مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
نشر منسق الأنشطة في المناطق [المحتلة]، اللواء إيتان دنغوت، قائمة تشمل 84 مبنى ستسمح الإدارة المدنية ببنائها في مستوطنات الضفة الغربية، وذلك على الرغم من قرار الحكومة تجميد البناء في المستوطنات. وكان إقرار إنشاء هذه المباني التي تشمل 492 وحدة سكنية قد تم في الصيف الفائت. ومع أنه لم يتم، حتى الآن، صب الأساس لإقامتها، فإن القيادة السياسية قررت الموافقة على بنائها.
وتضاف هذه المباني إلى نحو 2500 وحدة سكنية جرى البدء ببنائها قبل قرار التجميد وسُمح بمواصلة بنائها. ونفى المسؤولون في وزارة الدفاع أن تكون الموافقة عبارة عن محاولة لاسترضاء المستوطنين في أعقاب قرار التجميد، وقالوا إن الحكومة أقرت هذه المباني أيضاً في إطار قرار التجميد، على الرغم من أن القرار لم يذكرها صراحة.
وسارعت حركة السلام الآن إلى مهاجمة هذا القرار، وقالت إن "التجميد أُفرغ من مضمونه... إذ ليس هناك تجميد حقيقي للاستيطان. فمنذ خطاب رئيس الحكومة الأحد الفائت، تم إقرار بناء 25 وحدة سكنية في مستوطنة كيدار، و84 وحدة سكنية في أنحاء الضفة، وشُكلت لجنة لمعالجة الاستثناءات، كما أن الحكومة أعلنت أنه لن يتم، بسبب قرار التجميد، إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، بل إنه سيتم النظر في إجازتها".
وكانت قائمة المباني المشار إليها أُقرت في الصيف الفائت، وهي تتوزع على المستوطنات التالية ("يديعوت أحرونوت"، 3/12/2009): "هار جيلو في غوش عتسيون (149 وحدة سكنية)؛ ألون شفوت (12)؛ موديعين عيليت (84)؛ منطقة غفعات زئيف (76)؛ كيدار (25)؛ مسكيوت (20)؛ معاليه أدوميم (89). وبالإضافة إلى ذلك، أقر وزير الدفاع إنشاء حديقة ألعاب رياضية في مستوطنة أريئيل، ويجري دفع خطة لبناء مدرسة جديدة في مستوطنة هار أدار.
وقد حدد القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية بشأن تجميد البناء، بعض الاستثناءات، إذ ورد في البند الخامس من القرار: "يخوّل رئيس الإدارة المدنية السماح ببناء عدد محدد من المباني العامة (للتعليم ولأغراض عامة حيوية أخرى) وفقاً لقرار من رئيس الحكومة ووزير الدفاع".
بالإضافة إلى ذلك، تقرر تشكيل لجنة اعتراضات تضم ثلاثة ممثلين عن وزارة الدفاع وديوان رئيس الحكومة ووزارة المالية، للنظر في مطالبات يتقدم بها الذين يتضررون مباشرة من تعليق البناء وفي استئنافات يقدمها الذين ترفض الإدارة المدنية طلباتهم بشأن إقامة بناء استثنائي.
اجتمع وزير الدفاع إيهود باراك في مكتبه بوزارة الدفاع أمس، بأربعة من رؤساء المجالس المحلية [للمستوطنات] في المناطق [المحتلة]، وأوضح أن "الكتل الاستيطانية ستعتبر جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل في أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، كما أن غور الأردن والبحر الميت هما منطقتان عزيزتان على قلبي".
ووعد باراك بأن تكون لجنة الاستئناف [الاعتراضات] التي شُكلت أمس ملزمة الرد على السكان خلال 14 يوماً من تقديم الاستئنافات. وأشار إلى أنه سيتم تجنيد 40 مراقباً للقيام بفرض تعليق البناء، وأضاف: "إن العلاقة والتنسيق مع الولايات المتحدة حيويان لإسرائيل من الناحيتين الأمنية والسياسية. أعرف أن هذه الخطوة [تعليق البناء] قاسية، لكنها اليوم ضرورية لإسرائيل. علينا جميعاً، كقادة الدولة وقادة الجمهور، أن نتصرف بمسؤولية، وأن نطبق قرارات الحكومة وقوانين الدولة. إن القيادة في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] هي قيادة مسؤولة، وأنا واثق بأنها ستعمل من خلال المحافظة على القانون".
على صعيد آخر، قررت اللجنة الفرعية لشؤون يهودا والسامرة [الضفة الغربية] التابعة للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست في اجتماع عقدته اليوم، دعوة وزير الدفاع إيهود باراك إلى تجميد قرار تجميد البناء في المستوطنات في المرحلة الراهنة. وقالت مصادر في الكنيست إن قرار اللجنة هذا نجم عن ظهور مشكلات قانونية في طريقة نشر أمر التجميد، وإنه يجب تسوية مسألة التعويضات قبل تنفيذ الأمر.
وفي هذه الأثناء، اجتمع رؤساء المجالس المحلية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وقد أدلى رئيس مجلس مستوطنات يهودا والسامرة، قبل الاجتماع، بتصريح قال فيه: "سنطالب بإلغاء أمر التجميد بصورة صريحة، وبمواصلة البناء بقدر ما نستطيع، وبأي ثمن".
· إن انفلات زعماء المستوطنين في المناطق [المحتلة]، في إثر قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية القاضي بتجميد البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، هو دليل على أن قوانين الغاب تحل محل أصول اللعبة الديمقراطية، على بعد بضعة كيلومترات من تل أبيب.
· ويقف على رأس النضال ضد الحكومة رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات، الذين يتلقون رواتبهم من المال العام من أجل تطبيق القانون.
· ويبدو أنه لم يكن من قبيل المصادفة أن تقرير النيابة الإسرائيلية العامة بشأن البؤر الاستيطانية غير القانونية، والذي صدر في آذار/ مارس 2005، اعتبر رؤساء السلطات المحلية والإقليمية [في المستوطنات] بمثابة "القاطرة المحركة" لإقامة هذه البؤر. غير أن التقرير أكـد، في الوقت نفسه، أن هذه القاطـرة مـا كـان في إمكانها أن تتحرك لولا دعم المؤسسة السياسية الإسرائيلية ـ بالموافقة، وبالتمويل، وبغض النظر ـ وأن هذه الرسالة تم استيعابها جيداً في صفوف الجيش.
· إن المسؤولية العليا عن تطبيق القانون في المناطق [المحتلة]، وعن تنفيذ قرارات المجلس الوزاري المصغر، تقع على عاتق وزير الدفاع، إيهود باراك. ولذا، يتعين عليه إصدار تعليمات إلى رئيس هيئة الأركان العامة ورئيس الإدارة المدنية باتخاذ جميع الإجراءات القانونية المتاحة من أجل تنفيذ قرار تجميد البناء في المستوطنات، كما يجب اعتقال رؤساء السلطات المحلية المخالفين للقانون وتقديمهم إلى المحاكمة، وتمرير رسالة فحواها أن تطبيق القانون يسري أيضاً على الأراضي الواقعة وراء الخط الأخضر.
· إن الحكومة الإسرائيلية، التي تطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بتطبيق القانون والنظام في أوساط الجمهور الفلسطيني العريض، لا يحق لها أن تتعامل بتسامح مع أعمال شغب يقوم بها يهود في المنطقة نفسها.
· حتى الآن، قام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بخطوتين تاريخيتين: الأولى، خطوة تبني حل الدولتين، وذلك في "خطاب بار - إيلان" [في حزيران/ يونيو 2009]، والثانية، القرار القاضي بتجميد البناء في المستوطنات، قبل أسبوع. وفي واقع الأمر، فإن نتنياهو يقف الآن، في سنة 2009، في موقع على يسار الموقع الذي كان يقف فيه [رئيس الحكومة الأسبق] يتسحاق رابين، في سنة 1995، وذلك بموافقته على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وبإصداره أوامر تمنع البناء في جميع أنحاء يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وهما أمران لم يقدم رابين عليهما في حينه.
· في بداية سنوات الألفين مرّ [رئيس الحكومة الأسبق] أريئيل شارون بعملية شبيهة، إذ إنه وافق على خطة خريطة الطريق التي انطوت على فكرة الدولتين، لكنه سرعان ما تبين له أنه لا يوجد زعيم فلسطيني ملتزم مثله تقسيم البلد، ولذا لجأ إلى خطة الانفصال [عن غزة] من جانب واحد.
· ويبدو أن نتنياهو يجد نفسه الآن في الموقع نفسه الذي وجد شارون نفسه فيه. فهو موافق على مبدأ الدولتين، لكنه لا يجد شريكاً فلسطينياً. إن الأشخاص، الذين يعرفون نتنياهو حقّ المعرفة، هم قلائل جداً، ويشهد بعضهم على أنه مرّ بانقلاب حقيقي، وأن المناطق [المحتلة] لم تعد في رأس اهتماماته، وإنما قوة إسرائيل ومناعتها. ووفقاً لهؤلاء، فإنه في حال وجود خطة مدرجة في جدول الأعمال تضمن أمن إسرائيل، فإن نتنياهو لن يتردد في قبولها، حتى لو كان ذلك في مقابل انسحاب إسرائيلي مؤلم. لكن المأساة هي أنه لا يوجد خطة ولا جدول أعمال.
· في ظل هذه الأوضاع، ثمة طريقان أمام نتنياهو: الأولى، تبني خطة موفاز، أي إقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة؛ الثانية، تنفيذ خطة انفصال رقم 2، تشمل تفكيك 20 مستوطنة وتسليمها إلى حكومة سلام فياض. وبما أن خطة موفاز تثير شكوكاً لدى نتنياهو في شأن احتمال قيام سيادة فلسطينية غير منضبطة، فمن الممكن أن يضطر إلى دراسة احتمالات الطريق الثانية.
· غير أن خطة الانفصال رقم 2 يجب أن تكون مختلفة عن خطة الانفصال رقم 1، بل أساساً يجب أن تكون بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وأن تحظى بمظلة دولية.
· ولا شك في أنه في حال تبنى نتنياهو خطة انفصال كهذه، فإنها ستسهل خطوات إسرائيل في الجبهات كلها، كما أنها ستخدمه سياسياً، كما خدمت خطة الانفصال السابقة شارون، وستجعله الزعيم الجديد لتيار الوسط في إسرائيل.
· يبدو أنه لا يوجد أي سبب وجيه يحول، في الوقت الحالي، دون استئناف الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك عقب إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مراراً وتكراراً، استعداده للعودة إلى المفاوضات بشأن الحل الدائم من دون شروط مسبقة، وأساساً في إثر قرار تجميد البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
· وفي واقع الأمر، فإن الفلسطينيين كانوا يطالبون، على امتداد الفترة 2001 -2007، بمثل هذا الوضع، وكانت إسرائيل هي التي ترفض. ولذا فإن السؤال المطروح هو: لماذا يرفض الفلسطينيون يد نتنياهو الممدودة إليهم؟
· إن التفسير المتداول لذلك هو أن الفلسطينيين يخشون أن يكون نتنياهو أكثر تصلباً من سلفه [إيهود أولمرت]، الأمر الذي سيجعل إمكان التوصل إلى اتفاق دائم معه صعباً للغاية. ومع أن هذا التفسير صحيح، إلا إنه يبقى ناقصاً، فالتفسير الحقيقي هو أن الفلسطينيين لا يؤمنون بأن في الإمكان التوصل إلى اتفاق دائم مع إسرائيل، بواسطة المفاوضات المباشرة، وهم يفضلون حالياً أن يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى هذا الاستنتاج أيضاً، كما سبق أن وصل إليه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، في سنة 2000، فبادر إلى تقديم خطة عينية من أجل التوصل إلى اتفاق كهذا.
· ويعتقد الفلسطينيون أنه في حال قيام أوباما بتقديم خطة للسلام، فإنها ستنطوي على ثلاث مزايا إيجابية: أولاً، ستكون أكثر تأييداً للفلسطينيين من خطة كلينتون؛ ثانياً، إن أوباما لا يزال في بداية ولايته، خلافاً لكلينتون الذي كان في آخر ولايته، فضلاً عن أنه يحمل على كاهله الالتزام المترتب على منحه جائزة نوبل للسلام؛ ثالثاً، سيرغب أوباما في تجنيد تأييد دولي لخطته، وعندها سيكون مضطراً إلى جعل الخطة أكثر تأييداً لمطالب الفلسطينيين.
ما الذي يتعين على إسرائيل أن تفعله إزاء ذلك؟ عليها أن تمرر رسالتين إلى الإدارة الأميركية: الأولى، أنه بعد أن تم الاتفاق على حل المشكلة الصغرى (تجميد الاستيطان) أصبح من الممكن الآن الاهتمام بحل المشكلة الكبرى (المفاوضات المباشرة)؛ الثانية، أن فرض أي خطة أميركية يُعتبر خطراً على سمعة الولايات المتحدة أيضاً، إذ إن فشلها سيجعل قدرة الرئيس الأميركي على قيادة عمليات سياسية أخرى محدودة للغاية.