مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
علمت صحيفة "معاريف" أن سبب ردة الفعل الإسرائيلية الفاترة نسبياً على العمليات المسلحة التي وقعت بالقرب من مدينة إيلات الخميس الفائت، يعود إلى تلقيها رسالة صارمة من القاهرة فحواها أن أي هجوم عسكري يشنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة رداً على تلك العمليات يمكن أن يضطر الحكومة المصرية إلى تجميد علاقاتها مع إسرائيل، وأن يسدد ضربة قاضية إلى اتفاق السلام بين الدولتين.
وقد جرت هذا الأسبوع محادثة خاصة بين مسؤول مصري رفيع المستوى ومسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قال الأخير خلالها للأول: "لم نصعّد الوضع ضد قطاع غزة بسببكم".
وقبل هذه المحادثة أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك محادثتين هاتفيتين مع كل من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير حسين طنطاوي، ورئيس المخابرات المصرية العامة مراد موافي، تلقى خلالهما رسالة مماثلة.
ومن المعروف أنه جرت في الأيام القليلة الفائتة تظاهرات حاشدة مناهضة لإسرائيل في العاصمة المصرية، وكان أبرزها تظاهرة قبالة السفارة الإسرائيلية أقدم خلالها أحد المتظاهرين على إنزال العلم الإسرائيلي عن مقر السفارة، وقد صورته وسائل الإعلام المصرية على أنه بطل، ومنحه رئيس الحكومة المصرية، عصام شرف، بيتاً في القاهرة جزاء له على عمله هذا. كما أن الصحافة المصرية شنت هجوماً عنيفاً على السفير المصري في تل أبيب ياسر رضا، واتهمه بعضها بأنه "عميل لإسرائيل".
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى لصحيفة "معاريف" إن إسرائيل استوعبت الوضع المعقد في مصر ولم تقدم على التصعيد ضد قطاع غزة، وذلك كي تحافظ على العلاقات بين الدولتين، وأساساً كي تحافظ على اتفاق السلام. وقد اتُّخذ القرار في شأن عدم التصعيد في ختام الاجتماع الطارئ الذي عقده "طاقم الوزراء الثمانية" مساء السبت الفائت، والذي استمر حتى فجر الأحد، ونصّ القرار على عدم شنّ عملية عسكرية برية واسعة النطاق على القطاع.
ووفقاً لما نما إلى علم الصحيفة، فقد نوقشت في الاجتماع نفسه مسألة الاستعاضة عن العملية العسكرية البرية بشنّ غارات جوية على أهداف محددة في القطاع، وتنفيذ عمليات اغتيال لناشطين في الفصائل الفلسطينية، لكن تقرر في نهاية المطاف إرجاء هذين الأمرين أيضاً بسبب الوضع الحساس في مصر.
ومساء الأحد الفائت عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية - الأمنية الذي يضم 15 وزيراً، ونقل إليه تقريراً مفصلاً عن الوضع الأمني. واتُّفق في هذا الاجتماع أيضاً على ألاّ تلجأ إسرائيل إلى استعمال القبضة الحديدية ضد غزة، وأن تكتفي بكبح عمليات إطلاق الصواريخ عليها، ومهاجمة خلايا مسلحة تنوي تنفيذ عمليات "إرهابية" ضدها.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة "معاريف" إسرائيل ستبقى ملتزمة جانب الحذر والمسؤولية إزاء أي عملية عسكرية ضد القطاع، وستحاول ألاّ تنجرّ إلى حرب شاملة، لأنه لا بُد لها من أن تأخذ في الاعتبار التطورات في المنطقة، وخصوصاً في كل من مصر وسورية ولدى الفلسطينيين، وألاّ تنظر إلى الأحداث عبر فوهة المدفع فقط.
أفرجت إريتريا أمس (الثلاثاء) عن طيارين إسرائيليين كانت احتجزتهما منذ نحو شهر بتهمة تهريب أسلحة، وجرى الإفراج عنهما بعد محادثات مطولة بين إريتريا وإسرائيل، كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية ضالعة فيها.
وكان هذا الطياران توجها إلى إريتريا في 27 تموز/ يوليو الفائت على متن طائرة خاصة تابعة لشركة "جيشر أفيري" [جسر جوي] الإسرائيلية، وذلك لنقل قطع غيار لشركة تتولى حراسة سفينة ليبيرية كانت راسية قبالة الشواطئ الإريترية، لكن لدى مرورهما في نقطة الجمارك في مطار العاصمة جرى اعتقالهما، وتم التحقيق معهما في وقت لاحق، بتهمة تهريب أسلحة. وقد نفى كلاهما هذه التهمة جملة وتفصيلاً.
وعلى الفور بدأت إسرائيل ببذل جهود دبلوماسية للإفراج عنهما، وأصدرت الرقابة العسكرية أمراً يفرض حظراً على نشر أي أنباء تتعلق بهذا الموضوع، وجرى رفع الحظر أمس (الثلاثاء) بعد عودة الطيارين إلى إسرائيل.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن من حسن حظ هذين الطيارين أن المشكلة حدثت مع إريتريا التي تربطها بإسرائيل علاقات ودية، مؤكدة أنه حان الوقت كي يكف الإسرائيليون عن الاعتقاد أنهم أبطال يمكنهم أن يخالفوا القانون في دول أخرى وأن يعتمدوا على إسرائيل للإفراج عنهم في حال تورطهم.
وأوضحت هذه المصادر أن الشرطة الإسرائيلية بدأت تحقيقاً خاصاً لتقصي الموضوع ودراسة ما إذا كان الطياران ارتكبا مخالفات جنائية توجب اتخاذ إجراءات قانونية ضدهما.
- بغض النظر عن هوية الأشخاص الذين نفذوا عمليات القتل بالقرب من إيلات الخميس الفائت، فإن حركة حماس هي التي تتحمل المسؤولية عن هذه العمليات لأنها تملك زمام السلطة في قطاع غزة، ويُفترض بها أن تكون على علم بالتخطيط للعملية.
- بناء على ذلك، كان على إسرائيل أن تعاقب حركة حماس، لكن ذلك لم يحدث خشية أن يؤدي الأمر إلى وقوع إسرائيل في "فخ استراتيجي"، كما أكد وزير الدفاع إيهود باراك. وفي رأيي، فإن باراك على حق، لأن الجمود السياسي المسيطر على المسار الإسرائيلي - الفلسطيني تسبب بتدهور العلاقات بين إسرائيل وبين معظم الدول في العالم، ولا سيما تركيا ومصر. ولا شك في أن كبار المسؤولين في إسرائيل يدركون أن أي عملية عسكرية يشنها الجيش على غزة يمكن أن تؤدي أكثر فأكثر، إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل وبين كل من تركيا ومصر، ويمكن أن تجعل دولاً أخرى في العالم تؤيد المبادرة الفلسطينية الرامية إلى الحصول في أيلول/ سبتمبر المقبل على تأييد الجمعية العامة في الأمم المتحدة إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد.
- في الوقت نفسه، لا بُد من إدراك أن مكانة الولايات المتحدة في العالم آخذة في التراجع، ويبدو أنها لم تعد قادرة على أن تقدّم مساعدة سياسية لإسرائيل كما كانت تفعل في السابق.
- إن ما حدث إذاً هو أن إسرائيل لم تتمكن من استعمال قوتها العسكرية لمعاقبة المسؤولين عن تنفيذ عمليات مسلحة ضدها، لأن استعمال هذه القوة كان دائماً مرهوناً بقدرة إسرائيل على المناورة السياسية. وبالتالي يمكن القول إن الشلل السياسي الإسرائيلي يؤدي بالتدريج إلى شلل عسكري أيضاً.
- منذ فترة طويلة لم تعد حركة حماس، على الأقل في نظر الحكومة الإسرائيلية، مجرد منظمة "إرهابية"، وإنما أصبحت حكومة، ذلك بأن إسرائيل تعتبرها مسؤولة عن كل ما يحدث في قطاع غزة، فضلاً عن أن آخر صفقة أمنية [التهدئة] تم التوصل إليها فيما يتعلق بالقطاع، جرت مع حماس وليس مع فصائل فلسطينية أخرى، أو مع السلطة الفلسطينية [في الضفة الغربية].
- ويبدو أن إسرائيل تفضّل إجراء محادثات مع منظمة فلسطينية لا مع سلطة دولة [أي السلطة الفلسطينية في الضفة]، لأن محادثات كهذه لا تلزمها بأي انسحاب، أو بمناقشة حق العودة، أو باعتراف رسمي بحماس. كما يبدو أن حماس تفضّل هذه الطريقة لأنها لا تلزمها الاعتراف بإسرائيل. ويمكن القول إن النتيجة المترتبة على ذلك تتمثل في نشوء وضع يصبح فيه لدى كل من إسرائيل وحماس مصلحة مشتركة في أن تستمر هذه الأخيرة في إدارة شؤون قطاع غزة شرط أن تكبح أي معارضة داخلية لها.
عملياً يمكن لحركة حماس، في إثر اتفاق المصالحة بينها وبين حركة فتح، أن تقرر جدول الأعمال السياسي الفلسطيني، لأن السلطة الفلسطينية لا يمكنها أن تقيم دولة مستقلة، أو أن تشكل حكومة جديدة، من دون موافقة الحركة. وهكذا، أصبحت حماس بالنسبة إلى إسرائيل أفضل ضمانة للحفاظ على الوضع القائم في مواجهة الفلسطينيين، وبالتالي، فإن أي كلام على إسقاط سلطة حماس من شأنه أن يلحق ضرراً بمصالح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الاستراتيجية.