مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي إن لبنان وحزب الله سيتحملان المسؤولية في حال تعرُّض سيادة إسرائيل، أو أملاكها الاستراتيجية ومواطنيها، لأي مسّ.
وأضاف كوخافي في سياق كلمة ألقاها خلال مراسم تسلُّم اللواء أوري غوردن منصب قائد المنطقة العسكرية الشمالية، والتي أقيمت أمس (الأحد)، إن حزب الله استولى بشكل غير رسمي على مقاليد الحكم في لبنان، وأشار إلى أن هذه الدولة تدفع بسبب ذلك ثمناً باهظاً، أمنياً واقتصادياً.
وتطرّق كوخافي إلى تهديدات حزب الله فيما يتعلق باستخراج الغاز الطبيعي من حقل "كاريش" في عرض البحر الأبيض المتوسط، فقال إن الحزب ينتهك القوانين الدولية، وشدّد على أن التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي وحجم نشاطاته غير عادية.
وقال كوخافي: "إننا نعمل يومياً ضد الإرهاب، وهذا النشاط ينبع من سياسة مدروسة تهدف إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لدولة إسرائيل. حزب الله خطف لبنان، وهذا الأخير يدفع ثمناً مضاعفاً، أمنياً واقتصادياً، ونتيجة ذلك، فإن قرار مجلس الأمن رقم 1701 لا يتم تطبيقه، والصواريخ والقذائف والمواقع المضادة للدبابات وغرف القيادة موجودة في الجنوب اللبناني كله، وفي البقاع وجنوبي بيروت."
وأضاف رئيس هيئة الأركان العامة: "إن النشاطات العملانية التي يقوم بها الجيش في الساحة الشمالية هي مثال لتفعيل القوة العسكرية التي تتيح لدولة إسرائيل إمكان تحقيق أهدافها. وإن دولة لبنان، وأيضاً حزب الله، سيتحملان النتائج في حال تضررت سيادة دولة إسرائيل، أو تضررت أملاكها، أو أصيب مواطنوها. إن الجيش الإسرائيلي لن يقف مكتوف اليدين، وكل محاولة لإلحاق الضرر بدولة إسرائيل في أي ساحة، سيتم الردّ عليها بصورة حاسمة، وبمبادرة استباقية."
قال رئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"] رونين بار إنه منذ مطلع السنة الحالية [2022] تم إحباط أكثر من 130 عملية مسلحة في المناطق [المحتلة]، على خلفية قومية، مقارنةً بـ 98 عملية في الفترة ذاتها من سنة 2021، و19 عملية فقط في الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2020.
وأضاف بار خلال كلمة ألقاها أمام المؤتمر الأمني لمعهد "السياسات ضد الإرهاب"، الذي عُقد في "جامعة رايخمان" في هرتسليا أمس (الأحد)، بمشاركة السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نيدس، أن سبب هذا الارتفاع المستمر لمحاولات المنظمات "الإرهابية" الفلسطينية ارتكاب اعتداءات، يعود إلى عدم تمكُّن السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن التابعة لها من فرض النظام بصورة كاملة على المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأكد رئيس "الشاباك" أن هذا الأمر يُلزم قوات الجيش الإسرائيلي وعناصر الأجهزة الأمنية الأُخرى الدخول يومياً إلى قرى وبلدات فلسطينية، بهدف اعتقال مطلوبين، إذ اعتُقل أكثر من 2000 مطلوب منذ بداية السنة الحالية.
وقال بار: "العنف في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] يزداد، ولقد دخلنا إلى نوع من الدائرة المغلقة، في ضوء تعدُّد محاور الاعتداءات وغياب الاهتمام المناسب من الأجهزة الأمنية [الفلسطينية]، ويضطر رجالنا إلى تنفيذ اعتقالات كل ليلة، ويتم إطلاق النار نحوهم. إن الثمن هو أيضاً المساس بالمواطنين الفلسطينيين، وبمكانة الأجهزة الأمنية."
كما تطرّق بار في كلمته إلى إيران، وقال إنها ستواصل الانتشار وتهديد الهيمنة السّنية وإسرائيل، مضيفاً: "إن إيران هي رأس المحاور لأغلبية الظواهر في منطقة الشرق الأوسط، ولديها دور مهم في عدم الاستقرار في الساحة الفلسطينية."
وفيما يتعلق بالوضع السياسي في إسرائيل، قال بار: "إن عدم الاستقرار السياسي، والانقسام الداخلي، والخطاب المتطرف، كلها أمور تشكل حقنة تشجيع لدول محور الشر والمنظمات الإرهابية، وللمنفّذين المنفردين. أعداؤنا يشعرون بأن تماسُكنا القومي يتضاءل، وهذا الأمر يجب أن يُقلقنا أكثر من أي شيء آخر."
شكر رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد فرنسا وبريطانيا وألمانيا على موقفها الحازم بعد يوم من إثارة هذه الدول الأوروبية شكوكاً جدية بشأن صدق إيران في السعي للتوصل إلى اتفاق نووي.
وقال لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "أشكر فرنسا وبريطانيا وألمانيا على موقفها الحازم من هذه القضية. في الأشهر الأخيرة، أجرينا حواراً هادئاً ومكثفاً معهم، وتم تزويدهم بمعلومات استخباراتية حديثة بشأن النشاط الإيراني في المواقع النووية."
وأضاف لبيد أنه يعمل جنباً إلى جنب مع رئيس الحكومة البديل نفتالي بينت ووزير الدفاع بني غانتس، في حملة دبلوماسية ناجحة لوقف الاتفاق النووي ومنع رفع العقوبات عن إيران. وقال: "الأمر لم ينتهِ بعد. أمامنا طريق طويلة، لكن هناك بوادر مشجعة."
وجاء موقف فرنسا وبريطانيا وألمانيا هذا بعد أن حقق الوسطاء الأوروبيون، الشهر الماضي، ما بدا أنه تقدُّم في إحياء الاتفاق النووي المبرم سنة 2015، إذ وافقت إيران، إلى حد كبير، على نص نهائي مقترح. لكن الفرص تضاءلت عندما أرسلت الولايات المتحدة رداً ردّت عليه إيران، بدورها، بمطالب جديدة، في مقدمتها أن تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقاتها في عدة مواقع نووية غير معلنة. وقالت الدول الأوروبية الثلاث إن هذا المطلب الأخير يثير شكوكاً جدية بشأن نيات إيران والتزامها بنتيجة ناجحة للاتفاق النووي.
وصدر بيان الدول الأوروبية الثلاث بعد يوم من تقييم وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بأن ردّ إيران الأخير على الاتفاق النووي هو خطوة إلى الوراء. كما حذر من أن واشنطن لن توافق على اتفاق لا يفي بمتطلباتنا النهائية.
ووصفت وزارة الخارجية الإيرانية البيان الأوروبي بأنه مؤسف وغير بنّاء.
هذا، وتوجه لبيد بعد ظهر أمس إلى برلين، حيث من المقرّر أن يلتقي المستشار الألماني أولاف شولتس.
وقال لبيد إن الغرض من هذه الزيارة هو تنسيق المواقف بشأن البرنامج النووي الإيراني والانتهاء من التفاصيل الخاصة بوثيقة تعاوُن استراتيجي واقتصادي وأمني بين الدولتين.
كرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد)، أن إسرائيل لن تسمح لإيران باستخدام سورية لنقل الأسلحة إلى جماعات مسلحة، ولن تقبل إقامة قواعد إيرانية، أو قواعد ميليشيات، على حدودها الشمالية.
وأدلى لبيد بهذه التصريحات بعد يومين من إعادة فتح مطار حلب الذي تعرّض مرتين في غضون عدة أيام لغارات نُسبت إلى إسرائيل.
كما تطرّق لبيد إلى التوتر المستمر في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وبصورة خاصة في محيط مدينتيْ جنين ونابلس، فقال إن قوات الأمن ستواصل نشاطها بكل حزم لمنع انطلاق أي عمليات مسلحة إلى داخل إسرائيل.
(*) فضّت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييلت شاكيد التحالف مع وزير الاتصالات يوعز هندل، وفككت حزب "روح صهيونية" الذي أنشأته قبل 46 يوماً، وذلك قبل نحو أسبوع من إغلاق القوائم الخاصة بانتخابات الكنيست، والتي ستجري يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
وفي ضوء ذلك، أعلن هندل نفسه زعيماً لحزب "روح صهيونية" في الانتخابات المقبلة.
وقال هندل: "التقيت شاكيد وأوضحت لها أنه لا يمكنني قبول احتمال أن يمنح ’روح صهيونية’ لبنيامين نتنياهو حكومة ضيقة. أنوي الاستمرار في قيادة ’روح صهيونية’."
من ناحيتها، قالت شاكيد إنها هي مَن بلّغت هندل بحلّ الشراكة بينهما.
وعلمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن هندل سبق أن أوضح لشاكيد أنه في حال لم يتم تشكيل حكومة وحدة في إسرائيل، فإنه يفضل جرّ إسرائيل إلى انتخابات جديدة، بدلاً من إقامة حكومة يمينية، واعتبرت شاكيد أن هذا الخيار غير مسؤول، ولا يمكن تخيُّله.
تجدر الإشارة إلى أن تحالُف "روح صهيونية" تأسس في إثر قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق نفتالي بينت الانسحاب من الحياة السياسية وعدم خوض الانتخابات المقبلة، وذلك في ظل تراجُع حزب "يمينا" الذي قاده في الانتخابات السابقة.
(*) يبدو أن فكرة التحالف بين حزب العمل، برئاسة ميراف ميخائيلي، وحزب ميرتس، برئاسة زهافا غالئون، يبتعد أكثر فأكثر. وكان هناك محاولة أُخرى لإنجاز هذا التحالف يوم السبت الفائت، لكنها باءت بالفشل. فقد عقد رئيس الحكومة يائير لبيد اجتماعاً مع رئيستيْ الحزبين ميخائيلي وغالئون، محاولاً إقناعهما بخوض الانتخابات المقبلة ضمن قائمة موحدة. لكن في نهاية اجتماع قصير وودّي استمر نحو 40 دقيقة، بدت الأمور أكثر وضوحاً، ذلك بأن التحالف بين العمل وميرتس بات شبه مستحيل.
وتشاطر زهافا غالئون رئيس الحكومة لبيد رأيه في أن التنافس في الانتخابات في إطار قائمتين منفصلتين قد يؤدي إلى إضاعة الكثير من أصوات الكتلة اليسارية، أو ربما لن يستطيع أحدهما الحصول على نسبة الحسم التي تضمن له أربعة مقاعد في الكنيست، ولذا، فإنها تفضل أن يخوض الحزبان الانتخابات ضمن قائمة موحدة. أما رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي فإنها تعارض فكرة التحالف، بحجة أنه كان للحزبين تجربة في خوض الانتخابات معاً، ولم تحقق تلك التجربة نجاحاً. كذلك، ترى ميخائيلي أن وضع حزبها أفضل بكثير من وضع ميرتس. وعاودت ميخائيلي رفضها تشكيل تحالُف مع ميرتس، وقالت: "لنا جميعاً هدف مشترك، هو منع بنيامين نتنياهو من العودة إلى سدة الحكم، لكن الخلافات تبقى في الطريقة التي تضمن تحقيق هذا الهدف."
وعلى الرغم من أن محاولة يوم السبت لم تتمخض عن إنجاز تحالُف، فإن مصادر رفيعة المستوى في الحزبين قالت أنه يوجد احتمال عقْد لقاء آخر بين الثلاثة، لبيد وميخائيلي وغالئون، في محاولة أُخرى لخوض الانتخابات معاً.
(*) وقّع حزبا حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وبلد [التجمع الوطني الديمقراطي] مساء يوم الجمعة الماضي، اتفاقاً ثنائياً يقضي بخوضهما انتخابات الكنيست المقبلة بقائمة ثنائية.
وينص الاتفاق الثنائي على حصول حزب بلد على المقاعد الثاني والخامس والسابع والتاسع، وفي حال انضمام حزب تعل [الحركة العربية للتغيير]، فسيحصل التجمع على المقاعد الثاني والسادس والتاسع.
وجاء الاتفاق بعد أن اجتمع وفدان مفاوضان من الحزبين في مقر حزب بلد في بلدة الرينة [الجليل]، وذلك استمراراً للمفاوضات الجارية بين الأحزاب العربية المركّبة للقائمة المشتركة.
وتوصل الطرفان إلى تفاهمات سياسية، من ضمنها شروط عدم الدخول إلى أي ائتلاف إسرائيلي حاكم.
وبعد توقيع الاتفاق، دعا الحزبان حزب تعل إلى الانضمام إليهما وإعادة تشكيل القائمة المشتركة.
- تستمر المناوشات الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن التعهدات المتبادلة التي يمكن أن تتيح العودة إلى الاتفاق النووي، على قاعدة الوثيقة التي قدّمها الاتحاد الأوروبي إلى الطرفين قبل بضعة أسابيع. فقد أعلنت الإدارة الأميركية أن ردة الفعل الإيرانية لم تكن مشجعة، بينما ورد في بيان خاص أصدرته فرنسا وبريطانيا وألمانيا في العاشر من أيلول/سبتمبر الحالي أن "مطالب إيران تثير الشكوك الجدية في نياتها والتزامها بالاتفاق النووي الجديد."
- في صلب الخلاف بين الطرفين، المطلب الإيراني بإغلاق ملفات التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل يوم البدء بتطبيق الاتفاق الجديد وسريان مفعوله (اليوم الـ120 بعد توقيع الاتفاق). وقد أكدت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون في المفاوضات أنه من غير الممكن اشتراط العودة إلى الاتفاق النووي بوقف تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي لا علاقة لها بالاتفاق النووي. في المقابل، أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أنه "من دون حلّ قضية التحقيقات المفتوحة، فليست ثمة أي جدوى من العودة إلى الاتفاق النووي." من جانبه، أوضح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي أنه لن يُغلق ملفات التحقيق قبل أن تقدّم إيران توضيحات مقنعة للأدلة التي تم العثور عليها في ثلاث منشآت غير مُصرَّح عنها.
- بالتزامن مع ذلك وفي موازاته، تواصل إيران دفع مشروعها النووي إلى الأمام. فخلال الأيام الأخيرة، شرعت في تخصيب اليورانيوم إلى درجة 5 بالمئة في المجموعة الثانية من أصل ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة (IR-6) التي تم تركيبها في موقع تحت الأرض في نتانز. وتنضم هذه المجموعات إلى عمليات تخصيب بدأت في السنة الماضية، بواسطة أجهزة طرد مركزي متطورة إلى درجة 60 بالمئة في منشأة نتانز الفوقية، وخلال الشهر الماضي، تم تشغيل مجموعة ثانية من أجهزة الطرد المركزي من طراز IR-6 في منشأة تحت الأرض في فوردو. وقد أشار التقرير الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 7 أيلول/سبتمبر الحالي، عشية لقاء منتدى المحافظين الذي سيُعقد هذا الأسبوع، إلى أن إيران أصبحت تمتلك الآن 55.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بدرجة 60 بالمئة، وهي كمية تكفي لتخصيب قنبلة نووية واحدة. وطبقاً لتقرير أصدره معهد العلوم والأمن الدولي (ISIS) الذي يرصد تقدُّم المشروع النووي الإيراني، فإن وضع المخزون الحالي في إيران يتيح لها، في غضون شهر واحد، تخصيب كمية من اليورانيوم المخصّب إلى الدرجة العسكرية، والتي تكفي لبناء ثلاث قنابل نووية، ولبناء خمس قنابل نووية في غضون أربعة أشهر. علاوة على ذلك، يشير التقرير نفسه إلى أن إيران تُراكم تجربة عملية مهمة وثيقة الصلة بقرار الانطلاق نحو القنبلة في كل ما يتعلق بالتخصيب المباشر إلى درجة عالية، وسط القفز عن المراحل البينية. كما أن تقلّص الرقابة الميدانية التي تمارسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بصورة حادة، إلى جانب عدم استعداد طهران للرد على أسئلة تتعلق بالقضايا العالقة بينها وبين الوكالة الدولية، يصعّبان مهمة مراقبة ورصد التحويل المحتمل للمواد المخصّبة. وقد شنّ الناطق بلسان اللجنة الإيرانية للطاقة الذرية هجوماً على تقرير الوكالة الدولية الأخير، بالقول إنه بمثابة تكرار لأحداث سابقة وتحركه مصالح سياسية، عقب ضغوط تمارسها دول مختلفة، في مقدمتها إسرائيل.
- تشكل مسألة التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية محور الخلاف الجوهري. هذا إلى جانب الأصداء العلنية التي تثيرها وتجعل من الصعب جداً على الولايات المتحدة وإيران الاتفاق على صيغتها الغامضة كما ظهرت في المسودة الأوروبية الأولية، والتي ترمي إلى إتاحة توقيع الاتفاق والشروع في إخراجه إلى حيز التنفيذ، مع تأجيل الحل إلى وقت لاحق.
- من الصعب أن نرى كيف يمكن تجسير المواقف المستقطبة التي تتبناها كل من واشنطن وطهران فيما يتعلق بهذه المسألة، لكن يبدو أنه لا مصلحة، في المرحلة الحالية، لأيٍّ من الأطراف المعنية - الولايات المتحدة وإيران والدول الأوروبية - في إعلان انهيار المفاوضات. أما بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، فإن المصلحة تبقى كما كانت - تحقيق حل دبلوماسي يوقف تقدُّم إيران في البرنامج النووي. ومن الواضح للولايات المتحدة أيضاً، أن البدائل إشكالية للغاية. خلال الأشهر القريبة، ستكون الإدارة الأميركية، وعلى رأسها الرئيس جو بايدن، في خضم حملة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس (بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2022)، وهو ما يعني أن هذه الإدارة قد تكون معنية جداً بتأجيل معالجة هذه المسألة إلى ما بعد الانتخابات، وخصوصاً أنها تواجه في هذا السياق، حالياً، معارضة متصاعدة من جانب نواب من الحزب الديمقراطي.
- كذلك، تعتبر إيران أن الوضع الحالي هو الأفضل من بين كل الاحتمالات والبدائل، لأنه يتيح لها مواصلة التقدم في مشروعها النووي من دون ممارسة أيّ ضغوط جديدة عليها. ولهذا، جاء تصريح وزير الخارجية الإيراني بأن المفاوضات مستمرة، ثم أجرى محادثات مع نظيريْه في عُمان وقطر بشأن المسألة إياها، بل ومارس ضغوطاً غير مباشرة على الشركاء الأوروبيين، وسط التلميح إلى القدرة التي ستتوفر لإيران على تلبية حاجاتهم من الغاز في حال رفع العقوبات المفروضة عليها. هؤلاء الشركاء غارقون، أساساً، في الأزمة الأوكرانية، وفي قضايا اقتصادية داخلية، وهم ليسوا معنيين بإعلان نهاية المفاوضات، الأمر الذي سيضعهم أمام تدهور إضافي محتمل. أما الشريكتان في الاتفاق النووي ـ روسيا والصين ـ اللتان تعيشان ما يشبه "شهر العسل" في علاقاتهما مع إيران، فليستا منزعجتين من تقدُّم إيران في البرنامج النووي، وليستا معنيتين بتحقيق الرئيس بايدن أيّ مكسب، بل إن روسيا غير معنية أيضاً بضخ المزيد من النفط والغاز إلى الأسواق.
- على هذه الخلفية، ثمة ثلاثة سيناريوهات محتملة:
- حل الأزمة وتوقيع الاتفاق.
- استمرار القفز الموضعي ـ اتصالات بوتيرة متدنية.
- انهيار المفاوضات وإعلان فشل الجهود الرامية إلى العودة إلى الاتفاق النووي.
- يبدو احتمال التوصل إلى اتفاق إشكالياً جداً في هذه المرحلة، إلا إن الأطراف تواصل التصريح برغبتها في تحقيقه. وإذا ما تم تجديد الاتفاق وتطبيقه، على الرغم من كل شيء، فستتمثل الإنجازات المركزية في تقليص كميات اليورانيوم المخصّب التي في حيازة إيران، وخفض مستوى التخصيب وتجميد عملية تركيب أجهزة الطرد المركزي المتطورة، أي - فعلياً - إبعاد إيران نحو نصف سنة عن القدرة على تحقيق اختراق نحو امتلاك سلاح نووي. هذا بالإضافة إلى استعادة الرقابة الشاملة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المشروع النووي الإيراني. في المقابل، ليس بالإمكان محو المعرفة الواسعة جداً التي تراكمت لدى إيران، وستبقى أجهزة الطرد المركزي المتطورة في إيران، وهو ما سيجعلها قادرة في المستقبل على العودة إلى التخصيب خلال وقت قصير في الوقت الذي تتمتع بتحرير مئات ملايين الدولارات التي تمتلكها في الخارج، ومن عائدات تصدير النفط والغاز.
- استمرار القفز الموضعي، وإن كان تحت ستار المفاوضات التي قد تفضي إلى اتفاق، فهو الأشدّ خطورة من وجهة النظر الإسرائيلية. ففي هذا السيناريو، تتواصل العقوبات المفروضة على إيران حقاً، إلا إن إيران ستواصل، بل ستسرّع إذا استطاعت، دفع مشروعها النووي إلى الأمام في الوقت الذي تواصل التصريح بأن الاتفاق إذا ما تحقق، فسيكون بمقدورها وقف تقدُّم برنامجها النووي. في مثل هذا السيناريو، قد تنجح إيران خلال وقت غير طويل في تكديس ما يكفي من المواد الانشطارية للتخصيب إلى المستوى العسكري في عدة منشآت نووية، ومن هناك، من المرجح أن يزداد إغراء الاختراق نحو امتلاك سلاح نووي.
- انهيار المفاوضات واعتراف واشنطن والدول الأوروبية الشريكة بذلك سيشكلان، من دون شك، إنجازاً كبيراً في نظر معارضي الاتفاق، لكن من المشكوك فيه أن يكون لدى أيٍّ منهم رد فعل على استمرار تقدُّم إيران في تجميع اليورانيوم المخصّب بدرجة عالية، ناهيك باستمرار تطوير وتحسين القدرات الأُخرى في إطار المشروع النووي. وقد أعلنت الإدارة الأميركية أنها تستعد أيضاً لاحتمال أن يكون هنالك حاجة إلى تنفيذ بدائل من عدم العودة إلى الاتفاق النووي، لكن يبدو أنه خلافاً للتصريحات العامة، ليس لديها أي خطة منظمة ومتكاملة لكيفية التعامل مع إيران في حال انهيار الاتصالات الحالية وفشلها. علاوة على ذلك، حتى بعد الانتخابات النصفية، ستواصل إدارة بايدن مواجهة الحاجة إلى الاستجابة وتوفير حلول لسلسلة طويلة من المشاكل الداخلية (الوضع الاقتصادي، وتعمُّق الاستقطاب الاجتماعي، وما إلى ذلك) ومواجهة التحديات الخارجية التي تهدد المصالح الأميركية، وعلى رأسها المنافسة مع الصين والحرب في أوكرانيا.
- هذا الواقع الخطِر بالنسبة إلى إسرائيل، يفرض وضع استراتيجيا جديدة حيال إيران بصورة فورية. صحيح أن إسرائيل تشجع عدم العودة إلى الاتفاق، إلا أنها لم تطرح حتى الآن أي بديل استراتيجي قابل للتطبيق لمواجهة هذا الوضع. من المشكوك فيه ما إذا كانت ردة فعل النظام الدولي على انهيار الاتفاقية، ولا سيما الولايات المتحدة بصورة خاصة، ستنسجم مع طموحات إسرائيل، وفي صلبها تشديد العقوبات بصورة حادة وبناء "خيار عسكري ذي صدقية" من أجل فرض "اتفاقية أقوى وأطول أمداً" على إيران. في الولايات المتحدة، هناك اتفاق شامل من جانب الحزبين على أنه يجب تجنُّب التورط في حروب "غير ضرورية"، وخصوصاً في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تستثمر مواردها في مواجهة عواقب الحرب في أوكرانيا والتقديرات إزاء الصين. في ظل هذه الظروف، إن احتمال بناء تحالُف فعّال ضد إيران ضعيف، ما دام يركز بشكل أساسي على تطوير التخصيب، ولن يكون هنالك دليل قاطع على أنها تتجه نحو إنتاج القنبلة.
- افتراض أن سيناريو التوصل إلى اتفاق في المرحلة القريبة هو أقل احتمالية من السيناريوهين الآخرين، سيكون من الأفضل أن تواصل الحكومة الإسرائيلية إجراء حوار استراتيجي سرّي مع الإدارة الأميركية، وأن تركز تحركاتها على ترويج مقترحات لا تهدف إلى تقويض الفرص الضئيلة لتحقيق التقدم نحو الاتفاق، وإنما تخدم مصالحها وحاجاتها العسكرية والاستراتيجية، بما في ذلك ترسيخ وتعزيز منظومة التعاون السرّي والفعال مع دول المنطقة، تحت رعاية الولايات المتحدة. وما يستدعي هذا بالأساس، هو الاحتمال الجدي بأن يؤدي الفشل في التوصل إلى اتفاق إلى تشجيع إيران على الشروع في تحركات عدوانية ضد جيرانها، مع التشديد على الوجود الأميركي في المنطقة، والذي تهاجمه طهران بشدة. يجب على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار أنه حتى لو لم تفُز الإدارة الأميركية في انتخابات التجديد النصفي بأغلبية في كلا المجلسين التشريعيين، فلا يزال هناك عامان متبقيان لولايتها، وثمة أهمية كبيرة لقدرة إسرائيل على الحفاظ على علاقة جيدة معها بشأن مجمل القضايا السياسية والأمنية المطروحة على جدول الأعمال.
- ما زالت المواجهات بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لا تحتل العناوين الرئيسية، وغالباً ما تتم إزاحتها إلى الصفحات الداخلية، إلى جانب أخبار الجناية والجريمة. والانطباع الذي يؤخذ من قراءة الصحف هو أننا لا نشهد اشتعالاً واسعاً لموجات من العمليات مثلما شهدنا في الماضي. غير أن هذا الهدوء مخادع، أو حتى أنه هدوء ما قبل العاصفة، وفي واقع الأمر، فإن العاصفة باتت هنا. فلا يكاد يمرّ يوم واحد من دون حوادث عنف بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين، وخصوصاً أن كل قرية أو مدينة تنفّذ فيها قوات الجيش الإسرائيلي عمليات جارية واعتيادية، تصبح ميدان معركة تصطدم فيه مئات الفلسطينيين بقواتنا، بل أنهم يطلقون النار نحوها بكل الأسلحة المتوفرة تحت تصرّفهم. ولا يكاد يمر يوم واحد من دون أن نبلّغ عن محاولة طعن أو دهس، وبالتوازي، طرأ ارتفاع كبير في عدد القتلى الفلسطينيين في هذه المواجهات. ولا شك في أن كل قتيل يشعل الخواطر ويثير المشاعر، ويشحن دواليب الصراع بالزيت أو بالدم.
- تتصدر جنين، عاصمة "الإرهاب"، هذه العاصفة، لكن قبل نحو أسبوع، وقعت في غور الأردن عملية إطلاق نار نحو حافلة باص كان تقلّ جنوداً، وقبل بضعة أيام من ذلك، أُطلقت عيارات نارية نحو حافلة باص بالقرب من مستوطنة "عوفرا". وفي نابلس والخليل، وفي غلاف القدس وحتى في الأحياء العربية فيها، تقع أحداث عنف كل يوم، وباختصار، المناطق [المحتلة] كلها تشتعل.
- ثمة مَن يربط تعاظُم العنف بحقيقة أننا في أواخر عهد السلطة الفلسطينية، أو على الأقل في أواخر عهد رئيس السلطة محمود عباس، ابن الـ87 عاماً. فهذه السلطة، وعباس على رأسها، ضعيفة وعديمة القوة، ولا سيما فيما يتعلق بالرغبة في فرض الحوكمة على المناطق التي تحت سيطرتها. لكن المستقبل سيكون أسوأ، إذ إن من سيخلف عباس لن يتمتع بالشرعية إياها التي تمتع بها هو الذي رافق ياسر عرفات على مدى أعوام طويلة. كما يمكن أن نعزو ارتفاع مستوى العنف إلى ريح الإسناد التي تلقاها الفلسطينيون ممن يُفترض بهم أن يكونوا الأصدقاء الطيبين لإسرائيل والمؤيدين لحقّها في الدفاع عن نفسها. فالنقد الذي تتعرض له إسرائيل في قضية قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة والتوبيخات العلنية لأنظمة فتح النار لدى الجيش الإسرائيلي، يعتبرهما الفلسطينيون إنجازاً سياسياً، وبمثابة وجود مردود للعنف.
- لكن المهم الآن هو كيف نوقف نقاط الماء التي يبدو أنها تحولت إلى طوفان منذ وقت بعيد. ويجب أن نتذكر أن أحداً لم يتوقع الانتفاضات السابقة التي كانت بمثابة حدث عفوي ومتدحرج لم يبادر إليه أو يوجهه أحد، لا في تونس، ولا في رام الله. إن الجموع في الميدان هي التي قادت خطى الأحداث وأمسكت بإسرائيل غير جاهزة، وعليه، تأخرت في الرد، وفقدت السيطرة لفترة.
- في النتيجة، كانت الانتفاضة الأولى هي التي أدت إلى اتفاقات أوسلو، وكانت الانتفاضة الثانية هي التي جلبت معها خطة الانفصال عن غزة. وهما خطوتان لا تزالان تجبيان منا ثمناً باهظاً حتى اليوم. فضلاً عن كل هذا، يجب ألا ننسى أن جوهر الصراع على هذه البلاد مليء بالمدّ والجزر، وبفترات من الهدوء والتصعيد. غير أن جيلنا لن يحظى بالهدوء المطلق على ما يبدو.
- أحيت إسرائيل مؤخراً ذكرى مرور 55 عاماً على سيطرتها على يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، أكثر بكثير من فترتيْ الانتداب البريطاني والحكم الأردني معاً. إن الوضع القائم السائد في الميدان يبدو لكثيرين أهون الشرور، فهو يسمح لنا بالسيطرة على المنطقة، من دون أن ندفع لقاء ذلك أثماناً في الساحة الدولية. لكن هناك لحظة تتفوق فيها نواقص الوضع القائم على فضائله. وهي اللحظة التي تتطلب تفكيراً من خارج الصندوق لإحداث تغيير في الوضع. وفي هذا الشأن، ينبغي الافتراض بأن الفلسطينيين كانوا سيفضلون، حتى وإن لم يعترفوا بذلك، أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين، غير أن هذا ليس هو الأمر الصحيح لإسرائيل في هذا الوقت.
- مهما يكن، فإن ما ينبغي القيام به هو أن نضرب موجة "الإرهاب" التي ترفع رأسها بكل قوة، قبل أن تصبح انتفاضة ثالثة، وقبل أن يصبح الوضع القائم خارجاً عن السيطرة.