مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أنهى رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ أمس (الأربعاء) اليوم الأول من مشاوراته مع ممثلي الأحزاب التي فازت في الانتخابات العامة التي جرت يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، والرامية إلى اختيار شخص يتم تكليفه بتأليف الحكومة المقبلة.
وسرّبت وسائل إعلام إسرائيلية تسجيلاً صوتياً منسوباً إلى هرتسوغ خلال اجتماعه بوفد من حزب شاس لليهود الشرقيين الحريديم [المتشددون دينياً] يتضمن تحذيراً بشأن عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير [رئيس حزب "عوتسما يهوديت ("قوة يهودية")].
وتحدث هرتسوغ في هذا التسجيل وهو يظن أن الميكروفون المخصص له أُغلق، بشأن مشكلة قد تواجهها الحكومة الإسرائيلية المقبلة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى بسبب عضو الكنيست بن غفير.
وقال هرتسوغ، بحسب ما جاء في التسجيل: "هذا الموضوع حرج جداً. لديكم شريك، كل العالم من حولنا قلق منه [في إشارة إلى بن غفير]، وقلت له ذلك، وهذا ليس للنشر. لا أريد أن أفتعل المشاكل، وأعتقد أنكم تتحلّون بالمسؤولية."
وردّ أحد أعضاء الوفد من حزب شاس على هرتسوغ، قائلاً: "لكنه أصبح أكثر اعتدالاً."
ومن المتوقع أن تستمر المشاورات اليوم (الخميس) وسط ترقُّب تأليف حكومة توصف بأنها الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
ومن المنتظر تسمية المرشح لتأليف الحكومة الجديدة يوم الأحد المقبل.
يسعى رئيس حزب الليكود وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو لتسريع المفاوضات الائتلافية، في محاولة لإعلان تأليف حكومته السادسة مع تنصيب الكنيست الـ25 الأسبوع المقبل، وأكد شركاء حزب الليكود أمس (الأربعاء) أنه تمّ إحراز تقدُّم كبير في المفاوضات بموازاة الاتفاق على نقاط أساسية، بينما حدّد الليكود النقاط التي ما زالت موضع خلاف، وفي الوقت عينه، أكد أنه سيعمل على التوصل إلى تفاهمات بشأنها خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأبرز النقاط التي تحظى بإجماع الائتلاف الحكومي المرتقب تتعلق بسَنّ قانون ["قانون التغلّب"] يحدّ من صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا، ويسلبها قدرة الرقابة على السلطة التشريعية، ويمنعها من إلغاء قوانين تعتقد المحكمة أنها تتعارض مع قوانين الأساس.
كما جرى الاتفاق بين كتل الائتلاف على أن تشمل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، التي ستستند إلى ائتلاف من 64 عضو كنيست، نحو 30 وزيراً، بالإضافة إلى نواب وزراء، بحيث توزَّع الحقائب الوزارية على أساس معادلة حقيبة واحدة في مقابل كل عضويْ كنيست.
وقالت مصادر مقربة من نتنياهو إن هذا الأخير قرر تغيير استراتيجيته في التفاوض مع شركائه، بعد رفضهم توقيع اتفاق ائتلافي مقتضب يشمل توزيع الحقائب الوزارية فقط، وقرر التجاوب مع شركائه وتنصيب الحكومة، بعد التوصل إلى اتفاق موسع يشمل القضايا المحورية التي ستشكل مبادئ أساس لعمل الحكومة المقبلة. وكان نتنياهو طلب من مندوبي الأحزاب المتوقع انضمامها إلى الائتلاف أن يتم التفرغ في المرحلة الأولى للمناصب الوزارية وتوزيعها، وأن تتم مناقشة القضايا المحورية، وبينها الإصلاحات في جهاز القضاء وقضايا الدين والدولة والسكن وغلاء المعيشة، بعد تأليف الحكومة المقبلة.
وكما ذُكر أعلاه، اتفق نتنياهو مع شركائه على سنّ قانون يحدّ من صلاحيات المحكمة العليا بأغلبية 61 عضو كنيست، وأن يتم ذلك بعد فترة قصيرة من تنصيب الحكومة، وذلك بطلب من أعضاء كنيست في حزب الليكود وتحالُف "الصهيونية الدينية" وأحزاب اليهود الحريديم. وأفيدَ بأن هذه الأحزاب الأخيرة تعتزم سنّ قوانين تتعلق بعدم تجنيد الشبان الحريديم وتخصيص ميزانيات للمعاهد التوراتية التابعة لها، وتخشى من احتمال إقدام المحكمة العليا على إلغائها بادّعاء أنها غير شرعية.
وعلم موقع Ynet أن شركاء نتنياهو يصرون على أن يتضمن نص الاتفاق الائتلافي بنداً يحدد موعداً أقصى لسن قانون الالتفاف على المحكمة العليا. وقال مصدر رفيع المستوى مطّلع على المفاوضات الائتلافية للموقع: "إذا كان هناك إجماع واسع وواضح [في المفاوضات] فهو يتعلق بوجوب إحداث تغييرات في منظومة القضاء، ومن دون ذلك، لا يحق لحكومة يمينية كهذه أن تؤلف."
وكان عُقد في وقت سابق أمس اجتماع بين رئيس تحالُف "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش ونتنياهو، أُعلن في ختامه إحراز تقدُّم كبير في المفاوضات. وعُلم من مصادر مطّلعة على الاجتماع أن الاثنين بحثا في مسألة توزيع الحقائب الوزارية، وأن سموتريتش أعرب لنتنياهو عن إصراره على تولّي وزارة الدفاع، في حال تعيين رئيس حزب شاس أرييه درعي وزيراً للمال.
ومن المقرر أن يجتمع ممثلو حزب الليكود اليوم (الخميس) مع سموتريتش وعضو الكنيست إيتمار بن غفير، ومع زعيمي كتلة يهدوت هتوراه التي تضم حزبيْ "أغودات يسرائيل" و"ديغل هتوراه".
تعرضت منطقة الحدود السورية - العراقية فجر أمس (الأربعاء) لغارات جوية، نسبتها مصادر سورية رسمية إلى إسرائيل.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الغارات المذكورة أدت إلى سقوط 15 قتيلاً ووقوع عدد من الإصابات.
وذكرت قناة التلفزة "الميادين" أن هذه الغارات استهدفت شاحنات محملة بالوقود، بعد أن عبرت الحدود صوب سورية.
وأكدت مصادر أُخرى أن الغارات أسفرت عن تدمير 19 صهريج وقود، ومقتل 20 شخصاً، أغلبيتهم من العسكريين. وذكرت قناة التلفزة الإيرانية أن الصهاريج استُهدفت بطائرات مسيّرة مجهولة في منطقة الحدود السورية - العراقية، وكانت في طريقها إلى لبنان.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مصادر خاصة بها أن طائرات إسرائيلية قصفت قافلة عربات في شرق سورية كانت قادمة من العراق. ووفقاً لهذه المصادر، أدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل 10 أشخاص وتدمير عربات يُشتبه في قيامها بتهريب أسلحة إيرانية.
افتتحت جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية في مراكش في المغرب، الأسبوع الماضي، أول كنيس يهودي داخل حرم جامعي في العالم العربي.
وأُطلق على الكنيس اسم "بيت إيل" باللغة العبرية وبيت الله باللغة العربية. وتم التخطيط لبنائه بالاشتراك بين جمعية "ميمونة" والاتحاد السفارادي الأميركي، وهما منظمتان تسعيان لتعزيز الثقافة اليهودية والحفاظ عليها في المغرب ومنطقة الشرق الأوسط.
وقال المهدي بودرة، مؤسس ورئيس جمعية "ميمونة"، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، إن الكنيس الجديد بُني إلى جانب مسجد جديد في الحرم الجامعي، حيث يتشارك المبنيان في جدار واحد كرمز للوحدة الدينية. وأضاف: "إنه ليس كنيساً كبيراً، لكن يمكن أن يكون فيه النصاب المطلوب لأداء الصلاة اليهودية الجماعية [10 أشخاص] وتم التبرع بمخطوطات التوراة وجميع المواد الدينية من طرف الجاليات اليهودية في مدينتيْ فاس ومراكش. إن اليهودية المغربية هي حقاً جزء من المجتمع المغربي منذ سنة 2000."
وأشار بودرة إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أعاد ترميم 167 مقبرة يهودية و20 معبداً يهودياً في جميع أنحاء البلد في العقد الماضي، كما أعاد ترميم أحياء يهودية مختلفة في المغرب.
وحضر حفل افتتاح هذا الكنيس الحاخام إيلي عبادي، كبير الحاخامين في المجلس اليهودي الإماراتي، وقال إن افتتاح كنيس في جامعة في المغرب له أهمية كبيرة، إذ إن ذلك يؤكد الاعتراف بالجالية اليهودية كجزء لا يتجزأ من السكان المغربيين ومن المؤسسات الأكاديمية.
يُذكر أن مملكة المغرب انضمت في كانون الأول/ديسمبر إلى "اتفاقيات أبراهام" لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، والتي تم التوصل إليها بوساطة الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب، ومنذ ذلك الحين، دفعت قدماً بمبادرات متعددة للترويج لسكانها اليهود المحليين وترويج تاريخها اليهودي. وفي سنة 2021، زار وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس المملكة ووقّع مذكرة تفاهُم أضفت طابعاً رسمياً على العلاقات الأمنية بين البلدين وسهّلت على إسرائيل بيع أسلحة إلى المغرب.
وفي آذار/مارس الفائت، اختتم مسؤولون عسكريون إسرائيليون كبار أول رحلة رسمية لهم إلى المغرب، حيث وقّع الجانبان اتفاقية تهدف إلى تعاون الجيشين. وفي حزيران/يونيو الفائت، شارك ضباط إسرائيليون ومسؤولون في وزارة الدفاع في مناورة عسكرية كبيرة في المغرب بصفة مراقبين.
- تشارلز داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء، الذي صاغ نظرية الانتقاء الطبيعي، اقترح فكرتين ثوريتين؛ الأولى: البقاء هو القوة الحاسمة في الطبيعة؛ والثانية: ليس الأكثر قوة أو ذكاء هو الذي يبقى في قيد الحياة، بل الشخص الأكثر قدرةً على الاستجابة للتغيير. لم يتحدث داروين عن قيم ولا عن مصالح، لكنه أخضع التوازن بينهما للحمض النووي (DNA) للبقاء، أي السلوك الاستباقي في مواجهة ظروف متغيرة. وتنطبق قواعد البقاء على كل شيء: كائنات حية، دول قومية، دول عظمى، وشركات تجارية، وتنظيمات من أي نوع. مَن لا يقدر على مواجهة تغيُّر الظروف بنجاح، يضعف ويتحلل ويموت. المنتصرون هم هؤلاء الذين نجحوا في مواجهة التغيير من خلال تغيير أنفسهم.
- لكن في الصراع على البقاء، هناك فارق بين الضعفاء والأقوياء. الدول العظمى التي تفرض الأجندات الدولية تمتاز بقدرتها على التعافي من الإخفاقات الاستراتيجية (مثلاً حرب فيتنام، أو حرب العراق)، ومما تسميه المؤرخة بربارا توكمان "مسيرة الحماقة". في المقابل، سيكون على الضعفاء التصرف بحذر والمناورة بين القيم والمصالح، ليس لديهم هامش أو ميزات مثل الوقت لتصحيح الإخفاقات. وإذا فشلوا في مواجهة الواقع المتغير، فإن قدرتهم على البقاء تنتهي ببطء، أو دفعة واحدة.
- صاحب النظرية الداروينية الإسرائيلي سيقول لرئيس الحكومة المقبل بنيامين نتنياهو جملة واحدة، استقل طوافة واذهب إلى عمّان ورتّب علاقتك بالعاهل الأردني الملك عبد الله. إن أهمية العلاقات مع المملكة الهاشمية واضحة ولا تحتاج إلى كلمات. ثانياً؛ لا تحرق الجسور مع الحزب الديمقراطي الأميركي، فقد أظهرت الانتخابات النصفية هذه الليلة أن الديمقراطيين يمثلون نصف الشعب الأميركي. صحيح أن الجناح التقدمي في الحزب معادٍ لإسرائيل، ويكاد يلامس العداء للسامية، لكن الأغلبية الساحقة في الحزب الديمقراطي بزعامة رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي والسيناتور تشاك شومر، وخصوصاً الرئيس جو بايدن، لا تزال تحافظ على ولائها الشديد لدولة إسرائيل.
- من ناحية أُخرى، سيد نتنياهو، صحيح أن الجمهوريين والطائفة الإنجيلية يؤيدان إسرائيل من دون تحفّظ، لكن اليمين المتطرف والمعادي للسامية لم يعد على هامش الحزب. عضو الكونغرس مارجوي تايلور غرين التي انتُخبت مؤخراً، والتي تمثل اليمين المتطرف ونظرية تفوّق البيض، هي من أبرز المُعادين للسامية. في سنة 2018، ادّعت أن الحرائق التي اشتعلت في كاليفورنيا سببها شعاع من الليرز أطلقته عائلة روتشيلد في الفضاء.
- كما يجب تذكير نتنياهو بأن إسرائيل اختارت خلال العقد الأخير تخبئة القضية الفلسطينية تحت السجادة. صحيح أنه لم يكن يوجد شريك فلسطيني لإنهاء النزاع، وربما لن يوجد. وصحيح أنه منذ أيام مفتي القدس محمد أمين الحسيني، مروراً بياسر عرفات، وصولاً إلى خليفته أبو مازن، يرفض الفلسطينيون إنهاء النزاع، ولا يوجد في الأفق زعامة مختلفة. لكن سيد نتنياهو، في هذه الولاية التي ستحدد إرثك، أنت لا تقدر على الاستمرار في تجاهُل المقاطعة [مركز السلطة الفلسطينية]. ورَثة أبو مازن يمكن أن يكونوا شركاء في التوصل إلى ترتيبات محدودة في الضفة تخفف من الاحتكاكات، وتقوي سيطرة السلطة، وتضمن الأمن الذاتي، وتسمح تدريجياً بإجراء اتصالات من أجل التوصل إلى تسوية سياسية. كل هذا، شرط أن تعتبر إسرائيل السلطة شريكاً، ولو بصورة جزئية ومحدودة، وتعتبر "حماس" عدواً، بدل العكس الحاصل حالياً.
- أخيراً سيد نتنياهو، لنعد إلى التاريخ. ونستون تشرشل الذي يحظى بإعجابك، هو ليس بالضرورة السياسي المناسب لقضايانا، بل حليفه الفرنسي الجنرال شارل ديغول هو الأكثر ملاءمة لنا، كما يظهر من السيرة الذاتية الشاملة التي كتبها المؤرخ جوليان جاكسون.
- في كانون الأول/ديسمبر 1961، رد ديغول، الذي كان حينها رئيساً للجمهورية، على وزير رفيع المستوى كان يؤيد ضمّ الجزائر: "أنت تريد إنشاء إسرائيل أُخرى فرنسية. انظر إلى إسرائيل، كل العالم العربي ضدها. على الأقل، الإسرائيليون قاتلوا من أجل استقلالهم، بعد أن احتلوا دولتهم. المستوطنون الفرنسيون يريدون أن يبقوا مرتبطين بهم. لكننا لسنا مستعدين لربط مصيرنا ومستقبلنا الوطني بأهواء الفرنسيين في الجزائر [Les Pieds Noir]، وإذا اعتمدنا موقفك، كل العالم سيقف ضدنا."
- رفض ديغول ضمّ الجزائر، ومنحها الاستقلال الكامل، وأعاد ملايين المستوطنين الفرنسيين إلى بلدهم فرنسا. بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]، وصف ديغول الشعب اليهودي بأنه "شعب فخور وواثق بنفسه ومسيطر". كما أوضح ما يبدو اليوم نبوءة تحققت جزئياً: "بالنسبة إلى الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل الآن، فإن ذلك سيحولها إلى سلطة احتلال يرافقها اضطهاد وقمع وطرد، وستنشأ في مواجهتها مقاومة ستصفها إسرائيل بأنها إرهاب... ومن الواضح أن النزاع لن ينتهي، ولن يكون هناك حل إلا من خلال اتفاق دولي."
- يعتبر انقلاب عام 1977 من أهم الأحداث في تاريخ إسرائيل السياسي. فللمرة الأولى فاز الحزب الحاكم مباي بعدد مقاعد في الكنيست أقل من منافسه الليكود الذي حتى ذلك الحين لم يعرف غير مقاعد المعارضة. هذا التبدل في الحكم غيّر المنظومة السياسية.
- لم يشكل هذا انقلاباً على الصعيد السياسي فقط، بل انقلاباً اجتماعياً على وجه الخصوص وجاء بعد سنوات طويلة اجتماعي – ثقافي. فقد كانت مجموعات من السكان مستبعدة حتى ذلك الحين من المشاركة في اللعبة السياسية نجحت أخيراً من أن يكون لها دور فيها. التصحيحيون هنا، والشرقيون هناك؛ أولئك الذين أُطلق عليهم اسم "الفاشيين" انتصروا على أولئك الذين أرادوا استبعادهم، وأحدثوا تغييراً تاريخياً. لكن على الرغم من هذا الإنجاز، وفي ظل القوى التي تعمل ضد اليمين في الأعوام الأخيرة، فإن من الصعب عدم التفكير في أن الانتصار هذه المرة أكبر وأهم.
- حتى انقلاب 1977، لم يكن هناك أغلبية انتخابية للناخبين اليمينيين من الجمهور، وبالتالي، لم يتمكنوا من الحصول على السلطة فإنه في المقابل وخلال المعارك الانتخابية الخمس الأخيرة، اقترع الناخبون بأغلبية ساحقة لمصلحة الأحزاب اليمينية وأعضاء الكنيست اليمينيين في جميع الدورات الانتخابية الخمس الأخيرة، لكن خلال هذه الفترة بأكملها جرى فعل كل شيء - ببساطة أيّ شيء – لمنع معسكر اليمين من ممارسة خياره الديمقراطي والسماح لزعيم هذا المعسكر نتنياهو بتأليف حكومة. إذا كان انقلاب 1977 انتصاراً سياسياً - اجتماعياً ضمن القواعد الديمقراطية للعبة، فإن انتصار 2022 هو عكس الانقلاب على الديمقراطية من نواحٍ عديدة؛ انقلاب تقوده قوى سياسية وقانونية وإعلامية على حد سواء.
- سياسياً، بدأ الأمر مع تصرُّف ليبرمان الغريب، بعد رفضه الانضمام إلى حكومة يمينية في الدورة الانتخابية الأولى. في وقت لاحق، اتضح أنها كانت خطوة سياسية واسعة النطاق صاغها بينت وشاكيد وساعر وليبرمان - لمنع نتنياهو من الاستمرار في رئاسة الليكود وزعامة المعسكر. هكذا تدحرجت إسرائيل من انتخابات إلى أُخرى. في كل مرة تظاهر حزب آخر بأنه حزب يميني، ثم عمل على منع تأليف حكومة يمينية. بلغ الأمر ذروته عندما تعاون بينت وشاكيد على تأليف حكومة يسارية، مستخدمين أصوات الناخبين اليمينيين.
......
الشيطنة في الإعلام
- بتناغُم مؤلم، أخفت أغلبية وسائل الإعلام، وبشكل ممنهج، معلومات إيجابية عن إنجازات نتنياهو وفترة حكمه من ناحية، وقادت حملة لتشويه صورته وصورة ناخبيه من ناحية أُخرى. أربعة أعوام من المحاولات لنزع الشرعية ونشر الكراهية الشديدة، بلغت حد التشجيع على التصويت لحزب بلد، الذي يعارض وجود دولة إسرائيل، وتفضيله على إقامة حكومة يمينية.
- عندما لم ينجح كل هذا، أُعِدّت خطة طوارئ للاستمرار: إجراء انتخابات سادسة، والسماح بتأليف حكومة أقلية لا يعتمد تأليفها أو حلها على تأييد أغلبية أعضاء الكنيست. أي، إذا كان من غير الممكن استبدال الشعب – فسنبدّل نظام الحكم.
- وعلى الرغم من تضافر كل هذه القوى، انتصر اليمين، وعلى الأقل أنقذ الديمقراطية.
- الحكومة المتوقع تأليفها قريباً ستتعامل مع واقع استراتيجي مركّب، وتحديات سياسية وأمنية كثيرة في الساحة الداخلية، والإقليمية والدولية. وبسبب ضرورة التعامل مع هذه التحديات، على الحكومة أن تقوم بصوغ استراتيجيا شاملة واستجابة نظامية، عبر تبنّي سياسة حذرة تمنع اندلاع مظاهر عنف وإلحاق الضرر بأرصدة نمتلكها وبالتعاون الاستراتيجي، وعلى رأسه التحالف مع الولايات المتحدة والعلاقات مع الدول السنّية.
الساحة الفلسطينية - بحاجة إلى صوغ
استجابة بأسرع وقت ممكن
- التصعيد المستمر في الحالة الفلسطينية، وبصورة خاصة في الضفة الغربية، يدفع الحكومة المستقبلية إلى صوغ استراتيجيا منهجية واستجابة سريعة جداً نسبياً. من المتوقع أن يكون الموضوع الفلسطيني على رأس سلّم أولويات الحكومة الجديدة، وخصوصاً أن الحديث يدور عن "قنبلة موقوتة". التحدي الأساسي هو التهديد الأمني المتصاعد في شمال الضفة، ويهدد بالانتشار إلى مناطق أخرى في الضفة، في وقت تظهر السلطة حالة ضعف عميقة وصعوبة، أو عدم رغبة، في تحمُّل مسؤولية مراكز "الفوضى" التي تحدث في المنطقة، وعلى رأسها نابلس.
- حقيقة أن أبو مازن تنازل عملياً عن قدرته على تحقيق أي إنجاز لشعبه، ترفع حالة الغضب في الشارع الفلسطيني، يضاف إلى ذلك صراع عناصر قوة مختلفة على مواقع القيادة المستقبلية. وفي ظل عدم وجود خليفة طبيعي، من المتوقع أن يتصاعد الصراع على الزعامة من جانب هؤلاء الذي يرون في أنفسهم قيادة محتملة مستقبلية للشعب الفلسطيني. وفي هذا الصراع على القيادة، لن يشارك فقط المسؤولون في "فتح"، بل أيضاً مسؤولون من "حماس" سيحاولون استغلال الوضع والسيطرة على مواقع القوة في السلطة في الضفة أيضاً. هذه الحقيقة، إذا ما تقاطعت مع الافتراض بأن كل مرشح سيصل سيتبنى خطاً قومياً، بهدف تقوية مكانته، تقوّي الاستنتاج بأننا سنكون أمام تصعيد جدي في منظومة العلاقات السياسية والأمنية حيال السلطة الفلسطينية، ومن دون تغيير جوهري في السياسة الإسرائيلية.
- ومن أجل الانتقال إلى إحباط التهديدات الأمنية المباشرة (بالأساس خلايا كعرين الأسود في نابلس، أو شبكات تحاول "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تفعيلها)، سيكون على الحكومة الجديدة أن تتخذ عدة خطوات بهدف تهدئة الشارع. وفي هذا الإطار، يجب الاستمرار في الحفاظ على قنوات التنسيق مع السلطة كافة، وبصورة خاصة في المجال الأمني؛ والحفاظ على نمط الحياة المدني، الذي سمح حتى اللحظة بالإبقاء على أغلبية المجتمع الفلسطيني خارج الصراع الدائر؛ كما يجب الإشارة إلى أن إسرائيل غير معنية بتغيير حاد للواقع الحالي في المدى المنظور، وبصورة خاصة ضم مناطق من الضفة الغربية و/أو تقليص كبير في الدعم الاقتصادي الإسرائيلي للسلطة. وفي المقابل، فإن خطوات إسرائيلية بصورة أحادية الجانب، مثل ضم مناطق (ج)، من شأنها أن تضر كثيراً بالعلاقات والتعاون مع الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول السنّية، وهو ما سينعكس على الوضع الأمني على الأرض.
- هذا بالإضافة إلى أنه على إسرائيل أن تكون حساسة جداً إزاء كل ما يخص القدس والأماكن المقدسة، والامتناع من اتخاذ خطوات يمكن أن تفسَّر بأنها خرق للتوازن الهش الموجود على الأرض، وتؤدي إلى تصعيد عنيف، يتم تصويره في العالم الإسلامي كحرب دينية. وفي هذا السياق، على إسرائيل العمل لتقوية التنسيق مع السلطة والأردن، الذي عبّر عن تخوّف من خطوات إسرائيلية محتملة في القدس. الحفاظ على التعاون - التنسيق مع المملكة ضروري لضمان المصالح العليا للأمن القومي الإسرائيلي.
مراجعة السياسة حيال "حماس"
- من المفضل مراجعة السياسة المتخذة تجاه غزة في الأعوام الأخيرة بحذر، والتي تركز على حفظ الهدوء الأمني وتسمح، عملياً، لـ"حماس" بضبط الوضع مقابل إسرائيل. وفي الوقت نفسه، تسمح بمأسسة حكمها السياسي والعسكري وتحسين جاهزيتها على طريق السيطرة على المنظومة الفلسطينية برمتها (هدف معلَن للحركة)؛ وفي المقابل، الدفع والتحريض من داخل غزة لإقامة وتفعيل بنى عسكرية ترفع التحديات الأمنية من جانب الضفة.
- على إسرائيل البدء بطرح شروط واضحة أمام "حماس" بشأن استمرار التسهيلات الاقتصادية مقابل جهود وقف التحريض و"الإرهاب"، عبر استغلال أغلبية أوراق الضغط الخارجية على "حماس"، ومن دون اتخاذ خطوات جذرية من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد سريع في غزة.
- يمكن لهذه الخطوات على الجبهتين أن تؤدي إلى هدوء وإحباط التهديدات الأمنية. وهو ما سيسمح بالتقدم إلى المرحلة الضرورية المقبلة، وهي حوار معمق بشأن الاستراتيجيا المطلوبة إزاء الحالة الفلسطينية (غير الموجودة منذ أعوام طويلة عملياً). وهذا بسبب الفهم أنه لا يمكن الاستمرار في المحافظة على الواقع الحالي من خلال الأدوات القائمة (خاصة الاقتصادية)، وأنه من دون اتخاذ المبادرة باتجاه أو بآخر، من الممكن أن تجد إسرائيل نفسها أمام ظروف حرجة (بعضها سيتطور من داخل المنظومة الفلسطينية نفسها)، فيدفعها إلى تطوير ردّ استراتيجي كردّ فعل مشابه للحالة التي حدثت في أعقاب الانتفاضة الأولى والثانية. صوغ خطة سياسية استراتيجية طويلة الأمد لترتيبات يمكنها أيضاً أن تساعد إسرائيل على تحسين صورتها أمام الدول الغربية والسنّية.
الساحة الداخلية: إمكانية ارتفاع
حدة التوتر بين العرب واليهود
- الساحة الإضافية القابلة للاشتعال هي الساحة الداخلية، وفي مركزها العلاقات المتوترة ما بين اليهود والعرب. الجمهور العربي يعيش بعد الانتخابات مزيجاً من الإحباط والخوف. الأمل بتعزيز القدرة على التأثير تراجع، وحلّ محله يأس عميق، إلى جانب الخوف من خطوات الحكومة المقبلة. كل هذا إلى جانب استمرار المشاكل الأساسية، وعلى رأسها الجريمة والعنف، وأزمة الجيل الشاب والشعور بالتهميش العميق.
- على الحكومة المستقبلية أن تفهم هذا الواقع وتوضح أنها تنوي الاستمرار، وحتى توسيع التعامل مع أزمة المجتمع العربي، وفي المقدمة وقف الجريمة والعنف، والاستمرار في تنمية الجيل الشاب وتطوير الوضع الاقتصادي، إلى جانب البنى التحتية والمدنية داخل البلدات العربية، بالإضافة إلى إدارة حوار يومي مستمر وواسع ومباشر مع القيادات العربية في الكنيست، ومع الجمهور العربي. تجاهُل الواقع المتوتر، والأسوأ الاعلان عن خطوات جديدة تحدّ من قدرة الجمهور العربي، أو تقلل من دعم الدولة له، من الممكن أن تُفسر بأنها بمثابة "إغلاق الباب" الحكومي والجماهيري، مما سيؤدي إلى انهيار التوقعات بشكل حاد، وهو ما سيؤثر سلباً في الواقع الداخلي، وفي الحصانة القومية الداخلية لإسرائيل.
التهديد الإيراني - يجب صوغ ردّ استراتيجي شامل
- في الشهرين الماضيين، كان هناك ارتفاع في التهديد الإيراني لإسرائيل، كنتيجة لالتقاء عدة مسارات - العبثية المستمرة في المحادثات النووية، وعدم وجود رقابة عملية على نشاطات إيران في هذا المجال إلى جانب تعاوُن عسكري مع روسيا يسمح لها بتحسين قدراتها الهجومية في مجال المسيّرات، ومن الممكن أيضاً الصواريخ. هذا بالإضافة إلى البعد الإقليمي، إذ نجحت إيران في تحسين ظروفها، بعد أن نجح محمد السوداني، الداعم لإيران، في الوصول إلى منصب رئيس الحكومة العراقية.
- أمام هذه المسارات، سيكون على الحكومة الجديدة أن تضع على رأس سلّم أولوياتها الحاجة إلى صوغ خطة استراتيجية شاملة لكبح التهديد الإيراني، بينما يبدو أن الفرصة الزمنية لوقف الخطة النووية تكاد تنفذ. لذلك، يجب أن يكون هناك تعاوُن عميق مع الولايات المتحدة ودول الخليج. وهو ما يجب أن يدفع الحكومة الجديدة إلى العمل على بناء الثقة والامتناع من اتخاذ خطوات من شأنها أن تضر بالعلاقات مع هذه الدول، وتضر بجاهزيتها للاستجابة إيجابياً لطلبات إسرائيل. هذا بالإضافة إلى أنه على إسرائيل أن تستغل الامتعاض المتصاعد في الغرب من المساعدة العسكرية لروسيا وقمع التظاهرات الداخلية، بهدف الدفع قدماً بشن معركة على الوعي وعلى الاقتصاد تكون واسعة، وتزيد في الضغوط الداخلية والخارجية على النظام.
- وبسبب التخوف من سيناريو قيام إيران بالذهاب إلى الخيار النووي، على الجيش أن يسرّع مسارات تعاظُم وبناء القوة. هذه المسارات تستند، إلى حد بعيد جداً، إلى المساعدة الاقتصادية الأميركية والتعاون الوثيق معها، بشكل يبرز أكثر حاجة الحكومة الجديدة إلى بناء منظومة علاقات ثقة مع الإدارة.
المحافظة على السياسة الحذرة إزاء روسيا
- ينبع الوضع المركّب للموقف الإسرائيلي من الحرب المندلعة في أوكرانيا منذ 8 أشهر، ومن الوضع الاستراتيجي والأمني الخاص الذي تعيش فيه إسرائيل. فمن جهة، هناك الحسابات الاستراتيجية والـ"قيمية" (الحلف مع الولايات المتحدة وجرائم الحرب الروسية)؛ ومن جهة ثانية، هناك الحسابات الأمنية القومية (حفظ حرية العمل في سورية ووضع اليهود في روسيا). وبسبب ذلك، على الحكومة الجديدة تبنّي سياسة مركّبة، في مركزها التعبير عن الدعم العلني لأوكرانيا والدفع قدماً بتعاون سري معها، إلى جانب سياسة حذرة بتزويدها بمنظومات الدفاع الجوي.
- يمكن للتعاون مع أوكرانيا أن يأتي بفائدة كبيرة لإسرائيل، بتعلُّم القدرات التكنولوجية للمسيّرات وطرق تفعيلها، بشكل سيساعدها على تحسين طرق الدفاع. وفي الوقت نفسه، على الحكومة أن تكون حذرة من الانجرار إلى مواجهة عسكرية، والامتناع من تزويد أوكرانيا بمنظومات دفاع جوي. وهذا بسبب التخوف من ردّ روسي، كما تم التعبير عنه بالتحذيرات التي مرّرها مسؤولون روس. ويجب الإشارة إلى أنه على الرغم من التقارب الروسي الإيراني، فإنه لم يتم الضرر بحُرية الحركة الإسرائيلية في سورية.
الحساسية إزاء الإدارة الأميركية
- طبيعة وتركيبة الحكومة الجديدة تؤدي إلى مخاوف كثيرة في أوساط الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة، وفي أوساط اليهود هناك، بالإضافة إلى مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي. لا يوجد بديل من العلاقات الاستراتيجية الخاصة مع الولايات المتحدة، وإسرائيل لا يمكن أن تسمح لنفسها بإلحاق الضرر بها، حتى لو كان قليلاً جداً، إذ تستند هذه العلاقات بالأساس إلى قيم "ديمقراطية ليبرالية" مشتركة بين الدولتين.
- على الحكومة المقبلة أن تكون حساسة أكثر وحذرة أكثر بشأن صوغ خطوط سياساتها، كي لا تمنح منتقديها سلاحاً بطريقة تمكنهم من التأثير في التعاون بين الدولتين. وبسبب التوقعات بأن الأعوام المقبلة ستشهد ارتفاعاً في حدة الاستقطاب في المجتمع الأميركي تحضيراً للانتخابات الرئاسية وعودة ترامب المتوقعة، وبسبب استخلاصات الماضي، سيكون على الحكومة المقبلة أن تكون حذرة من الانجرار إلى صراعات علنية مع الإدارة، يمكن أن يستغلها الجمهوريون بهدف ضرب الديمقراطيين، وأن تكون جزءاً من الحملات الانتخابية.