مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
تخوض إسرائيل والسلطة الفلسطينية معركة دبلوماسية عشية اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الذي سيعقد في بروكسل اليوم، والذي ستُناقش خلاله المبادرة السويدية لتغيير الوضع القانوني الدولي للقدس. وخلال الأيام القليلة الفائتة اتصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعدد من القادة الأوروبيين ـ بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ساباتيرو ـ طالباً منهم معارضة المبادرة السويدية والضغط على السلطة الفلسطينية كي تستأنف المفاوضات مع إسرائيل. وبموازة ذلك، وفي محاولة لكبح الضغط الإسرائيلي، عقد رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض اجتماعاً مع مجموعة من الدبلوماسيين الأوروبيين، وطلب منهم تأييد مشروع القرار الأوروبي.
وتدعو المبادرة السويدية إلى تقسيم القدس والاعتراف بها عاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين. كما تلمح مسودة مشروع القرار إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعترف، عندما يحين الأوان، بإعلان الاستقلال الفلسطيني من جانب واحد. وفي مناقشات تمهيدية جرت في نهاية الأسبوع عشية اجتماع وزراء الخارجية، لم يتمكن دبلوماسيون ينتمون إلى الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من التوصل إلى اتفاق على صيغة موحدة للقرار، ومن المتوقع أن تنشب جدالات حادة أيضاً في المناقشات التي ستتم على مستويات أعلى. ووفقاً لمسؤولين كبار في القدس، ولدبلوماسيين غربيين أيضاً، فإن الجدل ينصب على قضية الوضع القانوني الدولي للقدس، وعلى إمكان اعتراف الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية، ومدى التأييد [الأوروبي] لقرار الحكومة الإسرائيلية تجميد البناء في المستوطنات عشرة أشهر.
وتواصل السويد التي تحظى بتأييد مكثف من جانب بريطانيا وإيرلندا وبلجيكا وعدد آخر من الدول، المضيّ قدماً بالصيغة الأصلية التي عرضتها، والتي تنص على أن "القدس الشرقية ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية". وفي المقابل، تعمل فرنسا في اتجاه تبنّي صيغة جديدة تتلاءم مع الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الكنيست قبل عامين، والذي صرح فيه أن "القدس ستكون عاصمة الدولتين"، من دون التطرق إلى تقسيم المدينة إلى شطرين، شرقي وغربي، كما يحاول الفرنسيون العمل على إصدار تصريح يؤيد قرار تجميد البناء في المستوطنات تأييداً تاماً.
بعد فترة طويلة من الإحباط، سيحصل [رئيس السلطة الفلسطينية] أبو مازن على إنجاز دولي: فالمعركة الإسرائيلية ـ الفلسطينية بشأن الجلسة التي سيعقدها مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ستنتهي على ما يبدو بانتصار فلسطيني واضح ("معاريف"، 7/12/2009). ويتبين من الصيغة النهائية للاتفاق [مسودة مشروع القرار الذي سيطرح على المجلس] الذي وصل إلى القدس أمس، أن الفلسطينيين سيحصلون اليوم على تصريح أوروبي غير مسبوق يعترف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وبخطوط 1967 أساساً للمفاوضات.
وإذا لم تحدث تغييرات في اللحظة الأخيرة، فإن مشروع القرار سيشمل الأسس التالية: "تدعو أوروبا إلى إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية متصلة جغرافياً في الضفة والقطاع والقدس الشرقية؛ ستكون القدس عاصمة للدولتين؛ يجب وقف الأنشطة الاستيطانية كلها، ويشمل ذلك القدس الشرقية، بما في ذلك النمو الطبيعي؛ لن يعترف الاتحاد الأوروبي بأي تغيير في حدود 1967، ما لم يوافق الطرفان على ذلك".
عقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لقاء مع أعضاء كنيست من حزب الليكود أوضح لهم خلاله الدوافع الكامنة وراء قرار تجميد البناء في المستوطنات، وقال: "ربما يقول البعض إننا نسير نحو تفكيك المستوطنات في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وإنه يجب تفكيك الليكود، لكن علينا أن نفهم أن النية هي العكس تماماً، وأن وحدة الليكود مهمة للغاية".
وأضاف أن "الليكود يقود الدولة في أوضاع غير سهلة، أكان ذلك على الصعيد الاستراتيجي أو في مواجهة الفلسطينيين"، وأشار إلى أن التجميد هو "خطوة صعبة جداً ـ بالنسبة إليّ وإلى جميع وزراء الليكود في الحكومة ـ لكن خلاصة القول هي أنها خطوة تتخذ لمرة واحدة، ولفترة محددة، وهي ترمي إلى الدفاع عن المصالح الأوسع لدولة إسرائيل". وتابع قائلاً: "نحن نريد المحافظة (على المستوطنات) إلى أقصى حد ممكن، خلافاً للآخرين الذين يريدون التنازل إلى أقصى حد ممكن".
وخلال جلسة الحكومة الأسبوعية التي عقدت أمس، أعلن نتياهو أن حكومته ستسمح للمستوطنين بمعاودة البناء في المناطق [المحتلة] حتى لو استُؤنفت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ("معاريف"، 7/12/2009). كما أوضح أن مفعول قرار تقييد البناء الذي اتخذه المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية سينتهي خلال عشرة أشهر، بحسب ما هو مخطط له، بغض النظر عن تقدم العملية السياسية، وأضاف: "حتى لو جاء [رئيس السلطة الفلسطينية] أبو مازن بعد ثمانية أشهر وقال 'السلام الآن'، فإننا سنستأنف البناء كما كان عليه الحال في السابق. إن قرار المجلس الوزاري المصغر محدَّد بفترة زمنية، وسنعاود البناء بعدها مباشرة".
وجاء إعلان نتنياهو هذا على خلفية التأهب لاحتمال قيام ناشطين من اليمين المتطرف بمحاولة التعرض لحياته أو لوزير الدفاع إيهود باراك بسبب تجميد البناء، وقد جرى نقاش بشأن هذا الموضوع صباح أمس اشترك فيه ممثلون عن الجيش الإسرائيلي والشرطة وجهاز الأمن العام. وتتأهب الهيئات الأمنية أيضاً لاحتمال تصعيد المواجهات مع عناصر اليمين الذين يقومون بالتظاهرات في المستوطنات.
أعرب عشرات من أعضاء مجلس النواب الأميركي في رسالة بعثوا بها إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مساء الجمعة الفائت، عن اعتقادهم أن إيران ربما تحاول صرف أنظار المجتمع الدولي عن القضية النووية عن طريق تسخين الحدود الشمالية بواسطة حزب الله.
وقد بعث أعضاء مجلس النواب برسالتهم هذه عشية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان للبيت الأبيض في 14 من الشهر الجاري، وعقب الاتفاق الائتلافي الذي جرى التوصل إليه في لبنان، والذي يسمح لحزب الله بمواصلة الاحتفاظ بسلاحه.
ومما ورد في رسالة أعضاء مجلس النواب: "بعد أن وصلت الاتصالات مع إيران إلى طريق مسدودة، من المحتمل أن يحاول النظام الإيراني تحويل الاهتمام الدولي [عن البرنامج النووي]، عن طريق إعطاء حزب الله ـ ممثله في جنوب لبنان ـ أمراً بإشعال مواجهة إقليمية".
وعلى حد قول أعضاء مجلس النواب، فإن حزب الله، وعلى الرغم من القرار 1701، تمكن من التسلح ومن زيادة قوته منذ حرب لبنان الثانية، وهو يتمتع الآن بقوة لا يستهان بها داخل الحكومة اللبنانية أيضاً. وذكّر النواب الموقعون على الرسالة الإدارةَ الأميركية بأن الولايات المتحدة رصدت 200 مليون دولار كمساعدات لقوة اليونيفيل خلال سنة 2010، و100 مليون دولار إضافية كمساعدات للجيش اللبناني والحكومة اللبنانية، وأضافوا: "عقب تقديم مساعدات بهذا الحجم، من حق دافع الضرائب الأميركي أن يرى نتائج، كما أنه يتعين على الولايات المتحدة استخدام مواردها للحيلولة دون حدوث تصعيد على الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية. وفي ضوء الانتهاكات الواضحة لقرار مجلس الأمن، فإننا نطالب الإدارة الأميركية بأن تضمن قيام الأمم المتحدة بمعالجتها، ويجب بذل جهد دولي لتجريد حزب الله من سلاحه وتنظيف جنوب لبنان من السلاح الإيراني".
· "هذه أول مرة نتلقى فيها تعليمات واضحة من المؤسسة السياسية الإسرائيلية، تقضي بمعالجة أعمال البناء غير القانونية في المستوطنات، ونحن نعمل وفقاً لها" ـ هذا ما أكده أحد ضباط الجيش الإسرائيلي، الذي يخدم في المناطق [المحتلة] منذ أكثر من عشرة أعوام، لصحيفة "هآرتس" أمس.
· وفي حال استمرار سريان مفعول هذه التعليمات، فإن الترجمة العملية لها ميدانياً، ستكون اندلاع مواجهات أكثر عنفاً بين قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين خلال الفترة المقبلة. وفي الوقت الحالي، ثمة مصلحة كبيرة لدى معارضي قرار تجميد أعمال البناء في المستوطنات في تسخين الأجواء، وذلك من أجل دفع أكبر عدد ممكن من الأشخاص إلى الاشتراك في التظاهرة الاحتجاجية الكبرى التي ستقام بعد غد.
· وقد وقعت مواجهات من هذا القبيل، أمس، في مستوطنة كدوميم [في منطقة نابلس]، ومن المتوقع أن تحدث مواجهات أخرى خلال الأيام المقبلة، ولا سيما في البؤر الاستيطانية غير القانونية، وربما ستكون أكثر عنفاً ومقرونة باعتداءات على الممتلكات الفلسطينية.
· في هذه الأثناء، فإن الإدارة المدنية الإسرائيلية [في الضفة الغربية] هي التي تتصدر جبهة المواجهة [مع المستوطنين] بحماية الشرطة، لكن يبدو أن الجيش الإسرائيلي سيكون، في غضون الفترة القليلة المقبلة، مضطراً، هو أيضاً، إلى التدخل.
· إن أحداث الأسبوع الأخير جعلت بضع ظواهر مثيرة تطفو على السطح، حتى قبل أن تتفاقم المواجهات بين الجانبين. أول ظاهرة هي تصعيد اللهجة في صفوف قيادة الجيش الإسرائيلي ضد المستوطنين، وخصوصاً ضد الذين يدعون الجنود إلى رفض تنفيذ الأوامر العسكرية. والظاهرة الثانية هي أن قرار تجميد أعمال البناء في المستوطنات أدى إلى توحيد صفوف المستوطنين كلهم، سواء في داخل الكتل الاستيطانية أو في المستوطنات النائية. أما الظاهرة الثالثة فهي أن مماطلة حكومة بنيامين نتنياهو في تقديم الرد على ضغوط الإدارة الأميركية بشأن تجميد الاستيطان، وفّرت وقتاً كافياً للمستوطنين كي ينظموا صفوفهم بصورة جيدة، ويبنوا أسساً لمئات الوحدات السكنية، تمهيداً لتحويلها إلى وقائع مفروضة على الأرض قبل بدء عمليات تصوير أعمال البناء من الجو.
· إن قرار تجميد البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] ليس في إمكانه أن يؤثر في ما يحدث عملياً، إذ إنه لن يؤدي إلى وقف البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بصورة مطلقة، ولن يحدث تغييراً في المناخ السياسي، لأن الفلسطينيين لا يرون أنه كاف لاستئناف المفاوضات، كما أن الأسرة الدولية لم يتكوّن لديها، على ما يبدو، انطباع جيد من هذه الخطوة الإسرائيلية. ولذا، فإن الولايات المتحدة وسائر دول العالم لا ينويان مطالبة الفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، في إثر القرار.
· غير أن هذا القرار هو إثبات على أن الحكومة الإسرائيلية بدأت تسلّم بواقع سياسي آخذ في الرسوخ، ويجعل الوجود الإسرائيلي في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، بما في ذلك القدس الشرقية، مستحيلاً. وبناء على ذلك، فإن الخلاف بشأن المستوطنات وتوسيعها لم يعد شأناً خاصاً بين إسرائيل والفلسطينيين فحسب، بل أصبح أيضاً سبباً لاندلاع مواجهة بين إسرائيل والعالم أجمع.
· ولا شك في أن الفوضى و"الإرهاب" الفلسطينيين حالا، في الماضي، دون إنصات العالم للمطالب الفلسطينية، بما في ذلك وقف أعمال البناء، كما أنهما حالا دون ممارسة ضغوط أوروبية حقيقية على إسرائيل. لكن عندما توقف "الإرهاب" في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وقامت السلطة الفلسطينية بتحسين أدائها، صعّد الأوروبيون مواقفهم إزاء إسرائيل، وباتوا يعتبرون البناء في المستوطنات بمثابة عقبة أمام حل الدولتين.
· من ناحية أخرى، فإن استمرار أعمال البناء في كافة أراضي يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، من شأنه أن يضعف العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، التي تُعتبر رصيداً سياسياً رئيسياً بالنسبة إلى إسرائيل.
· وخلاصة القول، فإن ما سبق أن أدركه [رئيسا الحكومة السابقان] أريئيل شارون وإيهود أولمرت، وهو أنه لا يوجد شخص في العالم يوافق على بقاء إسرائيل في معظم أراضي يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وعلى استمرار أعمال البناء هناك، أصبح واضحاً للحكومة الإسرائيلية الحالية أيضاً.
وفي حال إصرار إسرائيل على التمسك بهذا البقاء وبأعمال البناء، فإنها ستجلب على نفسها عزلة سياسية، وقرار تجميد البناء في المستوطنات هو محاولة لمنع عزلة كهذه؛ ومع أنه لا يعتبر قراراً مهماً، إلا إنه ينطوي على دلالة كبيرة، باعتباره إشارة أولى إلى إدراك الحكومة التطورات المستجدة في العالم.
· بنظرة إلى الوراء، يمكن القول الآن إن قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية ـ الأمنية القاضي بتجميد البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] اتخذ بتسرع، ومن دون دراسة أساسية للصعوبات المقرونة بتنفيذه. ولذا، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تهتم بتجهيز أعداد كافية من المراقبين يكون في إمكانهم تطبيق القرار بحذافيره، كما أنها لم تتحدث مسبقاً، في هذا الشأن، مع رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات.
· والأخطر من هذا أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لم يضمن سلفاً حصوله على مردود سياسي في مقابل هذا القرار، فالفلسطينيون ما زالوا متمسكين برفض استئناف المفاوضات، والإدارة الأميركية لم تنجح حتى في إقناع الرباعية الدولية بإصدار إعلان تأييد لقرار التجميد.
· في الوقت نفسه، فإن وزيري المواصلات وحماية البيئة، اللذين يعارضان قرار التجميد، رفضا تزويد الإدارة المدنية [في المناطق المحتلة] بالمراقبين العاملين في وزارتيهما. وقد اضطر نتنياهو، في ضوء هذا كله، إلى إنشاء طاقم خاص لمتابعة تنفيذ القرار برئاسة الوزير بنيامين بيغن. ويبدو أن تعيين هذا الأخير يهدف إلى امتصاص نقمة المستوطنين، وإلى "مراقبة" خطوات وزير الدفاع، إيهود باراك.
· ومع ذلك، لا بُد من القول لنتنياهو: إياك أن تتراجع. إن استعداد رئيس الحكومة للمجازفة السياسية، وللخصام مع المعسكر المؤيد له، من أجل دفع مصالح سياسية قدماً، هو خطوة صحيحة ـ حتى لو كانت صغيرة ومترددة ـ على طريق تحقيق رؤيته بشأن "دولتين لشعبين". ولذا، لا يجوز له الإحجام إزاء احتجاج المستوطنين وضغوطهم على وزراء الليكود.
· إن توسيع المستوطنات خطوة ضارة ولا لزوم لها. وحتى لو كان نتنياهو أقدم على كبح الاستيطان من أجل إرضاء رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، فقط، فمن المهم أن يبقى متمسكاً بقرار المجلس الوزاري المصغر وعدم تمييعه. كما أنه يتعين عليه الاستمرار، في بذل الجهود الرامية إلى استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين.
· لا شك في أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وكذلك وزراء حكومته والمستوطنين والكثيرين من سكان إسرائيل، يدركون أن القرار القاضي بتجميد الاستيطان هو بمثابة بداية طريق طويلة لا بُد من أن تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية، وإلى تفكيك المستوطنات [في المناطق المحتلة].
· وفي حال تنفيذ القرار بصورة صارمة، فإنه من المفترض ألاّ يضاف، في غضون الأشهر العشرة المقبلة، متر مربع واحد من البناء إلى المستوطنات القائمة.
· من ناحية أخرى، فإن الواقع في نهاية سنة 2009 هو واقع صعب للغاية، إذ أن العالم كله يقف ضدنا. وقد أصبح من الصعب على أي كان، في أول عقد من القرن الحادي والعشرين، أن يحافظ على بقائه من دون الشرعية الدولية. في الوقت نفسه، فإن قوة الإسلام في العالم آخذة في التعزز، ويجب ألاّ ننسى أننا نعيش في جزيرة صغيرة واقعة وسط بحر مؤلف من 300 مليون مسلم على اتصال بمليار مسلم في العالم الواسع.
· كما أننا مستمرون في الوجود، أعواماً طويلة، بفضل دعم الولايات المتحدة، لكن على ما يبدو، فإن هذه ضاقت ذرعاً بنا، في الآونة الأخيرة، في وقت تتقدم فيه إيران سريعاً في طريق تحولها إلى دولة نووية. ومع كل التقدير لقوتنا العسكرية ويدنا الطولى، فإنه لا يمكننا المجازفة بالعمل وحدنا على كبحها.
بناء عليه، كان من واجب نتنياهو أن يتساءل عمّا إذا كان هناك طرق كفيلة من دون دعم الولايات المتحدة، بتجاوز واقع أصبح فيه العالم كله ضدنا، بينما توشك القنبلة النووية الإيرانية أن تغدو حقيقة، وأن يجد الجواب الصحيح. ولعل الأمر المؤكد هو أن نتنياهو الآن في وضع لا يُحسد عليه.