مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس (الثلاثاء) بزيارة إلى رام الله، عقد خلالها اجتماعاً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وقال بلينكن في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في نهاية الاجتماع، إنه من المهم اتخاذ خطوات لمنع التصعيد في الميدان، وأشار إلى أن هناك ابتعاداً في الوقت الحالي عن رؤيا السلام، مؤكداً أن هذا التوجه يجب أن يتغير. كما أكد أن الولايات المتحدة تعارض أي خطوة، أكانت إسرائيلية أو فلسطينية، من شأنها أن تُفشل حل الدولتين، بما في ذلك توسيع البناء الاستيطاني وهدم البيوت وخرق الوضع القائم في الأماكن المقدسة.
وأنهى بلينكن أمس زيارته إلى إسرائيل، والتي كانت الأخيرة من جولته في منطقة الشرق الأوسط. وقال في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في ختام الزيارة، إن العملية "الإرهابية" الفظيعة التي وقعت في كنيس حي [مستوطنة] "نافيه يعقوب" في القدس الشرقية يوم الجمعة الماضي أدت إلى تردّي الأمن والاستقرار في المنطقة، وأشار إلى أنه يشاطر عائلات القتلى السبعة أساها وحزنها باسم الشعب الأميركي. وأكد أن الولايات المتحدة مصممة على بناء شرق أوسط ينعم بالأمن والازدهار من أجل شركائها.
وشدد بلينكن على أنه يجب على جميع الأطراف العمل لإعادة الهدوء. كما أكد أن الطريق الوحيدة لتسوية النزاع هي الحفاظ على حل الدولتين. وفي هذا السياق أوضح أن الولايات المتحدة ستواصل رفضها توسيع البناء الاستيطاني، والقيام بخطوات ضم الأراضي، وتغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس، وأعمال التحريض.
وتطرّق المسؤول الأميركي إلى الملف الإيراني، فقال إن محادثاته مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت دارت حول الطرق الكفيلة بحسم مواجهة النشاط العدواني للنظام الإيراني، وأكد أن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل هو أمر لا خلاف عليه.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن التحقيق ما زال مستمراً لتقصّي ملابسات عملية الدهس التي وقعت بالقرب من حاجز زعترة العسكري شمال الضفة الغربية مساء أمس (الثلاثاء)، وأسفرت عن إصابة جنديين إسرائيليين بجروح طفيفة ومتوسطة، بينما سلّم منفّذ العملية نفسه.
وأضاف البيان أنه في إثر تحقيقات أولية، تعزز الاعتقاد لدى الأجهزة الأمنية أن الحديث يدور حول حادث سير، وليس حول اعتداء "إرهابي".
يُذكر أن سائق سيارة الأجرة الفلسطينية التي كانت ضالعة في العملية سلّم نفسه لقوات الأمن، بعد أن لاذ بالفرار من المكان. وقال إن الحادث وقع بسبب الضباب، وأشار إلى أنه هرب خشية إطلاق الجنود النار عليه.
ذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيقوم غداً (الخميس) بزيارة إلى باريس هي الأولى له منذ عودته إلى السلطة، وسيلتقي خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويأتي إعلان الزيارة المقرر أن تستمر يومين على وقع تصعيد كبير في أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فقد أوقع هجوم بالقرب من كنيس في القدس الشرقية يوم الجمعة 7 قتلى، بينما شنّ الجيش الإسرائيلي غارات على غزة، رداً على إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ من القطاع في اتجاه إسرائيل. وكانت إسرائيل نفّذت يوم الخميس عملية عسكرية في مخيم جنين، قُتل فيها 9 فلسطينيين، وهو العدد الأكبر من القتلى في عملية واحدة منذ أعوام طويلة. وفي يوم الأحد، توفي فلسطيني آخر متأثراً بجروح أصيب بها، لترتفع حصيلة العملية في جنين إلى 10 قتلى. وشهدت القدس يوم السبت هجوماً جديداً، حين فتح فتى فلسطيني النار وأصاب مستوطناً وابنه بجروح، قبل أن يصاب بدوره على أيدي مستوطنين مسلحين ويتم توقيفه.
وقال بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية إنه في إثر كل هذه الأحداث، أجرى ماكرون اتصالاً هاتفياً بنتنياهو حثّه فيها على ضرورة عدم القيام بأي تدابير من شأنها تأجيج دوامة العنف.
قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في سياق مؤتمر صحافي خاص عقده أمس (الثلاثاء) لتلخيص زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط، إن الولايات المتحدة مصممة على حثّ شركائها للعمل من أجل شرق أوسط آمن ومزدهر أكثر.
وأضاف بلينكن: "إن العمليات التي وقعت في القدس شدّدت على تحدياتنا حيال استقرار أمن المنطقة. كما أنني ناقشت مع [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو و[رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس أنه يتعين على جميع الأطراف اتخاذ خطوات لمنع تصعيد العنف والتوصل إلى تهدئة، فهذه هي الطريقة الوحيدة لإيجاد شروط حتى يتغيّر الوضع ويزول الخوف."
وأشار بلينكن إلى أنه خلال الاجتماعات التي عقدها مع كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية وفي القاهرة، سمع مخاوف جرّاء الوضع القائم، لكن في الوقت عينه، سمع أيضاً أفكاراً بنّاءة يجب على كل طرف اتخاذها لاستعادة الأمن.
وقال بلينكن: "طلبت من مسؤولين كبار في طاقمي البقاء هنا من أجل دعم جهود التهدئة، وآمل أن ينجح هذا. يجب على جميع الأطراف اتخاذ خطوات إيجابية لبناء الثقة، ووضع الأسس حتى نتقدم مع حل الدولتين. إن الوضع لن يتغير بين عشيّة وضحاها، لكننا على أتم الاستعداد لدعم الأطراف إن كانت لديها رغبة في القيام بذلك. إن الولايات المتحدة مستعدة لأن تكون شريكاً في السلام والأمن."
وأوضح الوزير الأميركي أنه بعد عودته إلى الولايات المتحدة سيواصل اتصالاته بجميع الأطراف من أجل إيجاد حل للمضي قدماً، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستواصل الدفع قدماً بحل الدولتين، وستعارض الاستيطان وتشريع البؤر الاستيطانية في المناطق [المحتلة]، كما ستعارض ضم الضفة الغربية وانتهاك الوضع القائم في القدس وهدم البيوت والتحريض على العنف.
وتطرّق بلينكن إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فقال إنه طرح أمام إسرائيل أهمية زيادة المساعدات لكييف، في ضوء الدعم الإيراني لروسيا، بما يشمل الموضوع الأمني. وشدد على التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، مؤكداً أنه لا يمكن زعزعته.
وأنهى بلينكن أمس جولة شرق أوسطية شملت مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، واجتمع خلالها مع كبار المسؤولين، وناقش معهم عدداً كبيراً من القضايا المهمة.
بدأت في تل أبيب أمس (الثلاثاء) أعمال المؤتمر العالمي لشركة "سايبرتيك"، بحضور مندوبين من عشرات الدول في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مندوبون من إسرائيل، ومن الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والولايات المتحدة.
وأكد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "سايبرتيك" جيل شويد، في سياق كلمة له في جلسة الافتتاح، أهمية هذا المؤتمر، وأعرب عن ارتياحه لحضور أفضل الأشخاص حول العالم في قطاع التكنولوجيا الإلكترونية. وأضاف أن التهديد السيبراني يحتاج إلى أن يكون الجميع مستعدين له، مشدداً على أن الكثير من الخبراء يرون أن هذا التهديد سيتفاقم أكثر فأكثر في السنوات والعقود المقبلة.
كما تكلم رئيس هيئة السايبر الوطني غابي فورتنوي، فكشف النقاب عن أن الهيئة أحبطت في العام الماضي أكثر من ألف هجوم كانت قادرة على إلحاق أضرار بملايين الشيكلات في مرافق متعددة، لو لم يتم التصدي لها. وأضاف أن إيران تقود هجمة منظمة ومنسّقة وقوية ضد الحيّز السيبراني الإسرائيلي.
كذلك تكلم وكيل وزارة الأمن الداخلي الأميركية روبرت سيلفرز، فأكد أيضاً أهمية الأمن السيبراني في عالم اليوم المعقد والمتغير باستمرار. وقال: "نحن بحاجة إلى تغيير تحوّلي في كيفية بناء الدفاع السيبراني. لا أحد منا يستطيع الدفاع بمفرده. لم يعد يكفي عقد اجتماعات، بل يجب أن نتحرك بقوة في اتجاه التعاون التشغيلي المباشر بين الحكومة والقطاع الخاص."
وأضاف سيلفرز: "معاً، يمكن أن نتصدى للتهديدات السيبرانية التي تشكلها إيران"، مشدداً على أن الجهات الفاعلة في مجال التهديد السيبراني الإيراني عملت باستمرار على تحسين قدراتها السيبرانية لمهاجمة المصالح الأميركية والإسرائيلية. وأكد أن القدس وواشنطن تجريان تعاوناً مشتركاً لتكثيف التعاون ضد التهديدات الإلكترونية.
وشدد المسؤول الأميركي على التزام الولايات المتحدة العمل مع الشركاء لمواجهة الهجمات الإلكترونية، وتابع: "إن تأمين شبكاتنا في الولايات المتحدة وإسرائيل يتطلب انخراطاً في الشرق الأوسط. وفي وقت لاحق اليوم، سأشارك مع نظرائي في المؤتمر من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب في مناقشة هذا الموضوع. وسنقوم بتوسيع ’اتفاقيات أبراهام’ في مجال الأمن السيبراني. إن هذه الاتفاقيات أوجدت فرصة رائعة لتعميق شراكة أمنية طويلة الأمد."
هذا، وبعث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بكلمة إلى المؤتمر مسجلة في شريط فيديو، أكد في سياقها أن إسرائيل أصبحت قوة عظمى في مجال السايبر في القطاعين العام والخاص.
كما أشار رئيس الحكومة إلى أن إسرائيل أقامت قبة حديدية للحماية من الهجمات الإلكترونية وهي تعمل بالتعاون مع دول أُخرى في أنحاء العالم، وستحاول تعميق العمل معها في المستقبل أيضاً.
- اقتراح قانون سحب الجنسية من إسرائيليين قاموا بعمل "إرهابي" وقبضوا أموالاً من السلطة الفلسطينية، والذي وافق عليه الكنيست في القراءة الأولى في الأول من أمس بأغلبية كبيرة، 89 مع القانون في مقابل 8 ضده، هو مدماك آخر في تفكيك الوضع المدني، غير المستقر تلقائياً، للفلسطينيين الذين هم مواطنون إسرائيليون. بعد قانون المواطَنة والدخول إلى إسرائيل، والذي يمنع الفلسطينيين من حمَلة الجنسية الإسرائيلية، والمتزوجين من فلسطينيين من الضفة، من العيش في إسرائيل، وبعد قانون القومية الذي جعل الفلسطينيين مواطنين من الدرجة الثانية، يأتي الآن القانون الذي يسهّل سحب الجنسية من الذين نفّذوا أعمالاً "إرهابية". الهدف من القانون – بالإضافة إلى التصدع الكبير في استقرار الوضع المدني للفلسطينيين في إسرائيل - يتجلى من خلال التمييز الذي يرسّخه بين إرهابيين من اليهود والعرب. هناك مواطنون يهود يقبعون في السجن في إسرائيل بسبب أعمالهم الإرهابية، لكن جنسيتهم ليست موضع شك، فقط لأنهم يهود.
- لم يخطر في بال أحد من أعضاء الكنيست، الذين صوتوا مع اقتراح القانون، سحب الجنسية من يعقوب طيطل، قاتل الفتى محمد أبو خضير، ومن الذين أحرقوا عائلة الدوابشة في قرية دوما، أو من يغآل عمير [الذي اغتال رئيس الوزراء السابق يتسحاق رابين]. هذه الفجوة في التعامل مع منفّذي أعمال إرهابية معناها أن هناك فئة مواطَنتها مضمونة وثابتة، وفئة أُخرى مواطَنتها موقتة وموضع اختبار دائم ومشروطة. ومنعاً لأي شك: مهمة سحب الجنسية تبدأ بهؤلاء الذين ارتكبوا جنايات خطرة، لكنها لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستنزلق وتصبح ذريعة لإسقاط الجنسية لأسباب أُخرى، لأنها تستند إلى وجهة النظر التي تعتبر الفلسطينيين من مواطني إسرائيل ليسوا مواطنين حقاً، بل رعايا، ومواطَنتهم هي بمثابة حسنة تُقدم لهم.
- المقلق بصورة خاصة أن أعضاء الكنيست من المعارضة، وخصوصاً من الوسط - اليسار، أيّدوا الاقتراح. ويدل هذا على مدى عمق جذور عقيدة التفوق اليهودي لديهم أيضاً. إذا كانت المعسكرات السياسية، التي من المفترض أن تحل محل حكومة بن غفير - سموتريتش، غير قادرة على معارضة مثل هذا الاقتراح الذي يُعتبر بمثابة هجوم على مواطَنة الفلسطينيين في إسرائيل، فكيف يمكن قيام شراكة سياسية مع هذا القطاع؟
- يتعارض اقتراح القانون هذا مع جوهر فكرة المواطَنة التي هي الانتماء الحتمي لدولة معينة، وهي بحد ذاتها حق أساسي وشرط لتطبيق معظم الحقوق الأساسية الأُخرى للإنسان. من هنا، يجب ألا تكون المواطَنة مرتبطة بأعمال الشخص، أو بكونه مواطناً جيداً يحترم القانون. كما أن المواطَنة لا تسقط عندما يقوم الشخص بأعمال خطِرة، حتى لو ارتكب الفظائع. يجب وضع اقتراح هذا القانون على الرف، وكذلك المبادرات الأُخرى التي تُضعف الوضع المدني للفلسطينيين من مواطني إسرائيل.
- الصحافي المصري المخضرم أحمد رجب تحدث ذات مرة عن ثلاثة أنواع من الكلام في الحديث الدبلوماسي - السياسي: كلام قوي ذو مضمون، وكلام فارغ من المضمون، وكلام قوي، لكن من دون مضمون. الكلام الأخير هو الذي نحب سماعه، يدغدغ المشاعر ويدفع إلى الابتسام، لكنه فعلياً كلام أجوف ولا يحمل أي أخبار حقيقية. هذا ما يُجمع عليه كل مواطن فلسطيني، وليس فقط السلطة، في وصف الحديث مع المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية في واشنطن، بمن فيهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن. إنه الكلام عينه منذ أيام جورج بوش الابن، مروراً بباراك أوباما، وصولاً حتى اليوم، باستثناء مرحلة دونالد ترامب التي كان خلالها البيت الأبيض ينظر إلى الفلسطينيين بعيون مجلس مستوطنات يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
- يتركز الخطاب الإسرائيلي على خطة ليفين - نتنياهو لإضعاف المنظومة القضائية، وإلى أي حد تستطيع الإدارة الأميركية التأثير فيها، وبالطبع، هناك موضوع إيران. ولولا الهجمات في النبي يعقوب وفي سلوان، ثمة شك في أنه كان سيجري التطرق إلى الموضوع الفلسطيني. منذ أكثر من عام، الوضع في الضفة الغربية يتفاقم، وعدد الضحايا في الجانب الفلسطيني يرتفع، وفي كل مرة صرخ فيها الفلسطينيون كانوا يطالبونهم بالسكوت - ويقولون لهم إنه لا يوجد أفق للعملية السياسية. بدأ هذا مع بينت، ومع لبيد، والآن عباس من جديد، وجهاً لوجه مع نتنياهو، معززاً ببن غفير وسموتريتش. وإذا لم يكن هناك إمكانية للحديث عن أفق سياسي قبل أشهر، فإن صفحة هذا الأفق قد طويت تماماً الآن. الحديث المستجد هو منع وقوع تصعيد جديد، ومن أجل ذلك، بلينكن مستعد لإبقاء أشخاص من طاقمه في المنطقة. وسوف نرى باربرا ليف وهادي عمرو يواجهان بن غفير.
- يتعين على الإدارة الأميركية أن تفهم أن الفلسطينيين، حتى السذج بينهم، ليسوا أغبياء إلى هذا الحد. لا حاجة إلى تكرار عبارات، مثل التزام الولايات المتحدة "بهدف تحقيق الاحترام والعدالة والمساواة في الفرص للطرفين، وحل الدولتين"، بينما عملياً، تفعل إسرائيل ما تشاء من دون أن تأخذ في حسابها الضغط الدولي من أي طرف جاء، وبالأساس الضغط الأميركي. بينما كل خطوة يقوم بها الجانب الفلسطيني في الساحة الدولية، بما فيها التوجه إلى الأمم المتحدة والمحكمة الدولية، تُعتبر خطوة استفزازية وتؤذي الثقة.
- خلال المحادثات، استمع عباس إلى تحفّظات بلينكن عن قرار وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل والرغبة في الاستمرار في التوجه إلى المنظمات الدولية. عباس الذي لم يعد يأمل بشيء، أوضح أنه من غير الممكن وضع قيود على هذه الموضوعات. من جهته، طرح بلينكن الحاجة إلى القيام بخطوات تبعث على الثقة، لكنه بدلاً من أن يقدم مساراً فعلياً له مضامين سياسية واستراتيجية، كما هو متوقع من وزير خارجية دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، تحدث عن تقديم مساعدة اقتصادية للسلطة وتسهيلات مدنية، بينها تطوير شبكة الخليوي، كـأن سقف توقعات الفلسطيني في رام الله وفي جنين التحدث في الخليوي ورؤية فيديوهات التيك توك.
- كل الأمور الأخرى تم تأجيلها: خطوط 1967 لم تعد ذات دلالة، استمرار البناء في المستوطنات واستمرار الاحتلال لم يُذكرا في كلمة، وحتى التصريحات بشأن فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، أو فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، لم تكن مطروحة على جدول الأعمال. إعفاء إسرائيل من الحصول على تأشيرة من أجل الدخول إلى الولايات المتحدة ستحصل عليه لقاء ثمن منخفض: السماح للفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأميركية بالدخول إلى أراضيها والسفر من مطار بن غوريون.
- مع أخبار من هذا النوع، من غير المستغرب عدم إجراء لقاء مع الإعلاميين في نهاية الاجتماع. بالنسبة إلى الفلسطينيين، لا يوجد ما يمكن الحديث عنه، باستثناء رسالة قصيرة إلى عباس. انتهت الزيارة من دون مضمون، ومن دون أمل.
- مساء يوم الجمعة، 27 كانون الثاني/يناير، نفّذ "مخرب" منفرد عملية إطلاق نار مقابل كنيس في حي "النبي يعقوب" في القدس، وقتل 7 إسرائيليين. وفي يوم السبت، أطلق فلسطيني يبلغ من العمر 13 عاماً النار من مسدس على مجموعة من الإسرائيليين بالقرب من "مدينة داود"، وأصاب أباً وابنه إصابة بليغة. ويبدو أن العمليات الصعبة التي نُفّذت في القدس، هي عمليات انتقامية فردية جاءت في أعقاب المعركة التي دارت بين قوات الأمن ومسلحين فلسطينيين يوم 26 كانون الثاني/يناير في مخيم جنين، وقُتل خلالها 10 فلسطينيين، اثنان منهم على الأقل لا دخل لهم. نتائج العملية في "النبي يعقوب" يمكن أن تؤدي إلى موجة تقليد، يقوم بها "مخربون" منفردون. وفي الوقت الحالي، يبدو أن امتحان حكومة اليمين الجديدة في كل ما يخص منع "الإرهاب" صعب جداً. الحكومة تبحث عن مجموعة ردود حادة على الأحداث، وفي الوقت نفسه، تتعامل مع السلطة الفلسطينية التي تتحمل بعض المسؤولية عن خلق جو داعم لـ"الإرهاب"، كمسؤول مركزي عن موجة العمليات الحالية.
- في حكومة إسرائيل، هناك أطراف لها أجندات ترى في الفوضى وعدم الاستقرار فرصة للدفع قدماً بسياسات، من ضمنها: إعدام "مخربين"؛ شرعنة المستوطنات "غير المصرّح بها" (الاستيطان الشاب) في الضفة الغربية؛ الدفع بالسلطة الفلسطينية خارج أراضي المنطقة (ج)، إلى جانب هدم المنازل الفلسطينية "غير القانونية" هناك؛ وهدم خان الأحمر. هذه الخطوات تتلاءم مع الخطوط العامة السياسية للحكومة، والتي تم صوغها في الاتفاقيات الائتلافية، ويُعَد تطبيقها تغييراً في الاستراتيجيا الإسرائيلية بشأن الساحة الفلسطينية، وفي صلبها:
- إضعاف السلطة الفلسطينية واستعداد للدفع بها إلى التفكك، بدلاً من تقويتها كعامل مسيطر ومستقر وفاعل، وعنوان مسؤول عن حاجات المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية.
- القتال على مناطق (ج)، عبر توسيع الاستيطان فيها، وتشريع البؤر غير المصرّح بإقامتها، وفي الوقت نفسه، طرد الفلسطينيين من المنطقة.
- خلق الظروف الملائمة لفرض السيادة الإسرائيلية (ضم) على المستوطنات وغور الأردن.
- هذه الخطوات لن تؤدي إلى الهدوء في الميدان، إنما إلى زعزعة الاستقرار، وتغذي الدوافع إلى "الإرهاب"، وتسرّع تفكُّك السلطة الفلسطينية.
- دائرة التصعيد المستمرة منذ قرابة العام تغذي نفسها بمنظومة فعل، ثم رد فعل، ثم رد على الرد. العمليات الناشطة التي قام بها الجيش في إطار حملة "كاسر الأمواج" لإحباط "الإرهاب"، أدت منذ بداية العام إلى سقوط 35 قتيلاً في الجانب الفلسطيني (20 منهم في منطقة جنين) - أغلبيتهم نشطاء "إرهاب" وحملة سلاح. وفي المقابل، هناك حملة تشجيع على المقاومة المسلحة في وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينية، تدار على يد عدة جهات كـ"حماس" ومجموعات شبابية فلسطينية، كـ"عرين الأسود"، والحركة الإسلامية في إسرائيل، وأيضاً السلطة الفلسطينية. ومنذ بداية سنة 2023، جرت عشرات عمليات إطلاق النار التي نفّذها مسلحون فلسطينيون ضد قوات الجيش، وضد المستوطنات الموجودة في مناطق منعزلة، والطرق المؤدية إليها. في هذه المرحلة، لم ينضم المجتمع الفلسطيني الواسع إلى المقاومة الشعبية والعنيفة بعد، على الرغم من دعمه للنشاط المقاوم الذي يقوم به الشبان الفلسطينيون، الذين يحصلون على التقدير بسبب دفاعهم عن الشعب، بالنيابة عن أجهزة الأمن الفلسطينية. وفي هذا السياق، من شأن التوافق ما بين "فتح" و"حماس"، وكذلك خطوات متطرفة من إسرائيل، الدفع باتجاه احتجاجات شعبية واسعة. وكلما تم تسريع مسار إضعاف السلطة الفلسطينية وتفكيكها، وتقليص احتكارها للقوة، كلما تعززت الظروف التي تنمو في إطارها مجموعات عنيفة تملأ الفراغ الذي تتركه. وسيكون على الجيش زيادة حدّة عمله في الشارع الفلسطيني.
- ليس للسلطة الفلسطينية موطىء قدم في القدس، ولا تستطيع منع الإرهاب فيها. ولكن أيضاً في جنين ونابلس، فقدت السلطة السيطرة واحتكار القوة لمصلحة المجموعات المسلحة. ازدياد وتيرة الاشتباك ما بين المسلحين الفلسطينيين وقوات الجيش يضر بالحوافز والقدرة لدى أجهزة الأمن التابعة للسلطة على فرض القانون والنظام، ويدفعها إلى الانسحاب من المناطق المشتعلة. وفي المقابل، هناك ارتفاع في نسبة انخراط أفراد من أجهزة الأمن في عمليات إطلاق نار ضد قوات الجيش، وفي العام الأخير، قُتل على الأقل 5 أفراد من أجهزة الأمن التابعة للسلطة خلال مشاركتهم في معارك ضد الجيش في نابلس وجنين.
- أسباب ضُعف السلطة الفلسطينية كثيرة منها: عدم وجود أفق سياسي؛ منع وصولها إلى مناطق مخصصة، في رأيها، لإقامة الدولة الفلسطينية؛ فقدان قيادتها الفاسدة للشرعية وتراجُع شرعية سلطة محمود عباس (أبو مازن) في نظر الفلسطينيين؛ أزمة اقتصادية، وتقليص الدعم من جهات خارجية، والحسومات الإسرائيلية من الأموال التي تحولها إلى السلطة؛ ضُعف أجهزة الأمن وفرض قيود على تسلحها وطريقة عملها؛ ازدياد قوة "حماس" وتعميق سيطرتها على غزة؛ وصراعات داخلية في حركة "فتح"، مع التشديد على معركة الخلافة في "اليوم التالي بعد محمود عباس".
- هناك مصلحة مشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في استمرار التنسيق الأمني، وبصورة خاصة خلال التصعيد في الميدان. وفي نظر الفلسطينيين، فإن التنسيق يساعد على الحفاظ على السلطة وسيطرة "فتح" عليها في مقابل "حماس". وعلى الرغم من ذلك، فإن السلطة أعلنت وقف التنسيق الأمني في أعقاب ما حدث في جنين. هذا القرار تأثر بالرأي العام الشعبي الفلسطيني، الذي يدعم مقاومة الشبان الفلسطينيين ويرى في أجهزة الأمن الفلسطينية متعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي، وأيضاً بسبب قرار حكومة إسرائيل حسم أموال من عائدات السلطة (الأموال التي يتم دفعها "للمخربين" وعائلاتهم، والتي ستحوّل لدفع تعويضات للعائلات الإسرائيلية المتضررة من "الإرهاب")، بالإضافة إلى التشديد على منع الفلسطينيين من البناء في مناطق (ج)، إلى جانب نية إسرائيل "تشريع" البؤر غير القانونية وتوسيع المستوطنات.
خلاصة وتوصيات
- إسرائيل تدير معركة ضد "الإرهاب الفلسطيني"، لكنها تفقد سيطرتها على دينامية التصعيد. الدافع لدى منّفذي "الإرهاب"، وأغلبيتهم شبان غير منتمين لـ"التنظيمات الإرهابية" مزدوج – فهو ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأيضاً ضد حكم السلطة الفلسطينية التي يرونها غير شرعية وفاسدة. الجانبان يغذيان بعضهما خلال استمرار الأحداث؛ "دائرة الإرهاب" - كلما زادت قوات الجيش في عملياتها ضد "بنى الإرهاب"، وخاصة في شمال الضفة، يزداد الدافع لدى الشباب إلى المقاومة المسلحة، ويزداد انخراط أجهزة الأمن الفلسطينية في عمليات إطلاق النار في اتجاه القوات؛ دائرة ضُعف السلطة الفلسطينية - كلما تعززت موجة "الإرهاب"، تفقد السلطة احتكارها للقوة، ومبرر وجودها، وكذلك سيطرتها على الميدان.
- تحضيراً لمنتصف آذار/مارس، شهر رمضان، سيكون على حكومة إسرائيل تبنّي سياسة مسؤولة، الهدف منها التهدئة، وليس التصعيد، والامتناع من القيام بخطوات متطرفة. وفي هذا السياق، يجب الاهتمام بحساسية الحرم القدسي (المحافظة على التصرف بما يتلاءم مع الوضع القائم) وبالاحتكاكات في مدينة القدس، التي تنعكس على ساحات أخرى بينها المجتمع العربي في إسرائيل.
- السلطة الفلسطينية ليست المسؤول المركزي عن "الإرهاب"، فهي جهة ضعيفة ولا تستطيع وقف "الجهات الإرهابية". إن استمرت الحكومة الإسرائيلية في سياسة معاقبة السلطة الفلسطينية وإضعافها، كردّ على كل "عملية إرهابية" وفشل أمني، من دون فحص معمّق لمسارات تفكُّك السلطة وفقدانها الشرعية في أوساط المجتمع الفلسطيني، فإن هذا سيفاقم من إمكانية صمود السلطة. في حال انهارت السلطة، ولم تعد قادرة على تلبية حاجات المجتمع الفلسطيني، سيقع عبء المسؤولية عن السكان على إسرائيل، مما سيؤدي إلى تسريع الاتجاه المقلق على المدى البعيد - الانجرار إلى واقع دولة واحدة وفقدان إسرائيل هويتها كدولة يهودية وديمقراطية.