مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الأخطار التي تواجه دولة إسرائيل تزداد، وقد يتعين عليها قريباً القيام بواجبها في كل ما يتعلق بحماية وحدتها وحماية مستقبل الشعب اليهودي.
وجاءت أقوال غالانت هذه في سياق كلمة ألقاها خلال مراسم منح رتب لقادة جدد في الجيش الإسرائيلي أقيمت أمس (الخميس)، وأشار فيها أيضاً إلى آخر التطورات في الملف النووي الإيراني، فقال: "إن المهمات ثقيلة والتحديات كبيرة. الواقع الذي نحن فيه معقد، لكن دولة إسرائيل والجيش وكل الأجهزة الأمنية ستعرف ما يجب عليها القيام به لضمان أمن إسرائيل الآن، وفي المستقبل."
وحضر المراسم رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، وخلالها مُنح رتبة لواء كلٌّ من نمرود ألوني الذي سيتولى منصب قائد الكليات العسكرية، وديفيد زيني الذي عُيِّن قائداً للتدريب والتكوين في سلاح البر.
انتقدت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان صادر عنها أمس (الخميس) الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووصفت إغلاق التحقيق في موقع نووي إيراني كشفت إسرائيل عنه بأنه مقلق للغاية، وقالت "إن التفسيرات التي قدمتها إيران لوجود مواد نووية في الموقع غير موثوق بها. إيران تواصل الكذب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخداع المجتمع الدولي."
وأشار البيان إلى أن استسلام المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية والوكالة ذاتها لضغوط سياسية إيرانية مخيب للآمال للغاية، وبشكل رئيسي لأن المعلومات الواردة في الملف تشير ضمناً إلى وجهين من الانتهاكات الإيرانية الصارخة لاتفاقيات التفتيش، وحذّر من أن إغلاق القضية يمكن أن تكون له عواقب خطِرة للغاية، وهو ينقل رسالة إلى الإيرانيين، فحواها أنهم غير مطالَبين بدفع ثمن لانتهاكاتهم، وأن في إمكانهم الاستمرار في خداع المجتمع الدولي في طريقهم لتحقيق هدف البرنامج النووي العسكري، كما أن هذه السابقة تُلحق ضرراً بالغاً بالصدقية المهنية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكانت هذه الوكالة الدولية أعلنت، أول أمس (الأربعاء)، أنها أغلقت تحقيقها في موقع نووي مشتبَه فيه في إيران باسم موقع مريوان، كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كشف عنه في سنة 2019. وقالت الوكالة إن إيران قدمت تفسيرات مقبولة لجزيئات اليورانيوم التي تم العثور عليها في الموقع.
وادّعى نتنياهو في حينه أن الموقع المشتبه فيه مرتبط ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني، وجرت فيه محاولة تخصيب اليورانيوم، في انتهاك لالتزامات طهران بموجب الاتفاق النووي المبرم سنة 2015. كما ادّعى أنه جرى تخصيب اليورانيوم في الموقع إلى مستوى 83.7%، وهو الأقرب إلى المستوى اللازم لإنتاج أسلحة نووية.
في سياق متصل، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستفعل كل ما هو ضروري لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وأضاف نتنياهو في بيان نشره عبر شريط فيديو أمس: "إنني أسمع كل التقارير المتعلقة بإيران، ولدي رسالة واضحة لكلٍّ من إيران والمجتمع الدولي: إن إسرائيل ستفعل كل ما هو لازم وضروري لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية".
أظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي أجرته صحيفة "معاريف" أمس (الخميس) أنه في حال إجراء الانتخابات الإسرائيلية العامة الآن، ستحصل قوائم معسكر الأحزاب المؤيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 52 مقعداً، بينما تحصل قوائم معسكر الأحزاب المناوئة له على 57 مقعداً، وتحصل قائمة التحالف بين حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وتعل [الحركة العربية للتغيير] على 6 مقاعد، وقائمة راعام [القائمة العربية الموحدة] على 5 مقاعد، ولن تتمكن قائمة بلد [التجمع الوطني الديمقراطي] من تجاوُز نسبة الحسم (3.25%).
ووفقاً للاستطلاع، ستحصل قائمة تحالُف "المعسكر الرسمي" برئاسة عضو الكنيست بني غانتس على 29 مقعداً، وتحصل قائمة حزب الليكود برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 26 مقعداً، وتحصل قائمة "يوجد مستقبل" برئاسة عضو الكنيست يائير لبيد على 18 مقعداً.
وبيّن الاستطلاع أن قائمة حزب "الصهيونية الدينية" برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش ستحصل على 6 مقاعد، وتحصل قائمة "عوتسما يهوديت ["قوة يهودية"]" برئاسة الوزير إيتمار بن غفير على 4 مقاعد، وتحصل قائمة حزب شاس لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] الشرقيين على 9 مقاعد، في حين تحصل قائمة حزب يهدوت هتوراه الحريدي على 7 مقاعد، وتحصل قائمة حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان على 6 مقاعد، وتحصل قائمة حزب ميرتس على 4 مقاعد، في حين لن تتمكن قائمة حزب العمل برئاسة عضو الكنيست ميراف ميخائيلي من تجاوُز نسبة الحسم.
وقال 43% من المستطلعين إن رئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" بني غانتس هو الأنسب لتولّي منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية، في حين قال 39% منهم إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو الأنسب.
وشمل الاستطلاع عيّنة مؤلفة من 506 أشخاص يمثلون جميع فئات السكان البالغين في إسرائيل، مع نسبة خطأ حدّها الأقصى 4.3%.
- إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي نُشر أمس (الأربعاء) مقلق طبعاً، لكنه لا يبرر هذا الهلع الإعلامي الذي نشهده في الأيام الأخيرة. وسأقول مباشرة إن إيران، عملياً، في حالة "دولة عتبة نووية" منذ عامين تقريباً، لكنها لا تزال بعيدة عن السلاح النووي ذاته. للوصول إلى حالة تمتلك فيها إيران سلاحاً نووياً تستطيع من خلاله تهديدنا وتهديد دول أُخرى، فهي بحاجة إلى عام على الأقل، أو عامين. وكي تنتقل إيران من حالة "دولة عتبة نووية" إلى حالة دولة لديها سلاح نووي، فهي بحاجة إلى ثلاثة مركّبات: الأول، هو المواد الانشطارية، بما معناه يورانيوم مخصّب إلى مستوى 90% بكمية عشرات الكيلوغرامات؛ أما الثاني فهو منظومة تفجير نووية تم إثبات فاعليتها وقدراتها العملياتية؛ والثالث رؤوس حربية نووية تصل إلى مدى أكثر من 1000 كلم.
- من جميع هذه المركّبات لا تملك إيران إلا المركّب الأول. وبحسب التقرير المحدّث الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لدى إيران يورانيوم مخصّب بدرجات مختلفة تكفي للحصول على 7 رؤوس حربية نووية، لكنها لا تمتلك أياً من المركّبات الأُخرى التي تحتاج إليها كي تصبح دولة ذات قدرات نووية.
- بشأن اليورانيوم المخصّب، أو كما يسميه العلماء "المواد الانشطارية"، يجب الإشارة إلى أنه لدى إيران الآن1 كيلوغراماً مخصّباً إلى مستوى عالٍ جداً - 60%. ويمكن تخصيبه إلى مستوى 90% خلال 12 يوماً. وهو المستوى المطلوب للسلاح النووي. لكن، وكما أشرت سابقاً، فإن وجود المواد الانشطارية لا يعني أن إيران تمتلك سلاحاً نووياً.
- عملياً، الوضع الواقعي هو أن إيران لا تلهث نحو السلاح النووي. إنها تتقدم بخطوات بطيئة، لكن المسار الذي تسير فيه، بحد ذاته، حيث المزيد والمزيد من اليورانيوم المخصّب بدرجات مختلفة، بين 5% و60%، يخدم أهدافها الاستراتيجية بالطريقة الأفضل.
- أولاً، إن إنتاج كميات كبيرة ومتزايدة من المواد الانشطارية يخلق حالة ضغط كبير على الولايات المتحدة للقيام بأي شيء لمنع الوصول إلى حالة يمكن أن تقرر فيها إسرائيل أن إيران تقترب من القدرات النووية الكاملة بصورة خطِرة، ثم تقرر الهجوم. الولايات المتحدة لا تعلم متى ستقرر إسرائيل أن إيران تخطت الخط الأحمر من طرفها، والإدارة الأميركية قلقة من الحكومة الحالية العدوانية، التي يمكنها اتخاذ خطوات عملية أسرع من التقديرات القائمة. هذا هو السبب وراء قيام البيت الأبيض والبنتاغون بإرسال قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي كي يجسّ النبض في المنظومة الأمنية، ويرى ما إذا كانت إسرائيل تنوي العمل في الوقت المنظور.
- إن قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال مايكل كوريلا موجود في البلد لهذه الأسباب بالضبط، حيث يقوم الجيش بإجراء تدريب كبير - "القبضة الحاسمة" - والذي يحاكي حرباً إسرائيلية على أكثر من جبهة، وضمنها الهجوم على إيران. الإدارة في واشنطن مستفزة بسبب تقدُّم إيران في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى قريب من المواد الانشطارية، لذلك، يبدو أن هناك ميلاً في واشنطن إلى التوصل إلى اتفاق مرحلي مع إيران، تعارضه إسرائيل لأنه يسمح لإيران بالحفاظ على كل إنجازاتها، وضمنها اليورانيوم المخصّب الذي راكمته، بالإضافة إلى أجهزة الطرد المركزي التي صنعتها وطورتها، وفي الوقت نفسه، تتم إزالة العقوبات الأميركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب عليها، إذ إن بعضها ستنتهي صلاحيته بعد بضعة أشهر.
- المقابل الوحيد الذي ستقدمه إيران في الاتفاق هو تجميد تخصيب اليورانيوم وتصنيع أجهزة الطرد المركزي المتطورة، لكنها تستطيع تجديد المسار والاندفاع نحو قنبلة نووية متى ترى ذلك ملائماً لها، وخلال أشهر معدودة. طبعاً، إسرائيل تعارض هذا الاتفاق المرحلي الذي سيسمح لإيران بالاستمرار في تهديد محيطها، عبر الخطر النووي، لكن من دون أي عقوبات، أو عزلة دولية ستكون مفروضة عليها في حال اندفعت نحو السلاح النووي.
- الإنجاز الثاني لطهران من مسار تخصيب اليورانيوم هو أنه يتم اليوم التعامل مع إيران كدولة نووية، على الرغم من أنها لا تمتلك السلاح النووي ذاته حتى الآن. الدليل على ذلك هو أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولاً عربية أُخرى تحسّن علاقاتها بإيران، بهدف الامتناع من المخاطرة المنوطة باستمرار المواجهة معها. هذا التقارب الذي تقوم به كلٌّ من السعودية والإمارات في اتجاه الجمهورية الإسلامية يقلل من استعداد هذه الدول للالتزام بمنظومة دفاع إقليمية مع إسرائيل، تحت رعاية قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي.
- الإيرانيون يبذلون جهوداً للوصول إلى سلاح نووي، ويخاطرون بردّ إسرائيلي - أميركي، للضغط على واشنطن وإخافة دول المنطقة، وبذلك يحققون أهدافهم الاستراتيجية من دون دفع أي ثمن. حتى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يئست، مؤخراً، من الحصول على تفسيرات بشأن بقايا اليورانيوم المخصّب التي كشفت عنها إسرائيل في 3 مواقع سنة
- إيران، وعلى الأقل على صعيد خطتها النووية، تستطيع تسجيل إنجاز جزئي بتحقيق أهدافها الاستراتيجية، لكنها لا تزال من دون سلاح نووي، ويبدو أنه لن يكون لديها هذا السلاح خلال أكثر من عام. على إسرائيل أن تتذكر ذلك، وأن تستمر في التجهيز وتجنيد الولايات المتحدة للجهد. إن عاماً واحداً لا يُعتبر وقتاً طويلاً خلال الحديث عن مسارات استراتيجية، ويجب القول أيضاً إنه سيكون من الصعب على إسرائيل الدخول في مواجهة مع إيران - وهو ما يعني أيضاً مواجهة مع حزب الله، ومع الفلسطينيين، ومع الميليشيات الشيعية في العراق، وأيضاً مع الحوثيين [اليمن]- من دون مساعدة جدية أميركية، على الأقل في المجال اللوجستي وتزويد الوقود في الجو، وفي مجالات أُخرى.
- "هذا انتصار للسلام" - هذه هي الكلمات التي قالها الدبلوماسي الصيني الكبير وانغ يي، بعد توقيع اتفاق التطبيع بين إيران والسعودية يوم 10 آذار/مارس الماضي. وشدّد وانغ على أن الانتصار هو انتصار للزعيم الصيني وسكرتير الحزب الشيوعي، شي جي بينغ، ولـ"مبادرة الأمن الدولية" (GSI) التي صاغها. المبادرة نفسها ذكرها أيضاً وزير الخارجية الصيني تشين غانغ، كأساس ممكن لحل النزاع في أوكرانيا، وطُرحت ثلاث مرات في حديث مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في 17 نيسان/أبريل الماضي في سياق الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.
- خلال الأعوام العشرة الأخيرة، كانت "مبادرة الحزام والطريق" (BRI) بوصلة السياسة الخارجية للرئيس شي بينغ. ولكن خلال العامين الأخيرين، تمت إضافة ثلاث مبادرات جديدة للـBRI. الأولى هي "مبادرة التطوير الدولية - GDI"، والتي كشف عنها بينغ في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال أيلول/سبتمبر 2021، في أعقاب التراجع في النمو بسبب جائحة كورونا، والهدف المُعلن لها هو مساعدة المجتمع الدولي في تحقيق الأهداف الـ17 للأمم المتحدة في أجندة 2030 للتطوير المستدام (SDGs). وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلنت الصين 32 خطوة عملية لتطبيقها، تجمع ما بين المبادرات الموجودة لدى الصين وأُخرى إضافية، بالإضافة إلى أدوات ومصادر تمويل جديدة، بينها إضافة مليار دولار إلى صندوق التطوير مع دول الجنوب، وتدريب 000 عامل.
- المبادرة الثانية هي الـ GSI التي كُشف عنها في نيسان/أبريل 2022، كمكمِّلة للـGDI، بحسب الرؤية الماركسية القائلة إن "الأمن هو شرط للتطوير، والتطوير هو ضمان للأمن." وفي الإطار الفكري للـ GSI الذي نُشر في شباط/فبراير الأخير، بعد مرور عام على الحرب في أوكرانيا، دعت الصين إلى أمن "مشترك شامل وتعاوُن مستدام،" يحترم سيادة الدول، ويتفهّم مخاوفها الأمنية. هذه الرؤية الأمنية توصف بأنها ستلتزم باتفاقيات الأمم المتحدة، وتحلّ النزاعات بطرق سلمية، وتحفظ الأمن العالمي بـ"أمن تقليدي" (مجالات ترتبط بالقتال واستعمال القوة)، وأمن "غير تقليدي" (كالتغيير المناخي والاقتصاد والسايبر والأوبئة).
- وفي آذار/مارس الأخير، تمت إضافة مبادرة أُخرى "مبادرة الحضارة الدولية GCI"، التي ستركز على المجالات الناعمة، وبينها التعليم والثقافة. وشرح وزير الخارجية الصيني أن الهدف من ورائها هو تعزيز "الوحدة، والتناغم، والاحترام المتبادل، والتفهم" بين الثقافات والحضارات المختلفة، وتشجيع العلاقات بين الشعوب، وكذلك دعم "القيم الإنسانية المشتركة".
بمَ تختلف المبادرات الجديدة عن مبادرة "الحزام والطريق"؟
- في كانون الأول/ديسمبر المقبل، ستسجّل الـBRI عشرة أعوام على إطلاقها. وتم ربط نحو 13.500 مشروع في 165 دولة بها، وإلى جانب العوائد الاقتصادية التي تُمنح للشركاء فيها، فإن المبادرة تعاني في الأعوام الأخيرة جرّاء "مشاكل في سمعتها"، وبينها الفساد، والديون المخفية، والضرر الذي يلحق بالبيئة وحقوق العمال (الادّعاء القائل إن الصين تدفع في اتجاه مصيدة ديون للسيطرة على الأملاك، لا يوجد أي دليل يدعمه). التحديات ازدادت بسبب مشاكل تمويلية من الداخل والخارج، وكذلك بعض المبادرات المنافسة التابعة للـ7G والاتحاد الأوروبي والهند واليابان.
- وعلى عكس المبادرات الجديدة، فإن جذور الـBRI تعود إلى مبادرات تطوير داخل الصين، ثم التصدير. أمّا المبادرات الجديدة فإن اسمها معها، كونية منذ البداية، وتدفع بقضايا تحظى بإجماع دولي واسع، كما قال دبلوماسي صيني كبير عن الـGDI: "من يستطيع معارضة تعاوُن من أجل التطوير؟" وهذا ما كان، فحتى نيسان/أبريل، حصلت المبادرة على دعم أكثر من 100 دولة وتنظيمات دولية، وكذلك مباركة السكرتير العام للأمم المتحدة، وانضمت 70 دولة تقريباً إلى مجموعة "أصدقاء الـGDI" في نيويورك.
- مع دخول شي بينغ، ابن الـ69 عاماً، في ولايته الثالثة من دون وريث في الأفق، فإن المديح الشخصي الذي يرافق المبادرات (أذرع البروباغندا تسمّي ذلك "حضارة شي")، الهدف منه منح شرعية لنظام القائد والحزب الذي يقف على رأسه كـ"ماركسي استراتيجي كبير" قلق على مصير البشرية. هذا بالإضافة إلى أن هذه المبادرات تعكس تطوّر السياسة الخارجية لشي، من سياسة الصبر والاحتواء إلى سياسة فاعلة، أو "روح المعركة" التي يبثها بسبب "تغيّرات دولية لم نشهدها منذ 100 عام،" كما يقول. ولأن الصين باتت مرتبطة بالعالم إلى هذا الحد، والعكس صحيح، فلا يكفي أن تردّ فقط على التغييرات بهدوء؛ على بكين أن "تقترب من مركز المنصة الدولية" وأن تبادر إلى أن تتماشى التغييرات مع مصالحها وقيمها.
- في نهاية المطاف، فإن المبادرات الثلاث تعكس إيماناً حقيقياً لدى بكين بـ"صوابية طريقها". بعد أربعين عاماً تقريباً من النمو ذي المنزلتين، تحولت الصين من دولة ضعيفة إلى قوة عظمى اقتصادياً. وفي نظر شي بينغ، إن صعود الصين هو صورة المرآة لضعف أميركا والغرب، وكذلك هو شهادة تفوُّق لـ"النموذج الصيني". المبادرات الثلاث تقف إلى جانب الـBRI، وليس بدلاً منها كخطة أساسية لنظام دولي جديد - مستقبل ما بعد الغرب سيشهد "إعادة إحياء الشعب الصيني" وتحقيق رؤية شي بينغ لـ"مجتمع إنساني لديه مصير مشترك".
- إن الهدف من وراء الـGDI هو التأثير في التطور الدولي وإخضاعه للقيادة الصينية. هذه الرؤية تولي مصالح الدول المرتبطة بالتطوير أهمية على حساب حريات الأفراد. وعلى عكس "طريق الحرير" الصينية، فإن أطراً كـ"مجموعة أصدقاء الـ GDI" تجتمع تحت مظلة الأمم المتحدة، وتدعم أهدافاً تطويرية كونية. هذه الحقيقة تمنح شرعية دولية، وتساعد على "هضم" الأفكار غير الليبرالية التي تدفع بها قدماً، كالتعاون في مجال السايبر في إطار فكرة "السيادة على الإنترنت" التابعة للصين - إنترنت مغلق ويخضع للرقابة.
- إن مجرد تعريف "رؤية أمن جديدة" في أساس الـGSI بحد ذاتها، هو بديل من "الرؤية القديمة" للولايات المتحدة، والتي تستند، بحسب الصين، إلى معادلة صفرية، ومعسكرات، وعقلية الحرب الباردة. وعملياً، إن الهدف من وراء الـGSI هو تحدّي شرعية منظومة الحلفاء التابعة للولايات المتحدة وتهدد الصين، مثل "الناتو" وAUKUS و Quad و G7. في الشرق الأوسط مثلاً، الإطار الفكري ينادي ببنية أمنية جديدة في الشرق الأوسط، وإقامة ملتقى أمن قومي في بكين، وعقد "مؤتمر سلام عالمي كبير ذي صلاحيات وتأثير أكبر لحلٍّ عادل للقضية الفلسطينية."
- ومع الكشف عن الـ GCI، صرّح شي بينغ بأن نجاح التطور الصيني "يكسر الأسطورة القائلة إن الحداثة مساوية لتبنّي قيَم الغرب." ففي الوقت الذي تعزز الولايات المتحدة صراع الحضارات، فإن الصين "تريد السماح لجميع الأزهار في حديقة الحضارات أن تزهر." حتى الصين تستند إلى أن كل شيء نسبي في مجال الثقافة كي تعرّف من جديد القيم الأساسية لحقوق الإنسان والديمقراطية كمتغيّرات بحسب الدولة والثقافة. بذلك، تتجنب التدخل في الشؤون الداخلية باسم "القيم الكونية الغربية" التي ترفضها وتحاربها.
ماذا بالنسبة إلى إسرائيل؟
- كما في حالة الـBRI، فإن الصين لم تقُم بعد بترتيب الجداول الزمنية والميزانية بوضوح. لذلك، تم إدراج الوساطة الصينية بين إيران والسعودية في إطار الـGSI فقط، بعد أن نجح، بالصورة نفسها التي تم فيها إدراج مشاريع وربطها بمبادرة الحزام والطريق، حتى أنها بدأت قبل المبادرة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يجب التعامل مع المبادرات على أنها مبادرات فارغة. حتى لو أن أغلبية الأفكار ستبقى على الورق، إلّا إن مكانة المبادرات المركزية في السياسة الخارجية الصينية، تفرض على إسرائيل متابعة تطوُّرها.
- في حديث مع رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، دعا شي جين بينغ إسرائيل إلى أن "تكون جزءاً فاعلاً من الـ GDI". إسرائيل لم تُجب بعد على الدعوة، ولم تعبّر عن أي موقف من المبادرات الثلاث، لكن في حال قبلت الدعوة، أو دعمتها شخصيات كبيرة في إسرائيل، فإنها ستنضم إلى مجموعة من الدول "ضد الليبرالية"، بالإضافة إلى أنها ستمنح الصين إنجازاً دعائياً ضد الغرب. وفي حال انضمت وأُرغمت على الانسحاب، فإن العلاقات مع بكين ستتضرر كما جرى في العلاقات بين الصين وإيطاليا - الدولة الوحيدة بين دول الـ G7 التي انضمت إلى الـBRI في سنة 2019، وتحاول التراجع اليوم. معارضة المبادرة، في المقابل، ستعامَل على أنها خطوة عدائية وتُلحق الضرر بالعلاقات الإسرائيلية - الصينية. لذلك، فإن مصلحة إسرائيل في كل ما يخص الـ GDI هي الامتناع من الانضمام، أو التعبير عن الدعم الجارف، والاستمرار في التعاون على أساس مشاريع منفصلة. عليها التعامل مع مركّبات المبادرات، كلّ بحسب ظروفه، وذلك عبر الحفاظ على توازُن بين الحسابات الاقتصادية والسياسية والخارجية والأمنية.
- أمّا الـGSI ، فإن الهدف منها هو زعزعة الوجود الأمني للولايات المتحدة والأطر التي تقودها، وضمنها الشرق الأوسط، ويمكنها أن تُلحق الضرر بالاتفاقيات الإبراهيمية، وببنية الأمن القومي الإقليمية برعاية الولايات المتحدة والـI2U2، ومنصة للتعاون الناعم بين إسرائيل والولايات المتحدة والهند والإمارات. هذا بالإضافة إلى أن بكين تميل عادة إلى الانحياز إلى مصلحة الفلسطينيين، وتمنح إيران حبل نجاة اقتصادياً، وشرعية دولية، وحلولاً تكنولوجية لصمود النظام. لذلك، فإن دعم الـGSI يتناقض مع المصلحة الإسرائيلية.
- وأكثر من البعد الأمني، فإن إشكاليات الدعم الإسرائيلي للمبادرات الصينية تنعكس أيضاً في الأبعاد القيمية والمعيارية. الدعم المعلن في الـGSI لمعاهدات الأمم المتحدة جاء ليغطي على رفض الصين لإدانة الخرق الصارخ لهذه المعاهدات بالاجتياح الروسي لأوكرانيا، الذي تبرّره بكين وموسكو بأنه ردّ على توسُّع "الناتو". هذا بالإضافة إلى أن النيات الحسنة التي يتم تسويقها على أنها "نمو مشترك" و"علاقات عابرة للثقافات" في إطار الـGCI هي لمحاربة القيم الكونية الأساسية والليبرالية التي تستند إليها الديمقراطيات، كإسرائيل. لذلك، فمن غير المستحسن توقيع هذه الاتفاقيات قبل قراءة تفاصيلها، ولا ينبغي على إسرائيل تبنّي مبادرات جديدة ودعمها قبل مراجعتها في العمق، ومراجعة إسقاطاتها.