مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مقتل شابين فلسطينيين خلال تبادل لإطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي في جنين
بينت وبار ليف اتفقا على تحويل 181 مليون شيكل إلى الشرطة الإسرائيلية لتعزيز عملها في أوقات الطوارئ
السفير الأميركي لدى إسرائيل: يجب وقف المخصصات التي تدفعها السلطة الفلسطينية إلى عائلات منفّذي العمليات
إصابة مستوطن إسرائيلي في عملية طعن بالقرب من بيت لحم
وزير الخارجية التركي سيقوم بزيارة رسمية إلى إسرائيل في منتصف أيار/مايو المقبل
مقالات وتحليلات
لا يجوز إغراق شوارع إسرائيل بالسلاح بحجة الدفاع عن النفس
موجة الهجمات الحالية: تحدٍّ لـ"نموذج دبي"
ساعة طوارئ: يجب منع "عاصفة ممتازة" للإرهاب
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 1/4/2022
مقتل شابين فلسطينيين خلال تبادل لإطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي في جنين

قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن شابين فلسطينييْن قُتلا، وإن جندياً إسرائيلياً أصيب بجروح طفيفة أمس (الخميس)، وذلك خلال تبادُل لإطلاق النار في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في أثناء حملة اعتقالات واسعة النطاق نفّذتها القوات الأمنية الإسرائيلية في مدينة جنين ومخيم جنين.

وأضاف البيان أن القوات العسكرية والأمنية الإسرائيلية طوقت منطقة تضم عدة مبانٍ تواجد فيها ناشطون تابعون للفصائل الفلسطينية في مخيم جنين، وخلال ذلك وقع تبادُل لإطلاق النار مع مسلحين آخرين.

وأوضح البيان أن العملية بدأت الليلة قبل الماضية وتواصلت حتى صباح أمس، وأُطلق عليها اسم "كاسر الأمواج"، واستهدفت اعتقال مطلوبين بشبهة تخطيطهم لتنفيذ عمليات مسلحة، أو بمساعدة منفّذ العملية الأخيرة في مدينة بني براك [وسط إسرائيل]. 

 

"يديعوت أحرونوت"، 1/4/2022
بينت وبار ليف اتفقا على تحويل 181 مليون شيكل إلى الشرطة الإسرائيلية لتعزيز عملها في أوقات الطوارئ

قال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن رئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينت اتفق مع وزير الأمن الداخلي عومر بار ليف على تحويل ميزانية مقدارها 181 مليون شيكل إلى الشرطة، لتعزيز عملها في أوقات الطوارئ، وذلك على خلفية العمليات التي وقعت أخيراً وأسفرت عن مقتل 11 إسرائيلياً خلال أسبوع واحد.

وأضاف البيان أن هذه الميزانية الإضافية ستُستثمر في تمكين الشرطة وتجنيد مقاتلين جدد وإنشاء لواء حدود، بالإضافة إلى شراء سترات وخوذات ودراجات نارية وتجنيد متطوعين.

ورحبت قيادة الشرطة بخطوة إقرار هذه الميزانية الإضافية. غير أن ضابطاً كبيراً قال لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الشرطة الإسرائيلية تفتقر إلى نحو 4000 شرطي ومليارات الشيكلات للتعامل مع جميع مهماتها، والإضافة الحالية مهمة، غير أنها لا تلبّي بالفعل الحاجات الحقيقية للشرطة، في ظل التحديات التي تواجهها.

 

موقع قناة "كان"، 1/4/2022 https://www.kan.org.il/
السفير الأميركي لدى إسرائيل: يجب وقف المخصصات التي تدفعها السلطة الفلسطينية إلى عائلات منفّذي العمليات

قال السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نيدس إنه يجب وقف المخصصات التي تدفعها السلطة الفلسطينية إلى عائلات منفّذي العمليات، وأكد أن "الإرهاب" لا يمكن أن يهزم إسرائيل.

وأضاف نيدس في مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية "كان" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] مساء أمس (الخميس)، أن قتل الناس والعنف بصورة عامة لن يؤدي أبداً إلى نتيجة إيجابية.

وتطرّق نيدس إلى موضوع افتتاح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، على الرغم من معارضة إسرائيل، فقال "إن الإدارة الأميركية تريد فتح القنصلية ونحن نبذل جهوداً لذلك". ولدى سؤاله عمّا إذا كان ذلك سيحدث في المستقبل القريب، أجاب بالإيجاب.

كما أوضح نيدس أنه سواء تم التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، أو لم يتم التوصل إليه، لا يمكن قطع العلاقة الوثيقة التي تربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن الولايات المتحدة ستعمل مع إسرائيل للتأكد من أن إيران لن تملك أسلحة نووية.

وتجنب السفير الأميركي اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، لكنه في الوقت عينه قال إن إيران دولة داعمة للإرهاب.

"معاريف"، 1/4/2022
إصابة مستوطن إسرائيلي في عملية طعن بالقرب من بيت لحم

ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن مستوطناً إسرائيلياً أصيب بجروح خطِرة جرّاء عملية طعن قام بها شاب فلسطيني في إحدى حافلات الباص بالقرب من "غوش عتسيون" جنوبي بيت لحم.

وأشار البيان إلى أن مستوطنين آخرين قاموا بإطلاق النار على منفّذ العملية وأردوه قتيلاً، وأنه بعد انتهاء الحادث قامت قوات الأمن بعملية تمشيط في المنطقة لفحص ما إذا كان هناك أشخاص قاموا بمساعدته.

وقالت مصادر فلسطينية إن الشاب القتيل هو نضال جعافرة (30 عاماً) من سكان بلدة ترقوميا. 

موقع Ynet، 1/4/2022
وزير الخارجية التركي سيقوم بزيارة رسمية إلى إسرائيل في منتصف أيار/مايو المقبل

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنه سيقوم بزيارة رسمية إلى إسرائيل في منتصف أيار/مايو المقبل.

وأضاف أوغلو في سياق مقابلة أجراها معه التلفزيون التركي أمس (الخميس)، أنه سيناقش خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد موضوع الإعادة المتبادلة للسفيرين بين البلدين والتعاون على إقامة أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى إسرائيل، بغية تثبيت نظام بديل لتقليل ارتباط أوروبا بالغاز الروسي. لكنه أشار إلى أن إقامة هذا الأنبوب لن تكون ممكنة في المدى القصير.

وأكد وزير الخارجية التركي أنه سيزور إسرائيل برفقة وزير الطاقة التركي، وكذلك سيقوم بزيارة إلى السلطة الفلسطينية أيضاً.

يُذكر أن رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ قام في بداية الشهر الحالي بزيارة إلى أنقرة، اجتمع خلالها بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قصره. وقال هرتسوغ في نهاية الزيارة إنه وجد مضيفاً منفتحاً على حوار حقيقي، مشيراً إلى أن الزيارة تهدف إلى بث رسالة أمل وبديل ممن يعتقد أن الصراع والعنف سيؤديان إلى نتيجة.

كما أعلن أردوغان الأسبوع الفائت أن هناك احتمالاً بأن يقوم رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت بزيارة رسمية إلى تركيا.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 1/4/2022
لا يجوز إغراق شوارع إسرائيل بالسلاح بحجة الدفاع عن النفس
افتتاحية
  • لا شك في أن سلسلة العمليات الأخيرة توجب اتخاذ جملة من التجهيزات الأمنية. غير أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون أحد هذه التجهيزات ذلك الذي روّجه رئيس الحكومة نفتالي بينت، وهو إخراج المزيد من الأسلحة إلى شوارع البلد.
  • قال بينت في شريط فيديو نشره أول أمس (الأربعاء): "أقول لكل مَن يملك رخصة حمل السلاح إن هذا هو الوقت لحمل هذا السلاح". وهذه مشورة بائسة للغاية، ذلك بأن الشوارع العاجّة بالسلاح يمكن أن تتحول إلى شوارع قنابل موقوتة، كما أن نيات إحباط عمليات من طرف عابري سبيل، يمكن أن تؤدي إلى إسالة دماء كثيرة، إما بشكل متعمد، أو نتيجة ارتكاب خطأ، وعندها ستقع أحداث لا تُحمد عقباها.
  • يجب إبقاء موضوع الحفاظ على أمن السكان في أيدي الجهات المسؤولة عن ذلك، وهي الشرطة والجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"]. صحيح أنه كان هناك حالات قام فيها سكان مدنيون بإحباط عمليات، كما حدث في العملية التي وقعت في مدينة بئر السبع [جنوب إسرائيل] الأسبوع الفائت، لكن يمكن أيضاً أن يحدث العكس.
  • لقد أثبت الكثير من الأبحاث في شتى أنحاء العالم أن زيادة حمل السلاح من طرف السكان المدنيين تؤدي قبل أي شيء إلى ازدياد عمليات سرقة الأسلحة والتجارة بها، وإلى استعمال السلاح ضد أناس أبرياء. ومثلما أنه ينبغي في سياق الحرب ضد "الإرهاب" إقامة توازُن بين حاجات الأمن وبين فقدان السيطرة والانضباط، ينبغي التقيّد بالأمر نفسه في كل ما يتعلق بحمل السلاح في شوارع إسرائيل. ويكفي أن نتأمل بما يحدث في الولايات المتحدة بهذا الشأن، حيث يؤدي حمل السلاح إلى نتائج مدمرة، وإلى عمليات قتل جماعية في بعض الأحيان.
  • ولا بد من القول إن قيام رئيس الحكومة بالسماح للجنود من ذوي رتب أعلى من رتبة النفر بالتوجه إلى بيوتهم من قواعدهم وبحيازتهم سلاح، يُعتبر خطوة إشكالية، نظراً إلى حقيقة أن ليس كل الجنود مدربين جيداً على استعمال السلاح. فضلاً عن ذلك يجب التحذير من أنه في ظل أجواء التحريض على العرب لن يصعب تخيُّل ما الذي يمكن أن يفعله بالسلاح مَن يرددون هتاف "الموت للعرب". ولن تنفع رئيس الحكومة حجة الدفاع عن النفس في حال قيام بعض السكان اليهود بأخذ زمام القانون في أيديهم وارتكاب أعمال قتل جماعية.
"يسرائيل هَيوم"، 31/3/2022
موجة الهجمات الحالية: تحدٍّ لـ"نموذج دبي"
دورون متسا - مستشرق
  • "الإرهاب" المستعر في مدن مركزية في إسرائيل يهدد بتصديع النظام الاستراتيجي السياسي الذي وُضع بشق النفس في العقد ونصف العقد الأخيرين. تبلور هذا النظام إلى حدّ كبير، في ظل الاضطرابات الكبيرة التي عصفت بالشرق الأوسط في بداية العقد الأول من القرن الحالي، والذي أساسه تحقيق الاستقرار من خلال الازدهار الاقتصادي. بهذه الطريقة، جعل النظام الجديد الاقتصاد هو الفكرة الناظمة البديلة من الأفكار السياسية والأيديولوجية المختلفة، والتي صاغت الشرق الأوسط منذ بداية القرن العشرين ودخوله أبواب الحداثة الأوروبية.
  • اقتصاد مقابل أيديولوجيا؛ رفاه مقابل نشاط سياسي؛ "صفقة القرن" في سنة 2019 مقابل "سايكس بيكو" في سنة 1916. حجر الأساس في هذه العملية الاستراتيجية كان، طبعاً، الدول الغنية في المنطقة، أي دول الخليج؛ وإسرائيل التي بعد مرور 100 عام على هرتسل ومفكرين صهيونيين آخرين تنبؤوا كيف ستحمل الدولة اليهودية المستقبلية الحداثة إلى الشرق الأوسط المتخلف وإلى سكانه، حققت حلم شمعون بيرس بـ"شرق أوسط جديد"، لكن هذه المرة انطلاقاً من قوة اقتصادية وتكنولوجية، وليس من تسويات سياسية، أو قوة عسكرية.
  • لقد كان من المفترض أن يلجم السلام الاقتصادي موجة الانهيار السياسي الذي مرّ به الشرق الأوسط، ومساعدة الأنظمة الفقيرة، مثل مصر أو السودان، على تخطّي مصاعبها الداخلية، وأن يطرح بديلاً فكرياً في مواجهة التحديات الآتية من الشرق، المتمثلة في القوة الفارسية. هذا النظام الذي يعتمد على الفعالية والبراغماتية وإعطاء الأفضلية لموضوعات الحاضر على رؤى المستقبل، كانت تقوده إسرائيل أيضاً من أجل تخفيف التحركات الثورية العربية - الفلسطينية. بهذه الطريقة، تحول "نموذج دبي" من محرك لدمج العرب في إسرائيل إلى التعاون مع النخبة في السلطة الفلسطينية، وحتى محاولات "التسوية" مع "حماس" في القطاع.
  • لكن الآن ظهرت مقاومة شديدة لهذا النظام، تنمو من داخل الساحة العربية- الفلسطينية المحلية، سواء لدى العرب في إسرائيل، أو لدى السلطة. برزت التحذيرات الأولى للتحدي الذي ظهر ضد النظام الجديد في أيار/مايو 2021، على صورة تضافُر بين الهجمات التي بادرت إليها "حماس"، وأدت إلى عملية "حارس الأسوار" والاضطرابات التي اندلعت في المدن المختلطة في إسرائيل. العنف والجريمة في المجتمع العربي والفوضى وسط البدو كانت علامات تدل على تآكل وضع النظام الجديد، فُسّرت في الخطاب الإسرائيلي بصورة خاطئة.
  • المقصود هو تحدٍّ للنظام الإقليمي والاقتصادي الجديد، جاء من الأطراف العميقة في المنظومة العربية – الفلسطينية. والمقصود أشخاص مهمّشون، اجتماعياً واقتصادياً، وشباب غير مندمج ومضطرب، وأشخاص أيديولوجيون تقليديون. أراد هؤلاء تخريب الاحتفال الكبير للقرن الواحد والعشرين وإعادة المنطقة إلى مبادئها الأولية، من خلال تجديد خطوط الصراع الأيديولوجية التي تتعلق بالهوية، وضمن هذا الإطار، إعادة النزاع بين اليهود وبين العرب إلى ما كان عليه.
  • على هذه الخلفية، يمكن أن نرى رمزية المواجهة المشحونة بين "قمة النقب"، التي جرت قبل أيام معدودة في سديه بوكر بين وزراء خارجية إسرائيل ودول الخليج، كحجر أساس لشرق أوسط جديد قديم، وبين الأعمال "الإرهابية" الدموية التي نُفّذت بالتزامن مع انعقاد "قمة النقب" التي جرت بصورة رئيسية رداً على الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وبين إيران، وليتضح بعدها أن التهديد الكبير للشرق الأوسط الجديد لا يأتي من طهران فقط، بل من الأطراف العربية الفلسطينية. "الجدار الحديدي" الحقيقي يجب بناؤه، ليس في مواجهة الدولة الفارسية الكبرى، بل أيضاً في مواجهة جهات في المنظومة العربية - الفلسطينية، التي تهدد بإطاحة الاستقرار الإقليمي.
  • إقامة "جدار حديدي" يفرض على المستوى الداخلي تقاطعاً امتنعت إسرائيل من القيام به في الأعوام الأخيرة: دفع المنظومة العربية - الفلسطينية إلى أبواب شرق أوسط "اتفاقات أبراهام" من أجل خلق حوافز إيجابية، وفي المقابل، الاستعداد لاستخدام قوة أمنية قاسية ضد مَن يخرب النظام الجديد. في العقد الأخير، عززت إسرائيل فقط الحوافز الإيجابية وتخلّت بالكامل تقريباً عن العقوبات. وبعملها هذا، لم تساهم في تآكل صورة الردع فحسب، بل أظهرت ضعفاً، وسمحت أيضاً بنمو عناصر معارِضة للنظام نفسه، الذي يعتمد مستقبل الدولة اليهودية وازدهارها على استمرار وجوده.

 

موقع "N12"، 30/3/2022
ساعة طوارئ: يجب منع "عاصفة ممتازة" للإرهاب
عاموس يادلين - باحث، عسكري ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق - وأودي أفنطال - عسكري وباحث في معهد هرتسيليا لدراسات السياسات والاستراتيجيا
  • موجة العمليات القاتلة التي اجتاحت المدن الإسرائيلية في الشهر الماضي، التي بدأت من الجنوب، مروراً بالقدس، وصولاً إلى غوش دان، جاءت في وقت لم تكن إسرائيل جاهزة، وبعد فترة من الهدوء النسبي. الحديث يدور عن التقاء عدة جبهات وعدة مناسبات حساسة، من شأنها تحويل هذه الموجة إلى "عاصفة ممتازة" للإرهاب. هذه ساعة طوارئ، والمهمة الملقاة على الحكومة الإسرائيلية معقدة جداً، فيها تحديات كثيرة على المستوى العملياتي، والسياسي الداخلي والخارجي.

لا توجد "ضربة وانتهينا"

  • من المهم التشديد منذ البداية - على أن موجة العمليات هذه لا يوجد رد فوري عليها على نمط "ضربة وانتهينا". في مواجهة مشكلة مركّبة كهذه، المطلوب حل مركّب يمزج ما بين التفكير السياسي والعسكري، وخطوات دفاعية، وأُخرى هجومية، وعمليات جسدية، وأُخرى نظامية، وتغييرات في القوانين، وصراع على السردية.
  • محاربة العمليات الانتحارية في الانتفاضة الثانية استمرت أعواماً، وشملت عملية "السور الواقي" لتفكيك البنى التحتية للإرهاب، وبناء الجدار الفاصل بتكلفة مليارات، وعزل ياسر عرفات سياسياً، بالإضافة إلى العديد من الخطوات الأُخرى. عملية الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، على سبيل المثال، فتحت الباب على عملية استمرت 20 عاماً، وفي نهايتها لم يتم إنهاء ظاهرة الإرهاب العالمي أيضاً. الحديث يدور عن عمليتين طويلتين ومكلفتين تدللان على الأبعاد الكثيرة والمركّبة لمعالجة تهديد الإرهاب.
  • يتوجب على إسرائيل في المستوى الآني تقوية خطوطها الدفاعية، في الأساس عبر نشر قوات إضافية من الشرطة والجيش، وإغلاق جدار الفصل، وبكلمات أُخرى، الفتحات الموجودة فيه. من المهم وقف الموجة الحالية، ومنع وإحباط عملية إضافية لوقف الحالة التي بدأت والتوتر الموجود أصلاً.
  • أمّا على الصعيد السياسي، فمن المهم دراسة كيفية فصل الجبهات، الواحدة عن الأُخرى، بهدف معالجة كل منها على حدة: إرهاب مصدره عرب إسرائيل المقربين من داعش؛ "إرهاب" من مناطق السلطة الفلسطينية؛ "إرهاب" من غزة وتحريض من تركيا حتى قطر. أمّا في المدى البعيد، فهناك حاجة إلى خطوات ممأسسة، تُضاف إلى الخطوات التي تم اتخاذها فعلاً، لمعالجة جذر المشكلة الذي يسمح بخلق الأرض الخصبة للمنظمات الإرهابية.
  • موجة عمليات الشهر الماضي تعكس حجم تركيب المشكلة: منفّذو عمليات الطعن في القدس هم من حَمَلة الهويات الزرقاء في شرقي القدس؛ منفّذو العمليات في بئر السبع والخضيرة مقرّبون من داعش، خرجوا من التجمعات البدوية، ومن قلب المجتمع العربي الإسرائيلي في أم الفحم؛ أمّا منفّذ العملية في بني براك، فهو فلسطيني من قرية يعبد القريبة من جنين، "عاصمة الفدائيين" في الانتفاضة الثانية.
  • هؤلاء المنفّذون تأثروا بأيديولوجيات متطرفة خرجت من مدرسة الدولة الإسلامية، الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل؛ والجهاد الإسلامي و"حماس" يريدان إشعال "المناطق" والقدس من دون توريط غزة في المواجهة. هذا بالإضافة إلى أن "حماس" وحزب الله لم يترددا في التهليل للمنفّذين، على الرغم من انتمائهم إلى داعش - العدو اللدود بالنسبة إليهما، والذي نفّذ عمليات كبيرة في مناطق الشيعة في بيروت، وأعلن الحرب على "حماس" في غزة.

 

المواجهة في وقت حساس

  • بدأت موجة العمليات في وقت استثنائي وحساس. إذ يلتقي في هذا العام شهر رمضان، وعيد الفصح اليهودي وعيد الفصح لدى المسيحيين، وبعدها يوم "الاستقلال" الإسرائيلي الذي، كالعادة، يُحتفل فيه في وقت يحيي الفلسطينيون يوم النكبة. وبعد عامين مُنع خلالهما الفلسطينيون من الدخول إلى المسجد الأقصى بسبب الكورونا، من المتوقع أن يكون هناك ضغوط كثيرة على جميع أماكن العبادة في القدس، في ذات الفترة الحساسة. بالنسبة إلى قوات الأمن، كان هناك توقعات بازدياد العمليات، لكنهم وفي امتحان الواقع لم يكونوا مستعدين كما يجب.
  • الأحداث المتطرفة التي حدثت خلال العام الأخير، والأزمة في العلاقات العربية - اليهودية، تلقي بظلالها على الوضع الحالي، وتشير إلى الأزمة العميقة- التي على حكومة إسرائيل تخطّيها. فالتوتر البنيوي بين مركّبات الحكومة من جهة، وجهود اليمين المتطرف لرفع مستوى التوتر من جهة أُخرى، يثقل على قدرة الحكومة في التعامل مع التحديات الجدية المطروحة أمامنا.
  • وحتى على المستوى العملياتي، فإن العمليات الأخيرة استثنائية، وتشكل مرحلة جديدة مقابل "انتفاضة السكاكين" في سنة 2015، عندما نُفِّذت عمليات طعن فردية بالسكاكين والأسلحة البيضاء، بالإضافة إلى استعمال قليل للأسلحة النارية المصنعة بشكل مرتجل.
  • هذا بعكس الموجة الحالية من العمليات التي تتميز بالتخطيط المسبق والأسلحة الحديثة. وعلى ما يبدو، في عملية بني براك، كان هناك حاجة إلى بنية مساندة تربط ما بين المنفّذ الذي تسلل من شمال الضفة إلى إسرائيل، وما بين المركبة والسلاح. أمّا في عملية الخضيرة، فاستعمل المنفّذان مسدسات للحصول على سلاح أكبر، وكان لديهم ذخيرة كثيرة جداً، بالإضافة إلى سترات واقية من الرصاص. وما منع عملية أوسع بكثير، كان وجود قوة مستعربين مدربة نجحت في تحييدهم، من خلال إصابة مباشرة. وعلى الرغم من التدريبات الكثيرة التي قامت بها أجهزة الأمن للتعامل مع عمليات إطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية في مراكز ذات كثافة سكانية عالية، فإن التوقيت كان مفاجئاً بالنسبة إليهم، على ما يبدو.

المعضلة المركزية

  • في هذه الظروف الاستثنائية، يتوجب على الحكومة الإسرائيلية وأجهزة الأمن العمل في جوّ مشحون من التوترات والقيود. على الصعيد المباشر، كما في موجة العمليات الفدائية قبل 20 عاماً، يتوجب على إسرائيل أخذ زمام المبادرة والقيام بعمليات استباقية مستندة إلى معلومات استخباراتية وقائية لإحباط العمليات والبنى التي تدفع بالإرهاب. كما كان حينها، كذلك اليوم، على إسرائيل أيضاً الاستناد إلى الجدار العازل ما بين "المناطق" وإسرائيل. هذا العائق الذي أرغم، حينها، كل مَن يريد تنفيذ عملية على الالتفاف حول القدس للدخول إلى إسرائيل، ومنح قوات الأمن وقتاً من ذهب، هو الآن مخترَق في أكثر من مكان بشكل يسمح بالدخول إلى إسرائيل بسيارة، حتى في ضوء النهار.
  • المعضلة الأساسية التي ستكون أمام مُتخذي القرار هي بين الرغبة في تهدئة الأمور من خلال منح حرية الصلاة والحفاظ على روتين العمل والحياة للفلسطينيين، وبين الحاجة الأمنية إلى فرض حظر تجول طويل على الفلسطينيين. إطفاء نار الإرهاب في الضفة الغربية من خلال انتشار واسع للقوات هو أمر ضروري، لكنه في الوقت ذاته ينطوي على احتمالات اشتباك واحتكاك عالية جداً. هذا في الوقت الذي تشكل العمليات الانتقامية التي يقوم بها المستوطنون تحدياً إضافياً يجعل الأزمة أكثر تركيباً.
  • أمّا داخل الخط الأخضر، فالأمور أكثر تعقيداً وحساسية. والمعضلة التي تواجهها الشرطة هي بين الحاجة إلى الانتشار بشكل أوسع في المدن، وبين الحاجة إلى علاج موضعي أكثر يحتاج هو الآخر إلى موارد كثيرة في مناطق الإرهاب، وفي الكشف عنها وعن بنى إرهابية. و"غطاء" قوات الشرطة أقصر من أن يكون كافياً للتعامل مع هذه المهام جميعها في ذات الوقت، إلى جانب معالجة التحديات اليومية الكثيرة جداً، ومن ضمنها الإجرام المنظم في المجتمعين العربي واليهودي. ويبدو أن لا مناص من تعزيز الشرطة والتغيير في القوانين - خطوات من شأنها أن تغيّر إمكانيات الشرطة بصورة جذرية، إلى جانب قدرة استخباراتية أقوى بكثير من تلك الموجودة لديها اليوم.
  • وعلى الجبهة السياسية، على حكومة إسرائيل العمل على تعزيز التنسيق والتعاون مع الجبهة الإقليمية: مقابل مصر بهدف احتواء غزة، ومقابل السلطة والأردن بهدف إغلاق الحدود ومنع تهريب السلاح، وفي الأساس بهدف منع التصعيد في الضفة وغزة والأماكن المقدسة.

التغيير يجب أن يكون من الجذور

  • على إسرائيل استغلال العلاقات الوطيدة مع دول الخليج، كما انعكست في "قمة النقب"، بهدف استمرارها في إدانة الإرهاب ودعم خطواتنا لتهدئة الأوضاع. هذا بالإضافة إلى أن "التقارب" في العلاقات مع تركيا مهم، لقدرتها على المطالبة بهدوء واستقرار في القدس، أو على الأقل من أجل عدم قيامها بإشعال الأمور من خلال تصريحات تحريضية. فتجنيد الساحة الدولية لدعم إسرائيل يُعتبر هدفاً لا يقل أهمية، لكنه أيضاً تحدٍّ، وخصوصاً في ظل ظرف يتوجه فيه انتباه العالم كلياً إلى الأزمة الأوكرانية.
  • بعد الأعياد، سيكون على إسرائيل تعزيز معالجة "برميل المتفجرات" الذي نجلس عليه. التحديات الجدية التي علينا التركيز عليها هي: الإجرام المنظّم المسلح، والتهميش المتصاعد لجيل محبَط في المجتمع العربي، والتهميش الخطِر في التجمعات البدوية، ووضع السيادة الخطِر، وانعدام الثقة بمؤسسات الدولة، وضعف السلطة الفلسطينية وانعدام الأفق السياسي.
  • هذه المشاكل الاستراتيجية تحتاج إلى موارد كثيرة في التعليم أولاً، والمجتمع، والأمن، وتطبيق القانون. وترغم الحكومة على العمل بالتنسيق بين قوات الأمن، ومكاتب الحكومة المختلفة، وصولاً إلى المركّبات السياسية، واستغلال وجود حزب عربي معتدل في صفوفها.
  • وفي السطر الأخير، عادت هذه الموجة من العمليات لتوضح لمن احتاج إلى ذلك أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي هو تحدٍّ سياسي - أمني من الدرجة الأولى، ولا يقلّ خطورة عن التهديدات الاستراتيجية، كالنووي الإيراني وتعاظُم قدرات الأعداء في المنطقة. هذا تحدٍّ لن يختفي، حتى لو كانت في إسرائيل حكومة تحاول الحفاظ على الوضع القائم في الجبهة الفلسطينية. لا يوجد حلّ سحري للصراع الطويل مع الفلسطينيين، وصحيح أن دولة إسرائيل لا تستطيع السماح لنفسها بالعودة إلى أيام انتشار الإرهاب في شوارعها. لذلك، خلال انعقاد مؤتمرات إقليمية مقبلة، يجب أن يكون هناك سياسات، ودبلوماسية، وقيادة، ومسؤولية من الدرجة الأولى.