مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل بلّغت مصر أنها تتوقع منها إجراء تحقيق شامل ودقيق في مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين برصاص شرطي مصري قام باجتياز منطقة الحدود بين البلدَين يومَ السبت.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الأسبوعي الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "إن الحادثة على الحدود كانت خطرة وخارجة عن المألوف، وسيتم التحقيق فيها حتى النهاية. وإسرائيل بعثت برسالة واضحة إلى الحكومة المصرية أعربت فيها عن توقعها أن يكون التحقيق المشترك لتقصّي وقائع الحادثة شاملاً ودقيقاً. وهذا جزء من تعاون أمني مهم قائم بيننا منذ أعوام لمصلحة كِلا البلدَين."
وتعهّد نتنياهو باستخلاص كل العبر الضرورية فيما يتعلق بالعمليات العسكرية على طول السياج الحدودي، وقال: "سنقوم بتحديث القواعد والأساليب العملياتية، وكذلك وسائل الحدّ من التهريب وضمان عدم تكرار هجمات مأساوية كهذه."
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن المسلح المصري اجتاز منطقة الحدود من خلال بوابة طوارئ في السياج الأمني، ويبدو أنه تصرف بمفرده.
وفي مصر، قالت مصادر عسكرية رفيعة المستوى إن الشرطي كان يلاحق مشتبهاً فيهم عَقِبَ محاولة تهريب مخدرات في مكان قريب. وشدّدت هذه المصادر على أن الحادثة لا تعكس العلاقات بين البلدَين، والتي أصبحت قريبة أكثر فأكثر في معظم المسائل الأمنية منذ معاهدة السلام التي وقّعها الجانبان سنة 1979 التي أنهت رسمياً عقوداً من العداء المسلح بينهما. كما شدّدت على أن الحوادث الدامية كهذه في منطقة الحدود الإسرائيلية - المصرية تعتبر نادرة الحدوث.
انتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لقيامها بإغلاق تحقيقَين في نشاط نووي إيراني مشتبه فيه.
وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الأسبوعي الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "إن استسلام الوكالة الدولية للطاقة الذرية للضغط الإيراني هو وصمة عار في جبينها."
وأشار نتنياهو إلى أنه قام، سنة 2019، بالكشف عن أحد المواقع المشبوهة في إيران خلال حديثه عن ملفات الأرشيف النووي الذي أخرجه جهاز الموساد الإسرائيلي من إيران في مهمة كشف عنها قبل عام من ذلك. وأضاف أن هذه الملفات تثبت بصورة قاطعة أن إيران انتهكت الاتفاق النووي الموقّع سنة 2015، وتسعى لامتلاك سلاح نووي.
وأضاف نتنياهو: "إن الأعذار التي قدّمتها إيران في السنوات التي تلت ذلك ليست غير معقولة فحسب، لكنها أيضاً غير ممكنة من الناحية التقنية. إن السلوك الضعيف للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مواجهة هذه الأعذار الفاشلة يبعث برسالة إلى قادة إيران، فحواها أنهم ليسوا مضطرين إلى دفع أي ثمن لخروقاتهم للاتفاق النووي. إذا أصبحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية منظمة سياسية، فلن تكون هناك أهمية لنشاطاتها الرقابية في إيران، ولن يكون هناك معنى للتقارير التي تصدرها بشأن نشاطات إيران النووية."
وعلّق نتنياهو على المحادثات التي أجراها كبار مساعديه الأسبوع الماضي في واشنطن مع كبار مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن، بمن فيهم مستشار الأمن القومي جيك ساليفان، فقال إن التعاون الأمني والاستخباراتي بين إسرائيل والولايات المتحدة في أعلى مستوياته في المطلق، مؤكداً أن تحالف إسرائيل مع الولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى. كما أكد أنه إلى جانب مواصلة المعركة ضد "إيران نووية"، فإن إحدى أولوياته القصوى هي الجهود المبذولة لتوسيع دائرة السلام، في إشارة إلى التطبيع الممكن مع مزيد من الدول العربية بعد "اتفاقات أبراهام" الموقعة سنة 2020. وقال نتنياهو: "حتى لو كان الجمهور العريض لا يعرف كل شيء، فإننا نعمل بنشاط ومنهجية واستمرارية لتحقيق هذَين الهدفَين."
تجدر الإشارة إلى أن هناك عدة وزراء لم يكونوا حاضرين في اجتماع الحكومة أمس، إذ إنهم توجهوا إلى نيويورك مع أعضاء كنيست آخرين من الائتلاف الحكومي لحضور مسيرة دعم إسرائيل السنوية التي جرت أمس في نيويورك.
عيّن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، أمس (الأحد)، اللواء نمرود ألوني رئيساً لطاقم التحقيق الذي سيتقصّى وقائع مقتل 3 جنود إسرائيليين بنيران شرطي مصري في هجوم وقع في منطقة الحدود بين البلدَين قبل يومَين (السبت).
وسيترأس ألوني، الذي من المقرر أن يتولى قريباً منصب قائد فيلق العمق والكلّيات العسكرية، الطاقم الذي سيحقق في الإخفاقات المنهجية التي ساهمت في الهجوم الدامي، وفق ما قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي.
في غضون ذلك، سيحقق قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في الجيش الإسرائيلي اللواء إليعيزر توليدانو، وقائد الشعبة 80 العميد إيتسيك كوهين، في سلوك القوات خلال الهجوم.
ومن المقرر أن يقدّم توليدانو وكوهين نتائج تحقيقهما إلى هليفي في غضون أسبوع.
وبحسب التحقيق الأولي للجيش الإسرائيلي، فقد تسلل الشرطي المصري عبر الحدود من خلال بوابة طوارئ كانت مغلقة بأسلاك بلاستيكية فقط، وتُستخدم من طرف الجيش الإسرائيلي لعبور الحدود عند الضرورة بالتنسيق مع الجيش المصري. وزعم الجيش المصري أن الشرطي عبر الحدود من أجل ملاحقة مشتبه فيهم في حادثة تهريب مخدرات.
وسار الجندي المصري المسلح نحو 5 كيلومترات من موقع حراسته في مصر، وصعد منحدراً للوصول إلى بوابة الطوارئ، وهو ما يشير إلى معرفته بالمنطقة والحاجز الأمني، وقام بقطع الأسلاك البلاستيكية بواسطة سكين قتالية، وفتح المدخل الصغير إلى إسرائيل، ومشى نحو 150 متراً إلى نقطة الحراسة حيث تواجد جنديان، فقام بقتلهما، ثم اصطدم بجندي ثالث وقام بقتله، وذلك قبل أن يفتح جنود إسرائيليون آخرون النار عليه ويردوه قتيلاً.
شهدت الاحتجاجات الأسبوعية ضد خطة الحكومة الإسرائيلية لإصلاح النظام القضائي، التي انطلقت مساء أمس (السبت) للأسبوع الـ22 على التوالي، زيادة في الإقبال مقارنة بالأسبوع الماضي، وقال المنظمون إن سبب ذلك يعود إلى الغضب من الشرطة بسبب حملة قمع عنيفة لتظاهرة نُظمت بالقرب من مقر إقامة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الخاص في قيسارية ليلة الجمعة، وبسبب انتزاع عضو الكنيست سيمحا روتمان، أحد مهندسي الخطة، مكبر صوت من إحدى المتظاهرات التي كانت تتبعه خلال زيارة إلى الولايات المتحدة.
وقدّر منظمو الاحتجاجات أن نحو 140.000 شخص شاركوا في التظاهرة الرئيسية في شارع كابلان في تل أبيب، إلى جانب آلاف آخرين في نحو 150 موقعاً في جميع أنحاء إسرائيل، في حين شارك نحو 80.000 شخص في تظاهرة تل أبيب الأسبوع الماضي.
وبدأت عدة تظاهرات، بما في ذلك في تل أبيب، إحياء ذكرى 3 جنود إسرائيليين قُتلوا في وقت سابق من اليوم في إطلاق نار وفي اشتباكات على الحدود مع الشرطي المصري الذي قُتل لاحقاً بالرصاص.
وخلال التظاهرة الرئيسية في تل أبيب، رفع المتظاهرون لافتة كبيرة كُتب عليها: "الولايات المتحدة تقاطع بيبي [بنيامين نتنياهو] وإيران تسارع نحو قنبلة نووية"، في إشارة إلى تجنب واشنطن توجيه دعوة رسمية إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية لمدة 6 أشهر بسبب خطة إصلاح النظام القضائي الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي.
وبعد انتهاء الخطب، توجه مئات الأشخاص إلى طريق أيالون السريع، وأغلقوا الطريق الرئيسي في كلا الاتجاهَين لفترة وجيزة، وأضاء بعضهم المشاعل على الطريق. وبينما قامت الشرطة بسرعة بإخلاء المسلك المتجه نحو الشمال من الطريق السريع وبإعادة فتحه، ظل المسلك الجنوبي مغلقاً لأكثر من ساعة.
وجرت مسيرة منفصلة من مركز ديزنغوف إلى شارع كابلان في تل أبيب نظمتها "الكتلة المناهضة للاحتلال"، ولوّح المتظاهرون اليهود والعرب المشاركون فيها بالأعلام الفلسطينية، ورفعوا شعارات تندّد بالحكم العسكري الإسرائيلي المستمر منذ عقود في الضفة الغربية، مؤكدين أن القضية يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الاحتجاجات المناهضة للإصلاح القضائي.
وفي يوم الجمعة، تم اعتقال 17 شخصاً وجرح عدة أشخاص خلال التظاهرة في قيسارية التي وصفتها الشرطة بأنها غير قانونية.
واستنكر رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد الاعتقالات قائلاً: "لن نقبل ممارسة العنف ضد وطنيين إسرائيليين يخرجون للاحتجاج." وأضاف لبيد: "إننا نلوح بالعلم ضد حكومة متطرفة. هذا العلم ينتمي إلى كل أولئك الذين يؤمنون بدولة يهودية وديمقراطية وقومية وليبرالية."
في المقابل، أعرب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] عن دعمه للضباط الذين اعتقلوا المتظاهرين.
وردّاً على ذلك، انتقد منظمو الاحتجاجات بن غفير، واصفين إياه بأنه وزير العنف والتحريض، قائلين إن "المتهم بالإرهاب يدعم عنف الشرطة. لسنا خائفين منك، سنواصل الاحتجاج في أي مكان ضد المشاركين في محاولة الانقلاب."
وتأتي التظاهرات المستمرة بعد أسبوع من إعلان نتنياهو أن الخطة المثيرة للجدل لإصلاح القضاء ستعود الآن إلى الأجندة التشريعية بعد إقرار ميزانية الدولة. وتم تعليق الخطة منذ أواخر آذار/مارس الماضي، عندما قال نتنياهو إنه سيوقف الخطة للسماح بإجراء محادثات مع المعارضة تحت رعاية رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ بهدف إيجاد حل وسط مقبول على نطاق واسع بشأن الإصلاح القضائي، لكن شهوراً من المحادثات لم تسفر عن أي انفراج، وزادت الضغوط داخل الائتلاف الحكومي لاستئناف التشريعات.
كشفت صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الصادرة في مدينة ميلانو الإيطالية عن تفصيلات إضافية بشأن حادث غرق السفينة في بحيرة ماجوري شمال إيطاليا قبل عدة أيام، والذي أسفر عن مصرع مسؤول سابق في جهاز الموساد الإسرائيلي و3 أشخاص آخرين، بينهم عنصران من الاستخبارات الإيطالية.
وأفادت الصحيفة أن اللقاء بين رجال الاستخبارات الإيطاليين والإسرائيليين على متن السفينة تمحور بشأن عملية مشتركة لإحباط نقل سلاح غير تقليدي إلى دولة شرق أوسطية معادية للبلدَين من دون أن تذكرها.
كما جاء في التقرير الذي أوردته الصحيفة نفسها أن عملية شبيهة نُفذت قبل سنوات في سويسرا لمنع وصول معدات تتعلق بمواد صيدلانية إلى الدولة ذاتها.
من جانبها، أشارت صحيفة "لا ريبوبليكا" الصادرة في روما إلى أن الحديث يدور بشأن إيران، وأضافت أن جهاز الموساد وجهاز الاستخبارات الإيطالي عملا على إجهاض نقل أسلحة دمار شامل إلى طهران، وكذلك إحباط نقل تكنولوجيا ثنائية الاستخدام للأغراض المدنية والعسكرية على حد سواء.
- بعد مرور 44 عاماً على اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، يعود الهجوم القاتل على الحدود الذي حصد حياة ثلاثة جنود إسرائيليين ليُثبت مجدداً مدى تعقيد العلاقات بين الدولتَين.
- وقع الحادث المأساوي في الأمس على الحدود بين الدولتَين، وتحديداً في ذروة "شهر عسل" في العلاقات، فالتعاون الأمني والاستخباراتي بين الأجهزة الأمنية ازداد عمقاً في السنوات الأخيرة، وأدت مصر دوراً محورياً في التوصل إلى تفاهمات وترتيبات لإنهاء جولات القتال بين إسرائيل والتنظيمات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، كما تعزز وتوسع التعاون في مجال الطاقة، وازداد بصورة كبيرة عدد السياح الإسرائيليين الذين يزورون مصر.
- هناك عاملان أساسيان وراء هذا التوجه: الأول، هو تأييد إسرائيل، من دون أي تحفظ، الانقلاب الذي قام به السيسي وأدى إلى تنحية الرئيس محمد مرسي ووضع تنظيم الإخوان المسلمين خارج القانون. الثاني، هو وجود عدو مشترك شرس في شبة جزيرة سيناء، حيث تنشط خلايا مسلحة من تنظيم داعش، الذي على الرغم من أنه ضعُف مؤخراً، فإنه لا يزال صامداً، ويهاجم قوات الجيش المصري المنتشرة في سيناء بصورة غير مسبوقة.
- وفي ضوء الحرب الضارية لاقتلاع خلايا داعش، وافقت إسرائيل على دخول قوات من الجيش المصري بأعداد وتسليح أكبر مما نص عليه الملحق العسكري في اتفاق السلام، ومن الممكن أن الخلافات في هذا الشأن ستُطرح مجدداً في اليوم الذي يجري فيه القضاء على وجود داعش.
- وجاء الحادث المأساوي على الحدود في وقت تقوم فيه دول عربية مركزية، وفي طليعتها مصر والسعودية، بخطوات يمكن أن تؤدي إلى توترات أو أزمة مع إسرائيل. تقوم هذه الدول بفحص هذه العلاقات ضمن سياق سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه إيران، والتغييرات في سياسة الولايات المتحدة تجاه هذه الحكومة. وفي الرياض والقاهرة، يتابعون عن كثب البرودة التي تبديها إدارة بايدن تجاه حكومة نتنياهو، وتفضيل الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
- على هذه الخلفية، بدأت بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، إعادة فحص علاقاتها مع إيران. وعُلم مؤخراً أن مصر أيضاً تجري اتصالات مع إيران لرفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفارات.
- هذه التوجهات الإقليمية تشكّل تحدياً لصنّاع القرار في القدس، فالعلاقات بين إسرائيل ومصر، وبصورة أساسية التعاون الأمني، يشكّلان إحدى ركائز الأمن القومي لكِلا البلدَين. ومع ذلك، من المبكر تحديد كيف، وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر التوجهات التي برزت مؤخراً في الشرق الأوسط في العلاقات المصرية - الإسرائيلية؟ وعندما جرى الكشف عن الحادثة على الحدود، أجرت مصر وإسرائيل اتصالات مكثفة على مختلف المستويات، واعتُبرت الحادثة استثنائية، وجرى الاتفاق على إجراء تحقيق مشترك، وأن يبذل كل طرف كل ما في وسعه لمنع تكرار حوادث مشابهة مستقبلاً.
- يدل هذا التفاهم على "شهر عسل" في العلاقات الأمنية بين إسرائيل ومصر. لكن من جهة أُخرى، فإن هذا لا يمنع المناقشة المطلوبة لتأثير التوجهات الجديدة الناشئة في الشرق الأوسط، والتي يمكن أن تؤثر في السلام المصري- الإسرائيلي.
- عندما يصبح السيء أشد سوءاً، علينا أن نفكر مجدداً في سبل عملنا. اليوم تنتهي السنة الـ56 للاحتلال، وكما هي الحال في كل سنة وطوال السنة، نشير إلى الظلم المستمر، وإلى الأبارتهايد، والعنف والنهب، لكن السنة الأخيرة كشفت عن هاوية جديدة؛ عنف متزايد، وضم متسارع، وطرد، وهجوم علينا نحن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.
- ومن خلال تفصيلات الوضع الفوضوي، أدركْنا أنه لم يعد في الإمكان الاستمرار في روتين التوثيق ونضال كل منظمة على حدة، وهناك حاجة ماسة إلى جمع النقاط وفحص سياسة الحكومة فحصاً شاملاً. لذلك، توحّدنا للمرة الأولى؛ 17 منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان رائدة في إسرائيل، كي نقدم للجمهور في البلد وفي الخارج تحليلاً متكاملاً للواقع المستجد في المناطق، وندعو بصوت واحد إلى العمل الحثيث والفوري.
- فيما يتعلق بالاحتلال والأبارتهايد اللذَين يُلحقان الضرر بكل مجالات حياة الفلسطينيين، فإن كل منظمة تركز مهنياً على شيء محدد. ويجمع عملنا بين الناحية القانونية والجيوسياسية، وبين النضال من أجل السلامة والأرض وبين المرافقة على الأرض لتمثيل قانوني دولي. لهذه المنظمات تجربة متراكمة لسنوات طويلة من النضال ضد الاحتلال وتوثيق الانتهاكات الكبيرة التي يُلحقها بحقوق وحياة الإنسان. ومعاً، نقود أكثر من 200 عامل يخرجون إلى الميدان ويرسمون الخرائط، ويجرون المقابلات، ويجمعون الشهادات، ويصورون، ويقدّمون العلاجات الطبية، ويؤمّنون المساعدة القانونية، ويكتبون ويحررون كل ما يمكن أن يصل إلى من يريد أن يسمع.
- يقودنا العمل المتراكم إلى استنتاج قاطع؛ نحن نشهد زيادة دراماتيكية في حدة الوضع. لقد ركزنا في التقرير المشترك الصادر اليوم على أربع قضايا ملحة جداً:
- التسارع في خطوات الضم: في هذه السنة، سجلنا الانتقال من الضم الذي تدفع به إسرائيل قدماً طوال سنوات الاحتلال كأمر واقع إلى ضم كامل. طبعاً، امتنعت الحكومة من إعلانها عموماً ضم المناطق، لكن انتقال الصلاحيات المدنية إلى بتسلئيل سموتريتش من خلال منصبه كوزير في وزارة الدفاع جعله عملياً الشخص المدني الذي يحكم في الضفة الغربية. هذه الخطوة، بالإضافة إلى خطوات تشريعية أُخرى، ترسّخ بصورة بيروقراطية توسع سيطرة المواطنين الإسرائيليين فقط على المناطق (أمّا الفلسطينيون، فلا يزالون يخضعون لحكم عسكري)، ومغزى ذلك تسريع الضم الكامل.
- في هذه الأثناء، يقسم كل من الفصل بين غزة والضفة الغربية، وتدمير المؤسسات والمجتمع المدني، المجتمعَ الفلسطيني إلى أجزاء صغيرة يمكن السيطرة عليها وإدارتها. لقد جرى التعبير فوراً عن إعلان الحكومة أن هدفها مضاعفة عدد المستوطنين في الضفة في خطط البناء وفي الموافقة على ميزانيات. إن الاستثمارات الضخمة لوزارة الاستيطان والمهمات الوطنية، وتخصيص ربع ميزانية وزارة المواصلات للبنى التحتية في المناطق، والدفع قدماً بمشاريع كبيرة للمساكن في عشرات المستوطنات وشق الطرقات (الطريق الدائري الشرقي والبناء في منطقة E1 تحديداً) كلها أشياء تدل على أن ما كان يُعتبر طوال سنوات "ضماً زاحفاً" قد تعلم المشي وبسرعة.
- تصاعد خطوات الطرد والاقتلاع: عندما يكون هدف الاحتلال ضم الحد الأقصى من الأرض، وتقليص عدد السكان الفلسطينيين إلى الحد الأدنى، فإن الصورة التي تستكمل الضم هي الطرد. لقد تركزت جهود الطرد في السنة الأخيرة على القدس الشرقية وأراضي منطقة ج. وقد جرى في القدس منع حقوق التخطيط والبناء، وجرى هدم منازل واستغلال "قانون تسوية الأراضي" لنهب السكان الفلسطينيين وجعلهم يواجهون خطر حرمانهم إقامتهم وطردهم من المدينة. لقد أُعلن أن نصف الأراضي في المنطقة ج هي أراضٍ عسكرية مغلقة، ولا يمكن التجول فيها أو الزراعة أو الرعي، وهو ما يبعد الفلسطينيين عن أراضيهم.
- ويجب الإشارة تحديداً إلى أعمال الطرد ضد سكان بلدة مسافر يطا التي شرعنتها المحكمة العليا والخطوات السيئة التي تمارَس ضدهم، في محاولة لطرد أكثر من ألف شخص. إن منع الفلسطينيين منعاً مطلقاً من حقوقهم في تخطيط البناء في المنطقة ج يجعل عدداً من المنازل يواجه خطر الهدم، ويجعل الجماعات تواجه الطرد، ونذكر على سبيل المثال على ذلك خان الأحمر. علاوة على ذلك، أصبحت الأعمال المخطط لها والمأسسة لعنف المستوطنين بدعم من القوى الأمنية أكثر تكرراً وتدميراً. إن عنف المستوطنين هو أداة فعّالة لطرد الجماعات الفلسطينية من أراضيها، وللتطهير الإثني لمناطق واسعة في المنطقة ج، وعلى سبيل المثال نذكر سكان بلدة عين سامية. هذه الخطوات تحظى بغطاء تاريخي، وهو النضال من أجل "أرض الآباء"، ومن ضمن ذلك استخدام مواقع ومنتزهات وطنية لمصادرة الأراضي.
- تعاظم عنف القوى الأمنية إزاء الفلسطينيين: وصل عدد القتلى من الفلسطينيين في الضفة إلى الذروة منذ الانتفاضة الثانية، ويعترف الجيش بأن نصف هؤلاء القتلى لم يكونوا مسلحين، وربعهم من الأطفال. إن اقتحام المنازل ليلاً والاعتقالات العنيفة للأولاد، وتسجيل أكبر عدد من المعتقلين الإداريين خلال الـ20 عاماً الأخيرة، والعنف خلال تحقيقات الشاباك وانتهاك حقوق الأسرى، كل ذلك يؤشر إلى تصاعد العنف في "منظومة العقاب" بالنسبة إلى الفلسطينيين.
- إن العنف في غزة هو اللغة الوحيدة، فقد قتلت الهجمات الجوية، مع علم مسبق، أطفالاً وسكاناً، والحصار يضر بكل نواحي الحياة، ويحصد ثمناً دموياً من خلال الأزمة الإنسانية، ويفرض قيوداً على حركة المرضى. يجري كل هذا في الوقت الذي تحظى فيه القوى الأمنية بحصانة بفعل الأمر الواقع بحسب القانون؛ أقل من 1% من الشكاوى ضد عنف الجنود يصل إلى توجيه كتاب اتهام، ولم يُقدَّم كتاب اتهام واحد بعد تقديم 1400 شكوى بشأن عنف الشاباك خلال الـ20 عاماً الأخيرة.
- الارتفاع في درجة الهجوم على منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان: من أجل الدفع قدماً بهذا الظلم من دون محاسبة، تعمل الحكومة على إسكات جمعيات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية. صُنفت جمعيات فلسطينية تدافع عن حقوق الإنسان مؤيدة للإرهاب من طرف الوزير السابق بني غانتس، ولم تنجح دولة إسرائيل في تقديم أدلة مقنعة تثبت ذلك، وبعد فحص شامل، رفضت دول الاتحاد الأوروبي القرار. لكن على الرغم من ذلك، فإن لهذا القرار تداعيات قاسية، لأن مكاتب هذه الجمعيات والعاملين فيها يتعرضون لهجمات دائمة، وقدرتهم على تنفيذ مهماتهم تضررت كثيراً.
- لقد شهدنا، كمنظمات إسرائيلية، في الماضي حملات افتراء ومحاولات نزع للشرعية، هدفها المس بنشاطنا، ولقد شهد هذا العام ارتفاعاً في المحاولات لمحاصرة خطواتنا بوسائل قانونية. إن العملية التشريعية الحالية في مراحل متعددة موجهة إلى فرض قيود على قدرتنا على تجنيد الموارد والاستمرار في عملنا، وتفرض قيوداً على الوسائل التي يمكن استخدامها للدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.
- تدرك أجزاء كبيرة من الجمهور اليوم أن الهدف من الانقلاب القضائي هو خدمة سياسة النهب والضم. ومن أجل النضال دفاعاً عن الديمقراطية والمساواة، يجب توحيد القوى والجماعات في البلد وفي الخارج. يدل نجاح النضال المشترك لمنظمات المجتمع المدني في وقف القوانين المعادية للديمقراطية على أنه عندما نعمل معاً نقدر على مواجهة القوة المدمرة لليمين.
- نحن نوحد قوانا لأن الوضع يتطلب نضالاً مشتركاً إلى أن تتحقق المساواة الكاملة. يعلّمنا التاريخ أن السكوت ليس ممكناً، وخصوصاً لوقت طويل، وبالإضافة إلى تزايد العنف والضم والطرد والملاحقة، سيتواجد هنا دائماً مجتمع أكبر يواصل مطالبته بإنهاء الظلم الفظيع للاحتلال وللأبارتهايد.
- الموقعون: مديرة "عير عميم" يهودت أوبنهايمر؛ مدير "عميق شبيه" ألون أرداد؛ مدير "توراة الحق" أريك أشرمان؛ مديرة "زازيم – حراك شعبي" رلوكا غانور؛ مدير "صوت الضمير للدفاع عن حقوق الإنسان" آفي دوبش؛ مديرا "بماكوم- مخططون دفاعاً عن حقوق التخطيط" كوني هكبرنت وأفرات كوهين –بار؛ مديرة "مسلك- مركز الدفاع عن حرية الحركة" حانيا هاري؛ مديرا "لنكسر الصمت" يعال لوتان وأفنر غبرياهو؛ مديرة "هموكيد- مركز الدفاع عن الفرد" جيسيكا مونتل؛ مدير "صندوق الدفاع عن حقوق الإنسان" عامير متسر؛ مديرا "مقاتلون من أجل السلام" رنا سلمان ويونتان غار؛ مدير "السلام الآن" ليؤور عميحاي؛ مديرة "يش دين" زيف شطهل؛ مدير "اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل" طال شتاينر؛ مدير "أطباء للدفاع عن حقوق الإنسان" غي شيلو؛ ومديرة "أباء ضد اعتقال الأطفال" موريا شالوميت.
- قبل 42 عاماً، فوجئ كل من صدّام حسين والإدارة الأميركية والمجتمع الإسرائيلي أيضاً عندما قرّرت إسرائيل إرسال طائراتها وطيّاريها لتدمير المفاعل النووي القريب من بغداد قبل تشغليه. وفي أيلول/سبتمبر من سنة 2007، أيضاً فوجئ كل من المجتمع في إسرائيل وبشّار الأسد بعد أن سمعوا بقصف المفاعل النووي الذي قامت كوريا الشمالية بمنح سورية إياه، وأقيم بجانب دير الزور.
- أمّا الحالة الإيرانية، فمختلفة جوهرياً، فالإيرانيون والمجتمع في إسرائيل يناقشون البرنامج الإيراني النووي وإمكان الضربة الإسرائيلية طوال الـ25 عاماً الماضية. لقد أصبح البرنامج النووي الإيراني في مرحلة متقدمة خلال هذه السنة (2023)، وهو يتصدر العناوين. وتعود القيادات الإسرائيلية وتصرّح أنها لن تسمح لإيران بالوصول إلى السلاح النووي، والإدارة الأميركية تعزّز من تحركاتها العسكرية في المنطقة بهدف ردع إيران عن اتخاذ القرار بالاندفاع نحو القنبلة. حتّى إن مستشار الأمن القومي جاك سوليفان أوضح للمرّة الأولى أن الولايات المتحدة تعترف بحق إسرائيل بحرّية العمل في مواجهة إيران.
- تلقّى المجتمع في إسرائيل الأسبوع الماضي عدّة أخبار دراماتيكية بشأن وجود "قفزة إيرانية للوصول إلى القنبلة تفرض على إسرائيل تنفيذ ضربة." وتميّز الوضع العام في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة بصورة أساسية بحالة من الهلع، وقد أثارت عناوين الصحف، وأيضاً نشرات الأخبار، بالإضافة إلى تصريحات قيادات الدولة، حالة كأننا عشيّة ضرب إيران، لكن من الصعب تشخيص تطوّر جديد يبرّر هذه العناوين. إن سلاح الجو يتدرّب منذ سنوات على ضربة كهذه، والإيرانيون منذ ثلاثة أعوام على بعد مسافة قليلة (تتراوح بين عدّة أسابيع وأشهر قليلة) من الوصول إلى المواد الانشطارية اللازمة للقنبلة الأولى.
- وسنعدّد هُنا بعض الأسئلة الأساسية والإجابات البسيطة من أجل إعادة توضيح الوضع:
هل ستقوم إيران بصناعة قنبلة خلال الأشهر القريبة؟
- قطعاً لا. صحيح أن إيران على بُعد أسبوعَين من تخصيب يورانيوم إلى درجة 90% بكميّة كافية لقنبلة واحدة، منذ اتخاذ القرار بذلك، لكن الطريق إلى القنبلة يمر بتركيب منظومات سلاح معقدة وذكية جداً، وبحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيليّة، فإن هذا المسار سيستغرق عامَين من اتخاذ القرار. لم يُقرّر المرشد الأعلى الإيراني التخصيب أو الوصول إلى السلاح، كما أن تحسين العلاقات مع السعودية والدفع بحوار دبلوماسي مع الولايات المتحدة هو أمر يقلّل من المخاطرة التي سيتخذها قريباً.
هل تخطّت إيران الخط الأحمر الذي رسمه نتنياهو في الأمم المتحدة سنة 2012؟
- طبعاً، فالخط الأحمر الذي وضعه رئيس الحكومة هو 90% من المواد المطلوبة لقنبلة واحدة، لكن في الوقت الذي كانت إسرائيل مشغولة فيه بخمس جولات انتخابية، راكمت إيران كميات من اليورانيوم المخصّب الذي إذا تم تخصيبه على درجة الاستخدام العسكري، فإنه سيكفي لـصنع 5-7 قنابل. عملياً، إيران كانت حذرة بعدم تخطّي هذا الخط حتى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي سنة 2018، ومنذ ذلك الوقت وهي تتقدّم باستمرار. وعلى الرغم من ذلك، فإن السؤال هو: ما هو الخط الأحمر في سنة 2023؟ هل هو تخصيب حتى 90%، أو تفعيل سلاح، أو الانسحاب من معاهدة منع انتشار السلاح النووي؟ تلتزم الولايات المتحدة وإسرائيل الحذر الشديد بعدم الكشف عن هذه الخطوط الحمراء الخاصة بهم علناً.
هل لا يزال من الممكن وقف إيران؟
- طبعاً، إن وقف إيران لا يزال ممكناً بالطرق الدبلوماسية، وأيضاً عبر العمل العسكري. وفي جميع الأحوال، ستكون حظوظ إسرائيل بوقف إيران أكبر بكثير إن قامت إسرائيل بتنسيق استراتيجيتها مع القوة العظمى التي لا تزال تشاركها الهدف نفسه؛ ومن أجل "ألاّ يكون لدى إيران سلاحاً نووياً أبداً." يتوجب على إسرائيل أن تقوم بصوغ إطار للاتفاقات مع الإدارة الأميركية، تضمن من خلالها القدرة على معرفة وتشخيص لحظة اتخاذ القرار الإيراني بالدفع بخطة السلاح أو الوصول إلى قنبلة، وتعزيز القدرات العسكرية لإسرائيل لوقف مسار كهذا، وحفظ حرّية العمل للقيام بذلك، والحصول على دعم أميركي في سيناريو حدوث مواجهة مستمرة (من أجل حصر مواجهة كهذه وإنهائها)، والتزام أميركي بأن إيران لن تستطيع ترميم برنامجها النووي بعد الضربة. إطار كهذا سيرفع من إمكانات ردع إيران عن اتخاذ القرار بتخصيب كميّة كبيرة وأيضاً تطوير سلاح نووي، ويضمن قدرة كبح ومنع إسرائيلية فعّالة في حال قرّرت إيران القيام بذلك.
هل الولايات المتحدة وإيران في الطريق لاتفاق نووي؟
- إنه ليس اتفاقاً، لكن من المؤكد أنه يمكن أن يكون مجموعة تفاهمات. إيران والولايات المتحدة لا تستطيعان العودة إلى JSPOA، لكن كلَيهما غير معنيّتَين بالوصول إلى مواجهة، وتتعاملان بحذر بشأن تخطّي كل منهما الخطوط الحمر للأُخرى. هُناك إشارات تشهد على تطوّر حوار بينهما؛ تجهيزات لتحرير مليارات الدولارات المحتجزة في كوريا واليابان والعراق في إطار صفقة تحرير أسرى، وتفاهمات بين وكالة الطاقة الذرية وإيران بشأن إعادة بعض الكاميرات التابعة للوكالة في مقابل إغلاق ملفَين من أربعة ملفّات مفتوحة. إن كانت هناك تفاهمات، فإنه من المتوقع أن تكون في صيغة "التجميد في مقابل التجميد"؛ فالإيرانيون يوقفون مراكمة اليورانيوم المخصّب (على الأقل حتى مستوى 60%)، والأميركيون، بعد تحرير 13 مليار دولار، لن يفرضوا مزيداً من العقوبات.
- لدى الإدارة الأميركية مصلحة بالدفع بهذه التفاهمات، ليس بالضرورة نحو اتفاق رسمي يورّط الرئيس أمام الكونغرس، إنما الدفع بالتفاهمات نحو تجميد الوضع في مقابل إيران، والسماح للرئيس بتركيز جهوده في الحرب الأوكرانية، وهاتان الساحتان ستحددان إرثه في السياسة الخارجية. وفي المقابل، يبدو أن الإدارة تستثمر كثيراً من الجهود بالدفع بالعلاقات مع السعودية، وفي هذا الإطار أيضاً التطبيع مع إسرائيل.
- لدى الإيرانيين مصلحة بتخفيف الضغط الاقتصادي والسياسي، حتّى لو كان الثمن تجميد البرنامج النووي في مكانه الحالي - بعد أن حصلت على القدرة على التخصيب بمستويات عالية وبناء نواة قنبلة نووية - بصورة تعزّز من شرعية البرنامج النووي والنظام، وتترك لدى القيادة الإيرانية الفرصة للتقدّم مستقبلاً نحو قنبلة نووية. وحالياً، تبدو الاستفادة في الوقت الراهن من أجواء المصالحة الإقليمية المنتشرة في الشرق الأوسط، بعد الاتفاق السعودي - الإيراني.
هل التفاهمات الإيرانية - الأميركية سيئة لإسرائيل ؟
- علينا أن نعرف تفصيلات التفاهمات - وهناك تفاهمات يمكن لإسرائيل أن تتعايش معها. إذا لم تكُن رسمية وبالتالي لن تلحق الضرر بحريّة العمل الإسرائيلي، وتجمد بنود "الغروب" (التي تلغي القيود على البرنامج النووي الإيراني بعد سنوات معدودة)، وتقوّي من الرقابة الدولية على البرنامج النووي ويمكن أن تكون أساساً لـ"اتفاق أطول وأكثر صرامة" كما التزم الرئيس بايدن سابقاً - في هذه الأثناء ستحصل إسرائيل على وقت ثمين من أجل تحسين استعداداتها لمنع إيران من الوصول إلى سلاح نووي مستقبلاً. أمّا إذا كانت هذه التفاهمات جزئية وستستعمل كمبرّر لإزالة الموضوع عن العناوين الأولى وفرض قيود على حرّية الحركة الإسرائيلية، فإن هذا يطرح مخاطر جديّة على إسرائيل. في جميع الأحوال، إن التحدي الإسرائيلي المركزي سيكون إبقاء الموضوع الإيراني على رأس الأجندات الدولية، وفي واشنطن بصورة خاصة، كي تتأكد من أن الأمور لم تنته، إنما جُمدت من أجل الوصول إلى إنجازات أفضل من الاتفاق النووي الذي تم توقيعه سنة 2015.
- وضع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لحكومته هدفاً أعلى منذ يوم تأليفها، وعاد وأكد عليه الأسبوع الماضي؛ "منْع إيران من الوصول إلى السلاح النووي"، ومن أجل ذلك، يجب إغلاق الفجوة بين الأقوال والأفعال. إن وقف إيران ومنعها من الوصول إلى سلاح نووي ليس هدفاً ثانوياً في المرحلة الذي وصل إليها البرنامج النووي الإيراني الآن، وفي الوقت الذي تتجهّز فيه إيران منذ أكثر من عشرة أعوام للرد على أي ضربة، وفي الوقت الذي تتركز فيه الأنظار دولياً على "الحرب الباردة" بين الصين والولايات المتحدة وعلى "الحرب المشتعلة" في أوكرانيا. حتى في الأوقات العادية، فإن المقصود تحدٍ سياسي وعسكري واقتصادي كبير، ويحتاج إلى تجنيد مختلف الموارد القومية المتطورة.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن هدفاً كهذا لا يزال ممكناً، وفي إمكان إسرائيل تحقيقه، ومن أجل الوصول إليه، يتوجب على حكومة إسرائيل أن تضعه على رأس سلّم أولوياتها، وعلى حساب القضايا الأُخرى الأقل إلحاحاً. يجب ترك المبادرات التشريعية التي أدّت إلى الأزمة الداخلية وشجّعت أعداءنا، ويجب وقف الخطوات الاستفزازية التي تخرق التفاهمات مع واشنطن في الضفة، وتركيز الجهود بتقوية سريعة وفعّالة للاقتصاد الإسرائيلي والحصانة القومية، وهما الأمران الضروريان لاستكمال التحضيرات الأمنية والسياسية للمعركة في مواجهة النووي الإيراني، بالإضافة إلى ترميم العلاقات مع إدارة بايدن، الذي لا يزال ملتزماً بأمن إسرائيل وبمنع إيران من الوصول إلى سلاح نووي.