مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
دان وزراء خارجية كلٍّ من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، في بيان مشترك صادر عنهم أمس (الثلاثاء)، قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية ["الكابينيت"]، والقاضي بتوسيع المستوطنات وتشريع 9 بؤر استيطانية عشوائية في أراضي الضفة الغربية وإقامة نحو 10000 وحدة استيطانية سكنية جديدة.
وقال البيان: "إننا نعارض بشدة هذه الخطوات الأحادية الجانب التي لن تؤدي إلا إلى تفاقُم التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتقويض جهود التفاوض على حلّ الدولتين. وسنواصل دعم سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، والذي يجب تحقيقه من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين. ويستحق الإسرائيليون والفلسطينيون العيش بسلام مع قدر متساوٍ من الحرية والأمن والازدهار."
كما أشار البيان إلى أن وزراء خارجية الدول المذكورة سيواصلون مراقبة التطورات على الأرض عن كثب.
وجاء هذا البيان بعد يوم من مصادقة وزراء "الكابينيت" الإسرائيلي على تشريع 9 بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية، والدفع قدماً بالمصادقة على بناء وحدات سكنية استيطانية، وتوصيل بؤر استيطانية بشبكة الكهرباء والمياه.
وكانت الولايات المتحدة دانت قرار "الكابينيت" الإسرائيلي. وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 13 أن إسرائيل أطلعت الأميركيين مسبقاً على القرار، الأمر الذي أثار غضبهم. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى للقناة إن إدارة جو بايدن أطلعت إسرائيل أيضاً مسبقاً على نيتها إصدار إدانة علنية للقرار.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن قوة من الجيش اشتبكت مع مجموعة من الشبان الفلسطينيين خلال قيامها فجر أمس (الثلاثاء) باقتحام مخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين جنوبي بلدة طوباس في الضفة الغربية، بهدف اعتقال مطلوبين.
وأضاف البيان أن هذه الاشتباكات أسفرت عن إصابة أحد الشبان الفلسطينيين بجروح وُصفت بأنها خطِرة للغاية.
وقالت مصادر فلسطينية إن الشاب الذي أصيب بجروح خطِرة هو محمود ماجد العايدي (17 عاماً)، وأشارت إلى أنه توفي لاحقاً متأثراً بها.
وأضافت هذه المصادر أن قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحمت المخيم وانتشرت في كافة أرجائه، وحاصرت منزل أحد المواطنين. ووقعت مواجهات بين الشبان وقوة الجيش التي أطلقت الرصاص الحي في اتجاههم، وهو ما أسفر عن إصابة العايدي برصاصة في رأسه، نُقل في إثرها إلى المستشفى، وجرى إقرار وفاته في وقت لاحق.
وبمقتل العايدي، ارتفع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص الجنود والمستوطنين الإسرائيليين في أراضي الضفة الغربية منذ مطلع السنة الحالية إلى 49 قتيلاً، بينهم 10 أطفال وامرأة مسنة.
استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس (الثلاثاء) وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الذي يقوم بزيارة تضامُن رسمية إلى تركيا.
وقالت مصادر في ديوان الرئاسة التركية إن اللقاء جرى بعيداً عن وسائل الإعلام في مقر إدارة الكوارث والطوارئ في العاصمة التركية أنقرة.
وفي وقت سابق أمس، قال كوهين في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، إن إسرائيل ستواصل التضامن مع تركيا وشعبها في هذه الأيام العصيبة، عقب الزلزال الذي ضرب جنوب البلد. وأعرب وزير الخارجية التركي عن شكره لإسرائيل على الدعم والمساعدات التي قدمتها لبلده للتعامل مع الهزات الارضية التي ضربته.
وأضاف أوغلو أن العلاقات مع إسرائيل تمرّ في الوقت الحالي بمرحلة جديدة، ومع ذلك، أعرب عن خشيته من أن يمسّ توسيع المستوطنات في المناطق [المحتلة] بالعلاقات بين البلدين.
أفاد بيان صادر عن ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية بأن رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ كثّف أمس (الثلاثاء) مساعيه لتسوية الأزمة الناجمة عن "خطة إصلاح الجهاز القضائي" التي طرحتها الحكومة الإسرائيلية من خلال وزير العدل ياريف ليفين.
وأضاف البيان أن هرتسوغ اجتمع مساء أمس، على انفراد، بكلٍّ من رئيس كتلة "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد، ورئيس كتلة "المعسكر الرسمي" عضو الكنيست بني غانتس، ورئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء البرلمانية عضو الكنيست سيمحا روتمان من "الصهيونية الدينية".
وأوضح لبيد أنه لن يتنازل عن مطلبه بوقف الإجراءات التشريعية المتعلقة بإدخال تغيير على المنظومة القضائية. كما أبدى غانتس موقفاً مماثلاً، وأكد وجوب منع تسييس القضاء، والعمل على تنظيم التوازن بين السلطات الثلاث والحفاظ على استقلالية الجهاز القضائي من خلال قانون أساس. ومن جانبه، كرّر روتمان دعوته إلى غانتس ولبيد للشروع في حوار من دون شروط مسبقة، إلى حين إقرار مشروع القانون الخاص بهذه الخطة بالقراءة الأولى.
وحثّ هرتسوغ على ضرورة قبول طرحه لاحتواء الأزمة، كما دعا إلى تحقيق توافُق واسع، بقدر المستطاع، لمصلحة دولة إسرائيل ومواطنيها.
من ناحية أُخرى، أعلن منظّمو الاحتجاجات ضد خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإصلاح الجهاز القضائي أمس أنهم سينظمون عدة تظاهرات حتى نهاية الأسبوع الحالي.
وجاء في بيان صادر عن المنظّمين أن الاحتجاجات ستستمر بكل قوة إلى أن يتم وقف الانقلاب على النظام القضائي. وأضاف البيان أن سبب استمرار هذه الاحتجاجات يعود إلى رفض الائتلاف الحكومي وقف التشريعات المتعلقة بخطة إضعاف الجهاز القضائي.
وقال البيان: "في إثر استمرار لجنة الدستور والقانون والقضاء والكنيست في دوس الديمقراطية، يعلن المنظمون أن الاحتجاجات والإضرابات وتعطيل الحركة في الدولة ستتصاعد إلى حين الوقف الكامل لخطة تدمير الديمقراطية الإسرائيلية. إن شعب إسرائيل لن يسمح بتحويل دولته إلى ديكتاتورية. ونحن عازمون على إنقاذ إسرائيل. ونخطط لأيام أُخرى من الإضرابات والنشاطات الحاشدة التي لم يشهدها تاريخ دولة إسرائيل حتى الآن. إن التظاهرة في القدس [التي أقيمت أمام الكنيست أول أمس الاثنين] كانت مقدمة للنشاطات في الأسابيع القريبة المقبلة."
هذا، وناقشت لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست أمس مشروع قانون قدمه رئيسها سيمحا روتمان، وينص على إدخال تعديل على "قانون أساس: القضاء" يقضي بسحب صلاحيات من المحكمة العليا. وبحسب مشروع القانون، في إمكان المحكمة العليا إلغاء قانون، فقط إذا أيّد الإلغاء جميع قضاة المحكمة، البالغ عددهم 15 قاضياً، وفقط إذا كان القانون يتناقض، بوضوح، مع قانون أساس.
وحذّر المستشار القانوني لهذه اللجنة البرلمانية المحامي غور بلاي من أن مشروع القانون سيؤدي إلى تقليص كبير للغاية للرقابة القضائية على عملية سنّ قوانين، وأشار إلى أن من شأنه أن يثير توترات بين القضاة، وأن يؤدي إلى مسّ ثقة الجمهور بالمحكمة.
وكانت لجنة الدستور والقانون والقضاء صادقت أول أمس على تعديلين تشملهما خطة إضعاف الجهاز القضائي، ويتعلق التعديل الأول بتغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة، بحيث تكون فيها أغلبية للائتلاف الحكومي، أما التعديل الثاني، فيتعلق بإلغاء صلاحية المحكمة العليا في النظر أو إلغاء قوانين أساس.
وقال أعضاء كنيست من المعارضة إن الائتلاف الحكومي قام باحتجاز لجنة الدستور والقانون والقضاء كرهينة لرئيسها روتمان ووزير العدل ليفين الذي يقود الخطة، وأكدوا أن اللجنة توقفت عن القيام بأي عمل آخر بسبب حصر المناقشات فيها بشأن خطة إصلاح الجهاز القضائي فقط.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الجندي أسيل سواعد (22 عاماً)، من قوات حرس الحدود، قُتل عند الحاجز العسكري في مخيم شعفاط شمالي القدس الشرقية، في إثر عملية طعن أمس (الاثنين).
وأضاف البيان أن سواعد هو مواطن بدوي من قرية الحسينية في الجليل الغربي، وقد أُعلنت وفاته في مستشفى هداسا في القدس، والذي نُقل إليه وهو في حالة حرجة.
ووفقاً للبيان، صعد سواعد مع حارس أمن مدني إلى حافلة ركاب لإجراء فحص أمني وتفتيش، وعندها قام فتى فلسطيني في الثالثة عشرة من عمره بطعن سواعد بسكين وأصابه بخدوش في رأسه، وحينها، أطلق حارس الأمن النار صوب مرتكب الاعتداء، فأصابت إحدى الرصاصات جندي حرس الحدود عن طريق الخطأ، وتم اعتقال الفتى، ولاحقاً، قامت قوات الجيش بإلقاء القبض على والديه وشقيقه وشقيقته، وفي أثناء ذلك، أُلقيت الحجارة، وحاولت سيارة دهس عناصر الجيش الذين ردوا بإطلاق النار في اتجاه السائق، ولم تقع أي إصابات في صفوف الجنود.
وهذا هو ثاني هجوم يقع في القدس الشرقية خلال ساعات. وسبقه هجوم قام خلاله فلسطيني يبلغ من العمر 14 عاماً من مخيم شعفاط أيضاً بطعن وإصابة مستوطن إسرائيلي بجروح طفيفة في البلدة القديمة في القدس.
ورحّب ناطق بلسان حركة "حماس" بالهجمات في القدس، ووصفها بأنها عمليات بطولية، وبأنها ردّ على قرار تشريع 9 بؤر استيطانية عشوائية في أراضي الضفة الغربية.
- أظهرت السلطة الفلسطينية ضعفاً خلال السنة الأخيرة، لم نشهد له مثيلاً منذ الانتفاضة الثانية، حين فقد الحكم في رام الله جزءاً كبيراً من قدراته، الأمر الذي خلق فراغاً استغلته عناصر القوى المنافسة، وعلى رأسها "حماس". العقدان الأخيران تميزا بإعادة بناء الحكم واستقرار نسيج الحياة في الضفة الغربية، من خلال المحافظة الصارمة للسلطة الفلسطينية على التنسيق مع إسرائيل، والتضييق على خطوات "حماس" في المنطقة، في ضوء درس الصدمة التي تركتها سيطرة "حماس" على قطاع غزة في حزيران/يونيو 2007.
- ضعف السلطة الآن ناجم عن عدة أسباب خارجية وداخلية: الأزمة الحادة مع إسرائيل، والمصحوبة بتصاعُد التوترات الأمنية على الأرض، والعقوبة الاقتصادية من جانب إسرائيل (حسم الأموال المخصصة لدعم أُسر "المخربين" )؛ الصورة السلبية للسلطة، في نظر أغلبية الجمهور الفلسطيني، في ضوء ظواهر الفساد والمحسوبيات وغياب الديمقراطية؛ الخوف المتزايد لدى كبار المسؤولين في السلطة، ولدى الأجهزة الأمنية، من اتهامهم بـ "التعاون" مع إسرائيل، على خلفية التنسيق الأمني معها؛ صعود قوة الجيل الفلسطيني الشاب الذي يعاني جرّاء ضائقات كثيرة، ويشعر بغربة عميقة تجاه السلطة.
- وأبرز تعبير عن ضعف السلطة هو الفراغ الأمني الذي تمدد إلى مراكز مختلفة في الضفة الغربية. وضمن هذا الإطار، نشأت أرض خصبة لـ"الإرهاب" والفوضى بقيادة ميليشيات محلية، إلى جانب حركتيْ "حماس" والجهاد الإسلامي اللتين تعتبران الوضع الناشىء فرصة لتعزيز نفوذهما على الأرض، ومن أجل تشجيع "الإرهاب" ضد إسرائيل في ساحات غير قطاع غزة (وذلك من خلال دعم وتوجيه قيادات الحركتين في غزة). وتبرز هذه الظاهرة جلية في جنين، وبصورة خاصة في مخيم اللاجئين في جنين الذي تحول إلى مركز أساسي لـ"الإرهاب" في الضفة، وكذلك في نابلس، حيث نجح الجيش الإسرائيلي في القضاء على البنية التحتية لـ"عرين الأسود"، ومؤخراً أيضاً، في أماكن هادئة نسبياً، مثل أريحا، حيث جرى الكشف مؤخراً عن شبكة عسكرية تابعة لـ"حماس" بدأت بتنفيذ هجمات.
- في ظل الوضع الراهن، ثمة حاجة مُلحة وفورية إلى استعادة السلطة سيطرتها على الأماكن التي ضعفت فيها، ولكي تؤكد أن "نموذج جنين" لن يتمدد إلى سائر أجزاء الضفة. عملياً، هناك صعوبة في تحقيق هذا الهدف في ظل الأزمة الحادة مع إسرائيل والتصعيد الأمني: فالسلطة الفلسطينية ليس لديها الثقة بقدرتها على فرض إرادتها، الأمر الذي سيترافق مع احتكاكات بالجمهور المحلي (كما حدث في نابلس قبل نصف عام)، والعقوبة الجماعية الاقتصادية تؤذي سير العمل العادي، وخصوصاً دفع رواتب الموظفين في القطاع العام، وفي طليعتهم عناصر الأجهزة الأمنية.
- ضعف السلطة الفلسطينية يثير قلقاً عميقاً لدى الإدارة الأميركية عبّرت عنه من خلال ضغط وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن على أبو مازن في اجتماعهما الأخير لفرض سلطته في منطقة جنين (الأمر الذي جرى الحديث عنه فلسطينياً بـ"خطة دايتون 2")، وفي وثيقة صاغها السي آي إي، وحذّر فيها من مغبة نشوب "انتفاضة ثالثة" في الضفة الغربية. ويبدو أن هناك قلقاً في واشنطن حيال استمرار القطيعة الأمنية والسياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، وتداعيات العقوبات الاقتصادية ضد السلطة، بالإضافة إلى الاستياء من التلميحات التي برزت مؤخراً من جانب مسؤولين كبار في الحكومة، وعلى رأسهم الوزير سموتريتش، بشأن عدم الحاجة إلى وجود السلطة الفلسطينية في المستقبل.
- الضعف المستمر للسلطة، والمترافق مع التصعيد الأمني والضرر المتزايد الذي يلحق بالاستقرار الاقتصادي للضفة الغربية، يمكن أن يؤدي إلى انهيار حاد للواقع الذي كان قائماً منذ أكثر من عقدين في المنطقة. وينبغي الاعتراف بأن السلطة ليست موجودة حالياً بفضل أجندة جذابة أو تأييد شعبي، بل لأنها تمثل، في نظر الجمهور الفلسطيني، كياناً نجح في تأمين نسيج حياة واستقرار حكومي واقتصادي، ومن دونهما، تفقد المبرر الداخلي لوجودها.
- احتمالات استمرار الواقع بصيغته الحالية لفترة زمنية طويلة ضئيلة، من المحتمل أن يستمر (بصعوبة كبيرة) عدة أشهر، أو ربما عاماً، لكنه لا يشكل أساساً لوضع ثابت يسمح لإسرائيل باستقرار أمني. واحتمالات حدوث مبادرات فلسطينية من نوع "إعادة المفاتيح" إلى إسرائيل ضئيلة أيضاً، لأن أغلبية المسؤولين الكبار في الحكم في رام الله يتوقون إلى استمرار صمود السلطة، ويدركون أن عدم وجودها سيسبب لهم ضرراً كبيراً، ويتخوفون من عودة سوابق من الماضي، مثل الانتفاضة الثانية، أو سيطرة "حماس" على القطاع.
- السيناريوهان الأكثر معقولية هما الانهيار والاضمحلال، أي توقُّف عمل السلطة، في ضوء المصاعب الاقتصادية في تشغيل أجهزة الحكم، وخصوصاً في تأمين الحاجات العامة وتشغيل البنى التحتية المدنية ودفع الرواتب، وفرض النظام العام. وهذان السيناريوهان لن ينتجا من تصريحات أو خطط منتظمة، لكن على الرغم من ذلك، فإنهما يمكن أن يتحققا: السيناريو الأول سيتحقق بسرعة كبيرة، ويمكن أن يكون مصحوباً بفوضى، ويُلحق الضرر بالمؤسسات، وبرموز الحكم (ظاهرة عرفتها دول المنطقة في فترة الربيع العربي)، والسيناريو الثاني يمكن أن يتحقق، بالتدريج، نتيجة "احتضار بيروقراطي" تختلف شدته بين المناطق الجغرافية وبين مناطق السيطرة.
- بالنسبة إلى إسرائيل، ينطوي هذان السيناريوهان على تداعيات استراتيجية مهمة جداً. في المدى المباشر، يمكن أن يخلقا مخاطر أمنية، مثل ارتفاع حجم "الإرهاب"، سواء من جانب نشطاء الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي قد تضعف وتتفكك، أو من خلال صعود قوة "حماس". في المدى البعيد، يمكن أن ينشأ فراغ حكومي يجبر إسرائيل على تحمّل مسؤوليات مدنية حيال الجمهور الفلسطيني، وعملياً سيعيدها، جزئياً أو بصورة كاملة، للقيام بدور الحاكم العسكري، كما كان عليه الوضع قبل قيام السلطة الفلسطينية، وهو ما سيقرّبها، من دون إرادة منها، أو تخطيط، إلى واقع الدولة الواحدة.
- إن ضعف وضع السلطة يجب أن يكون في وسط صورة الوضع والسياسات التي يصوغها متّخذو القرارات بشأن القضية الفلسطينية. في المدى المباشر، يجب تأمين هدوء نسبي قبيل شهر رمضان (22 آذار/مارس) وخلاله، ومن أجل هذه الغاية، من الضروري إيجاد السبل من أجل عودة التنسيق الأمني الكامل والتخفيف من الأزمة الحادة مع السلطة، من خلال الاستعانة بالإدارة الأميركية، وكذلك مع لاعبين أساسيين عرب، وعلى رأسهم الأردن ومصر. بالإضافة إلى ذلك، ننصح بفحص تقييد أو تعليق العقوبات الاقتصادية على السلطة في وقت قريب، والامتناع من تسريع البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، والذي سيواجَه بردّ عنيف من جانب المجتمع الدولي. ويجب أن يترافق كل هذا مع التشدد في التعامل مع "حماس" التي تقف وراء جزء كبير من الأعمال "الإرهابية" والتحريض في الضفة الغربية، وفي القدس، وحتى داخل المجتمع العربي في إسرائيل، ويجب أن يشمل هذا البادرات المدنية المقدمة إلى القطاع.
- يتعين على متّخذي القرارات مواجهة خلاصتين استراتيجيتين. الأولى – أن التركيز على خطوات رمزية - من ملاحقة الأعلام الفلسطينية، مروراً بإقامة بؤر يجري إخلاؤها بسرعة في الضفة الغربية، وصولاً إلى زيارات إلى الحرم القدسي - يمنع صوغ استراتيجيا عميقة وبعيدة المدى في الموضوع الفلسطيني - ويمكن أن يحوّل الانتباه والجهد إلى مسائل وجودية أُخرى، في طليعتها النووي الإيراني. الخلاصة الثانية - والأكثر أهمية - هي أنه على الرغم من الموقف الحاد الذي تقفه السلطة الفلسطينية حيال إسرائيل، فإنها تبقى الأقل سوءاً، لأن عدم وجودها سيضع إسرائيل أمام بدائل أكثر سوءاً بكثير، بدءاً من سيطرة "حماس" على الضفة، مروراً بواقع الدولة الواحدة الذي يهدد صورة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.
- ليس من الصعب تخيُّل ما كانت ستقوم به معارضة يمينية، بعد الأحداث الذي جرت خلال الأسابيع الماضية على الساحة الفلسطينية، لو كانت لا تزال حكومة "يسار - وسط" في الحكم. فمنذ بداية العام الحالي، ومع تأليف الحكومة الجديدة، قُتل 10 مواطنين في عمليتين، وحدثت عدة عمليات طعن في الضفة، بالإضافة إلى إطلاق ما يقارب 30 قذيفة من قطاع غزة. قتيل إضافي هو شرطي "حرس الحدود" أسيل سواعد، الذي تم إطلاق النار عليه بالخطأ من حارس مدني خلال محاولة تنفيذ عملية أول أمس (الاثنين) على حاجز شعفاط.
- عملياً، لا يوجد فرق حقيقي في العمليات العسكرية التي قامت بها الحكومتان. فترة "الإرهاب" الحالية، التي لا يمكن تسميتها "موجة" فقط، بدأت في آذار/مارس من العام الماضي، خلال ولاية الحكومة السابقة. من جانبها، ردت إسرائيل بتعزيز قواتها في الضفة الغربية، وحملات اعتقالات واسعة، وترميم الجدار الفاصل ومنطقة خط التماس - وحققت إنجازات محدودة فقط. وبحسب المؤسسة الأمنية، فإن خطواتها الهجومية والدفاعية، منعت الكثير من العمليات الواسعة. وهناك ادّعاء آخر يشير إلى أن الاحتكاك المباشر في أماكن، كجنين ونابلس، لا يردع بالضرورة "المخربين" المقبلين، بل يدفع إلى الانتقام، ويعزز دائرة الدم.
- خلال النقاشات مع المستوى السياسي، تطرح أجهزة الأمن، وضمنها الجيش والشاباك والشرطة، موقفاً مشابهاً: دعونا نقوم بما قمنا به حتى الآن - اعتقالات، وتعزيز قوات وعمل استخباراتي صبور. النتائج ستصل تباعاً. كل محاولة لفرض عقاب جماعي على الفلسطينيين، أو إعلان القيام بحملة عسكرية وشرطية كبيرة (على نمط السور الواقي 2 وما يشابهه)، سترتد علينا، ويمكن أن تؤدي إلى الانفجار، عشية شهر رمضان، بعد 5 أسابيع. هذا التوجه يحظى بدعم مَن يقوم بوضع السياسات فعلاً - رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت. لذلك، حتى اللحظة، لم يحدث أي تغيير حقيقي في الخطوات الإسرائيلية لكبح الهجمات.
- لكن، وفي الوقت نفسه، نتنياهو يرتبط بشركائه من اليمين المتطرف ليستمر في هجومه على طريقة الحكم "الديمقراطية"، في إطار الانقلاب القضائي. ولأنه لا يريد أن يزعزع الوضع العسكري، فإنه يعوّض عن ذلك بخطوات استثنائية في مجال الاستيطان. هذا هو السبب الذي دفعه الأسبوع الماضي إلى المصادقة على خطوات واسعة في الكابينيت في مجال توسيع البناء الاستيطاني في الضفة: المصادقة على تشريع 9 بؤر غير قانونية، ستتحول بشكل استثنائي بقرار الحكومة إلى بلدات كاملة، وبدء الدفع بخطة واسعة لبناء 9000 وحدة استيطانية. هذه الخطوات ستكلف الكثير من المواجهة مع الإدارة الأميركية والدول الأوروبية، ويبدو أن الأهم بالنسبة إلى نتنياهو، هو شعور وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالرضى.
- يبدو أن مَن يواجه صعوبات في الموازنة ما بين اللهجة الحادة للحكومة تجاه الفلسطينيين وبين سياساتها العملية، هو العضو الجديد في الحكومة، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. الوزير المسؤول عن الشرطة يُغرق نتنياهو بالطلبات والمبادرات إلى عمليات جديدة، ولا يحصل على ردود إيجابية إلاّ في القليل من الأحيان. وكبديل من ذلك، يحاول تضخيم العمليات التي تجري ويعطيها أبعاداً دراماتيكية، إذ يقوم بتصوير كل عملية اعتقال روتينية، أو هدم منزل في شرقي القدس، على أنه رد صهيوني حاد ضد "الإرهاب". أما بشأن كل ما يخص "مصلحة السجون" الموجودة تحت صلاحيته، فإنه يختار في كل فرصة طريقة العمل الأكثر سخافة. في الأسبوع الماضي، كان القرار الذي منع الأسرى من الخبيز؛ وبالأمس، تم نشر قرارات إضافية: المياه الساخنة في حمامات الأسرى "الأمنيين" ستحدد بـ4 دقائق فقط. وهذا، بعد الحديث عن صدمة الوزير عندما عرف بكميات "التبذير" في المياه في الأقسام "الأمنية" في السجون.
- يمكن السخرية من اهتمامات وزير الأمن القومي السخيفة. بن غفير يستخدم صحافيين مضللين إلى حد ما، منذ أن كان ناشطاً في شباب كهانا في منتصف التسعينيات. والآن أيضاً، حصل في أعقاب القرارين على عنوانين في الصفحة الأولى يقدمان له الثناء، الأول في صحيفة "إسرائيل اليوم"، والثاني في "يديعوت أحرونوت".
- إذا كانت هذه هي المشكلة، فيمكن تجاهُل استفزازاته والعودة إلى الروتين. لكن ما يقوم به بن غفير له أثمان. عندما صمم على "زيارة" المسجد الأقصى، في بداية كانون الثاني/يناير، كان الثمن إلغاء زيارة نتنياهو إلى الإمارات، وهي زيارة أرادها بشدة. أما الأسرى الفلسطينيون، فيهددون الآن بإعلان إضراب، عشية شهر رمضان، احتجاجاً على التضييقات.
- من الممكن أن يحدث ما حدث سابقاً، تتدخل الاستخبارات المصرية بهدوء من وراء الكواليس، لتهدئة الفلسطينيين وعدم أخذ تهديدات بن غفير بجدية، ويتم وقف الإضراب. ولكن دائماً يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الأمور يمكن أن تخرج عن السيطرة، وخصوصاً أن نتنياهو مشغول بالكثير من المهمات والمبادرات. التاريخ يثبت أنه، وفي أغلب الأحيان، ينجر الإسرائيليون والفلسطينيون إلى مواجهة عسكرية، من دون قرار أو خطة مسبقة، إنما كنتيجة لسلسلة من التراكمات والمواجهات المحلية التي تؤدي إلى التصعيد بالتدريج.
هدف ذاتي آخر
- إن لم يكن هذا كافياً، يبدو أن بن غفير أراد المساهمة أيضاً في الحادثة المخجلة في الخليل. الجيش، مؤسسة تصر أحياناً على عدم التعلم من أخطائها، وقع في الفخ ذاته للمرة الثانية، حين قام جندي من وحدة "غولاني" بالاعتداء أول أمس على الناشط الفلسطيني، ابن الخليل، عيسى عمرو. إذا كان اسم الفلسطيني مألوفاً، فذلك لأنه كان مرشداً قبل شهرين تقريباً لجولة قامت بها مجموعة إسرائيليين، ناشطي سلام متدينين، وجرت مناوشات بينه وبين جنود من وحدة "غفعاتي"، فاعتدى عليه أحد الجنود. كانت هذه الحادثة المشهورة نفسها التي في أعقابها حوكم الجنود- الجندي الذي اعتدى بالضرب وصديقه الذي شرح للكاميرا أن "بن غفير سيأتي ويقوم بترتيب الأمور". حينها، بن غفير الذي شعر بالثناء، ذهب والتقط صوراً مع والد الجندي، وفي الوقت نفسه، قام بمهاجمة ضباط الجيش.
- الحادثة كما يبدو، لم تُذكر خلال تبديل الورديات ما بين "غولاني" و"غفعاتي". وأكثر من ذلك، هذه المرة تغلّب الجيش على نفسه، ولم يتم تصوير الاعتداء بكاميرا عادية، إنما بكاميرا الحائز على جائزة "بوليتسر"، الصحافي لورانس رايت من مجلة "نيويوركر". رايت، وبشكل عادل، أجرى مقابلة بالأمس، بهدف تعزيز رواية عمرو التي تفيد بأنه تم الاعتداء عليه عمداً من الجندي في "غولاني". ولا أقول أبداً إن الواقع الأمني الذي يفرضه الجيش في الخليل سهل الشرح ومقنع - انظروا إلى الفيلم الوثائقي الجديد "الخليل: مختبر السيطرة"، من إخراج عيديت أبراهامي ونوعام شيزاف- لكن الجيش نجح في تسجيل هدف إضافي ضد نفسه في الصراع على "الدعاية".
- وزير الأمن القومي أيضاً يرفض تعلُّم الدرس. يبدو أنهم نسوا تعليمه أنه الآن جزء من الإدارة، فخرج بن غفير سريعاً للتغريد ببيان إدانة للجيش، قائلاً "مخجل ومخزٍ"؛ مضيفاً "أدعم الجندي بكل قوة لأنه لم يصمت. يجب أن يحصل الجنود على الدعم، وليس السجن." يبدو أنه من الصعب الشرح كيف تسير الأمور لمن لم يخدم يوماً في الجيش، ولكن بذلك، يقوم بن غفير بتخطّي السلسلة الهرمية للجيش. زملاء الجندي في "غولاني" تصلهم الآن رسائل مفادها أن في الخليل يوجد هرميتان قياديتان: الأولى القيادة العسكرية التي أرسلتهم إلى السجن - والثانية التابعة لبن غفير ومجموعته، التي تشجعهم على فعل ما يشاؤون. قريباً، سيلمح لهم بن غفير أن في الإمكان التخلص من مظاهر القضاء والسجن العسكري أيضاً.