مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الليلة الماضية أنه لن يوجه الدعوة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لزيارة البيت الأبيض قريباً، وأعرب عن أمله بأن يتراجع نتنياهو عن خطة التغييرات القضائية.
وقال بايدن إنه قلق جداً، على غرار الكثيرين من مؤيدي اسرائيل، وأكد أنها لا تستطيع الاستمرار في هذا المسار، مشيراً إلى أنه أوضح موقفه من هذه المسألة.
وتعقيباً على أقوال بايدن هذه، قال رئيس الحكومة نتنياهو: "إن الحلف بين الولايات المتحدة واسرائيل متين، وهو ما يضمن التغلب على الخلافات في الرأي التي تظهر بين حين وآخر."
وشدّد نتنياهو على أن الحكومة برئاسته ملتزمة توطيد الديمقراطية من خلال إعادة التوازن المناسب بين السلطات الثلاث، وعلى أنها ستسعى لتحقيق ذلك بواسطة توافُق عريض.
وأكد رئيس الحكومة أن اسرائيل دولة مستقلة تتخذ قراراتها وفقاً لرغبة مواطنيها، وليس استناداً إلى ضغوط خارجية، بما في ذلك من أعزّ أصدقائها.
أعلنت أجهزة الأمن اليونانية أمس (الثلاثاء) أنها بناءً على معلومات وفّرها جهاز استخبارات أجنبي، قامت مؤخراً بتفكيك خلية مكوّنة من باكستانيِين لهم علاقة بنظام طهران، خططوا لارتكاب اعتداءات في أثينا، بما في ذلك استهداف كنيس يهودي.
ولاحقاً، أكد جهاز الموساد الإسرائيلي أنه ساعد الأجهزة الأمنية في اليونان على إحباط هذا المخطط الخطر لنظام الملالي في إيران.
وقال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في أعقاب إعلان أجهزة الأمن اليونانية هذا، إن هذه محاولة أُخرى من جانب إيران للقيام بعمل إرهابي ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في الخارج، ووصفها بأنها خطرة.
وأشار البيان إلى أنه بعد بدء التحقيق مع المشتبه فيهم في اليونان، قدم جهاز الموساد معلومات استخباراتية عن البنية التحتية وطرق العمليات والعلاقة بنظام طهران، وكجزء من التحقيق، تم الكشف عن أن البنية التحتية التي تعمل في اليونان هي جزء من شبكة إيرانية واسعة تعمل من إيران وفي العديد من البلاد.
وجاء في البيان أن جهاز الموساد يعمل مع شركائه في العديد من الدول على إحباط هجمات إرهابية من طرف إيران في جميع أنحاء العالم.
بدأت في ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية في القدس مساء أمس (الثلاثاء) أول جولة من المفاوضات بين الائتلاف الحكومي الإسرائيلي وأحزاب المعارضة، برعاية رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، وذلك في محاولة للتوصل إلى تسوية بشأن مخطط إصلاح الجهاز القضائي.
وشارك في هذه الجولة ممثلون لكتل الائتلاف وممثلون عن حزب "يوجد مستقبل" الذي يترأسه زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد، وحزب "المعسكر الرسمي" الذي يترأسه عضو الكنيست بني غانتس.
وجاء في بيان مقتضب صدر عن ديوان رئاسة الدولة بعد الاجتماع الذي استمر حوالي ساعة ونصف الساعة، أن المحادثات جرت في أجواء جيدة، وأن هرتسوغ سيعقد اليوم (الأربعاء) جولة أُخرى من هذه المفاوضات.
وقالت مصادر مسؤولة في حزب "يوجد مستقبل" إن وفد الحزب طالب خلال الاجتماع بسحب "مشروع قانون أساس: القضاء"، والذي يهدف إلى تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة وسيطرة الائتلاف عليها من سكرتارية الكنيست، بعد أن تم إيداعه من جانب الائتلاف لدى سكرتارية الكنيست في وقت سابق أمس.
وشدّدت هذه المصادر نفسها على ضرورة التوصل إلى تفاهمات تعكس الإجماع الإسرائيلي.
من جهته، قال حزب "المعسكر الرسمي" في بيان صادر عنه، إن فريقه التفاوضي حدّد المبادئ الأساسية للتفاوض، وأوضح أن هذه المبادئ تشمل، من بين أمور أُخرى، عدم تسييس الجهاز القضائي وسنّ "قانون أساس: التشريع".
هذا، ولم يضم وفد الائتلاف الحكومي الذي اشترك في اجتماع أمس كلاً من وزير العدل ياريف ليفين، ورئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء عضو الكنيست سيمحا روتمان، واللذين يُعتبران عرّابيْ خطة الإصلاح في الجهاز القضائي.
من ناحية أُخرى، دعا رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان قادة المعارضة إلى تأجيل المفاوضات، في إثر تقديم "مشروع قانون أساس: القضاء"، والذي يهدف إلى تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة وسيطرة الائتلاف عليها، إلى سكرتارية الكنيست. وأشار ليبرمان إلى أنه بعد طرح مشروع القانون هذا على طاولة سكرتارية الكنيست، بات في إمكان كتل الائتلاف طرحه في أي لحظة لتصويت الهيئة العامة للكنيست عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، نظراً إلى كون هذا بمثابة إجراء أوتوماتيكي بعد المصادقة عليه بالقراءة الأولى وإقراره في لجنة القانون والدستور.
قدم مركز عدالة [المركز القانوني للدفاع عن حقوق الأقلية القومية العربية في إسرائيل] أمس (الثلاثاء) طلب التماس إلى المحكمة الإسرائيلية العليا ضد إجراء منع إدخال الطعام المختمر إلى المستشفيات في فترة عيد الفصح العبري، وذلك في أعقاب مصادقة الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون الطعام المختمر، والذي يجيز لمديري المستشفيات منع إدخال الطعام المختمر إلى المستشفيات وفرض قيود على ذلك خلال العيد المذكور.
وجاء في طلب الالتماس أن هذا القانون جاء للالتفاف على قرار للمحكمة العليا من خلال تخويل مديري المستشفيات فرض الإكراه الديني وانتهاك حرية الدين وحرية العبادة، وهي حقوق أساسية مكفولة في قوانين الأساس والقانون الدولي.
وأعرب مركز عدالة عن أمله بأن يقوم مديرو المستشفيات بالالتزام بحقوق الإنسان وحقوق المرضى ورواد المستشفى وموظفيه، ووضع إجراءات تسمح للمرضى والزوار وموظفي المستشفيات من جميع الفئات السكانية بتناول الطعام وفق اختياراتهم وعقائدهم.
وكان الكنيست الإسرائيلي صادق صباح أمس بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون الطعام المختمر الذي يجيز لمديري المستشفيات منع إدخال الطعام المختمر إلى المستشفيات. وأيّد مشروع القانون 48 عضو كنيست، وعارضه 43 عضواً.
على الرغم من إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أول أمس (الاثنين) قراره تعليق التقدم في سنّ التشريعات المرتبطة بخطة التعديلات الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي، فإن أصواتاً صدرت داخل حركات الاحتجاج ضد هذه الخطة، أكدت ضرورة استكمال النضال وعدم الاستكانة، وذلك في ضوء تصريحات نتنياهو التي تضمنت في الوقت نفسه إصراراً على المضي قدماً في طريق التشريعات التي يصبو إليها مع فريقه، ولكن بواسطة السعي أولاً نحو تحقيق إجماع أوسع بشأنها.
وشدّد عدد من قادة حركات الاحتجاج على أن إعلان نتنياهو تعليق تشريعات الخطة لم يقنعهم بصدق نيات الائتلاف بالتخلي عن هدفه الأساسي من أجل بدء حوار مع المعارضة.
وأعلن هؤلاء القادة أن هناك نشاطات محلية متوقعة طوال اليوم (الأربعاء) في إطار الاحتجاج، كما أنه ستجري يوم السبت المقبل تظاهرات في شتى أنحاء البلد، وفي مركزها التظاهرة في تل أبيب.
وقالت د. شيكما بريسلر، إحدى قيادات الحركة الاحتجاجية ضد خطة الإصلاح القضائي، عقب كلمة رئيس الحكومة: "إن تصريحات رئيس الحكومة وشركائه المتطرفين تضمنت أيضاً اعترافاً بعزمهم على إعادة قوانين الديكتاتورية إلى طاولة الدورة البرلمانية المقبلة، بما يضر باقتصاد البلد وأمنه. وطالما استمر التشريع ولم يتم تعليقه، سنكون في الشوارع، وهذه مجرد محاولة لإضعاف الاحتجاجات من أجل تفعيل ديكتاتورية نتنياهو. الآن، ليس الوقت المناسب لتخفيف الضغط، بل لزيادته."
من جانبه، أفاد نداف غالئون، أحد قادة الاحتجاج ضد التشريع القضائي، في حديث لموقعYnet ، بأن التشريع سيتأخر حتماً، وفقاً لتصريح نتنياهو. وأضاف: "إن من سِمات هذا النضال أننا لا نثق بأن الحكومة ستدفع في اتجاه مفاوضات بنيّة التخلي عن إحداث التغييرات في النظام القضائي. ولقد قال لبيد وغانتس منذ البداية إنهما سيدخلان في مفاوضات إذا تم إيقاف التشريع. ومن واجبنا أن نزودهما بخطوط توجيهية، وفي حال كنا أقوياء بما فيه الكفاية ووضعنا خطوطاً حمراء، فإنهما لن يتراجعا أمام نتنياهو، حسبما نعتقد، وسيصغيان للجمهور، على عكس الحكومة الحالية."
يُذكر أن نتنياهو أكد أنه على الرغم من تعليق التشريعات، فإنه سيجلب "تعديلاً يعيد التوازن بين السلطات، مع الحفاظ على حقوق الفرد." وفي رأيه، "لن يُسلب الشعب حرية اختياره، ولن نتنازل عن المسار الذي انتخبنا من أجله، ولكننا سنبذل قصارى جهدنا للحصول على توافُق واسع."
- بينما إسرائيل مشغولة بأزمتها الداخلية، وبالمساعي لعبور شهر رمضان بسلام مع الفلسطينيين، تتطور تحديات مهمة في الساحة الإيرانية، وفي مواجهة عناصر القوة في لبنان.
- على المستوى الإيراني، من الواضح أن النظام الإسلامي يفحص إمكانية تغيير قواعد اللعبة وتخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية. وبعكس تصريحات أميركية سابقة (تصريحات وزير الدفاع الأميركي في سنة 2012)، والتي جاء فيها صراحة أن الولايات المتحدة تعتبر أي محاولة إيرانية لتطوير سلاح نووي خطاً أحمر، ولن تقبل إنتاج اليورانيوم على هذه الدرجة، فإن إدارة بايدن، بعد أن تحولت هذه الإمكانية إلى حقيقة، تبعث برسالة ضعيفة. فقد قال رئيس الأركان المشتركة في الولايات المتحدة الجنرال ميلي أمام لجان الكونغرس (23 آذار/مارس) "إن الولايات المتحدة لا تزال تلتزم سياسة عدم حصول إيران على سلاح نووي." بكلام آخر، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، تستطيع إيران تخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية، وربما أيضاً استخدامه لإنتاج رؤوس نووية متفجرة، لكنها إذا أنتجت سلاحاً نووياً، فإن الأميركيين لن يسكتوا عن ذلك.
- صحيح أن ميلي قال إن الجيش الأميركي طوّر مجموعة إمكانات عمل كي يستخدمها صنّاع القرار، إذا قررت إيران إنتاج سلاح نووي، لكن عدم الوضوح بشأن مسألة تغيُّر الخط الأحمر الأميركي كان أمراً مهماً. رداً على كلام ميلي، قالت الناطقة بلسان البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة ملتزمة منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي." وكررت بذلك رسائل الرؤساء الأميركيين السابقين (أوباما وترامب وبايدن)، لكنها أبقت الغموض بشأن ما إذا كانت تصريحات ميلي هي تصريحات غير موفقة، أم هناك تبدُّل في الخطوط الأميركية الحمراء، بحيث أن تخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية، ومغزاه الوحيد هو الرغبة في إنتاج سلاح نووي، لم يعد يتطلب رداً.
- ... إذا استنتجنا من الكلام الأميركي أن تخصيب اليورانيوم على درجة عسكرية لا يفرض القيام بعملية، فإن هذا يخلق فجوة بين وجهة النظر الإسرائيلية وبين وجهة نظر الإدارة الأميركية. على ما يبدو، هذه الفجوة ليست كبيرة لأن الطرفين في هذه المرحلة يدّعيان أن إيران لم تتخذ قراراً بشأن إنتاج سلاح نووي، ولم تستأنف العمل في مجموعات السلاح التي جمّدتها في سنة 2003. لكن يبرز هنا اختلاف في الآراء بشأن الوقت الذي يحتاج إليه الإيرانيون لإنتاج سلاح نووي منذ اللحظة التي يتخذون فيها قراراً في هذا الشأن. ويُجمع الكل على أن الإيرانيين قادرون على إنتاج كميات انشطارية من أجل جهاز نووي متفجر واحد خلال أقل من أسبوعين، وخلال 3 أشهر، يستطيعون إنتاج كميات انشطارية تكفي 5 أجهزة نووية متفجرة. مع ذلك، حتى وقت قريب، كان التقدير أنه حتى لو خصّب الإيرانيون اليورانيوم على درجة عسكرية، فإنهم بحاجة إلى عامين على الأقل لإنتاج سلاح نووي يركَّب على صواريخهم البعيدة المدى، لكن ميلي جاء ليقول إن الوقت الذي يحتاج إليه الإيرانيون لإنتاج جهاز نووي متفجر يمكن أن يكون أقصر بكثير، وليسوا بحاجة إلى أكثر من بضعة أشهر...
- وكلما كان الوقت الذي تحتاج إليه إيران لإنتاج سلاح نووي أقصر، كلما أصبحت الفجوة أكبر وملحّة أكثر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن ما الذي يجب فعله إذا قررت إيران تخصيب يورانيوم على درجة عسكرية.
- إن مجرد تخصيب اليورانيوم على درجة قريبة من الدرجة العسكرية (60% وربما 84%) والتغييرات التي أجريت مؤخراً على تكوين أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو تحت الأرض، والتي تسمح بالتخصيب على درجة عسكرية، كل ذلك يدل على أن إيران أصبحت أكثر جرأة، وكلام مثل كلام الجنرال ميلي مع التردد الأميركي في نقاشات الوكالة الدولية للطاقة النووية، يمكن أن يزيد في الاستعداد الإيراني لاختبار الولايات المتحدة (وإسرائيل). وضمن هذا الإطار، يجب أن نرى تصاعُد هجمات وكلاء إيران في سورية والعراق ضد قواعد أميركية في سورية، والتي أدت إلى مقتل مقاول أميركي وجرح خمسة آخرين. صحيح أن بايدن ردّ على ذلك بحدّة، والأميركيون هاجموا قاعدة إيرانية في شمال سورية، لكن ثمة شك في أن هذا سيحقق الردع المطلوب.
- في جميع الأحوال، يبدو أن إيران تستمد تشجيعاً من تحسُّن مكانتها الإقليمية والدولية بعد الاتفاق بينها وبين السعودية، وتعزيز العلاقات بينها وبين الصين وروسيا، ومن الضعف الأميركي في المنطقة، ومن عودة الرئيس السوري إلى حضن العالم العربي، ومن انشغال إسرائيل بمشكلاتها الداخلية وإحجامها عن الدخول في مواجهة مع حزب الله.
- تندرج هنا حادثة الهجوم في مجيدو، والتي تكشف تصعيداً في درجة جرأة وكلاء إيران في لبنان. صحيح أن ما حدث بالضبط لا يزال خفياً، لكن من الواضح أن عنصراً قوياً في لبنان يتمتع بمهنية عسكرية مثيرة للإعجاب، وقدرة على الوصول إلى عبوة متطورة، وعلى اجتياز العائق الحدودي، قرر أن يرسل إلى الأراضي الإسرائيلية "مخرباً" مسلحاً بصورة جيدة، نجح في تنفيذ عمليته التي انتهت "بأعجوبة" بسقوط جريح واحد فقط. حدث هذا كله من دون أن يكون أي شخص في إسرائيل على علم بالنية والقرار والتنفيذ، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الاستخبارات الإسرائيلية قادرة على منع تكرار مثل هذه الحادثة لاحقاً.
- من الناحية الاستخباراتية، ما جرى هو مفاجأة متعددة الأبعاد. والأخطر من أي شيء أن ما جرى مفاجأة تتعلق بأسس التقديرات الإسرائيلية. تعمل المنظومة الإسرائيلية على أساس تحليل أساسي أن أطراف القوة في لبنان في حالة ردع بسبب القوة الإسرائيلية، وهي تلتزم قواعد اللعبة التي تمنعها من مهاجمة أهداف في إسرائيل - ما دامت إسرائيل لا تؤذي مصالح لبنانية حيوية، أو تهاجم في لبنان، أو تمسّ بعناصر حزب الله في سورية، ضمن إطار المعركة بين الحروب، التي تهدف إلى ضرب جهود بناء قوة عسكرية لإيران وحزب الله في سورية ولبنان.
- ويظهر الآن أن هذا الافتراض لم يعد صالحاً. هناك طرف قوي في لبنان يعتقد أن في الإمكان شنّ عملية "إرهابية" في الأراضي الإسرائيلية، وعلى الأرجح، المقصود هو حزب الله نفسه، أو طرف مرتبط به، أو بإيران (مثلاً الجهاد الإسلامي الفلسطيني الذي نفّذ في سنة 2002 هجوماً مشابهاً من السياج اللبناني، وأدى يومها إلى مقتل 5 إسرائيليين). إذا كان هذا صحيحاً، فإن شيئاً أساسياً في الفهم الإسرائيلي للواقع في لبنان هو خطأ. ويبدو أننا لم نفهم أن التغييرات التي جرت مؤخراً يمكنها أن تغيّر الصورة في نظر أعدائنا، وتدفعهم إلى انتهاج استراتيجيا جديدة. وكما حذّرت في مقالي في هذا الموقع، وعلى الرغم مما قيل عن التردد الإسرائيلي والإحجام عن الدخول في مواجهة مع حزب الله بشأن اتفاق الغاز، هناك تخوّف أمني كبير من أن تزداد ثقة الحزب بنفسه، الأمر الذي يشجعه على المجازفة بصورة تبدو لنا أنها غير محسوبة، لكنها في نظره محسوبة.
- تطورات الأشهر الأخيرة - سلوك إسرائيل حيال اتفاق الغاز، وتعزيز قوة نظام الأسد، والتقارب بين إيران وروسيا، والاتفاقات بين السعودية وإيران التي عززت قوة النظام المتطرف في طهران، والتصعيد في مواجهة الفلسطينيين في الضفة والأزمة الداخلية في إسرائيل، إزاء هذا كله، يزداد الانطباع أن القيود التي تأخذها عناصر القوة في لبنان في الاعتبار بشأن تقديراتها للوضع خفّت، ودفعت طرفاً ما إلى انتهاج سياسة جديدة، أو على الأقل فحص تداعيات انتهاج مثل هذه السياسة من خلال الهجوم في مجيدو. صحيح أن نصر الله لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم في خطابه هذا الأسبوع، لكنه حاول طرح معادلة جديدة، مفادها أنه مسموح لعناصر القوة العاملة في لبنان بالعمل ضد إسرائيل عبر الحدود (من الأفضل من خلال إخفاء هويتهم وعدم تحمّل المسؤولية)، لكن ممنوع على إسرائيل الرد، وأيّ ردّ سيواجَه بردّ أكبر.
- من اللحظة التي يتضح فيها لإسرائيل مَن المسؤول عن هجوم مجيدو، يتعين عليها أن تدفّعه ثمناً باهظاً كما وعدت. وإذا لم يجرِ ذلك، فإن الخلاصة التي سيصل إليها الحزب وعناصر قوة أُخرى، أن القيود تآكلت، وثمة مجال لزيادة العمليات "الإرهابية" ضد إسرائيل من لبنان. قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله عرضت في يوم السبت (18 آذار/مارس) فيديو تهديدات لتنظيم اعترف بمسؤوليته عن هجوم مجيدو، يحمل اسم "قوات الجليل - الذئاب الوحيدة"، هدد فيه بتنفيذ هجمات أُخرى، هذه المرة ضد شخصيات رفيعة المستوى، بينها الرئيس هرتسوغ. في هذه المرحلة، ليس من الواضح لنا صحة ادّعاء "الجهاد الإسلامي" أن اغتيال أحد ناشطيه في 19 آذار/مارس في دمشق علي رمزي الأسود، كان نتيجة عملية إسرائيلية، وهل هناك علاقة بين الاغتيال وبين الهجوم في مجيدو، وإذا كان هذا صحيحاً، فإن الأمر هو ردّ نوعي.
- هناك مشكلة منفصلة تتمثل في المفاجأة العملانية التي انطوى عليها الهجوم. من المفترض أن الجيش وسائر الأجهزة الأمنية مستعدون لإحباط هجمات من الحدود، حتى من دون معرفة مسبقة. هناك أسباب تدعو إلى القلق تتعلق بالغموض بشأن هوية الطرف الذي أرسل "المخرب"، وما هي نياته، ولماذا لم يستخدم الحزام الناسف، وهل جرى إعداد "مخربين" آخرين، وهل "المخرب" فلسطيني، أو لبناني. كل هذه الأسئلة، من المهم الإجابة عنها لمنع الهجوم المقبل. نأمل بأن يقدم التحقيق السريع في الحادثة إجابات كاملة عن هذه الأسئلة في أقرب وقت. هذا الواقع المعقد والخطر يفسّر، جزئياً، دعوة الوزير غالانت إلى وقف العملية التشريعية ووقف التهديدات برفض الخدمة العسكرية.
- الأغلبية العظمى من المجتمع العربي في إسرائيل امتنعت من المشاركة في التظاهرات الاحتجاجية الجماعية ضد "الإصلاحات القضائية"، التي تسعى الحكومة للقيام بها. وهذا، على الرغم من المعرفة الكبيرة لإسقاطات التغييرات المقترحة والقلق العميق في أوساط الجمهور العربي من أن تغدو ظروفه أسوأ، وتتراجع مكانته في الدولة بسببها، فإن استطلاعاً للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي لدراسات الديمقراطية في شباط/فبراير، يشير إلى أن 87% من المواطنين العرب يعبّرون عن تخوّف من إلحاق الضرر بحقوقهم، في حال تمت المصادقة على التغييرات التي تقترحها الحكومة.
- صحيح أن قيادات الأحزاب العربية عبّرت، أكثر من مرة، عن معارضتها للخطة الحكومية، وطالبت المواطنين العرب، بوضوح، بالمشاركة في التظاهرات، حتى أن بعضهم شارك بنفسه فيها. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم تفهّموا الأصوات الأُخرى التي تطالب بعدم المشاركة في التظاهرات، حتى أنهم امتنعوا من القيام بأي خطوة عملية لتجنيد "المواطنين" العرب جماعياً، للمشاركة في الاحتجاجات. مؤخراً، زاد عضو الكنيست أيمن عودة في مطالباته الجمهور العربي بالمشاركة في الاحتجاجات، وشارك مع نشطاء من حزبه في التظاهرة التي أقيمت يوم 11 آذار/ مارس في تل أبيب، معلناً: "سنستمر في العمل بكامل قوتنا، لإخراج جمهورنا للمشاركة في التظاهرات." وخلال التظاهرة التي أقيمت في وادي عارة يوم 17 آذار/ مارس، قال عودة إن مصلحة المجتمع العربي هي أن تنجح الاحتجاجات ضد الحكومة، ولذلك، يجب عليه أن يكون مركّباً مركزياً في النضال.
- شرح كلٌّ من عضو الكنيست أيمن عودة وأحمد الطيبي، خلال خطابات ألقياها، أن مشاركة المجتمع العربي في التظاهرات ضرورية، نظراً إلى أهمية الحفاظ على تركيبة ومكانة محكمة العدل العليا، التي منعت طوال السنوات الماضية شطب الأحزاب العربية ومنعها من المشاركة في انتخابات الكنيست. أما رئيس القائمة الموحدة منصور عباس، فطالب بالحوار بين زعماء المعارضة وزعماء الائتلاف في بيت رئيس الدولة، وفي الوقت نفسه، نادى باستمرار الاحتجاجات.
- يستمر الأكاديميون والقيادات الجماهيرية والنشطاء في مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى كتّاب المقالات العرب واليهود، في دعوة الجمهور العربي إلى المشاركة، حتى أنهم يعرضون عليه أن يكون بين قيادات الاحتجاجات، وذلك لكسر الصورة التي التصقت بالاحتجاجات بأنها من صنع أحزاب اليسار اليهودي فقط. الذين يشاركون في التظاهرات هم قلة، حتى أنهم يلقون خطابات احتجاجية. هذا بالإضافة إلى أنه كان هناك دعوات لإقامة تظاهرات في البلدات العربية، بمشاركة يهودية وعربية، على أمل أن تتوسع هذه التظاهرات. وفعلاً، خلال الأيام الأخيرة، نُظّمت تظاهرات احتجاجية أولية للعرب في كفرمندا ووادي عارة.
- أطلق كلٌّ من "مبادرات أبراهام" وجمعية "هل رأيت الأفق مؤخراً؟" حملة لدعوة الجمهور العربي إلى الانضمام إلى الاحتجاجات، وإلا فإن حقوقهم الأساسية كأقلية ستُسلب منهم. مبادرة أُخرى من "مبادرات أبراهام" دفعت بلقاء يجمع شخصيات بارزة في المجتمع العربي مع رئيس الدولة، لطرح أهمية التطرق إلى المجتمع العربي في هذا الوقت خاصة، وذلك لاستغلال الفرصة التي يمكن أن تسمح لهم بأن يكونوا جزءاً من الاتفاق الواسع في المجتمع بشأن هوية الدولة ونظام الحكم فيها.
- وعلى الرغم من هذا كله، فإن الأغلبية الساحقة من المجتمع العربي بقيت خارج حركة الاحتجاج، ولا تزال تقف جانباً، ولا تلعب دوراً فاعلاً في التظاهرات. يبدو أن السبب وراء ذلك هو عدم الثقة بمؤسسات الدولة، الذي لا يزال يسيطر على المزاج العام في المجتمع العربي، ويمنع مشاركته في الاحتجاجات. ويمكن أيضاً إضافة أسباب أُخرى، بينها تصريحات عضويْ الكنيست أيمن عودة وأحمد الطيبي، اللذين قالا خلالها إن الاحتجاجات تتجاهل المشاكل التي تهمّ المجتمع العربي فعلاً، وبينها استمرار الاحتلال والتمييز ضد العرب، ولذلك، فإنهم لن يتعاونوا مع أحزاب المعارضة اليهودية. هذا بالإضافة إلى أن رئيس الدولة لم يذكر الأقلية العربية نهائياً خلال خطابه الأول بشأن الانقلاب الدستوري في 12 شباط/فبراير 2023، وهو ما ساهم في زيادة الشعور بأن النضال هو شأن داخلي - يهودي. ويضاف إليه أيضاً الميل لدى المنظمين وقيادة التظاهرات، إلى تقليل مشاركة العرب فيها، بهدف منع رفع علم فلسطين، أو التطرق أصلاً إلى الصراع العربي - الإسرائيلي، وهو ما تم التعامل معه كرسالة، مفادها بأن المنظمين لا يريدون رؤية العرب إلى جانبهم في هذه الأحداث.
- وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أنه إذا لم تتم حتى الآن حماية حقوق الإنسان، وعلى رأسها حق المجتمع العربي في إسرائيل في المساواة قانونياً، لا عبر قانون عادي، ولا قانون أساس، ومن دون قرار محكمة عليا حتى، وإذا جرى تمرير الانقلاب القضائي، فإن هذا الوضع سيغدو أصعب بكثير على الأقلية العربية. وهذا على الرغم من أنه من بين كل مؤسسات الحكم في إسرائيل، فإن المحكمة العليا هي أكثر مَن دافع عن حقوق الفرد في المجتمع العربي طوال سنوات وجود الدولة - وحتى لو لم يكن ذلك بالشكل الكامل. وبحسب "مؤشر الأمن القومي"، الذي يصدر عن مركز أبحاث الأمن القومي، فإن ثقة المجتمع العربي في إسرائيل بالمحكمة العليا تراجعت بشكل حاد من 75% في سنة 2017، إلى 42% فقط في سنة 2022. وهذا كما يبدو، بسبب الاعتقاد أن المحكمة العليا لا تدافع كما يجب عن حقوق المجتمع العربي، وبصورة خاصة الحقوق الجماعية، كأقلية قومية أصلانية. وفعلاً، لا تزال تسيطر في أوساط المجتمع العربي مشاعر من الخذلان بسبب أداء المحكمة العليا، كما صادقت مثلاً بالإجماع على قانون أساس: إسرائيل - الدولة القومية للشعب اليهودي. ونفترض هنا أن نسبة القضاة العرب في إسرائيل، وهي 8.4% في سنة 2019، كما أنه لا يكفي وجود قاضٍ عربي واحد من أصل 15 في المحكمة العليا. وعلى الرغم من ذلك، فإن ثقة المجتمع العربي بالمحكمة العليا لا تزال عالية، نسبةً إلى بقية مؤسسات الدولة.
- ولا يزال هناك بعض القرارات الإيجابية، كقرار "صوت الشعب" من الخمسينيات، الذي دافع عن حرية تعبير صحيفة "الاتحاد" العربية. وتلته إضافة سلسلة من القرارات التي دافعت عن الحقوق المدنية والسياسية للأقلية العربية. أبرزها قرار بشأن سمير قعدان، يتعلق بتوزيع الأراضي بشكل غير متساوٍ في البلدات، والقرار الصادر لمصلحة "عدالة" بشأن اللغة العربية في اليافطات داخل المدن المختلطة، وقرار بشأن محمد بكري وقضية حرية التعبير الفني. هذا بالإضافة إلى قرارات ألغت، أو لم تصادق على قرارات لجنة الانتخابات المركزية شطب أحزاب عربية، أو مرشحين في أحزاب عربية، ومنعهم من خوض الانتخابات.
- هناك تخوّف كبير من التشريعات التي تبادر إليها الحكومة، ويمكنها أن تُلحق الضرر الكبير جداً بالمجتمع العربي، وتعرّض حق اللجوء إلى المحكمة للخطر، وتغلق أبواب المحكمة أمام مؤسسات حقوق الإنسان، وضمنها الاستئنافات الجماهيرية. تشريعات بروح المبادرة الحكومية ستسمح للحكومة بالدفع بسياسات تمييزية ضد الجمهور العربي، من دون وجود كوابح توقفها. فمثلاً، لن تستطيع المحكمة إلغاء سياسات تمييزية ضد العرب، بالاستناد إلى تبرير المعقولية. هذا بالإضافة إلى أنه في حال تمت قوننة سياسات تمييزية، فلن تستطيع المحكمة إلغاءها، إلا بموافقة واسعة من جميع قضاة المحكمة العليا. وحتى في هذه الحالة، ستكون القوانين مفتوحة أمام المشرّع الذي تسيطر عليه الحكومة، ولديه الإمكانية للتغلب على قرار المحكمة العليا، وحتى تحصين القانون، عبر منح صفة "قانون أساس" لكل قانون تمييزي. هذا صحيح أيضاً إزاء كل ما يخص حقوق الفرد، ومن المؤكد أيضاً إزاء كل ما يخص الحقوق الجماعية، كاستخدام اللغة العربية في الحيز العام، أو ممارسة الحق السياسي الأهم في الترشح في البرلمان، حيث تم اقتراح قانون لفرض قيود عليه منذ الآن.
- في الختام، الصورة العامة معقدة جداً وممتلئة بالمخاطر التي تمسّ بالديمقراطية الإسرائيلية، وبصورة خاصة إزاء كل ما يتعلق بحقوق المجتمع العربي. فمن جهة، هناك مخاوف كبيرة من الإسقاطات السلبية للمبادرات الحكومية بشأن النظام القضائي. ومن جهة أُخرى، يبدو أن المواطنين العرب في إسرائيل يعزلون أنفسهم، حتى الآن على الأقل، في مقابل تطورات لها أهمية كبيرة بشأن الديمقراطية الإسرائيلية، التي تضع هذه الأقلية غير المحمية تحت رحمة الأغلبية والحكومة. وفي هذا السياق، فإن موقف القيادة السياسية العربية، وخاصة لجنة المتابعة، السلبي نسبياً، غريب جداً.
- صحيح أنه من الصعب التقدير في هذه المرحلة كيف ستتطور الاحتجاجات في المجتمع العربي. إلا إن التظاهرات الأولية التي جرت في البلدات العربية، والمؤشرات إلى الانضمام البطيء والمتأخر، تشير إلى أن المجتمع العربي بدأ يفهم، ولو متأخراً، أن "الجلوس جانباً" لن يساعده، حتى أنه يمكن أن يضرّ به أكثر مستقبلاً. انضمام المجتمع العربي إلى الاحتجاجات سيثبت أنه لم يتراجع عن رؤية الاندماج في النسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، التي تميز بها خلال الأعوام الماضية. المشاركة العربية الواسعة والفاعلة في الاحتجاجات الجماعية ستضيف بعداً مهماً جداً، ليس فقط إلى الحركة والاحتجاج، بل أيضاً ستقوّي اندماج المجتمع العربي في المجتمع والدولة. وفي المقابل، فإن الامتناع من المشاركة لوقت طويل، يمكنه أن يشير إلى تراجُع الجمهور وقيادته عن رؤية الاندماج.