مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
وقّع وزير الدفاع بني غانتس مع نظيره الياباني ياسوكازا هامادا اليوم (الثلاثاء) اتفاقاً أمنياً (Memorandum Of Exchange) يسمح بتعزيز التعاون في المجالات الدفاعية والعسكرية والاستراتيجية بين الدولتين.
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل واليابان تحتفلان هذه السنة بمرور 70 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وتريدان تعزيز وتعميق التعاون الأمني بينهما.
وخلال زيارته إلى اليابان، كان غانتس التقى وزير الخارجية الياباني وأمين سر المجلس الوزاري، وهو الوزير الثاني من حيث الأهمية بعد رئيس الحكومة، ومستشار الأمن القومي الياباني، وسفير الولايات المتحدة في اليابان رام إيمانويل.
ومما قاله غانتس في لقاءاته: "إسرائيل ترسل جنودها للخدمة في الجيش لأن هدفنا هو الدفاع عن مواطنينا وتحقيق الاستقرار والازدهار والسلام." وأضاف: "إن التعاون بين إسرائيل واليابان في التطوير التكنولوجي، وفي التعاون العلمي، سيتيح لنا تحقيق رؤيتنا هذه حيال مواطنينا. نحن نمرّ بأوقات مهمة من التحديات والفرص. لقد أثبتت الحرب في أوكرانيا أنه يجب على كل دولة أن يكون لديها قدرات للدفاع عن نفسها، ويجب تقوية تحالفاتنا مع الدول التي تتطلع إلى السلام." وقال غانتس إنه قبيل مغادرته الولايات المتحدة، بحث مع المسؤولين الأميركيين موضوع التهديد النووي لإيران وأنشطتها العدائية في المنطقة. ولمواجهة ذلك، المطلوب قيام تعاوُن بقيادة الولايات المتحدة.
وشكر غانتس وزير الدفاع الياباني على الجهود التي تبذلها بلده من أجل الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى الفرصة التي أُتيحت له للدفع قدماً بالتعاون بين البلدين والشعبين من أجل مصالحهما المشتركة.
قال عضو الكنيست يوآف غالانت (الليكود) في مقابلة أجرتها معه إذاعة أف أم 104، بعد حادثة إطلاق النار التي تعرّض لها 5 إسرائيليين دخلوا إلى نابلس من دون موافقة الجيش: "يجب محاربة الإرهاب بيد من حديد. بالإضافة إلى ذلك، أطلب من المواطنين الاستماع إلى القوى الأمنية وعدم القيام بما يحلو لهم." وعندما سُئل غالانت عن الخطوات الواجب اتخاذها لكبح إيران، أجاب: "من أجل كبح الإيرانيين يجب شن عملية عسكرية، أو على الأقل توجيه تهديد حقيقي بعملية عسكرية. كل ما تبقى هو مجرد كلام. الإيرانيون يسعون للحصول على سلاح نووي، ومشكلة الاتفاق النووي أنه يسمح لهم بتصدير النفط ودخول الملايين إلى حساباتهم. هذا المال سيستخدمونه في الإرهاب، وفي تمديد سيطرتهم على دول أُخرى تدور في فلكهم، وهذه الأمور هي الأخطر."
وسخر غالانت من لبيد، وشكك في قدرته، كرئيس للحكومة، على مواجهة الأزمة، وقال: "دولة إسرائيل هي دولة قوية. ولدينا قوة غير عادية من الناحيتين العسكرية والأمنية، وفي مجالات أُخرى. عندما نقرر، نعرف ماذا يجب أن نفعل، وزعامة قوية تعرف ماذا يجب أن تقوم به. لا أريد أن ندخل في عمليات، لكن مع الأسف، هذا ما يجري اليوم. الكفاءة هي مجموعة أشياء - موهبة وتفكير وخبرة. ولا يمكن أن نصل إلى ذلك من خلال لبيد. اسألوا أنفسكم مَن تريدون أن يعالج الأزمة في مواجهة الإيرانيين."
رفضت المحكمة العليا اليوم (الثلاثاء) طلب التماس بإطلاق سراح خليل عواودة المُضرب عن الطعام، والذي جرى تعليق اعتقاله الإداري من دون إبطاله. وجاء في حكم القاضية عينت بارون أنه لم يحدث تغيير مهم يبرر تدخُّل المحكمة من جديد، بعد القرار الذي صدر قبل أسبوع فقط، في حق الالتماس السابق.
وتضمّن قرار القاضية الملخص الذي قدمه الشاباك لتبرير اعتقال عواودة، والذي جاء فيه أن عواودة ناشط في الجهاد الإسلامي ومتورط في عمليات شكلت خطراً على الأمن، ولديه حساب على الفايسبوك يستخدمه للتحريض القومي. كما أشارت القاضية إلى أن عدم توجيه لائحة اتهام إلى عواودة لا يعني عدم صلابة الإثباتات ضده، وأنه لا يمكن الكشف عن هذه الأدلة لأنها قد تُلحق ضرراً بأمن الدولة ومصادر المعلومات. واعترفت القاضية بأن حياة عواودة في خطر، ولهذا السبب، جرى تعليق اعتقاله الإداري، ونُقل إلى المستشفى للمعالجة كمريض، وليس كمعتقل.
وكانت الطبيبة بتينا برمنس، المتطوعة من جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان، قد زارت عواودة يوم الجمعة وكتبت في تقرير قُدّم مع طلب الالتماس بإطلاق سراحه، أنها لاحظت تدهوراً في وضعه، مقارنةً بفحوصاته السابقة، وأن عواودة بالكاد يتكلم، ولديه صعوبة كبيرة في تحريك أطرافه، ويشعر بالألم في مختلف أجزاء جسده، ويعاني جرّاء تدهور في بصره وضعف في الذاكرة، بالإضافة إلى اضطرابات في عضلة القلب، الأمر الذي قد يؤدي إلى خلل كبير في وظائفه. وإذا جرت الموافقة على إطلاق سراحه، فإنه سيوقف إضرابه عن الطعام.
أعلنت وزارة المال واتحاد المعلمين هذا الصباح التوصل إلى تفاهمات مبدئية على اتفاق جديد لأجور العاملين في قطاع التعليم، وأن الدراسة في الروضات والمدارس الابتدائية والمتوسطة ستبدأ في موعدها غداً.
واتفق الطرفان على رفع أجور المعلمين الجدد والقدامى، وتجنُّب فصل أساتذة، وإجراء تغييرات في جدول الإجازات. كما جرى الاتفاق على رفع أجور المدرسين الجدد بنسبة 30%، من 6920 شيكلاً إلى 9000 شيكل، واتُّفق على زيادة أجور المدراء الجدد بنحو 35%. وأُقرَّت زيادة 1100 شيكل على رواتب المدرسين القدامى.
- حالياً، هناك موضوع واحد يشغل الجيش الإسرائيلي والشاباك أكثر من الاتفاق النووي مع إيران، وحتى أكثر من تهديدات نصر الله. قال مصدر أمني رفيع المستوى يتابع عن كثب ما يجري في كل ساعات عمل الجيش والشاباك والشرطة: "نحن نلحظ حالة متنامية من الغليان في الضفة الغربية، بالأساس في شمال الضفة، ويمكن أن تتصاعد وتتحول إلى ثورة شعبية عنيفة." ووفقاً لكلامه، يتعين على الأطراف الأُخرى في المؤسسة الأمنية الاستعداد الآن لمواجهة مثل هذا التطور ومحاولة الحؤول دون حدوثه.
- الغليان الذي يجري الكلام عنه، يتجلى في ازدياد حوادث إطلاق النار ورشق الحجارة والزجاجات المشتعلة في كل ليلة تقريباً. وهذا يمكن أن يتصاعد بسبب حادث عابر يمكن أن يخرج عن السيطرة، مثلما حدث عندما دخل يهود إلى نابلس للصلاة في قبر يوسف، من دون تنسيق، ومن دون موافقة الجيش.
- لقد اضطر الجيش إلى الدخول تحت إطلاق النار لإخراج الأشخاص الخمسة الذين جُرح اثنان منهم، ولم تُسجَّل هذه المرة إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين. لكن المكان الأكثر حساسية وقابلية للانفجار هو الحرم القدسي ومحيطه. عيد رأس السنة العبرية القريب يحوّل المنطقة إلى منطقة حساسة للغاية، والتقدير إذا اشتعل الحرم القدسي بسبب ادعاءات من الوقف الإسلامي بحدوث انتهاك للوضع القائم، فإن هذا الأمر يمكن أن ينزلق إلى اضطرابات شعبية، وإلى استخدام الأسلحة النارية المتوفرة حالياً في الضفة الغربية أكثر من أي وقت مضى.
- أغلبية حوادث إطلاق النار ورشق الحجارة تجري في الفترة الحالية في كل ليلة تقريباً، وهي توجَّه ضد أهداف عسكرية، مواقع وحواجز عسكرية على طرقات الضفة الغربية. وفي تقدير أجهزة الاستخبارات، فإن المنفّذين هم بالأساس شباب غير محترفين، ولا ينتمون إلى أي من التنظيمات المسلحة الفلسطينية.
- عموماً، المقصود هو تنظيمات محلية من شبان في العشرينيات من عمرهم، لم يعرفوا أحداث الانتفاضة الثانية، ولا المعاناة التي تسببت بها، حينئذ، للفلسطينيين والإسرائيليين في آن معاً، وهم الذين يخرجون لإظهار مقاومتهم للقوات الإسرائيلية من أجل التنفيس عن إحباطهم وغضبهم المتراكم نتيجة فقدان الأمل وعدم الثقة بقيادة وحكم السلطة الفلسطينية. إطلاق النار ضد المواطنين الإسرائيليين هو أمر نادر، لكن يجري الاعتداء عليهم من خلال رشقهم بالحجارة والزجاجات المشتعلة يومياً، وعموماً، من جانب شبان دون العشرين من العمر.
- هناك ظاهرة أُخرى تدل على ازدياد الغليان، هي إطلاق النار على قوات الجيش الإسرائيلي من جانب شبان قرى وبلدات في الضفة الغربية، وهذا لم يكن يحدث في الماضي. قبل عامين، كانت الاعتقالات تحدث تقريباً من دون استخدام الفلسطينيين أو الجنود الأسلحة النارية. حالياً، الجزء الأكبر من عمليات دخول القوات الإسرائيلية إلى البلدات الفلسطينية يواجَه بإطلاق النار، بالإضافة إلى رشق الحجارة والزجاجات المشتعلة. ومن الواضح أن الشبان في هذه القرى يعدّون أنفسهم مسبقاً للوقوف في وجه الجيش الإسرائيلي.
- بعد موجة الهجمات التي برزت في آذار/مارس وخمدت في أيار/مايو، لم تنجح "حماس" والجهاد الإسلامي في تنفيذ هجمات بمبادرة منهما. الهجوم الأخير الذي أعلنت "حماس" مسؤوليتها عنه كان مقتل حارس الأمن على مدخل أريئيل في آذار/مارس الماضي. ولا شك في أن عمليات الشاباك والجيش والشرطة، ضمن إطار عملية "كاسر الموج"، نجحت ولا تزال ناجحة في منع "حماس" والجهاد من المبادرة إلى القيام بهجمات فتاكة. لكن القوى الأمنية لا تستطيع منع إطلاق النار ورشق الحجارة والزجاجات المشتعلة. وبحسب المؤسسة الأمنية، إذا استمر هذا التوجه ولم يُكبح، فمن المحتمل أن نواجه ثورة شعبية.
- مع ذلك، في تقدير الشاباك، التحريض ومحاولات القيام بهجمات من جانب "حماس" مستمرة. فـ"حماس" تريد أن تبدو كحركة مقاومة، لكنها لا تريد أن تتسبب بمعاناة وضائقة للفلسطينيين، المسؤولة عنهم في غزة.
- لكن في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن سبب الغليان الذي نشهده الآن على الأرض ليس من صنع "حماس"، ولا الجهاد، بل هو ظاهرة أصيلة تعود إلى شبان يشعرون بخيبة الأمل واليأس من الوضع القائم الذي لا أمل به، وغضبهم المتراكم يجد متنفساً له في أعمال "إرهابية" متفرقة.
- ينظم هؤلاء الشبان صفوفهم مع أقرباء العائلة، أو مع أبناء القرية، وينجحون في الحصول على سلاح، ويبحثون عن فرصة لاستخدامه. ضمن هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، وفي شمال الضفة، هو أفضل من الوضع في أغلبية الدول العربية، وبالطبع أفضل بكثير من الوضع في غزة. من هنا، فإن الدافع إلى شعور الشباب بالإحباط في الضفة ليس اقتصادياً، بل هو غضب وطني متراكم ويبحث عن متنفس له. يحاول عناصر "فتح" حالياً تأجيج الوضع، كجزء من الصراع على الوراثة في اليوم التالي لرحيل أبو مازن عن رئاسة السلطة الفلسطينية.
- ... عنصر إضافي يرافق حالة الغليان، هو وفرة السلاح. "البندقية اليوم هي حجر الأمس"، قال مصدر أمني رفيع المستوى يعرف جيداً ما يجري في المناطق. والسلاح، في أغلبيته، بنادق ومسدسات يجري تهريبها من الأردن ولبنان، أو تُسرَق من الجيش الإسرائيلي.
- كما سبق أن قلنا، قد يكون الحرم القدسي هو الذي سيشعل الوضع، أو يؤدي إلى تصعيد في البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية. أي انتهاك للوضع القائم يتحدث عنه الوقف الإسلامي، "حتى ولو كان كاذباً"، سيثير غضباً دينياً وسط الفلسطينيين والعرب في إسرائيل، حتى بين غير الملتزمين دينياً.
- ما يسمى "انتهاكات الوضع القائم في حرم المسجد الأقصى" هو الأكثر خطورة، وفي هذه الفترة بالذات. لذلك، يوصي المسؤولون في المؤسسة الأمنية الحكومة، في جلسات مغلقة، بالعمل فوراً، وقبل اندلاع المواجهات، من أجل تسوية الوضع القائم في الحرم القدسي، بالتعاون مع الأردن والسعودية والوقف والسلطة الفلسطينية، وأيضاً مع مصر.
- "يجب التوصل إلى تفاهمات الآن، وقبل عيد رأس السنة العبرية، كي لا ينفجر الوضع"، هذا ما قاله شخص لديه تجربة أمنية واستخباراتية كبيرة. وبحسب كلامه، تفكيك القنبلة الموقوتة في الحرم بواسطة تفاهمات مسبقة مع ملكيْ الأردن والسعودية، ومن خلالهما مع الوقف والسلطة الفلسطينية، هو أكثر أهمية وإلحاحاً من المساعي التي توظفها الحكومة في مجالات أمنية أُخرى.
- ما يُنشر بشأن تأجيل إسرائيل موعد البدء باستخراج الغاز من حقل كاريش إلى تشرين الأول/أكتوبر، يبدو أنه يخدم حزب الله في معركته على الوعي، التي يخوضها في موازاة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. بالتأكيد، سيعتبر نصر الله أن هذا التأجيل حدث بفضل تهديداته المتكررة، وهو لن يجعل الوقائع تزعجه، وسيتجاهل التفسيرات بأن استخراج الغاز كان مخطَّطاً له في جميع الأحوال في الربع الأخير من سنة 2022.
- لا تستطيع إسرائيل بالتأكيد تجاهُل تهديدات نصر الله، وفي ضوء ذلك، يستعد الجيش الإسرائيلي لتأمين حماية المنصة في مواجهة أي سيناريو محتمل لتدهور عسكري. مع ذلك، فإن اللعبة الحقيقية تجري الآن في الملعب السياسي، وعلى ما يبدو، فإن تأجيل استخراج الغاز من حقل كاريش يمدد الفترة الزمنية للتوصل إلى تسوية بين الطرفين.
- في هذه المرحلة، يبرز تفاؤل بشأن احتمال التوصل إلى حل. يبدو أن النقاش يدور حالياً حول الاقتراح الذي يقضي بموافقة لبنان وإسرائيل على بدء التنقيب في حقل قانا - صيدون في الجانب اللبناني، في موازاة البدء بالاستخراج من حقل كاريش، وتحصل إسرائيل على مقابل مالي عن حصتها في هذا الحقل، إذا جرى العثور على كميات نفط تجارية فيه. بالنسبة إلى إسرائيل، هناك فرصة يجب عدم تضييعها، في ضوء الحسنات الكثيرة التي تنطوي عليها التسوية مع لبنان، على المستويات الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية.
- لكن مؤخراً، برزت عقبات جديدة، تحديداً لدى الجانب الإسرائيلي، يمكن أن تضرّ بفرص التسوية، أو على الأقل تعرقلها. موعد الانتخابات في إسرائيل (الأول من تشرين الثاني/نوفمبر) يقترب، ويبدو أنه سيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية في هذه الفترة الحساسة التوصل إلى تسوية مع لبنان يمكن أن تعتبرها المعارضة في إسرائيل ضعفاً وتنازلاً. علاوة على ذلك، اضطرت الحكومة الإسرائيلية إلى مواجهة ادعاءات على المستوى القانوني، طرحتها أطراف في المعارضة مؤخراً، بأن الاتفاق مع لبنان هو بمثابة تنازُل إقليمي، ولذلك، هو يتطلب الموافقة عليه في استفتاء عام، أو موافقة أغلبية 80 عضو كنيست عليه. وهذه حجة رفضها جزء من القانونيين، وتثير جدلاً قانونياً وعاماً، من شأنه أن يضر بالمصلحة الإسرائيلية في التوصل إلى اتفاق مع لبنان.
-
- قبل نحو 35 عاماً، مع نهاية الحرب مع العراق، قررت إيران تجديد برنامجها النووي - الذي تأسس خلال حكم الشاه في الستينيات من القرن الماضي، وحاز مساعدة إسرائيلية، بحسب تقارير أجنبية. البرنامج جمد في سنة 1980، بعد وقت قصير من الثورة الإسلامية، عندما اجتاح الجيش العراقي إيران، التي كانت هذه المرة بقيادة الخميني.
- قرار العودة إلى المسار النووي وتطوير صواريخ باليستية، كان الاستنتاج الأهم الذي توصلت إليه إيران بعد الحرب الصادمة مع جارتها. فجيش صدام حسين استعمل الأسلحة الكيميائية خلالها، من دون أي رد من الغرب. هذا بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة، بقيادة رونالد ريغان، دعمت العراق بالمعلومات الاستخباراتية والأموال التي تقدَّر بعشرات مليارات الدولارات. وكردٍّ على ذلك، توجهت طهران إلى التزود بالسلاح الكيميائي، بمساعدة رجل الأعمال الإسرائيلي ناحوم منبار.
- عادت إيران إلى المسار النووي بهدف الحصول على شهادة تأمين لبقاء نظام آية الله - بما معناه الرد على سياسات الغرب تجاهها. أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية فهمت هذه الحقائق بعد تأخير بضعة أعوام، في أوائل التسعينيات. ومنذ ذلك الوقت، تأتي حكومات وتذهب في إسرائيل، وتبدلت قيادات هيئة أركان ورؤساء موساد، إلاّ إن الشعارات والمبررات لا تزال هي ذاتها. كصلاة أو عبادة، جميعهم يعيدون الأسطوانة ذاتها "سنمنع إيران من الوصول إلى سلاح نووي"، و"كل الخيارات مطروحة (وضمنها العسكرية)".
- مرّ ما يقارب الثلاثين عاماً، ولا تزال القيادات السياسية والأمنية تكذب على الجمهور، تبث الأوهام وتضلل، كأن إسرائيل تملك فعلاً خياراً عسكرياً ضد المشروع النووي الإيراني. الحقيقة هي أنه لو كانت لإسرائيل إمكانية كهذه، كانت ستظهر عندما كان المشروع في مراحل التحضير. في سنة 2008، قال لي وزير في المجلس الوزاري المصغر، مطلع على الموضوع، إن إسرائيل أضاعت الفرصة لضرب المواقع النووية الإيرانية، عندما كانت لا تزال في مراحلها المبكرة، وكان جورج دبليو بوش لا يزال في البيت الأبيض.
- إذا كان هذا هو الواقع، فلماذا يعود شعار "الخيار العسكري" كل مرة من جديد في العناوين؟ والأكثر غرابة هو، لماذا يعود في الوقت الذي يتم خلاله الدفع قدماً بالاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى؟ السبب يعود إلى الاستثمار السياسي الداخلي، وأيضاً إلى ميل السياسيين والعسكريين إلى تعظيم دورهم أو نسب قدرات لأنفسهم. وبكلمات أُخرى: بثّ أقوال غير ممكنة واقعياً مما يدلل أساساً على تفاخُر وعدم تواضُع إسرائيلي. وكأنهم في القدس يعرفون ما هو أفضل بالنسبة إلى المصلحة الأميركية.
- مثالاً لذلك، رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين - كلاهما ينسبان لنفسيهما التأثير في قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات أحادية على إيران. صحيح أن نتنياهو وكوهين عملا على إقناع ترامب، لكن في نهاية الأمر الرئيس الأميركي الذي وعد في حملته الانتخابية بالانسحاب من الاتفاق النووي، قام بذلك بسبب حساباته الخاصة. مثال آخر هو شمريت مئير، التي كانت مستشارة سياسية لدى رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت، وحاولت نسب التأجيل الأميركي للعودة إلى الاتفاق النووي لنفسها. فادّعت مئير أنها نجحت في إقناع الرئيس جو بايدن بعدم توقيع الاتفاق. وأعاد بعض الصحافيين الإسرائيليين نشر أقوالها. لكن هناك مشكلة واحدة: مَن أعاق قرار العودة إلى الاتفاق النووي هم متخذو القرار في طهران، وليس في واشنطن.
لكل هدف هناك بديل
- الهدف من العمليات الإسرائيلية ضد المشروع النووي الإيراني هو التشويش والتأجيل. ومن المؤكد أن لها دوراً مركزياً في أن إيران اليوم، في سنة 2022، لم تصل بعد إلى مكانة دولة على عتبة النووي، على الرغم من قربها منها. ومع ذلك، فإنه كان من الواضح لمئير داغان وتامير فوردو رئيسيْ الموساد السابقين، أن هذه العمليات، ومهما كانت ناجحة - لن تمنع طهران من تركيب القنبلة النووية، إذا صممت على ذلك.
- منذ سنة 2009، خرّب الموساد، بحسب ما يُنسب له، عشرات المرات في المواقع النووية الإيرانية، واغتال على الأقل عشرة علماء. أغلبية المواقع رُمِّمت، والعلماء استُبدلوا بآخرين ليسوا أقل قدرة منهم. فحتى اغتيال د. محسن فخري زادة، أب المشروع النووي العسكري الإيراني، في نوفمبر 2020، لم يعرقل فعلاً المشروع. ففي بداية الشهر، نشرت قناة "إيران إنترناشيونال" أن سعيد بورج، تلميذ فخري زادة، هو العالِم الذي يدير اليوم منظومة صناعة الرؤوس النووية الخاصة ببلاده. يجب الإشارة إلى أن القناة تُعتبر قناة للموساد الذي يقوم بنشر معلومات عبرها، لا يريد أن تُنشر باسمه.
- لا شك في أن رئيس الموساد ديفيد برنيع، ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي وقائد سلاح الجو الجديد تومر بار، سيستمرون في العمليات السرية ضد إيران. لكنهم سيتوصلون، عاجلاً أم آجلاً، إلى الاستنتاج ذاته الذي توصل إليه ناحوم أدموني في سنة 1980، الذي كان حينها نائب رئيس الموساد والمسؤول عن الجهود لمنع صدام حسين من تطوير سلاح نووي. حينها، قال أدموني لمناحيم بيغن: العمليات السرية استُنفدت. الإمكانية الوحيدة لمنع العراق من الوصول إلى السلاح النووي هي عملية عسكرية. البقية مكتوبة في صفحات تاريخ إسرائيل. بعد 26 عاماً، اتخذ رئيس الحكومة إيهود أولمرت قراراً مشابهاً، بعد أن فهم المستوى السياسي أنه لا يمكن إحباط الخطة النووية السورية عبر عمليات برية سرية.
- لكن على عكس العمليات التي استهدفت المفاعل النووي العراقي والسوري، لا يوجد لدى إسرائيل إمكانية حقيقية لإحباط البرنامج النووي الإيراني بعملية عسكرية. إيران استخلصت العبر، وقامت بنشر مواقعها النووية في أراضي الدولة. يوجد لديها عشرات المواقع التي تُدار فيها حلقات البرنامج: اليورانيوم، ومعالجته وتحويله إلى غاز، وتخصيبه وتجميعه. بعض هذه المواقع موجود عميقاً في باطن الأرض (نتانز وفوردو). وفي مقابل مدينة آراك، يوجد لدى الإيرانيين مفاعل مياه ثقيلة (تم تجميد البناء فيه بعد توقيع الاتفاق النووي في سنة 2015)، والهدف منه استخراج البلوتونيوم- مسار آخر لاستخراج المادة. هذا بالإضافة إلى أنه لدى إيران مختبرات ومصانع إضافية، تضم آلاف المهندسين والعلماء والتقنيين.
ليست "ضربة وانتهينا"
- يستطيع سلاح الجو الوصول إلى كل مكان في إيران، بمساعدة التزوُّد بالوقود جواً. وبحسب تقارير أجنبية، قامت طائرات F-35 بذلك بالفعل. وبحسب تقارير أجنبية أيضاً، فإن إسرائيل وجّهت طائرات من دون طيار إلى سماء إيران، وألحقت الضرر بمخازن مسيّرات إيرانية، وبموقع لتخصيب اليورانيوم في نتانز. إيران ادّعت قبل عدة أعوام أنها نجحت في إسقاط مسيّرة من صنع إسرائيلي، بعد أن انطلقت من أذربيجان، حليفة استراتيجية لإسرائيل. وفي المقابل، لا تملك إسرائيل قنابل تستطيع "اختراق التحصينات"، القنابل الأميركية التي تحملها طائرات كبيرة جداً. سابقاً، طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة تزويدها بهذه القنابل، إلا إن إدارة أوباما رفضت.
- هذا بالإضافة إلى أن المشروع النووي الإيراني الموزع جغرافياً، يحتاج إلى استخبارات دقيقة جداً، تدل على مكان المواقع الكبيرة المخصصة للتخصيب، وأيضاً المختبرات الصغيرة والمصانع. وبعد هذا كله، لا حاجة إلى جهد ومكان خاص كبير جداً من أجل تركيب القنبلة ذاتها. هل تعرف إسرائيل فعلاً مكانها؟ صعوبة إضافية مرتبطة بأن العملية ضد إيران ليست "ضربة وانتهينا"، بل تحتاج إلى عدة موجات من الهجوم. ولنفترض أن إسرائيل نجحت جزئياً، فما هو الثمن الذي ستدفّعها إياه إيران ذاتها، أو أذرعها في المنطقة؟
- في الوضع الحالي (الذي لم يتغير جوهرياً منذ أعوام طويلة)، الدولة الوحيدة القادرة على العمل عسكرياً ضد إيران هي الولايات المتحدة. لكن الولايات المتحدة، بعد حرب أفغانستان والعراق، لم تكن تريد ذلك في فترة ولاية ترامب، ولا اليوم في فترة ولاية بايدن. لقد شبعت من الحروب بصورة عامة، وخصوصاً في الشرق الأوسط، وتفضل العودة إلى الاتفاق النووي. فبحسبها، الدبلوماسية أفضل من الخطوات العسكرية المغامرة. لذلك، من الأفضل للمستوى السياسي والعسكري التوقف عن التبجّح. هذا ينطبق على لبيد وبينت ونتنياهو أيضاً. على إسرائيل العمل بصمت، وأن تستمر في جعل مهمة إيران بالدفع قدماً بخطتها النووية أصعب، وأن تحافظ على الحوار مع الأميركيين داخل الغرف المغلقة. يبدو أنه لا مفر فعلاً من الصفقة، ولذلك، عليها أن تكون أفضل ما يمكن بالنسبة إلى إسرائيل. العودة إلى الاتفاق ستُبعد إيران ثلاثة أعوام تقريباً عن القدرة على تصنيع القنبلة، هذا أفضل السيئ.
- وعلى الهامش، خلال كل نقاش أو حوار بشأن المحادثات الدبلوماسية، أو الإمكانية العسكرية، هناك نقطة إضافية يفضلون عدم الخوض فيها في إسرائيل: هل تريد إيران فعلاً تركيب سلاح نووي؟ غير ذلك، لا يمكن تفسير حقيقة أنها، وبعد 35 عاماً، لا يوجد لديها قنبلة نووية، ولم تتخطّ العتبة. التاريخ يشير إلى أن كل دولة أرادت تطوير وصناعة وتركيب وتجميع مخزون من القنابل النووية، فإنها قامت بذلك خلال 5-7 أعوام. هذا ما قامت به الهند، وباكستان، وجنوب أفريقيا (التي تنازلت عن سلاحها)، وكوريا الشمالية. وهذا ما قامت به إسرائيل أيضاً، بحسب تقارير أجنبية.