مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته يائير لبيد إن حكومته واجهت عواصف سياسية عديدة، لكنه شدّد في الوقت عينه على أن هذه الحكومة عملت بجدية من أجل دولة إسرائيل وسكانها.
وأضاف لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد)، أن هذا الاجتماع هو الأخير للحكومة الـ36 لدولة إسرائيل، وأنه بالنسبة إلى الفترة القصيرة التي قضتها الحكومة في السلطة [عام ونصف العام]، فإن قائمة إنجازاتها تُعتبر استثنائية حقاً.
وقال لبيد: "تحت قيادة سلفي في المنصب، نفتالي بينت، أخرجتنا الحكومة من أزمة كورونا من دون أي إغلاق. وأنقذنا البلد من أزمة اقتصادية. ومرّرنا ميزانية الدولة بعد أكثر من 3 أعوام من دون ميزانية. قلّلنا العجز والبطالة إلى أرقام هي من بين الأدنى في تاريخ البلد. زدنا رواتب الجنود بنسبة 50%، مرّرنا برنامج التعليم للجنود المسرّحين. وفي عملية ’مطلع الفجر’ العسكرية وجّهنا ضربة قاصمة إلى حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة وأحبطنا قادتها، من دون أن يتأذى إسرائيلي واحد. في عملية ’كاسر الأمواج’ في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] قمنا بتفكيك البنية التحتية لمجموعة ’عرين الأسود’ الإرهابية ومنعنا مئات العمليات."
وتابع رئيس الحكومة: "من خلال العمل بدقة وبذكاء مع الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة، منعنا تجديد الاتفاق النووي مع إيران. وعملنا ضد البنية التحتية الإرهابية الإيرانية في كل مكان، بما في ذلك البعيدة جداً عن حدود إسرائيل. وفتحنا سفارات وبعثات في الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين. وأنشأنا ’منتدى النقب’. جدّدنا العلاقات مع تركيا. وأصلحنا العلاقات مع مصر والأردن. وقّعنا اتفاقية تاريخية مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية. وخلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل، وقّعنا مع صديقنا العظيم ’إعلان القدس’، الذي التزمت فيه الولايات المتحدة التزاماً استراتيجياً بسلامة إسرائيل وأمنها وازدهارها. أنشأنا برنامج ’المسار الآمن’ الذي حقق العديد من الإنجازات في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي. وأقمنا لجنتيْ تحقيق حكوميتين، واحدة للتحقيق في كارثة جبل ميرون، والأُخرى للتحقيق في قضية الغواصات وقوارب الملاحة [الخاصة بملفات الفساد المتعلقة ببنيامين نتنياهو]. ومرّرنا في الكنيست خطة إصلاح المعايير لخفض أسعار عشرات المنتوجات. ورفعنا سن التقاعد للمرأة. وقمنا برفع رواتب المعلمين وتحسين ظروف عملهم، وبزيادة المخصصات للناجين من المحرقة النازية، بصورة كبيرة."
وختم لبيد: "في فترة ولايتها القصيرة، أصدرت هذه الحكومة 1613 قراراً، في جميع مجالات الحياة وكل ذلك لمصلحة مواطني إسرائيل. لم نعمل فقط لمصلحة أولئك الذين صوتوا لنا. ولم نعمل فقط داخل الكتلة أو داخل المعسكر. للحكومة الإسرائيلية دور واضح: حماية الدولة والحفاظ على القانون، والحفاظ على فصل السلطات، والحفاظ على الأمن والاقتصاد، والحفاظ على مكانة إسرائيل في العالم، والحفاظ على الديمقراطية الإسرائيلية، ولقد حققنا كل هذه المهمات بنجاح كبير."
صادقت اللجنة المنظمة في الكنيست أمس (الأحد) على انقسام قائمة تحالُف "الصهيونية الدينية" إلى ثلاث كتل برلمانية، بموجب الاتفاق المبرم قبل الانتخابات بين الأحزاب الثلاثة التي تشكل هذه القائمة اليمينية المتطرفة.
والكتل الثلاث هي حزب "الصهيونية الدينية"، برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، وسيكون ممثلاً بسبعة أعضاء كنيست، وحزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] برئاسة عضو الكنيست إيتمار بن غفير، وسيكون ممثلاً بستة أعضاء كنيست، وحزب "نوعام"، وسيمثله عضو كنيست واحد هو رئيسه آفي عوز.
ومن المتوقع بعد تأليف رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو حكومة جديدة، استخدام "القانون النرويجي"، إذ سيدخل إلى عضوية الكنيست مرشحون آخرون من حزبيْ "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت"، في إثر تعيين أعضاء كنيست منهما في مناصب وزارية.
وقالت مصادر مقربة من نتنياهو أمس إنه يأمل بأن يتمكن من الخروج من أزمة تأليف الحكومة هذا الأسبوع. وبحسب هذه المصادر، فإن العثرة الأساسية هي مطالبة سموتريتش بتولي حقيبة الدفاع، أو حقيبة المال التي يطالب بها رئيس حزب شاس أرييه درعي. ويحاول مسؤولون في الليكود دفع سموتريتش ودرعي إلى إجراء مفاوضات بينهما، ويأملون بأن يتنازل درعي عن حقيبة المال في مقابل حصوله على حقيبة الداخلية موسعة، وتشمل حقيبة الأديان.
ويواجه نتنياهو عقبة أُخرى في تأليف الحكومة تتعلق بتعيين درعي وزيراً. فقد أشارت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، أمس إلى أن درعي لن يتمكن من تولي منصب وزير بعد إدانته بمخالفات جنائية والحكم عليه بعقوبة السجن مع وقف التنفيذ، إذ إنه بذلك لُصقت به وصمة عار.
ويُتوقع أن يسعى نتنياهو لحل هذه العقبة من خلال تعديل "قانون أساس: الحكومة"، بحيث لا تُلصق وصمة عار بمُدانين فُرضت عليهم عقوبة السجن مع وقف التنفيذ، وإنما فقط الذين يدانون بعقوبة السجن الفعلي، ومن خلال سن قانون آخر يقضي بمنع المحكمة العليا من شطب قوانين يصادق عليها الكنيست، مثل تعديل "قانون أساس: الحكومة".
قال رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو إن الفلسطينيين غير معنيين بإحلال السلام.
وجاءت أقوال نتنياهو هذه في سياق كلمة له عبر الفيديو، ألقاها الليلة قبل الماضية أمام أعضاء مؤتمر التحالف الجمهوري اليهودي المنعقد في الولايات المتحدة، وأكد فيها أيضاً أن الفلسطينيين لا يرغبون في دولة تعيش إلى جانب إسرائيل، بل يريدون دولة تعيش وحدها، وبدلاً من إسرائيل.
وتطرّق نتنياهو إلى علاقته بالرئيس الأميركي جو بايدن، وإلى الملف النووي الإيراني، فأكد أنه كان هناك على مر الأعوام خلافات في الرأي بين إسرائيل والإدارة الأميركية، سواء أكانت جمهورية أو ديمقراطية، لكنها كانت تُعتبر خلافات داخل العائلة.
وشدّد نتنياهو على أنه على استعداد للقيام بكل ما في استطاعته من أجل قطع الطريق أمام التسلح النووي الإيراني، حتى إن كانت خطوته مخالفة لموقف الإدارة الأميركية.
أكد وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أن إسرائيل ستواصل التحرك ضد مساعي إيران لإقامة قواعد إرهابية على حدودها.
وأضاف غانتس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في ختام زيارة قام بها إلى اليونان أول أمس (الجمعة)، أن سلوك إيران العدواني لا يزال يشكل تهديداً كبيراً للعالم أجمع، ولمنطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أن طهران ضالعة في الحرب على أوكرانيا، وتواصل تطوير مشروعها النووي، وتدعم الإرهاب في سورية ولبنان وغزة ويهودا والسامرة [الضفة الغربية].
وشدّد وزير الدفاع على أن إسرائيل تعتبر اليونان شريكة استراتيجية لها.
توجّه رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي مساء أمس (السبت) إلى واشنطن في ثاني زيارة يقوم بها إلى الولايات المتحدة منذ توليه هذا المنصب، وستكون آخر زيارة رسمية له قبل أن يسلم مهمات منصبه إلى الجنرال هيرتسي هليفي يوم 17 كانون الثاني/يناير 2023.
وسيعقد كوخافي خلال الزيارة، التي ستستمر 5 أيام، اجتماعات مع مسؤولين كبار من وزارة الدفاع الأميركية، ومسؤولين عسكريين أميركيين، لمناقشة تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وقضايا أُخرى متعلقة بالتحديات الأمنية في المنطقة، وعلى رأسها التهديد الإيراني، وبتعزيز التعاون بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي.
بالإضافة إلى ذلك، سيزور رئيس هيئة الأركان مقر القيادة المركزية الأميركية في فلوريدا، حيث سيجري تقييماً استراتيجياً مشتركاً للوضع مع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا ومسؤولين كبار آخرين من القوات الجوية وقيادة العمليات والقيادة الاستراتيجية للجيش الأميركي.
وتأتي هذه الزيارة في أعقاب اجتماعات ومحادثات عديدة تكثفت في الآونة الأخيرة بين رئيس هيئة الأركان وكبار المسؤولين العسكريين الأميركيين، إذ قام قائد القيادة العسكرية الأميركية مايكل كوريلا، الأسبوع الماضي، بزيارة إلى إسرائيل للمرة الرابعة هذا العام.
صادق البرلمان الأذربيجاني أول أمس (الجمعة) على افتتاح سفارة في إسرائيل. ويجعل هذا القرار من أذربيجان أول دولة شيعية مسلمة تفتتح سفارة لها في إسرائيل.
ورحب رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد بهذه الخطوة، وقال في بيان صادر عنه: "إن أذربيجان شريك مهم لإسرائيل وموطن لواحدة من أكبر الجاليات اليهودية في العالم الإسلامي. إن قرار افتتاح السفارة يعكس عمق العلاقة بين بلدينا. وهذه الخطوة هي نتيجة جهود الحكومة الإسرائيلية لبناء جسور دبلوماسية قوية مع العالم الإسلامي."
يُذكر أن لإسرائيل سفارة في باكو منذ سنة 1992. ويعكس قرار أذربيجان هذا علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل، ولا سيما في مجاليْ الأمن والتجارة، بموازاة علاقاتها المتوترة بشكل متزايد مع إيران. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي أعلنت أذربيجان اعتقال خمسة من مواطنيها بتهمة التجسس لمصلحة إيران، بعد تصاعُد التوتر بين البلدين الجارين. وجاءت الاعتقالات بعد أسبوع من تبادُل الاتهامات بين باكو وطهران. ولطالما اتهمت إيران، وهي موطن لملايين الأذريين، جارتها الشمالية الأصغر حجماً بتأجيج مشاعر انفصالية على أراضيها.
وفي الشهر الماضي، قام وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس بزيارة رسمية إلى أذربيجان، حيث التقى نظيره ذاكر حسنوف، ورئيس البلاد إلهام علييف. وركزت الزيارة على القضايا المتعلقة بالأمن والسياسات، بهدف تعزيز التعاون الدفاعي بين القدس وباكو.
وجاءت زيارة غانتس هذه في إثر تصعيد القتال مؤخراً بين أذربيجان وجارتها أرمينيا حول منطقة ناغورني كاراباخ المتنازع عليها.
كما أن لدى إسرائيل صفقات أسلحة كبيرة مع أذربيجان، لكنها لا تكشف عن تفاصيلها. وفي سنة 2016، قال علييف إن بلاده اشترت من إسرائيل معدات دفاعية بقيمة 4.85 مليار دولار، غير أن إسرائيل لم تؤكد هذا الرقم قطّ.
- الرابحون في الانتخابات الأخيرة كُثر- من بنيامين نتنياهو الذي عاد إلى رئاسة الحكومة، مروراً بالإنجاز الكبير للصهيونية الدينية، وصولاً إلى صعود شاس المثير للإعجاب. لكن النجاح الأكبر والمميز هو فوز منصور عباس وحزبه القائمة العربية الموحدة راعام. نتائج الانتخابات لم تصادق فقط وتكافىء الخطوة السياسية الخارجة عن المألوف التي قام بها، بل حولته إلى شخصية سياسية مهمة في القطاع العربي في إسرائيل، وصاحب تأثير واضح في المنظومة السياسية.
- للوهلة الأولى، يبدو أن الإنجاز ليس كبيراً: فقد حصل عباس على خمسة مقاعد ونحو 195 ألف ناخب، بينما حصلت القائمة المشتركة، المؤلفة من حداش وتعل، على 180 ألف صوت وخمسة مقاعد، ولم تتمكن قائمة حزب بلد من اجتياز نسبة الحسم، وحصل على 140 ألف صوت، ما يوازي تقريباً 3 مقاعد. راعام وحدها حصلت على 40% من الأصوات العربية، بينما توزعت الـ60% الباقية على الأحزاب الثلاثة الأُخرى. لكن أهمية هذه الأرقام هي أن حزب راعام أصبح، بفارق كبير، الحزب العربي الكبير والوحيد الذي اجتاز وحده نسبة الحسم. جاء هذا الفوز بعد الخطوة التي كانت موضع جدل في القطاع العربي، والتي اتخذها عباس في سنة 2021، عندما أعلن نيته الانضمام إلى الائتلاف مع الأحزاب الصهيونية، وأجرى مفاوضات مع نتنياهو، ومع خصومه. وفي النهاية، انضم عباس إلى ائتلاف بينت- لبيد، على الرغم من المعارضة الكبيرة في القطاع العربي، وحتى في حزبه. وكان من الممكن أن تنتهي هذه الخطوة بانهيار سياسي كامل واختفاء الحزب، لكن ما حدث هو العكس. الناخبون العرب لم يرفضوا هذه الخطوة، لا بل قدموا لها مكافأة، من خلال الزيادة الكبيرة في الأصوات التي منحوها لراعام، وتتويج عباس، عملياً، زعيماً للقطاع العربي. وفي الواقع، لم تكن النتائج مكافأة فقط على خطوة سياسية معينة، بل كانت بمثابة كسر للفيتو الذي فرضته الأحزاب العربية في إسرائيل منذ 40 عاماً على التعاون الفعلي مع أحزاب صهيونية.
- هذا الوضع لم يكن قائماً على الدوام، فخلال الأعوام الثلاثين الأولى للدولة، كان هناك مجموعة من الأحزاب العربية التي تعاونت مع حزب السلطة. حتى سنة 1981، كانت العضوية في حزبيْ مباي والعمل محصورة في اليهود فقط، والمؤيدون لهما في القطاع العربي أقاموا أحزاباً تدور في فلكهما انضمت إلى الائتلاف، من بينها "القائمة الديمقراطية للعرب في إسرائيل" (1951- 1959)، و"التقدم والتطور" (1959-1973)، و"القائمة العربية الموحدة للبدو والريف" (1973-1981). هذه الأحزاب حصلت على أغلبية الأصوات في القطاع العربي، بينما كان الحزب الشيوعي ذي أغلبية يهودية.
- اختلف الوضع بعد سنة 1977، عندما أوقفت حكومات الليكود الضغط الحكومي على الأطراف المتطرفة في القطاع، وفي المقابل، توجه حزب العمل إلى جذب أصوات العرب مباشرة إليه. وكانت النتيجة القضاء على الأحزاب العربية المعتدلة وصعود أطراف متشددة إلى زعامة القطاع.
- بعد 40 عاماً من الفيتو، يسود الشارع العربي شعور بالوصول إلى حائط مسدود. لقد كان عباس أول زعيم عربي تحدث بصراحة، معلناً أن إسرائيل هي دولة يهودية. جاء هذا الإعلان للتصدي للتوجهات العدائية للمجموعات الراديكالية وسط العرب، التي تعتقد أن مواجهة جبهوية مع الدولة الصهيونية ستؤدي، بالتدريج، إلى تراجعها وحتى القضاء عليها. في رأي عباس، أن هذا التوجه وهمٌ، ليس فقط منقطعاً عن الواقع، بل يشكل خطراً على العرب في إسرائيل، ويُقحمهم في معركة ليس في مقدورهم الانتصار فيها. الدعم الذي حصل عليه موقف عباس من الناخبين سمح له بالتغلب على خصومه، وبأن يصبح نسخة عربية عن حزب شاس.
- هناك أوجه شبه كثيرة ما بين الانتخابات الأخيرة وانقلاب سنة 1977. في الحالتين، تم انتخاب قيادة يمينية واضحة من معسكر اليمين، تريد أن تضع إسرائيل على مسار استراتيجي جديد مختلف جوهرياً عن النظام القديم: حكم "مباي" الطويل و"حكومة التغيير" القصيرة العمر. في الحالتين، كانت مشاعر الإحباط تسيطر على فئات واسعة في المجتمع، اتسع تأثيرها بعد الانتخابات: الشرقيون في انتخابات 1977، والصهيونية الدينية اليوم.
- الانقلاب في سنة 1977 اتّسم بصعود قيادة تحمل رؤية سياسية ورأياً مختلفاً عن القيادة التي سيطرت قبل ذلك. لكن من الناحيتين الثقافية والاجتماعية، يدور الحديث عن ممثلين من طبقة "النخب" تتشارك في عدة أمور، وبصورة خاصة في مجال تعريف المصالح الاستراتيجية الأساسية لإسرائيل والعلاقات بين فئات المجتمع، وما بينها وبين مؤسسات الحكم المختلفة.
- في الانتخابات الأخيرة، تعززت قوة فئة ثورية تمثلت في الصهيونية الدينية، المعنية بتغييرات أساسية، داخلياً وخارجياً: الصورة الجغرافية لإسرائيل (تطبيق السيادة على الضفة والتشدد بالخط المعتمد حيال السلطة)؛ مكانة الدين في حياة السكان، والعلاقة بين السلطات، مع التركيز على تقليل تأثير المنظومة القضائية. وهذا كله، من دون وضوح في السياسات المتبعة تجاه"المواطنين" العرب في إسرائيل، وأسئلة عديدة عن معرفة قيادة المعسكر بأهمية العلاقات الخارجية الإسرائيلية.
- إذاً، يدور الحديث عن ائتلاف حكومي، على الأقل ربعه يريد تغييراً دراماتيكياً للواقع، ولا يريد الحفاظ على الوضع القائم. فقبل تنصيب الحكومة الجديدة حتى، هناك الكثير من المخاوف من الداخل والخارج، بعضها مؤسساتي، والآخر يدور حول الاتجاهات، لكن بعضها أصلي ويرتبط بأسئلة الهوية والقيم والرؤية. لذلك، هناك حاجة إلى بعض الحساسية من طرف الحكومة المقبلة، وذلك لأنها من الممكن أن تؤدي إلى نمو بؤر توتُّر واحتكاك مستقبلية داخل المجتمع اليهودي، بين السلطة والمؤسسات الرسمية المختلفة، وبين الدولة والمواطنين العرب، وبينها وبين جاراتها في الساحة الإقليمية والدولية.
- في ما يتعلق بالمنظومة السياسية نفسها، تظهر تغييرات أُخرى: تقريباً نصف أعضاء الكنيست المنتخبين محسوبين على أحزاب لا تُجري انتخابات داخلية، وهو ما يعني مشاركة محدودة نسبياً في الحياة السياسية داخل الأجسام المنتخبة نفسها، ولذلك، من المفضل أن تُسمى "قوائم" أكثر مما هي "أحزاب". الحديث يدور عن ظاهرة ليست جديدة (بصورة خاصة في الأحزاب الحريدية، وليس فيها فقط)، لكن حجم هذه الظاهرة ازداد، وخصوصاً في معسكر "الوسط"، حزب يوجد مستقبل، والمعسكر الرسمي، وإسرائيل بيتنا.
- إذا كانت فروع الأحزاب سابقاً تشكل بؤر حياة سياسية في حياة الجمهور- في الأيام التي كانت فيها للأحزاب السياسية برامج وأفكار عميقة وواضحة ووظيفة مركزية في صوغ الهوية الشخصية والجماعية للمواطنين- فاليوم، يدور الحديث عن قوائم تمثل، في أغلب الأحيان، طريقة حياة قيمية وصورة ثقافية عامة أكثر مما هي رؤية.
- القوائم نفسها تعيش أكثر من مرة داخل الفضاء الافتراضي، في اللقاءات الجماهيرية، أو داخل الجلسات المنزلية (التي تزداد وتيرتها قبل الانتخابات) أكثر مما تعيش داخل مبانٍ ثابتة في الحيز العام، وتتحول أحياناً إلى رموز. "الليكود" إلى جانب "حداش" و"راعام" وحزب "العمل" هي الأحزاب الوحيدة تقريباً التي لا تزال تحافظ على التقليد القديم، والتي تدمج ما بين دعوة الجمهور إلى المشاركة في اللعبة السياسية وبين وجود فروع للحزب كمواقع نشطة في الحيز العام.
- اتجاهات عميقة أُخرى تعكسها هذه الانتخابات تتطرق إلى القصة اليهودية- العربية في إسرائيل. فانتخابات سنة 2022 أشارت، ليس فقط إلى الفضل (من الممكن أن يكون موقتاً) لـ"التجربة" التي في أساسها دمج حزب عربي في الحكم بإسرائيل، إنما أيضاً إلى عمق الفجوة بين المجتمعيْن، وهو ما تشير إليه أنماط التصويت. فللتخوف من سيطرة العرب، الذي رافقه خوف من عودة "أحداث" أيار/مايو 2021 (حارس الأسوار) وفقدان السيادة الواسع في مواقع مختلفة في الدولة (خاصة النقب)، دور مركزي في التصويت داخل الجمهور اليهودي، وأجواء مشابهة يدلل عليها التصويت لـ"التجمع"، الذي كان على عتبة عبور نسبة الحسم.
- داخل المجتمع العربي، شكلت الانتخابات الأخيرة، إلى حد ما، نهاية السياسة القديمة. تلك التي بدأت تتفكك مع دخول " القائمة العربية الموحدة" إلى الائتلاف وقيامها بخطوة "ثورية" برفض الوقوف جانباً، وتلقت هذه السياسة ضربة عميقة مع تفكُّك القائمة المشتركة نهائياً عشية الانتخابات والضياع العميق بعد ذلك. الحزبان المتنافسان- "الجبهة العربية للتغيير" و"حداش-تعل"- وجدا نفسيهما سوياً في المعارضة من دون تأثير، في الوقت الذي بقي "التجمع" خارج النظام البرلماني، ويمكن أن يتحول إلى البديل خارج السياسة الرسمية، مستغلاً شعور الإحباط والخوف والاغتراب المسيطر على فئات واسعة من الجمهور العربي في أعقاب الانتخابات.
- الانتخابات الأخيرة ليست فقط تعبيراً عن التغييرات في الرؤى أو المزاج العام للشرائح داخل إسرائيل، إنما تعكس أيضاً الميزان الديموغرافي الداخلي. تعزّز قوة اليمين ليس نتيجة التوتر العربي- اليهودي فقط، و"موجات الإرهاب"، أو التغييرات في الساحة الإقليمية، إنما أيضاً حقيقة أن الوزن الديموغرافي للفئات المقربة من الرؤية ذاتها يرتفع. في الجمهور العربي، لا توجد الاتجاهات نفسها، إما بسبب المشاركة المنخفضة في الانتخابات، وإما بسبب نسبة الولادات التي تنخفض بالتدريج (اليوم نسبة الولادات لدى النساء اليهوديات في إسرائيل أعلى منها لدى النساء المسلمات).
- في البعد الثقافي، عبّرت الانتخابات الأخيرة بشكل صارخ جداً عن وزن "الجيل Z". هذا الذي وُلد ما قبل سنة 2000 بقليل أو بعدها، وبعضهم شهد عدة جولات انتخابية في الأعوام الأخيرة. المميزات الأساسية العالمية لهذا الجيل تغلغلت إلى عمق اللغة السياسية، وأثّرت إلى حد معين في نتائج الانتخابات: مركزية شبكات التواصل الاجتماعي كأداة تمرير الرسائل والمعلومات وتشكيل رأي، والميل إلى مضامين سطحية وشعارات يتم فيها دمج أخبار كاذبة، وصعوبة في التعامل مع القضايا المعقدة، وتفضيل رد واضح، قاطع وسريع لمشاكل الساعة على محاولات تفسير الاتجاهات وتوضيح أنه لا توجد حلول سحرية (الحديث يدور عن نوع قيادات كانت موجودة سابقاً واختفت).
- بعد ثلاثة أعوام ونصف من الفوضى السياسية المستمرة، حسمت إسرائيل طريقها الاستراتيجي، صحيح أنها لا تبدو الدولة نفسها كما كانت عليه في نهاية سنة 2018. معسكر "اليسار" تقلص، وتقريباً اختفى؛ القصة اليهودية- العربية شهدت زعزعة عميقة وبقيت كقصة مفتوحة يمكنها أن تنفجر؛ ويوجد عملياً معسكر سياسي- جماهيري واحد فقط تقف أمامه مجموعة من المؤسسات المتناقضة داخلياً، ولا يمكن القول إنها "معسكر"، استصعبت ولا تزال تستصعب العمل بتنسيق، والأسوأ أن تتوحد.
- دول أُخرى في العالم كانت ستنهار بسبب الفراغ السياسي والاستقطاب الاجتماعي المتصاعد كما حدث في الأعوام الأخيرة. "الأمراء" الذين ساعدوا إسرائيل لتنجح في عبور هذه الفترة كان المجتمع المدني المتماسك، والاقتصاد القوي، والمنظومات الأمنية والبيروقراطية المستقرة والمؤسساتية، بالإضافة إلى حقيقة أن أغلبية أعداء إسرائيل، وعلى رأسها إيران، تعاني جرّاء ضعف عميق داخلياً، ومنشغلة بتحديات أُخرى، بدلاً من استغلال الحساسية الداخلية المستمرة، بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي في الدولة.
- إسرائيل ما بعد الانتخابات ليست هادئة أو متكتلة أكثر. العكس هو الصحيح. التوترات الداخلية يمكن أن تزداد في الواقع، بسبب المخاوف في أوساط الفئات المختلفة من تغيير دراماتيكي وسريع. الخطاب السائد الذي سيطر على الوجود الإسرائيلي في الأعوام الأخيرة- "نعم بيبي ولا بيبي"- ومنع النقاش في القضايا الاستراتيجية يتراجع، لكنه يترك الحيز لنقاشات محتدمة ومتوترة بشأن قضايا جوهرية.
- لسنوات عدّة كان الجيش الإسرائيلي المورّد الرئيسي للسلاح لمنظمات الجريمة والمنظمات "الإرهابية". وكان الجيش بمثابة سوبرماركت ضخم لتلك المنظمات التي تستقبل كل أنواع العتاد العسكري من الرصاص والقنابل والمتفجرات والأسلحة الأوتوماتيكية والصواريخ وغيرها من الأسلحة.
- مواجهة الجيش الإسرائيلي لهذه الظاهرة لا تحظى بالكثير من الانتباه، والأسباب لذلك متعددة، إلّا أن هناك خمس أسباب رئيسية يمكن الإشارة إليها والتي إذا لم تُعالج فقد تزداد الظاهرة سوءًا: غياب سلطة الدولة والفجوات في الأمن والإهمال من جانب القادة، ومستوى متدن من الموظفين، وغياب المعالجة المنهجية التي تشمل عاملاً شاملاً يشمل العوامل المادية والإلكترونية والاستخباراتية.
- أعتقد أن غياب الرقابة هو السبب الرئيسي لهذه الظاهرة. وبدل الاختباء وراء الكلمات الفارغة يجب القول إن غالبية لصوص الأسلحة هم من أبناء الأقليات المنظمين جيدًا في هيئات هرمية مع تقسيم واضح للأدوار. ومن ناحية أخرى، فإن التعليمات بفتح النار وغيرها من الإجراءات التنفيذية تحد من القدرة على الرد في الوقت الحقيقي على أي محاولة سرقة يتم اكتشافها أثناء تنفيذها الأمر الذي يؤذي الردع. ومن ناحية أخرى، عقوبات السجن المفروضة على لصوص الأسلحة خفيفة للغاية مقارنة بالعقوبات المفروضة على الجنود الذين يساعدونهم.
- يجب اعتبار كل سرقات السلاح جريمة أمنية بدلًا من جريمة جنائية بحتة. كما أن الذين يُحاكمون على سرقات السلاح داخل الجيش الإسرائيلي هم من صغار المسؤولين، في حين يُفلت القياديون الكبار من العقاب.
- في التسعينيات، عندما عملت محاميًا للقيادة الجنوبية في الذراع البرية، وقعت حادثة سرقة لعشرين قطعة سلاح من قاعدة في الجنوب. ولم يتلقَ القائد وهو ضابط برتبة عميد أي تنبيهاً على ذلك. ومن أصدروا الأحكام واجهوا عدداً من المعارضين، والأعذار كانت كثيرة: مساحة كبيرة لا يمكن تسييجها، نقص في الموظفين.. إلخ.
- حادثة الهروب من سجن جلبوع أسفرت عن تشكيل لجنة فحص حكومية رغم أن الحادثة كانت تكتيكية وليست استراتيجية. ورغم ذلك، وجهت اللجنة تحذيرات إلى المفوض عن سلطة السجون ونائبه. إن أي سرقة للذخيرة يمكن أن تؤدي إلى عواقب أكثر خطورة بكثير من حادثة الهروب، وعلى الرغم من ذلك، لم يعيّن أي وزير دفاع حتى الآن لجنة تفتيش لبحث مسؤولية كبار المسؤولين في الجيش وكيفية التعامل مع الظاهرة. في غضون ذلك، تستمر المخدرات في التدفق دون عوائق تقريباً إلى أيدي المجرمين، وتستخدم في الاغتيالات والعمليات الإرهابية وغيرها، في حين أن كبار المسؤولين "ينظرون إلى الظاهرة بجدية" ويواصلون غسل أيديهم من الموضوع.