مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد إن العملية العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بتنفيذها في نابلس الليلة قبل الماضية وأدت إلى مقتل القيادي في مجموعة "عرين الأسود" وديع الحوح و5 شبان فلسطينيين مسلحين آخرين، كانت عملية معقدة للغاية وتم التخطيط لها أياماً عديدة.
وأضاف لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الثلاثاء)، أن وجهة إسرائيل ليست نحو التصعيد، بل نحو تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية، وأعرب مجدداً عن دعمه لفكرة حل الدولتين، ولكن بشروط إسرائيل، بينها التأكد من عدم إقامة دولة إرهاب فاشلة على حدودها، كما هي الحال عليه في لبنان وسورية وقطاع غزة، وأكد أن الظروف لم تصبح مواتية لهذا الحل بعد.
بدوره، وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أكد أن قوات الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية ستواصل استهداف كل مَن يحاول المساس بأمن إسرائيل وسكانها في أي مكان، وكلما اقتضت الضرورة ذلك.
وجاء تأكيد غانتس هذا في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" أمس، أشاد فيها أيضاً بأداء قوات الأمن الإسرائيلية في نابلس، وشدّد على أن كل مَن تسوّل له نفسه المساس بإسرائيل سينتهي، إما في السجن أو في القبر.
تطرّق رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، خلال كلمة له في مراسم إحياء ذكرى قتلى "لواء كفير" في الجيش أقيمت أمس (الثلاثاء)، إلى العملية العسكرية التي قام بها الجيش في نابلس الليلة قبل الماضية وأسفرت عن مقتل 6 مسلحين فلسطينيين، بينهم قيادي من مجموعة "عرين الأسود" المسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات المسلحة خلال الشهرين الماضيين.
وقال كوخافي إن الأمن الذي تتمتع به إسرائيل يُعتبر في بعض الأحيان أمراً مفروغاً منه، ولكن يقف وراءه جدار حماية قوي مُكوَّن من نشاطات عملياتية كبيرة ومكثفة ومهارات عالية وطرق ووسائل قتالية متطورة.
وأضاف كوخافي: "إن الجيش الإسرائيلي يبادر ويهاجم أعداء الدولة في الشمال بشكل منهجي، كما أنه يبادر إلى عمليات واسعة ويهاجم عندما يهددنا العدو في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه، يبادر ويحبط، بصورة يومية، الإرهاب في منطقة يهودا والسامرة [الضفة الغربية]."
وأشار كوخافي إلى أن الجيش الإسرائيلي يشن خلال الأشهر الأخيرة حملة واسعة النطاق في إطار عملية "كاسر الأمواج" التي أسفرت عن اعتقال 1500 فلسطيني ومنع مئات العمليات.
كما أشار كوخافي إلى أن العملية العسكرية في قلب نابلس الليلة قبل الماضية تثبت أنه لا يوجد مخبأ لـ"الإرهاب"، وأن الجيش سيصل إلى كل مدينة وحيّ وبيت أو ملجأ، وستكون نهاية كل "إرهابي"، إما الاعتقال أو القتل.
وختم كوخافي قائلاً: "إن الجنود يعملون بشكل مهني ويبذلون أقصى جهودهم للفصل بين الإرهاب والسكان الفلسطينيين غير المتورطين. توجد لديهم حرية عمل كاملة في كل ما يتعلق باستخدام سلاحهم لتنفيذ المهمة وإزالة الخطر، وهم يعرفون متى يمكنهم الضغط على الزناد."
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن مستوطناً إسرائيلياً أصيب بجروح خلال عملية طعن قام بها شاب فلسطيني في قرية الفندق شرقي مدينة قلقيلية في الضفة الغربية أمس (الثلاثاء).
وأضاف البيان أن الشاب الفلسطيني قام بطعن المستوطن الإسرائيلي في بطنه وتمكن بعد ذلك من الفرار من مكان الحادث، مشيراً إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي قدمت العلاج الأولي إلى المستوطن على الفور ونقلته إلى المستشفى وهو في حالة متوسطة، وباشرت البحث عن منفّذ العملية.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد إن إسرائيل ستصبح مورداً مهماً للغاز بالنسبة إلى أوروبا في المستقبل القريب.
وجاءت أقوال لبيد هذه في سياق تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في ختام الاجتماع الذي عقده مساء أول أمس (الإثنين) مع رئيس الحكومة الهولندية مارك روته في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس.
وأشار لبيد إلى أن إسرائيل ستوقّع يوم الخميس القريب [بعد غدٍ] اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان الذي تم التفاوض عليه برعاية الولايات المتحدة، وأكّد أنه سيمهّد الطريق لاستغلال حقول الغاز في شرق البحر المتوسط.
وشدّد رئيس الحكومة الإسرائيلية على وجوب العمل الجماعي من أجل إيجاد حلول للطاقة الخضراء والمتجددة في المدَيَيْن المتوسط والطويل.
علمت صحيفة "معاريف" من مصادر مسؤولة في ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية بأن رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، يعتزم إطلاع الرئيس الأميركي جو بايدن على معلومات وتقارير إسرائيلية تحاول إثبات استخدام روسيا طائرات مسيّرة إيرانية الصنع من أجل ضرب أهداف مدنية في أوكرانيا، على الرغم من النفي القاطع لهذا الاستخدام، والذي صدر عن كلٍّ من طهران وموسكو، وذلك خلال اللقاء الذي من المقرر أن يجمع بين الرئيسين في البيت الأبيض اليوم (الأربعاء).
وعلى ما يبدو، فإن هرتسوغ سيزوّد الجانب الأميركي بتحليل بصري أجرته أجهزة الأمن في إسرائيل، يثبت أنه تم العثور على أجزاء من حطام مسيّرات في جميع أنحاء أوكرانيا تتطابق مع تلك التي تم تطويرها في إيران.
وقالت المصادر نفسها إن هرتسوغ سيعرض على المسؤولين في الولايات المتحدة، الذين سيجتمع بهم خلال زيارته التي تستمر يومين، ومن ضمنهم الرئيس الأميركي بايدن، صوراً تثبت استخدام مسيّرات إيرانية من طراز "شاهد 136" في أوكرانيا. وأشارت إلى أن الأدلة تتمثل بمقارنة لصور تُظهر حطام مسيّرات إيرانية من هذا الطراز خلال تمرين عسكري جرى في إيران في كانون الأول/ديسمبر 2021، مع صور متطابقة لحطام طائرات مسيّرة عُثر عليها في إثر هجمات نفّذها الجيش الروسي على مواقع في أوكرانيا.
وكان بيان صادر عن ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية أشار إلى استخدام روسيا أسلحة إيرانية متطورة ضد سكان مدنيين في أوكرانيا.
وأضاف البيان: "على الرغم من نفي طهران ومحاولات التعتيم على الختم الإيراني عن طريق وضع نقوش باللغة الروسية، فإنه يتضح في الصور [التي بحيازة إسرائيل] أن بيانات الطائرات المسيّرة متطابقة في هياكلها وأبعادها وطريقة ترقيمها. كما أن بالإمكان مقارنة محركات الطائرات المسيّرة الإيرانية الصنع، التي تم عرضها في إيران في تشرين الأول/أكتوبر 2014، ومحركات الطائرات من دون طيار التي تم إسقاطها في أوكرانيا، والاستنتاج أن الحديث يدور حول المحرّك نفسه."
وشدّد بيان ديوان رئاسة الدولة على أن "إيران تثبت مرة أُخرى أنه لا يمكن الوثوق بها، وأنها تكون موجودة في أي منطقة تشهد قتلاً ومعاناة وكراهية. وتقوم الأسلحة الإيرانية بدور مركزي في زعزعة استقرار العالم، وبناءً على ذلك، يتعيّن على المجتمع الدولي استخلاص العبر، كما يتعيّن عليه مخاطبة إيران بلغة واحدة شديدة اللهجة ولا هوادة فيها."
ووفقاً للبيان، فإنه في الأشهر الأخيرة أظهر النظام الإيراني للغرب طبيعته الحقيقية التي عرفتها إسرائيل منذ أعوام عديدة، ولم يعد ممكناً الآن تجاهُل أن النظام في إيران يمارس العنف ضد مواطنيه، ويعمل على قمع الاحتجاجات ضد الحجاب بوحشية، ويقوم بانتهاك حقوق الإنسان بشكل صارخ.
هذا، ومن المقرر أن يلتقي هرتسوغ في واشنطن كبار المسؤولين في مجلسيْ الشيوخ والنواب، ورؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، كما سيعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية.
وتأتي زيارة هرتسوغ هذه بعد دعوة رسمية وجّهها إليه بايدن خلال زيارته إلى إسرائيل في تموز/يوليو الماضي.
وبحسب بيان ديوان رئاسة الدولة، فإن الغرض من الزيارة هو تعزيز الشراكة القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتأكيد العلاقات العميقة بين البلدين في هذه الأوقات الصعبة. كما أكد البيان أن هرتسوغ وبايدن سيناقشان سلسلة من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، بالإضافة إلى تعزيز المبادرات المشتركة المتعلقة بأزمة المناخ.
تجدر الإشارة إلى أن أوكرانيا تواصل اتهام روسيا بإطلاق عشرات الطائرات الإيرانية المسيّرة من دون طيار في اتجاه الأراضي الأوكرانية، وبهدف ضرب البنية التحتية للطاقة. وتؤكد أوكرانيا كذلك أنها طائرات من طراز "شاهد 136". في المقابل، تنفي إيران أن تكون قامت بإمداد روسيا بطائرات مسيّرة. كما نفى الكرملين، الأسبوع الماضي، أن تكون القوات الروسية قد استخدمت طائرات مسيّرة إيرانية في مهاجمة أوكرانيا.
- نشاط قوات الأمن ليلة أمس (الثلاثاء) في نابلس، هو جزء من جهود إسرائيلية واسعة تستهدف المجموعة الفلسطينية الجديدة "عرين الأسود". اقتحام معمل متفجرات للمجموعة داخل القصبة في نابلس، هدفَ إلى إحباط خطط لهجمات بواسطة المتفجرات. وفي الوقت ذاته "قتل" أحد نشطاء المجموعة في انفجار بسيارته.
- هذه هي الحادثة الثانية من نوعها خلال يومين، إذ يعتبر الفلسطينيون هذه الأحداث تجديداً لسياسة الاغتيالات الإسرائيلية في الضفة الغربية. قُتل في العملية داخل نابلس ليلة أمس 5 فلسطينيين، وأصيب نحو 20. وخلال تبادُل إطلاق النار، لم يكن هناك مصابون إسرائيليون. وفي قرية النبي صالح شمالي رام الله، قُتل شاب آخر برصاص الجنود. أما بجانب "حاجز سالم" شمالي جنين، فأصيب مسلحان فلسطينيان بنيران قناصة الجيش الإسرائيلي الذي نصب لهما كميناً.
- هناك سببان وراء التركيز الإسرائيلي على "عرين الأسود"، سبب رمزي وسبب عملي. المجموعة الجديدة، هيكليتها فضفاضة وهي غير منتمية إلى أي فصيل-على الرغم من أن أعضاءها يحصلون على تمويل من كافة الفصائل الفلسطينية-نجحت في إثارة خيال جيل الشباب في الضفة الغربية. في نابلس، لديها عشرات الأعضاء ومئات الداعمين، ومنشوراتها في وسائل التواصل الاجتماعي تدفع إلى المزيد من الدعم لها والاهتمام بها.
- "عرين الأسود"، أيضاً سجلت نجاحات عملية خلال عمليات إطلاق النار في الطرق الالتفافية حول نابلس، حيث قُتل في إحدى العمليات الجندي عيدو بروخ من لواء "غفعاتي". هذه النجاحات دفعت بقوات الأمن الإسرائيلية إلى تركيز جهودها على المجموعة، بالإضافة إلى وجود معلومات عينية تفيد بنيّة تنفيذ عمليات. في الشهر الماضي، تم إلقاء القبض على ناشط من نابلس في يافا، كان يحمل سلاحاً وعبوات أنبوبية. أعضاء "عرين الأسود" هم مَن أرسلوه إلى هناك، بهدف تنفيذ عملية في تل أبيب. وفي الأسابيع الماضية، قاموا بتفجير عبوتين بجانب المستوطنات، وفي حالات أُخرى، يبدو أنه حدثت "إصابة عمل" خلال التعامل مع العبوات.
- أقام نشطاء المجموعة معملاً للمتفجرات في بيت سرّي داخل القصبة في نابلس. وبحسب المعلومات الموجودة، فإنهم لم يتعلموا بعد كيفية تركيب عبوات قاتلة، كتركيبة الـ TATPK التي، بواسطتها، فجّرت "حماس" الباصات أيام الانتفاضة الثانية. كما لم يتم حتى الآن تجنيد "استشهاديين". لكن يمكن لعبوات أنبوبية مع إضافة بعض المسامير، أن تؤدي إلى ضرر لا يمكن الاستهانة به. يبدو أن الخطة هكذا كانت.
- العملية الليلة التي استهدفت معمل المتفجرات وأدارها "الشاباك" و"اليمام". وفي الوقت ذاته، الذي جرى استهداف البيت داخل القصبة، جرى تفجير سيارة أحد نشطاء المجموعة، و4 مسلحين فلسطينيين قُتلوا برصاص الجيش، عندما حاولوا الوصول لمساعدة أصدقائهم الذين كانوا تحت النار. ولتأمين القوات، استخدم الجيش طائرات من دون طيار، إلا أنه لم يستعملها بعد للهجوم. أحد القتلى الليلة هو مسؤول كبير نسبياً في المجموعة، وديع الحوح.
- أعلنوا في الجيش أنهم يتوقعون عمليات إضافية في القصبة داخل نابلس، وأيضاً في مخيم اللاجئين الفلسطينيين. الهدف المعلن هو ألاّ يشعر المطلوبون في هذه المناطق بالأمان، حيث نادراً ما تعمل ضدهم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية. إسرائيل تقول إنها لن تسمح بمدن تكون ملجأ للمطلوبين في الضفة.
حالياً، الناخبون غير مبالين
- لا يمكن تجاهُل العلاقة ما بين الجهود الأمنية والخلفية السياسية. بالنسبة إلى الحكومة، من المهم قبل الانتخابات أن تثبت أنها تعالج تهديد "الإرهاب" الجديد والمتصاعد. الجيش و"الشاباك" مُطالبَان بنتائج-وهو ما يفسر الوجود الاستثنائي لرئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي ورئيس جهاز الشاباك رونين بار في غرفة العمليات خلال تنفيذ العملية. أحد الأسئلة الآن هو ما إذا كان هناك تأثير لارتفاع منسوب "العنف" في الضفة ومحاولات تنفيذ عمليات انتقامية في الانتخابات. حتى الآن، يبدو أن أغلبية الناخبين غير مبالية، ما دام لا يوجد مصابون كُثر في الجانب الإسرائيلي. وعلى الرغم من ذلك، فإنه من الممكن أن تؤدي حالة النزيف اليومي في الضفة الغربية إلى قمع التصويت في أوساط المجتمع العربي داخل إسرائيل.
- وبالنسبة إلى الجانب الفلسطيني، فإن "عرين الأسود" نجحت في تسويق نفسها كظاهرة جديدة ومحبوبة. وعلى الرغم من قلة عدد أعضائها نسبياً، فإن أيّ ادعاء بشأن تفكيكها في الوقت القريب لن يكون صادقاً، لأنه لا يوجد هنا هيكلية تنظيمية ممأسسة أو هرمية واضحة، وبالتالي من الصعب حصرها في ناشط معين، يُقتل أو يُعتقل.
- "عرين الأسود" هي بالأساس فكرة، أكثر مما هي بنية تنظيم، ومن الصعب وقف امتدادها. حقيقة أن مئات الفلسطينيين تجمعوا الليلة حول المستشفى في نابلس، حيث كانت جثامين الشبان والمصابين، تؤكد أن ما نراه هو ظاهرة جدية. شعبية "عرين الأسود" متصاعدة، ولن تُقمع بسهولة في الوقت القريب.
- ومن المهم أيضاً الانتباه إلى الموقف المزدوج للسلطة الفلسطينية في علاقتها بـ "عرين الأسود"، إذ إن جزءاً من أعضائها تخرّج من صفوف "فتح". فوزيرة الصحة الفلسطينية باركت في الآونة الأخيرة أعضاء المجموعة خلال زيارة في نابلس، أما محمد اشتية، رئيس الوزراء، فزار مخيم جنين والتقى والد منفّذ عملية ديزنغوف التي قُتل فيها ثلاثة إسرائيليين. في إسرائيل يعتقدون أن القيادة في رام الله، التي أرسلت في البداية أجهزة الأمن لوقف النشطاء في نابلس، تبث رسائل إشكالية الآن. يبدو أن السلطة تدير الآن معركة واسعة، بأدوات متعددة. لقد خسرت جنين لصالح التنظيمات المحلية، وفي نابلس ما زالت تحاول أحياناً، لكن النتائج محدودة، لذلك دخلت إسرائيل إلى الصورة.
- لكن في الوقت ذاته، ومع ارتفاع عدد القتلى المستمر في أوساط الفلسطينيين، تتصاعد الأصوات في قيادة السلطة أيضاً لدعم النضال الشعبي ضد إسرائيل. القضية هنا أن التعريف الإسرائيلي والتعريف الفلسطيني للنشاط الشرعي مختلفان جوهرياً عن بعضهما. بالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن رمي الحجارة على الجنود-وفي أغلب الأحيان أيضاً على سيارات مدنية يستقلها المستوطنون-هو جزء من نضال شرعي؛ أما بالنسبة إلى جزء كبير من الإسرائيليين، فإن هذا "عملية إرهابية". الدعوات إلى احتجاجات شعبية لا تجد حتى الآن استجابة في الأرض، على الرغم من كثرة عمليات إطلاق النار. الرأي السائد في إسرائيل هو أنه كلما ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين، يرتفع خطر اندلاع مواجهات شعبية واسعة.
- في الجانب الإسرائيلي، لا تزال الحكومة الحالية ورؤساء أجهزة الأمن يرفضون مطالبات اليمين الديماغوجية بعملية "سور واقٍ 2" في الضفة. الظروف على الأرض مختلفة عما كانت عليه في سنة 2002. وحتى الآن، يبدو أن الرد سيكون مركزاً على شمال الضفة، وليس على إرسال آلاف الجنود لاحتلال المنطقة من جديد. من الممكن إعادة فحص هذه السياسة إذا تغيرت تركيبة الحكومة، بعد الانتخابات.
- حقيقة بيع طهران مسيّرات لروسيا تدل على عدم وجود خيار عسكري إسرائيلي موثوق به في مواجهة إيران. ولو كان مثل هذا الخيار موجوداً وتعتبره الاستخبارات الإيرانية موثوقاً به لما كانت طهران باعت روسيا مسيّرات. فالدولة التي تستعد لخوض حرب ضد إسرائيل مع خيار تدخُّل أميركي، تحافظ على مخزونها الكبير من المسيّرات بقدر الممكن.
- بالاستناد إلى رئيس جهاز الاستخبارات الأوكراني كيريلو بودانوف، باع الإيرانيون الروس دفعة أولى مؤلفة من 300 طائرة من طراز شاهد -131 و136. ومن المنتظر وصول دفعة أُخرى قريباً إلى موسكو. في الإجمال، طلب الروس قرابة 1700 مسيّرة هجومية من إيران. ووفقاً للأوكرانيين، خلال فترة شهرين، الإيرانيون سيزودون الروس بـ 600 مسيّرة هجومية.
- بالنسبة إلى صناعة المسيّرات في العالم، بما فيها في إسرائيل، فإن المقصود رقم خيالي. وللمقارنة، تشير التقديرات إلى أن الصناعة التركية تنتج قرابة 200 طائرة مسيّرة سنوياً من طراز TB2. بينما تنتج الصناعة الإسرائيلية أقل من ذلك بكثير سنوياً.
- وتجدر الإشارة إلى أن الصناعة الإيرانية، بعكس الصناعة التركية، خاضعة للعقوبات القاسية منذ أعوام، ومن الصعب على الإيرانيين شراء مواد خام ومحركات وآلات وغيرها، لذلك من الصعب التصديق أن الصناعة الإيرانية قادرة على إنتاج 600 مسيّرة خلال 3 أو 4 أشهر. ومعنى ذلك أن هذه المسيّرات تأتي من المخزون الموجود في إيران.
تناقُص المخزون الموجود
- ما الهدف من المخزون؟ العقوبات المفروضة على إيران تمنع تصدير السلاح الإيراني. معنى ذلك أن أي دولة تشتري مسيّرات إيرانية، من المتوقع أن تتعرض لعقوبات من الولايات المتحدة وأوروبا، وربما من الأمم المتحدة. وعلى ما يبدو، الدول تحجم عن شراء المسيّرات الإيرانية، خوفاً من العقوبات، بينما تحصل تنظيمات "إرهابية" ترعاها إيران، مثل الحوثيين وحزب الله، على مسيّرات إيرانية. ونسمع في الأخبار عن هجمات منسوبة إلى إسرائيل في سورية، جزء منها موجّه ضد مخازن المسيّرات الإيرانية.
- على الرغم من ذلك، فإن احتمال أن تكون إيران أنتجت ما يزيد عن 600 مسيّرة هجومية مخصصة لحزب الله والحوثيين ليس كبيراً. وإذا افترضنا أن هذا الكلام صحيح، يكون المخزون الذين تزود به الروس مأخوذاً من مخزون إيران، أو حزب الله. وفي الحالتين، فإن هذا المخزون من المسيّرات كان مُعداً للاستخدام في الحرب ضد إسرائيل.
- علاوة على ذلك، وإذا كان التقرير من روسيا صحيحاً، فمعنى هذا أن إيران "تضحي" بعدة أعوام من إنتاج المسيّرات، من أجل استكمال الـ 1700 أو الـ 2000 مسيّرة التي طلبتها روسيا. ونظراً إلى أن الحرب الأوكرانية لن تنتهي قريباً، يخطط الروس للقتال عدة أشهر، ومن هنا المقصود إنتاج إيراني خلال المدى الزمني المباشر. بكلمات أُخرى، خطوط إنتاج المسيّرات الهجومية في إيران ستكون مشغولة بالطلب الروسي.
- ما هو عدد المسيّرات التي تقدر إيران على إنتاجها شهرياً؟ السؤال مفتوح، هل هو 60 مسيّرة، بمعدل مسيّرتين في اليوم؟ من أجل إنتاج 1000 مسيّرة، المطلوب عام ونصف العام من العمل من دون توقف، وعلى الرغم من ذلك، فإن المطلوب فترة زمنية لا تقلّ عن عامين.
- ثمة خيار آخر، هو نقل المعرفة إلى الروس وإقامة بنية تحتية للإنتاج في روسيا. مثلما فعلت إسرائيل مع روسيا في الماضي. حتى في مثل هذه الحال، المقصود هو عدة أعوام من العمل كي يتمكن الروس من امتلاك المعرفة التقنية وإعداد سلاسل التزود بكل المواد والآلات والمحركات. وروسيا مثل إيران، تخضع لعقوبات قاسية منذ غزوها أوكرانيا. ومؤخراً ظهر تقدير للإدارة الأميركية يقول إنه من دون الرقائق [ships] الأميركية، فإن روسيا غير قادرة على إنتاج صواريخ كروز.
لا يتوقعون هجوماً إسرائيلياً
- إذا صدّقنا الادعاء أن المسيّرات التي تتزود بها روسيا تأتي من المخزون المخصص لإيران وحزب الله، فمعنى هذا أن الاستخبارات الإيرانية لا تتوقع هجوماً إسرائيلياً ضد منشآتها النووية في إيران. ولو كانت تتوقع مثل ذلك لما خفضت مخزونها من السلاح كي تبقى مستعدة.
- قد يدّعي البعض أن اتفاق شراء المسيّرات وُقّع بين إيران وروسيا قبل غزو أوكرانيا. في مثل هذه الحال، أنتجت إيران فائضاً من المسيّرات لعِلمها بأن روسيا ستشتريه. عندما نفحص الجدول الزمني للحرب في أوكرانيا، يظهر لنا أن العقيدة العسكرية الروسية كانت توجيه ضربة خاطفة واحتلال كييف خلال أسبوع. لكنها فشلت، الروس تخلوا عن كييف، وهم يركزون على جنوب شرق أوكرانيا، وبدأوا بتغيير استراتيجيتهم نحو قتال طويل.
- معنى هذا أن الروس في بداية الحرب فكروا في ضربة عسكرية خاطفة. قتال قصير يعتمد على القوة العسكرية الروسية الموجودة. بيْد أن الحاجة إلى مسيّرات أجنبية برزت لاحقاً خلال الحرب. في تموز/يوليو الماضي، زار بوتين طهران، وبحسب التقديرات، سمحت هذه الزيارة بشراء المسيّرات الإيرانية من أجل الجبهة الأوكرانية. للتذكير، كان بوتين قد طلب ذلك في البداية من تركيا، لكنها رفضت، فتوجه نحو طهران.
- يدل بيع المسيّرات الإيرانية لروسيا على أن إيران لا تعتقد أنها ستدخل في حرب ضد إسرائيل. وبصورة أو بأُخرى، فإن التقدير في إيران لا يتوقع هجوماً إسرائيلياً قريباً.
- تخيلوا أن تعلن إسرائيل، من دون نقاش مسبق، أنها لم تعد تعترف بكانبيرا عاصمة أستراليا وهي تفضل سيدني عليها. سيبدو هذا هذياناً. ولا يقل عنه هذياناً إعلان أستراليا، من دون مناقشة مسبقة معنا، أنها لم تعد تعترف بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل. لقد نجح الجناح الراديكالي في حزب العمال في إجبار الحكومة الأسترالية على التراجع عن قرارها السابق. رئيس الحكومة الأسترالية اعترف بأنه كان في إمكانهم التصرف بطريقة مختلفة وغير متسرعة.
- بعملها هذا، ألحقت حكومة العمال الحالية ضرراً بعدة أمور. أولاً، بالسيادة الإسرائيلية وحق إسرائيل، مثل أي دولة أُخرى، في اختيار عاصمتها. قبل عدة عقود، قررت البرازيل أن تكون برازيليا هي العاصمة بدلاً من سان باولو. بينما قررت أفريقيا الجنوبية أن يكون لها أكثر من عاصمة، والحكومة تغيّر عنوانها كل ستة أشهر. كما قررت أن يكون لها عاصمة موحدة-عاصمة قانونية. الدبلوماسيون الذي يخضعون للتأهيل للعمل في هذه الدول يتكيفون مع الوضع. ماذا سيفعل السفير الأسترالي المقبل عندنا، هل يرسل كتاب اعتماده بالبريد، أم يأتي إلى مقر الرئيس، رمز سيادة إسرائيل؟
- ثانياً، خلقت الحكومة الأسترالية سابقة خطِرة. فهي تقول عملياً إنه لا توجد استمرارية بين الحكومات، ويمكن تغيير أيّ قرار. وهذا يجعل القرارات، صغيرة كانت أم كبيرة، هشة وتكاد تكون غير ذات صلة. والمفارقة أن هذه السابقة لها وجه إيجابي لأن حكومة أُخرى قد تتألف في أستراليا، يمكنها أن تتراجع عن القرار السابق والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. لكن الخلل الذي قام به حزب العمال سيبقى كما هو.
- ثالثاً، أستراليا، الدولة التي أساءت في الماضي إلى الأبورجيين، سكان أستراليا الأصليين، يجب عليها أن تُظهر حساسية خاصة عندما تسيئ إلى العاصمة التاريخية لإسرائيل. وستكون إسرائيل على حق إذا لم تدع الدبلوماسيين الأستراليين إلى عاصمتها، مثل سائر الدبلوماسيين. وبإمكان هؤلاء الاطّلاع على ما يحدث من خلال زملائهم، إلى أن تسمح لهم حكومتهم بالمجيء إلى القدس مجدداً.
- رابعاً، العلاقات بيننا وبين أستراليا قديمة، والمساعدة التي قدمتها أستراليا إلى الأرض المقدسة لا تقدَّر بثمن. من المحتمل ألا يكون حزب العمال يعلم بهذه العلاقة الخاصة. وفي الوقت الذي تنفصل أستراليا عن القدس، تدرس الحكومة البريطانية نقل سفارتها إلى القدس. لقد أدخل حزب العمال الأسترالي نفسه في وضع عبثي بقراره المؤسف. وإذا كان الأمر كذلك، دعونا نلغي الاعتراف بالعاصمة كانبيرا إلى أن تعيد أستراليا اعترافها بالقدس عاصمةً لإسرائيل.