مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قررت القيادتان السياسية والعسكرية في القدس، ألاّ تؤدي صفقة إطلاق شاليط إلى تغيير سياسة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والذي تمنع بموجبه انتقال الأشخاص والبضائع بين غزة والضفة، باستثناء المساعدات الإنسانية والسلع الضرورية. وشهدت الأيام الأخيرة ضغوطاً تقوم بها الولايات المتحدة ودول عربية، على رئيس السلطة محمود عباس، من أجل تمديد ولايته حتى موعد الانتخابات المقبلة، وذلك للحوؤل دون قيام فراغ دستوري، وسقوط الضفة في يد "حماس" بعد صفقة شاليط.
واستناداً إلى الدستور الفلسطيني، في حال استقالة عباس، فإن الذي سيتولى المنصب لـ 60 يوماً حتى موعد الانتخابات، هو رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك، وهو عضو في "حماس". ومن المتوقع أن يشكل أعضاء المجلس التشريعي الذين سيُطلق سراحهم في إطار صفقة التبادل، والذين ينتمون إلى حركة "حماس"، أغلبية في المجلس تستطيع فرض أسلوب الانتخاب، وتوزيع المناطق الانتخابية.
وفي تقدير مصدر عسكري إسرائيلي أن عباس لن يترك مجالاً لـ "حماس" كي تفرض سيطرتها، إلا إنه لم يستبعد احتمال أن يقدم استقالته. ومن المنتظر أن يعقد المجلس المركزي لحركة "فتح" اجتماعاً له في رام الله بعد عشرة أيام للبحث في أمر تمديد ولاية عباس، ومصير السلطة. وذكر مصدر أمني رفيع المستوى للصحيفة أنه من المنتظر أن تؤيد أغلبية الـ 127 عضواً في المجلس المركزي قراراً يقضي بمنح عباس صلاحية مواصلة مهماته حتى الانتخابات المقبلة. ولقد قررت إسرائيل السماح لأعضاء المجلس المركزي من الشتات الفلسطيني في الخارج، ومن قطاع غزة، بحضور المؤتمر.
وفي النقاشات التي أجرتها الإدارة الأميركية في المدة الأخيرة، جرى بحث عدد من المبادرات التي من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز موقف عباس، وحمله على عدم الاستقالة، كالبحث في صيغة رسالة من الرئيس أوباما تعرب فيها الولايات المتحدة عن تأييدها لتسوية دائمة قائمة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعن أنها لم تغير موقفها من عدم اعترافها بالسيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية. ومن المؤشرات الدالة على ذلك، الرد الأميركي العنيف على مشاريع البناء في أحياء جيلو.
سينتشر مراقبو الإدارة المدنية، وقوات الأمن، في الأسبوع المقبل، في المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية في مختلف أنحاء يهودا والسامرة، وذلك في ظل تقديرات تتحدث عن تصعيد في احتجاجات المستوطنين. وتحسباً لذلك، سيشهد الأسبوع المقبل زيادة في عدد حرس الحدود وقوات الشرطة هناك.
وذكر مصدر عسكري رفيع المستوى أن العمل تركز في الأيام الأخيرة على الحوار مع المستوطنين من أجل تطويق التصعيد، لكنه توقع قيامهم بأعمال شغب كبيرة في الأسبوع المقبل. وقال أيضاً، إن وتيرة توزيع أوامر تجميد البناء ستشمل 30 مستوطنة يومياً، بعضها تسيطر فيه أيديولوجيا متطرفة، بينها مستوطنات "كدوميم" و"يتسهار"، حيث سيجري تكثيف حجم القوات الأمنية خلال الجولة التي سيقوم بها مراقبو الإدارة المدنية تحسباً لوقوع أعمال شغب.
ويوجه مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى في جلساتهم المغلقة انتقادات إلى قرار الحكومة تجميد البناء، ويدّعون أن الحكومة غير قادرة على وقف البناء بصورة شاملة، وأنه من المتوقع أن يؤدي تصعيد الاحتجاج إلى نوع من التراجع الجزئي. ففي رأي المصدر الأمني المذكور أعلاه، ليس من الممكن الوقف الكامل لنشاط لجان قانونية في المستوطنات أقرت أعمال بناء وفقاً للقوانين المرعية. وأضاف: "لا يمكن الاحتفاظ بالسكان كرهائن، ولذا، فإن وزير الدفاع سيضطر إلى السماح ببناء المباني العامة كمرحلة أولى".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (4/12/2009) في تقرير لها، أن النضال ضد وقف البناء مستمر، وأن مجالس يهودا والسامرة تقوم بالتحضير لتظاهرات ستجري نهار الأربعاء القادم في القدس، وأنه يجري عقد اجتماعات طارئة في المستوطنات. وقال رئيس مجلس كدوميم داني دايان، في ختام اجتماع عُقد في المستوطنة، للصحيفة: "لن نقبل بأوامر تجميد البناء، وهذا نضال نستعد له جميعاً". وأشار إلى أنه يجري الآن عقد اجتماعات في كل أنحاء يهودا والسامرة، بهدف التحضير لمواصلة النضال، ومنع دخول مراقبي الإدارة المدنية إلى المستوطنات، ورفض أوامر تجميد البناء.
التقت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني، الخميس، الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الأليزية في باريس، وطلبت منه الوقوف ضد المبادرة السويدية التي كشفت عنها "هآرتس"، والمتعلقة بالوضع القانوني للقدس. وقالت: "على أوروبا ألاّ تفرض على الطرفين موقفاً من مدينة القدس". وكانت ليفني أرسلت في وقت سابق رسالة إلى وزير الخارجية الأسوجي كارل بيلدت تطلب منه فيها إلغاء المبادرة.
وفيما يتعلق بالموضوع الإيراني، فإن ليفني أثنت على موقف فرنسا الصارم والمعارض لحصول إيران على السلاح النووي، وقالت: "لقد حان الوقت لفرض عقوبات صارمة وأكثر فعالية ضد إيران، فالتأخير ليس في مصلحة من يريد منعها من الحصول على السلاح النووي. ولا يوجد في إسرائيل اختلاف في الآراء، لا في الائتلاف ولا في المعارضة، بشأن الموضوع الإيراني، ولا إزاء الحاحه".
أما بالنسبة إلى عملية السلام، فقد أشارت ليفني إلى أن المصلحة الإسرائيلية الأساسية تقتضي التوصل إلى تسوية في أقرب وقت ممكن، تكون مستندة، إلى رؤية الدولتين لشعبين، وتخدم مصالح إسرائيل الأمنية والقومية. وشددت على أنه قبل عام فقط أجرت إسرائيل مفاوضات وحققت تقدماً، كما أعربت عن اعتقادها بضرورة العودة إلى المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها قبل الانتخابات في إسرائيل.
· بعد شهرين أو ثلاثة أشهر، أي في شباط/ فبراير أو آذار/ مارس 2010، سينتقل العالم الحرّ إلى مرحلة جديدة من المواجهة مع إيران. وثمة إدراك لدى الأميركيين أيضاً، أن الإيرانيين لا ينوون قبول أي حل وسط [يتعلق بمشروعهم النووي]. كما أن الروس يدركون ذلك، ويتعاونون مع الأسرة الدولية.
· ومن المفترض أن تتخذ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الشهر الحالي، قراراً يتيح لمجلس الأمن الدولي القيام بتشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة على طهران، وربما تستغرق هذه العملية شهرين على الأقل. ويعمل الأميركيون، هذه المرة، بطريقة عقلانية، ويجندون أطرافاً أخرى من أجل تأييد العقوبات. ويمكن القول إن الساعة العسكرية بدأت تدق هي أيضاً، في موازاة العقوبات الاقتصادية.
· بناء على ذلك، فإن المصلحة الأميركية، في الوقت الحالي، تقتضي أن يستتب الهدوء في الشرق الأوسط، ويمكن لإسرائيل أن تقدم مساهمة كبيرة في هذا الشأن، وذلك عن طريق تهيئتها الأوضاع من أجل إحياء العملية السياسية مع الفلسطينيين.
· ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية قررت، الأحد الفائت، الانضمام إلى العالم المتنور، والوفاء بوعد سابق لها، وهو تجميد البناء في المستوطنات في المناطق [المحتلة] بصورة موقتة، ولعشرة أشهر.
· إن السؤال المطروح الآن هو: هل يمكن للذي اعتاد على الكذب أعواماً طويلة، والذي كان يعلن مراراً وتكراراً أنه ينوي تطبيق القانون في المناطق [المحتلة]، لكنه سرعان ما كان يتواطأ مع المستوطنين ويوضح لهم أنهم الأبناء المفضلون لديه، أن يتراجع عن كذبه؟
· في هذا الشأن لا بُد من الإشارة إلى وثيقة داخلية كتبها قائد المنطقة العسكرية الإسرائيلية الوسطى السابق، الجنرال غادي شامني، عشية إنهاء مهمات منصبه، قبل نحو شهرين، وقام بإرسالها إلى المسؤولين عنه في رئاسة هيئة الأركان العامة. فهو في هذه الوثيقة يشير إلى أن قائد المنطقة الوسطى لا يمكنه التصدي، بصورة جادة، للبؤر الاستيطانية غير القانونية، ولا لأعمال البناء المخالفة للقانون، إذا لم يكن في حيازته جهاز قوي لتنفيذ ذلك، ويتألف من مراقبين وآلات ثقيلة للهدم وشرطة وسيارات دورية إلخ... وما دام قرار المؤسسة السياسية الحالية بشأن تجميد أعمال البناء غير مقرون باتخاذ إجراءات عملية، كالتي ذكرها شامني، فإن الأمر لن يكون سوى خديعة أخرى.
· مع ذلك، ثمة إشارات أولى تبين أن وزير الدفاع، إيهود باراك، باعتباره المسؤول الأول عن تطبيق القانون في المناطق [المحتلة]، ينوي أن يغيّر أصول اللعبة التي كانت متبعة حتى الآن، وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة.
· إن الأمر المؤكد الآن هو أن الأطراف المعنية جميعها تبدو مستفيدة من قرار تجميد البناء، فزعماء المستوطنين عادوا إلى صدارة الأحداث، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يمكنه أن يثبت للأميركيين أنه يقدم تنازلات بعيدة المدى، وباراك يحاول تغيير أصول اللعبة، وهي محاولة تساعده كثيراً من ناحية حزبية، كما أن المسؤولين الأميركيين راضون أيضاً، لأنه في إمكانهم القول للفلسطينيين إنهم فرضوا على الإسرائيليين تجميد الاستيطان.
· لا شك في أن قيام وزراء جادين ومتطرفين، مثل الوزير بـِني بيغن، بتأييد قرار تجميد البناء في المستوطنات [في المناطق المحتلة]، لا يعني انتقالهم إلى صفوف حركة "السلام الآن" [المناهضة للاحتلال والاستيطان]، وإنما قد يعني أن القرار سيبقى حبراً على ورق.
· ولعل هذا هو السبب الذي جعل كبار المحللين السياسيين في إسرائيل لا يغيّرون الأوصاف التي ينعتون بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، منذ ولايته الأولى في رئاسة الحكومة [خلال السنوات 1996 - 1999].
· وتجدر الإشارة هنا إلى أن أحد الأسباب وراء التقدير الذي كان العاهل الأردني، الملك حسين، يكنّه لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، يتسحاق رابين، كامن في التزام هذا الأخير ما يقوله. وفي كتاب حديث صدر في إسرائيل عن سيرة حياة الملك حسين من تأليف [المؤرخ] آفي شلايم، يصف الكاتب كيف شاهد الملك بقلب مفطور نتنياهو في إبان ولايته الأولى، وهو يهدم الحجارة الأساسية لعملية السلام، ويقلص التوقعات الفلسطينية ويضعف السلطة الفلسطينية، ويرجىء مراحل الانسحاب الإسرائيلي التي أقرّت في اتفاق أوسلو، فضلاً عن إصداره أوامر ببناء 2000 وحدة سكنية جديدة في غور الأردن، وبذا، نجح، في غضون فترة قصيرة "في إحراج حلفاء إسرائيل في العالم أجمع".
· ومع ذلك، دعونا نفترض أنه مرّت عشرة أشهر وتم خلالها تجميد البناء في المستوطنات، فماذا سيحدث بعد ذلك؟ في حديث خاطف أجريته مع إفرايم هليفي، الذي كان رئيساً للموساد، وجّه نقداً حاداً إلى الإدارة الأميركية، قائلاً إن هذه الإدارة التي تطلب من نتنياهو مبادرات حسن نية من أجل تعزيز قوة [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، لا تستوعب أن عباس غير مؤهل لأن يكون شريكاً لمفاوضات السلام. وأضاف أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بحاجة الآن لا إلى شريك فحسب، بل أيضاً إلى زعيم يكون مقبولاً من الفلسطينيين كلهم، ولذا، فإن الذي يرغب في تعزيز قوة السلطة الفلسطينية، عليه أن يفرج عن مروان البرغوثي.
مهما يكن، فإن نتنياهو أقدم على خطوة تكتيكية ذكية، عندما بادر إلى تجميد البناء لفترة عشرة أشهر. فلماذا تبقى إسرائيل، في نظر العالم كله، هي المسؤول الوحيد عن جمود العملية السياسية، في الوقت الذي عاد فيه الفلسطينيون إلى موقفهم التقليدي، وفحواه عدم تفويت أي فرصة من أجل تفويت الفرصة؟ وعلى ما يبدو، فإن رفض الفلسطينيين العودة إلى مائدة المفاوضات يخدم المتطرفين في حزب الليكود، وفي إسرائيل عامة.