مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
سلاح البحر الإسرائيلي أنهى تدريباً واسعاً لبوارج حربية حاملة للصواريخ والغواصات في البحر الأحمر في إطار مناورات "مركبات النار"
غانتس يتفق مع نظيره الهندي على تطوير العلاقات الأمنية بين إسرائيل والهند
مقتل 4 فلسطينيين من الضفة الغربية برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الـ48 الماضية
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يبدأ زيارة مفاجئة إلى إسرائيل
مقالات وتحليلات
وضع العرب في إسرائيل أمام خيار مستحيل
المسجد الأقصى هو نقطة النهاية بالنسبة إلى الصهيونية
عندما تكون الكرة بين يدي "حماس"
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 3/6/2022
سلاح البحر الإسرائيلي أنهى تدريباً واسعاً لبوارج حربية حاملة للصواريخ والغواصات في البحر الأحمر في إطار مناورات "مركبات النار"

ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن سلاح البحر الإسرائيلي أنهى أمس (الخميس) تدريباً واسعاً لبوارج حربية حاملة للصواريخ والغواصات في البحر الأحمر، بهدف تحقيق تفوُّق بحري في هذا البحر من خلال الحفاظ على حرية بحرية في المنطقة وتوسيع حيز عمليات الذراع العسكرية البحرية.

وأضاف البيان أن هذا التدريب جاء في إطار مناورات "مركبات النار" التي يجريها الجيش الإسرائيلي، والتي من المتوقع أن تنتهي اليوم (الجمعة) وتحاكي عدة سيناريوهات قتال في عمق أراضي العدو.

وقال قائد سلاح البحر الإسرائيلي اللواء دافيد ساعر سلما إن قوة من جنود الذراع البحرية من سرية البوارج الصاروخية وسرية الغواصات عادت أمس من تدريب معقد ومتواصل في البحر الأحمر. وأضاف أن هذا التدريب كان طويل المدى وحاكى سيناريوهات مختلفة، وضمنها تحقيق تفوُّق سلاح البحر في البحر الأحمر.

ويأتي هذا التدريب البحري بعد أيام قليلة من تدريب لسلاح الجو الإسرائيلي في أنحاء البحر المتوسط حاكى هجوماً ضد إيران.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية أجرت تدريباً يحاكي هجوماً في إيران وشمل، من بين أمور أُخرى، تحليق الطائرات لمسافات طويلة في عمق الأراضي الإيرانية وتزوُّد الطائرات الحربية بالوقود في الجو. وأكد الجيش أن هذا التدريب جرى كذلك في إطار مناورات "مركبات النار"، في سياق تسريع جهوزية الجيش الإسرائيلي لاحتمال نشوب حرب متعددة الجبهات، سواء القريبة من إسرائيل، أو البعيدة عنها.

"يديعوت أحرونوت"، 3/6/2022
غانتس يتفق مع نظيره الهندي على تطوير العلاقات الأمنية بين إسرائيل والهند

قال بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية إن وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس، الذي بدأ زيارة رسمية إلى الهند أمس (الخميس)، اتفق مع وزير الدفاع الهندي راجنات سينج على تطوير العلاقات الأمنية بين الدولتين.

وأضاف البيان أن غانتس عقد أيضاً اجتماعاً مع رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي.

ووفقاً للبيان، تأتي زيارة غانتس إلى الهند لإحياء ذكرى مرور 30 عاماً على التعاون الأمني بين البلدين، وسيتم خلالها بحث عدة قضايا، بينها قضايا استراتيجية دولية وقضايا تتعلق بالتعاون العسكري والصناعي، وفي كل ما يتعلق بأبحاث تطوير الأسلحة.

يُشار إلى أن زيارة غانتس إلى الهند أُجِّلت من نهاية شهر آذار/مارس الماضي، بعد أن أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت عزمه على زيارة الهند، وهو ما أدى إلى أزمة علاقات بينهما أسفرت عن تأجيل زيارة بينت إلى موعد لم يُعلن عنه حتى الآن.

"هآرتس"، 3/6/2022
مقتل 4 فلسطينيين من الضفة الغربية برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الـ48 الماضية

قالت مصادر فلسطينية إن الفتى الفلسطيني عودة محمد عودة صدقة (17 عاماً) توفي أمس (الخميس) متأثراً بجروح أصيب بها برصاص جنود إسرائيليين بالقرب من الجدار الفاصل المُقام على أراضي قرية المدية غربي مدينة رام الله، ليرتفع بذلك عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الساعات الـ48 الماضية إلى 4 قتلى.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان صحافي بأن الفتى القتيل وصل إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، وهو مصاب برصاصة في الصدر أطلقها عليه جنود إسرائيليون في قرية المدية، وقالت إن الأطباء حاولوا إنقاذ حياته، لكنه توفي متأثراً بإصابته الحرجة جداً.

وأكد شهود عيان أن الفتى أصيب برصاص دورية للجيش الإسرائيلي بالقرب من الجدار الفاصل، من دون وقوع أي مواجهات في تلك المنطقة، في حين ادّعى الجيش الإسرائيلي أن قواته أطلقت النار على ثلاثة شبان ألقوا زجاجة حارقة على قوة تابعة له.

وكان الشاب أيمن محيسن (29 عاماً) قُتل فجر أمس خلال قيام قوات الجيش الإسرائيلي باقتحام مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين جنوبي بيت لحم وإطلاق النار بصورة عشوائية.

وفي وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، قُتل الشاب بلال عوض توفيق كبها (24 عاماً) وأصيب آخرون خلال مواجهات اندلعت عقب اقتحام قوات الجيش الإسرائيلي بلدة يعبد جنوب غربي مدينة جنين.

وصباح أول أمس (الأربعاء) قتلت قوات الجيش الإسرائيلي الشابة غفران هارون حامد وراسنة (31 عاماً) بالقرب من مخيم العروب في الخليل، بحجة محاولتها تنفيذ عملية طعن استهدفت جنود الجيش.

وبمقتل الفتى عودة، ارتفع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا بنيران قوات الجيش الإسرائيلي منذ بداية سنة 2022 الحالية إلى 70 قتيلاً، بحسب ما أفاد "التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين".

"معاريف"، 3/6/2022
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يبدأ زيارة مفاجئة إلى إسرائيل

وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مساء أمس (الخميس) إلى مطار بن غوريون، في زيارة مفاجئة إلى إسرائيل، من المتوقع أن يلتقي خلالها رئيس الحكومة نفتالي بينت اليوم (الجمعة).

وقالت مصادر مسؤولة في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن لقاء بينت وغروسي يأتي على خلفية تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء فيه أن إيران قريبة من تخصيب كمية اليورانيوم التي تكفي لصنع قنبلة نووية، كما أنها تتهرب من رقابة وأسئلة الوكالة. كما ذكر التقرير أن إيران لا تقدم إجابات موثوق بها بشأن وجود جزيئات من اليورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة في أراضيها.

وأضافت هذه المصادر نفسها أن زيارة غروسي إلى إسرائيل ستكون قصيرة، وهي تندرج ضمن الجهود التي يقوم بها رئيس الحكومة لزيادة الضغط على إيران.

ومن المتوقع أن يلتقي غروسي أيضاً زئيف سنير، رئيس هيئة الطاقة الذرية.

ووصل غروسي إلى إسرائيل قبل أيام قليلة من انعقاد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 6-10 حزيران/يونيو الحالي، ومن المقرر أن يناقش المجلس اقتراحاً لإدانة إيران.

وتعرّضت طهران في الأيام الأخيرة لعدة ضربات كبيرة، منها قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدم شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية الأميركية، والاشتباه في أن تقاريرها المقدمة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاذبة، بالإضافة إلى عمليتي اغتيال مسؤوليْن إيرانييْن نُسبتا إلى إسرائيل.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 3/6/2022
وضع العرب في إسرائيل أمام خيار مستحيل
عوفر دغان - مدير مشارك في جمعية سيكوي - أفق التي تعمل من أجل المساواة والشراكة بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل
  • هذا الأسبوع، وافق الكنيست الإسرائيلي، بالقراءة التمهيدية، على قانون يحظر رفع العلم الفلسطيني فوق مؤسسات تمولها الدولة. المقصود، ليس فقط خطوة مرفوضة أخلاقياً وغير ديمقراطية، بسبب الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات في الاحتفاظ بهويتها الوطنية، بل هي أيضاً خطوة مدمرة بالنسبة إلى فرص قيام مجتمع يتّسم بالشراكة والمساواة، ويمكن أن تزيد في مظاهر الاغتراب والعداء والعنف بين العرب واليهود في إسرائيل.
  • سبقت ذلك حوادث كثيرة، فشهدت الفترة الأخيرة محاولات لقمع الهوية الفلسطينية للعرب في إسرائيل، وأحياناً، منعهم بالقوة الجسدية من رفع أعلام فلسطين في الأراضي المحتلة وداخل حدود الدولة. هذا ما جرى لدى مهاجمة نعش الصحافية شيرين أبو عاقلة الذي كان ملفوفاً بالعلم الفلسطيني، ومهاجمة الطلاب العرب الذين أقاموا اعتصاماً في ذكرى النكبة [في جامعة النقب]ـ وتهديدات عضوي الكنيست، يسرائيل كاتس ويوآف غالنت، بنكبة ثانية. الخطوة التشريعية الأخيرة هي استمرار مباشر وخطِر.
  • نحو خُمس مواطني الدولة هم من العرب، وهم في أغلبيتهم الساحقة، يعتبرون أنفسهم أبناء الشعب الفلسطيني. فمن خلال هويتهم المدنية، هم جزء من دولة إسرائيل، ومن المجتمع الإسرائيلي، ومن خلال هويتهم الوطنية، هم جزء من الشعب الفلسطيني. دولتهم تحتل شعبهم. الخطوة التشريعية الحالية تحاول الضغط عليهم للاختيار بين عنصرين أساسيين في هويتهم.
  • لكن بالإضافة إلى ذلك، فإن قانون حظر رفع العلم الفلسطيني هو خطوة مدمرة لفرص قيام مجتمع شراكة يعتمد على قيم الاحترام والمساواة، ويمكنه الدفع قدماً بتسوية سياسية للنزاع القومي، عندما يحين الوقت. لجنة أور الحكومية التي حققت في أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2000 [التي قُتل فيها 11 مواطناً عربياً في تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة إبان الانتفاضة الثانية] قررت أن على الدولة العمل من أجل إصلاح التمييز الخطِر بين اليهود والعرب، وأن تشجع على اعتراف رسمي بالهوية الجماعية للمواطنين العرب.
  • في الأعوام الأخيرة، وفي ضوء التوجهات الإيجابية إلى تخصيص ميزانيات حكومية للمجتمع العربي أكبر من الماضي، نحن نرى دخولاً أكبر للمواطنين العرب في مجالات كانت في الماضي مخصصة لليهود فقط - في مؤسسات التعليم العالي، ومراكز العمل، والمواصلات العامة، والمستشفيات، والحدائق العامة، وغيرها. ويلتقي العديد من اليهود والعرب يومياً، ويمكن أن يشكل هذا اللقاء قاعدة لبناء مجتمع شراكة، لكن كي يحدث هذا وينجح في خلق تواصُل وشراكة، فإنه يجب أن يعتمد على اعتراف عام ورسمي بالهوية المعقدة للشعبين اللذين يعيشان هنا، وذلك بوحي من توصيات لجنة أور.
  • بدلاً من محاولة إجبار المواطنين العرب على القيام باختيار مستحيل بين هويتيهما، يتعين على الدولة الاعتراف ومنح الشرعية لهويتهم الجماعية – اللغوية والثقافية، وأيضاً القومية. وفي إمكانها فعل ذلك بواسطة تعليم الشراكة في المؤسسات التعليمية، ومن خلال جعل الحيز العام يحترم الهويات المختلفة.
  • يجب على الدولة القيام بخطوات مهمة للاعتراف بالهوية العربية والتطبيع مع كل جوانبها في المجتمع. وإذا سمحت الدولة للمواطنين العرب بأن يكونوا فخورين بهويتهم المدنية - الإسرائيلية، وأيضاً بهويتهم الوطنية - الفلسطينية، فإن هذا الأمر لن يؤدي إلى مجتمع شراكة ومساواة فحسب، بل يمكنه أيضاً تحويل المواطنين العرب إلى لاعبين مهمين في الدفع قدماً بحلٍّ للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.

 

"هآرتس"، 2/6/2022
المسجد الأقصى هو نقطة النهاية بالنسبة إلى الصهيونية
تومر برسيكو - أكاديمي إسرائيلي
  • اللواء في الاحتياط غرشون هكوهين سيكون سعيداً جداً بربط المسجد الأقصى ببدايات الصهيونية. ولكن عندما يعلن في استديوهات القناة 13، بإصرار، أن المسجد الأقصى كان "مصدر إلهام للمشروع الصهيوني"، أو يشرح لشيني ليتمان في "هآرتس" أن ما يقوم به من أجل المسجد الأقصى "يستند إلى ديالكتيك قيادات الحركة العمالية الرائدة، وبصورة خاصة إرث بن غوريون"، فإنه يشارك إحدى الروايات الديماغوجية المزيفة التي يغدقها علينا اليمين مؤخراً.
  • الحقيقة معاكسة كلياً: دافيد بن غوريون لم يكن يريد المسجد الأقصى، وكذلك بقية قيادات الصهيونية. هؤلاء رأوا أن المدينة القديمة برمتها ليست إلّا خزان إشعاعات دينية. أراد بن غوريون التخلص منها، عبر تقسيم المدينة إلى قدس شرقية وقدس غربية، وبعد أن رفض رؤساء الييشوف خطة التقسيم التي طرحتها لجنة بيل (1937)، كتب بن غوريون أن المقصود "كارثة كبرى"، يمكن أن تقسّم الاستيطان اليهودي إلى قبائل، مستقبلاً.
  • "كارثتنا"، تابع بن غوريون في رسالة أرسلها إلى اللجنة المركزية في حزب "مباي" في تموز/يوليو 1937 "انتصرت في القدس التوصية الوطنية، التوصية العقيمة والغبية، على التوصية الرسمية المتوازنة. والقدس اليوم 'موحدة' تحت سلطة النشاشيبي والخالديين، لأنه كان هناك حاجة إلى السيطرة على 'جبل الهيكل' [الحرم القدسي الشريف]، وعلى 'مسجد عمر'."
  • يسخر بن غوريون، بوضوح، من الرغبة في السيطرة على المسجد الأقصى، ويرى أن عدم تقسيم المدينة، المستند إلى توصيات تافهة، كارثة ستبقى على مرّ الدهور. أما حججه فكانت: "قدس يهودية، متحررة من الشراكة المقيدة مع الأفندي العربي والموظف البريطاني، مفصولة عن البلدة القديمة التي لا معنى لها، إلاّ بتحوُّلها إلى متحف ثقافي ديني لجميع الديانات، ومعزولة عن الأحياء العربية التي تبتلع جنودنا - يمكنها أن تحفّز قدرتنا الإبداعية الحضرية، وأن تتركز فيها أموالنا وذواتنا."
  • أراد بن غوريون في رؤيته أن يرى يشوفاً يهودياً حديثاً ومتطوراً، يقوم على مجتمع ديناميكي حديث ديمقراطي واشتراكي. وأدرك أن ابتلاع المجتمع العربي الكبير سيقوّض السيادة اليهودية، كما أن الارتباط بالبلدة القديمة مع قيمتها الدينية، سينزع عن المشروع الصهيوني - العلماني علمانيته وقوته. السيطرة على المسجد الأقصى ستوقظ من غياهب التاريخ الشوق القديم إلى الكهنة والأضاحي، الذين كانوا بالنسبة إليه النقيض التام لليهودية العلمانية، والـ"عبرية" التي ميزت الييشوف العبري الريادي. البلدة القديمة، بحسبه، يجب أن تتحول إلى متحف.
  • دعم بن غوريون الإبقاء على القدس القديمة "تحت حكم دولي حتى النهاية"، كما قال حينها. شاركه وجهة النظر هذه أيضاً الرئيس الأول حاييم فايتسمان الذي قال في سنة 1937: "لم أكن لآخذ البلدة القديمة، حتى لو قدموها لي هدية." والمعروفة أيضاً في ردة فعل موشيه ديان، عندما قال، وهو ينظر إلى البلدة القديمة في بدايات حرب الأيام الستة: ما حاجتنا إلى كل هذا الفاتيكان؟" وعملياً، يصف هرتسل البلدة القديمة في كتاب "دولة اليهود" بأنها مركز مؤتمرات دولي.
  • الحديث هنا لا يدور حول مشاعر سطحية ضد الدين، إنما عن معرفة بأن البلدة القديمة، كمركز ديني، تنطوي في داخلها على إلغاء الصهيونية كما رآها الذين صاغوها. الحركة الصهيونية أرادت خلق اليهودي الجديد، اليهودي القومي العلماني الذي يرتبط بالماضي من خلال أبطال جيش الشعب من جهة (الملك سليمان، الحشمونائيم، بار كوخبا)، ومن جهة أُخرى، بالأنبياء ورؤاهم بمجتمع عادل يلبّي حاجات الفقراء من خلال قيام مجتمع نموذجي في دولة الرفاه الاشتراكية.
  • لقد فهموا جيداً أن المسجد الأقصى بصورة خاصة هو نقطة النهاية بالنسبة إلى الصهيونية، المكان المحدد الذي ستنقلب فيه الصهيونية على أبنائها، وتتحول من حركة علمانية قومية إلى حركة دينية مسيانية. ويجب أن نتذكر أن الهيكل، ليس فقط رجالاً بقمصان بيضاء يذبحون بقرة ويحرقونها، إنما هم كهنة وملك أيضاً. وهذا قبل الحديث عن المسجد الأقصى.
  • هذا أيضاً ما فهمته جيداً حركتا "المزراحي" و"المفدال". فحتى بدايات القرن الحالي، كان هناك إجماع مطلق تقريباً في أوساط حاخامات الصهيونية- الدينية على أن الدخول إلى المسجد الأقصى ممنوع، وكان دخول الزائرين الذين يراعون الفرائض ضئيلاً. نشهد في الأعوام الأخيرة تغييراً ثورياً في النظرة الدينية والفقهية إلى حرم المسجد الأقصى: بدلاً من التمسك بالامتناع من الدخول، تُعطى أذونات من الحاخامات المركزيين؛ وبدلاً من الإبقاء على الهيكل لأيام المخلص، هناك حديث مباشر عن بناء قريب للهيكل على يد دولة إسرائيل.
  • كما لم يكن الاستيطان يوماً خطة بديلة من الصهيونية، إنما اختراق تحت البراغماتية الحذرة والاستعداد لتقديم تنازلات على يد قيادات الحركة في الماضي، وتقلص احتمال بقاء الدولة اليهودية والديمقراطية مع كل يوم يمرّ، وكل مستوطن يُضاف، هكذا أيضاً، فإن "السيادة" الحالية في المسجد الأقصى ليست جزءاً من "توجُّه استراتيجي يتزامن مع منظومة التوترات"، كما قال غرشون هكوهين، إنما هو انجراف قومي عديم المسؤولية يزعزع أساسات الدولة.
  • إن مجرد القول: الحوض المقدس في يد دولة إسرائيل سيجعل يقظة الحنين إلى الحرم القدسي أمراً لا يمكن منعه. بن غوريون استطاع رؤية هذا. علاوة على ذلك، لا يمكن، ومن غير العادل إنكار العلاقة التاريخية والحساسة بين الحرم وبين شعب إسرائيل. السؤال المطروح أمامنا اليوم، هو كيفية الموازنة ما بين رغبة اليهود الصادقة في زيارة الحرم والصلاة فيه، وبين الحاجات الجيوسياسية الواقعية والوجودية بالنسبة إلى إسرائيل. لكن الطريق إلى هذا التوازن لا تمرّ عبر إعادة كتابة تاريخ الصهيونية.
  • نحن في فترة جديدة، ويجب اتخاذ قرارات صعبة للحؤول دون تخريب الصهيونية من خلال السيطرة على المسجد الأقصى، كما تخوف بن غوريون؛ يجب على الحكومة أن تقف أمام النشطاء الذين غطوا عيونهم وأطلقوا ألسنتهم، من أمثال هكوهين وأصدقائه، والالتزام بالقانون وصوغ استراتيجيا واضحة.

 

"معهد القدس للشؤون العامة والسياسة"، 2/6/2022
عندما تكون الكرة بين يدي "حماس"
يوني بن مناحيم - محلل عسكري
  • يسود القدس الشرقية غضب شديد إزاء حركة "حماس"، بعد انتهاء أحداث "يوم القدس" ومسيرة الأعلام. الجمهور الفلسطيني في القدس الشرقية يشعر بأن "حماس" لم تفِ بوعودها حيال سكان القدس الشرقية في نضالهم ضد مسيرة الأعلام، على الرغم من أنها شنّت حملة كبيرة قبل أسبوعين، بواسطة وسائل إعلامها ووسائل التواصل الاجتماعي، ووعدت بإحباط مسيرة الأعلام بكل الوسائل.
  • ويتساءل سكان القدس الشرقية: "أين محمد ضيف؟ ولماذا لا يساعدنا سكان الضفة الغربية؟ صحيح أن سكان القدس الشرقية هم خط الدفاع الأول عن القدس وعن المسجد الأقصى، لكنهم لا يستطيعون القيام بالعمل وحدهم."
  • الإحساس بالإحباط والفشل سيطر أيضاً على الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، الذين كانوا واثقين بأنهم سيسمعون صفارات الإنذار مساء يوم الأحد، ويرون سكان إسرائيل يهرعون إلى الملاجىء والأماكن الآمنة جرّاء تساقُط الصواريخ عليهم من قطاع غزة، ومن الجنوب اللبناني، لكن ذلك لم يحدث.
  • ... إسرائيل حققت انتصاراً في المعركة على الوعي، الدائرة بينها وبين "حماس"، خلال يوم القدس، فقد استعدت جيداً للحدث واستخدمت قدرات القوى الأمنية إلى حدّها الأقصى. تعترف مصادر في "حماس" بأن ما جرى هو "انتصار إعلامي لا أكثر".
  • لقد أقسمت "حماس" على المحافظة على الإنجازات والمعادلات التي وضعتها خلال عملية "سيف القدس"، لكن ثبت عملياً أنها غير قادرة على الوفاء بوعودها. لذلك نجحت في خلق حملة ضبابية مُحكمة والحفاظ على الغموض بشأن نياتها، وحتى اللحظة الأخيرة، لم يكن واضحاً كيف سترد على مسيرة الأعلام في القدس، وهل ستطلق صواريخ من قطاع غزة، أو من الجنوب اللبناني؟
  • مصادر في "حماس" تقول إن قرار الحركة ضبط النفس واحتواء مسيرة الأعلام اتُّخذ قبل أسبوعين، والذي اتخذه هو مجلس الشورى، لكن قيادة الحركة قررت الإبقاء عليه سراً لاستنزاف قوة إسرائيل.

"ضبط النفس هو قوة أيضاً"

  • شرحت حركة "حماس" ضبط النفس حيال مسيرة الأعلام هذا العام وزيارة اليهود إلى حرم المسجد الأقصى بأنه ناجم عن اعتبارات خاصة بالحركة، وأنها ستردّ في التوقيت الصحيح، وبصورة مناسبة لها. وذكرت أطراف في الحركة أن هناك فارقاً جوهرياً بين أحداث هذا العام في "يوم القدس" وبين الأحداث التي وقعت في اليوم عينه من العام الماضي. إذ كان مطروحاً إخلاء عدد من العائلات من حي الشيخ جرّاح، وكانت القدس الشرقية تغلي في شهر رمضان، وتشهد مناوشات يومية بين الشرطة وبين الشبان الفلسطينيين في بوابة نابلس.
  • هناك عدة تفسيرات لامتناع حركة "حماس" من إطلاق الصواريخ على إسرائيل في يوم القدس:
  • الرغبة في استمرار عملية إعادة إعمار القطاع جرّاء الأضرار التي لحقت به بعد الحرب الأخيرة والتقدم البطيء في المساعدة المصرية ومساعدة الأونروا.
  • لم تنهِ الحركة بعد استعداداتها العسكرية من أجل الدخول في جولة قتال جديدة ضد إسرائيل، وهي لم ترمم شبكة الأنفاق التي تضررت في عملية "حارس الأسوار"، ولم تستكمل بناء مخزونها الصاروخي.
  • التخوف من رد إسرائيلي ضخم يشمل عودة سياسة الاغتيالات، فقد نقلت إسرائيل سلسلة رسائل تحذيرية إلى الحركة، قبيل يوم القدس، بواسطة المصريين والقطريين والأمم المتحدة، بأنها ستردّ بعنف على أي تصعيد من قطاع غزة. وكانت الرسالة واضحة بأنها ستوقف تحويل المساعدة المالية القطرية الشهرية، وستمنع دخول آلاف العمال من القطاع للعمل في إسرائيل، وستوقف المشاريع الإنسانية.
  • الضغط الكبير من مصر على "حماس"، والتهديد بأن أي تصعيد من جانبها سيؤدي إلى وقف الأعمال المصرية في إعادة بناء القطاع والتسهيلات المقدمة إلى سكانه على معبر رفح.
  • عدم القدرة على مفاجأة إسرائيل كما فعلت في عملية "سيف القدس"، فالجيش الإسرائيلي كان مستعداً للمعركة، وكل وحداته كانت في حالة تأهُّب في إطار التمرين الذي تجريه هيئة الأركان العامة "مركبات النار".
  • في أعقاب الانتقادات القاسية في الشارع الفلسطيني ضد "حماس"، بدأ كبار المسؤولين في الحركة بتوجيه المحللين العرب ونقل رسائل بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي، لتبرير قرار عدم إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ويمكن الإشارة إلى عدد من التبريرات لتفسير القرار:
  • يجب الثقة بقيادة "المقاومة" التي لديها منطق وخبرة كبيرة، وتعرف كيف تواجه العدو.
  • "حماس" أجبرت إسرائيل على تعبئة كل قواتها الأمنية، قبيل يوم القدس، واستنزفتها.
  • لم تنجر "حماس" إلى الفخ الذي نصبته إسرائيل التي أرادت جرّها إلى حرب دموية تؤدي إلى تدمير إنجازات العام الماضي.
  • قطاع غزة لم يتعافَ بعد من حرب العام الماضي.
  • لم تقل "حماس" بعد كلمتها الأخيرة، ومعادلة "غزة - القدس" لا تزال قائمة.
  • "حماس" ليست دولة كبرى، ولا يزال جيشها في طور البناء، وهي بحاجة إلى مساعدة إضافية للانتصار على إسرائيل.

الاختبار المقبل هو في "ذكرى النكسة"

  • تقول مصادر في "حماس" أنه لا يوجد وقت متأخر للرد، ونشرت الحركة بياناً تقول فيه إنها "لن تتسامح مع ما جرى خلال يوم القدس والخطوات التي اتخذتها إسرائيل ضد الفلسطينيين."
  • هذه المرة، تخطط "حماس" لردّها بحذر، وفي الأفق القريب هناك ذكرى "يوم النكسة"، تاريخ نشوب حرب الأيام الستة في 5 حزيران/يونيو 1967...
  • سيكون من الصعب على "حماس" أن تقف مكتوفة الأيدي في ذلك اليوم، ويمكن أن تتحرك في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وأن تتخذ خطوات ضد إسرائيل، بينها إطلاق صواريخ.
  • اليوم، الكرة في ملعب "حماس" التي ستضطر إلى اتخاذ قرارات بشأن كيفية التصرف في موضوع القدس في الأيام المقبلة، مع وجود أصوات في الشارع الفلسطيني تدّعي أنه إذا لم تتحرك "حماس"، فقد تخسر ثقة الجمهور الفلسطيني بها، وستختفي كل إنجازاتها.