مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد إن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان يصب في مصلحة إسرائيل ويعزز أمنها، وأكد أنه اتفاق تاريخي، من شأنه تأجيل أي مواجهة محتملة مع حزب الله.
وجاءت أقوال لبيد هذه في سياق مؤتمر صحافي عقده في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس مساء أمس (الأربعاء)، وشارك فيه أيضاً كلٌّ من وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس، ووزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين إلهرار، وأشار فيها لبيد أيضاً إلى أن إسرائيل رفضت التعديلات اللبنانية الأخيرة على المقترح الأميركي للاتفاق، وأن الاتفاق يُعدّ إنجازاً كبيراً لاقتصاد إسرائيل وأمنها، فضلاً عن أنه يحافظ على أمن المستوطنات الشمالية وحرية عمل الجيش الإسرائيلي في المنطقة، وعلى السيطرة البحرية في المنطقة المقابلة للسواحل الشمالية فيما يسمى بـ"خط الطفافات".
ووفقاً للبيد، ستحصل إسرائيل على 17% من عائدات حقل "قانا" الذي يقع في الجانب اللبناني بموجب اتفاق ترسيم الحدود المرتقب بين الجانبين، ولن يحصل حزب الله على أيٍّ من عائدات الغاز. وفيما يتعلق بحزب الله، قال لبيد إن الاتفاق "يُبعد احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مع الحزب"، وأضاف: "إن إسرائيل لا تخشى من حزب الله، ولكن إذا كان تجنُّب الحرب ممكناً، فمن مسؤولية الحكومة القيام بذلك."
وعن الانتقادات الحادة التي وجّهتها المعارضة الإسرائيلية إلى الاتفاق المحتمل، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، قال لبيد إن الدعاية الكاذبة والسامة التي انتشرت بشأن هذا الاتفاق منفصلة تماماً عن الواقع، وهي مخصصة لأهداف سياسية فقط، وجاءت من طرف أشخاص لم يطّلعوا على الاتفاق، وليس لديهم أدنى فكرة عما يتضمنه وما لا يتضمنه.
وأضاف رئيس الحكومة: "أوضحنا للبنانيين أن إسرائيل لن تؤخر الإنتاج في منصة كاريش ليوم واحد، ولن تخضع لأي تهديد. إن هذه المنصة تقع ضمن سيادتنا، وأي هجوم عليها سيكون بالتالي هجوماً على إسرائيل، ولن نتردد لحظة واحدة في استخدام القوة للدفاع عن حقنا في الغاز."
وأشار لبيد إلى أن الاتفاق سيدرّ على إسرائيل عائدات تُقدَّر بالمليارات، وستستفيد منها كل أسرة في إسرائيل.
كما أشار إلى أن الاتفاق سيُعرض على الهيئة العامة للكنيست، وأن جميع المواد الاستخباراتية السرية التي لا يمكن عرضها أمام الهيئة العامة، ستُعرض على لجنة الخارجية والأمن فقط. وقال: "عندما يتم عرض الاتفاق على الجمهور، سيتمكن كل فرد من أن يرى بنفسه ما هو الإنجاز التاريخي الذي حققته إسرائيل هنا، وكيف أن الدعاية الكاذبة والسامة التي تم نشرها بشأن هذا الاتفاق منفصلة تماماً عن الواقع."
من جهته، قال وزير الدفاع بني غانتس إن الاتفاق يخدم المصالح العميقة لدولة إسرائيل. وأضاف أن "الاتفاق يوجِد معادلة أمنية جديدة فيما يتعلق بالبحر والأصول الاستراتيجية لإسرائيل، ومن المحتمل أن يقلّص نفوذ إيران في لبنان. كما يضمن الاتفاق استمرار حرية العمل في المنطقة القريبة من الساحل وحيثما يكون ذلك ضرورياً. وأود أن أؤكد أننا لم نتنازل عن ميلليمتر واحد من الأمن."
وأشار غانتس إلى أن إنجاز الاتفاق في أثناء فترة انتخابات عامة هو أمر غير مرغوب فيه، لكنه أكد في الوقت عينه أنه ضروري، وبالتالي فمن الصواب قبوله وتأييده لأننا أمام نافذة من الفرص قد تُغلق، وهو في مصلحة مواطني إسرائيل.
وكان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا دافع، في سياق إحاطة للصحافيين في وقت سابق أمس، عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وأكد أن هناك مصلحة أمنية إسرائيلية في تقوية دولة لبنان لأن ذلك يُضعف حزب الله.
وقال حولتا: "إن الاتفاق لا يتوافق مع مصالح إيران في لبنان، فهو يقوّي الحكومة اللبنانية ويقلل من اعتمادها على حزب الله، وبالتالي فهو ضد المصلحة الإيرانية، وفي نظرنا، كان هذا أحد أسباب الدفع قدماً نحو توقيع الاتفاق."
وأشار حولتا أيضاً إلى أن الاتفاق سيعمل على استقرار الوضع الأمني في مقابل لبنان، وهو أول تسوية سياسية مع هذا البلد منذ 40 عاماً، كما أنه يشير إلى حدوث تغيير في موقف حزب الله المعارض لأي اتفاق مع إسرائيل.
كما أشار حولتا إلى أن لبنان لم يحصل على 100% مما طلبه، فقد أراد 100% من حقل "قانا"، لكنه لم يحصل على ذلك، وسيتم تعويض إسرائيل عن حقوقها في الحقل، كذلك لم يحصل على الخط الذي أراده في المنطقة الأمنية في "خط الطفافات".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية صادقت في وقت سابق أمس، بأغلبية كبيرة، على مبادئ الاتفاق المقترح لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وذلك بعد مصادقة المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية - الأمنية عليه.
وجاء في بيان صدر في ختام اجتماع المجلس الوزاري المصغر، إن جميع أعضاء المجلس أيدوا المضي قدماً بإجراءات التوقيع، ما عدا وزيرة الداخلية أييلت شاكيد التي امتنعت من التصويت. أمّا رئيس الحكومة البديل نفتالي بينت فقال إنه بعد درس الموضوع بإمعان، قرر تأييد الاتفاق، على الرغم من الإشكالية في توقيت التوقيع. وأضاف أنه في ظروف اعتيادية، كان من الأفضل أن تتخذ الحكومة المقبلة القرار في هذا الشأن، إلاّ إن الظروف الحالية تحتّم اتخاذ القرار حالياً، نظراً إلى التحديات والاعتبارات الأمنية التي عرضها قادة الأجهزة الأمنية على المجلس الوزاري.
ومن المقرر عرض مسودة الاتفاق أمام الكنيست اليوم (الخميس) لمناقشة تفاصيله، على أن يتم طرحه مجدداً أمام الحكومة للمصادقة عليه نهائياً بعد 14 يوماً.
وطالب رئيس كتلة الليكود البرلمانية عضو الكنيست ياريف ليفين رئيس الكنيست ميكي ليفي بعدم الاكتفاء بمناقشة الاتفاق في الكنيست، وإنما عرضه للتصويت والكشف عن جميع تفاصيله، بما في ذلك السرية.
قالت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى أمس (الأربعاء) إن الجيش الإسرائيلي قرر زيادة الضغط على منطقة نابلس، وقام بإغلاق معظم مداخل التجمعات السكنية ومخارجها ابتداءً من صباح أمس.
وأضافت هذه المصادر نفسها أن قوات الأمن الإسرائيلية لا تزال تبحث في هذه المنطقة عن عناصر مجموعة تسمي نفسها "عرين الأسود"، وهي مسؤولة عن عدة عمليات إطلاق نار داخل إسرائيل، بما في ذلك العملية الأخيرة التي أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي بالقرب من نابلس.
وقال أحد هذه المصادر العسكرية: "تم وضع الحواجز لاعتبارات أمنية، مثل عرقلة حركة منفّذي العمليات، ولا نعلم بعد متى سنقوم بإزالتها، لكن قد يستغرق الأمر عدة أيام." وأضاف أن المجموعة التي تطلق على نفسها اسم "عرين الأسود" هي التي تتحمّل المسؤولية عن تشويش سير حياة سكان نابلس والمنطقة.
وأفادت مصادر فلسطينية أنه تم إغلاق كل مداخل نابلس ومخارجها، وحالياً، يمكن الدخول عن طريق ثلاثة مداخل، لكن الخروج منها يرتبط بفحص أمني من جانب جنود الجيش الإسرائيلي، أو عناصر الأجهزة الأمنية.
ذكر بيان صادر عن جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] أمس (الأربعاء) أن الجهاز اعتقل، مؤخراً، في الضفة الغربية خلية مكونة من 4 شبان فلسطينيين مشتبَه في إجرائهم اتصالاً بناشط من حركة "حماس" في غزة والتخطيط لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وأضاف البيان أنه تبين من التحقيق الذي أجراه جهاز "الشاباك" أن أفراد الخلية كانوا على اتصال ببلال بشارات، وهو ناشط في "حماس" أُطلق سراحه من السجن بموجب "صفقة جلعاد شاليط" ويعمل في غزة، وأنهم قاموا بشراء أسلحة وجمع معلومات في المنطقة لتنفيذ هجمات إطلاق نار نيابةً عن "حماس" ضد أهداف مدنية وضد جنود إسرائيليين.
وجاء في بيان "الشاباك" أنه في الأعوام الأخيرة، ازدادت الاتصالات بين شبان في الضفة الغربية وبين ناشطي منظمات "إرهابية" من قطاع غزة، ويقوم هؤلاء الناشطون باستغلال الفلسطينيين المقيمين بالضفة الغربية لترويج نشاطات عدائية، بينما تقوم عناصر "حماس" من قطاع غزة بنقل الأموال والأسلحة.
اندلعت مساء أمس (الأربعاء) مواجهات في أنحاء متفرقة من القدس الشرقية، رفضاً للحصار الذي تفرضه قوات الجيش الإسرائيلي على مخيم شعفاط وبلدة عناتا شمال شرقي القدس لليوم الخامس على التوالي.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إن المواجهات اندلعت في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، وأطلقت خلالها قوات الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز والرصاص المعدني المغلف بالمطاط في اتجاه منازل المواطنين في البلدة. كما اقتحمت قوات الجيش بلدة الطور. وفي قرية صور باهر اندلعت مواجهات عنيفة استهدفت قوات الجيش الإسرائيلي خلالها منازل المواطنين بقنابل الصوت والغاز.
ونفّذ شبان فلسطينيون مساء أمس عملية إطلاق نار استهدفت قوات الجيش الإسرائيلي في حاجز قلنديا في القدس الشرقية. وأظهرت مقاطع فيديو وقوع اشتباك مسلح بين قوات الجيش وشبان فلسطينيين بالقرب من الحاجز.
وعمّ الإضراب الشامل أمس عدة مدن في الضفة الغربية والقدس الشرقية، استجابةً لنداء أهالي مخيم شعفاط ومجموعة "عرين الأسود".
يُذكر أن قوات الجيش الإسرائيلي تقوم منذ مساء يوم السبت الماضي باقتحام مخيم شعفاط بشكل متواصل، وتفرض عليه حصاراً وإغلاقاً، وذلك بحثاً عن الشاب عدي التميمي (22 عاماً) الذي تقول إنه نفّذ عملية إطلاق نار في حاجز عسكري بالقرب من المخيم أسفر عن مقتل مجندة إسرائيلية وإصابة حارس أمن بجروح وُصفت بأنها خطرة.
من ناحية أُخرى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس أن الشاب أسامة محمود عدوي (18 عاماً) قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين شمالي الخليل.
- مع حلول الخريف في كل عام، ومع الأعياد العبرية التي تصادف فيه، تحظى المناطق المخضرّة في الجليل باهتمام إعلامي وزائرين كثر، غير أن هذه المناطق أصبحت في الفترة الأخيرة محور نقاش قومي من الدرجة الأولى. فـ"الجليل في خطر"، كما حذّر أعضاء كنيست من اليمين ورؤساء سلطات محلية في الشمال، وذلك على خلفية أن مزارعين من اليهود عرضوا مساحات من الأراضي التي يملكونها للبيع، فاشتراها مواطنون من العرب بصورة قانونية، وهو ما اعتُبر بمثابة سطو وانهيار.
- إن هذا الجدل العنصري، الذي يعتبر المواطنين العرب أعداء، هو جزء من "حملة الحوكمة" التي يقودها اليمين، والتي تسري أيضاً، وبصورة غير مفاجئة، على النقب ـ المنطقة الأُخرى التي تضم الكثير من البلدات غير اليهودية. لكن، لا تخطئوا: إن المعنى الحقيقي لـ"الحوكمة"، الكلمة السحرية التي يعشق كثيرون في اليمين التغني بها، هو ليس سلطة القانون وسيادته والمساواة أمام القانون، وإنما طريقة سهلة للقول: "لا تزعجونا ونحن نمارس التمييز ضد المواطنين العرب."
- ليس ثمة ما يجسد هذا أكثر وأفضل من صورة الفتاة التي تزيّن ملصقات الحوكمة، وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييلت شاكيد. هذا ما كان، على سبيل المثال، عندما تبنّت استنتاجات وتوصيات لجنة كمينتس، ودفعت نحو تشريع أمر قانوني يفرض غرامات مالية باهظة على تجاوزات في مجال البناء. فالهدف المُعلَن من تشريع هذا الأمر هو معاقبة المواطنين العرب والمساس بهم، إلاّ إن النتيجة الفعلية كانت أنهم شرعوا في فرض هذه الغرامات على مُخالفي البناء اليهود أيضاً. ومثلما اعترفت شاكيد، من دون خجل، "أردنا فعل خير، لكننا فعلنا شراً في النتيجة العملية. كان الهدف فرض القوانين وتطبيقها على البناء غير القانوني في الوسط غير اليهودي."
- إن الإثبات الأفضل على خواء مصطلح "الحوكمة" موجود فيما وراء الخط الأخضر. فإن كانت تجاوزات البناء صادمة إلى هذا الحد بالنسبة إلى الوزيرة شاكيد، وإن كانت عمليات شراء الأراضي بصورة قانونية تشكل موضوعاً للبحث والنقاش في الكنيست، ولتقارير صحافية في وسائل الإعلام، فإذاً كيف يحظى البناء غير القانوني في البؤر الاستيطانية بالدعم الصريح، أو بالصمت الصاخب؟ "ليست ثمة أي مشكلة في إقامة بلدات بصورة غير قانونية"، قالت شاكيد في مقابلة أُجريَت معها مؤخراً. طالما أن الحديث هو عن اليهود فقط، لأن البناء الفلسطيني في مناطق "ج" (C) هو "استيلاء". وإذا كان "الاستيلاء غير القانوني على مناطق واسعة، سرقات الكهرباء، والمياه، والمعدات القتالية من قواعد الجيش الإسرائيلي" هو غياب الحوكمة، كما يقول "منتدى كوهيلت"، فإذاً كيف يلتزم اليمين الصمت حيال العنف الذي يمارسه المستوطنون من دون أي توقف؟ هذا الأسبوع، مثلاً، أغلق عشرات المستوطنين جميع المخارج من مدينة نابلس. "طالما أن السكان لا يتمتعون بالأمن، فالأعداء لن ينعموا بحياة عادية"، قالوا. وماذا فعلت سلطات تطبيق القوانين، أي الجيش في هذه الحالة، حيال أخذ مواطنين القانون بأيديهم وإغلاقهم جميع المخارج من مدينة مركزية؟ وقفوا على الحياد. لسبب ما، لم يعبّر دعاة الحوكمة عن أي قلق من على أي منصة متاحة.
- وكيف يمكننا تفسير الصدمة من التصرف العنيف الذي بدر من أوساط في المجتمع العربي في إسرائيل، والذي دفع بعضو الكنيست يوآف غالانت إلى التصريح بأن "ثمة خشية كبيرة من تصعيد في الأمن الداخلي إلى درجة فقدان قوات الأمن السيطرة على ما يجري"، في مقابل اللامبالاة حيال أخذ أوساط من بين المستوطنين القانون بأيديهم بصورة شبه يومية، اعتداءاتهم المتكررة على المزارعين، وإيقافهم الفلسطينيين في الشوارع، أو اقتحامهم القرى الفلسطينية وقذف السكان والمنازل بالحجارة؟
- يكرّس اليمين الاحتلال بصورة يومية، بينما لا يعني هذا الوسط واليسار الإسرائيليين بأي شيء، ولا يثير أي اهتمام لديهما، وهو يرفض بسط الحوكمة، المقدسة في عُرفه، على المواطنين [المستوطنين] الإسرائيليين في المناطق [المحتلة] لأنه يحتفظ بذلك لـ"النقب والجليل فقط". إن غياب أي معالجة لمنتهكي القانون اليهود، ليس لأنه لا يثير أي مطالبة بالحوكمة فحسب، بل أيضاً يحظى هؤلاء بدعم سياسي واسع.
- ليس الحرص على تعزيز سلطة القانون وسيادته هو ما يهمّ دعاة الحوكمة، ولا إيجاد الحلول غير العنيفة لمشاكل المواطنين وأسباب ضائقتهم، ولا حتى مجرد التظاهر باعتماد المساواة أمام القانون في التعامل مع جميع مواطني الدولة. إن ما يهمهم هو التفوّق اليهودي فقط، وكل ما عدا ذلك هو ألاعيب كلامية لا غير.
- في سنة 1919، استقال اقتصادي بريطاني شارك في الوفد البريطاني لتوقيع اتفاق فرساي من منصبه، احتجاجاً على الشروط الجهنمية التي فرضها الاتفاق على ألمانيا. وحذّر من أن التعويضات الهائلة التي طُلب من ألمانيا دفعها ستؤدي إلى انهيارها اقتصادياً، وهو ما سيخلق ظروف نشوب حرب أُخرى.
- بعد مرور ربع قرن على ذلك، وبعد تحقُّق توقعاته بشأن نشوب حرب عالمية ثانية، أصبح جون مينارد كينز الاقتصادي الأكثر شهرة في القرن العشرين. الإدارة الأميركية استوعبت الرسالة. الحرب العالمية الثانية لم تنتهِ باتفاق شمل تعويضات عقابية فُرضت على ألمانيا، بل على العكس من ذلك. وبعد احتلال ألمانيا، جرى الاتفاق على خطة تعويضات ضخمة لإعادة إعمار ألمانيا، هي خطة مارشال.
- ما فهمه كينز في سنة 1919 لا يزال صحيحاً اليوم أيضاً: المال ليس سبباً للحرب، بل العكس، المال هو أداة لمنع الحرب، والاستراتيجيا السياسية الأكثر نجاحاً هي شراء الهدوء بالمال. وهذه هي الاستراتيجيا التي توجّه إسرائيل في هذه الأيام في الاتفاق البحري مع لبنان.
- هو اتفاق اقتصادي. تنازلت إسرائيل للبنان عن المياه الاقتصادية التي يوجد فيها مخزون الغاز بئر قانا. حجم هذه البئر ليس معروفاً في هذه المرحلة، لكنه يقدَّر بنحو 20 مليار دولار (نحو 5 مليارات بالمقاييس الحالية). وعلى الرغم من أن هذه هي القيمة القصوى للبئر كلها، فإن إسرائيل منذ البداية لم تدّعِ أن البئر كلها تعود إليها، ومنذ سنة 2013، وافقت على التخلي عن جزء آخر منه. وفي الأيام الأخيرة، وافقت على التنازل عن 20% أُخرى. وهذا يعني أن إسرائيل تنازلت في الاتفاق الحالي عن 4 مليارات دولار بالمقاييس الجارية (أقل من مليار دولار بالمقاييس الحالية).
- ليس من المعقول أن تثور الدولة وتغضب بسبب التنازل عن مليار أو ملياريْ دولار لا أكثر. فهذا المبلغ ضئيل، ومما لا شك فيه أنه إذا نجحت إسرائيل في شراء الهدوء في مواجهة لبنان بـملياريْ دولار، فإن هذا سيكون أحد أنجح الاتفاقات الاستراتيجية لها على الإطلاق، وهو استثمار ضخم، مقارنةً بالبدائل الأُخرى. للتوضيح، الحروب تكلف إسرائيل قرابة 7% - 30% من ناتجها المحلي الإجمالي، وأحياناً لأعوام طويلة، بالإضافة إلى الخسائر في الأرواح والضرر الذي يلحق بمكانتها الدولية، وبالأساس بأعمالها التجارية. البروفيسور يوسي زعيرا، مؤلف كتاب "اقتصاد إسرائيل"، قدّر أن الحروب تكلف ارتفاعاً في المخاطر، وهو ما يقلص الرغبة في الاستثمار بنحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي بصورة دائمة (أي خسارة مداخيل تقدَّر بـ100 مليار دولار سنوياً).
إنجاز أمني مهم
- في تقدير غيورا إيلاند، اللواء في الاحتياط والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي والشخص الذي رسّم خط الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في سنة 2000، أن المقصود صفقة الحلم. ففي تقديره، استخدم حزب الله "سرقة إسرائيل للغاز اللبناني" كذريعة لنشوب حرب. وكان هذا هو مبرر حزب الله للضرر الهائل الذي كان سيتكبده لبنان في الحرب في مواجهة إسرائيل، والمبرر اللبناني الداخلي. وهذا هو سبب عدم توقيع لبنان اتفاقاً مع إسرائيل لترسيم الحدود الاقتصادية منذ سنة 2010، فحزب الله لم يسمح له بذلك. ما تغيّر في السنة الأخيرة هو طبعاً الوضع الاقتصادي في لبنان. انهيار الاقتصاد اللبناني حوّل المداخيل من الغاز إلى طوق نجاة، ولم يبقَ أمام حزب الله سوى رفع الفيتو المتعلق بالاتفاق مع إسرائيل.
- هناك تفسير آخر لِما حدث، هو تفسير نتنياهو: تخاذُل رئيس الحكومة يائير لبيد، أو خضوعه لتهديدات المسيّرات التي أطلقها حزب الله على منصة الغاز الإسرائيلية كاريش، وقبوله كل المطالب اللبنانية. أيضاً مَن أجرى المفاوضات مع لبنان حتى سنة 2019 وزير الطاقة السابق يوفال شتاينتس هاجم لبيد قائلاً: "الحل الوسط هو عندما نقسّم في الوسط، وليس عندما يحصل اللبنانيون على كل شيء ولا نحصل على أي شيء."
- شتاينتس على حق من حيث المبدأ، لقد تنازلت إسرائيل تقريباً عن كل مطالبها المتعلقة ببئر قانا، ولم يبقَ من مطلبها الأول، الحصول على 57%، سوى 17% فقط. لكن سبق أن تنازلنا عن 20% من البئر خلال ولاية نتنياهو في سنة 2013. وهو ما يعني أن التنازل الحالي هو عن 20% من البئر؛ وفي جميع الأحوال، التكلفة الاقتصادية لكل هذا الحدث هي بضعة مليارات، وهي ضئيلة، مقارنةً بالأهمية الجيوسياسية لهذا الاتفاق.
- أيضاً الادّعاء بالتنازل عن 57% من البئر لا أساس له. لا توجد حدود في المياه الاقتصادية المفتوحة أمام كل السفن، وبالتالي تتقاسم الدول المياه الاقتصادية من خلال اتفاقات فيما بينها. عموماً، هذه الاتفاقات مهمة فقط عندما يجري اكتشاف مخزون للغاز في البحر، وفجأة تصبح للبحر المفتوح أهمية اقتصادية، ومن دون ذلك، لا أحد يهمه ما يجري هنا. لقد تنازلت إسرائيل عن شيء ما أرادت أن يكون لها، لكنه لم يكن ملكاً لها قط (وأيضاً لم يكن ملكاً للبنان وقبرص).
- في مقابل ذلك، هناك قانون البحار الواضح بشأن المياه الإقليمية: يجب أن تمتد هذه المياه على منطقة تصل إلى 12 ميلاً بحرياً (على بُعد 22 كلم من الشاطىء). وعلى الرغم من أن المياه الإقليمية خاضعة للسيادة الإسرائيلية، فإنه لا يوجد حتى اليوم خط حدود واضح بينها وبين لبنان. في سنة 2000، رسّم غيورا إيلاند، بصورة أحادية، خط الحدود في البحر، ووضع طفافات على طول هذه الحدود كي يقوم سلاح البحر بدورياته. لم يقبل لبنان قط بخط الطفافات، وهو للمرة الأولى يقبل به (بصورة غير رسمية)، وهذا إنجاز أمني مهم لإسرائيل.
الهدوء أفضل من الحرب
- نقطة الضعف الوحيدة في الاتفاق هي موافقة إسرائيل على إزاحة خط الطفافات، بدءاً من الكيلومتر السادس (من الكلم 6 وحتى الكلم 22، وعلى طول 17 كلم) 300 متراً في اتجاهها. وفي الإجمال، إسرائيل أعطت لبنان قرابة 6 كيلومترات من مياهها الإقليمية. وعلى الرغم من أن هذه الموافقة ليس لها أهمية أمنية لأن الخط تحرك 300 متر فقط، فإن لها أهمية رمزية وقانونية. وليس مؤكداً أن في إمكان حكومة تصريف أعمال التنازل عن 6 كلم من منطقة المياه الإقليمية.
- يحذّر شتاينتس من أن التنازل عن 6 كلم هو سابقة خطِرة تُظهر إسرائيل أمام دول المنطقة كدولة من السهل عليها القيام بتنازلات إقليمية. من المحتمل أن يكون شتاينتس على حق، لكن المقصود تنازُل ليس له أهمية أمنية أو اقتصادية. في المقابل، حصلنا على اتفاق مع لبنان على خط الحدود بيننا، وعلى إمكانية مهمة هي هدوء نسبي كامل.
- يدّعي شتاينتس أن إسرائيل تنازلت عن مياهها الاقتصادية في المنطقة 850 كيلومتراً مربعاً، التي من المحتمل أن تحتوي على اكتشافات للغاز. لا أحد يعرف ذلك سوى أصحاب المعرفة. في جميع الأحوال، هذا يعيدنا إلى كينز: ليس هناك استراتيجيا ناجحة أكثر من شراء الهدوء بالمال. وما دام هناك مصالح اقتصادية كبيرة للبنان في البحر المجاور لنا، فإن خطر الحرب يتقلص.
- تحديداً الحديث عن تنازلات إسرائيل واعتبار الاتفاق إنجازاً للبنان وهزيمة لإسرائيل يعزز احتمال الهدوء. ومن الأسهل لحزب الله أن يقبل الاتفاق ويلوّح به أمام المواطنين اللبنانيين على أنه إنجاز سياسي له. علاوة على ذلك، تنازلت إسرائيل عن 6 كيلومترات لا أهمية لها من مياهها، وخسرت احتمال غاز يقدَّر بمليارات معدودة من الدولارات، لكنها في المقابل، حصلت على اتفاق على الحدود البحرية، وعلى احتمال مهم لهدوء نسبي مع لبنان. فإذا كان هذا هزيمة، فإنه من أكثر الهزائم نجاعة بالنسبة إلينا. وأيّ اقتصادي مبتدىء ورجل دولة عاقل يدرك ذلك.
- الاتفاق مع لبنان على الحدود البحرية ليس اتفاقاً اقتصادياً على توزيع أرباح الغاز فقط. هو أكثر بكثير من ذلك، اتفاق سياسي - أمني غير مسبوق دخله كلٌّ من إسرائيل ولبنان.
لماذا هو مهم؟
- في إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة، يعرّفونه بأنه "تاريخي". هذا الادعاء ليس فارغاً.
- منذ إقامة الدولة، هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها لبنان مع إسرائيل في اتفاق دولي مُلزم ينهي خلافاً سياسياً - اقتصادياً بين الدولتين.
- سابقاً، تم التوصل إلى تفاهمات أمنية بين الدولتين، كما حدث في حملة "عناقيد الغضب" في التسعينيات، قبل الانسحاب من لبنان، أو قرار الأمم المتحدة 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية. لكنهم ركزوا على وقف إطلاق النار، وليس على إنهاء الصراع.
في صلب الأخبار:
- ينص الاتفاق بصورة واضحة على أنه يشكل "نهاية الخلاف البحري بين الدولتين بشكل ثابت وعادل".
- يضمن الاتفاق الطلب الأمني المركزي الإسرائيلي - المحافظة على خط الطفافات الذي يبلغ طوله خمسة الكيلومترات والذي وضعته إسرائيل بشكل أحادي في البحر في منطقة رأس الناقورة، بعد الانسحاب من لبنان في سنة 2000.
- المحافظة على "خط الطفافات" ضروري أمنياً، لأنه يمنع قدرة السيطرة بالنار والمراقبة من لبنان على منطقة الساحل في شمال إسرائيل.
- يعترف الاتفاق بـ"خط الطفافات" كـ"خط الوضع القائم" الذي يمكن الطعن فيه في حالة واحدة فقط - إذا بدأت مفاوضات ما بين لبنان وإسرائيل على الحدود البرية.
- مفاوضات كهذه غير واردة في الأفق، لكن لو حدثت في يوم من الأيام، فإنها تعني دخول إسرائيل ولبنان في مسار سياسي جدي أكثر.
- الاتفاق أيضاً هو اقتصادي لأنه يوزع أرباح الغاز المحتملة من حقل "قانا- صيدون" في المنطقة المتنازَع عليها.
- ادّعاء معارضي الاتفاق أن لبنان حصل على 100% وإسرائيل على صفر هو ادعاء كاذب. فبحسب الاتفاق، ستحصل إسرائيل على 17% على الأقل من أرباح الحقل.
- بحسب تقديرات وزارة الطاقة، فإن مجمل الأرباح المتوقعة من الحقل تصل إلى 3 مليارات دولار. ستحصل إسرائيل على 500 مليون دولار منها. وبالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني المنهار، فإن المقصود مبلغ مهم جداً يُعَد قليلاً بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي.
- حتى منتقدي الاتفاق يدّعون أن إسرائيل كانت ستحصل على 40% من الأرباح في أفضل الأحوال. الحديث هنا يدور عن نحو نصف مليار دولار فقط زيادة على ما ستحصل عليه الآن. وعلى عكس لبنان، هذا المبلغ لن يغير الواقع في إسرائيل.
الصورة الأكبر:
- بسبب تهديدات حزب الله في الأشهر الأخيرة بشن حرب في حال لم يتم حفظ حقوق لبنان، فإن الاتفاق يمنع التصعيد في الحدود الشمالية ويزيل في المدى القصير عن الطاولة حالة توتُّر عالية جداً.
- في المدى البعيد، يمكن للاتفاق أن يؤدي إلى استقرار أمني على جانبي الحدود، وذلك لأنه يخلق للبنان، وللمرة الأولى، ثمناً محسوساً على شكل منصة غاز تزود سوق الطاقة اللبنانية المنهارة.
- الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لم ينتصر في هذا الاتفاق. العكس هو الصحيح. حزب الله يعيش على التوتر مع إسرائيل والصراع معها. سبب وجوده هو مقاومة إسرائيل، ويعارض أيّ اتفاق معها.
- توقيع الاتفاق يُضعف فكرة المقاومة لدى حزب الله الذي أُرغم على قبول خطوة الحكومة اللبنانية، بعد أن فهم أنها تتمتع بشرعية عالية لدى الرأي العام اللبناني، حيث تراجعت مكانته في الأعوام الأخيرة.
- توقيع الاتفاق يقوّي بصورة خاصة الدولة اللبنانية وحكومتها ومعارضة حزب الله. صحيح أنه يبقى الكثير من مواقع التوتر على الحدود بين إسرائيل ولبنان، لكن الاتفاق يقلل أكثر من شرعية حزب الله في الخروج إلى عملية عسكرية أحادية ضد إسرائيل.
ماذا بعد؟
- الاتفاق مع لبنان ليس جزءاً من "اتفاقيات أبراهام"، لكنه تأثر بالأجواء التي حدثت في المنطقة بعد توقيعها.
- لبنان وافق على مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، بوساطة أميركية، في نهاية ولاية ترامب، بعد اتفاقيات أبراهام. الإمارات والبحرين والمغرب منحوا الحكومة اللبنانية الدعم السياسي العلني في الأسابيع الأخيرة، بهدف الدفع قدماً بالاتفاق مع إسرائيل.
- في العام الماضي، سمعت الكثير من الأصوات داخل لبنان، والتي تحدثت عن تطبيع مع إسرائيل. الاتفاق الحالي بعيد كل البعد عن اتفاق سلام، لكن من المؤكد أنه يحمل رائحة أولية للتطبيع.