مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن الأطراف المشاركة في مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي الإيراني قريبة من التوصل إلى اتفاق، لكنها لم تبلغه بعد، وأعرب في الوقت عينه عن اعتقاده بإمكان تسوية جميع القضايا المتبقية. كما أشار إلى أنه لم يتبق أمام هذه الأطراف سوى القليل من الوقت، نظراً إلى التقدم الذي أحرزته طهران نحو تطوير أسلحة نووية.
ورحّب برايس، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الليلة قبل الماضية، بقيام إيران بالإفراج عن إيرانيين بريطانيين كانا معتقلين لديها، بناءً على اتفاق مع بريطانيا، داعياً طهران إلى القيام بخطوات عاجلة نحو الإفراج عن مواطنين أميركيين محتجزين لديها، وأكد أن هذه المسألة وضعتها واشنطن، ضمنياً، شرطاً لإبرام اتفاق بشأن الملف النووي.
ولدى سؤاله عن تأكيد إيران أن هناك موضوعين ما زالا عالقين مع الولايات المتحدة قبل التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق المبرم سنة 2015، وهما حصولها على ضمانات باستمرار التقيّد بالاتفاق حتى في حال حدوث تغيّر سياسي في الولايات المتحدة، وإزالة الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأميركية للمجموعات الإرهابية، رفض نايس تأكيد ذلك أو نفيه.
قالت مصادر رفيعة المستوى في جهاز الموساد الإسرائيلي أمس (الأربعاء) إن هاتف زوجة رئيس الموساد دافيد برنياع تعرّض لعملية قرصنة جرى خلالها الولوج إلى جميع محتوياته وتم نشرها عبر قناة مجهولة عبر تطبيق "تلغرام". وتشمل هذه المحتويات صوراً ووثائق شخصية. وقال القراصنة إنهم سينشرون مزيداً من المواد خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأكدت هذه المصادر نفسها أنه لم يتم اختراق الهاتف وجهاز الحاسوب الشخصيين التابعين لرئيس الموساد، وشدّدت على أن مثل الأجهزة مشفّرة وآمنة. ورجّحت المصادر أن تكون عملية القرصنة هذه ونشر المواد الشخصية التي تتعلق بأسرة رئيس الموساد تهدف إلى الانتقام، وإحراج أجهزة الأمن الإسرائيلية، وذلك في إثر كشف النقاب عن قيام إسرائيل، مؤخراً، بتدمير مئات الطائرات المسيّرة الإيرانية، من خلال غارة بمسيّرات هجومية انطلقت من العراق.
وكانت عدة مواقع حكومية إسرائيلية تعرضت يوم الإثنين الماضي لهجوم سيبراني واسع النطاق أدى إلى تعطيلها عن العمل فترة من الزمن، بحسب ما أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الإسرائيلي التي أكدت أن هذا الهجوم يُعتبر أكبر هجوم سيبراني تتعرض له إسرائيل على الإطلاق.
أكدت مصادر رفيعة المستوى في قيادة الجيش الإسرائيلي أن الجيش لن يفرض إغلاقاً على مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] خلال عيد "البوريم" اليهودي [المساخر] الذي يصادف اليوم (الخميس).
وعلمت صحيفة "معاريف" أن أي جهاز أمني إسرائيلي لم يعارض هذا القرار الذي يتم اتخاذه لأول مرة منذ 5 أعوام.
وعلى ما يبدو، فإن سبب هذا القرار يعود إلى خشية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يُفسَّر هذا القرار بأنه ضغوط تمارَس على الشارع الفلسطيني وكذلك خشيتها من تأثير الإغلاق، من الناحية الاقتصادية، في أكثر من 100.000 عامل من المناطق [المحتلة] يعملون في إسرائيل.
وكانت مصادر مسؤولة في المؤسسة الأمنية أكدت، مؤخراً، أن التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الفلسطينية تحسّن جداً في الآونة الأخيرة وأصبح ناجعاً في كل ما يتعلق بكبح "الإرهاب" ومواجهة التظاهرات العنيفة.
أعلن رئيس الكنيست الإسرائيلي ميكي ليفي أمس (الأربعاء) أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيلقي خطاباً أمام أعضاء الكنيست ووزراء الحكومة الإسرائيلية عبر تطبيق "زووم" يوم الأحد المقبل.
وقال ليفي "إنه لشرف لي وللكنيست استضافة الرئيس الأوكراني حتى يلقي كلمة أمام الكنيست في هذه الأوقات الصعبة التي يواجهها الشعب الأوكراني".
وقالت مصادر مقربة من رئيس الكنيست إن هذا الأخير سيعقد اجتماعاً مع السفير الروسي في إسرائيل لتفسير الأسباب التي دعت إسرائيل إلى الاستجابة لطلب زيلينسكي إلقاء كلمة أمام الكنيست.
ذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمس (الأربعاء) أن إسرائيل اتفقت مع مصر على بدء تسيير رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب وشرم الشيخ، في خطوة تهدف إلى تنمية العلاقات بين البلدين.
وأضاف البيان أن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ في نيسان/أبريل المقبل، بالتزامن مع احتفالات عيد الفصح العبري.
ونقل البيان عن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت قوله إن هذه الاتفاقية من شأنها أن تضفي مزيداً من الدفء على العلاقات بين إسرائيل ومصر، وأشار إلى أن التعاون بين البلدين آخذ بالتوسع ويساهم إلى درجة كبيرة في استقرار الشعبين، وفي الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط كلها.
وأوضح البيان أن الاتفاقية جاءت بعد قيام وفد إسرائيلي بزيارة إلى مصر التقى خلالها مسؤولين في الحكومة المصرية. كما أوضح أن هذا الموضوع بُحث لأول مرة في الاجتماع الذي عقده بينت مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ في أيلول/سبتمبر الماضي وناقشا فيه أيضاً عدداً من الملفات الأمنية.
علمت صحيفة "ذي ماركر" أن إيفري شطاينر، عضو مجلس الإدارة في شركة "هيمنوتا" التابعة للصندوق القومي الإسرائيلي ["كيرن كاييمت ليسرائيل"]، والتي تعمل في شراء الأراضي، عرض خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الإدارة، والتي عُقدت يوم الخميس الفائت، المضي قدماً في تنفيذ عملية شراء واسعة لجزر في اليونان حتى يكون أمام إسرائيل خيار لإجلاء مواطنين إسرائيليين إليها وإنقاذهم في حال وقوع كارثة أو حرب.
وقالت مصادر مسؤولة في شركة "هيمنوتا" إن شطاينر، وهو حالياً ممثل حزب "أزرق أبيض" بزعامة وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس في مجلس إدارة هذه الشركة، وكان ناشطاً في حزب الليكود سابقاً، يواصل ممارسة ضغوطه لتنفيذ هذه العملية على الرغم من معارضة باقي أعضاء مجلس الإدارة.
وقال شطاينر في أحاديث أدلى بها إلى مقربين منه، إن الغرض من الفكرة التي طرحها هو إقامة "قبة حديدية" إضافية للشعب اليهودي [في إشارة إلى منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية الإسرائيلية المضادة للصواريخ]. وأضاف أن الحديث عن الفكرة جاء بعد تقارير أجنبية تفيد بأن هناك صواريخ لدى أعداء إسرائيل يمكنها أن تصيب بدقة مناطق إسرائيلية مدنية، وأشار إلى أنه في حرب لبنان الثانية [2006] أُطلقت في اتجاه إسرائيل صواريخ وصلت إلى نتانيا [وسط إسرائيل]، واليوم يمكنها أن تصل جنوباً أكثر، وأكد أن أهم ما يشغله هو ما الذي يمكن أن تقوم الدولة به في حال وجود تهديد لقطاعات واسعة من السكان.
ولفت شطاينر إلى أن "إسرائيل هي دولة عظمى في منطقة الشرق الأوسط، ويمكنها الاهتمام بمواطنيها، وقد عرضتُ فكرة أن تقوم الحكومة أو أي جسم صهيوني آخر بالبحث عن مناطق خالية من السكان يمكن إقامة بنية تحتية عليها ونقل المواطنين إليها في حالات الكوارث، وعرضت فكرة الجزر اليونانية لأنها قريبة من إسرائيل"، مشيراً إلى أن في اليونان 40 جزيرة خالية من البشر، والهدف هو أن تكون لدى إسرائيل عقارات كبيرة يمكن إجلاء مواطنين إليها في المستقبل عند الضرورة، وبموجب تقديراته، فإن أسعار هذه الجزر ليست عالية.
وشدّد شطاينر على أن هذه الخطوة، في حال الموافقة على اتخاذها، يجب أن تجري بصورة قانونية، وفقاً للقواعد والمعاهدات الدولية، وبموافقة كاملة من جانب اليونان.
أخيراً، أشار شطاينر إلى أنه سبق لرئيس الحكومة السابق إيهود باراك أن عرض فكرة شبيهة عندما شغل منصب وزير الدفاع، اقترح فيها أن تشتري إسرائيل أراضي في إحدى الجزر اليونانية من أجل إقامة قاعدة لسلاح البحر الإسرائيلي فيها.
- لو فتحت إسرائيل أبوابها أمام اللاجئين مثلما فعلت أغلبية دول أوروبا لما كانت إسرائيل. لو بذلت كل ما في وسعها لاستيعاب لاجئين غير يهود، بإنسانية ومن دون تحفظات، كما يفعل معظم الدول الأوروبية، حالياً، لكانت وقفت ضد الـ DNA الخاص بها. لذا، لا فائدة من رمي التهمة على هذا الطرف أو ذاك، أيلييت شاكيد، أو نفتالي بينت - كل الحكومة تتصرف بهذا الشكل. هذه طبيعة موروثة في جيناتنا. كراهية الأغراب والتعالي على سائر الشعوب نرضعه مع حليب أمهاتنا. لذا، لا تتوقعوا أن تتصرف إسرائيل بطريقة مختلفة حيال حرب ليست حربها. ولذلك، لا يمكن أن نتوقع أن تتصرف إسرائيل بإنسانية من دون أن تكون انتقائية. دولة تتصرف بهذه الطريقة ليست دولة إسرائيل.
- ما يحدث الآن في إسرائيل هو نتيجة أعوام من التلقين العقائدي. اسم اللعبة الأنانية. كل شيء يُقاس فقط إذا كان جيداً لإسرائيل، ولا يوجد اعتبار آخر. ومثل هذه الأسطوانة لا يمكن تغييرها بسبب حرب واحدة في أوكرانيا. الدولة التي أحاطت نفسها بأسوار مادية كما لم تفعل أي دولة أُخرى، وبأسوار قومية ودينية، لا تستطيع فتح أبوابها بين ليلة وضحاها. الأسوار المخيفة التي شيدناها حولنا لم تكن كلها أسواراً أمنية، جزء منها كان أسواراً ضد الرأفة، مثل الأسلاك الشائكة الكثيفة على الحدود مع مصر، وجزء منها كان أسواراً ضد الاختلاط. والجدار الطيب والجدار السيئ كان لهما أيضاً دور في الدفاع ضد التهديد الديموغرافي. هذه الأسوار لا يمكن تفكيكها الآن.
- العبارة الأساسية للإسرائيليين هي: لا يمكن المقارنة. لا يمكن مقارنة إسرائيل مع أي دولة أُخرى. وهذا الإعفاء الرهيب الذي فرضناه على أنفسنا، أعفانا من الإنسانية والرحمة، ومن التعاطف، ومن التماهي مع المجتمع الدولي والانصياع له. إسرائيل هي شيء آخر. كل العالم قادر، ومُجبر على استيعاب اللاجئين، فقط إسرائيل غير مُجبرة، لماذا؟ لأن لا مجال للمقارنة، ولأنها حالة خاصة. الكلمات الأساسية: المحرقة؛ الشعب المختار؛ خطر الإبادة. الله بذاته قال لنا إننا الشعب المختار. أي طفل في صف الروضة يستطيع أن يقول لكم ذلك. فماذا تتوقعون؟
- عندما نعلّم الأجيال على الغطرسة، لا يمكننا سوى أن نغلق الأبواب في وجه اللاجئين. وعندما نتلو الأناشيد التي تتحدث عن فرادة الشعب اليهودي بين كل الشعوب طوال أعوام، وعن تفوّقه الأخلاقي السامي، لا يمكن أن نتعامل مع لاجىء يهودي أو غير يهودي على قدم المساواة. الانتقائية في دمنا. التعالي في دمنا. أبناء الشعب المختار يستطيعون فقط استيعاب أبناء الشعب المختار. غريب ألّا يفهم الجميع ذلك.
- صحيح أن هناك مشاعر تعاطُف ومساعدة ورأفة في إسرائيل أيضاً. لكن هذا دائماً من عمل أفراد وجمعيات ومنظمات. وهؤلاء بصورة عامة ظلوا في مجالات مريحة: جمع ملابس لا نحتاج إليها، وتقديم ألعاب، وحتى إنشاء مستشفى ميداني مع كثير من الضوضاء والعلاقات العامة على الحدود مع غزة، بعد أن قتلنا هناك مئات الأولاد.
- تواصل الدولة المحافظة على عدم تلوث الدم المقدس. وإسرائيليون قلائل جداً يرضون بالسير ضد التيار، والمخاطرة، ودفع ثمن شخصي لتغيير ذلك. المبررات موجودة دائماً: الفلسطينيون يريدون تدميرنا، وأوكرانيا ليست دولة على حدودنا، وسورية التي تنزف هي دولة على حدودنا، لكنها دولة معادية، فماذا تتوقعون. السودانيون خطر ديموغرافي، الأوكرانيون يهددون بأن يصبحوا كذلك. وراء هذا كله، تختبىء الافتراضات الأساسية للصهيونية: نحن شعب يعيش بمفرده، وبعد المحرقة النازية، مسموح لنا كل شيء، ومن غير المسموح لأحد أن يعظنا، إسرائيل فوق الجميع، الدولة اليهودية قبل كل شيء.
- السياسة الحذرة التي تنتهجها الحكومة حيال روسيا، بعد غزوها أوكرانيا، تثير استياء الصحافيين والمثقفين وغيرهم. لكن الدعوات التبسيطية التي سُمعت في البلد، بأن علينا "الوقوف مع الجانب الصحيح من التاريخ"، تكشف عن جهل تاريخي واستنسابية أخلاقية.
- لا يوجد جانب صحيح في التاريخ، والتاريخ لا يعمل وفق أنظمة أخلاقية، إلّا إذا كنا نشارك الماركسيين في الإيمان بالحتمية التاريخية التي تؤدي إلى حكم طبقة البروليتاريا. لكن هذه كانت الجنّة الماركسية التي يمكن القول، بثقة، إنها فشلت.
- شئنا أم أبينا، التاريخ يكتبه المنتصرون في المعارك والحروب. والذين يحققون الانتصارات ليسوا، بالضرورة، صالحين. حتى أن المؤمنين بالله بيننا يعرفون أن هناك فترات من التناقضات، وليس هناك تدخّل سماوي، والعالم يسير كعادته.
- من المؤكد أن العالم كان سيبدو مختلفاً لو أن هتلر استثمر وقته وماله في بناء قنبلة نووية. مثل هذه الإمكانية كانت معقولة، ومن حظنا أنها لم تحدث. كذلك، يصح القول إن انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية كان بفضل شركة جنرال موترز، التي كانت نموذجاً من إنتاج آلة الحرب. ولا يوجد دليل على اعتبارات أخلاقية في هذه القصة.
- هل يجب أن نكون إلى جانب المنتصرين؟ نعم بالتأكيد. هل نعرف مَن سينتصر في المواجهة بين الزعيم الروسي بوتين وبين زعيم الغرب الرئيس بايدن؟ في جميع الأحوال، أعلنت إسرائيل وقوفها مع الغرب، وصوتت مع إدانة روسيا في الأمم المتحدة، على الرغم من أن الغرب أخطأ عندما تجاهل الحاجات الأمنية الروسية جرّاء توسيع حلف الناتو.
- مهاجمة الحكومة لأنها لم تقف مع "الجانب الصحيح من التاريخ" مثيرة للحيرة. كيف يمكن الاستخفاف بحقيقة أن روسيا تجلس على الحدود الشمالية لإسرائيل، وأننا بحاجة إلى التعاون معها من أجل ضرب إيران التي تشكل خطراً وجودياً؟
- القناة المفتوحة مع موسكو هي التي سمحت بها الوساطة بين روسيا وأوكرانيا. ليس من السهل على الحكومة المناورة بين مصالح مختلفة وبين تفضيلات أخلاقية تبدو، أحياناً، متناقضة. الاختبار هو دائماً في النتيجة، هل النتيجة تناسب الكيان السياسي أم لا.
- الاعتبار الأخلاقي الأعلى بالنسبة إلى الأمة هو المحافظة على بقائها وسط هذه الغابة الدولية التي تحيط بها. وبعكس الفرد، ليس من حق الأمة، أخلاقياً، الانتحار. ولا يُسمح لأي أمة بالمراهنة على جوهر وجودها.
- التاريخ اليهودي الذي كتبه الناجون من الإمبراطورية الرومانية يذكر بالخير الحاخام يوحنان بن زكاي الذي هرب من الحرب ضد الرومان وأنشأ في مدينة يفنة أكاديمية لتعليم التعاليم اليهودية، فهل كان قراره أخلاقياً؟ ليس مؤكداً، لكنه أنقذ الشعب اليهودي من الانقراض.
- لقد كانت مساهمة مكيافيلي كبيرة عندما قال: لا تتوقعوا من الدولة التصرف في المنظومة الدولية كما يتصرف رجل دين تجاه رعيته. الناس يعملون ضمن الأطر الإنسانية المختلفة، وفق القواعد التي تتلاءم مع هذه الأطر.
- على الصعيد الدولي، يجب أن تكون مصلحة الدولة هي المرشد نحو السلوك المطلوب. ورأي المدافعين عن الأخلاق، على اختلاف أنواعهم، ثانوي الأهمية.
- مرت ثلاثة أسابيع تقريباً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ولا يزال يخيم عليها ستار من الضباب الثقيل. وفي الخلفية، مزيج يميز الكثير من الحروب في القرن الـ21: كثافة المعلومات، وجبال من "الأخبار الكاذبة". وهو ما يصعّب بلورة دقيقة لصورة الواقع، وبالتالي التقديرات والتوصيات السياسية. هذا تحدٍّ كبير يتعامل معه متّخذو القرار في الغرب - يشمل إسرائيل - كما الأطراف المسؤولة عن التقديرات في أجهزة الاستخبارات، وفي الإعلام والأكاديميا.
- تُضاف إلى مشكلة كثرة المعلومات والحاجة إلى تبيان الحقيقة والكذب فيها مشكلات أُخرى كثيرة، بينها الميل لدى الكثيرين في الغرب إلى التضامن مع الضحية - وهو ما يؤثر في قراءة الواقع، الأمر الذي يؤدي، أحياناً، إلى التداخل بين الأماني والتقديرات - يُضاف إلى هذا أيضاً الفجوة في عالم القناعات والحسابات للمراقب من الخارج في الغرب، وبين موضوع البحث الروسي. وهو ما يخلق حالة نعرف فيها الكثير عن الواقع، لكن هذا لا يعني، بالضرورة، أننا نفهمه في العمق.
- الحرب في شرق أوروبا تضعنا أمام العديد من الدروس الاستراتيجية العميقة، الصالحة للمحللين في الإعلام والباحثين في الأكاديميا والعاملين في مجال التقديرات الاستخباراتية:
التفرقة بين تحليل الأحداث وفهم المسارات
- تميزت أجهزة الاستخبارات في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة وبريطانيا، عشية الحرب، بتقديراتها أن احتمال نشوبها مرتفع جداً. وهو ما استند إلى مزيج بين جمع المعلومات النوعية عن التحركات العسكرية الروسية، وخصوصاً تجميع القوات وتجهيزها للمعركة، وبين معلومات استخباراتية دقيقة بخصوص اتخاذ قرار الاجتياح في موسكو. مع ذلك، يبدو أنهم لم يقدروا على تحليل مسار الأحداث في العمق والتحذير مسبقاً، قبل أشهر طويلة، من الدينامية الآخذة في التشكل، ومن احتمال انفجار العلاقات الروسية الأوكرانية. وعلى عكس الاستخبارات القصيرة المدى، التكتيكية، يُعد هذا عملاً استخباراتياً استراتيجياً، يستند إلى فهم عميق للتيارات والوعي الجماعي، كالحساسية الروسية التاريخية إزاء وجود قوات الناتو على حدودها. وبصورة خاصة، عندما يكون المقصود أوكرانيا، التي يراها الكثيرون من القيادات الروسية جزءاً تاريخياً من روسيا الكبرى.
أهمية الاستخبارات لفهم النيات
- على عكس المعلومات النوعية بشأن قدرات الروس العسكرية وتحركاتهم التكتيكية، يبدو أن أجهزة الاستخبارات الغربية كانت تعيش حالة ضبابية ليلة الحرب - وأيضاً اليوم، إلى حد ما - بكل ما يخص النيات الاستراتيجية الروسية. لذلك، لا يزال العديد من الأسئلة المهمة من دون إجابات، وأهمها: هل كان احتلال كافة الأراضي الأوكرانية وتنصيب حكومة دمى في كييف في الخطة الروسية الأصلية؟ كم تغيرت الخطة الأصلية بسبب صعوبات في تحقيق تقدُّم عسكري؟ ما هو الإطار الزمني الروسي للحرب الحالية؟ وكيف يتم اتخاذ القرارات في الكرملين (قرارات فردية لبوتين، أم حسم جماعي)؟
- خريطة المعركة تتضح، بالتدريج. ومع ذلك، لا يزال هناك سؤال كبير بشأن الخطة الاستراتيجية التي يتقدم المجهود العسكري، استناداً إليها. هذه الفجوة تدلل على أنه حتى عندما يتحسن فهم الواقع بسبب وجود بنك معلومات كبير جداً، فإنه سيبقى ناقصاً في حال لم يتطرق إلى منطق عمل العدو.
أهمية الخلفية الثقافية في تحليل العدو
- المقصود هنا ادّعاء ينطبق على الكثير من الصراعات التي حدثت خلال العقود الأخيرة، وخلالها خاض الغرب، وضمنه إسرائيل، صراعات مع جهات غير غربية، وبصورة خاصة شرق أوسطية. وتفاجأوا، مرة تلو الأُخرى، بالسلوك وتحديد الأهداف وطريقة تفكير "الآخر". وكذلك، خلال الحرب في أوكرانيا، من المهم فهم الخلفيات الثقافية والتاريخية، بينها العقيدة الروسية الأساسية بشأن مناطق النفوذ والتأثير والخوف من التسلل الغريب إليها (وخصوصاً الأميركي)، إلى جانب الحساب التاريخي الدموي بين الشعبين.
- هذه الجوانب كانت بارزة جداً في خطاب بوتين ليلة الاجتياح، والذي طرح خلاله رؤيته التاريخية التي تنكّر فيها لوجود هوية وطنية أوكرانية مستقلة، مع التشديد على ماضي موسكو الإمبريالي؛ هذا بالإضافة إلى ذكرى الحرب العالمية الثانية والدور الذي تؤديه في الحرب الحالية (يصور الروس ذاتهم على أنهم يحررون أوكرانيا من نظام داعم للنازية، في الوقت الذي تصور كييف بوتين على أنه هتلر).
- قضية إضافية لا يمكن فهمها من دون فهم الخلفية الثقافية، هي موقف الرأي العام الروسي بخصوص الحرب: يشير الكثير من استطلاعات الرأي إلى تأييد ما يسمى دفاعاً عن الأمن القومي، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العقوبات تؤدي إلى حالة من الغضب الداخلي، أم ستدفع في اتجاه توحيد الصفوف داخلياً ضد الخطر الخارجي.
الحذر من الاستخفاف والشخصنة في التقديرات
- في الأزمة الحالية، هناك ميل لدى المحللين، وبصورة خاصة في مجاليْ الإعلام والأكاديميا، إلى التطرق إلى "ما يحدث في رأس بوتين"، بحجة الادعاء القائل إنه المكان الذي تقرّ فيه الاستراتيجيا الروسية. وفي مواقع معينة، يُضاف إلى هذا الافتراض أن الرئيس الروسي فقد علاقته بالواقع. ويبدو، بحسب هذا الادعاء، أنه على استعداد للمضي في سياسة القوة، وانتهاك قواعد السلوك القائم في الغرب. جزء من هذه الادعاءات يستند إلى "تحليلات نفسية من بعيد"، يتم من خلالها تشخيص الرئيس الروسي، وكثير ما يكون على يد باحثين غير مُلمّين بقناعاته وثقافته. هذا بالإضافة إلى تسطيح لصراع واسع بين شعبين وقوميتين، يتم اختزاله في شخص واحد، وسط ميل نحو تقليص الصراع إلى هذا المستوى الفردي. وهو ما يسمح للمحلل بالهرب من التحليل العميق والجهد الكثير الكامن في تحليل منطق الآخر، الذي يفرض فهماً عميقاً للخلفية الثقافية، واللغة، والخلفية التاريخية.
حرب الوعي - "صراع من طرف واحد"
- جزء كبير من التقارير بشأن ما يحدث في ساحة المعركة مستند إلى مصادر أوكرانية، وجزء منها مضلل. يستعمل الطرف المعتدى عليه بصورة عامة هذه الأداة، إمّا لأسباب داخلية (تشجيع الروح القتالية ورفع المعنويات)، أو لأسباب خارجية (المساعدات الغربية والتشديد على ثمن الحرب أمام الرأي العام الروسي).
- جزء كبير من الأخبار عن الخسائر الروسية ونجاحات القوات الأوكرانية، وأحياناً، ما يحدث في المجتمع الروسي، يصدر عن الطرف الأوكراني. من جانبه، يبدو بوتين كأنه لا يريد المشاركة كلياً في هذه اللعبة: فهو غير معنيّ بإقناع الرأي العام الغربي بأنه على حق؛ يركز كافة جهوده على الجبهة الداخلية (إبراز الخطر الخارجي ونزع الشرعية عن النظام في كييف)؛ كما يبدو نشاطه على وسائل التواصل محدوداً جداً، إمّا بسبب مقاطعته من طرف الغرب، وإمّا بسبب ما يفرضه هو ذاته من قيود على النقاش العام في هذه الوسائل.
- كما في مجال الاستخبارات، من الصعب تحقيق إنجازات في مجال الصراع على الرواية والوعي عندما يكون المقصود قوة عظمى لا تُظهر أي رغبة في إقناع الرأي العام الدولي، ولا تحترم القواعد الدولية في هذا المجال؛ وتردع القوات الأجنبية عن التدخل على الرغم من إعادة التذكير بالتراجيديا التي تحدث في أوكرانيا؛ ويحظر مجال النقاش العام الداخلي.
وجهة النظر الإسرائيلية
- كثير من الدروس من الحرب الأوكرانية محفور في وعي مَن يتخذ القرار في إسرائيل على مدار الأعوام، وبصورة خاصة تلك المتعلقة بالنتائج الصعبة لعدم فهم النيات الاستراتيجية للعدو. ظهر هذا خلال حرب أكتوبر؛ الاستخفاف بالعدو والاعتقاد أنه من الممكن "هندسة الوعي والفهم" (عقيدة سقطت في سنة 1982 مثلاً)؛ وأيضاً الميل إلى توصيف القائد العدو بأنه مجنون (يحيى السنوار، أو الرئيس الإيراني، على سبيل المثال)، وذلك أغلب الظن بسبب الصعوبة في فهم منطق عملهم.
- وفي الوقت عينه، أوضحت الحرب في أوكرانيا حدود المعرفة، الفهم والعمق لدى الجهات الفاعلة في مجال التقديرات في إسرائيل. يدور الصراع في جبهة جيوسياسية واسعة، معقدة، وبعيدة، ومتدنية في سلّم أولويات أجهزة الأمن والسياسة الإسرائيلية. لذلك، فإن القدرة على تشكيل صورة استخباراتية شاملة محدودة جداً، على عكس الجبهات القريبة من إسرائيل، حيث يتم الاستثمار في البنية والجهود، كما الخبرة في جمع التفاصيل على جميع الأصعدة. هذا الفهم، يفرض بعض التواضع الذي كان غائباً قبل اندلاع الحرب، وخصوصاً في مجال الاعتراف بالفجوات والحاجة إلى الاستناد إلى مصادر خارجية، بهدف تجهيز صورة شاملة للوضع الاستراتيجي، وبالتالي اتخاذ القرارات بكل ما يخص هذه الجبهات البعيدة.