مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة مساء أمس (الأربعاء) على قانون ينص على طرد "إرهابيين" [من أبناء السكان العرب في إسرائيل أو من سكان القدس الشرقية] وسحب جنسيتهم، أو حقهم في الإقامة، في حال تقاضيهم معاشات من السلطة الفلسطينية.
وأيّد القانون 94 عضو كنيست من الائتلاف والمعارضة، وعارضه 10 أعضاء فقط. وقال أعضاء كنيست من المعارضة إنه يتعين على كل مَن تسوّل له نفسه المساس بسكان إسرائيل إدراك أنه سيدفع ثمناً باهظاً.
وشجب مركز "عدالة" لحقوق الأقلية القومية العربية في إسرائيل القانون، واصفاً إياه بأنه عنصري ومخالف للقانون الدولي. وجاء في بيان صادر عن هذا المركز أن هناك نظامين قضائيين مختلفين في إسرائيل، أحدهما لليهود والآخر للفلسطينيين، وأكد أن الحكومة تعمل على ترسيخ الفوقية اليهودية على جانبي الخط الأخضر، بدعم من المعارضة.
من ناحية أُخرى، صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية أمس، وبأغلبية كبيرة، على مشروع قانون يقضي بطرد عائلات مرتكبي اعتداءات "إرهابية".
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن قوات الجيش قامت فجر اليوم (الخميس) بتفجير منزل محمد كامل الجعبري في مدينة الخليل.
وكان الجعبري نفّذ عملية إطلاق نار في مستوطنة "كريات أربع" يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 2022، أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة 5 آخرين، كما أسفرت عن مقتله برصاص أحد المستوطنين.
وأضاف البيان أن قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي قامت باقتحام مدينة الخليل، وفرضت إغلاقاً في محيط منزل عائلة الجعبري، وأجبرت عشرات العائلات على إخلاء منازلها لساعات، حتى تم الانتهاء من عملية تفجير المنزل.
رفع رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد أمس (الأربعاء) سقف المطالب للتحاور بشأن "خطة الإصلاح القضائي"، واشترط ذلك بإعلان تجميد إجراءات التشريع مدة 60 يوماً قبل التصويت عليها بالقراءة الأولى، وذلك بغية إفساح المجال أمام رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ لإدارة هذه الاتصالات.
ودعا لبيد في بيان صادر عنه، إلى إشراك محافظ بنك إسرائيل ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في هذه الاتصالات، للتأكد من أن الخطة المذكورة لن تؤدي إلى ضرر اقتصادي وأمني.
وأكد لبيد أن النضال ضد محاولات الدوس على الديمقراطية سيستمر في الكنيست، وفي الشوارع.
ورفض الائتلاف الحكومي مطلب لبيد هذا.
وقال رئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء البرلمانية عضو الكنيست سيمحا روتمان ["الصهيونية الدينية"] إن مشاريع القوانين الأولى بشأن خطة الإصلاح ستُطرح على الكنيست يوم الإثنين المقبل للتصويت عليها بالقراءة الأولى.
وأشار روتمان إلى أن الاقتراح الأول من جانب المعارضة بهذا الشأن تحدث عن تجميد لمدة أسبوعين فقط.
وكان الائتلاف الحكومي أعلن في وقت سابق أمس أنه قرر تعليق النقاش بشأن فقرة التغلب وصلاحية المحكمة العليا في إلغاء قوانين للكنيست.
وأُفيدَ أن من بين الأسباب التي دفعت الائتلاف إلى القيام بذلك نيته التفاوض مع المعارضة بشأن "خطة الإصلاح القضائي"، وأيضاً على خلفية تدخُّل رئيس الدولة في القضية.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في الائتلاف إنه من المتوقع أن يقوم الائتلاف أيضاً بسحب مشروعي قانون آخرين من جدول الأعمال، وهما مشروع القانون الذي يتيح تعيين رئيس حزب شاس آرييه درعي في منصب وزاري، ومشروع القانون الذي يقضي بفصل قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة ["ماحش"] عن النيابة العامة للدولة.
أحدثت عملية اقتلاع أشجار زرعها مستوطنون من "شيلو" [شمال شرقي رام الله] في أرض متنازَع عليها، تقع في محيط المستوطنة، صباح أمس (الأربعاء)، انشقاقاً في الائتلاف الحكومي.
وقال الوزير في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش [رئيس "الصهيونية الدينية"] إن وزير الدفاع يوآف غالانت [الليكود] ينتهك الاتفاقية الائتلافية بشكل فظّ.
وبعث سموتريتش برسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يطالب فيها بتجميد اقتلاع الأشجار ونقل صلاحيات الإدارة المدنية إليه بالكامل.
وحذّر سموتريتش من أن انتهاك الاتفاقيات سيضع صعوبات جدية أمام عمل وأداء الحكومة والائتلاف بشكل منتظم.
وكانت قوات من حرس الحدود وطواقم من الإدارة المدنية قامت صباح أمس بنقل نحو 1000 شجرة زُرعت في أراضٍ لم تتم تسوية أوضاعها القانونية في منطقة قريبة من مستوطنة "شيلو" إلى أماكن أُخرى.
وقالت مصادر مسؤولة في المؤسسة الأمنية إن صاحب الأشجار تجاهل قرارات صادرة عن المحكمة العليا بشأن هذه الأرض، وأكدت أن سموتريتش يستغل الحادث لتفجير صدام سياسي.
هذا وحاولت عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من "الصهيونية الدينية"، عرقلة عمل الجرافات واقتلاع الأشجار، وقام 4 من رجال الشرطة بتطويقها ومنعها من الاقتراب.
واتهمت هار ميلخ أحد رجال الشرطة بأنه أساء إليها جنسياً. وأشارت إلى أن حكومة اليمين تعمل على اقتلاع أشجار ليهود، ولا تتحرك ضد حالات كثيرة من عمليات زرع وبناء فلسطينية غير قانونية.
علمت صحيفة "هآرتس" من مصادر أمنية مطّلعة بأن الدائرة اليهودية في جهاز الأمن العام الإسرائيلي ["الشاباك"] قامت خلال الشهر الأخير بتوسيع نشاطها الهادف إلى مراقبة مَن تصفهم بأنهم فوضويون يساريون ينشطون في الاحتجاجات المناهضة لـ"خطة إصلاح الجهاز القضائي"، وفي الاستعدادات لتنظيمها، وتصدر عنهم أقوال تنطوي على تحريض ضد وزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية الحالية.
ووفقاً لهذه المصادر، تقوم الدائرة اليهودية في جهاز "الشاباك" بالعمل إلى جانب الشرطة في أثناء التظاهرات الاحتجاجية، بحجة الخشية من أن يقوم هؤلاء الناشطون اليساريون المتطرفون باستهداف مؤسسات الحكم. كما أكدت المصادر نفسها أن عمليات "الشاباك" بهذا الشأن هي استخباراتية فقط وتشمل تعاوناً وثيقاً مع قسم المباحث في الشرطة. وفي إطارها، يقوم أفراد من الدائرة اليهودية بجمع معلومات تحتوي على شبهات باحتمال القيام بنشاطات محظورة على غرار مهاجمة منزل رئيس الكنيست أمير أوحانا [الليكود] القريب من مركز التظاهرات في تل أبيب. كما يقوم أفراد "الشاباك" بجمع معلومات استخباراتية عن نيات لدى ناشطين من اليمين بالوصول إلى مراكز الاحتجاجات، بغية الدخول في عراك مع المتظاهرين والاعتداء عليهم.
وقالت المصادر الأمنية المسؤولة نفسها إن الدائرة اليهودية في "الشاباك" سبق أن نفّذت نشاطات مشابهة في أثناء التظاهرات ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمام منزله الرسمي في شارع بلفور في القدس. كذلك نقل "الشاباك" معلومات إلى الشرطة عن نشاطات لناشطي يمين متطرف، بينهم أعضاء في منظمة "لافاميليا"، خشية أن يحاولوا استهداف المتظاهرين ضد نتنياهو. وأكدت هذه المصادر أنه يوجد في أوساط اليسار أيضاً متطرفون وفوضويون قد يستخدمون العنف، وعدا ذلك، فإن الخطاب في مواقع التواصل الاجتماعي قد يدفع شخصاً ما إلى تنفيذ عمل، في إثر التحريض المتصاعد.
وتعقيباً على هذا التقرير، قال جهاز "الشاباك" إنه مسؤول بموجب القانون عن الحفاظ على أمن الدولة، وعلى إجراءات النظام الديمقراطية ومؤسساته من أي تهديدات إرهابية وتخريبية وتآمرية، وأي نشاطات تجسُّس وكشف لأسرار الدولة. وأكد أن الجهاز يعمل، وسيستمر في العمل، وفقاً لغاياته بموجب القانون فقط، بهدف الحفاظ على أمن الدولة وسكانها.
- وافق الكنيست أمس، بتأييد كبير من الائتلاف والمعارضة، وبأغلبية 94 صوتاً، على قانون سحب الجنسية، أو الإقامات، من "المخربين" في إسرائيل، وهو بذلك منح غطاء قانونياً لفعل يمكن اعتباره جريمة حرب.
- وينص القانون على أن من حق وزير الداخلية سحب الجنسية، أو الإقامة، من "مخرب" تمت إدانته بعمل "إرهابي"، وحصل على أموال من السلطة الفلسطينية، وترحيله إلى أراضي السلطة. وإذا لم تُبطل المحكمة العليا القانون، الذي اعترضت عليه المستشارة القانونية للحكومة، فإنه سيفتح الباب على مصراعيه لترحيل الفلسطينيين من سكان إسرائيل بالجملة، بصورة غير قابلة للاستئناف.
- هذا القانون بحاجة إلى قانون آخر أقرّته اللجنة الوزارية للتشريع، والذي يسمح أيضاً بسحب الهوية وترحيل أفراد عائلات "مخربين" من حَمَلة الهوية الزرقاء. ويشكل اقتراح القانون هذا سابقة قانونية للعقوبة الجماعية.
- وقبل مرور القانون بكل الخطوات القانونية، بلّغت وزارة الداخلية والد حسين قراقع - "المخرب" الذي نفّذ هجوم الدهس في راموت في القدس يوم الجمعة الماضي- أنها تبحث في سحب تصريح إقامته بإسرائيل، والذي حصل عليه منذ مطلع التسعينيات.
- حتى الآن، لم يُقدَّم أي دليل يثبت أن الأب كان على معرفة بما سيفعله نجله، أو شجعه، أو أيّده، كما لا يوجد دليل يثبت أنه يشكل "خطراً ملموساً"، وفق ما ينص عليه القانون، كشرط للترحيل. إذا كان لدى الشرطة، أو الشاباك، معلومات تربط الأب بنجله، فيجب محاكمته، لا أن يُترَك البتّ بقضيته وتقرير مصيره لوزارة الداخلية.
- بلدية القدس انضمت إلى نوبة العقوبة الجماعية. فقد قررت البلدية إقالة زوجة قراقع التي تمضي الآن إجازة أمومة، بحجة أنها تسيء إلى صورة البلدية وثقة الجمهور بها. فهل تملك البلدية معلومات عن المرأة لا تعرفها الجهات الأمنية؟
- حكومة إسرائيل، التي لم تنجح في مواجهة الهجمات "الإرهابية"، تحاول تضليل نفسها والجمهور بأن العقوبات الجماعية الشديدة، مثل هدم منازل وترحيل أفراد عائلة، أو تشديد ظروف اعتقال "المخربين"، ستردع، أو ستقضي على الحافز الوطني لدى أولئك الذين يئسوا فعلاً، وهم مستعدون للتضحية بحياتهم. هذه الوسائل ليست جديدة؛ فقد سبق أن استخدموها في عدد لا يُحصى من المرات - كي يتضح مجدداً أن النضال الوطني الفلسطيني لا يتأثر بها.
- إن القوانين التي تسمح لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي وقوانين الاحتلال، لن تقضي على "الإرهاب"، لا بل ستجرّ إسرائيل إلى قفص اتهام المجتمع الدولي.
- العمليات "الإرهابية" القاتلة التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، دفعت أعضاء الحكومة الجديدة إلى الطقوس القديمة التي يرددون فيها، مرات ومرات، تهديدات ووعوداً أصبحت بالية من كثرة الاستخدام: سنردّ بيد من حديد، سنفرض حصاراً، سنغلق، ونهدم، ونرحّل، ونسحب الجنسية، سنوقف التحريض في وسائل التواصل الاجتماعي، وسنوقف المخيمات الصيفية في السجون، سنطبّق عقوبة الإعدام، ونسحب الامتيازات المعطاة لكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وسنرد على كل هجوم بإقامة مستوطنة جديدة، وسنتساهل في تعليمات فتح النار، ولن نسمح للمحكمة العليا بتخريب حربنا ضد الإرهاب، إلخ إلخ..
- إن تكرار هذه الكلمات السحرية يشبه في تأثيره حبة المهدىء التي لا تعالج مصدر الألم، وهي لا تتطرّق إلى واقع، في إطاره، يسيطر شعب على شعب آخر. هذا المرض الذي حاول اتفاق أوسلو معالجته، والذي أساسه اعتراف متبادل بحقوق الشعبين في أن يكون كلٌّ منهما سيد مصيره، والعيش بأمان والتعبير عن هويته الوطنية ضمن إطار أرض متفق على حدودها. هذا الهدف، الذي يضمن المحافظة على هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، مرتبط فعلاً بتسوية مؤلمة تتضمن تقسيم البلد.
- في مواجهة رؤيا أوسلو، هناك خيار الأبرتهايد الذي يجعل إسرائيل دولة ثنائية القومية تمتد من البحر حتى النهر، وينشىء واقعاً يعيش فيه شعب تحت سيطرة شعب آخر. علينا ألا نوهم أنفسنا: المساران المؤديان إلى هاتين الصورتين المستقبليتين محفوفان بالمطبات والعنف، لكن نهايتهما مختلفة للغاية. طريق الأبرتهايد يضمن القضاء على أي احتمال تسوية متفق عليها، وسيدفع بأغلبية الفلسطينيين إلى اليأس و"الإرهاب"، ويؤبّد سفك الدماء، ويؤدي إلى تدمير إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. في المقابل، طريق أوسلو يشعل ضوءاً في آخر النفق، ويحشد شركاء فلسطينيين في محاربة "الإرهاب"، ويعزز قوة المعسكر الذي يرى في التسوية مع إسرائيل مصلحة فلسطينية وطنية.
- اختيار طريق أوسلو لا يضمن تهدئة فورية. لقد تعلمنا من التجربة ونعلم بأنه يوجد في الجانب الفلسطيني معسكر مهم سيسعى لنسف المصالحة بواسطة "الإرهاب". من أجل تآكل قوة هذا المعسكر، يجب الالتزام باستراتيجيا طويلة الأمد، تمزج بين خطوات أمنية صارمة، هدفها إلحاق الأذى الشديد بمن يقف ضدنا، وبين خطوات سياسية واقتصادية، الغرض منها رسم أفق موثوق به لدولة فلسطينية مزدهرة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل. هذا الحل يمكن تحقيقه من خلال عملية حذرة وتدريجية، مشروطة بامتثال الفلسطينيين إلى مطالب أمنية صارمة.
- يمكننا الغرق في مناقشات لا نهاية لها بشأن الأخطاء التي ارتكبها الطرفان في عملية أوسلو، لكن نظرة باردة وواقعية تشير إلى ميزة هذا الاتفاق، كاستراتيجيا بعيدة الأمد لمحاربة "الإرهاب". هذه الحجة لا تُطرح، طبعاً، بصورة جدية في نقاشات الحكومة الإسرائيلية التي تفضل أن تقودنا نحو طريق الأبرتهايد. وبعكس الحكومات السابقة، الحكومة الجديدة لا تحاول تقديم صورة دعائية بأن يدها ممدودة نحو السلام، وهي تصطدم بالرفض الفلسطيني. في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 2020، ذكر بنيامين نتنياهو كلمة "سلام" 19 مرة. وأعلن أنه عندما يقرر الزعماء الفلسطينيون تحقيق السلام مع الدولة اليهودية، فإنه "سيكون حاضراً ومستعداً للتفاوض، بالاستناد إلى خطة هدفها إنهاء النزاع مرة واحدة، وإلى الأبد."
- لكن شركاءه الحاليين لن يسمحوا له بالعودة إلى هذه الوعود، حتى بشكل مناورة في العلاقات العامة. فهؤلاء يعلمون جيداً بأن خطة ترامب تعتمد على منطق أوسلو: تقسيم البلد، وقيام دولة فلسطينية، تبادُل أراضٍ (بصورة غير متساوية)، وإقامة معبر آمن بين الضفة وقطاع غزة. وليس عبثاً قول بتسلئيل سموتريتش حينها: "هذه الخطة ستقوم في نهايتها دولة فلسطينية، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث في أي حال من الأحوال. أرض إسرائيل كلها لنا، ولن نتنازل عن أي سنتيمتر منها." وكان رد إيتمار بن غفير مشابهاً: "دُهشت أنه وراء هذا الاسم الرنان والمصاب بجنون العظمة "خطة القرن"، يختبىء الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني المخترع، وإعطاء أجزاء كبيرة من أرض إسرائيل، وتقسيم القدس وإقامة دولة فلسطين."
- الخلاصة قاتمة. إذا كانت طريق الحكومة الإسرائيلية في الماضي مشوبة بالغموض، فإن هذه الطريق باتت الآن أوضح من أي وقت مضى: رؤيا أوسلو دُفنت، وجرى اختيار الأبرتهايد، وسيستمر الرد الإسرائيلي على "الإرهاب" الفلسطيني في تجاهُل جذور هذا "الإرهاب".
- العمليات القاتلة التي جرت مؤخراً - في "النبي يعقوب"، و"راموت"، وشعفاط، عادت لتؤكد مرة أُخرى التحدي المعقد لوقف "الإرهاب" الفلسطيني. هذا إلى جانب الحاجة إلى رد استراتيجي واسع يكون بديلاً من الشعارات التي تتعلق بتنفيذ "السور الواقي 2"، أو تشريع بؤر استيطانية تؤدي إلى ضرر استراتيجي بعلاقتنا بالولايات المتحدة، حليفتنا الأساسية، وبدول المنطقة.
- العمليات التي جرت في القدس هي جزء من مسار تصعيد في الصراع مع الفلسطينيين. الرد الموضعي والمحدد ضد منفّذي العمليات لم يثبت فعاليته كحلّ للمشكلة. المطلوب رد شامل مستمر على جبهات متعددة، ودمج أجهزة الأمن المختلفة، إلى جانب جهود دبلوماسية، وبصورة خاصة عشية الامتحان الأكبر في فترة الأعياد المقبلة.
- زيادة الجهود الاستخباراتية وتواجُد أجهزة الأمن في الميدان، إلى جانب خطوات ردع محسوبة، يمكنها أن تحسّن درجة الأمن، وتمنح المستوى السياسي الوقت والهامش اللازمين. ولكن، في غياب استراتيجيا بعيدة المدى، والأسوأ من ذلك أيضاً خطوات أحادية الجانب ومستفزة، كتشريع 9 بؤر استيطانية (خطوة دانتها السعودية سريعاً)، سيتعزز مسار التصعيد في الساحة الفلسطينية ويسيطر على الجو السياسي - الأمني العام في إسرائيل، بصورة ستضر بمعالجة التهديد النووي الإيراني والدفع قدماً بالتطبيع ودمج إسرائيل في المنطقة.
- ويجب على حكومة مسؤولة، وضع المواجهة مع موجة "الإرهاب" المتصاعدة والتحديات الأمنية على رأس سلّم أولوياتها، ووقف الاندفاع غير المسبوق لهدم النظام القضائي، ورأب الشرخ الداخلي الذي يُضعف أمننا وحصانتنا القومية، ويفسَّر بأنه ضعف من جانب الأعداء، يرفع لديهم الرغبة في تحدّينا.
"السور الواقي 2"؛ ضد من؟
- بسبب القرب الجغرافي والتضامن القومي والديني، يؤثر ارتفاع نسبة "الإرهاب" في الضفة خلال العام الماضي في الجو العام في شرقي القدس، حيث تعيش قرابة 370 ألف فلسطيني في حالة فراغ سياسي، وفي ظل تهميش وفجوات عميقة، مقارنةً بسكان غربي المدينة، على صعيد العمل والبنى التحتية ونسبة الفقر. وأكثر من هذا كله، هناك التوتر الدائم بسبب الحساسية المتطرفة إزاء الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى.
- من المتوقع أن يزداد الاحتقان عشية شهر نيسان/أبريل، حين تلتقي عدة مواعيد حساسة: شهر رمضان وعيد الفصح (تزور الحرم القدسي مئات آلاف المسلمين ومئات اليهود)؛ ذكرى المحرقة ويوم "الاستقلال"؛ وبعدها ذكرى النكبة والنكسة ويوم القدس. هذا المزيج سريع الانفجار يتم استغلاله، عادةً، من طرف التنظيمات "الإرهابية" وجِهات متطرفة تشجعها الأزمة الداخلية المتصاعدة أيضاً في إسرائيل والأحداث "العنيفة" في الضفة الغربية.
- في هذه الظروف، فإن احتمال الانجرار إلى التصعيد واضح، ويمكن رسم مساره أيضاً: المسلمون "يخلّون بالنظام" في الحرم القدسي، ويمكن أن يكون رداً على دخول اليهود، أو مسيرة الأعلام في البلدة القديمة؛ ينعكس هذا على الضفة الغربية، وحتى على "المدن المختلطة" في إسرائيل؛ "إرهاب"، في ظل "إخلال بالنظام" وتجدُّد موجة العمليات؛ عمليات تصدٍّ واسعة يقاومها المسلحون وتخلّف قتلى؛ إطلاق قذائف من قطاع غزة، ضربات رد، وبعدها تصعيد حقيقي.
- في ضوء الارتباط المقلق واحتمالات التأثير بين كل الساحات - القدس، الضفة الغربية، قطاع غزة وداخل إسرائيل والسجون وتوحّدها- على الحكومة تبنّي طريقة عمل شاملة ومحسوبة ومخططة، الهدف منها فك الارتباط بين الجبهات المختلفة، ومنع انتشار "العنف" بين الجبهات، وتفريغ الضغط، من خلال توزيع الجهود المبذولة بالتدريج، وخصوصاً عشية الأعياد، موعد نشوب الاضطرابات.
- الردود الموضعية، كإغلاق بيوت منفّذي العمليات، ووقف مخصصات "التأمين الوطني" لسكان شرقي القدس، والحكم بالإعدام على مَن يفترضون أصلاً أنهم لن يعودوا أحياء من العمليات (التي نفّذها مؤخراً أبناء الـ13 عاماً) - لن تغيّر الظروف الاستراتيجية، ولن توقف "الإرهاب"، وهو ما ثبت خلال الأعوام الماضية. وأكثر من ذلك، فإن مقترحات، مثل "السور الواقي 2" في القدس، ليست أكثر من شعارات شعبوية يتم طرحها من دون تفكير، ويمكنها فقط أن ترفع احتمالات الانفجار، وتربط ما بين القدس وجبهة الضفة، على عكس المصلحة الإسرائيلية في فصلهما. وعموماً، ضد مَن ستعمل هذه القوات داخل "عاصمة" إسرائيل؟ ضد منفّذي عمليات فردية محتمَلين من سكان المدينة الذين يحملون بطاقة الهوية الزرقاء؟ أم بنية "إرهاب" غير منظمة، لا إدارة لها، ولا قائد، ولا معامل متفجرات؟
- لخلق استقرار طويل المدى في الساحة الفلسطينية، على الحكومة العمل بشكل يمزج بين الجبهات كافة في الوقت نفسه، وذلك يبدأ، إما فورياً، وإما في المدى المتوسط - البعيد.
- فوراً، وعلى المستوى التكتيكي – العملياتي - سيكون على الجيش وحرس الحدود والشاباك الحفاظ على مستوى وجود مرتفع، ويمكن أيضاً تعزيز القوات في الضفة، وزيادة الجهود الاستخباراتية لإحباط العمليات ومنعها، إلى جانب إغلاق الفتحات في خط التماس والتجهز لفرض إغلاق خلال فترة الأعياد. من المهم تركيز العمل في مجال "بنى الإرهاب الموقوتة"، استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة، في محاولة لكسر دائرة "قتل- مصابين - تصعيد"، والدخول إلى فترة الأعياد بعد تحقيق أكبر قدر ممكن من الهدوء. وفي الوقت نفسه، كما تعتقد كافة الجهات الأمنية، يجب ترك هامش عمل لأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وتفضيل إحباط العمليات على يدها كلما سمحت الظروف. واستغلال الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على أبو مازن، بهدف عودة السلطة إلى نشاطها الأمني المستمر في منطقة نابلس وجنين.
- أما في شرقي القدس، فالمطلوب تعزيز قوات الشرطة و"حرس الحدود" وإعادة الأمن إلى الشوارع، بالإضافة إلى الحذر والتنسيق مع الأردن في كل ما يخص إدارة الحرم القدسي.
- وفي المقابل، من المهم تخصيص موارد لزيادة الرصد في المجال الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي، بهدف إيقاف "المحرضين" الذين قد يكون أحدهم منفّذ عملية قبل خروجه إلى التنفيذ.
المواجهة الداخلية تؤثر في الأمن القومي
- لمنع توسُّع دائرة "الإرهاب" في الميدان، على إسرائيل تطبيق مقولة "لا تفعل"، والامتناع من:
- تغيير السياسة المتبعة بالفصل بين المجتمع الفلسطيني و"الإرهاب". إلحاق الضرر بروتين الحياة، وتفعيل قوة مبالَغ فيها، إلى جانب عقاب جماعي (حصار، وتقليص حاد لعدد العمال في إسرائيل)، وإلحاق الضرر بالاقتصاد الفلسطيني، أمور كلها ستؤدي إلى نتائج عكسية وتوسيع دائرة "الإرهاب".
- تغيير حاد في نشر القوات في الضفة. تحريك كاسح وسريع لقوات كبيرة من الضفة إلى النقب والجليل، مثلما يخطط وزير الأمن القومي، سيؤدي إلى ضغط كبير على الجيش، ويدفعه إلى تفعيل قوات الاحتياط بشكل واسع في أماكن ستكون عرضة لنشوب أعمال شغب.
- تدخُّل سياسي في الحسابات الأمنية للجيش والإدارة المدنية والشرطة هو وصفة لإضعاف هذه الأجهزة، وإلحاق الضرر بفعاليتها، والتصعيد في الميدان.
- في المدى المتوسط - الطويل، وعلى الصعيد الاستراتيجي - على الحكومة أن تقرر ما إذا كانت ستركز على كبح التهديد الإيراني والدفع بالتطبيع، مع التشديد على السلام مع السعودية، كما صرّح نتنياهو يوم تأليف الحكومة؛ أم تريد الدفع الآن بخطوات الضم الأحادية الجانب، كما يريد سموتريتش وبن غفير، وبذلك تكون في حالة اندفاع نحو التصعيد وسيطرة الساحة الفلسطينية كلياً على الوضع العام، الأمني- الاستراتيجي والسياسي الإسرائيلي.
- لحفظ الاستقرار على الساحة الفلسطينية وعدم الانجرار إلى داخلها، على الحكومة المحافظة على الوضع القائم في الحرم القدسي، والذي يمكن أن يؤدي تغييره إلى تصعيد في غزة وداخل إسرائيل، كما جرى في حملة "حارس الأسوار"؛ والامتناع من القيام بخطوات ضمّ فعلية، وتشريع بؤر استيطانية وفرض السيادة، وهي خطوات تتم إدانتها في المنطقة والعالم، ويجب العمل على استقرار السلطة الفلسطينية، بدلاً من إضعافها.
- السلطة الفلسطينية تعيش أصلاً حالة تراجُع كمؤسسة حُكم، وتراجُع مكانتها في نهاية حُكم عباس يمكن أن يدفع بإسرائيل إلى تخصيص قوات عسكرية لملء الفراغ الأمني، في الوقت الذي ستنتقل المسؤوليات المدنية، بالتدريج، إلى إسرائيل، وتقع على عاتق دافع الضرائب الإسرائيلي. هذا الاتجاه العام، إذا ما أضيف إليه الضم وفرض السيادة، يمكن أن يقضي على مبدأ "الدولتين" كلياً، ويدفع في اتجاه مبدأ "الدولة الواحدة" الذي يتحدى جوهر إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية وعادلة. الواقع في القدس يشكل نموذجاً يجسّد خطورة الدولة الواحدة، التي سيكون نصف سكانها أعداء محتملين.
- في الختام، إن الحالة الفلسطينية في اتجاه تصعيد واضح، واستقرارها هو المهمة الأولى والأهم المطروحة على الحكومة. خطوات غير حذرة، أو تدفع بالتصعيد، يمكنها أن "تسحب" إسرائيل إلى داخل الدوامة الفلسطينية وتُثقل قدرتها على التركيز على التحديات الأمنية الاستراتيجية الأُخرى في هذه المرحلة المهمة، وعلى رأسها تقدُّم إيران نحو قدرات نووية.
- حالياً، ينظر أعداء إسرائيل إلى المواجهة الداخلية التي تمزق المجتمع الإسرائيلي من الداخل، وينتظرون الوقت الملائم، بهدف استغلال الأزمة الداخلية والضرر الذي تُلحقه بالحصانة القومية والأمنية. وفي أعقاب موجة "الإرهاب" المتصاعدة، سيكون من المهم تفضيل التعامل مع التحديات الأمنية بشعب موحد. على الحكومة المسؤولة، أن توقف الانقلاب على النظام وتفكيك المنظومة القضائية، وأن تركز على صوغ ردّ على اندفاع إيران نحو النووي، وعلى جهود أعدائنا، بربط جميع الجبهات وإشعالها، وإعادة الشرعية إلى إسرائيل، وكذلك المبادئ المشتركة بينها وبين حلفائها في الغرب.