مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
إلقاء القبض على 12 من المشتبه في تأييدهم داعش في أم الفحم ووادي عارة وسخنين
وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اجتمع بوزير الخارجية الأردني في عمّان
تقرير: استطلاع جديد يشير إلى أن الليكود يعزز قوته، فهل هذا يكفي لتأليف حكومة؟
مقالات وتحليلات
تسلسُل الهجمات يثير الخوف من المقلّدين والسؤال: هل أصبحت إسرائيل على خريطة داعش؟
الدب الروسي وزجاجة المولوتوف: الأزمة الأوكرانية تدفع بالفلسطينيين إلى الهامش
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 29/3/2022
إلقاء القبض على 12 من المشتبه في تأييدهم داعش في أم الفحم ووادي عارة وسخنين

ألقت القوات الأمنية، ليل الاثنين – الثلاثاء، القبض على 12 من المشتبه فيهم في أم الفحم ووادي عارة وسخنين، وهم أشخاص كانوا في الماضي من مؤيدي داعش، وحُكم على جزء منهم بالسجن. وبدأ الشاباك بالتحقيق معهم.

رئيس الحكومة نفتالي بينت عقد في اليوم التالي لهجوم الخضيرة اجتماعاً لتقييم الوضع، شارك فيه وزير الدفاع بني غانتس، ووزير الأمن الداخلي عومر بار - ليف، ورئيس الأركان، ورئيس الشاباك، والقائد العام للشرطة، وجهات أُخرى. وقُرِّر في الاجتماع تأجيل غانتس رحلته إلى الهند، وزيادة عديد القوى الأمنية، والمتابعة الدقيقة لِما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحرّض على القيام بهجمات أُخرى. كما قرر الجيش الإسرائيلي السماح للجنود، الذين يخضعون للتدريب، بالذهاب إلى منازلهم مع سلاحهم، من الآن فصاعداً، وسيجري توسيع السياسة المعتمدة في هذا الشأن.

وخوفاً من هجمات تقلّد الهجومين السابقين، قُرِّر استخدام الاعتقالات الإدارية ضد نشطاء مشتبَه في أنهم "إرهابيون". كما قُرِّر أنه يمكن للمستشار القانوني للحكومة، في حالات معينة، اتخاذ خطوات استثنائية والموافقة على اعتقالات إدارية ضمن حدود الخط الأخضر، بهدف منع الهجمات.

في المقابل، أعلن الشاباك مسؤوليته عن عدم منع الهجوم في الخضيرة، وهو يجري الآن تحقيقاً في الأسباب التي أدت إلى هذا الإخفاق، ولا سيما بعد الأضواء الحمراء التي أضاءها هجوم بئر السبع. وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية رصدت في الماضي أكثر من 100 مواطن عربي في إسرائيل عبّروا عن تأييدهم لداعش، جزء منهم عاد إلى البلد بعد المشاركة في القتال في سورية والعراق، وجرى اعتقاله. لكن بعكس الفلسطينيين في المناطق، المتهمين بالإرهاب، والذين يخضعون للمراقبة، ولزيارات ليلية تحذيرية، وأيضاً لاعتقالات إدارية وقائية، فإن المتهمين بالإرهاب من حَمَلة الهوية الإسرائيلية يعاملهم الشاباك بصورة مختلفة.

ويعترف الشاباك بأن القيود التي يفرضها القانون تجعل الملاحقة التكنولوجية لحَمَلة الهوية الإسرائيلية مختلفة. ففي حالة منفّذ هجوم بئر السبع، لم تكشف الملاحقة أيّ إشارات مثيرة للشبهات. وفي رأي الشاباك، أن هذه القيود تمنع ملاحقة أكثر دقة لمؤيدي داعش من حَمَلة الهوية الإسرائيلية.

 

"هآرتس"، 29/3/2022
وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اجتمع بوزير الخارجية الأردني في عمّان

اجتمع وزير الأمن الداخلي عومر بار-ليف بنائب رئيس الحكومة الأردنية ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الأسبوع الماضي في عمّان، وبحث الاثنان في التوترات الأمنية قبيل شهر رمضان، وذلك في ضوء تقديرات الشرطة والشاباك بشأن ازدياد حوادث العنف في الشهر المقبل، وخصوصاً في القدس، وبعد مقتل ستة إسرائيليين في أقل من أسبوع، خلال هجمات في بئر السبع والخضيرة.

أمس، التقى العاهل الأردني الملك عبد الله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله. ودعا الملك عبد الله إسرائيل إلى الامتناع من القيام بخطوات أحادية الجانب في القدس، وخصوصاً في المسجد الأقصى، من ضمنها هدم منازل، والاستمرار في الاعتقالات، والسماح لليهود بزيارة الحرم القدسي. ومما قاله الملك: "نحن والفلسطينيون في جانب واحد من المتراس". وتزامن اللقاء مع عقد قمة وزراء الخارجية لدول الشرق الأوسط في النقب. وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد سبق أن زار الأردن هذا الشهر والتقى الملك عبد الله.

"معاريف"، 29/3/2022
تقرير: استطلاع جديد يشير إلى أن الليكود يعزز قوته، فهل هذا يكفي لتأليف حكومة؟

فحص استطلاع للرأي أجرته القناة 12، نُشر صباح اليوم الثلاثاء، كيف سيكون توزيع المقاعد في الكنيست، في حال تم إجراء الانتخابات اليوم. وبحسب الاستطلاع، فإن الليكود يحافظ على مكانته كأكبر حزب في إسرائيل، لا بل يعزز الفجوة بينه وبين الحزب الذي يليه، "يوجد مستقبل"، إذ يحصل على 34 مقعداً، في مقابل 18.

بعدهما مباشرة يأتي حزب "شاس" مع 9 مقاعد، والصهيونية الدينية مع 8 مقاعد، كما يحصل حزب "أزرق أبيض" على 8 مقاعد أيضاً. بينما يحصل الحزب الحريدي الثاني، يهدوت هتوراة، على 7 مقاعد في هذا الاستطلاع.

أمّا حزب رئيس الحكومة بينت ووزيرة الداخلية أييليت شاكيد، فيحصل مرة أُخرى على 6 مقاعد فقط، وهذا هو العدد الذي يحصل عليه كلٌّ من حزب العمل والقائمة المشتركة. وبعدهما، يحصل كلٌّ من حزب "إسرائيل بيتنا" و"القائمة العربية الموحدة" على 5 مقاعد. وفي أدنى القائمة، يظهر كلٌّ من "أمل جديد" و"ميرتس"، اللذين يعبران نسبة الحسم بصعوبة، مع 4 مقاعد لكلّ منهما.

وبشأن الشخصية الأكثر ملاءمة لرئاسة الحكومة، لا يزال زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو يتصدر القائمة مع 45% من مجمل المستطلعين، يليه وزير الخارجية ورئيس الحكومة المناوب يائير لبيد بنسبة 17%. أمّا رئيس الحكومة الحالي بينت، فيحصل على ما يعادل 9%. والأخير في القائمة هو وزير الأمن بني غانتس الذي يحصل على تأييد 7%. هذا في الوقت الذي أجاب 22% بعبارة لا أعرف.

 ورأى 58% من المستطلعين أن أداء الحكومة في المجال الأمني- السياسي هو "سيئ عموماً"، في مقابل 38% فقط أجابوا بأن أداء الحكومة في هذا المجال هو "جيد في المجمل". أمّا في المجال الاقتصادي، فإن النتائج لا تختلف كثيراً، إذ يرى 66% أن أداء الحكومة "سيئ في المجمل"، في مقابل 30%. كما ترى أغلبية المستطلعين أن رئيس الحكومة بينت لا يتصرف بصورة صحيحة في مواجهة التهديد الإيراني (44% في مقابل 29%، في الوقت الذي أجاب 27% بعبارة لا أعلم).

ومن حيث توزيع المقاعد، ستحصل أحزاب اليمين في المعارضة (الليكود، والصهيونية الدينية، وشاس، ويهدوت هتوراة) معاً على 58 مقعداً. أمّا أحزاب الائتلاف الحالي، فتحصل على 56 مقعداً فقط.

وعلى الرغم من هذا، فإن أغلبية المستطلعين ترى أن أداء الحكومة ضد انتشار وباء كورونا كان جيداً (50% في مقابل 46%). كما يرى 48% من المستطلعين أن الحكومة ستصمد حتى نهاية ولايتها، في مقابل 42% يعتقدون أنها ستتفكك بأسرع مما يُتوقع، في الوقت الذي أجاب 10% من المستطلعين بـ"لا أعلم".

وشاركت في الاستطلاع عيّنة من 509 أشخاص، في نموذج يمثل أغلبية السكان، وأجريَ هاتفياً، وعبر الانترنت. أجرى الاستطلاع معهد "مدغام"، برئاسة مانو غيفع، وبمشاركة "iPanel"، بهامش خطأ أقصى يقدَّر بـ 4.4%.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 29/3/2022
تسلسُل الهجمات يثير الخوف من المقلّدين والسؤال: هل أصبحت إسرائيل على خريطة داعش؟
عاموس هرئيل - محلل عسكري
  • بعد الإخفاق الاستخباراتي المثير للإحباط ونتائجه الوخيمة، آن الأوان للرد الإسرائيلي على هجوم الخضيرة، وهو الثاني في نوعه في غضون أسبوع. يبدو أن الشاباك سيواصل القيام باعتقالات في الأوساط المقربة من "المخربين" من الخضيرة، وأيضاً من "المخرب" الذي نفّذ هجوم بئر السبع. في الوقت عينه، من المعقول اتخاذ خطوات تستند إلى شبهات عامة تتعلق بنشاطات إسلامية متطرفة: فرض قيود، والقيام باعتقالات إدارية، وخطوات استثنائية ضد مواطنين إسرائيليين (تُستخدم أحياناً ضد مشتبه بهم بإرهاب يهودي في المناطق). هذا جزء من الخطوات التي قُرِّرت في استشارات أمنية أجراها رئيس الحكومة نفتالي بينت أمس.
  • خلال الليل، بعد هجوم الخضيرة، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوميْ الخضيرة وبئر السبع. تعريف "المخربين" الثلاثة – اثنان في الخضيرة وواحد في بئر السبع - بأنهم نشطاء في تنظيم داعش، هو أمر فضفاض إلى حد ما. الثلاثة هم من أتباع داعش، اثنان منهم أمضيا عقوبة بالسجن في إسرائيل بسبب علاقتهما بأشخاص من التنظيم في الخارج، أو بسبب محاولاتهما الفاشلة الذهاب للقتال في صفوف التنظيم في سورية. كل هذا لا يعني أنهم تلقوا هذه المرة توجيهات من عنصر خارجي.
  • يتعين على تحقيق الشاباك والشرطة توضيح ما إذا كان هناك معرفة سابقة بين "مخربي" الهجومين، وما إذا كانوا على تواصُل مع نشطاء من التنظيم في الخارج. لكن عندما يكون المقصود تنظيم داعش، من المحتمل وجود إيحاء عام بالعمليات، وليس أوامر أو مساعدة من الخارج؛ وحتى الآن، احتلت إسرائيل مرتبة متدنية في سلّم أولويات داعش والقاعدة. إلى جانب ملاحقة شركاء محتملين، سواء على علم بالهجمات الأخيرة، أو ساعدوا فيها، المؤسسة الأمنية تسعى لتوضيح ما إذا كان هناك تغيير في سياسة داعش، وما إذا كان النشطاء في الخارج عثروا على ساحة محتملة للتحريض والعمليات الإرهابية التي تثير اهتماماً دولياً كبيراً، نسبياً. لكن التخوف الأساسي الآن، هو من عمليات التقليد: قيام مؤيدين آخرين لداعش، أو لتنظيمات إسلامية أُخرى، بمواصلة سلسلة الهجمات. ونظراً إلى حساسية الجمهور الإسرائيلي الكبيرة، ولأن مشهد الهجمات يذكّر بأيام الانتفاضات، فإن كل حادثة إضافية يمكن أن تؤدي إلى موجة إرهاب طويلة، نسبياً، وتعكس واقعاً سياسياً غير مستقر.
  • في الخلفية، هناك العلاقات المعقدة بين الدولة وبين الجمهور العربي في إسرائيل. يتمحور التأييد لتنظيم داعش في هوامش ضيقة من الجمهور العربي هنا، بينما الأغلبية الكبرى من هذا الجمهور تدين عمليات التنظيم بالكامل، وترى فيها خطراً حقيقياً على أمنها. وراء الهجمات المتماهية مع داعش، يقف متطرفون فروا من الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل، وأحياناً مجرمون. عدد من الهجمات التي وقعت في العقد الأخير نُسب إلى عرب من إسرائيل من مؤيدي داعش، أو إلى الذين يتماهون مع تنظيمات سلفية. يساهم في ذلك ضائقة جيل ضائع، وعشرات الآلاف من الشباب العرب الذين لا يعملون، أو لا يتعلمون، ويشكلون مرتعاً واسعاً للتجنيد من التنظيمات الإرهابية والجريمة المنظمة.
  • على هذه الخلفية، هناك أهمية كبيرة للإدانة الشديدة والواضحة للهجومين الأخيرين، والصادرة عن رئيس القائمة العربية الموحدة (راعام) عضو الكنيست منصور عباس والسياسيين العرب الرفيعي المستوى. لكن عباس، مثل بينت، يدرك أن الأرض تهتز. الثقة المتبادلة بين اليهود والعرب ضمن حدود الخط الأخضر تآكلت بشدة في المواجهات العنيفة في المدن المختلطة، وفي النقب، خلال عملية حارس الأسوار في أيار/مايو الماضي. وثمة شك في أنها رُمِّمت منذ ذلك الحين. وبينما تصبّ المعارضة الزيت على النار، وقيادة الائتلاف تواجه تحدياً من اليمين، فإن مجال المناورة لدى الحكومة ليس كبيراً.
  • التوترات في العلاقات مع الجمهور العربي لا تنحصر فقط في أفعال "مخربين" أفراد. صحيح أن التحرك الحكومي ضد عصابات الجريمة العربية حقق نجاحاً أولياً معيناً، لكن الشعور باهتزاز الأمن الشخصي هو أمر مشترك بين اليهود في المدن المختلطة، والذين يمرون على الطرقات الأساسية في النقب، وأيضاً بالنسبة إلى المواطنين العرب الإسرائيليين الذين يعيشون في بلدات، أصبح إطلاق النار فيها أمراً يومياً، من دون أن يكون لداعش علاقة بذلك.
  • على الأقل، في إمكان بينت أن يرحب بتردُّد الفلسطينيين في الضفة والقطاع، حتى الآن، في المشاركة في أعمال الشغب. لقد سبقت الهجومين سلسلة هجمات طعن في القدس الشرقية، لكن المنفّذين كانوا من سكان القدس، ومن حَمَلة الهوية الإسرائيلية. السلطة الفلسطينية، وأيضاً "حماس"، نقلتا رسائل إلى إسرائيل بأن لا علاقة لهما بالتصعيد الحالي. هذا لا يمنع وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية المتعاطفة مع "حماس" من الإشادة بالهجمات وتقديم منفّذيها كأبطال قوميين.
  • ... لكن الصورة يمكن أن تزداد تعقيداً. ففي القطاع، حيث تُعِدّ "حماس" منذ أسبوع الأرضية لتظاهرات ضد إسرائيل. ومن المفترض أن يجري التجمع المركزي على شاطىء غزة، لكن هناك استعدادات للقيام بتظاهرات أصغر على طول الجدار الحدودي مع إسرائيل، والتي كما ثبت في الماضي، يمكن أن تخرج عن السيطرة بسرعة. وإلى جانب زيادة عدد القوات في منطقة التماس في الضفة، سيجري إرسال قوات من الجيش الإسرائيلي أيضاً إلى الحدود مع القطاع، لكن التعليمات للقادة وللقناصة واضحة: الامتناع بقدر الممكن من التصعيد، الذي يمكن أن يجرّ الطرفين إلى اشتباكات واسعة بين بداية رمضان وعشية عيد الفصح.
"معهد دراسات الأمن القومي"،27/3/2022
الدب الروسي وزجاجة المولوتوف: الأزمة الأوكرانية تدفع بالفلسطينيين إلى الهامش
نوعا شوسترمان - باحثة في وحدة دراسة العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية
  • في الوقت الذي دانت 144 دولة في الأمم المتحدة روسيا بسبب اجتياحها أوكرانيا، وقفت السلطة الفلسطينية بصمت. ولم يتوقف الموضوع عند عدم إبداء الفلسطينيين التعاطف والتضامن مع أوكرانيا، بل إنهم يرون في المقاومة الأوكرانية ضد الاجتياح الروسي منافسة على الرأي العام الدولي، الذي هُمِّشت فيه القضية الفلسطينية، بالتدريج، وتم استبعادها عبر السنوات عن مركز الرأي العام. وعلى الرغم من تجديد العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وصول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض، فإن القيادة الفلسطينية حذرة بكل ما يمكن أن يضر بعلاقاتها مع روسيا، التي تعتبر حليفة. لذلك، لم يُدِن الفلسطينيون روسيا، رسمياً، على الرغم من ضغوط كبيرة مورست على رئيس السلطة أبو مازن، للقيام بذلك.
  • من شأن الدعم الفلسطيني لأوكرانيا تعزيز العلاقة بالولايات المتحدة والدول الأوروبية، الداعمين الرئيسيين للسلطة. كما من شأنه الدفع باتجاه إعادة فتح قنصلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، أو القنصلية الأميركية في القدس. إلّا إن أبو مازن، الذي كانت رسالته في الدكتوراه عن روسيا واجتمع أكثر من مرة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يطمح إلى أن تؤدي روسيا دوراً مركزياً في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين - إلى جانب الولايات المتحدة، التي يُنظر إليها عادة في الأوساط الفلسطينية على أنها منحازة إلى إسرائيل، أو من خلال لجنة متعددة الأطراف، كالرباعية الدولية للشرق الأوسط. من جانبها، روسيا دانت إسرائيل أكثر من مرة خلال الحرب على غزة، أو بسبب توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، كما أنها تعبّر عن دعمها للفلسطينيين بصورة دائمة. هذا بالإضافة إلى وجود إمكانية لوقف توسُّع الناتو في شرق أوروبا، كجزء من تسوية تتهي الحرب في أوكرانيا. فإذا حدث ذلك، فإنه سيُعتبر انتصاراً لروسيا، الأمر الذي سيؤثر بصورة إيجابية في مكانتها في الشرق الأوسط - وخصوصاً مع انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة. ويمكن الافتراض أن أبو مازن لا يريد أيّ ضرر للعلاقات مع جهة يمكن أن تتحدى الهيمنة الأميركية في المنطقة، وبصورة خاصة في مجال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. هذا بالإضافة إلى أن أبو مازن يحاول أن يمتنع من التعرض لصدمات الماضي - الانعزال السياسي الذي عانت جرّاءه السلطة في بداية التسعينيات، كنتيجة للدعم الذي قدّمه ياسر عرفات لصدام حسين.
  • أيضاً على صعيد الرأي العام الفلسطيني، فلم يكن التضامن مع أوكرانيا واسعاً. يبدو مفهوماً ضمناً، أن يُتوقع من الشعب الذي رفع راية مناهضة الاحتلال أن يكون إلى جانب النضال الشعبي الأوكراني، وأن يستغل الالتفاف الدولي حوله بهدف تسليط الضوء على الصراع مع إسرائيل - وإن لم يحدث الآن بسبب انشغال الرأي العام الدولي بأوكرانيا، فمستقبلاً. لكن أغلبية التعاطي الفلسطيني مع الموضوع الأوكراني في وسائل التواصل الاجتماعي، تُبرز ما يتم تعريفه بأنه ازدواجية في المعايير لدى الغرب. فمنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تنشر مجموعات داعمة للفلسطينيين منشورات تتضمن صوراً لمواطنين أوكرانيين وهم يقومون بتحضير المولوتوف إلى جانب مولوتوف فلسطيني، أو صور أطفال يحملون السلاح تحت عنوان "بطل أوكراني، إرهابي فلسطيني"، مرفقة بهاشتاغ "ازدواجية المعايير". وفي منشورات أُخرى، يتم التركيز على عدم التوازن بين دعم الصراع الجديد، مقابل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي لا يزال مستمراً على مدار أعوام، ولم يحصل يوماً على هذا الدعم. الشعب الفلسطيني يعيش حالة من الخذلان، بسبب النظرة إلى نضاله في العالم على أنه إرهاب، في وقت يتم اعتبار نضال الأوكرانيين عادلاً وحرباً من أجل الحرية.
  • كلما اهتم المجتمع الدولي أكثر بالأزمة الأوكرانية وتعاطف أكثر مع الأوكرانيين، كلما ازداد شعور الفلسطينيين بالظلم. فالمواجهات في القدس لم تعد تستقطب الاهتمام الدولي كما في السابق، وبصورة خاصة بعد احتواء الوضع في حي الشيخ جرّاح في أعقاب قرار المحكمة العليا الذي يمنع إجلاء العائلات الفلسطينية عنه. هذا بالإضافة إلى معاناة السلطة والأونروا، المسؤولة عن التعليم والصحة والرفاه الاجتماعي، جرّاء النقص الحاد في التبرعات. كما بات واضحاً في أوساط القيادة الفلسطينية أن الجهود الدولية والتبرعات بعد الحرب، ستكون موجهة إلى إعادة تأهيل ملايين اللاجئين الأوكرانيين وإعادة إعمار البلد ذاتها على حساب التعامل مع الشرق الأوسط (من ضمنه ليبيا، واليمن، والعراق، وسورية، وأفغانستان).
  • يتعزز شعور الفلسطيني بالظلم في أعقاب العقوبات السريعة والقوية التي فُرضت على روسيا. فحركة الـ "BDS" تحاول، ومنذ أكثر من عشرة أعوام، تشكيل ضغط سياسي يقود إلى عقوبات على إسرائيل، لكن من دون فائدة، كما أنها ضعفت كثيراً منذ سنة 2016، خلال ولاية ترامب. هذا في وقت تجندت دول كثيرة سريعاً، بهدف فرض عقوبات على روسيا، على الرغم من الثمن الكبير جداً، وهو ما أذهل الفلسطينيين الذين تبين لهم أن اللاعبين وقفوا إلى جانب إسرائيل وامتنعوا من فرض أيّ عقوبات بحقها. شركات كبيرة لم تستجب لتوجهات حركة الـ"BDS"، ولم توقف تجارتها مع إسرائيل، أوقفت نشاطها في روسيا - تطوُّر أذهل الكثيرين.
  • في مقابل السلطة الفلسطينية، يبدو أن هناك أكثر من رأي في "حماس" بخصوص الأزمة الأوكرانية. ففي بداية الاجتياح الروسي، نسب بعض المصادر الإعلامية الفلسطينية والدولية إلى عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل تصريحات تدعو بوتين إلى وقف قتل المدنيين والاجتياح. لكن سرعان ما خرج المسؤول في العلاقات الخارجية لدى "حماس" هشام قاسم ونفى التصريحات المنسوبة إلى مشعل. موسى أبو مرزوق، هو أيضاً عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، كان الوحيد الذي تطرّق إلى ما يحدث في أوكرانيا، وانتقد الولايات المتحدة بسبب عدم قدرتها على وقف روسيا، وأنها لم تعد تسيطر على السياسة الدولية. ومن المهم الإشارة إلى أن روسيا تستضيف بصورة دائمة وفوداً من "حماس"، ولديها علاقات مع قيادات الحركة. هذا في وقت توجد مصلحة لدى "حماس" والسلطة الفلسطينية في ارتفاع مكانة روسيا في الشرق الأوسط على حساب الولايات المتحدة.
  • السؤال هنا يدور حول تداعيات الحياد، وكيف أن عدم اتخاذ الموقف (الذي يُعدّ بحد ذاته موقفاً) يخدم المصالح الفلسطينية. في الأعوام الأخيرة، يعمل الفلسطينيون على صوغ مطالبهم القومية من إسرائيل عبر خطاب الحقوق. وفي إطار هذا الخطاب، يدّعي الفلسطينيون أن على المجتمع الدولي التوقف عن التركيز على البحث عن حل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني (الخطاب الليبرالي والحوار من خلال حل الدولة الواحدة أو الدولتين)، وبدلاً من ذلك، التطرق إلى حقيقة أن الحقوق الأساسية للفلسطينيين- وخصوصاً الحق في الحركة والمساواة أمام القانون- غير مطبّقة. لذلك، يجب الضغط على إسرائيل لمنح هذه الحقوق، مثلما تمنحها للمواطنين الإسرائيليين. لكن الصمت الفلسطيني، إلى جانب التشكيك في الدعم الغربي لأوكرانيا، يضرّ بهذه الجهود. فرفض الدعوات الأميركية إلى دعم أوكرانيا، يقف عائقاً ما بين الفلسطينيين والعالم الغربي الذي يريدونه إلى جانبهم. هذا بالإضافة إلى أن روسيا تستغل القضية الفلسطينية، بهدف تعزيز مكانتها في الشرق الأوسط، وتحدي الولايات المتحدة، ويستبعد أن تؤدي روسيا أيّ دور مركزي في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني يتعدى التصريحات الإعلامية، في المدى المنظور. لذلك، كلما استمرت الحرب في أوكرانيا، واستمر الفلسطينيون في رفضهم الانضمام إلى المعسكر الغربي، كلما وجدوا أنهم معزولون أكثر من العزلة الحالية.
  • الاستمرار في تهميش القضية الفلسطينية في الرأي العام، في أعقاب استمرار الأفق المسدود في المسار السياسي، من الممكن أن يؤدي إلى مواجهة - وبصورة خاصة في الضفة الغربية والقدس. احتمال المواجهة في غزة في المدى القريب أقل بكثير، فـ "حماس" تعرف حقيقة أنه ما دامت الحرب مستمرة في أوكرانيا، سيكون من الصعب عليها لفت انتباه المجتمع الدولي، وهو ما سيصعّب عليها تجنيد أموال إعادة الإعمار. لذلك، يبدو أن "حماس" ستتفادى زعزعة الاستقرار الأمني على جبهة غزة، لكن من المتوقع أن تستمر في جهودها لتصعيد الوضع الميداني في مناطق السلطة وشرقي القدس. وهنا يشكل يوم الأرض وشهر رمضان القريب خلفية جيدة لذلك، وكذلك ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية اللذان تعاني السلطة جرّاءهما. ومن المهم الإشارة إلى أن ارتفاع الأسعار يؤثر أيضاً في المجتمع في غزة، ومن شأنه الضرر بتطبيق مشاريع تطوير البنى التحتية في المنطقة، والتي تتم بتمويل دولي. لذلك، فإن استمرار الحرب في أوكرانيا، وما يصاحبها من ارتفاع في أسعار النفط والمواد الأساسية، ستزيد في احتمالات اشتعال غزة أيضاً. بالنسبة إلى إسرائيل، فإن الإحباط الفلسطيني بسبب الأزمة الأوروبية - الذي يُضاف إلى خيبة الأمل من إدارة بايدن، والأزمة الاقتصادية المتزايدة، إلى جانب الشعور بالخيانة بسبب اتفاقيات التطبيع، كلها عوامل ستؤدي إلى زيادة التهديد الأمني المقبل.