مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح أمس (الأحد)، أنه بدأ تدريبات عسكرية تستمر لمدة يومين على طول منطقة الحدود الشمالية لإسرائيل تحاكي اندلاع قتال محتمل.
وأضاف الجيش في بيان صادر عن الناطق بلسانه، أن هذه التدريبات تهدف إلى تعزيز جهوزية القوات المتمركزة في تلك المنطقة الحدودية، وستشمل محاكاة القوات للقدرات البرية والجوية المشتركة التي بحيازتها. وأشار إلى أن الهدف أيضاً هو اختبار جهوزية مختلف مقرات وحدات قيادة المنطقة العسكرية الشمالية في الجيش الإسرائيلي خلال تصعيد محتمل مع حزب الله اللبناني أو مع ميليشيات أُخرى مدعومة من إيران.
وأوضح البيان أن التدريبات كان مخططاً لها مسبقاً، وشدّد على أنها ليست وليدة تقييم جديد. وكان الجيش الإسرائيلي أجرى الشهر الماضي مناورة استمرت أسبوعاً في شمال البلد.
يُذكر أن التوترات تصاعدت بين إسرائيل ولبنان في الآونة الأخيرة وسط نزاع على حقوق الحقول البحرية التي يُعتقد أنها تحتوي على ثروات من الغاز الطبيعي. ومع ذلك تم خفض مستوى حالة التأهب في منطقة الحدود الشمالية في الشهر الماضي بعد دخول اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ.
ومع ذلك لا تزال إسرائيل ولبنان من الناحية الرسمية في حالة حرب، فالاتفاق المذكور لا يتطرق إلى الحدود البرية. ولطالما مثّل حزب الله المدعوم من إيران أكبر تهديد عسكري على الحدود الإسرائيلية بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي مع ترسانة تقدر بنحو 150.000 صاروخ يمكن أن تصل إلى كل مكان في إسرائيل.
ووفقاً للتقديرات العسكرية الأخيرة، في حال اندلاع حرب مع حزب الله يمكن أن تتعرض المدن الإسرائيلية للقصف بما يتراوح بين 1500-3000 صاروخ يومياً وقد يصل عدد القتلى إلى المئات. وبموجب تقديرات أُخرى، قد تنضم الميليشيات الإيرانية الأُخرى المتمركزة في سورية إلى معركة محتملة إلى جانب حزب الله باستخدام صواريخ وهجمات بالطائرات المسيرة.
قالت مصادر مقربة من رئيس الليكود بنيامين نتنياهو إنه بدأ أمس (الأحد) اتصالات مع رؤساء الأحزاب المرشحة للمشاركة في ائتلافه الحكومي المقبل. وفي هذا الإطار عقد اجتماعات مع كل من رئيس حزب ديغل هتوراة عضو الكنيست موشيه غفني، ورئيس يهدوت هتوراة عضو الكنيست يتسحاق غولدكنوف.
كما عقد نتنياهو بعد ظهر أمس اجتماعاً مع رئيس تحالف "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش. ومن المقرر أن يعقد اليوم (الاثنين) اجتماعاً مع رئيس حزب "عوتسما يهوديت" ("قوة يهودية") عضو الكنيست إيتمار بن غفير.
وأعلن نتنياهو أمس تعيين تساحي برافرمان رئيساً لطاقم موظفي ديوان رئاسة الحكومة، وهو كان قد شغل سابقاً منصب سكرتير الحكومة.
وبعث المدير العام لديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية أمس برسائل إلى الكتل التي شاركت في انتخابات الكنيست الـ 25 يبلّغها أن رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ سيبدأ جولة مشاورات مع ممثليها بعد غد (الأربعاء)، وذلك فور تسلمه النتائج الرسمية للانتخابات العامة التي جرت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي. وبعد ذلك سيتحدث هرتسوغ مع الذين تم ترشيحهم لتأليف الحكومة.
على صعيد آخر قالت المصادر المقربة من نتنياهو إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل هاتفياً أمس بنتنياهو وهنأه على الانتصار الذي حققه في الانتخابات الإسرائيلية العامة.
وأضافت المصادر أن نتنياهو رحب بالدعوة التي وجهها إليه الرئيس الفرنسي لزيارة باريس قريباً. كما اتفق الجانبان على مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية وإجراء حوار بشأن التحديات الإقليمية وفي مقدمها إيران.
أُقيمت في الكنيست مساء أمس (الأحد) مراسم إحياء ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق يتسحاق رابين.
ودعا رئيس حزب الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو في سياق كلمة ألقاها في هذه المناسبة، الأطراف كافة إلى مناقشة سبل العمل معاً، بعد أن انتهت الانتخابات والحملات الانتخابية، معتبراً أن الإقناع يبقى أفضل من اللجوء إلى القوة حين تندلع خلافات في الرأي.
وتطرق نتنياهو إلى عملية تسوية النزاع مع الفلسطينيين التي قادها رابين فقال إن هناك توافقاً واسعاً في إسرائيل على وجوب احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على المنطقة الواقعة غربي نهر الأردن وبقاء القدس عاصمة لدولة إسرائيل.
وأكد نتنياهو أن إحلال السلام مع دول منطقة الشرق الأوسط سوف يجبر الفلسطينيين على إعادة النظر في موقفهم حيال إسرائيل، وبالتالي سيجبرهم كذلك على توقيع اتفاق سلام معها يضمن مصالحها.
وشدد نتنياهو على ضرورة محاربة الإرهاب بلا هوادة والعمل بحزم ضد سياسة إيران العدوانية وتطلعاتها إلى حيازة أسلحة نووية.
وعلى الصعيد الاقتصادي أشار نتنياهو إلى ضرورة العمل من أجل خفض غلاء المعيشة واستمرار تطوير الاقتصاد في شتى المجالات.
وبدوره قال رئيس الحكومة المنتهية ولايته يائير لبيد إنه لا ينوي الانضمام إلى الحكومة الإسرائيلية العتيدة. وأضاف أنه سوف يحارب من أجل الدفاع عن مفاهيمه وتصوراته في صفوف المعارضة، مؤكداً أنه إذا ما عملت الحكومة المقبلة لمصلحة سكان إسرائيل فسيتم تقديم الدعم لها. مشيراً إلى ضرورة التمسك بالديمقراطية في الخسارة والفوز على حد سواء.
هذا، وأقيمت في "جبل هرتسل" في القدس مساء أمس مراسم رسمية بمناسبة ذكرى اغتيال رابين.
وصف زعيم تحالف "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست بتسلئيل سموتريش اتفاقيات أوسلو بأنها عملية مدمرة.
وجاء وصف سموتريتش هذا في سياق كلمة ألقاها خلال الجلسة التي عقدها الكنيست الإسرائيلي في مناسبة إحياء ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق يتسحاق رابين أمس (الأحد)، وادعى فيها أيضاً أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية شجعت قاتل رابين على تنفيذ جريمته.
وقال سموتريش: "إن رابين كان رئيساً للحكومة، وهو قاد عملية مدمرة لا تزال نتائجها واضحة حتى اليوم في اتفاقيات أوسلو. واليوم يمكننا قول هذا، فنحن نعيش في دولة ديمقراطية يُسمح لمواطنيها بالتحدث علانية ضد تصرفات الحكومة. وهذا يُعتبر في أساس الديمقراطية الإسرائيلية وليس تحريضاً".
وأشار سموتريش إلى أن جهاز الأمن العام ["الشاباك"] أخفق في حماية رابين. وأضاف: " إن الذين فشلوا في حماية رابين من يغآل عمير، قاتله الحقير، ليسوا من اليمين، ولا من الصهيونيين المتدينين، ولا من المستوطنين الذين احتجوا بشكل مشروع على سياسات الحكومة التي كان يتولى زمامها، بل كانوا من الأجهزة الأمنية.. إن هؤلاء [الأجهزة الأمنية] لم يفشلوا في حمايته فحسب، بل استخدموا أيضاً ألاعيب غير مسؤولة لم يتم الكشف عنها بالكامل حتى الآن لتشجيع القاتل على تنفيذ خطته".
ودعا سموتريش إلى الوحدة قائلاً: "أطلب منكم بعد 27 عاماً أن نكون شركاء في هذا اليوم. دعونا نسعى إلى الرسالة المشتركة التي يمكن أن توحّد كل شعب إسرائيل، من اليمين واليسار، من العلمانيين والمتدينين، بحيث لا يحوّل أحد يوم إحياء ذكرى جريمة القتل هذه إلى يوم استغلال ساخر ومواجهة سياسية".
وأضاف سموتريش: "لدينا الحق في الاختلاف ولدينا الحق في القتال من أجل معتقداتنا وقيمنا. لكن لا ينبغي لنا بأي حال من الأحوال استخدام القوة ضد بعضنا الآخر. وباغتيال رئيس الحكومة تم تجاوز الخط الأحمر ويجب ألاّ يتم تجاوزه مرة أُخرى".
وندّدت مصادر رفيعة المستوى في قيادة جهاز "الشاباك" بشدة بتصريحات سموتريش، وأشارت إلى أنه من غير اللائق لمسؤول منتخب أن يتبنى نظرية المؤامرة.
قال المستشار الدبلوماسي لملك البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن مملكة البحرين التي وقّعت "اتفاقيات أبراهام" ستواصل تعزيز علاقاتها مع إسرائيل حتى بعد تأليف الحكومة المرتقبة برئاسة رئيس الليكود بنيامين نتنياهو.
وقال المستشار البحريني في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الليلة الماضية: "سوف نتمسك بـ’ اتفاقيات أبراهام’ ونتوقع أن نستمر على الخط نفسه في الشراكة بين البلدين. نريد أن ننجح معاً وأن نواجه كل التهديدات".
وقال المستشار الدبلوماسي إن فوز نتنياهو طبيعي ومتوقع، وأضاف: "لدينا اتفاق مع إسرائيل وهو جزء من ’اتفاقيات أبراهام’، وسنلتزم باتفاقنا ونتوقع أن يستمر على المسار نفسه وأن نواصل بناء شراكتنا معاً".
وكانت إسرائيل طبّعت العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في ظل حكومة نتنياهو في سنة 2020، وذلك بموجب "اتفاقيات أبراهام" التي توسطت فيها الولايات المتحدة. وذُكر في حينه أن دول الخليج تشارك إسرائيل القلق حيال برامج إيران النووية والصاروخية وشبكة وكلائها الإقليميين، كما أن دول الخليج تعتمد على الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بمواجهة الأخطار التي تهدّد أمنها القومي.
- من حق المعسكر الليبرالي – العلماني أن ييأس. فأغلبية الجمهور اختارت نتنياهو لرئاسة الحكومة المقبلة، على الرغم من كونه متهماً بجرائم فساد ورشى وخيانة للأمانة؛ وإلى جانبه الأحزاب الحريدية، التي جزء أساسي من الجمهور الذي تمثله مساهمته في سوق العمل ضئيلة، كما أن مساهمته في أمن الدولة هي صفر. ومعهم قائمة الصهيونية الدينية التي تضم مجموعات يهودية غير متسامحة مع الآخرين مثل مجتمع المثليين، وتعتبر الترحيل حلاً مشروعاً للمشكلة الفلسطينية، وإلى جانبها حزب كهاني الذي كان زعيمه مستهدفاً من الشاباك واتهم بالتحريض وبتأييد تنظيم إرهابي. ويبدو مستقبل إسرائيل قاتماً من زاوية حقوق الإنسان، وسلطة القانون ومنظومة المحاكم.
- في وضع كهذا يجب أن نعترف بصدق: لقد خسرنا. ومن المحتمل أن يائير لبيد هو آخر رئيس حكومة في المستقبل المنظور يأتي من معسكر الوسط – اليسار. الديموغرافيا ليست في مصلحتنا وهي لن تتغير. أنا مثلاً أب لابنتين. صديقي أفيشاي الذي انتخب شاس لديه 7 أولاد. الحسابات واضحة. كل حديث عن "خسارة تقنية" – لأن بضعة آلاف من الأصوات هي التي تبعد الكتلتين عن التعادل-هي حماقة وتعامي والغرض منها عدم مواجهة الواقع.
- ليس لليسار الصهيوني ولا للوسط السياسي أي علاقة مع كثيرين من أعضاء الكنيست العرب، الذين يشكلون ما يسمى "الكتلة المانعة لنتنياهو". حزب التجمع، بلد، الذي لم يتجاوز نسبة الحسم، هو حزب يؤيد "الإرهاب"، وبين أعضائه متهم بتهريب هواتف خليوية إلى أسرى أمنيين. وفي تحالف حداش-تعل أعضاء التقوا عائلات "مخربين" كأنه أمر طبيعي، وعضو الكنيست عايدة توما سليمان تصف أعضاء تنظيم "عرين الأسود" بالشهداء. ليس لدى معسكر اليسار-الوسط أي فرصة لتشكيل حكومة في المستقبل المنظور. وفي الحقيقة فإن السلطة وصلت إلى أيدينا من خلال مناورة سياسية لنفتالي بينت، والحكومة كلها كانت غير ثابتة منذ يومها الأول.
- في الوضع الحالي، فإن خطر وصول إيتمار بن غفير إلى الوزارة المسؤولة عن الشرطة يبدو قريباً للغاية. ومن بين التداعيات سيكون تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى تصعيد أمني. في الوقت نفسه هناك تخوف له ما يبرره من تحول المثليين إلى مواطنين من درجة ثانية وأن يُرفض تبرعهم بالدماء، وأن يبقى السيف مسلطاً على المحاكم وعلى المستشار القانوني للحكومة. في وضع كهذا لا نملك ترف الوقوف موقف المتفرج وانتظار أن تفشل الحكومة. حالياً، إن المؤشر الأكثر اعتدالاً في الحكومة المقبلة هو بنيامين نتنياهو.
- صحيح أنه متهم بجرائم وجنايات خطرة، ويجب ألاّ يكون رئيساً للحكومة في وضعه الحالي، لكن الجمهور انتخبه والآن لم يعد الوضع عادياً. لذلك بدلاً من الاعتماد على الافتراض أن اليمين لن يفي قط بوعوده، علينا أن نتجنب ذلك لأننا قد نكون على خطأ-حينئذ يكون قد فات الأوان. الخلاصة المطلوبة والتي لا مفر منها هي: إذا كنتم تريدون منع تحويل إسرائيل إلى ديمقراطية خاضعة للشريعة اليهودية "الهلاخاه"، وإلى ديمقراطية بن غفير والحاخام دوف ليؤر [حاخام حزب قوة يهودية]، فيجب الانضمام إلى الحكومة التي ستتشكل. نعم على الرغم من محاكمة نتنياهو.
- إن الحفاظ على الديمقراطية وعلى الدولة أهم من أي شخص وأي محاكمة. ليس الآن وقت تقديم الدلائل التي تمتد على سنوات ومشاهدة نتنياهو في المحكمة من وقت إلى آخر. الأمر الأهم الآن هو مستقبل الدولة.
- الأمور خطرة للغاية. وللتأكيد على ذلك سنقدم هذه الصورة: بعد عامين من اليوم سيُدخل وزير الأمن بن غفير الجيش الإسرائيلي إلى اللد، وإلى الحرم القدسي لمواجهة الاضطرابات التي نشبت والتي وقع خلالها عشرات القتلى. وسيجري إلغاء مسيرة المثليين في القدس احتراماً لسكان المدينة من الحريديم، وستعلن الشرطة أن الوزير لم يوافق على تخصيص قوات من أجل إجراء المسيرة في تل أبيب. وسيُقرّ قانون التغلب [الذي يعطي الكنيست حق رفض قرارات تصدرها المحكمة العليا] بأغلبية 61 صوتاً؛ والمستشار القانوني الجديد يقرر سحب كتاب الاتهام ضد نتنياهو. في هذه الأثناء يجري تقليص الميزانيات المخصصة للتعليم العالي من أجل زيادة ميزانيات طلاب المدارس الدينية "اليشيفوت"، وستطرح قضية الإجهاض على الطاولة. وختاماً ستُقر القوانين التي تهدف إلى المس بوسائل الإعلام الواحد تلو الآخر. بماذا سنصرخ حينئذ: لا نشارك في حكومة مع متهم بجنايات؟
- لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي عندما توشك الحصون على الانهيار. الطهرانية هي وصفة أكيدة للتقاعس عن العمل. نحن أقلية، وعلينا العض على شفاهنا والسماح لنتنياهو بأن يحكم، وكي لا نكون مرتبطين بالجيل المقبل للحاخام مئير كهانا. أكتب هذا الكلام بقلب مثقل. ومن الواضح أنه إذا لم يتحقق ذلك فإننا سنحارب الحكومة من الخارج بقدر ما نستطيع. لكن في الوضع الحالي للأمور ليس هناك مخرج آخر غير هذا الاحتمال مع كل تداعياته. ليس المقصود أن نستسلم بل أن نعي أن الوضع الراهن يفرض علينا التخلي عن مبادئنا والمضي نحو نتنياهو. وذلك قبل أن يختفي كل ما نؤمن به.
- نتائج الانتخابات لا لبس فيها وهي تقدم صورة واضحة عن المجتمع الإسرائيلي: لقد عبّر مواطنو إسرائيل بوضوح عن دعمهم الشديد لليمين، لبنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. وهو التيار اليميني الذي يقول بصوت واضح إن لدولة إسرائيل الحق في ممارسة سيادتها على أراضي الضفة الغربية وتعزيز تفوقها اليهودي ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن. وحتى ما قبل سنة 2015 كان يمكن لنتنياهو تشكيل حكومة يمينية بالكامل، يتولى فيها سموتريش وبن غفير مناصب رفيعة المستوى مثل الدفاع والأمن الداخلي. فهذا ما أمر به الناخب.
- أمام هذه الخسارة لا يقف معسكر اليسار وحيداً يائساً، بل معه كل أفراد الوسط السياسي. هم الذين اعتقدوا أن في الإمكان الاستمرار في السيطرة العسكرية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه تطبيق ديمقراطية مزدهرة داخل الخط الأخضر. منذ سنوات طويلة يصرخ المعسكر الذي أنتمي إليه بأن هذا مستحيل، وأن الجرح المتقيح للاحتلال والسيطرة على الفلسطينيين سوف ينفجر في وجوهنا. بالأمس حدث ذلك. وهذه ليست سوى البداية.
- كثير من أولئك الذين يشعرون بالقلق حيال وضع المحاكم والمساواة بين المواطنين ومجموعة من القضايا الأُخرى التي على وشك أن تتغير، هم أنفسهم الذين تجاهلوا الفلسطينيين وأفعال إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. من الصعب الحفاظ على الاحتلال والسيطرة عسكرياً على ملايين الفلسطينيين وفي الوقت نفسه المحافظة على ديمقراطية ليبرالية.
- لقد شكّل الصعود السريع لبن غفير، أحد سكان مستوطنة كريات أربع، والذي يؤمن بتعاليم مئير كهانا ويمدح الحاخام العنصري دوف ليئور، الرد على الوسطيين بقيادة يائير لبيد الذين ظنَّوا أنه من الممكن الاستمتاع بالحياة في تل أبيب والاستمرار في احتلال الخليل. هذا ببساطة غير ممكن، ونتائج انتخابات الليلة الماضية خير دليل على ذلك.
- في النتائج المقلقة للانتخابات، هناك أيضا نقطة مضيئة. آن الأوان لتتوقف إسرائيل عن التظاهر أمام نفسها وأمام العالم، فاعتباراً من اليوم، لم يعد من الممكن إخفاء حقيقة أن إسرائيل هي دولة عنصرية، وأن أغلبية مواطنيها تؤيد نظام الفصل العنصري في الأراضي المحتلة. في الحكومة المقبلة لن يكون من يحاول إخفاء ذلك كما فعل لبيد وبني غانتس. ومن المفترض أن تكون الحكومة التي ستتشكل قريباً وفية للمبادئ التي انتُخبت من أجلها: وهي استمرار السيطرة العسكرية على الفلسطينيين، وتوسيع المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وغياب الحل السياسي.
- مرة أُخرى، الفلسطينيون هم الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات. فقد تلقى أملهم في الاستقلال والحرية ضربة قاصمة، وربما ضربة قاتلة. ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد لهم أن هناك معسكراً في إسرائيل، وإن كان صغيراً، ومادام يعيش هنا، سوف يبذل كل ما في وسعه للنضال قانونياً دفاعاً عن حقوقهم وحريتهم واستقلالهم. سنواصل قطف الزيتون مع المزارعين الفلسطينيين الذين يعانون جرّاء عنف المستوطنين، وسنواصل المجيء إلى الحواجز لتوثيق معاناتهم، وسنواصل الصراخ داخل إسرائيل مطالبين بإنهاء الاحتلال دفاعاً عن مصلحة كل الناس الذين يعيشون هنا بين البحر والنهر.
- مؤخراً، عادت قضية العلاقات الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى النقاش الداخلي الإسرائيلي. والسبب الرئيسي في هذا هو الحرب في أوكرانيا وموقف إسرائيل منها، وخصوصاً من الناحية الأخلاقية. فالإدارة الأميركية تقود ائتلافاً دولياً لمساعدة أوكرانيا في حربها في مواجهة روسيا، بينما تحافظ إسرائيل، لأسباب أمنية مرتبطة بالعلاقات مع روسيا، على الحياد نسبياً. ويتطرّق النقاش إلى إيجاد توازن بين المساعدات الأميركية لإسرائيل على جميع الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية، وبين الموقف الإسرائيلي.
- لقد أتاح الأساس المتين الذي قامت عليه العلاقات بين الدولتين بالحفاظ على هذه العلاقات حتى عندما حدثت خلافات بين الإدارتين. وهذا مرده قبل كل شيء إلى الفهم الأميركي بأن الدولتين تتشاركان "قيماً مشتركة" (الحرية والديمقراطية والحفاظ على حقوق الإنسان)، بالإضافة إلى مميزات مشتركة (أمة مهاجرين، و"أرض الإمكانات غير المحدودة").
- لقد استندت السياسة الأميركية في دعمها لإسرائيل إلى قناعة بين الأميركيين والإسرائيليين بأهمية العلاقات التي تنبع من الالتزام بأمن "الدولة اليهودية". وعلى مدى الأعوام، دفعت الدولتان قدماً بالمصالح المشتركة والتعاون في عدد كبير من المجالات. ومن ناحيتها، حظيت إسرائيل بدعم من الحزبين الأميركيين اللذين اعتبرا أن العلاقات مع إسرائيل فوق كل الخلافات.
- وكان من شأن زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل في تموز/يوليو 2022، و"إعلان القدس" بشأن التعاون الاستراتيجي بين الدولتين الذي تم توقيعه خلال الزيارة، التأكيد على أن الإدارة الحالية ممثلة برئيسها، ما زالت ملتزمة بأمن إسرائيل. هذا بالإضافة إلى أن الرئيس الأميركي، الذي عبّر طوال عمله السياسي عن دعمه لإسرائيل، منح الزيارة أبعاداً مهمة حتى لو لم تؤدِ إلى أي تطورات سياسية جدية.
- وتحرص الإدارة الأميركية على الحياد فيما يتعلق بنتائج الانتخابات التي جرت مؤخراً في إسرائيل، لكن بعض الانتقادات ظهر بصورة خاصة داخل صفوف الحزب الديمقراطي في الكونغرس بشأن التركيبة المتوقعة للحكومة، بالإضافة إلى تخوّف داخل الإدارة من سلوك إسرائيل، وخصوصاً بشأن حقوق الإنسان في السياق الفلسطيني.
- يضاف إلى ذلك أن استطلاعات الرأي التي قام بها معهد (Pew Research Center)، أشارت إلى أن أغلبية المستطلعين يؤيدون إسرائيل، إلاّ إن هذا الدعم يتراجع جدياً كلما انخفضت أعمار المستطلعين. ففي حين يدعم من هم في الخمسين من عمرهم إسرائيل بمعدل 65%، ينخفض معدل الدعم لدى الأجيال الشابة إلى 45%. وتُشير استطلاعات رأي أجرتها جامعة ميريلاند لمعهد "بروكينز" إلى أن الجمهور الأميركي يدعم إسرائيل بصورة عامة، لكن، في أوساط الجمهور الأميركي وخصوصاً الداعمين للحزب الديمقراطي، هناك انتقادات للموقف الإيجابي لدى صانعي القرار الأميركي بشأن كل ما يتعلق بإسرائيل، وخصوصاً الصراع مع الفلسطينيين. وقد اعتبر معظم الديمقراطيين الذين تم استطلاعهم أن الإدارة تدعم إسرائيل أكثر من اللازم. ولم يكن لدى جزء كبير من الديمقراطيين أي رأي في الموضوع، وادعى معظم المستطلعين (وضمنهم من يدعم الجمهوريين) أن نواب الكونغرس يدعمون إسرائيل أكثر من المطلوب. وتتركز الانتقادات لإسرائيل في صفوف الديمقراطيين وتحديداً التقدميين، إذ يعبّر جزء صغير من ممثليهم في الكونغرس عن انتقادات حادة للسياسة الإسرائيلية ويطالبون الإدارة بتغيير علاقتها بها.
- وعلى الرغم من ذلك، فحتى لو تبنّت إسرائيل سياسة تلائم كلياً آراء منتقديها في الولايات المتحدة، فإن التطوّرات في الولايات المتحدة والساحة الدولية تشير إلى اتجاهات طويلة الأمد ومقلقة، حتّى لو لم تكن لأغلبيتها علاقة مباشرة بإسرائيل وسياساتها، فإنها من الممكن أن تؤثر بدرجة ما في الدعم لإسرائيل، وأهمها:
- اتجاهات ديموغرافية: مؤخراً، يبدو من الواضح أن هناك تغييرات في البنية الديموغرافية للمجتمع الأميركي: ارتفاع عدد السكان من غير البيض يحوّل النقاش العرقي إلى مركّب مهم في النقاش الجماهيري- السياسي وفي تركيبة الأحزاب؛ تبدّل الأجيال- جيل القيادات الذي ينتمي إليه الرئيس بايدن، ورئيسة مجلس الشيوخ نانسي بلوسي وقائد الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، الذين عايشوا الحرب العالمية الثانية ويعتبرون الحرب سيئة لكنها ضرورة، في مقابل جيل جديد يعتبر أن الحروب التي شكّلت وعيه كان يمكن تفاديها (فيتنام، العراق وأفغانستان)، ويميل إلى التشكيك وحتى السخرية من استعمال القوة العسكرية. وهنا تبدو ادّعاءات إسرائيل بشأن "الدفاع عن الذات" وحروب "لا مفر منها" لا معنى لها في نظرهم.
- الاستقطاب السياسي-عاش المجتمع الأميركي في الأعوام الأخيرة مساراً واضحاً يتميّز بالانقسام والاستقطاب السياسي المتصاعد تقريباً بشأن كل موقف سياسي داخلي، اقتصادي وسياساتي واجتماعي. ولا يدور الحديث فقط عن خلافات أيديولوجية، إنما يتعداها إلى انتقاد الطرف الآخر بسبب خلافات سياسية. والمغزى الرئيسي هو أن هامش الإجماع الذي ميّز سابقاً المجتمع والسياسة الأميركية بدأ يتقلّص ويختفي، والدعم لإسرائيل بات يحتل المواقع الأخيرة في السياسة التي تحظى بدعم كلا الحزبين.
- ارتفاع الشعبوية: تقدميون يساريون في مقابل انفصاليين يمينيين. حزب الوسط السياسي ما يزال موجوداً لكنه يتراجع وتتقدّم عليه اتجاهات شعبوية في اليسار واليمين، وتتحدّى "الخط الرئيسي" الحزبي. وتبرز الاتجاهات ضد إسرائيل تحديداً في أوساط الحركة التقدمية التي تتحدّى المؤسسة الديمقراطية من اليسار. وفي أوساط هذا المعسكر السياسي، هناك من يؤمن بأنه لا توجد قيم مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بسبب الجمود السياسي في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وبعض الأفراد من هذا الوسط يدعمون حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ويعارضون المساعدات العسكرية الممنوحة لها. حتى الآن وقف الرئيس بايدن سداً منيعاً في وجه ذلك، لكن هناك مؤشرات في الكونغرس، وفي الجامعات وأماكن أُخرى-تشير إلى أن الرسالة تصل.
- اللوبي الداعم لإسرائيل: على الرغم من أن معظم يهود الولايات المتحدة لا يزالون يدعمون إسرائيل، لكن يمكن أيضاً ملاحظة اتجاهات تراجع في أوساطهم، وهي في الأساس وإلى حد ما تعزز قوّة المؤسسات اليسارية اليهودية، المستعدة لانتقاد إسرائيل. جزء صغير منهم يدعم الـ (BDS).
- سلم الأولويات في الساحة الدولية: في الأعوام الأخيرة، وبسبب المنافسة المتصاعدة في مواجهة الصين والحرب في أوكرانيا، تغير التهديد على الصعيد الدولي والأميركي، ولقد انعكس ذلك على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للشرق الأوسط. حتّى الآن لا تزال الإدارة مرغمة على الاهتمام بالمنطقة، لكن هذا الاهتمام يتقلّص بالمقارنة مع الماضي، وبات يتركز في تقليل الأضرار والدفع قدماً بالفرص. ويبدو أن هناك اتجاهاً لتقليص الاهتمام العسكري في المنطقة. ومن المهم الإشارة إلى أن التطلع إلى الابتعاد عن الشرق الأوسط ظاهرة طويلة الأمد، تتعدى الأحزاب، وتتمتّع بإجماع نادر في واشنطن.
- إن الدعم الأميركي لإسرائيل ليس بديهياً. فحتّى لو لم يكن للتغييرات الداخلية في الولايات المتحدة دائما تأثير مباشر في إسرائيل، فإنه وعلى المدى البعيد وبشكل غير مباشر يجب الأخذ في الاعتبار أن الواقع الاجتماعي-السياسي الذي يتطوّر في الولايات المتحدة ستكون له تداعيات مباشرة على المصالح الإسرائيلية وفي مجالات عدة. صحيح أن الولايات المتحدة لا تزال الدولة العظمى الأقوى في العالم، لكن على الرغم من ذلك فإن الأولويات الأميركية تتغيّر وسيكون لذلك تداعيات على اللاعبين الدوليين وخصوصاً في الشرق الأوسط.
- لإسرائيل الحق في أن تكون لها مواقف مستقلة، لكن يجب أن نفهم بأن الحفاظ على القيم المشتركة سيكون له تأثيره في مواقف الجمهور والإدارة. لذلك، يجب إدارة حوار معمق في إسرائيل يتناول الاتجاهات العميقة التي تمر بها الولايات المتحدة وتداعياتها الطويلة الأمد على الاستقطاب السياسي والتغييرات الديموغرافية والاجتماعية، وخصوصاً الالتزام المستقبلي للمشرعين والرؤساء الأميركيين بأمن إسرائيل، واعتماد حوار مع الولايات المتحدة يتلاءم مع هذه التطوّرات. وهذا في ضوء إمكان أن يؤدي ما يجري في الساحة الداخلية الأميركية إلى تآكل الفهم العميق لدى أوساط القيادة الحالية بالولايات المتحدة لحاجات الأمن القومي الإسرائيلي.
- من المفضّل أن تلائم إسرائيل سلوكها ومواقفها وفق سلم الأولويات المتغيّر في الولايات المتحدة وأيضاً بسبب الاختلاف في وجهات النظر المتوقع بشأن قضايا سياسية، ومن ضمنها الحرب في أوكرانيا والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وأن تعمل على توسيع علاقاتها مع واشنطن إلى مجالات "الحياة ذاتها": الصحة، قضايا التغير المناخي، التحديات الاقتصادية والمجال التكنولوجي الذي هو في قلب المنافسة بين القوى العظمى. وهذا، في الوقت الذي يشكل توقيع "إعلان القدس" الخطوة الأولى والمهمة في هذا السياق. لإسرائيل أفضلية نسبية في هذه المجالات التي يمكن أن تكون مهمة جداً لواشنطن. وهكذا يتم حفظ العلاقة وتعزيزها بين الدولتين في مرحلة تتراجع فيها أهمية الشرق الأوسط في سلم الأولويات الأميركي والعلاقات التي تقف أمام تحديات التغييرات التي تجري في الولايات المتحدة ذاتها، وفي السياسة الإسرائيلية أيضاً.
- هذا بالإضافة إلى أنه على إسرائيل أن تتوجه إلى شرائح مختلفة من الجمهور الداعم لها في الولايات المتحدة وتزيد من جهودها للتواصل مع فئات لا علاقة تاريخية لها واضحة مع إسرائيل، وعدم الاستناد فقط إلى دعم الإنجيليين واليهود الأميركيين. ومن المهم الإشارة والتشديد على الحاجة إلى فتح حوار على صعيد القيم مع التقدميين، ومنهم هؤلاء الذين يوجهون انتقادات لإسرائيل، بهدف جعلهم أكثر اعتدالاً وتقليل نفوذهم، طبعاً من دون التجاهل الكلي للفجوة بين الطرفين.