مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قالت مصادر رفيعة المستوى في قيادة الشرطة الإسرائيلية إنه تم إطلاق سراح جميع المستوطنين المشتبه فيهم بارتكاب أعمال العنف والشغب في بلدة حوارة في الضفة الغربية ليلة الأحد الماضية، والذين اعتقلتهم القوات الأمنية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قوات الجيش والشرطة اعتقلت 8 من المشتبه فيهم ليلة الأحد بسبب تورطهم في الهجوم الذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة العشرات وإحراق عشرات المنازل والسيارات في البلدة الفلسطينية. وتم إطلاق سراح 6 منهم صباح يوم الاثنين، وأُطلِق سراح الأخيريْن صباح أمس (الثلاثاء)، وجرى وضعهما قيد الإقامة الجبرية.
ولم ترِد أنباء عن اعتقالات أُخرى على خلفية أعمال العنف.
بالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر الرفيعة نفسها إن الشرطة الإسرائيلية ليس لديها معلومات عن تورُّط ضباط في مقتل الشاب الفلسطيني سامح أقطش (37 عاماً) في قرية زعترة المجاورة خلال أعمال العنف في حوارة ليلة الأحد.
وكان مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى أشار في وقت سابق إلى أن الجنود الإسرائيليين لم يشاركوا في إطلاق النار الذي أدى إلى مقتل أقطش، في حين تؤكد عائلته أنه أصيب برصاص قوات الجيش الإسرائيلي، وأن الجنود أطلقوا النار عليه بينما كانت الأسرة تحاول الدفاع عن نفسها في مواجهة أعمال العنف.
شجبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك الهجمات التي تستهدف مستوطنين إسرائيليين، وأكدت أنه ما من مبرّر لمثل هذه الجرائم، وفي الوقت عينه، قالت إن أعمال الانتقام لا تؤدي إلا إلى تفاقُم التوتر القائم، ولذا، من الضروري تقديم المسؤولين عن أعمال العنف في بلدة حوارة الفلسطينية إلى العدالة.
وأضافت بربوك في سياق تصريحات أدلت بها إلى وسائل إعلام خلال مؤتمر صحافي مشترك عقدته مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في القدس أمس (الثلاثاء)، أنها تشعر بالقلق حيال التعديلات في منظومة القضاء في إسرائيل، مشيرةً إلى أن الديمقراطية تحتاج إلى محاكم مستقلة يمكنها أيضاً مراجعة قرارات الأغلبية في الحكومة.
وأكدت بربوك أن بلادها تعارض بشدة عقوبة الإعدام، وذلك في ضوء تصويت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون عقوبة الإعدام اليوم (الأربعاء). وقالت في هذا الصدد: "إننا ندرّس طلابنا في المدارس دائماً أن الحالة الوحيدة التي صدر بشأنها حُكم عقوبة الإعدام في إسرائيل كانت قضية أدولف أيخمان [أحد ضباط النازية]. لهذا السبب أعتقد أن سنّ قانون عقوبة الإعدام سيكون خطأً فادحاً."
ورداً على سؤال أحد الصحافيين الألمان في المؤتمر الصحافي بشأن التعديلات القضائية في إسرائيل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إن التعديلات القضائية ستعزز الديمقراطية الإسرائيلية في نهاية المطاف. ورداً على سؤال آخر لصحافي ألماني إن كان يدين غزو روسيا للأراضي الأوكرانية، قال الوزير كوهين: "إننا ندين العدوان الروسي بالطبع، ونبذل قصارى جهدنا من أجل أوكرانيا."
ودعا كوهين ضيفته الألمانية إلى استخدام نفوذها لدى القيادة الفلسطينية لتعمل على وقف أعمال العنف والإرهاب ضد المستوطنين والتوقف عن دفع الرواتب والمبالغ المالية لمن ارتكبوا جرائم ضد يهود. وأكد كوهين أن إسرائيل تبذل كل جهد مستطاع لوقف مظاهر العنف، مشدّداً على أن إسرائيل دولة قانون، وكل مَن يرتكب أعمال قتل يُحاكَم ويُعاقَب قانونياً.
وفي ختام المؤتمر الصحافي أكد الوزيران ضرورة التصدي للمشروع النووي الإيراني الذي يشكل خطراً على العالم أجمع. وطلب الوزير كوهين من الوزيرة الألمانية إدراج تنظيم "الحرس الثوري الإيراني" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في ألمانيا وأوروبا ككل.
اتهمت مصادر أمنية رفيعة المستوى الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وأعضاء كنيست من حزبيهما [الصهيونية الدينية و"عوتسما يهوديت"] بدعم المستوطنين مثيري الشغب في بلدة حوارة الفلسطينية والدفع نحو مزيد من التصعيد في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
وقال أحد هذه المصادر الأمنية لصحيفة "يسرائيل هيوم" إن أحداث حوارة كانت منظمة جيداً، وأوضح أن المستوطنين دخلوا إلى البلدة وهم يحملون زجاجات حارقة مُعدة مسبقاً. وأضاف أنه بأعجوبة لم تنتهِ هذه الأحداث كما انتهت المذبحة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل قبل أعوام عديدة. وأشار المصدر إلى مساندة المستوى السياسي للضالعين في أحداث حوارة، وإلى أنه تم الإفراج بسرعة عن 6 من المشتبه فيهم من المستوطنين من أصل 8 تم توقيفهم على ذمة التحقيق.
قدّم رئيس حزب "نوعام" الديني المتطرف، وخصوصاً في قضايا الدين والدولة، آفي معوز، الليلة قبل الماضية، استقالته من منصب نائب وزير في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وذلك احتجاجاً على عدم منحه صلاحيات حقيقية في قضايا الدين والدولة كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تعهد منحه إياها في إطار اتفاقية الائتلاف الحكومي المبرمة معه.
وأثار معوز عند تعيينه في منصبه عاصفة في إسرائيل، حتى داخل معسكر اليمين الإسرائيلي، بسبب مواقفه المتطرفة والظلامية إزاء كل ما يتعلق بعلاقات الدين والدولة، وحربه ضد المثليين، ووضعه "قوائم سوداء" بأسماء شخصيات مشهورة في الإعلام والثقافة يدعو إلى محاربة أصحابها بسبب ميولهم الجنسية.
وعلى الرغم من أن معوز يتزعم حزب "نوعام"، الذي خاض الانتخابات العامة الأخيرة ضمن تحالُف "الصهيونية الدينية"، فإن قوته البرلمانية هي عضو واحد فقط من أصل ائتلاف واسع يمتلكه نتنياهو، مؤلف من 64 عضو كنيست، وبالتالي فإن استقالته من منصبه، وليس من الائتلاف الحكومي كما حرص على أن يؤكد ذلك بنفسه، لا تشكل أزمة، أو خطراً على الحكومة الحالية.
انتقد عضو الكنيست تسفيكا فوغل، من حزب "عوتسما يهوديت"، بشدة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وأكد أن تصوُّرهما للأمن في المناطق الفلسطينية [المحتلة] خاطئ.
وأضاف فوغل في سياق مقابلة أجرتها معه إذاعة "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أمس (الثلاثاء)، أن حزبه لن يفكك الحكومة، لكنه سيواصل الضغط من أجل التحرك.
وقال فوغل: "أدرك أننا بحاجة إلى تعامُل مغاير وشنّ هجمات مختلفة. إن الجنود والضباط في الميدان ممتازون، لكن المستوى القيادي الأعلى منهم يفكر بشكل مختلف. إن رئيس الحكومة ووزير الدفاع عالقان في مفهوم وتصوُّر خاطئين، إلى جانب جزء كبير من المؤسسة الأمنية. لن نحصل على السلام في مقابل أكياس من الدولارات وإجراءات حُسن النيات، بل ينبغي العودة إلى نهج الضربات المركزة. وينبغي التخلص من قادة حماس والجهاد [الإسلامي] لكي يدركوا أن السبيل الوحيد للعيش إلى جانبنا هو من دون تهديدات ولا سلاح."
وكان فوغل أدلى بتصريحات إلى وسائل إعلام عقب أعمال العنف والشغب التي قام بها عدد من المستوطنين في بلدة حوارة ليلة الأحد، قال فيها: "إن حوارة تحترق، وهذا بالضبط ما أريد أن أراه."
وجّه الصحافي الأميركي من أصل يهودي توماس فريدمان، في سياق مقال نشره في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أمس (الثلاثاء)، نقداً حاداً إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على خلفية الخطة الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي.
ورأى فريدمان في مقاله الذي حمل عنوان "نتنياهو يخرب المجتمع الإسرائيلي"، أن رئيس الحكومة يعمل من أجل تفكيك الجهاز القضائي وتدمير استقلاليته للهروب من وجه العدالة، ولتحقيق ذلك، فإنه يمنح شركاءه المتعصبين والمتطرفين قوة من دون أي ضوابط، ليعملوا كل ما تسوّله لهم أنفسهم.
واعتبر فريدمان، وهو محسوب على يسار- الوسط، أن نتنياهو يجازف أيضاً باندلاع حرب أهلية بسبب مصالحه ونزواته الشخصية.
أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير صادر عنها أمس (الثلاثاء) أنها رصدت في إيران جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7%، أي أقل بقليل من نسبة 90% الضرورية لإنتاج قنبلة نووية.
وأوضحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنه تم اكتشاف الجزيئات بعد جمع العينات في كانون الثاني/يناير الماضي في منشأة فوردو، مؤكدةً بذلك معلومات أدلت بها مصادر دبلوماسية.
وطلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية توضيحات بهذا الشأن، مشيرةً إلى أن المشاورات لا تزال قائمة لتحديد مصدر هذه الجزيئات، بموجب ما أضاف التقرير الذي سيُعرض الأسبوع المقبل أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
في المقابل، قالت طهران التي تنفي نيتها الحصول على سلاح نووي، في سياق رسالة وجهتها إلى الوكالة، إن ما حدث هو تراكُم غير مقصود بسبب صعوبات تقنية في أجهزة الطرد المركزي التي تُستخدم في التخصيب.
وكانت طهران أكدت الأسبوع الماضي أنها لم تقُم بأي محاولة تخصيب فوق الـ60%. وأوضح الناطق بلسان منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أن وجود ذرة أو ذرات يورانيوم أعلى من 60% في أثناء عملية التخصيب لا يعني تخصيباً فوق الـ 60%.
وتأتي هذه التقارير وسط تعثُّر المحادثات الرامية إلى إحياء اتفاق دولي أُبرم سنة 2015 للحدّ من النشاطات النووية الإيرانية في مقابل رفع عقوبات دولية مفروضة على طهران.
- الأزمة السياسية - القضائية قد تبدو فرصة واعدة بالنسبة إلى المجتمع الإسرائيلي. وهي تتزامن مع التحرك التكتوني للكتل البرلمانية في إسرائيل، بصورة تُسرّع بالأساس عملية إيجابية تكسر البنية المشوهة للتحالفات الكبرى التي جمعت الوسط -اليسار مع الأحزاب العربية في جهة واحدة من المتراس، في مواجهة اليمين المقاتل والحريديم والحردلييم [تيار يجمع بين الحريدية وبين الصهيونية الدينية] في الجهة الأُخرى. هذه البنية مشوهة وتُقوّض الطابع اليهودي والديمقراطي لدولة إسرائيل، لأن الوسط-اليسار واليمين على حد سواء مرتبطان بأطراف غير صهيونية، أو معادية للصهيونية، التزامهم بالديمقراطية مشكوك فيه.
- هذه التحالفات الكبرى نراها تتفكك أمام أعيننا. في الجناح اليساري، عملية انفصال الأحزاب العربية عن الدولة اليهودية حشدت كتلة حاسمة لم تظهر أهميتها بصورة كاملة. في الجناح اليميني، تثير الاتفاقات الائتلافية نفوراً من الحريديم والحردلييم، من المتوقع أن ينضج سياسياً في الأعوام القادمة. ناخبو الوسط-اليسار لن يقبلوا طويلاً الارتباط بالذين يبررون "الإرهاب"، ويطلبون فعلياً من الجمهور اليهودي الانتحار الوطني، تحت شعار "المعتدلين" (أيمن عودة)، والكلام عن "المساواة الوطنية" للعرب. ناخبو اليمين يكشفون الآن للمرة الأولى وبقوة مطالبة الحريديم بالعيش على حساب السكان المنتجين والعاملين، وسعي الحردلييم نحو دولة الهلاخاه. وجزء كبير من القاعدة الانتخابية لليكود لن يوافق على ذلك.
- إن قيم وحاجات المعسكر الأكبر الذي يقف في وسط الساحة السياسية لا يمكن أن يؤمنها سوى ائتلاف يعتمد على حزبين صهيونيين كبيرين، من دون الاعتماد على انفصاليين حريديم، وقوميين عرب ومسيانيين يهود. فهؤلاء في إمكانهم المشاركة فقط على مستوى صغير يجبرهم على قبول أولويات بناة المجتمع والبلد.
- حكومة بينت - لبيد أثبتت أن اليسار واليمين – حتى زئيف إلكين (الليكود) ونيتسان هوروفيتس (ميرتس) - قادران على صوغ قاسم مشترك، لأن أغلبية الجمهور المنتج والصهيوني غير منقسمة حول مسائل قيمية أخلاقية واجتماعية - اقتصادية أو أمنية. على مستوى القيم، لا يوجد في تيار الوسط يائسون من الديمقراطية، أو من الهوية اليهودية. على المستوى الاجتماعي - الاقتصادي، ليس هناك الكثير من الاجتماعيين العقائديين أو الرأسماليين "الخنازير"؛ هناك توترات يمكن تجسيرها من خلال توازنات داخلية في دولة رفاه. على المستوى الأمني - الاستراتيجي، لا يوجد خلاف حقيقي بشأن موضوع إيران. في المسألة الفلسطينية، هناك اتفاق على عدم وجود تسوية تاريخية في وقت قريب، وأن الرفض والتحريض وإدمان الفلسطينيين "الإرهاب" أمور بنيوية. ومع الأسف، الخلاف بشأن مستقبل الضفة الغربية لا حل له.
- الأزمة الحالية بشأن مكانة السلطات القضائية هي في جوهرها بين مجموعتين سياسيتين تطمحان إلى السلطة. من جهة، هناك سياسيون في أثواب قضاة سعوا طوال 30 عاماً، باسم القانون، من أجل فرض قيَمهم وأولوياتهم ومكانتهم من دون رقابة عامة على عملهم. وفي المقابل، هناك سياسيون انتخبهم الجمهور يريدون الآن، باسم الناخب، فرض إرادتهم من دون رقابة قضائية حقيقية على حدود شرعية صلاحياتهم. الصراع العاصف الدائر بينهما يعرّض الديمقراطية للخطر. هو يجري بأدوات شرعية، ويمكن أن يزداد حدة عندما يجري التوصل إلى تسوية من خلال صراع قاسٍ وشرس، يفرض على السلطات العودة إلى التوازن والرقابة على سيطرتها.
- الطريق إلى التسوية ضروري، على الرغم من الواقع المعقد، وهي ستشمل فصولاً بشعة والنزول عن الأشجار العالية والتخلي عن الشعارات الغبية. وهذا أمر مطلوب لأنه بعد وقت ما المعسكران بحاجة إلى بضعهما البعض من أجل تأليف حكومة فاعلة تعكس حركة الصفائح التكتونية للمجتمع والسياسة في إسرائيل.
- الأحداث القاسية التي وقعت في حوارة، وتلك التي تعرّض لها الجنود في لواء بنيامين وفي شفي شومرون، تدل على توجّه: ارتفاع يُقدَّر بأكثر من 50% في الجريمة القومية وفي حوادث الإرهاب اليهودي. تقول أوساط أمنية إنه يسود شعور وسط مثيري الشغب بأنهم مدعومون من الحكومة، لذلك هم أكثر جرأة. يجري هذا التوجه على خلفية تصاعُد الهجمات التي يقوم بها الفلسطينيون والإحساس بالإحباط والانتقام الناجميْن عنها، إلى جانب الشعور بأنه "مسموح لنا أكثر". ويتجلى هذا الأمر في ارتفاع عدد حوادث "الإرهاب" والجريمة القومية على الأرض.
- هذا الموضوع يشغل المؤسسة الأمنية كثيراً، وله ثمن واضح: فهو يحول الانتباه والنشاط العملاني من أجل معالجة أحداث من هذا النوع لدى حدوثها، أو لمنعها. وكل جندي وشرطي يعمل في المواجهة على لجم الجريمة القومية وكبح هجمات الإرهاب اليهودي يكون على حساب من يعمل على إحباط عمليات "الإرهاب" الفلسطينية. وتدرك المؤسسة الأمنية كلها هذا الوضع الإشكالي.
- التوقعات من المستوى السياسي مفهومة، وهي لا تقتصر على إدانة هذا الهجوم أو ذاك، بل العمل الفعال والتحدث مع الناس على الأرض وخفض ألسنة اللهب من خلال معرفتهم بالمنظمات والامتناع من الدعوة علناً إلى التحريض الذي يمنع التهدئة على الأرض. وهذا أمر مهم بالنسبة إلى أعضاء الكنيست وكبار الحاخامين، وأعضاء في مجلس يهودا والسامرة، الذين دعوا في الأمس إلى التهدئة. فهم يدركون خطورة الوضع، وأنه قد ينقلب عليهم في النهاية.
- مع ذلك، وعلى الرغم من كل شيء، فإنه لا يوجد هنا خسارة كاملة للسيطرة. الحادث في حوارة لا يزال حساساً، ولم يجرِ الاستعداد له جيداً، إذ لم تدرك المؤسسة الأمنية ضخامة الحدث، ولم تدفع بما يكفي من القوات لكبح مَن خطّط له. إحدى الخلاصات التي جرى استنتاجها هي تكثيف القوات - جرى نقل 4 كتائب إضافية إلى الضفة الغربية. جزء منها يعمل من أجل لجم هذا التوجه وحوادث من هذا النوع.
- تصاعُد الاحتكاكات بين الجنود والمستوطنين يُقلق المؤسسة الأمنية كثيراً. الهجوم على جنود لواء بنيامين، ومحاولة دهس مقاتلين من سييرت غولاني بالقرب من مستوطنة شفي شومرون في الأمس يشكلان سابقة خطِرة جداً لأنها تمس بالعمليات الجارية ضد الإرهاب.
- تم تعريف اللقاء الذي عُقد في العقبة في الأردن أول أمس، وشارك فيه ممثلون لإسرائيل ومصر والأردن والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية، أنه لقاء أمني وليس سياسياً، الهدف منه البحث في سبل التعاون لوقف الانجرار إلى التصعيد الأمني في الضفة وقطاع غزة. ويبدو أن المقصود لقاء يجمع بين أطراف يهمها تحقيق هدف مشترك - ليس فقط منع اشتعال الضفة، بل وقف امتداد هذه النار إلى الدول المجاورة.
- في الأيام العادية، أي حتى قبل ثلاثة أشهر، كانت مثل هذه النقاشات يجري بصورة ثنائية. إسرائيل تبحث مع مصر في الشؤون الخاصة بغزة وإعادة الإعمار، وتبادُل الأسرى مع الجنود الإسرائيليين المختطفين؛ أما مع الأردن، فكانت اللقاءات تتطرق إلى الحرم في المسجد الأقصى، حيث للأردن مكانة خاصة؛ ومع السلطة الفلسطينية، حين كانت تجري لقاءات كهذه، كانت تتطرق إلى التعاون والتنسيق الأمني.
- لكن بعد بدء ولاية حكومة نتنياهو وتوزيع حقائب وزارية مركزية على اثنين من ممثلي الأحزاب اليهودية المتطرفة، والتصريحات النارية بخصوص تشريع 9 بؤر استيطانية وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية، ونقل صلاحيات الحكم في الضفة من الجيش إلى وزراء وموظفين "مدنيين"، كان من الواضح أن الحوار الأمني الثنائي بين إسرائيل وكل دولة من الدول منفردة - لا يكفي. التهديد السياسي - الأمني لنسيج العلاقات الحساسة أصلاً بين إسرائيل والأردن دفع برئيس الحكومة نتنياهو إلى زيارة عمّان بصورة طارئة والالتزام بعدم تغيير مكانة المملكة في حرم المسجد الأقصى.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن زيارة نتنياهو لم تؤدّ إلى إزالة الشكوك. الجهود الإسرائيلية لحصر هذه العلاقة بالحرم في المسجد الأقصى فقط تتجاهل التطورات العنيفة التي تحدث في الضفة، إن كان في جنين أو جنوبي الخليل، والتي تؤدي مباشرة إلى ارتدادات في المملكة. ما يجري في الأردن بات معروفاً - في البداية تظاهرات ترفع شعارات ضد الاحتلال الإسرائيلي، تحصل مباشرة على الشرعية. بعد وقت قصير، تتحول إلى تظاهرات ضد السياسة الاقتصادية للحكومة التي تحاول مواجهة البطالة والفقر.
- أدوات الضغط التي يملكها الأردن للتأثير في السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية محدودة. الأردن ليس الإمارات التي منحت نتنياهو هدية ثمينة جداً، كاتفاقيات التطبيع والاتفاقيات التجارية بالمليارات. وعلى عكس أبو ظبي، عمّان ليست شريكة ممكنة في المعركة ضد إيران. لذلك، يحتاج الأردن إلى حزام أمان عربي أكثر اتساعاً كي يستطيع الدفاع عن نفسه من التهديد القادم من الغرب.
- وفي الوقت نفسه، قال مسؤولون مصريون لوسائل إعلام عربية إن النظام في القاهرة لا يعتمد على نتنياهو، ويعتقد أنه لا يستطيع الالتزام بالاتفاقيات التي تم توقيعها بين الدول. تتخوف مصر من ألا تسمح لها حكومة نتنياهو بالقيام بدورها الثابت كوسيط في مقابل "حماس"، وتقلّص الحركة التجارية ما بين إسرائيل وغزة، وتدفع إلى التصعيد في السجون، وهو ما يؤدي إلى تمرُّد الأسرى. التخوف الأساسي لدى المصريين هو من قيام الحكومة بدفع كلٍّ من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى زاوية يصعب فيها على النظام المصري مساعدتهما. مصر التي لم تدعِ نتنياهو بعد إلى زيارتها، تدير علاقاتها مع إسرائيل عبر المسؤولين في الجيش والشاباك، وتشكو من أنها لا تحصل على إجابات متواصلة من المستوى السياسي.
- أما الولايات المتحدة التي تملك بيدها كافة أدوات الضغط المهمة، السياسية والاقتصادية والأمنية، فإنها دانت خطة الانقلاب القضائي وحذّرت منها، وفي الوقت نفسه، تلقّت الكثير من الانتقادات من أغلبية الوزراء في الحكومة، الذين أشاروا إلى أن تدخّلها يُعد تدخّلاً وقحاً في الشؤون الداخلية الإسرائيلية. واشنطن تتفادى حالياً الدخول في مواجهة مع الحكومة في مجال "القيم المشتركة" للدولتين، وتكتفي حالياً بوضع خطوط حمراء بشأن موضوع المستوطنات والبؤر، وكأن لا علاقة بين المهزلة القضائية والنظامية التي تقوم بها الحكومة وبين الاستعراضات في الضفة. هذا الموقف المتهاون يضع الولايات المتحدة في الصف نفسه مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والسعودية والإمارات، إذ لا تهتم هذه الدول كثيراً بما يجري في نظام الحكم في إسرائيل، بشرط ألا يؤثر ذلك في فتيل النار الذي بدأ يشتعل في الضفة والقدس وقد يمتد إلى عواصمها.
- هنا تحديداً، تكمن أهمية اللقاء في العقبة. كان رؤساء أجهزة الاستخبارات الأردنية والإسرائيلية والمصرية اللاعبين المركزيين في اللقاء، أما اللاعبون الثانويون فهم الجهات السياسية التي شاركت فيه. الافتراض الأساسي الذي تأسس عليه اللقاء كان أن رؤساء أجهزة الاستخبارات للدول الثلاث والسلطة الفلسطينية يمكنهم التعاون بفاعلية أكثر، وأكثر قرباً من المستويات السياسية. هناك تأكيد لهذا الافتراض في الميدان - العلاقات التي يقيمها "الشاباك" مع نظرائه في السلطة والأردن.
- وما لا يقل أهمية هو الاعتراف المبطن في اللقاء بأن المستوى السياسي الإسرائيلي ومَن يقف على رأسه "جسم مشبوه"، من غير الواضح بعد كيف سيتصرف تحت ضغوط من داخل الحكومة. ومن هنا، يمكن الاستنتاج أن اللقاء الذي جرى في العقبة، ومن المتوقع أن يجري مرة أُخرى في آذار/ مارس في شرم الشيخ، يطمح إلى صناعة "حزام أمان" يضع قيوداً على قدرة الحكومة على إشعال الميدان والدفع بانتفاضة إقليمية.
- مَن بادر إلى اللقاء لا يزال يأمل بأن تكون لـ"الشاباك" قدرة التأثير العالية نفسها في نتنياهو - على الأقل إزاء كل ما يخص الضفة. الردود الغاضبة التي صدرت عن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وآخرين ضد مجرد عقد اللقاء والبيانات الصادرة عنهما بشأن عدم الدفع ببناء استيطاني جديد في الضفة، وكذلك إنكار نتنياهو، الذي علِم ومنح موافقته أيضاً على البيان الختامي، أمور كلها تشير إلى أن مخاوف الذين اجتمعوا في العقبة لها أساس. السؤال المركزي الآن بعد التطورات "العنيفة" في الضفة والقدس، سيكون بشأن ما إذا كان هناك حاجة للقاء آخر لهذه المجموعة، وهل سيكون لدى "حزام الأمان" هذا القدرة فعلاً على القيام بدوره ووقف الانفجار القادم؟