مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن الجيش بدأ بعملية عسكرية جديدة في قطاع غزة تحمل اسم "درع وسهم"، جرى خلالها اغتيال 3 قياديين رفيعي المستوى من الجهاد الإسلامي، هم: خليل البهتيني قائد منطقة شمال غزة في الجهاد الإسلامي والمسؤول عن إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة في الشهر الماضي، وطارق عز الدين، وهو من كبار المسؤولين في التنظيم والمسؤول عن الهجمات "الإرهابية" في الضفة الغربية، وجهاد الغنّام الأمين العام للمجلس العسكري للتنظيم. وشاركت في الهجوم على الأهداف الثلاثة قرابة 40 طائرة مختلفة.
وشدد الجيش الإسرائيلي على أن القادة الثلاثة كانوا تحت المراقبة منذ يوم الثلاثاء الماضي، وانتظرت إسرائيل الفرصة المناسبة لمهاجمتهم وتجنُّب التعرض للأبرياء بقدر الممكن.
ووفقاً لمصادر عسكرية، استمر الهجوم بعد الضربة الافتتاحية الأولى التي اغتيل فيها القادة الثلاثة، فهاجمت طوافات حربية إسرائيلية مواقع لتصنيع السلاح، بينها ورش في خان يونس وموقع يُستخدم لإنتاج مواد أسمنتية تُستخدم في بناء الأنفاق، كما هوجمت 6 مواقع عسكرية تابعة للجهاد الإسلامي، تُستخدم أغلبيتها كمخازن للسلاح والبنى التحتية اللوجستية للتنظيم. كما تعرّض موقع عسكري للجهاد الإسلامي في جنوب القطاع للهجوم. وتحدث الفلسطينيون عن قصف مدفعي من البحر.
من جهة أُخرى، أعلن وزير الدفاع، الذي حضر إلى مقر رئاسة الأركان العامة في تل أبيب مع رئيس الأركان ومسؤولين كبار آخرين، عن "وضع خاص" في مستوطنات غلاف غزة، وأمر بتجنيد الاحتياط وفقاً للحاجة والمهمات المطلوبة. وقال: "الجيش والشاباك نفّذا هذه الليلة مهمتهما بدقة ضد زعامة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة. أي جهة "إرهابية" تُلحق الأذى بمواطن إسرائيلي ستندم على ذلك، سنلاحق أعداءنا ونتغلب عليهم." وسمح غالانت باستخدام خطة تسمح لسكان غلاف غزة بالخروج في عطلة إلى بيوت الضيافة في شتى أنحاء البلد.
وأصدرت قيادة الجبهة الخلفية توجيهات خاصة إلى المناطق التي تبعد 40 كلم من قطاع غزة - تحديداً مستوطنات غلاف غزة، تبقى سارية حتى 10 أيار/مايو، منعت فيها التجمعات في أراضٍ مفتوحة، ووقف الدراسة في المدارس، كما جرى إغلاق عدد من الطرقات.
وتحدثت وزارة الصحة الفلسطينية عن وقوع 10 قتلى، بينهم نساء وأطفال وعشرات الجرحى، جرّاء العملية الإسرائيلية الأخيرة.
أعلنت المعارضة الإسرائيلية تأييدها الكامل للعملية العسكرية في غزة، وكتب يائير لبيد هذا الصباح على تويتر: "أؤيد القوى الأمنية والعملية ضد الجهاد الإسلامي في غزة،" وأضاف: "التنظيمات 'الإرهابية' في القطاع تعلم بأن الأجهزة الاستخباراتية والقوى الأمنية تتابعان كل خطوة من خطواتها، وستصفّي الحساب معها. ردّ إسرائيلي هجومي في المكان والزمان الملائمين لنا، هو السبيل لمواجهة 'الإرهاب' في غزة." ومن المنتظر أن يجتمع لبيد برئيس الحكومة غداً للاطلاع على المستجدات الأمنية.
من جهة أُخرى، كتب رئيس المعسكر الرسمي بني غانتس: "قلت في الأسبوع الماضي، وأقول اليوم إن أعداءنا أخطأوا في تقدير الوضع. أُثني على العملية المهمة هذه الليلة في القطاع، وعلى الحفاظ على السياسة الهجومية. ونقدم دعمنا الكامل للجيش والقوى الأمنية في العملية، ونأمل أن تتصرف الحكومة بالحزم والمسؤولية المطلوبين لاحقاً."
بعد مرور عام على مقتل مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها عملية اقتحام قام بها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، صدر تقرير جديد عن لجنة حماية الصحافيين (CPJ)، تحدث عن أسلوب الجيش الإسرائيلي في استخدام القوة القاتلة، والمترافق مع الرد غير اللائق، وتنصُّله من تحمُّل المسؤولية.
ومنذ سنة 2001، سجلت لجنة حماية الصحافيين مقتل 20 صحافياً على يد الجيش الإسرائيلي، أغلبيتهم الساحقة (18) من الفلسطينيين. وبحسب التقرير، لم يُقدَّم أي كتاب اتهام، ولم يخضع أحد للمحاكمة بشأن عمليات القتل هذه. وجاء أيضاً أن عدم المساءلة والمحاسبة عن هذه الجرائم الخطرة ألحق ضرراً كبيراً بحرية الصحافة وحقوق الصحافيين. وفي رأي واضعي التقرير، فإن فحص قتل الصحافيين من جانب الجيش الإسرائيلي يجري وفق إجراء ثابت. كما يدّعي التقرير أن مصادر رسمية إسرائيلية تتجاهل أدلة وشهادات، وفي أحيان كثيرة تبرّئ الجنود من مسؤولية القتل في الوقت الذي يكون التحقيق لا يزال مستمراً.
ويدّعي التقرير أن القوات الإسرائيلية تتجاهل العلامات التي تميّز الصحافيين، وهي بذلك ترسل رسالة تقشعر لها الأبدان إلى الإعلاميين في شتى أنحاء الضفة الغربية وغزة، وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، والتي وقعت فيها حوادث قتل العشرين صحافياً. وفي رأي كاتبي التقرير، فإن معظم الصحافيين الذين قُتلوا، وبينهم شيرين أبو عاقلة، كان من الواضح أنهم يضعون شارات تدل على أنهم إعلاميون، أو كانوا في سيارة تحمل شارة صحافة، خلال عمليات قتلهم. على سبيل المثال، مصور رويترز فاضل شانا الذي قُتل في سنة 2008 وكان يرتدي خوذة كُتبت عليها كلمة صحافة، وكان بالقرب من سيارة عليها شارة تلفزيون عندما أطلقت الدبابة قذيفة عليه.
الاستنتاج الذي يصل إليه التقرير هو أن الصحافيين الذين قُتلوا لم يحظوا بالعدالة، ولو ظاهرياً. والقتلى هم فقط جزء من أجزاء الرواية. عدد كبير من الصحافيين جُرح في سنة 2021، عندما قصف الجيش الإسرائيلي أبنية في غزة كانت تضم مكاتب لأكثر من 12 مؤسسة إعلامية محلية وأجنبية.
وتضمن التقرير توصيات موجهة إلى إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي لحماية الصحافيين، ووضع حد للفرار من العقوبة، ومنع عمليات قتل جديدة.
نقل المراسل السياسي في "هآرتس" تسفي برئيل عن مصادر إسرائيلية قولها: "التطبيع مع السعودية، في حال حدوثه، لن يكون شيئاً مستقلاً بحد ذاته، بل سيكون جزءاً من شبكة علاقات استراتيجية يتطلع الرئيس بايدن إلى إقامتها في الشرق الأوسط، والتي باتت أمراً ملحاً بعد الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران والتدخل المتزايد للصين في العمليات السياسية في الشرق الأوسط." هذه الشبكة من العلاقات تحمل اسم "هندسة أمنية إقليمية"، وتتضمن التعاون الأمني بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، وخصوصاً دول الخليج والأردن والعراق ومصر وإسرائيل، وفيما بين هذه الدول.
قبل عام، قررت الإدارة الأميركية ضم إسرائيل إلى القيادة المركزية للجيش الأميركي، بدلاً من القيادة في أوروبا، الأمر الذي يسمح للجيش الأميركي بإجراء تدريبات مشتركة مع إسرائيل، ومع دول عربية مهمة في المنطقة، وتطوير قنوات تواصُل بين إسرائيل وجيوش عربية. في سنة 2021، تم تأسيس إطار مدني للتعاون الإقليمي بعنوان I2U2. وضم إلى جانب إسرائيل، الإمارات والولايات المتحدة والهند، وهدفه تشكيل إطار لتبادل المعرفة والاستثمارات في مجالات مدنية، مثل الزراعة والطاقة - وأيضاً التعاون الأمني وشراء السلاح والتدريبات المشتركة.
مسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الأميركية قالوا إن الهدف النهائي من "الهندسة الاستراتيجية" هو تعزيز قدرات دول المنطقة على بناء منظومات دفاع وإنذار لا تتطلب تدخلاً عسكرياً أميركياً، وتسمح بانسحاب القوات الأميركية من كل الدول والمواقع التي تتواجد فيها حالياً. وذلك لا يعني أن الولايات المتحدة لن تتدخل في حال حدوث نزاع إقليمي كبير، لكن المقصود هو تعزيز القدرات المحلية لتقليص إمكانية نشوب نزاعات كبيرة.
الجمع بين قوة إسرائيل وقوة الدول العربية، وخصوصاً الدول الخليجية، أمر حيوي بالنسبة إلى الولايات المتحدة لتحقيق هذه الاستراتيجيا. لكن هذه العملية تعترضها عقبتان مركزيتان: على الرغم من التقارب بين إسرائيل والسعودية، فإنه لا يوجد بينهما اتفاق سلام، والأهم من ذلك، تقوم السعودية بتطوير تعاونها مع الصين، وهذا بدوره أثمر أيضاً اتفاقاً بين السعودية وإيران، برعاية الصين ووساطتها.
في الوقت عينه، الهند الشريكة الأُخرى المهمة في الاستراتيجيا الإقليمية للولايات المتحدة ليست ملتزمة، حصرياً، بالتعاون العسكري مع الدول العربية، وعلاقاتها مع إيران ومع روسيا توضح أنها تفضل حتى الآن إبقاء كل الخيارات مفتوحة. قبل أسبوع من زيارة سوليفان إلى الرياض، حيث اجتمع أيضاً بمستشار الأمن القومي للإمارات طحنون بن زايد آل نهيان، وبنظيره الهندي أجيت دوفال - زار دوفال طهران والتقى علي شمخاني والرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية الإيراني، للبحث معهم في سبل توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما مليارين ونصف المليار دولار.
في تقدير الإدارة الأميركية، إن منظومة العلاقات الإقليمية القائمة – بين الهند وإيران، وبين السعودية والهند وباكستان، ومؤخراً بين السعودية وإيران - تعكس جزءاً من الواقع الجديد في الشرق الأوسط. وطموح الولايات المتحدة هو الحفاظ على قوتها ومكانتها كدولة عظمى ومؤثرة. وذلك من خلال التعاون الاستراتيجي، مثل التعاون العسكري أو المدني بين جزء من دول المنطقة وبين إسرائيل. لم يعد في إمكان واشنطن الحفاظ على حصريتها، بعد أن طمست الحدود التي تفصل بين الدول الموالية لأميركا والدول المعادية لها.
الدولة الأساسية لتحقيق هذه الهندسة الجديدة هي السعودية التي تختلف مكانتها اليوم عما كانت عليه قبل عام ونصف، وكذلك إسرائيل. بعد أن كانت السعودية دولة منبوذة من الولايات المتحدة، أصبحت دولة مرغوباً فيها... من جهة أُخرى، تريد السعودية ترميم علاقاتها مع الولايات المتحدة، لكن المكانة الجديدة للمملكة تسمح لها بإملاء الشروط، لا الانصياع لها. لقد أدركت السعودية أن إسرائيل، القادرة على التأثير في الأميركيين، لم تعد موجودة. ومن الصعب إقناع وليّ العهد محمد بن سلمان بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي لم يُدعَ حتى الآن إلى زيارة البيت الأبيض، يستطيع أن يساعده على إقامة علاقة ودية بينه وبين بايدن.
على هذه الخلفية، يبدو أن ثمن التطبيع بين إسرائيل والسعودية يجب أن يأخذ في الحسبان مصالح واشنطن والثمن المستعدة لدفعه للرياض، بدءاً من الموافقة على إنشاء مفاعلات نووية أميركية، مروراً بصفقات بيع الرياض طائرات حربية متقدمة، والاعتماد على بن سلمان، بصفته "وفياً" للسياسة الأميركية في المنطقة كما كان في أيام الرئيس ترامب. السعودية ليست مستعجلة، وهي ليست الدولة التي تتعرض للضغط وتخاف من خسارة نفوذها الإقليمي.
- الغرض من اغتيال القادة الثلاثة في الجهاد الإسلامي تعزيز الردع الإسرائيلي الذي تآكل في الأحداث الأمنية الأخيرة، والتوضيح لأعدائنا أن إسرائيل موحدة وصارمة في الدفاع عن أمنها، على الرغم من خلافاتها الداخلية.
- لقد وُجّهت العملية الإسرائيلية ضد الجهاد الإسلامي، فقط سعياً لإبقاء "حماس" خارج المعركة، لكن في ضوء الظروف وعدد المصابين، من الصعب الافتراض أن "حماس" ستختار هذه المرة الوقوف جانباً والبقاء خارج المعركة.
- من الممكن التقدير أنه تجري في هذه اللحظات محادثات تنسيقية بين كبار المسؤولين في "حماس" والجهاد لتنظيم الرد على العملية الإسرائيلية. ويمكن الافتراض أن الرد سيحدث بعد التشييع الجماهيري لكبار المسؤولين في الجهاد الإسلامي، وبعد أن يؤمّن عناصر الجهاد المخابىء لهم.
- بالنسبة إلى إسرائيل، إن الضربة الاستهلالية للعملية حققت هدفها الأساسي. وعلى إسرائيل توجيه جهودها الآن نحو هدفين. الأول - التأكد من أن ردّ التنظيمات في غزة لن يقلل من الإنجاز، والهدف الثاني استغلال الفرصة التي سنحت من أجل تعميق الأذى الموجه إلى عناصر "الإرهاب" في غزة.
كيف يجب على إسرائيل أن تعمل؟
- تأمين الحماية القصوى لمنع المسّ بالأرواح: ولهذا الهدف أهمية مزدوجة- الحفاظ على حياة المواطنين ومنع العدو من تحقيق إنجازات وتركه في نهاية العملية جريحاً من دون نجاحات.
- التركيز على الجهاد الإسلامي والاستعداد بقوة لمواجهة "حماس"، ومن الأجدى لـ"حماس" أن تدرس جيداً الفائدة من انضمامها. وإذا ظهرت مؤشرات تدل على نيتها الانضمام، فيجب المبادرة إلى ضرب قادة الحركة ووضع أبراج "الإرهاب" بين أهداف الهجمات الأولى.
ج- توجيه ضربة قوية إلى قادة العدو وقدراتهم. ومن أجل تقليص مدة القتال، نوصي بأن تكون العمليات الإسرائيلية منذ البداية قوية جداً. إدارة المعركة بصورة تدريجية ستؤدي إلى استمرارها أكثر مما هو مطلوب.
د- وقف تزويد القطاع بالبضائع والمواد من إسرائيل، ومن مصر (باستثناء المواد الإنسانية الضرورية) من أجل زيادة الضغط على "حماس" والجهاد.
ه- تركيز النار في الجنوب، بالإضافة إلى اليقظة والنظر إلى التهديد من الشمال - يمكن الافتراض أن "حماس" ستحاول في هذه الجولة أيضاً الرد من الشمال، أو إيجاد جبهة إضافية في مواجهة إسرائيل وتوريطها مع حزب الله.
و- اليقظة والرد السريع والصارم على "الإرهاب"، وعلى أحداث عنيفة تقع في داخل إسرائيل، كما يجب عدم السماح بنشوء "جبهة داخلية"، بتأثير من المواجهة في غزة، أو على خلفية التحريض قبيل "ذكرى النكبة" و"يوم القدس" اللذين يحلّان في الأسبوع المقبل.
- اغتيال إسرائيل 3 من قيادات "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة تأخر أسبوعاً بالضبط. فقبل أسبوع "توفي" الأسير الأمني والناشط في التنظيم خضر عدنان، بعد إضراب مستمر عن الطعام. بعدها، ردّ التنظيم بإطلاق أكثر من مئة قذيفة وصاروخ على بلدات غلاف غزة. حينها، بحث المستويان السياسي والأمني في ردّ حاد، لكن التقديرات أشارت إلى أن قيادات التنظيم دخلت إلى المخابئ. لذلك، اتُّخذ القرار بالاكتفاء بالرد المحدود وانتظار الوقت الملائم - الذي جاء فجر اليوم (الثلاثاء).
- من المتوقع أن تؤدي سلسلة الاغتيالات، التي قُتلت فيها أيضاً عائلات القياديين، إلى جولة قتالية تستمر عدة أيام على الأقل. السؤال المركزي بالنسبة إلى إسرائيل، يتعلق بتدخُّل "حماس" في القتال: خلال الحملة الأخيرة على غزة "بزوغ الفجر" في آب/أغسطس خلال فترة حكومة لبيد - بينت، ركزت إسرائيل على استهداف "الجهاد"، و"حماس" لم تشارك في إطلاق النار. هذه المرة بدأت الحملة بطريقة مشابهة. لكن يمكن ألا تسمح "حماس" لنفسها مرة أُخرى بالامتناع من المشاركة. الأسبوع الماضي، سمحت "حماس" لـ"الجهاد" بإطلاق النار، حتى أنهما أصدرا بياناً مشتركاً صدر عن "الغرفة المشتركة" للفصائل الفلسطينية في غزة.
- دخول "حماس" إلى القتال سيحسّن قوة النار الفلسطينية، ويمكن أن يدفع إسرائيل إلى القيام بخطوات إضافية، كتجنيد احتياط أوسع ووضع كتائب نظامية في حالة جهوزية، تحضيراً لحملة برية ممكنة في القطاع. وأيضاً يؤخذ في الاعتبار احتمال إطلاق الصواريخ إلى غوش دان. حقيقة أنه على الرغم من التصريحات، فإن الاستهداف لم يكن "جراحياً"، وخصوصاً أنه أدى إلى قتل نساء وأطفال أيضاً في أثناء الهجوم، يمكن أن تدفع إلى ردّ أقسى بكثير.
- وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنه على المستوى الاستراتيجي، ستكون "حماس" معنية بجولة قصيرة. الواقع الحالي بين إسرائيل وغزة مريح بالنسبة إليها، منذ سمحت إسرائيل بدخول نحو 17 ألف عامل من قطاع غزة للعمل في داخل أراضيها. ورواتب العمال إلى جانب المساعدات الشهرية القطرية، أدت إلى تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع إلى حد ما، وتساعد "حماس" على الاستمرار في الحكم.
- احتمال آخر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بموقف "حماس"، هو المتعلق بانزلاق العنف إلى ساحات أُخرى. في نيسان/أبريل الماضي، وبعد أن اقتحمت الشرطة المسجد الأقصى بعنف، تم إطلاق قذائف على إسرائيل من غزة والجنوب اللبناني وسورية. إسرائيل اتهمت نشطاء "حماس" في لبنان بالمسؤولية عن إطلاق النار من هناك. الاستخبارات تتحدث منذ فترة طويلة عن إمكان "وحدة الساحات" وتصعيد متزامن في عدة جبهات، بتشجيع إيراني. عملية الاغتيال في غزة يمكن أن تسرّع تحقيق هذا السيناريو، وهذا صحيح أيضاً بالنسبة إلى كل ما يخصّ الضفة، حيث مستوى "الإرهاب" هناك عالٍ أصلاً منذ آذار/مارس الماضي.
ضغوط داخلية كبيرة
- اتخذ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرار الاغتيال تحت ضغوط داخلية كبيرة. وهذا غير محصور في حركة الاحتجاجات والأزمة السياسية الحادة التي حدثت في أعقاب خطته للانقلاب القضائي. فالرد المحدود الأسبوع الماضي، دفع المعارضة إلى توجيه انتقادات إلى الحكومة بشأن سياساتها؛ أما وزراء حزب "قوة يهودية"، بزعامة إيتمار بن غفير، فقاطعوا جلسات الحكومة والتصويت في الكنيست، مطالبين بعملية هجومية أكبر.
- في نهاية المطاف، تصرّف نتنياهو كما تصرّف اللذان سبقاه في المنصب، يائير لبيد ونفتالي بينت، اللذان تعرّضا لضغوط مشابهة، كانت دوافعها أيضاً مشابهة. هو أيضاً يفعّل قوة عسكرية كبيرة نسبياً للرد على الشكاوى الداخلية على إظهار الضعف أمام "الإرهاب" وإهمال أمن سكان غلاف غزة. الفرق الأساسي هو أن نتنياهو يقف أمام موجة احتجاجات غير مسبوقة، بدأت منذ لحظة تأليف الحكومة وكشف مخططه.
- الآن، ستشكك المعارضة والاحتجاجات في أن كل خطوات رئيس الحكومة على المستوى العملياتي تتأثر بالمصيدة السياسية التي علق فيها. يمكن لحملة عسكرية أن تساعد نتنياهو على تحويل النقاش الجماهيري والإعلامي عن الانقلاب لعدة أيام. ولكن في المدى البعيد أكثر، وعلى الرغم من تصريحات الدعم للخطوات العسكرية من المعارضة، فإنه لا يتمتع بدعم واسع، ومن المتوقع أن يشكك الكثيرون من المواطنين في حساباته. أشك في أنه يستطيع تغيير المزاج العام في الدولة أكثر من عدة أيام، إلاّ إذا تطورت الحملة إلى مواجهة مستمرة متعددة الجبهات.
- من المؤكد أن مصر وقطر والولايات المتحدة والأمم المتحدة ستبذل جهوداً خلال الأيام المقبلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار جديد بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة. حتى ذلك الوقت، ستتفاخر الحكومة والناطقون باسمها بالضربة "الشجاعة" والقوية التي استهدفت "الجهاد الإسلامي". سيكون من الأفضل التعامل مع هذه التصريحات بحذر. فعملياً، لا يوجد فرق جدّي بين الخطوات العسكرية في غزة وبين الخطوات التي قامت بها الحكومة السابقة، على الرغم من الهجوم المتبادل بين المتنافسين. وحتى بعد نهاية الحملة الحالية التي أطلقوا عليها اسم "درع وسهم"، أشك في حدوث تغيير جذري في الوضع في القطاع. وكما هو الأمر لدى اختيار أسماء الحملات العسكرية، يبدو أن إسرائيل استنفدت المخزون "الإبداعي" فيما يتعلق بالحلول الاستراتيجية في غزة. فكلّ عام تقريباً، يتم القيام بحملة عسكرية هناك، وأيضاً بعد انتهاء الحملة، ستبقى غزة هي غزة، ومشاكلها ستبقى ذاتها.