مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمس (الأربعاء) أن قانون إلغاء بعض بنود القانون الخاص بخطة الانفصال عن غزة وشمال الضفة الغربية لن يؤدي إلى إقامة مستوطنات جديدة في مناطق شمال الضفة، والتي تم إخلاء 4 مستوطنات فيها سنة 2005.
وجاء بيان ديوان رئاسة الحكومة هذا في إثر قيام وزارة الخارجية الأميركية بشجب القانون واستهجان مصادقة الكنيست عليه بالقراءتين الثانية والثالثة أول أمس (الثلاثاء). وحذّرت الخارجية الأميركية من مغبة توسيع المستوطنات، ووصفت القانون بأنه استفزازي.
وأشار بيان ديوان رئاسة الحكومة إلى أن قرار الكنيست القاضي بإلغاء أجزاء من قانون الانفصال يضع نهاية لقانون تمييزي ومهين يمنع اليهود من العيش في مناطق في شمال الضفة، وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة لا تعتزم إقامة مستوطنات جديدة في هذه المناطق.
واستدعت وزارة الخارجية الأميركية، الليلة قبل الماضية، السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ إلى جلسة توبيخ، في أعقاب سنّ هذا القانون، وخلال الجلسة، أعربت نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان عن قلق الولايات المتحدة من إلغاء جوانب مهمة من قانون خطة الانفصال، والتي تنص على حظر إقامة مستوطنات في شمال الضفة.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن منظومة "القبة الحديدية" اعترضت ظهر أمس (الأربعاء) طائرة مسيّرة تابعة لحركة "حماس"، كانت تحلّق في سماء قطاع غزة على ارتفاع عالٍ، من دون أن تجتاز منطقة الحدود، وأسقطتها من دون أن تقع أي إصابات في كلا الجانبين.
وأضاف البيان أن المنظومة قامت بإسقاط الطائرة المسيّرة، بعد أن لاحظت أنها تحلّق على علوّ مرتفع جداً، وذلك خشية أن تكون الطائرة مزودة بتجهيزات ترمي إلى مسح المنطقة وتصويرها.
وقال بعض سكان المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بجنوب قطاع غزة إنهم سمعوا انفجاراً في الجو، ولاحظوا إصابة الصاروخ للطائرة المسيّرة.
وأشار البيان إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى عدة طلعات فوق أجواء قطاع غزة في إثر هذه الحادثة.
أعلنت إسرائيل وبولندا فتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما، والتي كانت شهدت خلافات عديدة في الأعوام القليلة الماضية، كما أعلنتا عودة السفير البولندي إلى إسرائيل.
وجاء هذا الإعلان خلال لقاء عقده وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مع وزير الخارجية البولندي زبيغنيو راو في القدس أمس (الأربعاء)، أعلنا خلاله أيضاً استئناف زيارات تجريها مجموعات طلاب من إسرائيل، كانت بولندا علّقتها العام الماضي، كما رفضت استقبالها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بسبب مرافقة حراس أمن مسلحين لها.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في بيان صادر عنه بعد هذا الاجتماع: "أهنئ الحكومة البولندية على قرار إعادة سفيرها إلى إسرائيل. هذا القرار يمثّل خطوة إيجابية إلى الأمام في علاقاتنا الدبلوماسية، وأنا متأكد من أنه سيؤدي إلى توثيق التعاون بين بلدينا، وأتطلع إلى استمرار الحوار وتعزيز العلاقات."
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي: "إننا نفتح صفحة جديدة في العلاقات. إن بولندا عامل مهم للغاية في أوروبا، ومعها سنواصل الدفع قدماً بالقضايا ذات الأهمية السياسية البالغة، مثل أنجع السبل للتعامل مع التهديد الإيراني الذي ظهرت تبعاته الإرهابية في أوروبا بالفعل. ولقد أكدت أمام الضيف البولندي أن استمرار العقوبات الاقتصادية والسياسية الشديدة، إلى جانب التهديد العسكري سيحققان النتائج المرجوة ضد نظام الإرهاب في طهران."
وشهدت العلاقات بين بولندا وإسرائيل عدة خلافات في الأعوام القليلة الماضية، كان أبرزها على خلفية قانون الأملاك البولندي الذي زعمت إسرائيل أنه يقطع الطريق على مطالبات عائلات يهودية صودرت أملاكها بعد الحرب العالمية الثانية، واعتبرته إسرائيل قانوناً معادياً للسامية.
ووفقاً لاتفاق بين وزارتيْ خارجية البلدين، سيكون أمن رحلات الطلاب الإسرائيليين تحت إشراف الشرطة البولندية، أو شركة أمنية خارجية، بعد الحصول على ترخيص بولندي بشأن ذلك. وسيقوم جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] بإرسال حراس أمن فقط في حال وجود تهديد خاص. وسيكون هناك أيضاً تغيير في محتوى الرحلات، وستُتاح إمكانية مقابلة الطلاب الإسرائيليين مع الطلاب البولنديين وزيارة متاحف التاريخ البولندي.
وكانت تقارير إسرائيلية أفادت العام الماضي بأن إسرائيل ألغت الرحلات التي خططت لتنظيمها خلال العام ذاته لطلاب مدارسها إلى معسكرات الاعتقال النازية في بولندا بسبب شروط طرحتها حكومة وارسو.
وبحسب هذه التقارير، فإن الحكومة البولندية تشترط فرض رقابة على الشروح التي يتلقاها الطلاب الإسرائيليون من المرشدين المرافقين لهم، باعتبار أن هؤلاء المرشدين عملوا في الماضي على تشويه سمعة بولندا، من خلال ربطها بما تعرّض له اليهود على أيدي النازيين في إبان الحرب العالمية الثانية.
وذكرت التقارير نفسها أن الحكومة البولندية تشترط أيضاً أن يشارك مرشدون بولنديون في تقديم شروح للطلاب الإسرائيليين، يتحدثون خلالها عن المكانة التي حظيت بها الجاليات اليهودية في بولندا على مرّ مئات الأعوام. وأضافت أن البولنديين يطالبون إسرائيل بتغيير أنماط حراسة الرحلات المدرسية إلى معسكرات الاعتقال النازية، وأن يتوقف الحراس الذين يرافقون الطلاب الإسرائيليين عن تعامُلهم مع الأمن البولندي بكثير من الاستعلاء.
وجّهت مجموعة من مديري المصارف ومسؤولي قطاع الأعمال الآخرين في إسرائيل أمس (الأربعاء) رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أكدوا فيها أن خطة إصلاح الجهاز القضائي التي يتم الدفع بها قدماً، ستحوّل إسرائيل إلى ديكتاتورية.
وجاء في الرسالة: "إننا ندعوك إلى التوقف الفوري عن التحركات التشريعية المخطط لها، وعلى رأسها مشروع قانون تغيير لجنة اختيار القضاة. إن هذا القانون يشكّل خطراً على النظام القانوني، ويقوّض أسس الديمقراطية القائمة على فصل السلطات واستقلال النظام القانوني، ويحوّل إسرائيل إلى ديكتاتورية. هذه الخطوة ستُلحق ضرراً خطِراً بالاقتصاد الإسرائيلي، وبعد ذلك، ستضرّ بالمجتمع الإسرائيلي ككلّ، وبثباته وأمنه وقيَمه. إننا نرفض، باشمئزاز، التهديدات والهجمات على المؤسسات التي تضبط نظام الحكم في إسرائيل، وهي المحكمة العليا، ومكتب المستشار القانوني، والجيش، وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] والشرطة."
ووقّع الرسالة رئيس "منتدى رجال الأعمال" في إسرائيل، ومديرو "بنك مزراحي طفحوت"، و"بنك هبينلئومي هريشون"، و"بنك هبوعليم"، و"بنك ليئومي"، و"بنك ديسكونت".
كما وقّعها كبار المديرين في مجموعتيْ التأمين "فينيكس" و"هرئيل"، بالإضافة إلى قادة مجموعتيْ "عزريئيلي" و"ديلويت"، ورؤساء مجموعات الفنادق "إيسروتيل" و"دان" و"فتال"، ورؤساء الشبكتين التجاريتين "شوفرسال" و"سوبر فارم".
وكان مسؤولون في وزارة المال الإسرائيلية حذّروا، قبل عدة أيام، وزير المال بتسلئيل سموتريتش من أن خطة إضعاف الجهاز القضائي ستضرّ بالاقتصاد الإسرائيلي، وقد تؤدي إلى تراجُع مستمر في النمو.
- ارتبط اسم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بروايتين شبه بديهيتين: أولاً، أنه أفضل العالِمين بالاقتصاد؛ وثانياً، أنه من أفضل العالِمين بأميركا. وبكلمات أُخرى، إنه السيد اقتصاد والسيد أميركا. فهو الذي وضع إسرائيل على مسارها حين كان وزيراً للمال، وهو أيضاً الذي عرف كيف يناور في مواجهة إدارة انتقادية كإدارة باراك أوباما.
- وحتى خلال الأشهر الأخيرة، كان هناك مَن اعتمد على أن نتنياهو سيمنع انهيار الاقتصاد، وسيمنع وصول العلاقات مع الولايات المتحدة إلى مناطق خطِرة. كان هناك قناعة بأنه سيضغط على الكوابح في اللحظة الأخيرة، وكعادته، سيُخرج من قبعته حلاً سحرياً معيناً، ويثبت للجميع أنه لا يزال معنا، وأن هناك مَن يمكن الاعتماد عليه "لأنه أفضل مَن يعرف الاقتصاد، وأفضل مَن يعرف ثنايا النظام في الولايات المتحدة".
- يبدو أن البديهيات لا تصمد في مراحل صعبة كهذه، حين تدق كل أجراس الخطر. من غير الواضح حتى الآن، لماذا لا يزال "السيد أميركا والسيد اقتصاد" يتجاهل التحذيرات الصادرة عن جميع خبراء الاقتصاد في البلد والعالم، والتي بدأت تتحقق على أرض الواقع: الشيكل يضعف، المستثمرون يهربون، يتم إخراج الأموال من إسرائيل، وهناك تخوف من تراجُع تصنيف الائتمان. عملياً، كان يكفي وجود إحدى هذه المشكلات فقط لتحذير أجهزة الاستشعار الحادة لدى نتنياهو القديم.
- وماذا يحدث اليوم؟ لا شيء. فهو يرسل وزير ماليته للوقوف أمام الكاميرات، وليعِد بأن الأمور ستكون على أحسن وجه، بفضل الله. وذلك بعد أن يقول إن كل التوقعات المخيفة تبثّها المعارضة، وعندما سنبدأ بالعمل، سنكتشف الضوء. أين ذهبت الأيام التي كان فيها نتنياهو هو الذي يقود المجال الاقتصادي بنفسه؟ الأيام التي كان فيها هو وزير المال الحقيقي، وهو الذي كان يوجّه السفينة. لقد اختفى الرجل، لا نراه ولا نسمعه، ومن المؤكد أنه لا يردّ على الأسئلة، أو يطمئن الجمهور الذي بات يشعر بالأزمة في جيوبه، وبأن حكومته تخلت عن وعودها خلال الحملات الانتخابية، وانطلقت بسرعة نحو "الإصلاحات القضائية" فقط.
ماذا حدث لـ"السيد أميركا"؟
- وهذا لا شيء مقارنةً بما يحدث لـ"السيد أميركا"، مَن كان نجم اليافطات الكبيرة خلال إحدى الجولات الانتخابية إلى جانب ترامب، وكُتب تحتها "دوري آخر"، وأراد أن يقول إنه لا يوجد أحد يعرف كيف يدير الساحة الدولية غيري. قبل عدة أسابيع، سمعت من أحد المسؤولين في مكتبه أن أكثر الأمور التي تستفزه بشكل استثنائي هي الانتقادات التي يتلقاها، علناً، من وزير الخارجية الأميركي، ومن وزير الدفاع الأميركي، ومن الرئيس الفرنسي ماكرون، ومن المستشار الألماني، وتندرج تحت إطار نقاط الحديث "talking point". وبكلمات أُخرى، باتت كلّ عادة تُستبدل بأُخرى، وهي الحديث عن "حلّ الدولتين" في كل مناسبة.
- في داخل الغرفة، كما قال لي هذا المسؤول، لم يتغير شيء في العلاقات، و"هي لا تزال على حالها". إن ما يجري مجرد مسرحية. حتى أنه تكلم عن عبقرية نتنياهو، الذي كان أول مَن شخّص هذا الاتجاه بعد المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي وصل إلى هنا، مصاباً بالرعب، كي يكتشف ما هي توجهات هذه الحكومة، وعاد مع استنتاجات صعبة لزملاءه في الإدارة.
- ويبدو أن القطار الجوي الذي أقلّ المسؤولين الأميركيين إلى هنا لم ينجح في تهدئة البيت الأبيض حتى هذا الأسبوع، خلال ظهر يوم الأحد، حين أُرغم الرئيس جو بايدن على الاتصال بصديقه القديم ليلقّنه درساً في المواطَنة والديمقراطية. والمحادثة الهاتفية بين الزعيمين، كما اتضح لاحقاً، لم تكن أبداً كما أراد نتنياهو.
- بايدن، الذي يعرف صديقه جيداً، لم يسمح لنتنياهو بأخذ المحادثة إلى قضايا أُخرى، وخصّص دقائق طويلة ليشرح له الإسقاطات والضرر، وبشكل خاص في أوساط اليهود داخل الولايات المتحدة. والخلاصة النهائية كانت واضحة، وكما قال السفير الأميركي في إسرائيل توم نيدس "ما دامت الساحة الداخلية مشتعلة"، فسيكون من الصعب الدفع بالقضايا الحارقة فعلاً، كالنووي الإيراني، وطبعاً التطبيع مع السعودية. وما لا يقلّ أهمية عن ذلك، الرسالة المهمة التي تمنع نتنياهو من الحصول على بعض الصور التي يحبها كثيراً في البيت الأبيض، والصورة إلى جانب الرئيس في المكتب البيضاوي؛ وزيارة أميركا.
توضيح الإدارة الأميركية لنتنياهو
- في هذه الإدارة لم ينسوا مع مَن يتعاملون. هذه المرة أوضحوا له أنهم لن يسمعوا تبريرات عن مصاعبه السياسية الداخلية. بالنسبة إليهم، المسؤول هو مَن يمسك بالمقود، وهو شخص واحد: بنيامين نتنياهو. إذا طالب وزير ماليته بمحو حوارة، فإن الأسئلة ستوجَّه إلى نتنياهو. وإذا قال وزير ماليته إنه لا يوجد شعب فلسطيني، وكان يقف فوق منصة عليها خريطة تقسّم الأردن، قبل دقائق من قمة سياسية يشارك فيها الفلسطينيون والأردنيون، فإن رئيس الحكومة هو العنوان. وهو الأمر ذاته بالنسبة إلى المحادثات التوبيخية غير المسبوقة التي تمت دعوة سفير إسرائيل في الولايات المتحدة إليها، في أعقاب إلغاء جزء من قانون "الانفصال [فك الارتباط]".
- ما الذي حدث لنتنياهو؟ يتساءل المسؤولون الأميركيون وغيرهم في الغرب. أين اختفى السيد اقتصاد والسيد العالمي؟ كيف لا يقرأ الإشارات؟ كيف يصمم على زيارة عواصم أوروبا في نهايات الأسبوع مع جدول زمني مضغوط جداً، في الوقت الذي لا يريده الأميركيون عندهم، حتى أن الزيارة إلى الإمارات العربية المتحدة أصبحت بعيدة المنال.
- وهنا أيضاً يُسأل السؤال: لماذا يستعد نتنياهو لتحمُّل الضرر الاقتصادي، والضرر في العلاقات الخارجية، وكذلك الضرر في الوضع الأمني، وبشكل خاص الضرر الذي يلحق بمكانته؟ هل هذا قرار واعٍ، أم أنه لم يعد يتحكم في الأمور لوحده؟ من الصعب الوصول إلى تفسير منطقي بشأن الاقتصاد بصورة خاصة. إنها معادلة مع الكثير من الإبهام.
- أما بخصوص الولايات المتحدة، فيمكن الاعتقاد أن نتنياهو والوزير رون دريمر [السفير السابق في واشنطن] يكسبان الوقت، ويراهنان على خسارة الديمقراطيين في الانتخابات غير البعيدة، في سنة 2024، لمصلحة مرشح جمهوري. وإذا كانا محظوظين، فسيفوز حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، أو حتى ترامب نفسه. إلاّ إن هذا الرهان هو بالضبط كالرهان على أن يكون جميع الخبراء الاقتصاديين على خطأ، وأن تؤدي الإصلاحات إلى تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي. حالياً، يشير استطلاع للرأي أجراه معهد "غولف" إلى أنه وللمرة الأولى، يحصل الفلسطينيون على دعم أكبر من إسرائيل في أوساط الديمقراطيين: 49% مقابل 38% في أوساط ناخبين مستقلين. وإن كان نتنياهو مخطئاً، فسيجلس في البيت الأبيض خلال سنة 2024 رئيس ديمقراطي، وسيغدو وضع إسرائيل أصعب بكثير.
- لأعوام طويلة، كان هناك اعتقاد بأن نتنياهو سيعرف متى يتوقف ويحافظ على مصالح إسرائيل. لأعوام طويلة أيضاً، كان يُعتبر قائداً مسؤولاً في كل ما يخص الأمن، لا يخرج إلى مغامرات، ويكون حذراً في استعمال القوة، ولم ينجرف خلف الأصوات التي طالبته بأن يجن.
- والآن، خلال الولاية التي ستحفظ مكانته في التاريخ، وتقرر ماهية إرثه الكبير بين قيادات إسرائيل، ينسحب ويزرع الشكوك في مكانته التي حصل عليها عبر إنجازات اعترف بها منافسوه أيضاً. لأعوام طويلة، كان يمكن تحليل سياسة نتنياهو والفجوة بين قدراته الاستثنائية وحاجاته السياسية والشخصية. الآن، يبدو أن هذه الفجوة تقلصت، حتى أنها لم تعد موجودة، وهو ما ستدفع ثمنه الدولة برمتها. إن "السيد اقتصاد" و"السيد أميركا" يعرف الحقيقة، وعلى الرغم من ذلك، فإنه لم يتوقف حتى الآن.
- يجب الافتراض أن الاحتجاجات ضد الانقلاب القضائي، بحجمها وقوتها، فاجأت رئيس الحكومة وشركائه. وبصراحة، فاجأتني أنا أيضاً.
- بعد سنوات من الإحباط والبلبلة وطأطأة الرأس، أثبت الجانب الليبرالي أنه لم يتنازل عن الدولة بعد، ولديه غضب صحي، ورغبة في الحياة، وطاقة وإرادة. لقد خرج بأعداد كبيرة جداً، ليدافع عن نمط حياته، وعن حرية الفرد الخاصة به، وعن الإطار الديمقراطي الذي يسمح بذلك. ويمكن أيضاً أن تدفع هذه الاحتجاجات إلى تشكيل معسكر جماهيري، أو حزب سياسي جديد أكثر حداثة. كل هذا لم يكن متوقعاً، وهذا ليس بالقليل.
- لكن أبعد من الإنجازات الفورية، فإذا كان الهدف وقف الانجراف، أو حتى البدء بتغيير الاتجاه، فيجب الاعتراف بأن المطلوب أكثر من مئات آلاف الأشخاص المصممين، ولديهم نيات حسنة، حتى لو كانوا مبدعين وأقوياء جداً: المطلوب انقلاب بحجم ما قام به بن غوريون تقريباً، لا يدافع فقط عن نفسه، بل يطمح إلى صوغ بنى اجتماعية من الجذور.
- ذلك بأن ما أدى إلى كارثة نتنياهو واليمين المتطرف، وتعاظُم قوة السياسة الحريدية، ومهاجمة النظام القضائي، وزعزعة الديمقراطية، هو مسار التفكك الاجتماعي، والانسحاب والتنكر للجماعة. وبكلمات أخرى، إنها الخصخصة: الاقتصادية، السياسية، الثقافية، الهوياتية، وفي الوعي. المعسكر العلماني - الليبرالي يتحمل مسؤولية كبيرة عن مأسسة الخصخصة، التي كان لديه الأمل بأن يستفيد منها، والآن يعاني جرّاء نتائجها، وهو فقط مَن يستطيع، نظرياً على الأقل، قيادة التغيير.
- الديموغرافيا ليست المشكلة. الحريديم والمتدينون يستطيعون العيش في ظل ديمقراطية، وهناك الكثير من النماذج في العالم. المشكلة هي الأيديولوجيا الحريدية والدينية المسيانية - اليمينية، وتطبيقها في إسرائيل من دون مسؤولية، مع تشجيع جوانب "جمهورية"، لديها ميل إلى الهدم الذاتي. يجب كسر هذا بالذات. ليس الحريديم مَن يجب كسرهم، إنما طفرة الحكم الذاتي الحريدية وجماعة التعليم التوراتي، التي كبرت من دون كوابح. ليس الصهيونيون الحريديم مَن يجب كسرهم، بل ما سمح بتعاظُم قوتهم وبناء هيمنة خاصة بهم من دون حدود - تأبيد الاحتلال.
- فقط تفهّم الأغلبية في المجتمع الإسرائيلي أن لا مهرب أمامها من الاشتباك مع القيادة الحريدية، وتصميمها على دمج الحريديم في الواقع الحديث: سوق العمل، والجيش، والتعليم العالي، وتوضح لهم أنها لا توافق بعد على وجود دولة داخل الدولة؛ تسعى لهدمها؛ فقط في هذه اللحظة، عندما تفهم الأغلبية أن عليها التوصل إلى اتفاق سياسي، وتحبط معسكر المستوطنات الذي يؤدي إلى تطرّف يمكن أن يعتاش المرء منه حتى، وتحبط الفكرة المسيانية التي تهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة شريعة؛ فقط حينها، سيكون هناك احتمال لإنقاذ الديمقراطية.
- وقف التهديد الحريدي واليميني – المسياني هو عملية طارئة ودراماتيكية، وفقط بعدها، يمكن وقف الانجرار إلى الهاوية. إلى جانبه، سيكون هناك حاجة إلى وقف بقية مسارات الخصخصة، وتعزيز التكاتف الاجتماعي في كل مكان ممكن: الدفع بالعمل المنظم والنقابات؛ الاستثمار في الخدمات العامة، وتجفيف التعليم الخاص والصحة الخاصة ونصف الخاصة.
- هذا بالإضافة إلى أنه يجب تعزيز الهوية العلمانية - الليبرالية، التي تراجعت جداً، من جديد: النضال ضد انهيار الثقافة الإسرائيلية، ضمان وجود إعلام نوعي ومستقل لا يزودنا فقط بالترفيه، وتعميق التعليم الصهيوني والإنساني في المدارس، بالإضافة إلى التشديد على البديل القومي، وليس الديني، هذا الموجود في صلب التعريف اليهودي.
- إن زيادة قوة القوى الدينية والحريدية ناجمة أيضاً عن حالة المعارضة العلمانية في أيامنا، بصيغتها الخاصة، والتي لا تستقطب ما يكفي من الجماهير بسبب ضعف الجوانب الجماعية فيها. هذا أيضاً يجب تغييره، حتى لو احتاج سنوات. هل هذه التغييرات جميعها في إطار الممكن؟ الخطوة الأولى هي أن نفهم أنه من دونها، لا يمكن وقف الانهيار.