مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
"لقد صادق المجلس الوزاري المصغر اليوم على تعليق مشاريع البناء الجديدة وكذلك تعليق إصدار تصاريح البناء الجديدة للوحدات السكنية في يهودا والسامرة لمدة 10 أشهر.
إن هذه الخطوة غير سهلة بل إنها مؤلمة ، غير أننا نتخذها من منطلق الاعتبارات القومية الواسعة وبهدف الحث على استئناف المفاوضات لإحلال السلام مع جيراننا الفلسطينيين. آمل في أن يقتنص الفلسطينيون والعالم العربي هذه الفرصة للمضي قدماً في طريق السلام.
سبق وأن أوضحتُ مرات ومرات أنني أعتزم العمل بحزم مع الإدارة الأميركية وأصدقائنا في أنحاء العالم لتحقيق تسوية سلمية آمنة ومستقرة لدولة إسرائيل. لقد دعوتُ مراراً وتكراراً منذ أداء الحكومة برئاستي اليمين قبل 8 أشهر إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ، حيث قلتُ إنني سأذهب إلى أي مكان في العالم لإجراء الحوار حول السلام.
لقد رسمتُ في سياق خطابي في جامعة (بار إيلان) رؤية السلام حيث قلت إن المشكلة المركزية لا تخص موافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطينية بل إن المسألة تدور حول موافقة الفلسطينيين على وجود دولة يهودية. كما أوضحت أن الصيغة الواقعية لتحقيق السلام تستند إلى قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي.
إننا لم نكتفِ بالأقوال بل قمنا بخطوات عملية: لقد أزلنا مئات الحواجز والنقاط التفتيشية في أنحاء يهودا والسامرة ومدّدنا الدوام في جسر أللنبي [على الحدود الأردنية] وتجاوزنا العوائق البيروقراطية مما سمح بازدهار الاقتصاد الفلسطيني [وحدوث] تحسّن ملحوظ لجودة حياة الفلسطينيين. ولم ينشأ وضع كهذا منذ سنوات طويلة.
في الوقت ذاته طرأ تحسن على الأوضاع الأمنية في يهودا والسامرة بفضل نشاطات جيش الدفاع وأجهزتنا الأمنية وكذلك بفضل العمل الهام الذي تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
أما اليوم فألحقنا سلسلة الخطوات الاقتصادية والأمنية هذه ببادرة حسن نية سياسية شديدة الأهمية. سبق وقلتُ إننا لن نبني مستوطنات جديدة ولن نصادر المزيد من الأراضي لأجل المستوطنات القائمة، كما أشرتُ إلى أننا سوف نستعد للجم البناء في يهودا والسامرة لبعض الوقت.
إذاً، هذا ما قررنا القيام به اليوم. إنني أتحدث عن خطوة شديدة الصعوبة بالنسبة لي شخصياً وكذلك بالنسبة لزملائي الوزراء، غير أنني مقتنع بأن القيادة تُختبر بقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة وتنفيذ الخطوات الصحيحة المطلوبة في موعد محدد. وأعتقد بأن هذه الخطوة صارت مطلوبة بالنظر إلى مجمل مصالحنا القومية بما فيها مصلحة استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
كنت قد وعدتُ بتمكين 300 ألف شخص من إخواننا، سكان يهودا والسامرة من الإسرائيليين، بممارسة حياة طبيعية، وبالتالي فإننا لن نوقف مشاريع البناء السكني الجارية حالياً، كما نواصل بناء الكُنس والمدارس ورياض الأطفال والمباني العامة الضرورية لمواصلة الحياة الطبيعية.
أما فيما يتعلق بأورشليم القدس ـ عاصمتنا السيادية ـ فإن موقفي معروف جيداً حيث لن أفرض أي قيود على البناء الجاري في العاصمة. كما أريد تكرار التزامنا بصيانة حرية العبادة لأتباع جميع الديانات في أورشليم القدس وضمان معاملة جميع سكان المدينة يهوداً وعرباً على قاعدة الإنصاف والمساواة.
عندما تنتهي فترة التعليق [للبناء في المستوطنات] فستعود حكومتي إلى ممارسة سياسة البناء التي انتهجتها الحكومات السابقة في يهودا والسامرة.
إنني أدعو اليوم جيراننا الفلسطينيين: لقد آن الأوان لدفع السلام معاً. لقد اتخذت حكومة إسرائيل اليوم خطوة هامة نحو السلام، حيث يتوقع الجمهور الإسرائيلي منكم حالياً الإقدام على خطوة جريئة أيضاً. تعالوا فاصنعوا معنا السلام!".
على الرغم من القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية أمس بشأن تجميد البناء في المستوطنات لعشرة أشهر، فإنه يبدو أن التحدي الكبير الذي يواجه هذا القرار هو فرضه. وقد حذر المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر أمس من أنه لا توجد قدرة فعلية على فرض القرار بسبب النقص الخطر في الموارد. وعقب أقوال مزوز هذه قرر المجلس الوزاري تكليف وزير الدفاع ووزير الأمن الداخلي ووزارة العدل ووزارة المالية توفير الميزانية والطاقة البشرية اللازمة لفرض القرار.
ووفقاً للقرار، ستكون المرحلة التالية هي قيام وزير الدفاع بإصدار توجيهات إلى قائد المنطقة الوسطى يطلب منه فيها إصدار أمر يشرح تفصيلات سياسة البناء. وسيشتمل الأمر على المبادئ التالية: لن تعطى تراخيص جديدة للبناء في المستوطنات؛ ستعلَّق تراخيص البناء التي أعطيت قبل نشر الأمر ولن تنفذ أعمال بناء متعلقة بها، بما في ذلك أعمال البنى التحتية وتمهيد الأرض.
ولن يسري تعليق تراخيص البناء على المشاريع التي بدئ بتنفيذها والتي اكتملت فيها مرحلة صب الأساس. بالإضافة إلى ذلك، سيستمر بناء الـ 450 وحدة سكنية التي أقر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بناءها قبل بضعة أشهر، والتي تقع في الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية [بحسب نص الخبر في "هآرتس" بالإنجليزية، سيستمر بناء 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات]. ولن توضع قيود على تشييد المباني العامة كالمدارس والكنس وحدائق الأطفال في المستوطنات.
· إن خطوة تجميد الاستيطان التي أعلنها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس، لن تؤدي إلى استئناف العملية السلمية، وقد بات صعباً، من الآن فصاعداً، أن نقرر ما الذي سيؤثر سلباً على مكانة [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس في أوساط الجمهور الفلسطيني العريض: هل هي الضغوط الأميركية عليه للاكتفاء بما اقترحه نتنياهو أمس، أم صفقة تبادل الأسرى التي يقترحها رئيس الحكومة على خصوم عباس في حركة "حماس"؟
· إن السؤال المطروح هو: هل يتوقع نتنياهو، فعلاً، أن يقدّم عباس الشكر إلى الحكومة الإسرائيلية على قرارها هذا، الذي يعني الاعتراف المباشر بالسيادة الإسرائيلية على حي جيلو [في القدس الشرقية]، فضلاً عن حي الشيخ جرّاح والحرم الشريف (جبل الهيكل)؟
· لكن السؤال المهم من ناحية نتنياهو يبقى: كيف سيبدو اقتراحه في نظر رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما؟
· في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعهد إسرائيل فيها بتجميد الاستيطان في المناطق [المحتلة]، فبحلول نهار غد سيكون قد مر عامان على إعلان رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، خلال مؤتمر أنابوليس، تعهده ببدء مفاوضات [مع السلطة الفلسطينية] على أساس خطة خريطة الطريق.
· ومن المعروف أن إسرائيل تعهدت في هذه الخطة التي تبنتها حكومة أريئيل شارون في سنة 2003، بتجميد النشاط الاستيطاني كله، بما في ذلك "لأغراض النمو الطبيعي"، بل ورد في تحفظات الحكومة الإسرائيلية على هذه الخطة أن موضوع المستوطنات في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لن يدرج في جدول الأعمال "باستثناء تجميد الاستيطان وتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية".
· وفي واقع الأمر، فإن مطلب تجميد الاستيطان في الضفة الغربية، ولو بصورة موقتة، أصبح شرطاً ضرورياً من أجل إنقاذ حل الدولتين والمعسكر الفلسطيني الذي يؤيده، لكنه لا يزال يُعتبر شرطاً غير كاف في ظل انعدام الثقة الأساسية بين الجانبين.
· لا شك في أن اتخاذ القرار الحاسم بشأن صفقة تبادل الأسرى [مع "حماس"] هو خطوة استراتيجية لا تكتيكية. فهذا القرار من شأنه أن يغيّر، في لحظة حساسة للغاية، ديناميكية النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إلى الأسوأ.
· وحتى لو كان هذا القرار ضرورياً، فإنه يتعين على الحكومة التي تتخذه، أن تكون مدركة لتداعياته، وأن تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما سيحدث في إثره.
· ولا بُد من التذكير هنا بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فقد شقيقه البكر في عملية عسكرية إسرائيلية دراماتيكية [عملية عنتيبي]، والتي كان هدفها أن تثبت للعالم أجمع أن إسرائيل لا تخضع لـ "الإرهاب". ولقد دأب نتنياهو، طوال مسيرته السياسية، على إعلان معارضته الخضوع لـ "الإرهاب"، لكن يبدو أن القرار الأهم الذي سيتخذه في أثناء توليه رئاسة الحكومة سيكون الخضوع لـ "الإرهاب".
· ومع أنه يجب احترام نتنياهو على استعداده لتغيير موقفه كي يعيد الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليط إلى بيته، إنما في الوقت نفسه، يجب مطالبته بإرجاء صفقة الخضوع لـ "الإرهاب" إذا لم يكن على قناعة بأنها صفقة الخضوع الأخيرة. وسيثبت نتنياهو أنه زعيم جدير بمنصبه فقط إذا ما ضمن أن تعود إسرائيل، في إثر تنفيذ "صفقة شاليط"، إلى قوتها وحزمها، وإلى الروح التي كانت سائدة فيها عشية عملية عنتيبي.
· إن قرار تجميد البناء في المستوطنات، أمس، هو بمثابة أنبوب أوكسيجين آخر يهدف إلى تزويد "الأفق السياسي" بالتنفس الاصطناعي، إذ إنه من دون أفق كهذا ستنهار السلطة الفلسطينية كلياً. ويبدو أنه حتى الوزراء "الأيديولوجيين" بين أعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية أصبحوا يدركون أنه لا يجوز التسبب بانهيار هذه السلطة.
· لقد أصبح [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس لاعباً مركزياً، وبالتالي، فإن استقرار سلطته يعني الحفاظ على الهدوء والاستقرار اللذين يحتاج الجميع إليهما في الوقت الحالي، إلى أن تتضح الصورة في الساحة الإيرانية. وحتى الذين يعارضون تقديم تنازلات سياسية للفلسطينيين يدركون أنه لا بُد من كسب الوقت، وهذا يعني صيانة العملية السياسية من أجل السلطة الفلسطينية.
· بناء على ذلك، فإنه عندما يتم التداول في إسرائيل بشأن قضية [الجندي الإسرائيلي الأسير لدى "حماس"] غلعاد شاليط، فإن ذلك يجري في موازاة التداول بشأن كيفية تخفيف الأضرار التي ستلحق بعباس والسلطة الفلسطينية، في إثر الإفراج عن أسرى فلسطينيين مهمين بالنسبة إلى حركة "حماس".
· وحتى قبل الوصول إلى آخر مرحلة من "صفقة شاليط"، فإن فحوى التقديرات السائدة في إسرائيل كان أن السلطة الفلسطينية لن تصمد من دون أفق سياسي، وعاجلاً أو آجلاً سيقدم عباس على الاستقالة من منصبه، وعندها ستبدأ عملية انهيار ربما تتدهور إلى فوضى عارمة واندلاع انتفاضة ثالثة.
· ومن المعروف أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، هو الذي اقترح فكرة تجميد أعمال البناء في المناطق [المحتلة] جزئياً ولفترة زمنية محدودة، وذلك في إطار الاستعداد لزيارته التي قام بها مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة، قبل بضعة أسابيع. غير أن الأميركيين لم يتحمسوا للفكرة في حينه، لكنهم اقتنعوا بها في وقت لاحق، بعد إدراكهم أن هذا هو أقصى حدّ يمكن أن يوافق نتنياهو عليه في ظل الأوضاع السياسية الحالية.
· إن الجميع ينتظرون ردة فعل عباس الآن. ولا شك في أنه لن يبدي تجاوباً إلا إذا كانت إسرائيل جادة في تنفيذ القرار، ولا تنوي أن تجعله مهزلة. وما يتعين تأكيده هو أن الحكومة الإسرائيلية نفسها تواجه اختباراً مهماً في إثر هذا القرار، سواء على صعيد إثبات سيادة القانون، أو على صعيد تمثيل مصالح إسرائيل الوطنية.