مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا في بيان لها تعرُّض سورية لهجمات جوية إسرائيلية هي الرابعة من نوعها خلال أسبوع. وتحدثت وزارة الدفاع السورية عن سقوط قتيلين في الهجمات على منطقة دمشق وجنوبها. وأشار المركز السوري لحقوق الإنسان، الموجود في لندن والتابع للمعارضة السورية، إلى أن القتيلين سقطا في معمل في منطقة الكسوة. وبالاستناد إلى المصدر، فقد وُجّهت الهجمات نحو 4 أهداف، ثلاثة منها سبق أن هاجمتها إسرائيل في الماضي، بينها مطار دمشق الدولي. الهدف الآخر يقع في منطقة مزار السيدة زينب جنوبي دمشق - وهي منطقة تمركُز حزب الله في سورية. كما تحدث المركز عن مهاجمة موقع للرادارات في السويداء جنوب سورية، بالقرب من الحدود الأردنية.
وكانت وسائل إعلام عربية تحدثت عن تسلُّل صاروخ من الدفاعات الجوية السورية إلى الأراضي الإسرائيلية، جرى اعتراضه في منطقة بحيرة طبرية في هضبة الجولان، حيث تحدث السكان عن سماعهم أصوات انفجارات قوية، لكن الجيش الإسرائيلي لم يذكر وقوع مثل هذا الحادث.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هَيوم" (4/4/2023) استمرار حالة التأهب القصوى في الشمال في الأيام المقبلة، وأن الجيش يستعد لمواجهة احتمال محاولة إيران استفزاز إسرائيل، بينما تعاني الأخيرة جرّاء أزمة داخلية عميقة. وأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشعر بالقلق الشديد من جرأة إيران وثقتها الزائدة بنفسها، وخصوصاً في ضوء تراجُع التدخل الأميركي فيما يجري في الشرق الأوسط، وكذلك على خلفية التوتر بين واشنطن والقدس. والتعبير عن هذه الجرأة برز أول أمس مع تسلُّل مسيّرة إيرانية من سورية إلى إسرائيل. وأكد الجيش الإسرائيلي أنها إيرانية الصنع، بعد فحص أولّي لبقايا المسيّرة التي جرى إسقاطها بواسطة الدفاع السيبراني، على الرغم من إرسال طائرات وطوافات حربية.
وذكر مراسل الصحيفة يوآف ليمور أن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أرسلت تحذيراً غير مسبوق إلى القيادتين العسكرية والسياسية، تحذرهما فيه من تآكل الردع الإسرائيلي في مواجهة أعدائها. هذا التحذير أُرسل عبر وثائق رسمية إلى كلٍّ من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس مجلس الأمن القومي تسحي هنغبي. وتحدثت شعبة الأبحاث في الجيش عن تراجُع خطِر في الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، يعود إلى عدة أسباب، منها الضعف الإسرائيلي الذي يعتبره أعداؤها نتيجةً للانقسام الداخلي بسبب العملية التشريعية، والتباعد بين إسرائيل والولايات المتحدة، وإيران هي المستفيدة الأكبر منه. وتخلص شعبة الاستخبارات العسكرية إلى أن المغزى الحقيقي من كل هذه الأمور، التآكل في الردع الإسرائيلي، ولاحقاً في قوتها السياسية والأمنية، إقليمياً وعالمياً.
تحدث رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء أهرون حليفا، خلال مشاركته يوم الاثنين في ختام دورة للضباط، عن الخلافات بين الشعب، والتهديدات الإيرانية، وقال: " تزداد في هذه الأيام الخلافات بين الشعب الإسرائيلي. ووصلت أصداء هذا الخلاف إلى أبواب شعبة الاستخبارات العسكرية والجيش. وتتوجه أنظار الطلاب العسكريين إلى مستوى القيادة، وإلى طاقم التدريب المتفاني والممتاز. لقد أوضحنا بصورة قاطعة أن قيم الجيش الإسرائيلي هي روحية الجيش، وهي فقط بوصلتنا. هكذا كنا، وهكذا سنبقى، الآن وفي المستقبل. يجب على الجيش الإسرائيلي أن يبقى جيش الشعب، وجيشاً أخلاقياً ورسمياً ومحترفاً، بعيداً عن أي اعتبار أجنبي، وفوق أي جدل وأي خلاف."
وعن التهديدات الخارجية، قال: "الذين يريدون الشر لنا، وهم كثيرون، لا يرتاحون في هذه الأيام. إيران مع أذرعها الكثيرة تحاول إشعال الميدان والتسبب بصدام. يجب على أعدائنا البعيدين والقريبين أن يعلموا بأننا يقظون وحازمون وأقوياء. والجيش الإسرائيلي يتابع ويراقب مؤامراتهم. ونحن نعمل من دون كلل، ليلاً نهاراً، على إحباط الأخطار." وتابع: "إن ازدياد التهديدات والساحات يفرض علينا المحافظة على الوحدة داخل الجيش الإسرائيلي، لأنه بهذه الطريقة فقط، يمكنه حماية حصانتنا والاستمرار في تحقيق أهدافه في الدفاع عن دولة إسرائيل، والسعي لتحقيق النصر."
تنوي وزارة المستوطنات مضاعفة الميزانية المخصصة للمستوطنين لشراء حوامات والقيام بدوريات لمراقبة أعمال البناء الفلسطيني. ولهذه الغاية، تنوي الوزارة تخصيص 40 مليون شيكل للمجالس المحلية والإقليمية للمستوطنات، مقارنةً بـ 20 مليون شيكل خصصتها لها في الماضي. وسوف تدفع هذه المخصصات بعد إقرار ميزانية الدولة.
في الأعوام الأخيرة، تعمل دائرة للأراضي في المستوطنات على مراقبة البناء الفلسطيني والزراعة، وتقدم تقاريرها إلى الإدارة المدنية والجيش. وليس لهذه الدائرة صلاحيات رسمية، لكنها تُستخدم كأداة ضغط على الإدارة المدنية، وتقدم تقاريرها عن البناء والنشاطات الفلسطينية في المنطقة ج. في سنة 2020، أعلنت وزارة المستوطنات التي كان على رأسها تسحي هنغبي، حينذاك، للمرة الأولى، تخصيص 20 مليون شيكل توزَّع على المستوطنات. وصُرف هذا المال في أيام حكومة بينت - لبيد.
اليوم، تتولى شؤون هذه الوزارة، التي باتت تحمل اسم وزارة "المهمات القومية"، أوريت ستروك من حزب الصهيونية الدينية، والتي تنوي مضاعفة المبالغ المخصصة لهذا الغرض. وسيوزَّع المبلغ على المجالس المحلية لاستخدامه في توظيف موظفين وتوزيع دوريات وشراء كاميرات جوية وحوامات وأدوات إلكترونية وسيارات.
الإدارة المدنية وضعت في الأعوام الأخيرة خطاً ساخناً، يستطيع المستوطنون استخدامه من أجل إعطاء معلومات عن أعمال البناء الفلسطيني. وما يجري في هذا المجال يدخل في إطار ما يسمى في إسرائيل "المعركة على المنطقة ج"، أي دعاة وجهة النظر التي تعتبر المنطقة ج أراضي تابعة لدولة إسرائيل، وأن الفلسطينيين يحاولون السيطرة عليها بواسطة خطة استراتيجية.
ذكر الناطق بلسان الجيش أن منازل في كيبوتس معاليه جلبواع، القريب من جدار الفصل، تعرضت لإطلاق النار، وأن الجيش الإسرائيلي يطارد مشتبهاً فيهم.
كما أعلن مقتل فلسطينيين خلال مواجهات جرت مع القوى الأمنية في نابلس. وبالاستناد إلى الجيش الإسرائيلي، دخلت قوة من حرس الحدود ومن الشاباك إلى المدينة لاعتقال أشخاص يُشتبه في أنهم قدّموا مساعدة للمسلح الذي أطلق النار على جنديين في حوارة. وخلال العملية، تعرّضت القوة الإسرائيلية لإطلاق نار، فردّت بالمثل، وهو ما أدى إلى مقتل اثنين من الفلسطينيين. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن القتيلين هما محمد ناصر سعيد ومحمد أبو بكر. وناصر سعيد هو عضو في كتائب الأقصى، الذراع العسكرية لحركة "فتح"، بينما أبو بكر هو عضو في "فتح"، ينتمي إلى الطاقم الذي يرافق نائب رئيس الحركة محمود العالول، وأُعلن الإضراب العام في نابلس حداداً على مقتلهما.
قبل وقت قصير من ذلك، اعترضت طائرة تابعة لسلاح الجو مسيّرة فوق سماء غزة. وبحسب الجيش، المسيّرة لم تتجاوز الحدود وتدخل الأجواء الإسرائيلية، ولم تشكل أي تهديد في أي مرحلة. وفي الأمس، أعلن الجيش تسلُّل مسيّرة من سورية إلى إسرائيل، جرى اعتراضها فوق وادي الحولة في الجليل، وسقطت في أراضٍ مفتوحة.
أصيب جنديان بجروح متوسطة وطفيفة بالقرب من معسكر تسارفين القريب من رشيون لتسيون. وذكرت الشرطة أنها ألقت القبض على المتهم بالطعن، وهو مواطن من سكان الخليل في العشرين من عمره، كان المواطنون ألقوا القبض عليه قبل أن تنقله الشرطة للتحقيق معه. وبحسب الشرطة، ليس للمهاجم أي تاريخ أمني، ولا ينتمي إلى أي تنظيم. ولقد حدث الهجوم في أثناء توجُّه الجنديين نحو قاعدتهما، عندما أصيب الأول في رجله، والثاني في القسم العلوي من جسمه.
أصدر حاكم بنك إسرائيل في الأمس (الاثنين) توقعاته بشأن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي في حال استمرت العملية التشريعية الانقلابية، وقدّرها بـ0.8% من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يقارب خسارة 50 مليار شيكل في الاقتصاد سنوياً، ما يوازي خسارة 17 ألف شيكل سنوياً للأسرة الواحدة.
واعتمد بنك إسرائيل على تجربة الدول التي مسّت باستقلالية جهازها القضائي، وردود شركات التصنيف، وبهذه الطريقة، وصل إلى هذا الرقم الذي سيشعر به كل مواطن، لكنه لن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي. فهل هذه التوقعات متفائلة كثيراً؟
في دول مثل بولندة وهنغاريا، جرى إخفاء التغييرات القضائية وقتاً طويلاً، بينما يتطلع الائتلاف الحكومي عندنا إلى إقرار ما لا يقل عن 140 قانوناً خلال وقت قصير، وهو ما سيؤدي إلى القضاء على استقلالية الجهاز القضائي، وإلحاق الضرر بعشرات المجالات والقطاعات.
وبينما تنتمي بولندة وهنغاريا إلى الاتحاد الأوروبي الذي يحرص على عدم مبالغة هاتين الدولتين في تشريعاتهما ويدعمهما اقتصادياً، وهذا أمر غير موجود في إسرائيل. وبينما في الدول الأُخرى يريد الحاكم الشعبوي تعميق سيطرته، لكنه يعمل في المقابل على تعزيز الاقتصاد، ويخدم مصالح جمهور ناخبيه، يبدو وزير المال عندنا بتسلئيل سموتريتش ورفاقه في اليمين المتطرف مصرّين على تدمير الاقتصاد الإسرائيلي بسرعة كبيرة.
هناك عدة أدلة على ذلك. في الأمس، فتح سموتريتش جبهة ضد رئيس الهستدروت أرنون بار دافيد، وفي خطوة غير مسبوقة، طالب بمقاضاة الهستدروت بسبب إضراب الأسبوع الماضي، كما طالب بتسريع التشريعات للحد من عمل النقابات، والحق في الإضراب، وخفض رسوم العضوية التي يدفعها العمال للهستدروت.
وفي الأمس، ذكرت منظمة الدول للتعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) أن الاقتصاد الإسرائيلي سيتضرر من الانقلاب القضائي، وطالب بمنع تحويل أموال إلى أولاد لا يتلقون التعليم الأساسي. في هذه الأثناء، حزب الصهيونية الدينية وقوة يهودية برئاسة بن غفير، والأحزاب الحريدية، ونصف ناخبي الليكود الموالين ليائير نتنياهو، وعلى رأسهم وزير الاتصالات شلومو كرعي ووزيرة الإعلام غاليت ديتسيل أتابريان، يواصلون جرّ إسرائيل إلى ثقب أسود من واقع افتراضي لا وجود فيه للمنطق الاقتصادي. وإذا لم يحدث شيء لإيقافهم، فإن تدهور الاقتصاد الإسرائيلي سيكون سريعاً جداً.
- تتبادل إسرائيل في هذه الأيام الضربات مع إيران وحزب الله، في محاولة لاسترجاع الردع في مواجهتهما وتوطيد توازُن الرعب من جديد، الذي سيمنعهما من مهاجمة أراضيها. يبدو أن هذه هي الخلاصة من سلسلة أحداث الأيام الأخيرة: ثلاث هجمات متعاقبة منسوبة إلى سلاح الجو الإسرائيلي في سورية ومحاولة إيرانية، على ما يبدو، لإرسال مسيّرة من سورية إلى إسرائيل. في هذه الأثناء، جرى اعتراض مسيّرة انطلقت من قطاع غزة، في حادثة لم تتضح علاقتها بأحداث الشمال.
- التوترات في الشمال لها علاقة بالحادثة التي وقعت في 13 آذار/مارس، عندما تسلل "مخرب" من الجنوب اللبناني، ووضع عبوة ناسفة بالقرب من تقاطُع مجدو. ومنذ إصابة مواطن عربي من إسرائيل بجروح نتيجة انفجار العبوة، تنشر إسرائيل إشارات إلى أن حزب الله، بمساعدة إيران، هو المسؤول عن التخطيط للهجوم، لكنها لم تتهمه بذلك رسمياً. سلسلة الهجمات الأخيرة التي وُجّهت، بحسب الإعلام العربي، نحو أهداف تابعة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ونحو منشأة تابعة لحزب الله، تظهر أنها ردّ على هجوم مجدو الذي يبدو خروجاً عن السياسة التي انتهجها حزب الله في العقد ونصف العقد الأخيرين...
- يمكن التقدير أن إسرائيل رأت في الهجوم دليلاً على خط جديد ينتهجه حزب الله، بتشجيع من إيران. فالحزب كما يبدو من الخطابات العلنية لأمينه العام السيد حسن نصر الله، يقدّر أن إسرائيل غارقة في أزمة داخلية جرّاء الانقلاب الدستوري، وستمتنع من الرد بشدة. كما ترى طهران أن في الإمكان الربط بين الاحتكاكات في الشمال وبين النضال الفلسطيني وتشجيع "الإرهاب" في المناطق ضد أهداف إسرائيلية طوال شهر رمضان.
- في هذه الأثناء، تثير وتيرة الهجمات رداً إيرانياً حاداً تمثل في إطلاق مسيّرة تسللت يوم الأحد من سورية وأُسقطت بواسطة الدفاع السيبراني فوق وادي الحولة. وحتى الآن، لم يوضح الجيش ما إذا كانت المسيّرة هجومية، أم اقتصرت مهمتها على التصوير فقط...
- مع ذلك، على الرغم من الأزمة السياسية التشريعية، فإن سياسة الرد الإسرائيلية لا تزال مضبوطة للغاية. إذ كان يمكن الرد على الهجوم من لبنان بمهاجمة أهداف تابعة لحزب الله هناك. لكن في مواجهة تهديدات نصر الله في الماضي، بأن أي عملية من هذا النوع يمكن أن تدهور المنطقة إلى حرب، فإن الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل تتمركز حتى الآن في الأراضي السورية...
- أقوال الرئيس بايدن أنه لن يوجّه دعوة إلى رئيس الحكومة قريباً لزيارة واشنطن، تعكس تصادماً على صعيد القيم وتصعيداً في رسائل التحذير من الإدارة. وهذا بسبب الإسقاطات الممكنة للتغييرات المتطرفة في النظام القضائي، والخطوات في مواجهة الفلسطينيين، على شبكة العلاقات المتبادلة بين البلدين. وفي هذا السياق، هناك قلق متصاعد في واشنطن من أن تؤدي سياسات الحكومة إلى زعزعة "القيم الديمقراطية" المشتركة للدولتين (Shared values)، وإلى تغيير صورة الدولة وإلحاق ضرر جديّ بالعلاقات مع الفلسطينيين يصل إلى حدّ تصعيد شامل. عملياً، أرسل بايدن إلى نتنياهو رسالة واضحة، مفادها أنه تعب من اللعب بالكلمات الذي يمارسه رئيس الحكومة، ويحمّله مسؤولية الوضع الذي وصلت إليه إسرائيل.
- أقوال أكثر حدّة يمكن ملاحظتها في سلسلة مقالات نشرها الصحافي توماس فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز"، واتّهم فيها نتنياهو بأنه المسؤول عن الوضع. ففي مقالة تحت عنوان "لا يمكن الاعتماد على نتنياهو"، ادّعى أن نتنياهو تحول إلى "لاعب غير عقلاني"، لا يضع فقط المصالح والقيم الإسرائيلية في خطر، بل أيضاً المصالح الأميركية ذاتها. حتى أن فريدمان ذهب إلى أبعد من ذلك وادّعى أنه "يجب على الولايات المتحدة التأكد من أن نتنياهو لن يستعمل الأسلحة الأميركية للمبادرة إلى حرب يمكن منعها مع إيران، أو حزب الله، من دون دعم كامل من القيادة العليا للجيش الإسرائيلي."
- العلاقات الإسرائيلية - الأميركية مرّت خلال عشرات الأعوام بعدة أزمات عميقة. على سبيل المثال، أزمة الاتفاق النووي مع إدارة أوباما، وأزمة الضمانات مع إدارة بوش، وأزمة الجاسوس بولارد، وغيرها. وعلى عكس الأزمات السابقة التي اندلعت بسبب قضايا سياسية - أمنية، فإن الأزمة الحالية حدثت بسبب قضايا قيمية داخلية - إسرائيلية، تشكل الأساس للحلف الاستراتيجي بين الدولتين خلال عشرات الأعوام، وهنا تكمن خطورتها أيضاً.
- ما يزيد في أهمية هذه الأزمة نتائج استطلاعات الرأي الداخلية في الولايات المتحدة بشأن إسرائيل، والفجوات العميقة بين الحزبين. ففي استطلاع جديد للرأي نشره معهد "غالوب"، تبين أن نسبة الديمقراطيين الذين يشعرون بتضامن مع إسرائيل معادِلة تقريباً لنسبة الذين يشعرون بتضامن مع الفلسطينيين - 40% في مقابل 38% (فرق 2% في مقابل فرق 35% قبل نحو 10 أعوام). وفي المقابل، فإن 77% من الجمهوريين يشعرون بتضامن مع إسرائيل، في مقابل 13% فقط مع الفلسطينيين. أما في أوساط الشباب، فإن دعم الفلسطينيين أكبر منه في أوساط كبار السن. ومن الممكن الافتراض أنه بعد انتقادات الرئيس بايدن لحكومة نتنياهو، فإن الفجوات ستزداد بين الحزبين إزاء كل ما يخص إسرائيل. ويمكن النظر إلى الانتقادات التي وجّهتها جهات جمهورية إلى الرئيس بايدن بسبب إعلانه عدم دعوة نتنياهو قريباً، كدليل على ذلك. فعلى سبيل المثال، نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سابقاً، والتي أعلنت أنها ستخوض الانتخابات الرئاسية، انتقدت الرئيس بايدن بسبب تدخُّله في قضايا إسرائيلية داخلية. ولذلك، يتوجب على حكومة إسرائيل أن تحذر من أن تتحول إسرائيل إلى مركز الخلاف بين الحزبين عشية بدء الحملات الانتخابية، بشكل يمكن أن يجعل سياسات الديمقراطيين أكثر حدّة تجاهها.
الولايات المتحدة كسند استراتيجي
- الولايات المتحدة هي أحد الأعمدة المركزية في الأمن والحصانة القومية لإسرائيل، ولا بديل من الحلف الاستراتيجي بين الدولتين. وهو ما يعبّر عنه بالأساس من خلال المساعدة العسكرية بقيمة 3.8 مليار دولار في العام؛ وبالالتزام بالمحافظة على التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي في الشرق الأوسط؛ المساعدة الواسعة لتطوير منظومات دفاع متطورة جداً وصلت إلى إسرائيل، وبالشراكة في تطوير منظومات الدفاع التي تعتمد على الليزر؛ بتزويد إسرائيل بطائرات مقاتلة ومنظومات أسلحة من الأكثر تطوراً في العالم؛ بالتعاون الاستخباراتي؛ وبالتزويد الدائم بقطع الغيار؛ التعاون مع قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي (Centcom)، وفي إطاره، شارك الجيش الإسرائيلي في تدريب واسع ومتعدد الأذرع ، وغيرها من الأمور. وهذا كله إلى جانب المظلة السياسية والدعم الواسع لإسرائيل في المؤسسات الدولية بصورة دائمة، وفي أوقات الحرب، لكبح قرارات وإدانات ضدها في مجلس الأمن، وكذلك بالتعاون الاقتصادي والتكنولوجي الواسع.
- هذا التعاون وغيره الكثير يشكل حلقة مركزية في صورة القوة والردع الإسرائيلية. وأكثر من ذلك، فإن العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة هي مركّب مركزي في وقف المشروع النووي الإيراني، وهو ما انعكس مؤخراً في أقوال رئيس هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة الجنرال ميلي، إن إيران يمكنها الحصول على المواد اللازمة لسلاح نووي خلال أقل من أسبوعين، وستحتاج إلى أشهر معدودة لصنع سلاح نووي. هذا بالإضافة إلى أن التعاون العميق ضروري أيضاً من أجل تطوير العلاقات الأمنية مع دول الخليج، والدفع قدماً بالتطبيع مع السعودية ودول أُخرى في المنطقة. وخصوصاً في وقت تحاول إسرائيل إعادة ترميم علاقاتها مع هذه الدول.
- الإبعاد المشروط الذي تلقّاه نتنياهو يشكل إنذاراً استراتيجياً لإسرائيل. زعزعة الأساسات التي يستند إليها الحلف بين الدولتين ستُلحق الضرر بقوة إسرائيل الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية أيضاً. ما يمكن فهمه من أقوال الرئيس، أن التحذيرات من الإدارة في مرحلة معينة، ستتحول إلى ردود حقيقية وعملية. وهو ما يمكن أن ينعكس في الضرر الحقيقي بالعلاقة على مستوى القيادات، وفي تراجُع الدعم الواسع من الإدارة لمواقف إسرائيل، وفي الضرر الذي سيلحق بصورة القوة الإسرائيلية، وبالاستعداد للدفاع عنها في المحافل الدولية. وعملياً، إن لم يستطع رئيس الحكومة نتنياهو الاستجابة لتوقعات الإدارة في واشنطن، ووقف التغييرات المتطرفة في النظام القضائي، فإن العلاقات مع إسرائيل يمكن أن تتراجع، وتبدو أشبه بعلاقة الإدارة بالسعودية - علاقات باردة جداً على مستوى القيادات، إلى جانب علاقات عميقة جداً في المجالات الأمنية - العسكرية.
تغيير الاتجاه لا يزال ممكناً
- وصلت العلاقات ما بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأزمة الثقة بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة إلى مفترق طرق يجب اتخاذ قرار بشأنها. عملياً، على رئيس الحكومة الاختيار بين خيارين استراتيجيين أساسيين: وقف الانقلاب القضائي وترميم العلاقات بشكل يسمح له بتعميق التعاون الاستراتيجي، والدفع قدماً بالقضايا المتعلقة بالشأن الإيراني وترميم صورة القوة الإسرائيلية؛ وفي المقابل، يمكنه الاستمرار في إجراء التغييرات المتطرفة في النظام القضائي، وزيادة حدة الأزمة مع الإدارة، بشكل سيؤدي إلى ضرر كبير جداً بقوة إسرائيل الاستراتيجية، ويلعب لمصلحة أعدائنا ومنافسينا في المنطقة.
- أما إزاء الفلسطينيين، فعلى رئيس الحكومة الامتناع من القيام بخطوات يمكن فهمها بأنها خطوات تحضيرية للضم، أو تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة، تؤدي إلى تسارُع مسار انهيار السلطة. هذه الخطوات يمكنها أن تؤدي إلى تصعيد واسع، يشمل "حماس"، وأيضاً "عرب إسرائيل". وستكون النتيجة انشغالاً أكبر لإسرائيل، يستنفد الجيش؛ ويجعل العلاقات، المتوترة أصلاً مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، أكثر توتراً، كما يزعزع العلاقات الخاصة مع الدول العربية، ويعاظم التهديدات القضائية على الساحة الدولية.