، أي إسرائيل ومصر، وأيضاً الفلسطينيين في المستقبل، لنقل الغاز الطبيعي الذي في حيازتهم إلى المستهلك الأوروبي، من خلال استخدام منشآت تسييله في مصر، أو استخدام الأنبوب البحري الذي سيُمدّ من شواطئ البحر المتوسط إلى اليونان، ومن هناك إلى أهدافه المعنية في أوروبا. ويمكن القول إنه في العقود المقبلة، حتى يكف العالم عن استخدام النفط والغاز، سترغب الدول المنتجة لهذه الموارد في استغلال معظم المخزونات التي تحت تصرفها، من دون أن تتورط في عمليات إنتاج ونقل تكون جدواها الاقتصادية والأمنية والسياسية موضع شك.
  • إن خطوط النقل عبر تركيا هي الأصح من الناحية الاقتصادية، غير أن السلوك السياسي التركي الإشكالي - سواء في نظر إسرائيل، أو في نظر مصر أيضاً - قلل من الجدوى السياسية، وربما المالية أيضاً لهذا البديل.
  • إن الزيارة التي قام بها مؤخراً كل من مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب وزير الخارجية التركي إلى القدس، تدل على وجود استعداد لدى أنقرة لإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، بعد أكثر من عقد من العلاقات العكرة. ومع ذلك من الصعب أن ننسى تصريحات رؤساء الحكم التركي ضد إسرائيل، والنشاط التركي المعادي في بؤرة دينية وسياسية حساسة، مثل جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، وهذا لا يعني عدم القيام بفحص بشأن إمكانية ترميم العلاقات. لكن مثل هذا الترميم، في حال حدوثه، يجب ألا يأتي على حساب الأرصدة الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية التي بنتها إسرائيل مع جيران آخرين في شرق البحر الأبيض المتوسط في أثناء أعوام الدرك الأسفل في العلاقات بين إسرائيل وتركيا. وهذه رسالة يفضل أن يقوم الرئيس هرتسوغ بنقلها إلى مضيفيه في أثينا في نهاية الأسبوع الحالي.

 

"هآرتس"، 25/2/2022
المؤسسة الأمنية قلقة من تداعيات خطوات بوتين على الجبهة ضد سورية وإيران
يانيف كوفوفيتس - محلل سياسي
  • تتابع المؤسسة الأمنية، بقلق، القتال الدائر بين روسيا وأوكرانيا، وتحاول تقدير تداعيات الأحداث على المنطقة. القيادة العسكرية كلها، وأيضاً المستوى السياسي، حاولوا عدم التطرق إلى ما يجري في أوكرانيا، مدركين أن كل كلمة يمكن أن تُفسَّر بصورة خاطئة، وقد تؤثر في العلاقات الحساسة بين إسرائيل وروسيا في الساحة الشمالية، وفي الأساس سورية.
  • قبل 3 أعوام، درست الاستخبارات العسكرية التحولات التي يمر بها بوتين وعملت على محاولة فهم الاتجاه الذي يتوجه نحوه وتحليل تأثيرات ذلك في استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية في مواجهة إيران وحزب الله و"حماس".
  • في نهاية سنة 2018، وضمن إطار تقدير للوضع في الساحة الشمالية، جرى تحليل السلوك الروسي الذي يمكن أن يتجلى في الأعوام المقبلة، وذلك خلال نقاش مغلق، بمشاركة عناصر من الاستخبارات الإسرائيلية. في تلك الجلسة، عرض مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات تقديراً يقول إن بوتين يُظهر تطلعاً إمبريالياً، ويبني لنفسه صورة زعيم الشعب كبعض الزعماء الروس في ماضٍ ليس بعيداً...
  • في المؤسسة الأمنية يقولون إنه من الناحية الاقتصادية، روسيا ليست لاعباً مهماً في مواجهة دول كبرى، مثل الصين والولايات المتحدة ودول أوروبية متعددة، لكن في تقدير عناصر الاستخبارات، فإنها لا تزال تملك نفوذاً كبيراً، في الأساس بسبب الطريقة التي تعمل فيها لتحقيق أهدافها. ومؤخراً، قال مصدر أمني: "الروس يستخدمون قوتهم بصورة فعالة وذكية. وتسعى روسيا، تقليدياً، للتسبب باحتكاك عسكري. بهذه الطريقة تُحدث اضطراباً في الحياة في مناطق متعددة، وتدرس تداعيات الفوضى التي أحدثتها، ثم تعمل على تحقيق أهدافها".
  • عندما أسقط الدفاع الجوي السوري الطائرة الروسية، حمّل الروس إسرائيل المسؤولية، على الرغم من معرفتهم أن إسرائيل ليست هي التي اعترضت الطائرة. ويعتقدون في المؤسسة الأمنية أن الهدف من ذلك كان اختبار إسرائيل في وضع ضاغط والتقدير إلى أي حد هي خاضعة لسيطرة بوتين عند وقوع حوادث خطِرة.
  • وتدرك المؤسسة الأمنية أن روسيا من الناحية العسكرية قادرة على إخضاع أوكرانيا بسرعة. انطلاقاً من هذه النظرة، الصورة كانت واضحة حتى قبل أن تطلَق الطلقة الأولى. لكن من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يخرج بوتين مصاباً بكدمات وذليلاً في مواجهة الغرب والولايات المتحدة بعد أن تُفرض عليه عقوبات اقتصادية قاسية. وفي تقدير أمني رفيع المستوى، في حال جرى ذلك، ستزداد المخاوف من أن يغيّر بوتين سلوكه إزاء إسرائيل في سورية وفي دول أُخرى أكثر بعداً حيث تعمل إسرائيل، بحسب تقارير أجنبية، على إحباط محاولات تمركُز إيران العسكري.
  • في تقدير المؤسسة الأمنية، يمكن أن يفرض بوتين قيوداً على العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في الشرق الأوسط، وخصوصاً في الأراضي السورية، بهدف ترميم موقعه، ويمكنه أن يجعل الأمور أكثر تشدداً ضمن إطار آلية التنسيق التي أقيمت بين ضباط إسرائيليين وبين روسيا. وهناك تخوف من أن يؤدي مثل هذا السيناريو إلى انتقال سلاح أكثر تقدماً إلى سورية، وإلى دول أُخرى في المنطقة، لأن بوتين سيكون بحاجة إلى مداخيل من صفقات سلاح كبيرة، ويريد أن يخلق توازن رعب في مواجهة القوات العسكرية الغربية الموجودة في المنطقة.
  • هناك تخوف آخر في حال بدأت قوات حلف الناتو وقوات عسكرية بالتحرك في اتجاه البحر المتوسط، أو نحو دول المنطقة، من أن بوتين سيستخدم أجهزة GPS متطورة والحرب الإلكترونية وهجمات سيبرانية، بهدف عرقلة تقدّمهم. مثل هذه الخطوة يمكن أن يقيد حرية عمل الجيش الإسرائيلي ويشوش عمل منظومات تكنولوجية عسكرية ومدنية في إسرائيل.
  • بالاستناد إلى تقارير أجنبية، يقوم الجيش الإسرائيلي بهجمات كثيرة على أهداف في منطقة هضبة الجولان لإحباط محاولات حزب الله إقامة قوة عسكرية مهمة على الحدود في مواجهة إسرائيل. والآن، تتخوف المؤسسة العسكرية من أن تدفع الإدانة الإسرائيلية للهجوم على أوكرانيا بوتين إلى تغيير توجهه فيما يتعلق بهجمات الجيش الإسرائيلي على هضبة الجولان. بحسب تقديرات مسؤولين رفيعي المستوى في المؤسسة الأمنية، حتى إذا لم يحدث تغيّر في السياسة الروسية في هضبة الجولان، فإن هذا الوضع يمكن أن يتغير خلال وقت قصير.

 

"N12"، 24/2/2022
أفعال بوتين ستحدد كيف سيبدو العالم في العقود المقبلة
عاموس يادلين، المدير السابق لمعهد دراسات الأمن القومي - وأودي أفينطال محاضر في جامعة ريخمان
  • في الأسابيع الأخيرة، أشار كثيرون إلى عودة "الحرب الباردة" إلى النظام الدولي. هذه الليلة، انتقل بوتين إلى حرب حقيقية – حرب ساخنة. العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا لا يزال يحيطها غموض المعركة، وأساليب التضليل والأخبار المزيفة التي يستخدمها الطرفان تضفي ستاراً كثيفاً على ما يجري. في مثل هذه الظروف، لا يزال الهدف الاستراتيجي - السياسي الذي من المفترض أن تحققه العملية العسكرية غير واضح. هل يريد بوتين قضم أجزاء من أوكرانيا، أو أن يبتلع الدولة كلها؟ أيضاً يبدو أن إسقاط الحكومة الحالية وتعيين حكومة ألعوبة بين يديه مكانها، هو هدف روسي في أي سيناريو؟
  • لكن على الرغم من الغبار الكثيف، فإنه يمكننا أن نرى أننا أمام حدث له أبعاد تاريخية لم تشهد أوروبا مثيلاً له منذ الحرب الباردة. وهناك خطوط تشابُه من الصعب تجاهُلها مع أحداث سبقت الحرب العالمية الثانية. في مثل هذه الظروف، ليس من المبالغة التقدير أن نتائج الأزمة الأوكرانية ستحدد موازين القوى العالمي والمعايير الدولية وصورة العالم الذي سنعيش فيه في العقود المقبلة. بكلمات أُخرى، مستقبل النظام العالمي وصورته هما اليوم على المحك.
  • بعد وقت قصير على دخوله إلى البيت الأبيض، ألقى الرئيس بايدن خطاباً مُحكماً في السياسة الخارجية، أعلن فيه أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقف موقف المتفرج، وعليها أن تقود العالم في مواجهة تحديات المستقبل. وشدد على أن الولايات المتحدة ستدافع مع حلفائها عن القيم الأميركية -سلطة القانون، والحياة الكريمة لكل فرد، والديمقراطية - في مواجهة القوى التي تشكل تحدياً لها. في نظرة إلى الوراء، تبدو هذه الكلمات نبوءة تحققت في توقيت أبكر مما هو مخطط له، وتحديداً في مواجهة الخصم الروسي الذي كان يُعتبر هامشياً، مقارنة بالتهديد المركزي – القوة العالمية الصاعدة، الصين.
  • مما لا شك فيه أن هذه هي لحظة الحقيقة بالنسبة إلى الغرب وحلف الناتو، وفي الأساس الرئيس بايدن والولايات المتحدة كلها كزعيمة للعالم الحر. ومن الواضح منذ الآن أن أزمة أوكرانيا ستحسم مصير الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، وستكون الحدث الذي سيبلور رئاسة بايدن نحو الأفضل، أو الأسوأ. هذا النضال يشبه ما أعلنه ريغان ضد إمبراطورية الشر السوفياتية، أو أحداث 11 أيلول/سبتمبر التي واجهها الرئيس بوش. الاستقطاب الشديد في السياسة الأميركية دفع كبار المسؤولين في الجانب الجمهوري، حتى ليل أمس، إلى إبداء تعاطف خفي مع الحجج الروسية. من بين الأسئلة المثيرة للاهتمام، هل بوتين تحديداً، الذي يقارن كثيرون خطواته وكلامه بهتلر، سينجح في رأب التصدع الذي يزداد عمقاً وسط الجمهور الأميركي المنقسم، وتوحيد الشعب الأميركي حول قيَمه التقليدية.
  • هناك تحدٍّ مباشر يواجهه الرئيس بايدن، هو كبح بوتين ونياته التوسعية. في غزو أوكرانيا، أثبت بوتين أنه مستعد لرفع الرهان ودعم خطاباته بأفعال عسكرية عنيفة واسعة النطاق. لقد أشرنا سابقاً إلى أن بوتين يهدف إلى ما هو أبعد من أوكرانيا، ومن منع انضمامها إلى حلف الناتو. في الواقع، يريد بوتين إعادة الوضع الأمني في أوروبا إلى مرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، وإعادة إقامة منطقة نفوذ روسي في شرق أوروبا، وإجبار الولايات المتحدة على أن تبعد عن حدوده قواتها ومنظومات سلاحها الاستراتيجي الدفاعي والهجومي الذي نشرته في شرق القارة الأوروبية.
  • مطالب بوتين تقرع جرس الإنذار في دول شرق أوروبا وشمالها، وتعيد حلف الناتو إلى وسط المنصة بعد أن خسر دلالاته وحاول تبرير وجوده في نهاية عهد الحرب الباردة. السؤال الكبير، هل الدول الأعضاء في حلف الأطلسي، بقيادة الولايات المتحدة والرئيس بايدن، يمكنها تحدي بوتين وردعه؟ الطريقة التي ستنتهي بها الأزمة الأوكرانية والأثمان التي سيدفعها بوتين لقاء عدوانه يمكنهما أن يقررا ما إذا كان سيجرؤ على تخطّي الخط الخطر والتهديد بغزو دول في الناتو، خطوة من شأنها أن تشعل حرباً عالمية.
  • الانعكاسات الواسعة للأزمة ستتخطى حدود أوروبا، وسيبلغ صداها ساحات بعيدة. مثل الصين التي تبدو شريكة لروسيا في زعزعة النظام العالمي الليبرالي الذي صاغته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، يمكن أن تجد في الأحداث فرصة للقيام بفرض سيطرتها على تايوان، والذي كانت تخطط له منذ عقود. في أي حال، يبدو أن التوازن الاستراتيجي الهش في شرق آسيا، الذي يعتمد على ضمانات أمنية مقدمة من الولايات المتحدة، والذي هو الآن موضع إعادة تقدير لمدى صدقيته من طرف كل اللاعبين، يمكن أن ينهار.
  • لقد فشل ردع الغرب الذي كان من المفترض أن يمنع خطوة عسكرية، معتمداً فقط على التهديد بعقوبات شديدة، وهو اليوم صعد درجة بالتهديد بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة. يعتقد بوتين أنه قادر على مواجهة التحدي. فلديه نفَس طويل بسبب الاحتياطي الكبير لديه من العملات الأجنبية (630 تريليون دولار). ولديه أداة ضغط مهمة في مواجهة أوروبا، أي التهديد بوقف تزويد أوروبا بالغاز في وقت ترتفع أسعار الطاقة.
  • من أجل تقويض استراتيجية بوتين، ثمة شك في أنه يمكن الاكتفاء بخطوات اقتصادية ومالية شديدة، حتى لو لم نشهد لها مثيلاً في العقود الأخيرة. في ضوء ما هو مطروح الآن، المطلوب أن تكون العقوبات أقسى مما ينوي الغرب فرضه. منها فرض حظر شامل على البنوك الروسية الكبرى، وقطع العلاقات الاقتصادية الروسية مع المنظومة المالية في الولايات المتحدة، وطردها من الـ (SWIFT)، وعقوبات تستهدف ضرب المداخيل الروسية من النفط والغاز وغيرها. مثل هذه الخطوات له تداعيات دراماتيكية على الأسواق العالمية والاقتصاد الأميركي الذي يعاني جرّاء الزيادة في التضخم في ظل أزمة الكورونا. كما يمكن أن يظهر التأثير في أسعار النفط الآخذة في الارتفاع، وفي سلاسل التصدير العالمي، مثل تصدير الحبوب، وهو ما سيخلق أزمة غذاء محتملة في أجزاء متعددة من العالم، بما فيها منطقتنا. لكن بالإضافة إلى الخطوات الاقتصادية والعقوبات غير المسبوقة والإدانات والخطابات الحادة، من المهم أن يبحث الغرب في احتمال أن بوتين قد لا يتوقف عند أوكرانيا، وكيف نستعد لإدخال مركّبات قوة إضافية إلى معادلة الردع الاستراتيجية.
  • الاضطرابات في النظام العالمي وأصداؤها، من المتوقع أن تصل إلى دول الشرق الأوسط، وبينها إسرائيل. على المستوى المباشر، الأزمة في أوروبا يمكن أن تؤثر في التحدي الاستراتيجي الأكثر تأججاً، من وجهة نظر إسرائيلية: النووي الإيراني. ومن المحتمل أن تعرقل الأزمة المفاوضات في فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي، والتي بلغت المراحل الأخيرة نحو الاتفاق بين طهران والدول الكبرى. ليس واضحاً ما إذا كانت الدول الكبرى ستفصل بين الأمرين، وستتمكن من إيصال المفاوضات إلى اتفاق، أم أن روسيا ستدعم بقوة المواقف الإيرانية المتصلبة، لتحدّي الولايات المتحدة وخلق جبهة أُخرى في مواجهتها. على أي حال، في المدى الأبعد، النظام في طهران يمكن أن يتعلم من أحداث أوكرانيا درساً مهماً، فما يجري لا يشجع دولة على التخلي عن قدرات نووية، وتجد نفسها في مواجهة قوات كبيرة تهدد حكومتها وسيادتها.
  • إسرائيل أيضاً يمكن أن تستخلص دروساً استراتيجية من الأزمة الأوكرانية وتطبيقها على الحالة الإيرانية. قرار بايدن مسبقاً بأن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكرياً في الأزمة يذكّر بالاستراتيجية الأميركية أيضاً خلال ولاية ترامب، التي اعتمدت فقط على العقوبات في مواجهة طهران، من دون وضع تهديد عسكري موثوق به لدعمها. من هنا، مع كل الاحترام للقوة الناعمة ولمنظومات المعلومات والسايبر، فقد أثبتت الأحداث في أوروبا أنه لا يمكن التخلي عن قدرات عسكرية تقليدية، وفي حالات كثيرة، يمكنها حسم مصير المعركة. درس إضافي لإسرائيل، هو صلاحية العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي تقول إنه من واجبنا في نهاية المطاف الدفاع عن أنفسنا بقوانا الذاتية.
  • ماذا بشأن سياسة إسرائيل حيال التطورات في أوروبا الشرقية؟ يجري الحديث أننا في مواجهة معضلة بين الإملاء الروسي المهدد في سورية، وبين المكان الطبيعي لإسرائيل في العالم الديمقراطي الحر. إن ضخامة الأحداث وتداعياتها تغيّر الواقع العالمي، وتتطلب موقفاً إسرائيلياً واضحاً، أخلاقياً وقيَمياً. في مرحلة من الصراع التاريخي على صورة النظام العالمي، وبينما يتحدث بوتين عن "محاربة النازية" في دولة رئيسها يهودي، لا تستطيع إسرائيل انتهاج سياسة "السير بين النقاط"، ويجب عليها أن تقف بقوة، ومن دون تردد، مع الجانب الصحيح من التاريخ.