مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان [رئيس "إسرائيل بيتنا"] إن الجيش الإسرائيلي لا يخطط لاجتياح قطاع غزة في حال اندلاع حرب أخرى مع حركة "حماس" وأشار إلى أنه شخصياً غير معني باجتياح غزة على الإطلاق، لكنه في الوقت عينه أكد أنه إذا ما اضطرت إسرائيل إلى دخول حرب أخرى مع "حماس" فستكون آخر حرب تخوضها هذه الحركة.
وأضاف ليبرمان في سياق مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الليلة قبل الماضية في مناسبة مرور عام على تسلمه منصب وزير الدفاع، أن إسرائيل ستقوم في أي حرب مقبلة بينها وبين "حماس" باجتياح قطاع غزة وتدمير البنى التحتية "الإرهابية" لهذه الحركة، وشدّد على أنه بمجرّد استكمال هذه المهمة ستنسحب إسرائيل من القطاع.
وكان لبيرمان أكد مراراً خلال السنوات القليلة الفائتة أن إعادة احتلال القطاع هي الطريقة الوحيدة لوقف إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية.
من ناحية أخرى كرّر وزير الدفاع أن إسرائيل باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى من التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وأشار إلى أن فرصة إقامة علاقات كاملة مع البلدان العربية ستقنع حكومة بنيامين نتنياهو والكنيست بقبول اتفاق كهذا.
ورفض ليبرمان الإدلاء بأي تفاصيل حول هذا الاتفاق واكتفى بالإشارة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أدّت دوراً في صوغ الاتفاق وأنه سيشمل لاعبين إقليميين آخرين.
وعندما سُئل ليبرمان عن أسباب التوصل إلى الاتفاق، قال إن سبب ذلك يعود إلى قيام الرئيس ترامب بزيارة المنطقة وإلى استيعاب الدول العربية حقيقة أن مشكلتها ليست إسرائيل.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه حان الوقت لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة [الأونروا] وأشار إلى أنه حض السفيرة الأميركية في هذه المنظمة الدولية نيكي هالي على الدفع قدماً بقرار ينص على إغلاق هذه الوكالة.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد)، أنه اكتُشف في الأيام الأخيرة نفق حفرته حركة "حماس" تحت مدرستين في غزة وأشار إلى أن هذه الحركة تستخدم أطفال المدارس درعاً بشرياً لها وإلى أنه أوعز إلى المدير العام لوزارة الخارجية بتقديم شكوى رسمية ضد "حماس" إلى مجلس الأمن. كما أشار إلى أنه أكد خلال اجتماعه مع السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في القدس الأسبوع الفائت أنه آن الأوان للأمم المتحدة لأن تعيد النظر في استمرار عمل الأونروا.
وقال نتنياهو: "منذ الحرب العالمية الثانية كان وما يزال هناك عشرات الملايين من اللاجئين وخصصت لهم مفوضية سامية في الأمم المتحدة بينما خُصصت للاجئين الفلسطينيين الذين تم توطين الأغلبية الساحقة منهم، مفوضية أخرى خاصة بهم فقط هي الأونروا التي يمارس في مؤسساتها تحريض واسع النطاق ضد إسرائيل، ولذا فإن الأونروا بسبب وجودها وأيضاً بسبب نشاطاتها تخلّد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من حلها وحان الوقت لتفكيكها ودمج أجزائها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة".
ورداً على تصريحات نتنياهو هذه قال الناطق بلسان الأونروا كريستوفر غونيس إن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي مددت التفويض الممنوح لهذه الوكالة بثلاث سنوات قبل سنة هي فقط التي تملك صلاحية إغلاق الوكالة. وأكد أن وضع اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يتم حله في إطار حل سياسي للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين وشدّد على أنه حان الوقت لتحرك سياسي من أجل حل هذا النزاع.
صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون سن القوانين أمس (الأحد) على مشروع قانون تقدم به عضو الكنيست إليعيزر شتيرن ["يوجد مستقبل"] ينص على تقليص الأموال التي يتم تحويلها إلى السلطة الفلسطينية بسبب الرواتب التي تدفعها هذه السلطة إلى منفذي هجمات "إرهابية" وعائلاتهم.
ومن المتوقع أن يتم طرح مشروع القانون للتصويت عليه بالقراءة الأولى في الكنيست بعد غد (الأربعاء).
ويقضي مشروع القانون بأن تقوم إسرائيل باقتطاع مبلغ مليار شيكل من عائدات الضرائب التي تقوم بجمعها للسلطة الفلسطينية وتسلمها لها، وهو المبلغ الذي تدفعه السلطة إلى منفذي الهجمات وأسرهم.
ورحب حزب "يوجد مستقبل" بالمصادقة على مشروع القانون هذا، وقال في بيان صادر عنه أمس إن على إسرائيل أن تكون القائدة والمبادرة في الحرب ضد "الإرهاب".
قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن أرقام أعمال البناء التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي في مستوطنات يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 25 عاماً.
وجاءت أقوال ليبرمان هذه في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد) رداً على انتقادات زعماء المستوطنين بأن حجم البناء في المناطق [المحتلة] غير كاف، وأكد فيها أيضاً أن معدل البناء هو أعلى ما يمكن الوصول إليه وحذر من أن الدعوة إلى مزيد من البناء يمكن أن تؤدي إلى انهيار المشروع الاستيطاني بكامله.
وقال وزير الدفاع إن كل من يزعم أن بالإمكان المصادقة على مزيد من البناء في المستوطنات لا يحاول شدّ الحبل فحسب بل يحاول قطعه تماماً، وبالتالي فإنه يعرّض المشروع الاستيطاني بكامله للخطر.
وأضاف ليبرمان أنه لم ولن تكون هناك حكومة تهتم أكثر بالمستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة، وأشار إلى أن أرقام البناء في المستوطنات خلال النصف الأول من سنة 2017 هي الأعلى منذ سنة 1992.
وقال ليبرمان المكلف بإقرار أي مصادقة على أعمال بناء من طرف اللجنة الفرعية العليا للتخطيط التابعة لوزارة الدفاع، إنه تم الأسبوع الفائت إعطاء ضوء أخضر لإقامة 3651 وحدة سكنية جديدة، ومنذ بدء السنة الحالية تمت المصادقة على إقامة ما مجموعه 8345 وحدة سكنية جديدة، ووصف هذه الأرقام بأنها الحدّ الأقصى الذي يمكن السماح به.
ويذكر أن من بين الخطط التي صادقت عليها اللجنة الفرعية العليا للتخطيط الأسبوع الفائت خطة بناء 102 وحدة سكنية لمستوطني بؤرة "عمونه" الاستيطانية غير القانونية التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة بالقرب من رام الله وتم إخلاؤها بناء على قرار صادر عن المحكمة الإسرائيلية العليا. وتمت هذه المصادقة بناء على أوامر صادرة من الحكومة الإسرائيلية.
وستقام هذه الوحدات السكنية في مستوطنة جديدة باسم "عميحاي" ستكون أول مستوطنة يتم إقامتها في مناطق الضفة الغربية منذ 25 عاماً.
وقّع نحو 1000 محاضر في الجامعات الإسرائيلية أمس (الأحد) عريضة يعلنون فيها التزامهم بتجاهل وثيقة "الشيفرة الأخلاقية" التي وضعها البروفسور آسا كشير بناء على طلب وزير التربية والتعليم نفتالي بينت [رئيس "البيت اليهودي"] وتنص على أنه لا يجوز للمحاضرين الأكاديميين التعبير عن رأيهم في مواضيع سياسية أمام طلبتهم إلّا إذا تطلبت المواد الدراسية ذلك كما في مجال العلوم السياسية مثلاً. ويحظر بند آخر على أفراد الطاقم الأكاديمي أن يشاركوا في مقاطعة أكاديمية لمؤسسات تعليم عال ويمنعهم من دعوة آخرين إلى المشاركة في مقاطعة كهذه، كما ينصّ على عدم جواز تعاون برامج دراسية أكاديمية مع جمعيات تُصنَّف بأنها سياسية.
وأكدت العريضة أنه لا يحقّ للسلطة والمؤسسة السياسية أن تتدخلا في حرية التعبير داخل الهيئات الأكاديمية.
كما أعلنت لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية في بيان صادر عنها، أن أفرادها يعارضون بشدّة وضع "مدونة أخلاقيات" حول السلوك المقبول لأعضاء السلك الأكاديمي في إسرائيل. ووصفت اللجنة هذه "الشيفرة" بأنها مجموعة قواعد تُمليها المؤسسة السياسية وأكدت أنها تسلب مؤسسات التعليم العالي حرية تحديد سلوك أفراد العاملين في السلك الأكاديمي، ما يُعدّ انتهاكاً خطراً وأساسياً للحرية الأكاديمية.
وأعرب اتحاد الطلبة الجامعيين الإسرائيليين عن معارضته لـ"المدونة". وقال رئيس الاتحاد رام شيفا إن "الشيفرة" أبعد ما تكون عن هدفها الأخلاقي الظاهر وأكد أن كل شيء سياسي ومن المستحيل الفصل بين السياسة والمجالات الأخرى في الحياة ولا سيما في المجال الأكاديمي.
وذكرت مصادر رفيعة في ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية أن رئيس الدولة رؤوفين ريفلين يعارض "المدونة".
وتوالت ردود الفعل على "مدونة الأخلاقيات" في الحلبة السياسية.
وشبّه عضو الكنيست عوفر شيلح ["يوجد مستقبل"] "الشيفرة" بأنها شكل من أشكال شرطة الأفكار.
وأكد عضو الكنيست أريئيل مارغليت ["المعسكر الصهيوني"] أن الهدف الوحيد لـ"المدونة" هو إسكات الأصوات النقدية وإخافة المحاضرين.
وقالت عضو الكنيست تسيبي ليفني ["المعسكر الصهيوني"] إن "المدونة" غير أخلاقية وتشكل خطوة أخرى من طرف الحكومة الإسرائيلية لإسكات أي خطاب وحرية فكر.
وأشارت عضو الكنيست زهافا غالئون [رئيسة ميرتس] إلى أن "المدونة" بلشفية تقوض التربية على الديمقراطية والتعددية.
في المقابل قال بينت في تغريدة نشرها على موقعه الخاص في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس، إن المؤسسات الأكاديمية الأميركية تطبق "مدونة أخلاقيات" مماثلة، وادعى أنه من دون "مدونة" كهذه يسود وضع يشجّع فيه محاضرون إسرائيليون على مقاطعة أكاديمية عالمية لإسرائيل.
وقالت عضو الكنيست شولي معلم من "البيت اليهودي" إن كل طالب جامعي متوسط يمكنه أن يشهد أن الجامعات في إسرائيل منحازة سياسياً لليسار وأكدت أنه حان الوقت لوضع حدّ لذلك الأمر.
وكان بينت طلب في كانون الأول/ ديسمبر الفائت من آسا كشير، الذي كتب "مدونة القواعد الأخلاقية" للجيش الإسرائيلي، صوغ وثيقة تحدد خطوط السلوك المقبول من قبل المحاضرين الأكاديميين بشأن النشاط السياسي خلال جلسات التدريس. وعرض كشير الأسبوع الفائت بنود هذه الوثيقة على بينت الذي يخطط الآن لتقديمها للمصادقة عليها من قبل مجلس التعليم العالي وهو الهيئة المسؤولة عن المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل.
أصدرت محكمة الصلح في تل أبيب أمس (الأحد) أمراً يلزم الصحافي يغئال سارنا من صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بدفع مبلغ 100,000 شيكل إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وزوجته سارة في دعوى تشهير قُدمت ضده بعد أن ادعى أن نتنياهو طُرد من سيارته على جانب طريق سريع في إثر خلاف مع زوجته.
وتقدم الزوجان نتنياهو بدعوى تشهير ضد سارنا العام الفائت بعد أن نشر تدوينة في موقعه الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" قال فيها إن سارة أوقفت موكب رئيس الحكومة على طريق سريع وطردت زوجها من السيارة على جانب الطريق. ولم يشر سارنا إلى مصدر معلوماته كما أن الخبر الذي نشره على موقعه لم يظهر في صحيفته التي يُعرف عنها بأنها شديدة الانتقاد لنتنياهو.
وأكد قرار المحكمة أن ما قام بها سارنا هدف إلى إذلال وإهانة الزوجين نتنياهو. وأشار إلى أن حقيقة أن سارنا لم يحاول تأكيد القصة هو تصرف غير مسؤول ولم يقبل بادعاء الأخير أنه لا يجب التعامل مع التدوينات على "فايسبوك" بنفس الطريقة التي يتم التعامل فيها مع الأخبار التي تنشرها مؤسسات إعلامية.
وأعلن سارنا أنه يعتزم تقديم طلب استئناف ضد الحكم.
وبرز اسم سارنا أيضاً في ما بات يعرف باسم "قضية 2000" وهي إحدى قضايا الفساد التي يتم التحقيق فيها مع نتنياهو، ويشتبه فيها بأنه حاول التوصل إلى صفقة مع مالك وناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون (نوني) موزيس يحصل فيها رئيس الحكومة من الصحيفة على تغطية ودية أكثر في مقابل دفعه قدماً بمشروع قانون من شأنه فرض قيود على صحيفة "يسرائيل هيوم" المجانية التي تُعتبر مؤيدة لنتنياهو ومنافسة لـ"يديعوت". وفي محادثات تم تسجيلها سراً بين الاثنين قال موزيس لنتنياهو إنه على استعداد لإقالة سارنا من الصحيفة كبادرة حُسن نية.
•يقترب قطاع غزة مرة أخرى هذا الصيف من نقطة الغليان. ومن دون أن يكون التصعيد هدفاً معلناً لأي طرف من الطرفين، ومن دون أن يكون لأي منهما مصلحة في التصعيد، يبدو أن إسرائيل و"حماس" على مشارف مواجهة محتملة، بتشجيع فعال وشاذ من السلطة الفلسطينية.
•إن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زيادة الضغط الاقتصادي على سلطة "حماس" في القطاع هو السبب الأساسي للتوتر الجديد. فبعد عشر سنوات من طرد كبار مسؤولي حركة "فتح" من غزة، وبينما ترفض زعامة "حماس" بإصرار الاعتراف بأن تكون للسلطة الفلسطينية [في رام الله] أي سلطة في القطاع، يبدو أن عباس ضجر من تمويل خصومه السياسيين. وشملت العقوبات المفروضة على غزة خفض رواتب موظفي السلطة في القطاع إلى الثلث، وتقليص الدعم المالي المقدم للأسرى المحررين، واضطرابات كبيرة في التزود بالكهرباء.
•تعتبر الكهرباء العنصر الأكثر أهمية في الصورة. في الأيام العادية تزود إسرائيل القطاع بـ123 ميغاوات من الكهرباء بواسطة عشرة خطوط، كما تصل 60 ميغاوات إضافية من محطة الطاقة في غزة (التي تعمل بنصف طاقتها وتعتمد على السولار الذي يأتي من إسرائيل)، وهناك 23 ميغاوات يجري التزود بها بواسطة خطين كهربائيين من مصر عندما لا تحدث مشكلات. لقد توقفت السلطة عن دفع الرسوم على السولار (التي تُحسم من عائدات الضرائب التي تحصل عليها من إسرائيل) وتهدد بوقف تمويل خطوط الكهرباء من إسرائيل إلى غزة. ويمكن أن يؤدي تضافر هاتين الخطوتين إلى خفض تزود القطاع اليومي بالكهرباء إلى ما دون المستوى الحالي- الذي هو بمعدل 4 ساعات يومياً - الأمر الذي سيجبر السكان على الاعتماد بقدر طاقتهم على المولدات، وسيضر بصورة كبيرة بعمل المستشفيات، ويعرقل تنقية مياه الصرف الصحي، وتوفير المياه الصالحة للشرب.
•يجري هذا في بداية الصيف في غزة حيث ترتفع درجات الحرارة بصورة لا تحتمل. وقد أجرت القيادتان السياسية والأمنية في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، سلسلة نقاشات بشأن أزمة الكهرباء في غزة، وخطر التصعيد العسكري هناك. واليوم سيبحث في ذلك الطاقم الوزاري المصغر. وأعلن كبار المسؤولين الإسرائيليين ومن بينهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أن إسرائيل لا تستطيع أن تحل محل السلطة وتدفع المبالغ المتراكمة بدلاً منها. ولا تريد حكومة نتنياهو أن تظهر وكأنها خضعت للابتزاز الفلسطيني. ولكنها مضطرة، من جهة أخرى، لأن تأخذ في حسابها أن المبالغ المتراكمة - والبالغة عشرات ملايين الشيكلات شهرياً - أقل من الثمن الاقتصادي ليوم واحد من القتال في القطاع، وهذا من دون ذكر الخسائر المتوقعة.
•كما تؤثر الأزمة بين قطر والسعودية على المزاج العام في غزة. ففي الفترات الماضية عندما كانت "حماس" بحاجة إلى مساعدة اقتصادية، كانت تهبّ قطر إلى تقديم المساعدة بموافقة مصر. حالياً قطر مشغولة بالحصار الذي فرضته عليها السعودية بدعم معلن من القاهرة. وهذه التطورات يمكن أن تدفع "حماس" إلى أحضان إيران من جديد.
•في خلفية هذا كله، تجري أحداث أخرى. فقد أعلن الشاباك إحباط خطة أعدتها "حماس" في غزة بواسطة أصحاب سوابق من العرب في إسرائيل لاغتيال ضابط في الجيش الإسرائيلي انتقاماً لمقتل الناشط في الحركة مازن فقهاء، و"حماس" التي كبحت في الماضي قيام تظاهرات بالقرب من السياج الحدودي في قطاع غزة، تشجعها الآن (في نهاية الأسبوعين الماضيين قُتل مواطنان من القطاع بنيران الجيش الإسرائيلي بعد اقترابهما من السياج). وفي الأسابيع المقبلة من المتوقع أن توسع وزارة الداخلية بصورة كبيرة أعمال بناء عائق جديد ضد الأنفاق على الحدود مع القطاع. وسيزيد بناء العائق من الضغط على "حماس"، لأن الذراع العسكرية للحركة تتخوف أن تحرمها هذه الأعمال رصيداً استراتيجياً راكمته في السنوات الأخيرة بجهد كبير.
•في الأسبوع الماضي، اضطرت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا التابعة للأمم المتحدة، إلى إعلان عثورها على نفق حفرته "حماس" تحت مدرسة في القطاع. وأجّج هذا الإعلان حجة إسرائيلية قديمة جرى إثباتها إبان عملية الجرف الصامد، عن استغلال مقصود من جانب حركة "حماس" للمواقع الإنسانية كأهداف عسكرية. واستغل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذه الفرصة ليدعو اليوم في بداية جلسة الحكومة الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في استمرار وجود الوكالة المخصصة نشاطاتها لدعم عائلات قدامى اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم.
•يعرف نتنياهو موقف إدارة ترامب السلبي حيال تمويل نشاطات الأمم المتحدة. وفي الأسبوع الماضي زارت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إسرائيل. ودعاها مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي إلى القيام بجولة على الحدود مع القطاع، حيث عرض لها الجنود نفقاً هجومياً حفرته "حماس" ويصل إلى أراضي إسرائيل.
•إن مطالبة نتنياهو الحالية تُحرج وكالة الأونروا، وقد تسجل نقاطاً لإسرائيل في الحرب الدعائية في مواجهة الفلسطينيين، لكنها يجب ألا تحوّل النقاش عن الأمر الأساسي، وهو منع حرب أخرى لا لزوم لها في القطاع.
•جرى الاحتفال بيوم القدس في 2017 تحت شعار" خمسون عاماً على توحيد القدس". وخلال الاحتفالات أعلن عدد كبير من قادة وزعماء وناطقين إسرائيليين أن القدس هي "العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل". على مر السنوات وفي الخطاب الإسرائيلي عن القدس ترسخت شعارات ثابتة: "القدس الموحدة"، والقدس الكاملة"، و"القدس العاصمة الأبدية للشعب اليهودي"، و"سلام مع القدس"، وغيرها. تحاول الشعارات بطبيعتها أن تنقل رسائل بسيطة وقصيرة وتهدف إلى توحيد وجهة نظر الجمهور ودفعه إلى استيعاب الرسالة. وتحتل الشعارات التي لها علاقة بالقدس مكاناً مهماً بصورة خاصة، لأنه على الرغم من وجود القدس على الدوام في قلب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، فإنها لم تكن مطروحة على جدول أعمال الجمهور الإسرائيلي. ولم ينظر الجمهور إلى مشكلة القدس كجزء من ساحات المواجهة، وكمصدر لتهديد أمني خطير، إلاّ في ما يتعلق بالهجمات الإرهابية. وهكذا يرد ذكر القدس في الحملات الدعائية قبيل انتخابات الكنيست، وعلى الأغلب عندما تريد الأحزاب المتنافسة إقناع جمهور ناخبيها بأنها لا تنوي تقسيم المدينة (في انتخابات 2015 لم يرد تقريباً ذكر المدينة)، أو قبيل "يوم القدس" مع التركيز على وسائل الترفيه المتوفرة فيها.
•في ضوء ذلك، من المعقول الافتراض أن الجمهور الإسرائيلي، الذي لا تزور أغلبيته الساحقة عادة الأحياء العربية في القدس الشرقية، لا يدرك عمق المشكلات والمعضلات التي لها علاقة بالقدس. أما شعار" القدس الموحدة" فقد ترسخ طوال سنوات في الخطاب الإسرائيلي، من دون أن يكون هناك فهم عميق للمشكلة المعقدة التي ينطوي عليها وانعكاساتها السياسية.
•لقد أدى تزايد الأحداث العنيفة في "موجة الإرهاب" التي حدثت في 2015-2016 في القدس، إلى تبدل علاقة الجمهور بمشكلة القدس. وامتازت هذه الفترة بفيض من اقتراحات لخطط سياسية جديدة من أجل إيجاد حل لمشكلة القدس، كان قاسمها المشترك فكرة الانفصال عن جزء من الأحياء والقرى في شرقي المدينة. ومن بين هذه الخطط خطة رئيس بلدية القدس إخراج الأحياء الواقعة وراء جدار الأمني من نطاق بلدية القدس، وخطة "حركة انقاذ القدس اليهودية"، وخطة يتسحاق هيرتسوغ زعيم "المعسكر الصهيوني" السياسية.
•المناسب فحص موقف الرأي العام حيال هذه الخطط وغيرها، على خلفية أحداث العنف التي وقعت في المدينة، من منظور زمني. طوال سنوات رأت أغلبية الجمهور القدس الموحدة كجزء لا يتجزأ، وعارضت تقسيم المدينة. خلال السنوات 1994-1998، رأى 80% من المشاركين في استطلاع "مؤشر السلام" أن القدس يجب أن تبقى موحدة وعارضوا تقسيمها، بما في ذلك ضمن إطار اتفاق شامل بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد بقيت نسبة المعارضين مرتفعة أيضاً عندما جرى طرح قضية التقسيم كما لو أن اتفاق السلام مرتبط بها فقط. في السنتين 1999-2000 بدأ تحول في الرأي العام: قرابة 65-70% من الذين شملهم استطلاع "مؤشر السلام" واستطلاعات معهد أبحاث الأمن القومي، أعربوا عن معارضتهم تقسيم المدينة. وفي فترة الانتفاضة الثانية أيضاً، عندما سئل الجمهور عن موقفه حيال خيار الانفصال الأحادي الجانب، وعلى الرغم من أن السؤال حدد بوضوح أن "هدف تقسيم القدس هو تقليص الإرهاب"، فإن 70% من الجمهور بقي معارضاً لفكرة الفصل.
•خلال السنوات 2004-2014 برز استقرار في الرأي العام. فمن جهة عارض 60-65 % من الجمهور عودة فلسطينيين إلى الأحياء العربية، ومن جهة أُخرى ارتفعت نسبة التأييد لتقسيم القدس، عندما طرحت المسألة كشرط للتوصل إلى اتفاق ضمن إطار صفقة شاملة.
•في صيف 2014 تدهور الوضع الأمني في القدس: حدث مقتل الشاب أبو خضير على يد نشطاء من اليمين الإسرائيلي المتطرف، وفي الوقت عينه ازدادت الهجمات التي نفذها فلسطينيون: إلقاء زجاجات حارقة ورشق حجارة على القطار الخفيف، حوادث دهس، وحادثة إطلاق نار على كنيس في هار نوف. خلال تلك الفترة رافق الصراع الفلسطيني على القدس شعار: "الحرب على القدس". لكن في هذه الفترة أيضاً عارض جزء كبير من الجمهور نقل الأحياء العربية في القدس الشرقية إلى الفلسطينيين، بما في ذلك ضمن إطار اتفاق سلام ثابت معهم (حوالي 60%). إنما لاح تطور مهم خلال "موجة الإرهاب" التي حدثت في 2015-2016، إذ أظهر استطلاع جرى فور بدء موجة التصعيد أن 69% من الجمهور مهتم بالانفصال عن الأحياء العربية في شرقي المدينة.
ماذا يمكن أن نتعلم من هذه الأرقام؟
•أولاً، يمكن الإشارة بحذر شديد إلى ظهور تحول في مواقف الجمهور في ما يتعلق بالمكونات الفعلية للتسوية في القدس. وبخلاف الماضي، جزء صغير فقط ظل مع الإبقاء على الوضع القائم. في مقابل ذلك، فإن أغلبية الجمهور تعتقد بأن الواقع القائم إشكالي ومن الصعب استمراره إلى ما نهاية، لذلك هي اليوم أكثر انفتاحاً من الماضي على أفكار جديدة. ثانياً، إن توجه الانفتاح المتزايد حيال تسوية جديدة في القدس يسير جنباً إلى جنب مع فكرة الفصل على أساس حل "دولتين لشعبين"، الذي يحظى بتأييد أغلبية الجمهور (نحو 65% من المؤيدين). إن الجمهور معني بالانفصال عن الفلسطينيين مع التشديد على المحافظة على الأمن. وهو مهتم بتقليص الاحتكاك بأي ثمن ومن دون فهم مغزى ذلك وصلته بالوضع المعقد للقدس. ويجب أن نذكّر مجدداً بأنه عندما يبرز تقسيم القدس كجزء من صفقة شاملة للتوصل إلى اتفاق، تحظى هذه الصفقة بتأييد أغلبية الجمهور. ثالثاً، من المهم أن نفحص مجدداً لماذا طرأت تغيرات في موقف الجمهور حيال سكان القدس الشرقية في هذه الفترة تحديداً، على الرغم من أن القدس شهدت حوادث عنف في سنوات سابقة. على ما يبدو أن "موجة الإرهاب" الأخيرة، والشبان الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية الذين حركوها، كان لهم دور مهم في إحداث التغيير في الرأي العام. لقد دحضت هذه الأحداث العنيفة الافتراض الأساسي القائل إن في الإمكان المحافظة على الوضع القائم في المدينة، وقد قسّمت عوائق الباطون التي أقيمت، لفترة قصيرة في القدس الشرقية، عملياً بين أحياء يهودية و أحياء عربية. وقد عكس جوهر التقسيم تغيراً في الوعي: فللمرة الأولى يبدو التقسيم ممكناً، لا سيما وأن الفصل قامت به حكومة يمينية. ويجب أن نتذكر أن الأرضية كانت ناضجة للتغيرات، وكما قلنا، فإن الاستطلاعات أظهرت ذلك من قبل. يُستخلص من ذلك، أنه من المستحسن أن تأخذ القيادة في حسابها تأثير الأحداث على الرأي العام، لأنه في أوقات الطوارىء تحديداً تزداد فرص التغيير، وفي الأوقات العادية عندما يعود الهدوء النسبي تختفي الضرورة وتختفي معها الرغبة في التغيير. وعندما ننظر إلى الأمام، وفي ضوء الاتجاهات السابقة التي تحدثنا عنها في هذا المقال، يمكن الافتراض أنه كلما استمرت فترة الهدوء كلما قويت وجهة النظر التي تدعم فكرة المدينة الموحدة.