مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلنت قناة "الجزيرة" القطرية أمس (الثلاثاء) تقديم ملف صحافية القناة شيرين أبو عاقلة التي قتلت في أثناء تغطيتها عملية للجيش الإسرائيلي في جنين في 11 أيار/مايو 2022 إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وأكدت فيه أنها قُتلت برصاص قوات الجيش الإسرائيلي.
وأضافت القناة في بيان صادر عنها، أن رفع القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية يأتي بعد إجراء فريق قانوني من "الجزيرة" تحقيقاً في القضية. وأشارت إلى أن الملف المرفوع إلى المحكمة الجنائية الدولية يبرز أدلة بشأن تعرض شيرين لإطلاق نار من طرف قوات الجيش الإسرائيلي. وشددت على أن ادعاء إسرائيل بشأن مقتل الصحافية عن طريق الخطأ لا أساس له من الصحة.
وأوضحت القناة القطرية أن التقرير الذي تم تسليمه يؤكد عدم حدوث أي اشتباك في المنطقة حيث كانت شيرين، وهو يقوّض نتائج تحقيق الجيش الإسرائيلي بشأن مقتلها. وأضافت: "تبرز في الملف المرفوع إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن الأدلة الجديدة المقتبسة من تصريحات الشهود ولقطات الفيديو تظهر بوضوح أن شيرين وزملاءها تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قوات الجيش الإسرائيلي، وأن ادعاء السلطات الإسرائيلية بأنها قُتلت خطأ خلال تبادل لإطلاق النار لا أساس له".
وسبق أن أعلنت إسرائيل أنها لن تتعاون مع أي تحقيق أجنبي في مقتل أبو عاقلة. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته يائير لبيد الشهر الماضي: "لن يتم استجواب الجنود الإسرائيليين من جانب مكتب التحقيقات الفدرالي أو أي هيئة أو دولة أجنبية أُخرى، مهما تكن صديقة". وذلك بعدما أفادت تقارير بأن مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة [إف. بي. آي] بدأ تحقيقاً لتقصي وقائع مقتل أبو عاقلة.
وكان الجيش الإسرائيلي أقر في أيلول/سبتمبر الماضي بأن هناك احتمالاً كبيراً بأن يكون أحد جنوده أطلق النار على أبو عاقلة بعد أن ظنّ خطأ أنها أحد المسلحين.
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 مساء أمس (الثلاثاء) أن الرئيس المقبل لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هليفي يقوم حالياً بزيارة لواشنطن تستغرق 4 أيام، تهدف إلى بث رسائل طمأنة في الولايات المتحدة حيال العلاقات الثنائية، وإلى التشديد على أن التعاون الأمني والعسكري بين الدولتين لن يتأثر بهوية الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
وأضافت القناة أن الزيارة جاءت في ظل وجود مخاوف في واشنطن من طبيعة الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي يعمل رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو على تأليفها، مع شركائه من اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] وتيار "الصهيونية الدينية"، وتضم شخصيات يمينية متطرفة ذات توجهات عنصرية معادية للعرب والفلسطينيين ورافضة لحقوق المثليين.
وأشارت القناة إلى أن الرسالة المركزية التي يعمل الرئيس المقبل لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الذي سيتولى مهمات منصبه رسمياً في كانون الثاني/يناير المقبل، على نقلها إلى المسؤولين الأميركيين، هي أن العلاقات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة ستتواصل على نحو مستقر.
ولم تذكر القناة هوية المسؤولين الذين سيلتقيهم هليفي خلال زيارته هذه إلى واشنطن، لكنها أشارت إلى أنهم مسؤولون سيتعين عليه وعلى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية العمل معهم في السنوات المقبلة.
وكانت الإدارة الأميركية الحالية أكدت عبر وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن أنها ستواصل معارضة الاستيطان ومساعي الحكومة الإسرائيلية لضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك ستستمر في دعم حل الدولتين.
وفي الوقت عينه شدد بلينكن في سياق كلمة ألقاها أمام مؤتمر نظمته منظمة "جي ستريت" اليهودية الأميركية يوم الأحد الفائت، على أنه سيحكم على حكومة نتنياهو بحسب أعمالها وليس بحسب الشخصيات التي تشارك فيها من اليمين المتطرف، كما أكد أن الإدارة الأميركية تعتزم العمل عن كثب مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وقال بلينكن إن المساعدات الأمنية لإسرائيل مصونة ومكفولة في جميع الأحوال، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تقدّم إلى إسرائيل سنوياً أكثر من 3 مليارات دولار في شكل تمويل عسكري خارجي.
عُقد في الكنيست أمس (الثلاثاء) اجتماع طارئ دعت إليه وزيرة التربية والتعليم الإسرائيلية يفعات شاشا بيطون للتعبير عن احتجاجها على نقل صلاحيات "وحدة البرامج الخارجية" في الوزارة إلى رئيس حزب "نوعام" عضو الكنيست آفي ماعوز ذي المواقف اليمينية المتطرفة.
وقالت الوزيرة بيطون في الاجتماع إن الحكومة المقبلة تخطط للقضاء على جهاز التعليم ونقل صلاحياته إلى أشخاص يملكون آراءً متطرفة.
وتكلم في الاجتماع رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته يائير لبيد فقال إن وزير التربية والتعليم المقبل لن يستطيع إدارة الوزارة لأن الحكومة الجديدة أقدمت على تمزيق الوزارة شرّ تمزيق لأسباب غير موضوعية وغير مهنية تخدم المصالح الضيقة لبعض الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحكومي.
وتساءل لبيد: "ما هو الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه إذا كان من سيتولى قيادة وزارة التربية والتعليم هم أناس يعتنقون مواقف مسيانية ويريدون إعادة النساء إلى القيام بالعمل المنزلي فقط، ويعتقدون أن كل من هو ليس يهودياً هو مواطن من الدرجة الثانية؟".
قال رئيس الكنيست الإسرائيلي ميكي ليفي ["يوجد مستقبل"] إنه سيعقد جلسة للهيئة العامة للكنيست يوم الاثنين المقبل لاختيار رئيس جديد بديلاً منه، بعد أن جمعت كتلة رئيس الحكومة المقبل بنيامين نتنياهو توقيعات كافية على طلب خاص لفرض مثل هذا التصويت.
وجاء الطلب من 64 عضواً في الكنيست يمثلون كتل ائتلاف نتنياهو بأكملها، علماً بأنه يتطلب أغلبية 61 توقيعاً في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً.
ويُعتبر انتخاب رئيس جديد للكنيست من كتل الائتلاف الذي يقوده نتنياهو، شرطاً مسبقاً أساسياً لتشكيل الائتلاف المخطط له، نظراً إلى أن العديد من التعيينات الوزارية التي يخطط لها نتنياهو والالتزامات تجاه أحزاب الائتلاف المقبل تتطلب تغييرات في القوانين القائمة، ورئيس الكنيست يمارس سيطرة كبيرة على جدول سنّ القوانين في الكنيست.
وقال ليفي في بيان صادر عنه أمس (الثلاثاء)، إن طلب اختيار رئيس جديد للكنيست يهدف إلى الدفع قدماً بقانون يسمح لأشخاص مدانين بجرائم ومحكوم عليهم بالسجن مع وقف التنفيذ بالعمل كوزراء، في إشارة إلى زعيم حزب شاس أرييه درعي الذي يسعى لشغل منصب وزير على الرغم من إدانته بالاحتيال الضريبي.
وقال ليفي: "على الرغم من الألم الهائل جرّاء معرفة نية الائتلاف الناشئ، فإنني سأعمل بحنكة سياسية ومن خلال احترم إرادة الناخب".
ووصف ليفي الطلب بأنه غير عادي لأنه جاء قبل أداء الحكومة المقبلة اليمين الدستورية.
وكان حزب الليكود أعلن في بيان صادر عنه في وقت سابق أن جميع الفصائل في ائتلافه المقبل أيدت استبدال ليفي بأحد أعضائها. كما أشار البيان إلى حدوث تقدّم كبير في تشكيل الحكومة من دون الخوض في التفاصيل.
كما أنه لم يتضح بعد من سيختار نتنياهو وحلفاؤه كرئيس جديد للكنيست، مما سيمنحهم السيطرة على الكنيست حتى قبل أن يؤدي الائتلاف الذي يعملون على تشكيله اليمين الدستورية.
ورئيس الكنيست مسؤول عن الحفاظ على النظام خلال جلسات سنّ القوانين، وتحديد جدول أعمال الكنيست بكامل هيئته أسبوعياً، وطرح القرارات للتصويت وإعلان النتائج.
ومع تعيين رئيس جديد للكنيست من المرجح أن يسعى الائتلاف المقبل إلى تمرير مشروع قانون ورد أن درعي طالب به من شأنه أن يمكّنه من أداء اليمين كوزير على الرغم من إصدار حكم بالسجن مع وقف التنفيذ بحقه بتهمة الاحتيال الضريبي في وقت سابق من هذا العام.
ومن أجل تجاوز القانون الحالي ورد أن درعي الذي من المقرر أن يصبح وزير الصحة والداخلية والذي قضى عقوبة بالسجن بتهمة الفساد في وقت سابق من حياته السياسية، يطالب بتمرير قانون فوري يوضح أن الأشخاص المحكوم عليهم بالسجن الفعلي فقط وليس مع وقف التنفيذ محظورون من تولي أي مناصب وزارية.
بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن يدفع الائتلاف الحكومي الجديد بسرعة ما يسمى "فقرة التغلب" التي ستمكن أعضاء الكنيست من إعادة فرض قوانين تلغيها المحكمة الإسرائيلية العليا. ويمكن لفقرة كهذه أن تستبق أي طعون قانونية ضد تعيين درعي في منصب وزاري بالإضافة إلى أمور أُخرى.
وقال حزب يهدوت هتوراه الحريدي في وقت سابق أمس إنه قدم أخيراً دعمه لطلب الليكود استبدال رئيس الكنيست. وكان الحزب رفض تقديم دعم مقاعده السبعة للموافقة على هذه الخطوة، في إطار تكتيك تفاوضي يهدف إلى تحسين مكانته في السعي للحصول على مناصب في الحكومة المقبلة.
ووافق حزب "الصهيونية الدينية" على الخطوة الأسبوع الماضي بعد مفاوضات ائتلافية متوترة.
- "الشعب قال كلمته"، بهذه الكلمات يحتفل الائتلاف اليوم بالفرصة السياسية المتاحة أمامه. لكن السياسة التي سيدفعون بها قدماً، كما تنعكس في الاتفاقيات الائتلافية المنشورة، ستؤثّر بالأساس في من لا يملك الحق بقول كلمته. وستكون التداعيات في الميدان مأساوية.
- يعيش أكثر من 2.5 مليون فلسطيني تحت الحكم العسكري للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، حيث يسيطر الجيش تماماً على شؤون حياتهم. فكل فلسطيني يريد السفر إلى الخارج، أو الحصول على تصريح عمل، أو زراعة أرضه - هو مرهون بقرار الإدارة المدنية. وبحسب الاتفاقيات، سيتم تمرير السيطرة عليهم إلى "الصهيونية الدينية"، والتي يسعى برنامجها السياسي إلى فرض السيطرة عملياً على مناطق (ج)، بالأساس من خلال تفكيك الإدارة المدنية، وهي الهيئة التي سيتولون مسؤوليتها.
- تقوم رواية اليمين على أن هناك حرباً تدور على السيطرة على مناطق (ج). فالفلسطينيون، وبحسب صرخات اليمين، يعملون وفق خطة منظمة للسيطرة على الأرض، ويجب إيقافهم باسم القانون والسيادة الإسرائيلية. إلّا إن الواقع معاكس: فمنذ سنوات، تعمل حكومات إسرائيل بشكل مستمر بهدف طرد الفلسطينيين من مناطق (ج)، التي تشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية.
- إن صرخات اليمين ليست إلّا عمليّة تمويه الهدف منها تغيير السياسة القائمة. فعلى مدار سنوات طويلة، مورست ضغوط كبيرة على الإدارة المدنية بهدف سلب المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى المستوطنين من خلال: هدم المزيد من المنازل، وتفكيك المزيد من التجمّعات، وتعميق السيطرة القانونية الإسرائيلية في الضفة خارج "حدود الدولة"، إلى جانب تقليص حرية الحركة للفلسطينيين.
- ومنذ عشرات السنين يتم إفراغ مناطق (ج) وتحويلها إلى إسرائيلية من خلال حركة المقص: ذراع واحدة تعمل لتوسيع مساحة المستوطنات، شرعنة بؤر غير قانونية، وتخصيص الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية للمستوطنات، والاستيلاء على أراضٍ كثيرة وإعلانها أراضٍ تابعة للدولة وتخصيصها للمستوطنات. أمّا الذراع الثانية، فتعمل على هدم منازل الفلسطينيين بشكل واسع، وتقليص مساحة الزراعة والمرعى، ومنع وصول الفلسطينيين إلى المياه بعد الإعلان عن محميات طبيعية بهدف طردهم.
- وعلى الرغم من ذلك، يعكس الاتفاق الائتلافي تغييراً جذرياً، إذ إن تحويل الصلاحيات من الإدارة المدنية إلى حزب الصهيونية الدينية سيلغي القليل من القيود التي تفرضها إسرائيل على نفسها في محاولة يائسة بهدف التظاهر بالامتثال لأوامر المحكمة الجنائية الدولية، وبهدف إخفاء سياسة الضم الفعلي عن العالم. هكذا مثلاً، سيتم نقل المستشار القانوني المختص بالجوانب المدنية للاحتلال من صلاحية الإدارة المدنية إلى مكتب الوزير في وزارة الدفاع. كل شيء سيكون سياسياً. التداعيات على الأرض ستكون في الأساس: إخلاء خان الأحمر، وشرعنة بؤر استيطانية وتسجيل طابو في الضفة الغربية.
- وفي مقابل المحاولة المنهجية لمحو الخط الأخضر وتحويل الضفة الغربية إلى محافظة إسرائيلية، يجب التذكير بأن الحديث يدور عن منطقة واقعة تحت الاحتلال العسكري، أي ينطبق عليها القانون الدولي. وتستند قوانين الاحتلال إلى أساسين ينبعان من أن الاحتلال هو الشر الناجم عن الحرب: الأساس الأول: وضع موقت، لا يجب تحويل السيطرة على شعب من دون حقوق إلى سيطرة ثابتة، لذلك فإن القوة المحتلة ليست الجهة السيادية إنما تسيطر بصفتها قوة موقتة في المنطقة. الأساس الثاني: الثقة. وفي أساسه الافتراض بأنه على سلطة الاحتلال العمل لمصلحة السكان الذين يعيشون تحت الاحتلال، وألا تقوم بأي تغييرات ثابتة تؤثر سلباً على المدى البعيد.
- يصرح أعضاء "الصهيونية الدينية" علناً أنه يجب القيام بكل ما يمكن بهدف تثبيت السيطرة الإسرائيلية. وإن تم فعلاً تمرير صلاحيات الإدارة المدنية إليهم، فسيكون المسؤول عن إدارة حياة المجتمع تحت الاحتلال هو ذاته من لا يعترف علناً بالأسس التي تشكّل البنية القانونية الوحيدة لنظام الاحتلال.
- المجتمع الواسع في إسرائيل قلق جداً من الفساد الحكومي، الفساد الاخلاقي الذي يتميز باستغلال قوة النظام لمصلحة أقلية. الاحتلال الإسرائيلي الطويل يُفسد، ونقل صلاحيات إدارة المنطقة إلى جهة تصرّح بأنها لا تعترف بالمنطقة أصلًا كمنطقة محتلة، ولهذا لن يجري العمل وفقاً لقوانين الاحتلال - يُعتبر فساداً من الدرجة الأولى. لقد اعطيت السيطرة اليومية على حياة الفلسطينيين، إلى أولئك الذين قامت حملتهم الانتخابية على القضاء على الأمل لدى الفلسطينيين.
- قبل عدة سنوات نشر دان بن أموتس كتاب "قصص أبو نمر" المليء بالقصص العربية الساخرة وبحِكم من الحياة، من بينها قصة رجل اشترى منزلاً من صديقه وبعد الاتفاق على كل الشروط طلب البائع فجأة إضافة شرط ينص على استثناء مسمار مدقوق في الباب من عملية بيع المنزل، وأصر البائع على بقاء المسمار ملكاً له بسبب ذكريات هذا المسمار الذي كان والده يعلق عليه معطفه. وقبل المشتري الساذج بالشرط لأنه اعتبر ألاّ أهمية لهذا المسمار. ومنذ ذلك الحين تحولت حياة صاحب البيت الجديد إلى كابوس، إذ كان بائع البيت يصل بصورة غير متوقعة في ساعات متأخرة من الليل ويصر على حقه في زيارة المسمار الذي يملكه.
- في الاتفاقات الائتلافية التي جرى نشرها حتى الآن يوجد الكثير من المسامير المشابهة. مثلاً سيكون هناك وزير آخر في وزارة الدفاع مسؤول عن الإدارة المدنية، التي تتبع اليوم قائد المنطقة الوسطى، المسؤول أيضاَ عن التنسيق الأمني مع الفلسطينيين، كيف سيجري هذا الآن؟
- لقد وصلت الإنسانية إلى ما وصلت إليه لأن البشر تعلموا كيف يتعاونون مع بعضهم، وهم يقومون بذلك من خلال إنشاء مؤسسات فعالة. والمؤسسة الفعالة تمتاز بأربعة أمور: تسلسل هرمي واضح؛ صلاحيات يتبناها كل الهرم؛ إجراءات تتحسن بالاستناد إلى التجربة؛ وكل هذا يتحقق بأقل كلفة.
- يمكن وصف الاتفاقات الائتلافية كخطوة ستؤدي إلى المس بفعالية أغلبية المؤسسات الحكومية. "المسامير" الجديدة التي ستدق في كل مكان ستؤدي إلى إلحاق الضرر بالقاعدة الأولى - الهرمية الواضحة - وبالمكونات الثلاثة الأُخرى. سنأخذ على سبيل المثال نقل شعبة التعليم الخارجي من وزارة التربية إلى يدي آفي معوز. في ضوء الغضب الشعبي سارع حزب الليكود إلى الطمأنة والقول إن كل قرار يتخذه معوز يتطلب موافقة رئيس الحكومة. وهكذا في الوضع الحالي عندما تكون صلاحية اتخاذ القرارات بيد رئيس الشعبة، ترتفع المسؤولية إلى رئيس الحكومة. لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية هو من أكثر الوزراء انشغالاً، ويقضي المبدأ خفض أعماله المباشرة لا زيادتها.
- هناك أيضاً ناحية أُخرى: كل تغيير، حتى التغيير المرغوب فيه يستتبع كلفة خفية تسمى "كلفة التغيير". ومجرد نقل هيئات وسلطات وتفكيكها وإعادة تركيبها يتطلب كلفة باهظة ناجمة عن الحاجة إلى إجراء تعديلات في أنظمة الكمبيوتر وفي القوانين واتفاقيات العمل وفي الإجراءات المعمول بها. وبدلاً من تحقيق الوزارات أهدافها – أي تقديم حلول للجمهور - ستنشغل بنفسها.
- وأيضاً: تغيير اسم وزارة قد يبدو أمراً لغوياً لكنه غير ضروري. على سبيل المثال وزير النقب والجليل هو أيضاً وزير "الحصانة الوطنية". وحالياً الجهة المسؤولة عن هذا المجال كانت وزارة الدفاع بمساعدة قائد الجبهة الداخلية وسلطات الطوارىء الحكومية. ويمكن الافتراض أنه مع الملياري شيكل التي وُعد بها، فإن الوزير الجديد سيخلق المزيد من الازدواجية التي لا ضرورة لها.
- يشتكي المسؤولون الكبار في الائتلاف بأنهم يتعرضون للهجوم حتى قبل تشكيل الحكومة. "اعطونا فترة سماح" يقولون. لكن هذه الحكومة الجديدة، وعلى الرغم من أنها لم تفعل شيئاً جيداً أو سيئاً، فإن تركيبتها المتضخمة والصلاحيات المشوهة والوعود المالية الهائلة، كل هذا يشكل سبباً يستدعي القلق والاحتجاج. تتحدثون عن "الحوكمة" كل ما جرى كشفه حتى الآن هو العكس.
- في 6 تشرين الثاني/نوفمبر اتخذت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار قراراً طلبت فيه من محكمة العدل الدولية إبداء الرأي بالنواحي المتعلقة بـ"الاحتلال" الإسرائيلي. وقد اتُخذ القرار بأغلبية 98 دولة ومعارضة 17 وامتناع 52 دولة من التصويت.
- وسيدخل قرار اللجنة حيز التنفيذ فقط عندما تقره الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبالاستناد إلى تجربة الماضي هناك احتمال كبير بأن تجري الموافقة على رأي محكمة العدل العليا.
- ويوجه طلب إبداء الرأي إلى محكمة العدل العليا التي تعمل على مناقشة النزاعات بين الدول بعد موافقتها. (يجب التفريق بين محكمة العدل العليا وبين المحكمة الجنائية الدولية [ICC-International Criminal Court] إذ إن مهمة الأخيرة البحث في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية). بالإضافة إلى ذلك يتم اللجوء إلى محكمة العدل العليا من أجل إبداء الرأي في مسائل قانونية توجهها إليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
- لقد واجهت إسرائيل في الماضي رأي محكمة العدل الدولية في سنة 2004 عندما طُلب من المحكمة إبداء رأيها في موضوع الجدار الأمني الذي شيدته إسرائيل في أعقاب الهجمات التي وقعت خلال الانتفاضة الثانية. وفي حينه قررت إسرائيل عدم التعاون مع المحكمة. وقد اثبتت نتائج هذه الخطوة صحة الفرضية الأساسية الإسرائيلية بأن هذا الإجراء لن ينفذ بصورة موضوعية ومهنية. ورأت محكمة العدل العليا أن "جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية هو نوع من الضم وهو غير قانوني". وطلب القضاة من إسرائيل "الوقف الفوري لأعمال بناء الجدار في المناطق الفلسطينية المحتلة وأيضاً في القدس الشرقية، والتعويض على كل المتضررين"، بعكس الموقف الإسرائيلي من الموضوع.
- صحيح أن محكمة العدل العليا كالمحكمة الجنائية الدولية هي ظاهرياً كيان قانوني وليس سياسياً، لكن تعيين القضاة هو عملية سياسية نموذجية في الأمم المتحدة. لذلك تختار دولة إسرائيل بصورة منهجية عدم المشاركة في الإجراءات المنحازة المتخذة ضدها في إطار المؤسسات الدولية. وهذه المرة أيضاَ ليس هناك شك في أن المحكمة ستحكم في الموضوع بصورة غير موضوعية، ويجب ألاّ نوهم أنفسنا بأن دولة إسرائيل ستحظى بمحاكمة عادلة. كما أن فحص لهجة السؤال وطريقة صوغ السؤال القانوني يدل على الانحياز ضد إسرائيل:
- What are the legal consequences arising from the ongoing violation by Israel of the right of the Palestinian people to self-determination, from its prolonged occupation, settlement and annexation of the Palestinian territory occupied since 1967, including measures aimed at altering the demographic composition, character and status of the Holy City of Jerusalem, and from its adoption of related discriminatory legislation and measures?.
- ما هي التداعيات القانونية الناجمة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولاحتلالها الطويل واستيطانها وضمها للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التكوين الديموغرافي وطابع مدينة القدس واتخاذها قوانين وإجراءات تمييزيه ذات صلة؟
- هذه المسائل التي هي في جوهر النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني تعرض هنا وفقاً للصيغة الفلسطينية. وهي ليست المرة الأولى التي تتبنى فيها محكمة دولية موقفاً معادياً لإسرائيل يحاول نزع الشرعية القانونية عن المواقف الإسرائيلية مثل الرأي بشأن الجدار، أو قرار المحكمة الجنائية الدولية بأن لديها صلاحيات محاكمة إسرائيل في الشأن الفلسطيني.
- تجدر الإشارة إلى أنه بعكس الإجراءات القانونية التي تتخذها المحكمة الجنائية الدولية، فإن إجراءات محكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونياً ولها صفة توصيات أو إبداء رأي فقط.
- ومع ذلك، فإن هذه الآراء تسيء إلى إسرائيل بسبب الهالة التي تحيط بالمحكمة ومكانتها. وللرأي القانوني وزن كبير في الساحة الدولية. وفعلاً، فإن إبداء الرأي بشأن إقامة جدار الفصل مذكور في عدد كبير من التقارير والإدانات من جانب منظمات المجتمع المدني في شتى أنحاء العالم؛ وفي قرار مجلس الأمن الرقم 2334، وفي قرارات مجلس حقوق الإنسان، وفي منظمة الأونيسكو ولدى جهات دولية أُخرى، كما أنه موجود في برلمانات دول عديدة. فمثلاً في دول مثل إيرلنده وتشيلي جرى تقديم اقتراحات قوانين تطالب بالإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية كل نشاط اقتصادي يجري وراء الخط الأخضر. وقد حظيت هذه القوانين بتأييد سياسي واسع النطاق في الدولتين، وجرى توقيفها بفضل إجراءات قانونية ودبلوماسية قامت بها إسرائيل. يبرز هنا جيل شاب وصل إلى مواقع التأثير في السياسة وفي الأمن والإعلام، ونشأ وترعرع على وعي كاذب بأن إسرائيل دولة إجرامية. ويشكل الرأي القانوني ظاهرياً مصدراً أكثر أهمية من القرارات السياسية التي تتخذها الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، وهو يعزز الموقف الأيديولوجي المعادي لإسرائيل. ولا تجري الجهود الرامية إلى نزع الشرعية عن إسرائيل على المستوى السياسي الدولي فحسب، بل تظهر أيضاَ من خلال مبادرات المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية. وكل هذه المبادرات ستلقى جرعة تشجيع من الرأي القانوني لمحكمة العدل الدولية.
- وعلى الرغم من الرأي غير الملزم لمحكمة العدل الدولية، فإنه يمكن استخدامه في مؤسسات أُخرى للإساءة إلى إسرائيل. على سبيل المثال يمكن لهذا الرأي أن يؤثر في قرارات المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيقات ضد زعماء إسرائيليين يمكن أن تؤدي إلى صدور أوامر اعتقال أو عقوبات دولية...
- إن اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات ضد إسرائيل يشكل تهديداً لها، ويطرح تحديات كبيرة على منظومة علاقات إسرائيل مع دول العالم وحتى مع الدول الصديقة المقربة. ومن الصعب في هذه المرحلة تقدير حجم الضرر الناتج من القرار الجديد والرأي القانوني لمحكمة العدل العليا الذي سيأتي من بعده.
- لكن، وعلى الرغم من الموقف الإشكالي لإسرائيل في المؤسسات الدولية فإنها تواصل تحسين علاقاتها الثنائية مع دول كثيرة: التوقيع على اتفاقات سلام جديدة والاستمرار في ترسيخ نفسها كدولة عظمى تكنولوجياً وعلمياً وعسكرياً. ومع ذلك، من المهم الاعتراف بمخاطر التحركات القانونية ضد إسرائيل.
ماذا يجب على إسرائيل أن تفعل؟
- يتعين على دولة إسرائيل الاستمرار في عدم التعاون مع محكمة العدل الدولية. صحيح أن عدم وجود مثل هذا التعاون لن يدفع قدماً بقرارات أفضل حيال إسرائيل، لكنه على الأقل يعبّر عن موقف حازم يرفض الاعتراف بشرعية الإجراءات المتخذة ضد إسرائيل، ويتيح لها مهاجمة الإجراءات والمحكمة بسبب موقفها السياسي المعادي لها.
- كما تحتاج دولة إسرائيل إلى تعزيز موقفها على المستوى الثنائي من أجل تغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة. وينطبق هذا على الدول الصديقة في شتى أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وفي أماكن أُخرى. وعلى إسرائيل إعطاء الأولوية للمطالبة بتغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة من جانب الدول المستفيدة من التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي والعسكري ومن الابتكارات التكنولوجية.