مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعرب المئات من القادة السابقين في الجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن معارضتهم لمساعي حكومة بنيامين نتنياهو الرامية إلى إضعاف السلطة القضائية، وطالبوا رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ بالامتناع من المصادقة على القوانين التي يسنها الائتلاف الحكومي في إطار ما بات يُعرف باسم "خطة الإصلاح القضائي".
وجاء هذا الموقف في سياق رسالة بادرت إليها حركة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، تم توجيهها أمس (الخميس) إلى رئيس الدولة الإسرائيلية، ووقّعها 440 ضابطاً ومسؤولاً من القادة السابقين في الجيش والمؤسسة الأمنية، شددوا فيها على أن خطة الإصلاح المذكورة، التي يقودها وزير العدل ياريف ليفين [الليكود]، تتعارض "مع الطبيعة اليهودية القومية والديمقراطية والتقدمية لإسرائيل كما تنعكس في وثيقة الاستقلال."
ومن أبرز موقّعي الرسالة الرئيس السابق لجهاز الموساد تمير باردو، والرئيسان السابقان لجهاز الأمن العام ["الشاباك"] نداف أرغمان وعامي أيالون، ومستشار الأمن القومي السابق عوزي أراد، والنائب السابق لرئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي متان فيلنائي.
وجاء في نص الرسالة الموجهة إلى هرتسوغ: "إننا نلجأ إليك في هذه الساعة المصيرية، ونعرب عن قلقنا بشأن التحركات التشريعية المتسرعة. إن هذه التحركات هي جزء مما يُعرف بالإصلاح، لكنها تشكل انقلاباً على النظام، سيكون مدعاةً لبكاء أجيال، وتُظهر البيانات الأخيرة جميعها أن الأغلبية العظمى من المواطنين تعارض طبيعة هذه التحركات الأخيرة بشدة."
وطالبت الرسالة رئيس الدولة بعدم توقيع القوانين الهادفة إلى إضعاف السلطة القضائية في حال المصادقة عليها من جانب الكنيست، علماً بأن توقيع الرئيس للقوانين هو إجراء رمزي لا يُحدث أي فارق تنفيذي، نظراً إلى أن القوانين تصبح نافذة بمجرد التصويت عليها بالقراءات الثلاث في الكنيست. كما أشارت مصادر قانونية إلى أن باستطاعة الائتلاف الحكومي سنّ قانون يلغي من خلاله توقيع الرئيس لقوانين الكنيست.
واعتبرت الرسالة أيضاً أن الخطة الحكومية سوف تشكل مخاطر حقيقية على المنعة الوطنية، وعلى موقع إسرائيل بين الأمم، وعلى أمنها واقتصادها، وعلى العلاقة الحيوية بالشعب اليهودي في الشتات، وستسمح بإخضاع جميع آليات الدولة لأغلبية ائتلافية عارضة، من دون فصل حقيقي بين السلطات. وشددت على أنه في الحالات التي تتعرض فيها سيادة القانون واستقلال القضاء للخطر، فإن أول مَن يتضرر هم جنود الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن وحمايتهم الجسدية والقانونية، وسيكون إلى جانبهم المواطنون المستضعفون الذين ستؤدي التغييرات إلى زيادة إضعاف حمايتهم.
أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في إطار أول زيارة لوزير إسرائيلي إلى أوكرانيا منذ اندلاع الحرب مع روسيا، أن إسرائيل متمسكة بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
ووصل كوهين إلى كييف صباح أمس (الخميس) في زيارة وُصفت بأنها تضامنية، عقد خلالها اجتماعاً مغلقاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
كما أُعلن أن كوهين سوف يعيد فتح السفارة الإسرائيلية في كييف، والتي كانت أُغلقت بسبب الحرب.
وقام كوهين بزيارة إلى مدينة بوتشا التي شهدت جرائم حرب ارتكبتها القوات الروسية منذ انطلاق غزوها للأراضي الأوكرانية يوم 24 شباط/فبراير 2022، وزار النصب التذكاري بابي يار لضحايا الهولوكوست، حيث قُتل نحو 33.000 شخص ودُفنوا على أيدي القوات الألمانية في سنة 1941.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، قال كوهين إن إسرائيل تعارض بشدة قتل المدنيين الأبرياء. وأضاف أن إسرائيل ستدعم مبادرة سلام أوكرانية في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، وتساعد في توفير نحو 200 مليون دولار لمشروعات الرعاية الصحية والبنية التحتية. وأكد أن إسرائيل ستساعد أيضاً في تطوير نظام ذكي للإنذار المبكر بشأن الغارات الجوية.
وقال كوهين، من دون ذِكر روسيا، إن إسرائيل ما زالت متضامنة بقوة مع الشعب الأوكراني وتدعم سيادة كييف وسلامة أراضيها. وأضاف: "أنا فخور بالوقوف إلى جانب أوكرانيا في مواجهة هذه الأوقات العصيبة."
وكان كوهين صرّح لدى وصوله إلى كييف: "وصلت اليوم في أول زيارة يقوم بها وزير إسرائيلي إلى كييف منذ اندلاع الأعمال العدائية. لقد وقفت إسرائيل إلى جانب أوكرانيا والشعب الأوكراني العام الماضي. سنرفع اليوم العلم الإسرائيلي فوق السفارة الإسرائيلية في كييف، والتي ستعود إلى النشاط المستمر، بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين."
يُذكر أن إسرائيل، التي كانت تربطها علاقات جيدة بكلٍّ من روسيا وأوكرانيا، دانت الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن مساعداتها لكييف اقتصرت على المعونات الإنسانية ومعدات الحماية.
وتحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي عاد إلى السلطة في كانون الأول/ديسمبر 2022، عن مراجعة السياسة الإسرائيلية بشأن الحرب الأوكرانية الروسية، لكنه لم يتعهد تقديم أي أسلحة لكييف.
وترغب إسرائيل في الحفاظ على خط اتصال مباشر مع روسيا تم إنشاؤه في سنة 2015 بشأن ضرباتها العسكرية لِما يُشتبه في أنه أهداف إيرانية في سورية، وتأخذ أيضاً في الاعتبار أوضاع الجالية اليهودية الكبيرة في روسيا.
حذّر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي ["الشاباك"] رونين بار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] من عواقب تصعيد إجراءات الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية، وطالبه بتخفيفها.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 13، الليلة قبل الماضية، أن بار اتصل ببن غفير في بحر الأسبوع الحالي، وحذّره من أن سلوكه يؤجج المشاعر، وقد يتسبب باندلاع حريق واسع في هذا الوقت الحساس.
وأفادت القناة بأن بار لفت نظر بن غفير إلى أن العقوبات الجماعية التي فرضتها الشرطة الإسرائيلية، بناءً على تعليماته، تبدو كما لو أنها هجوم جماعي على كل الفلسطينيين في القدس الشرقية، وأكد أن مثل هذه السياسة يمكن أن تدفع المزيد من الشبان الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات ضد القوى الأمنية والمستوطنين.
ونوّهت القناة إلى أنه من النادر أن يبادر رئيس جهاز "الشاباك" إلى الاتصال بوزير وتحذيره من السياسات التي يتبناها.
غادرت طائرة إسرائيلية من طراز "إيرباص" صباح أمس (الخميس) مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب، متجهةً إلى إسطنبول في وقت تحسّنت العلاقات بين البلدين.
وكانت رحلات الخطوط الجوية الإسرائيلية من تركيا وإليها توقفت تماماً في أواخر سنة 2007 بسبب سلسلة من الأزمات السياسية.
وبدأت العلاقات بالتحسن مع الاستعادة الكاملة للعلاقات الدبلوماسية، والتي تم الإعلان بشأنها في العام المنصرم.
وقام رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ في أيار/مايو الفائت بزيارة إلى تركيا، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتم الاتفاق خلالها على استئناف الرحلات الجوية.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين وصل يوم الثلاثاء الفائت إلى أنقرة في زيارة تضامنية، وسط جهود الإنقاذ المستمرة، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا. وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن هذه الزيارة كانت "مناسبة لتجديد الرحلات الجوية وتوقيع اتفاقية طيران جديدة، باعتبار ذلك العنصر الأول في خريطة الطريق للتعافي، ومن أجل رفع مستوى العلاقة بتركيا."
وأضافت هذه المصادر نفسها: "لقد استأنفنا الحوار مع الجانب التركي في تموز/ يوليو الفائت. وفي غضون أسبوعين، وقّعنا اتفاقية طيران جديدة، وبدأنا العمل في عدة جولات من المفاوضات والزيارات على الأرض من أجل تثبيت المرافق والاتفاق على الإجراءات التي ستمكّن الطائرات الإسرائيلية من العودة، وكل ذلك بالاشتراك مع السفارة الإسرائيلية في أنقرة."
وأشارت المصادر إلى أن توقيت مغادرة أول طائرة إسرائيلية مهم، بسبب الزلزال الذي ضرب تركيا، ووصفته بأنه تعبير عن التضامن والصداقة، إذ يتم أيضاً نقل المساعدات الإنسانية على متن الطائرة، وأوضحت أن هذه المساعدات هي عبارة عن بعض المعدات الطبية والأدوية والإمدادات التي تُعتبر مفيدة ومطلوبة للغاية، وتشكل دعماً مستمراً لتركيا يتوازى مع جهود جبارة للمجتمع المدني الإسرائيلي الذي جمع أطناناً من المساعدات لضحايا الزلزال التركي.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين قال في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال زيارته إلى أنقرة، إن الخطوط الجوية الإسرائيلية ستستأنف رحلاتها المباشرة إلى تركيا يوم الخميس المقبل. وبحسب الوزير، تمثّل هذه الخطوة مزيداً من التحسن في العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكداً أنها ستشهد مزيداً من التحسن في الأيام والأشهر المقبلة. وأضاف: "سيتم استئناف الرحلات الجوية الإسرائيلية في غضون يومين من الآن، وستستأنف جميع الشركات الثلاث الكبرى في إسرائيل رحلاتها إلى تركيا. في العام الماضي، قام 800.000 إسرائيلي بزيارة إلى تركيا، وبالتأكيد سنتجاوز المليون زائر هذا العام."
- هناك مَن يشعر بالرضى عن الاشتباك المستمر والمتصاعد ما بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية. في بداية الأسبوع، عقدت حركة "حماس"، الرابح الأساسي من المواجهات، مؤتمراً بعنوان "توحيد الجبهات، وحدة الجبهات". المتحدث المركزي في المؤتمر كان صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي تتهمه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بقيادة النشاط "الإرهابي" للحركة في الضفة عن بُعد. العاروري، الذي يمضي وقته ما بين لبنان وتركيا، ألقى خطاباً افتراضياً حماسياً. وقال إن "الفلسطينيين على أعتاب معركة استراتيجية مقدسة ضد إسرائيل. الظروف الدولية ملائمة جداً الآن."
- وبكلمات أُخرى، فإن "حماس" التي تسيطر على غزة ترى، عن بُعد، ضُعف اللاعبَين المركزيين في الضفة، السلطة الفلسطينية وإسرائيل. السلطة فاسدة، غير محبوبة في أوساط المواطنين. أما إسرائيل، فإنها تُدار على يد حكومة يمين متطرف، الشركاء فيها يدفعون بسياسات متناقضة. كما أنها لا تزال عالقة في أزمة سياسية حادة، والتضامن الدولي مع حكومتها في الحضيض.
- من جانب "حماس"، هذا الوقت ملائم للاستمرار في الهجوم. لكن، وعلى عكس المرات السابقة، فإن قيادات "حماس" في غزة والخارج لا تسارع إلى التموضع في الصف الأول للمواجهة. هذه القيادات تطمح الآن إلى مأسسة معركة متعددة الجبهات، الشبان المستقلون في الضفة هم مَن سيقود المواجهة، ومَن يضع التحديات أمام إسرائيل. وفي المستقبل، في الوقت الملائم، سيتم دمج الجبهات الأُخرى، كغزة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني.
- خلال اجتماع "الكابينيت" يوم الأحد، حاول بن غفير الدفع بسلسلة عمليات رد إسرائيلية، فأوقفه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. "المهنيون" أيضاً من الجيش والشرطة و"الشاباك"، طالبوا بمنحهم الوقت الكافي للاستمرار فيما يقومون به، على أمل أن يساعد ذلك على تهدئة الأمور. فقرة الشؤون الأمنية من الاجتماع انتهت من دون أي خطوات جديدة تقريباً. وبعدها، تم إخراج أغلبية الضباط من الاجتماع، وبقي السياسيون لمناقشة السياسة إزاء الاستيطان.
- وتحديداً من هذا الجزء، خرجت البشارة بتشريع 9 بؤر استيطانية غير قانونية، ستتحول قريباً إلى بلدات جديدة ومعروفة، إلى جانب المصادقة على بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات. مَن قاد هذه الخطوات كان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي لا يزال يطالب بـ"تشريع" 77 مستوطنة كاملة في الضفة، كما وعده نتنياهو خلال توقيع الاتفاقيات الائتلافية. نتنياهو تماشى مع توصية غالانت، وكان من الصعب عليه المعارضة.
- وعلى الرغم من الانتقادات المتواضعة نسبياً من طرف إدارة بايدن في الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا، في أعقاب قرار الحكومة، فإن المصادقة على خطوات تخص المستوطنات والبؤر يبدو أنها مريحة أكثر، بالنسبة إلى نتنياهو، من المصادقة على خطوات مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين قد تدفع إلى مواجهة عسكرية أصعب. وهناك أيضاً نظرية مؤامرة أُخرى تشير إلى أن نتنياهو لم ينجح حتى اليوم في الحصول على دعوة إلى البيت الأبيض، على الرغم من جهوده، ومن مرور أكثر من شهر ونصف على تأليف حكومته. هل كانت هذه طريقته للفت انتباه الرئيس جو بايدن، والقول إنه لا يزال في جعبته ما يمكن أن يُغضب الأميركيين؟ إن كان هذا صحيحاً، فإن الأمور تبدو تفكيراً طفولياً.
- شهدت الأسابيع الثلاثة الأخيرة تدهوراً كبيراً في الوضع الأمني القومي العام في دولة إسرائيل. التأجيج الذي بدأ في آذار/مارس 2022 في مناطق الضفة الغربية، لا يزال مستمراً، على الرغم من نجاح الجيش والشاباك وحرس الحدود في إحباط معظم الهجمات المخطط لها بواسطة عمليات وقائية في نقاط الاحتكاك في كل ليلة. لكن لا يزال هناك 40 تحذيراً يومياً من إمكانية شن هجمات.
- في القدس، طرأ تدهور على الوضع الأمني، وعلى شعور المواطنين اليهود بالأمن، بعد سلسلة هجمات نفّذ معظمها أولاد وشبان. لهذا، أُطلق على موجة "الإرهاب" الحالية في العاصمة اسم "انتفاضة الأولاد". في غزة، أُطلقت من منتصف كانون الثاني/يناير حتى اليوم عشرات الصواريخ، الأمر الذي يدل على أن الردع الذي تحقق بعد عملية "حارس الأسوار" و"بزوغ الفجر" يتآكل بسرعة، على الرغم من الجهود التي توظفها الاستخبارات المصرية من أجل تهدئة الأجواء.
- في الساحة الإيرانية أيضاً، تحدث تطورات ذات طابع سلبي، من وجهة نظر إسرائيل. إذ تقوم إيران بتخصيب المزيد من اليورانيوم على درجة 60%، وباتت قريبة جداً من المواد الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة. يضاف إلى ذلك الحلف التكنولوجي العسكري بين إيران وروسيا الذي يترسخ ويتوطد.
التوترات بين القدس وواشنطن
- هناك تطور سلبي آخر في المجال الأمني هو توتر العلاقات بين القدس وواشنطن، بعد قرار المجلس الوزاري السياسي - الأمني المصغر، تشريع 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والبدء بمشاريع بناء أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية في أراضي المنطقة ج.
- سبب آخر للتوتر برز في الأيام الأخيرة مع الولايات المتحدة وأوروبا هو التشريع للحد من استقلالية المنظومة القضائية على يد الحكومة بوتيرة سريعة، ومن دون التحاور مع المعارضة. هذه العملية التشريعية المتسرعة التي يمكن أن تُلحق الضرر باستقلالية القضاء في إسرائيل، لا تتماشى مع تفكير الإدارة الأميركية. من المهم الإشارة إلى أنه فور تأليف الحكومة، وصل إلى البلد كلٌّ من رئيس السي آي إي وليام بيرنز، ومستشار الأمن القومي لبايدن جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.
- ووفقاً لمصادر أميركية، وبحسب ما كشف ناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت"، عرض بلينكن صفقة على نتنياهو: كن راشداً ومسؤولاً، واعمل على تهدئة الساحة الفلسطينية، واحرص على عدم قيام الحكومة التي ترأسها بخطوات أحادية تقوّض حل الدولتين. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليه الحرص على أن تحظى الإصلاحات القضائية بإجماع يحافظ على دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية - ليبرالية تتبنى القيم التي تتبناها الولايات المتحدة.
- في مقابل ذلك، تعهد بلينكن لنتنياهو حصوله على تعاون وطيد ومساعدة في مواجهة إيران، وبمساعدة أميركية، للدفع قدماً بالتطبيع مع السعودية واستمرار التأييد الدبلوماسي لإسرائيل في المنظمات الدولية، وخصوصاً الأمم المتحدة. وأرفقت الإدارة الأميركية عرضها ببادرة عسكرية - مناورة كبيرة مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة حاكت للمرة الأولى، وبصورة واضحة، هجوماً على إيران. كما سيكون هناك بادرات أُخرى لم يجرِ الكشف عنها بعد. علاوةً على ذلك، يجري في الأيام الأخيرة تعاوُن تكنولوجي يمكنه أن يمنح إسرائيل في المستقبل قدرات عسكرية لم تكن تملكها في مواجهة إيران.
- قرار المجلس الوزاري المصغر يوم الأحد يهدد هذا التعاون إلى حد ما. وقد لمّح بلينكن إلى ذلك في تصريح له، عندما قال: "نحن قلقون جداً من قرار إسرائيل الدفع قدماً ببناء عشرات آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات والبدء بتشريع 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية..."
- التلميح واضح تماماً. الأوروبيون أيضاً دانوا إسرائيل بعد قرار المجلس الوزاري المصغر، لكن ما يجب أن يثير قلقنا بصورة مباشرة أن الإدانة الأميركية جاءت بعد رفض نتنياهو وحكومته الصفقة الأميركية التي قُدمت لهما...
المطلوب التهدئة، بن غفير يفعل العكس
- المطلوب اليوم التهدئة في القدس، لكن وزير الأمن القومي يريد الآن هدم منازل بالجملة، ويستخدم بكثافة قوات الشرطة التي عززت وجودها في القدس. الذعر الذي تثيره هذه العملية يزيد في حنق السكان، وهي عموماً لا تخلق أمناً، بل على العكس. على سبيل المثال، إن نشر حواجز في نقاط غير ضرورية لا يحمي السكان اليهود في المدينة، بل من شأنه زيادة الاحتكاكات بين اليهود وبين العرب والقوى الأمنية. ثمة حاجة الآن إلى تقليص الاحتكاك والتصريحات التحريضية.
- في غزة، يبدو أنه لا مفر في المستقبل غير البعيد من توجيه ضربة مؤلمة بصورة مركزة، من أجل تجديد الردع والسماح بمدة تهدئة إضافية. ومن الممكن الافتراض أن عملية كبيرة جديدة هي الآن في قيد الإعداد.
- بالنسبة إلى إيران، يبدو أن الموساد يحرص على القيام بالمطلوب بصورة مستمرة من أجل إبطاء عملية التزود بالسلاح التقليدي وغير التقليدي في نظام آيات الله، ويواصل الجيش المعركة بين الحروب لمنع التمركز الإيراني بالقرب من حدودنا وتهريب سلاح نوعي إلى حزب الله في لبنان. التعاون مع الولايات المتحدة في الشأن الإيراني يجري بصورة منتظمة، لكن إذا واصلت إسرائيل إحراج الإدارة في واشنطن في الشأن الفلسطيني، وفي التشريعات القضائية، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى إبطاء التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي الذي تحتاج إليه إسرائيل...
- يتعين على نتنياهو محاولة لجم شركائه في الائتلاف بقدر الممكن، بالأساس حزب قوة يهودية. ربما لهذا السبب، حاول التخفيف من وطأة الاقتراح الذي طرحه بن غفير على طاولة المجلس الوزاري المصغر، والذي طالب فيه بتشريع 77 مستوطنة غير قانونية في الضفة الغربية، ووافق على 9 فقط. لكن هذا لم يؤثر في الأميركيين كما يمكن فهمه من تصريحاتهم.
- هناك نقطة إضافية: يمكن أن نلاحظ، من دون صعوبة، أنه تحت ستار التشريعات المتسرعة لفرض قيود على استقلالية المنظومة القضائية في إسرائيل، ينجح الوزيران بن غفير وسموتريتش في الدفع قدماً بالضم الزاحف لأراضي المنطقة ج في الضفة الغربية إلى أراضي دولة إسرائيل. هذا الضم، إذا تحقق بالكامل، فسيحول إسرائيل بعد أعوام قليلة إلى دولة ستصبح الأغلبية فيها عربية فلسطينية. يتعين على الجمهور الإسرائيلي أن يعي هذه الحقيقة التي ستؤثر في أمننا القومي في العقود القادمة.
- مع قيام حكومة نتنياهو، ازدادت التوقعات الدولية بشأن حدوث تغيير في موقف إسرائيل من الحرب في أوكرانيا. وبينما يقوم الغرب "بتحطيم السقوف الزجاجية" فيما يتعلق بحجم وفتك السلاح المقدَّم إلى كييف، يُمارَس ضغط على إسرائيل "للتضحية بنفسها من أجل الصالح العام". مجموع التحديات التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية يفرض عليها تغيير نقطة التوازن بين روسيا والغرب، على الرغم من كل الحذر.
- سُرِّب أن مجلس الأمن القومي يفحص سياسة إسرائيل تجاه المسألة؛ حتى أن نفتالي بينت صرّح في الأسبوع الماضي بأن "سياسة الوقوف موقف المتفرج" التي قادها خلال ولايته (والمستوحاة من السياسة التي صاغها نتنياهو منذ سنة 2015) كان لها إنجازات، لكن في الفترة الزمنية الراهنة، من المهم التفكير في تغييرها.
- هناك اعتباران للمحافظة على السياسة الحالية. الأول، المصلحة الإسرائيلية في الحؤول دون نشوب أزمات كبيرة مع روسيا. وبعد مرور عام على الحرب، من الواضح أن روسيا لا تزال لاعباً مؤثراً في الشرق الأوسط - وهي توطد علاقاتها مع إيران وتركيا ودول الخليج. لا تنوي موسكو إخراج جنودها من سورية، وهي تحتفط بقدرة إيذاء ضد إسرائيل. في الوقت عينه، فإن نظرة واسعة إلى مشكلات السياسة الخارجية الروسية في العالم، تُظهر أن جميع شركائها يتحدّونها. روسيا تهدد، لكنها تضطر إلى احتواء التغييرات السيئة بالنسبة إليها.
- الاعتبار الثاني، إسرائيل فريدة في نوعها، مقارنةً بالأغلبية المطلقة لدول الغرب: فهي ليست عضواً في أي حلف عسكري رسمي، وتدافع عن مصالحها بنفسها. تعدُّد الصراعات المتفجرة وعدم الاستقرار المستمر في الساحة الداخلية يفرضان عليها تجنُّب خلق عداوات جديدة. من هنا، المقارنة المتكررة بينها وبين دول البلطيق (التي تقدم مساعدة إلى أوكرانيا تبلغ نسبة مئوية معينة من ناتجها المحلي) ليست عادلة.
- في المقابل، تراكمت اعتبارات كثيرة من أجل تغيير السياسة الحالية. أولاً، في وقت تزحف فيه إيران إلى عتبة النووي، فإن إسرائيل بحاجة إلى الدعم الكامل من الولايات المتحدة ودول الغرب. إن قدرتنا على مطالبتهم بالانخراط في مواجهة التحدي الأهم والأكثر إلحاحاً بالنسبة إلينا، تتطلب أن تبدو إسرائيل منخرطة في التحدي الأمني المُلح بالنسبة إلى الغرب - روسيا. هذا بينما تحولت موسكو إلى ركيزة استراتيجية مركزية لطهران (وهذا سيتعمّق لاعتبارات لا علاقة لها بإسرائيل). وهذه ليست حجة خيالية، بل عملية ربط يقوم بها مندوبون غربيون في كل حديث مع الإسرائيليين.
- ثانياً، حتى لو لم "تقفز طهران إلى النووي"، فإن جدول الأعمال الإسرائيلي – الغربي سيمتلىء في الأشهر القادمة بالخلافات - الإصلاح القضائي، والسياسة في المناطق الفلسطينية، وموضوع إيران أيضاً، ما دامت المفاوضات معها مستمرة. قابلية الساحة الفلسطينية للانفجار، وخطر نشوب مواجهة واسعة النطاق مع حزب الله، أو في سورية - تفرض توازناً في جدول الأعمال الإسرائيلي - الغربي، والموقف من الحرب في أوكرانيا يمكن أن يساعد في ذلك.
- ثالثاً، سياسة الوقوف موقف المتفرج تضرّ بصورة إسرائيل في العالم. فتبرير خصوصية الوضع لا يغيّر شيئاً، وإن المُحاور الخارجي سيعتبر أن "إسرائيل تخاف من روسيا". الرئيس الأوكراني يدّعي أن أوكرانيا يجب أن تتحول إلى "إسرائيل كبيرة"، أي دولة شجاعة مسلحة بصورة جيدة، تعرف كيف تدافع عن نفسها بقواها الذاتية، إذا ساعدوها بالمال والسلاح...
- رابعاً، دور الوسيط بين الطرفين الذي انتهجه بينت، لم يعد مطلوباً الآن، وحتى لو عادت الحاجة إليه، فإن إسرائيل لم تعد تستوفي الشروط. العلاقات الحميمة بين القدس وواشنطن وموسكو وكييف تبددت، ولم يعد لدى إسرائيل حوافز خاصة حيالها.
- في الخلاصة، ومن دون علاقة "بالوقوف مع الطرف الصحيح في التاريخ"، وفقط من أجل مصالحها، يتعين على إسرائيل الاستجابة أكثر للمطالبة الغربية منها بالمساعدة في الجهد الحربي في أوكرانيا. صحيح أنه يجب المحافظة على ضبط النفس، وعدم نقل سلاح فتاك مباشرة إلى كييف، كي نثبت لموسكو أيضاً أن لدينا المزيد من الأدوات في جعبتنا، لكن بالتأكيد هناك هامش للمناورة من أجل تقديم المزيد.
- وماذا سيفعل بوتين؟ سيسكت على مضض. ليس لديه الكثير من الخيارات.