مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
اجتمع رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد بزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو أمس لاطلاعه على تقدُّم الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي. وشارك في الاجتماع الذي استمر ساعة السكرتير العسكري للحكومة اللواء آفي جيل.
وكان مكتب رئيس الحكومة أصدر في بداية الاجتماع بياناً جاء فيه أن لبيد سيضع نتنياهو في مستجدات التقدم نحو الاتفاق والتحركات السياسية والأمنية التي تقودها إسرائيل للتأثير في الموضوع، كما سيجري بحث مسائل أمنية أُخرى.
بعد الاجتماع، صرّح نتنياهو: "بعد وضعي في صورة المستجدات، خرجت أكثر قلقاً. ندعم أي موقف علني صارم ضد الاتفاق النووي. ومع الأسف، لم أرَ مثل هذا الموقف، ويبدو أن لبيد وغانتس تقاعسا عن القيام بواجبهما. إدارة بايدن تركض نحو ما سمّاه رئيس الموساد، عن حق، "كارثة"، وهما لا يفعلان شيئاً"، وعلى الرغم من ذلك، فإن نتنياهو أشار إلى أن المحادثة كانت مهمة.
وكان نتنياهو أصدر بياناً اتهم فيه لبيد وغانتس بأنهما أهملا الصراع ضد الاتفاق النووي مع إيران، وقال: "طوال 12 عاماً، حاربت هذا الاتفاق بإصرار، ودفعنا الولايات المتحدة إلى الانسحاب منه. خلال السنة الوحيدة التي أمضياها في السلطة، تقاعسا عن القيام بواجبهما وسمحا للولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاق نووي يعرّض مستقبلنا للخطر. وهما لم يفعلا شيئاً للضغط على الإدارة الأميركية كي لا توقّع هذا الاتفاق."
وردّ لبيد على نتنياهو قائلاً: "عندما كان رئيساً للحكومة، كل ما فعله في المسألة الإيرانية هو مؤتمرات صحافية وعروض. إن الضرر الاستراتيجي الذي تسبب به خلال ولايته لقضيتين استراتيجيتين شديدتي الأهمية بالنسبة إلى إسرائيل - محاربة البرنامج النووي الإيراني والعلاقات مع الولايات المتحدة.- كان خطِراً وعميقاً، ونحن ما زلنا بصدد إصلاحه."
شهد صباح اليوم تبادُل إطلاق نار في قرية الرجيب بالقرب من نابلس خلال محاولة الجيش الإسرائيلي توقيف مطلوبَين اثنين بعملية إطلاق نار على سيارة أمنية في مستوطنة شفي شومرون في يوم الجمعة الماضية. وحاصر الجيش المنزل الذي كان يتواجد فيه المطلوبان اللذان قاما بتسليم نفسيهما بعد إطلاق النار.
قبل ذلك، أصيب إسرائيليان بجروح عندما كانا في طريقهما للصلاة في قبر يوسف في نابلس، وقام الجيش الإسرائيلي بإنقاذهما. وكان خمسة مصلّين من اليهود حاولوا خلال الليل الذهاب بسيارتهم الخاصة إلى نابلس للصلاة في قبر يوسف، من دون التنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وتعرضوا لإطلاق النار من مسلحين، فعمل الجيش الإسرائيلي على إجلائهم، بعد إصابة اثنين منهم بجروح.
طلبت الإدارة الأميركية من السلطة الفلسطينية عدم الدفع قدماً بالتصويت على قرار قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وحذرّت من أنها في مثل هذه الحالة، ستضع الفيتو على القرار.
وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت قبل أسابيع أنها استأنفت جهودها للقبول بها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وستطرح الموضوع على التصويت في مجلس الأمن خلال انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر.
ويسعى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لاستخدام هذه الخطوة من أجل إعادة موضوع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى جدول الأعمال الدولي، وخرق الحائط المسدود الذي وصلت إليه عملية السلام. بيْد أن الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة تخدم أيضاً أهدافاً داخلية، وهي جزء من مسعى أبو مازن والسلطة لتحسين شعبيتهما وسط الرأي العام في الضفة الغربية وغزة، ومحاولة للحصول على إنجازات من الولايات المتحدة وأوروبا، مقابل سحب الموضوع من جدول الأعمال.
وكان السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور أجرى في الأسابيع الماضية اتصالات بالدول الأعضاء في مجلس الأمن بشأن احتمال قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. كما بحث الفلسطينيون الموضوع مع مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية، الذين عبّروا عن تحفّظهم الشديد عن مثل هذه الخطوة لأنها، في رأيهم، لن توصلهم إلى أي مكان من الناحيتين السياسية والعملية، وحذروهم من أن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو إذا طُرح الموضوع على التصويت.
ومن المنتظر أن يزور المسؤول الأميركي عن الملف الفلسطيني هادي عمرو إسرائيل والسلطة الفلسطينية غداً، وسيلتقي كبار المسؤولين الإسرائيليين، كما سيجتمع بأبو مازن ومستشاريه، وستكون الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة من بين الموضوعات المركزية التي سيجري بحثها في المحادثات في رام الله.
قبل أقل من أسبوع على إحياء ذكرى مرور 50 عاماً على مقتل 11 إسرائيلياً من الوفد الإسرائيلي إلى الألعاب الأولمبية في ميونيخ، وبعد صراعات طويلة بين عائلات القتلى وألمانيا، يبدو أنه جرى التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.
فبعد الاقتراح الألماني بدفع 6.8 ملايين يورو لكل العائلات، قدم الألمان اقتراحاً بدفع 1.6 مليون شيكل لكل عائلة، أي ما يساوي 483 ألف يورو مقابل 200 ألف يورو في الاقتراح السابق. ويبلغ عدد العائلات 23 عائلة، ويصل مجموع المبلغ إلى 11 مليون يورو.
وكانت عائلات القتلى أعلنت سابقاً أنها لن تحضر إحياء الذكرى الخمسين في ميونيخ بسبب الخلاف مع الألمان على التعويضات، لكنها الآن تراجعت عن قرارها، ويبدو أنها ستحضر الذكرى التي يُعد لها الألمان منذ أكثر من عامين، ومن المنتظر أن يحضرها رئيسا البلدين.
مع الموافقة على الاقتراح الألماني، تنتهي القصة البشعة التي كانت دائرة بين الحكومة الألمانية وبين عائلات القتلى، والتي استمرت أعواماً طويلة. وكان سبق للعائلات أن طالبت الألمان بالاعتراف بمسؤوليتهم عما جرى والاطلاع على محاضر التحقيقات، ولهذه الغاية، شكلت طاقماً إسرائيلياً - ألمانياً من المؤرخين قام بالتحقيق في الحادث. وبقي الخلاف الأخير بين الطرفين له علاقة بالتعويضات المالية، وهذا ما جرى التوصل إلى حلّه مؤخراً.
- عشرات الآلاف من المواطنين البدو الذين يحق لهم الاقتراع، سيكونون غير قادرين على ممارسة حقهم الديمقراطي لأنه، ببساطة، الصناديق بعيدة جداً. الرسالة التي ترسلها إسرائيل إلى البدو واضحة: لا تقترعوا. لا يمكن اعتبار المشكلة مسألة تقنية خالصة. ويتعين على كل إسرائيلي أن يسأل نفسه: هل كان سيصوت إذا طُلب منه السير عشرات الكيلومترات من أجل ذلك؟
- بالاستناد إلى أرقام وزارة الداخلية، يقطن قرابة 82 ألف بدوي في بلدات غير معترَف بها. ونظراً إلى عدم وجود تسجيل دقيق لمكان إقامتهم، جرى توزيعهم على الصناديق من دون الأخذ في الحسبان توزُّعهم الجغرافي. فأُرسلوا إلى الاقتراع في صناديق مستقلة تسمى "صناديق عشائرية". وكانت النتيجة المؤسفة أن البدو الذين يرغبون في المشاركة في الانتخابات مضطرون إلى الاقتراع في صناديق تبعد مسافة 65 كيلومتراً عن مكان سكنهم.
- وعلى سبيل المثال، بدوي يسكن في قرية عبدة غير المعترَف بها، مضطر إلى اجتياز مسافة 30 كيلومتراً إلى القرية القريبة المعترَف بها، بير هداج. وهذا ليس شيئاً مقارنةً بأحد سكان قرية قريبة من سديه بوكير، المضطر إلى قطع مسافة 55 كيلومتراً للاقتراع في شقيب السلام، القريبة من بئر السبع. العديد من هذه الكيلومترات يمر في طرق غير معبّدة. جهود إسرائيل في إقصاء البدو عن صناديق الاقتراع نجحت: معدلات التصويت في القرى البدوية منخفضة، مقارنةً بالمعدل الوطني، وتتراوح بين 27.5% و42.6%.
- في الأسبوع الماضي، رفضت اللجنة المركزية للانتخابات التماساً بزيادة صناديق في مراكز خدماتية ومبانٍ عامة في القرى غير المعترَف بها في النقب. وبرّر رئيس اللجنة قاضي المحكمة العليا يتسحاق عميت قراره عدم زيادة الصناديق بعدم وجود أرقام دقيقة لدى الدولة تتعلق بأماكن سكن القاطنين في هذه القرى، غير المسجلين في السجلات.
- بالنسبة إلى عميت، التصويت "العشوائي" ممكن فقط في مغلفات مزدوجة، لكن لجنة الانتخابات غير مخولة السماح بهذا التصويت لمن لا يذكرهم القانون صراحة، وبذلك، لا تستطيع السماح للبدو بالتصويت بهذه الطريقة. ما يجري هو تعقيد بيروقراطي مقصود. عندما يُطلب من دولة إسرائيل توفير صناديق اقتراع لمواطنيها اليهود، فإنها تفعل ذلك من دون صعوبة. على سبيل المثال، تصويت الجنود والمرضى في المستشفيات والمسجونين. لكن عندما يكون المقصود البدو، تنقصها الأفكار والتكنولوجيا.
- وأضاف القاضي عميت أنه ينوي الطلب من رئيس اللجنة الإقليمية في بئر السبع فحص ما إذا كان ممكناً تقديم مساعدة في عمليات الانتقال من المراكز السكانية إلى صناديق الاقتراع. نأمل أن يجري ذلك في أقرب وقت ممكن. وفي جميع الأحوال، يتعين على دولة إسرائيل وضع صناديق اقتراع قريبة، والسماح بالاقتراع "بمغلفات مزدوجة". إن المسّ بقدرة المواطنين على ممارسة حقهم في التصويت هو بمثابة ضربة قاتلة للديمقراطية.
- وصف رئيس الموساد ديفيد برنيع الاتفاق النووي الآخذ في التبلور بين الولايات المتحدة وإيران بالخلل الاستراتيجي. هو محق، لكن ليس بالمعنى التبسيطي الذي يتعامل به المعلقون والسياسيون وواضعو السياسات مع التهديد الذي تشكله طهران. يجب وضع الحقيقة البسيطة على الطاولة: تهديد إيران نووية غير ناجم عن إمكانية شن هجوم نووي على إسرائيل. التخوف مفهوم، لكن الهستيريا لا لزوم لها. هذا السيناريو ليس معقولاً لأن لا قيامة من بعده، أيضاً بالنسبة إلى إيران، وهذا تعرفه طهران جيداً.
- الخطر النووي الإيراني ناجم بصورة أقل عن السلاح النووي بحد ذاته بقدر ما هو ناجم عن آثاره الجانبية. تمثل إيران فكرة وجدول أعمال مختلفاً في الشرق الأوسط، يقوم كله على المقاومة، ويهدف إلى زعزعة الوضع القائم. ولجدول الأعمال هذا شركاء وأطراف أُخرى، أغلبيتها قريبة من حدود إسرائيل، مثل حزب الله و"حماس" والجهاد الإسلامي.
- المغزى الضمني لواقع إيران نووية، أو دولة على عتبة النووي، هو التغيير في قوة الصراع العام الدائر في الشرق الأوسط، بين معسكر المقاومة (الذي يعرّف نفسه بمصطلحات أيديولوجية متشددة) وبين المعسكر المنافس له (الذي يعرّف نفسه بواسطة مفاهيم اقتصادية). ضمن هذا الإطار، ستتوسع قدرة إيران على منح مظلة حديدية استراتيجية لشركائها الذين سيشعرون بأنهم قادرون على العمل ضمن ظروف جديدة، لأن زعيمهم يملك قدرات نووية.
- لكن هذا لا يلخص الصورة كلها، لأن قدرات عسكرية نووية أو غيرها ليست كافية وحدها لتغيير قواعد اللعبة بصورة مطلقة. والمثال على ذلك كوريا الشمالية: فهي دولة لديها قدرة نووية، لكن ظروف العزلة الدولية المفروضة عليها، ووضعها الاقتصادي البائس، يجعلانها كياناً مخيفاً على الورق، وهي عملياً لا تملك قدرة حقيقية على الإيذاء. كي تصبح كوريا الشمالية دولة كبرى فعلاً تملك إمكانية التأثير في سياسة واستراتيجية جنوب شرق آسيا، المطلوب التزامن بين قدرة عسكرية وبين قدرة اقتصادية وتكنولوجية لا تملكها اليوم بسبب عزلتها.
- وبعكس كوريا الشمالية، فإن الاتفاق الآخذ في التبلور مع إيران سيسمح لها بإزالة نظام العقوبات عنها والوصول بسرعة إلى التزامن بين قدرات على عتبة النووي العسكري وبين قدرات أُخرى تمنح طهران مجدداً مكانتها كدولة إقليمية كبرى. وهذه قصة مختلفة جداً بالنسبة إلى إسرائيل وشركائها في المنطقة.
- هناك انطباع بأن هذا الأمر فهمه جيداً الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي على الرغم من الازدراء العام حياله، فإنه كان لديه نظرة إلى الشرق الأوسط أكثر دقة من المعلقين المستهزئين به. خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي كان الطريقة الوحيدة لوقف الربط الذي تسعى له إيران، بين قدرات على عتبة النووي وبين قوة اقتصادية ومكانة دولة كبرى. لقد أدرك ترامب أنه حتى ولو حصلت إيران على سلاح نووي، فإن الحرص على أن تظل دولة فقيرة معزولة ومستبعَدة مثل نموذج كوريا الشمالية سيحيّد، على الأقل جزئياً، التهديد المحتمل الذي تمثله.
- الاتفاق الذي يجري العمل عليه الآن سيفعل العكس. سيسمح لإيران بربط القطب السلبي بالقطب الإيجابي في البطارية لإنشاء تآزر قوي. وهذه الأخبار سيئة بالنسبة إلى إسرائيل، التي تعتمد مكانتها الإقليمية ومنظومة علاقاتها مع الدول الغنية في المنطقة على قدرتها على تأمين "السلعة"، وستجد نفسها بعد بضعة أعوام، وتحت الاتفاق النووي الجديد، لم تعد تملك حق الحصرية. في مثل هذا الواقع، ستزداد قدرة إيران على إحداث تغيير استراتيجي في المنطقة، بواسطة مكانتها العسكرية والاقتصادية وتقويض أسس" اتفاقات أبراهام" التي تشكل أساساً للجدار الحديدي السياسي - الإقليمي في مواجهة طهران.
- خلال الأشهر الأخيرة، بدأت تتحقق التوقعات بشأن التراجع في الاقتصاد العالمي، كما تجلت في معطيات الماكرو - اقتصادية التي تم نشرها في العالم، وبصورة خاصة في الولايات المتحدة والصين. فاقتصاد الولايات المتحدة سجّل نمواً سلبياً للربع الثاني من سنة 2022 على التوالي. أمّا الناتج القومي فتقلص بنسبة 1.6% خلال الربع الأول من العام الحالي، و0.9% خلال الربع الثاني من العام ذاته. وفي الصين، تم تسجيل نمو إيجابي في الربع الثاني بنسبة 0.4% فقط، بالمقارنة مع توقعات كانت تشير إلى نمو بنسبة واحد بالمئة. معطيات شهر تموز/يوليو تلقي الضوء على الربع الثالث، وتؤشر إلى تراجُع في الاقتصاد الثاني عالمياً. فمعطيات الإنتاج الصناعي ارتفعت في تموز/يوليو 3.8%، مقابل توقعات وصلت إلى 4.6%؛ البيع بالجملة ارتفع بنسبة 2.7% فقط، مقابل توقعات بارتفاع بنسبة 5%. وكردٍّ على ذلك، اتخذ البنك المركزي الصيني خطوة مفاجئة تتعارض مع التوجه العالمي وخفض سعر الفائدة إلى 3.65%.
- المؤسسات الاقتصادية العالمية لم تقف على الحياد أمام هذه المعطيات، وقامت، الواحدة تلو الأُخرى، بخفض التوقعات العالمية بخصوص النمو. البنك الدولي قلّص التوقعات بخصوص النمو إلى 2.9%، مقابل توقعات سابقة كانت بنسبة 4.1%؛ صندوق النقد الدولي قام هو الآخر بتقليص توقعاته، من 4.9% إلى 3.2%؛ أمّا منظمة دول OECD، فقلصت توقعات النمو، من نسبة 4.5% إلى 3%. وفي أوساط هذه المؤسسات الثلاث، هناك إجماع على أن التوقعات من الممكن أن يتم تحديثها من جديد باتجاه الأسفل خلال الأشهر القريبة، وهناك خوف من ركود اقتصادي مستمر.
- لهذه المعطيات ثلاثة مسببات مركزية، يقوي الواحد منها الآخر ويؤدي إلى مسببات أُخرى:
- التضخم المالي: عودة التضخم المالي إلى العناوين، بعد غياب دام 40 عاماً، هي النتيجة المتوقعة لسياسات مالية ونقدية موسعة تم اتخاذها في أعقاب أزمة كورونا. لكن، على الرغم من إعلان البنوك المركزية في البداية أن التضخم هو ظاهرة جانبية موقتة فقط، فإنه تبين في سنة 2022 أن الظاهرة لم تتبدد، وهي أعلى من المتوقع، وتؤثر في أغلبية دول العالم.
القلق الأساسي لدى السياسيين ومتّخذي القرارات يتعلق بالخطوات المطلوبة بهدف كبح التضخم العالي، الذي يحدّ من قدرة النشاطات الاقتصادية في السوق. البنك المركزي في الولايات المتحدة رفع سعر الفائدة من صفر في بداية العام إلى 2.5% (حتى آب/أغسطس). وفي بريطانيا، رُفعت الفائدة 5 مرات منذ بداية العام، ووصلت الآن إلى 1.75%. هناك خبراء يشيرون الآن إلى أن هذه الخطوات ليست قوية بما فيه الكفاية، ويمكن أن تقود إلى تضخُّم ممزوج بنمو بطيء (أو سلبي حتى)، وبطالة عالية. في رأيهم، يجب رفع الفائدة بصورة أكثر دراماتيكية لكبح التضخم.
- الحرب الروسية - الأوكرانية: للحرب تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد، بالأساس بسبب التخوف من توسُّع الحرب إلى مناطق أُخرى. العقوبات الاقتصادية على الاقتصاد رقم 11 في العالم تضر بالاقتصاد الروسي، وستُلحق به المزيد من الضرر، كما تؤثر في بقية دول العالم. تقليص التصدير الروسي للغاز والنفط أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الطاقة في العالم. ودول الاتحاد الأوروبي، التي تعتمد على الغاز الروسي، هي المتضرر الأساسي. كذلك أسعار المواد الزراعية ارتفعت بصورة دراماتيكية جراء دور روسيا وأوكرانيا المركزي في تصدير المواد الزراعية (ثلث كمية القمح المصدّرة عالمياً). هذا بالإضافة إلى أن عدم وجود حل قريب للنزاع، وامتداده إلى فترة الشتاء القريب، يزيد في المخاوف من أن الأسوأ لا يزال أمامنا.
- سلسلة التوريد: الأزمة في سلسلة التوريد، النابعة من عدم وجود توازن ما بين العرض والطلب، والتي أدت إليها أزمة كورونا، مستمرة خلال سنة 2022، إلى جانب استمرار الوباء. سياسة "صفر كورونا" التي تبنّتها الحكومة الصينية أدت إلى سلسلة من الإغلاقات في مناطق مختلفة من الدولة، وضمنها شنغهاي، القلب الاقتصادي للصين، وهو ما أثقل على سلسلة التوريد التي لم تعد إلى التوازن أصلاً. أزمة المناخ التي تصعّب نقل البضائع، وكذلك الحرب في أوكرانيا أيضاً. هذه الأزمة تؤدي إلى تقليص عرض البضائع والمواد المطلوبة للصناعات في المدى القصير، وبذلك تؤدي إلى ارتفاع في الأسعار وتقليص في الانتاج والنمو الاقتصادي.
- هذه العوامل حولت عدم الوضوح إلى مكون مركزي في المناخ الاقتصادي الحالي، وتضر بالرفاهية الاقتصادية للمواطنين في أغلبية دول العالم. وتبرز بصورة خاصة في الانخفاض في توقعات النمو للاقتصادات الكبيرة.
التداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي
- بالمقارنة مع بقية دول العالم، تبدو إسرائيل مستقرة بشكل ملحوظ. التوقعات بخصوص التضخم في إسرائيل لسنة 2022 هي 4% فقط. ونسبةً إلى دول أُخرى، النمو الاقتصادي الإسرائيلي لا يزال ثابتاً بنسبة عالية، تقريباً 5%. هذا الأداء أدى إلى الكثير من الإطراء من المنظمات الاقتصادية العالمية، التي تشير إلى أهمية الصناعات التكنولوجية الدقيقة ودورها في التصدير والاستثمارات الأجنبية في إسرائيل.
- هذا الإطراء يتماشى مع المعطيات المتفائلة نسبياً التي نشرها بنك إسرائيل ووزارة المالية. فيتوقع بنك إسرائيل نمواً بنسبة 5% في نهاية العام، وبحسب التوقعات الاقتصادية الرئيسية في وزارة المالية، سيكون هناك نمو بنسبة 4.9%. بما معناه، وتيرة نمو عالية بالمقارنة مع العالم عموماً، والدول المتطورة خصوصاً. معطيات الربع الثاني من سنة 2022 أشارت إلى نمو عالٍ بنسبة 6.8%. معطيات إضافية تشير إلى صلابة الاقتصاد الإسرائيلي في النصف الأول من العام الحالي في ظل عدم الوضوح العالمي. أما نسبة البطالة فهي 3.4% فقط، وعادت إلى مستواها ما قبل أزمة كورونا؛ وبحسب اللجنة المركزية للإحصاء، فإن تصدير البضائع من إسرائيل ارتفع بشكل حاد نسبةً إلى الفترة ذاتها من العام الماضي؛ وفي أعقاب تحرير الطلبات التي توقفت منذ أزمة الكورونا، ونمو الصناعات التكنولوجية الدقيقة، ونمو سوق العقارات، ارتفع الدخل من الضرائب بشكل عالٍ في النصف الأول من هذا العام، بما يعادل 50 مليار شيكل نسبةً إلى الفترة ذاتها من العام الماضي. التوقعات، بحسب مصدر اقتصادي مسؤول في وزارة المالية، هي جباية 456 مليار شيكل، والفائض من الموازنة المتوقع هو 45 مليار شيكل (الفائض الآن هو 34 ملياراً).
- وفي المقابل، فإن التداعيات الدولية واضحة في مؤشر الأسعار لشهر تموز/يوليو، والذي كان مفاجئاً للأسوأ، وسجل ارتفاعاً بنسبة 5.2%، خلال الأشهر الـ12 الأخيرة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مؤشر أسعار البيوت، الذي سجل ارتفاعاً بنسبة 17.8%، وهو الأقصى منذ 14 عاماً. التضخم الكبير في إسرائيل لا يزال أقل نسبةً إلى العالم، بسبب العوامل الكابحة، بينها سعر الشيكل القوي الذي يقلل سعر الاستيراد إلى إسرائيل، والاستناد إلى غاز محلي يحبط التأثيرات الدولية. لكن، وبسبب الخوف من فقدان السيطرة على التضخم المالي ووصوله إلى مستويات تم تسجيلها في الدول المتطورة الأُخرى، قام بنك إسرائيل برفع الفائدة مرة أُخرى في آب/أغسطس إلى مستوى 2%. ولأن السوق موجودة في حالة تشغيل كامل، والنمو مستقر وعالٍ، لا خوف في إسرائيل (مقابل مخاوف لدى أغلبية دول العالم) من أن تؤدي الفائدة العالية إلى ركود. وأكثر من ذلك، وبسبب المعطيات التي تفيد بنمو عالٍ هذا العام، هناك توقعات أن يقوم بنك إسرائيل برفع الفائدة مرة أُخرى إلى مستوى 3% حتى نهاية العام، إذا كانت الخطوة مطلوبة بهدف كبح ضغط التضخم. هذا بالإضافة إلى أن تقليل التضخم في إسرائيل مهم بسبب السياق العام لارتفاع الأسعار الحالي. وعلى الرغم من التضخم القليل نسبياً، فإنه زاد في غلاء المعيشة، المرتفع أصلاً في إسرائيل قبل التأثيرات الدولية الأخيرة. الفئات المهمشة، الأكثر تضرراً من كل غلاء في مؤشر أسعار المستهلك، تتبع لمجالات لم تنتعش من أزمة الكورونا، وهو ما يزيد في الشعور بالفجوات في المجتمع الإسرائيلي، الذي يزيد في التوتر، وبصورة خاصة في فترة الانتخابات وعدم الاستقرار السياسي.
- لا يوجد حصانة، وإسرائيل كسوق صغيرة متعلقة بالتجارة العالمية، من الممكن أن نشعر في الأشهر الأخيرة من العام أكثر بعدم الوضوح الاقتصادي العالمي. وحتى إن كانت المؤشرات الماكرو - اقتصادية في إسرائيل جيدة، من المتوقع أن نبدأ في سنة 2023 برؤية تداعيات الركود العالمي على الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً. على سبيل المثال، هناك تراجُع في أوروبا من شأنه أن يؤدي في سنة 2023 إلى تراجُع في التصدير الإسرائيلي إلى هذه السوق التي تشكل الآن أكثر من ثلث التصدير الإسرائيلي. وللتعامل مع هذه التحديات، على إسرائيل الاستمرار في انتهاج سياسة اقتصادية مسؤولة، إلى جانب السعي لتوسيع الأسواق بأسواق جديدة ليس لديها وجود قوي اليوم.
- دول الخليج التي تصدّر الطاقة، لا تتأثر بالركود العالمي، ومن المتوقع أن تنمو بوتيرة 6% خلال سنة 2022. حان الوقت لأن تستغل إسرائيل العلاقات الدبلوماسية التي بنتها مع جزء من هذه الدول في إطار "اتفاقيات أبراهام"، وتوسع العلاقات الاقتصادية معها. ومن المعطيات عن التبادل الدولي من سنة 2022، يبدو أن إسرائيل انتبهت لهذه الفرص. ففي النصف الأول من سنة 2022، مقابل النصف الأول من سنة 2021، ارتفع التبادل التجاري مع الإمارات بـ117%، ووصل إلى مستوى 1.2 مليار دولار. أما التبادل مع البحرين، الذي لم يكن موجوداً حتى سنة 2021، فبدأ بالتطور. هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل رفعت التبادل التجاري مع مصر بنسبة 49% نسبةً إلى سنة 2021، ومع الأردن ارتفع بنسبة 48% نسبةً إلى سنة 2021. تعزيز تطوير العلاقات الاقتصادية في الأسواق الجديدة سيرسخ الاستقرار الاقتصادي لإسرائيل، وكذلك الرفاه الاقتصادي للمواطنين.