مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
المجلس الوزاري المصغر يوافق بالإجماع على بناء 715 وحدة سكنية للفلسطينيين في المنطقة ج
كوشنير يزور المنطقة حاملاً اقتراحاً لعقد مؤتمر سلام في كامب ديفيد بمشاركة زعماء عرب
إيران تحاول نقل صواريخ إلى حزب الله عن طريق العراق
استطلاعات الرأي: صعود اليمين الموحد وتراجع المعسكر الديمقراطي
مقالات وتحليلات
هذه المرة، من دون كاميرات
انتخاب مدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: امتحان للأزمة النووية الإيرانية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 31/7/2019
المجلس الوزاري المصغر يوافق بالإجماع على بناء 715 وحدة سكنية للفلسطينيين في المنطقة ج

وافق المجلس الوزاري المصغر أمس (الثلاثاء) بالإجماع على خطة لبناء 715 وحدة سكنية في القرى الفلسطينية الواقعة في المنطقة ج. وليس من الواضح هل المقصود وحدات سكنية جديدة أو المقصود الموافقة على مساكن موجودة وعرضة للهدم في هذه المرحلة. وذكرت مصادر مطلعة للصحيفة أن في مقابل البناء في القرى الفلسطينية، سُمح للمستوطنين ببناء 6000 وحدة سكنية.

وعلق الوزير بتسلئيل سموتريتش على القرار بأن الهدف من الموافقة على البناء للفلسطينيين هو تعميق السيادة في المنطقة ج. وكتب على صفحته في الفايسبوك: " أخيراً حدث التحول في نهج الحكومة في التعامل مع سرطان الإرهاب الذي ينتشر في داخلنا... لأول مرة تقرر دولة إسرائيل أن البناء في المنطقة ج مسموح  به فقط للعرب من السكان الأصليين للمنطقة منذ سنة 1995 (اتفاق أوسلو الثاني) وليس للعرب الذي جاؤوا لاحقاً من منطقتي أ وب." وبحسب سموتريتش، ما حدث هو أن إسرائيل قد قررت أنه مسموح للفلسطينيين بالبناء في "أماكن لا تمس بالمستوطنات وبأمنها، من دون أن يقيموا تواصلاً، ومن دون أن يخلقوا دولة أمر واقع. أماكن لا تخدم المصالح الوطنية للعرب، بل المصالح الاستراتيجية لدولة إسرائيل. لأول مرة تحقق دولة إسرائيل سيادتها على الأرض وتتحمل المسؤولية عمّا يجري فيها".

من جهته أعرب السفير الأميركي ديفيد فريدمان في مقابله أجرتها معه شبكة الـCNNعن تأييده الموافقة على خطة بناء 700 وحدة سكنية في المنطقة ج. وقال: "نحن نعتقد بضرورة توسع الحكم الذاتي [الفلسطيني] طالما لا يمس بأمن دولة إسرائيل. يهمنا جداً تحسين نوعية حياة الفلسطينيين، ونعتقد أن هذا جيد لإسرائيل وللفلسطينيين".

"Ynet"، 31/7/2019
كوشنير يزور المنطقة حاملاً اقتراحاً لعقد مؤتمر سلام في كامب ديفيد بمشاركة زعماء عرب

يبدأ اليوم جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط زيارة إلى إسرائيل وعدد من الدول العربية في المنطقة، حاملاً معه اقتراح الدعوة إلى مؤتمر يعتزم الرئيس ترامب عقده في كامب ديفيد. وبحسب مصدر في واشنطن، من المنتظر أن يُعقد المؤتمر قبل الانتخابات في إسرائيل، إذ سيقوم  الرئيس ترامب بعرض الخطوط العامة لخطته للسلام. وقد جرى إعداد العملية مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومع سفير إسرائيل في واشنطن رون دريمر الذي جاء إلى إسرائيل لإجراء محادثات مع نتنياهو. ويدخل هذا أيضاً في إطار الحملة الانتخابية التي يخوضها نتنياهو وكذلك حملة ترامب للانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومن المفترض أن يُجري كوشنير والوفد المرافق له محادثات في مصر، والأردن، وقطر، واتحاد الإمارت. وبحسب مصدر متابع للموضوع في واشنطن، فإن التوجه الحالي هو نحو عدم مشاركة نتنياهو في المؤتمر الذي سيُعقد في كامب ديفيد، لأن ذلك سيجعل حضور الزعماء العرب صعباً.

وسيعرض ترامب خطوط الصفقة من دون الدخول في تفاصيل ملزمة. فهو مثلاً سيقول نعم لكيان فلسطيني، ليس بالضرورة دولة، ونعم لوجود فلسطيني في القدس الشرقية، لكن ليس بالضرورة عاصمة. ومن المنتظر أن يرفض أبو مازن الخطة رفضاً مطلقاً، وأن يثني نتنياهو على الجهد، لكنه سيقول إن لديه تحفظات كثيرة لن يسارع إلى الكشف عنها.

إذا جرى عقد المؤتمر فإنه سيساعد حملة نتنياهو الانتخابية، وسيساهم في تصويره كزعيم على مستوى عالمي. كما أنه سيساهم في دفع حزب أزرق أبيض وحتى حزب العمل إلى إبداء مرونة بشأن انضمامهما إلى حكومة برئاسة نتنياهو بعد الانتخابات.

من جهة أُخرى التقى رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في الأسبوع الماضي الملك عبد الله في عمّان. وكان الهدف من اللقاء التنسيق معاً قبل زيارة كوشنير إلى الأردن. في نهاية الاجتماع أصدر الملك بياناً أعرب فيه عن تأييده قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

"يسرائيل هَيوم"، 30/7/2019
إيران تحاول نقل صواريخ إلى حزب الله عن طريق العراق

بالاستناد إلى التقارير التي جُمعت في الأيام الأخيرة، يبدو أن المعركة الإسرائيلية ضد التمركز الإيراني في سورية قد توسعت لتشمل العراق.  ومن المعروف أن الوجود الإيراني في العراق ليس جديداً، فهو موجود هناك منذ عدة سنوات، وخصوصاً من خلال الحرس الثوري الإيراني.

في تقديرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لسنة 2018 أشار جهاز الاستخبارات العسكرية إلى أنه من المتوقع أن تزيد إيران من نشاطها في العراق لسببين أساسيين: للسيطرة على مراكز القوة هناك بعد انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، ولاستخدامه كقاعدة بديلة للميليشيات الشيعية بدلاً من القواعد التي لم تُقَم في سورية بسبب الهجمات الإسرائيلية. وكان تقدير بعض المسؤولين أن هذه القواعد يمكن ان تُستخدم لاحقاً لإطلاق صواريخ على إسرائيل.

ونقلت صحيفة "هآرتس" (31/7/2019) عن مصادر أمنية إسرائيلية أن التمركز العسكري الإيراني في العراق يشكل تهديداً لأمن إسرائيل. وبحسب تقديرات هذه المصادر تنقل إيران اليوم إلى العراق صواريخ يبلغ مداها 200 وحتى 700 كيلومتر، قادرة على الوصول إلى أي منطقة في إسرائيل. وهذه الصواريخ أكثر دقة من تلك التي يملكها حزب الله اليوم. وفي رأي هذه المصادر تركز إيران حالياً جهودها من أجل تعزيز منظومتها الصاروخية لأنها تعتقد أن سلاحي الجو والمدرعات لديها ليسا قادرين على مواجهة قوات غربية.

"هآرتس"، 30/7/2019
استطلاعات الرأي: صعود اليمين الموحد وتراجع المعسكر الديمقراطي

أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة 12 الإخبارية ونشرته ليل الثلاثاء تراجعاً في التأييد للمعسكر الديمقراطي الذي حصل على سبعة مقاعد بدلاً من عشرة في استطلاع الأسبوع الماضي. بينما حصل كلٌ من الليكود وحزب أزرق أبيض على 30 مقعداً. وحصلت احزاب اليمين الموحدة برئاسة أييليت شاكيد في الاستطلاع على 12 مقعداً. وأظهر الاستطلاع أيضاً أنه اذا انضم حزب "قوة يهودية" الكهاني إلى اتحاد اليمين فإن الاتحاد سيحصل على 13 مقعداً. واذا انضم إليه حزب "زهوت" الذي يرأسه موشيه فيغلين، سيحصل اتحاد اليمين على 14 مقعداً والليكود على 28. ومن المعلوم أن حزبي "قوة يهودية" و"زهوت" لم ينجحا في تجاوز نسبة الحسم في الانتخابات الماضية.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 31/7/2019
هذه المرة، من دون كاميرات
افتتاحية
  • في الانتخابات الأخيرة، اقتنى حزب "الليكود" 1.200 آلة تصوير، وزوّد بها أعضاء لجان الصناديق الانتخابية المندوبين عنه في البلدات العربية، بغية "مراقبة طهارة الانتخابات" (هآرتس ـ 9/4/2019). على الرغم مما جاء في قانون أساس: الكنيست ينص على أن الانتخابات يجب أن تكون سرية، متساوية وقُطرية، وعلى الرغم من أنه كان من الواضح أن الحديث يجري عن خطوة غايتها تخويف جمهور الناخبين العرب وردعهم عن ممارسة حقهم الديمقراطي، إلّا إن رئيس لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ 21، القاضي حنان ميلتسر الذي عالج الشكاوى التي تلقتها اللجنة في يوم الانتخابات، قرر السماح باستخدام هذه الأجهزة تسجيلات صوتية في الحالات التي يُخشى فيها من حصول مس جوهري بطهارة الانتخابات أو بسيرها المنتظم.
  • بردّه المتهاون هذا، أسبغ رئيس لجنة الانتخابات الشرعية على عمل معادٍ للديمقراطية، يسم جمهوراً كاملاً وكل غايته هو خفض نسبة التصويت العامة بين المواطنين العرب. قبل أسبوعين، توجه مركز "عدالة" إلى ميلتسر (الذي سيتولى أيضاً رئاسة لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ 22 التي ستجري في 17 أيلول/ سبتمبر القادم) بطلب منع إدخال الكاميرات إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات القريبة. هذا الطلب عادل تماماً: بعد الانتخابات السابقة بيوم واحد، نشر مكتب كايزلر عنبار للعلاقات العامة الذي كان شريكاً مع "الليكود" في المسؤولية عن حملة إدخال الكاميرات إلى صناديق الاقتراع، على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك"، مدونة تباهى من خلالها بأنه "بفضل وضع مراقبين من طرفنا في كل واحد من صناديق الاقتراع، هبطت نسبة التصويت إلى ما دون الـ 50%، وهي النسبة الأدنى التي سُجلت خلال السنوات الأخيرة"!
  • يقود رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، منذ سنوات طويلة، حملة نزع للشرعية وتحريض ضد مواطني إسرائيل العرب بوجه عام، وضد مشاركتهم في العملية الديمقراطية بوجه خاص. دعوته الحقيرة التي أطلقها يوم الانتخابات في سنة 2015 إلى ناخبي "الليكود" كي يهبّوا إلى صناديق الاقتراع من أجل إنقاذ الدولة من الخطر الكامن في ممارسة المواطنين العرب حقهم الديمقراطي، ستظل وصمة عار إلى الأبد. "قانون القومية" الذي يكرس دونية المواطنين العرب، يمثل تعبيراً قانونياً عن المزاج الذي يعتبر خُمس مواطني الدولة مواطنين درجة ثانية ويتآمر على حقهم في المساواة. 
  • طلب القاضي ميلتسر الاستمرار في يوم التصويت ومنع وقوع أية مواجهات، إلّا إن صيغة قراره تبقي الباب مفتوحاً أمام وضع كاميرات في البلدات العربية. ستجرى الانتخابات المقبلة بعد نحو شهر ونصف الشهر، ولدى لجنة الانتخابات المركزية ورئيسها ما يكفي من الوقت لتسوية هذه المسألة وتحديد الأشخاص المسموح لهم بالمراقبة وكيفية القيام بذلك، مع الحفاظ على سرية الانتخابات وسيرها بصورة منتظمة وسليمة، بما يحول دون التصنيف الإثني والعنصري.
  • تقع على عاتق ميلتسر مهمة ومسؤولية حماية طهارة الانتخابات. يجب عليه أن يوضح للحزب الحاكم، ولجميع الأحزاب الأُخرى، أنه محظور عليها إرسال ممثلين عنها لمراقبة المواطنين العرب وتخويفهم ومنعهم، بالتالي، من المشاركة في التصويت.
"مباط عال"، العدد 1198، 29/7/2019
انتخاب مدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: امتحان للأزمة النووية الإيرانية
إفرايم أسكولاي وإميلي لانداو - باحثان في معهد دراسات الأمن القومي

البيان الرسمي الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم 22 تموز الجاري أعلن وفاة المدير العام للوكالة، يوكيا أمانو. هذا الإعلان جاء في اليوم نفسه الذي كان من المفترض أن يعلن فيه أمانو أنه سيخلي منصبه قبل الموعد المحدد، في آذار/مارس 2020. يمكن الافتراض أن الخبر بشأن الحاجة إلى بديل كان يحلق في الهواء، غير أن محور الزمن في تعيين مدير عام جديد للوكالة الدولية قد تقلص جدياً، بصورة مفاجئة. وطبقاً لتقارير إعلامية، فقد بدأت المداولات بين الدول الأعضاء في الوكالة الدولية بشأن الشخصية التي ستخلف أمانو في هذا المنصب. تحليلنا هنا سيتركز على الدور الذي أداه أمانو في قضية المشروع النووي الإيراني وأدائه في هذا الموضوع، كما سنقترح معايير للمدير العام الجديد للوكالة الدولية، غايتها تحقيق الحد الأقصى من الإنجازات للوكالة.

 

  • يبدو أن الملف الإيراني هو المهمة الأكثر أهمية الملقاة اليوم على المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية. في ظل الأزمة الحالية الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني والتوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، يصبح منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أكثر أهمية من أي وقت مضى. ستتوفر للمدير العام الجديد للوكالة القدرة على التأثير فيما إذا كان التوتر الحالي سيُحلّ بطرق سلمية أم سيستمر الوضع في التدهور والتصعيد نحو أزمة دبلوماسية، أو حتى عسكرية. وأكثر من هذا، قد تكون تقارير المدير العام للوكالة الدولية عاملاً حاسماً في القرار ما إذا كانت إيران ستواصل السعي نحو امتلاك سلاح نووي، أم سيكون في الإمكان منعها بصورة فعالة من مواصلة العمل لتحقيق مطامحها في امتلاك قدرة نووية عسكرية.
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي المسؤولة عن تنفيذ الرقابة بموجب "اتفاق الضمانات" (Safeguards Agreement) مع إيران، وبموجب "خطة العمل المشتركة الشاملة" (JCPOA، أو: الاتفاق النووي). يتعين على المدير العام للوكالة الدولية تقديم تقارير فصلية إلى "مجلس الأمناء" (Board of Governors) في الوكالة وإلى مجلس الأمن الدولي. المهمات الرئيسية الملقاة على عاتق المفتشين هي التحقق من الالتزام بتنفيذ جميع النشاطات المعلنة في المشروع النووي الإيراني، والتبليغ عن جميع المواد. كما ينبغي لهم أيضاً التحقق من عدم حدوث أي خرق للقيود التي فُرضت على إيران بشأن القدرات التقنية والمواد المستخدَمة. ويتوجب عليهم، أيضاً، الفحص والتأكد من عدم وجود أي نشاط غير مسموح به يتصل بخطط محتملة لتطوير سلاح نووي. يتم إدراج نتائج أعمال الفحص والتقصي هذه ضمن التقارير الفصلية التي يقدمها المدير العام للوكالة الدولية، والتي يفترض بها أن تعطي صورة معبّرة عن وضع المشروع النووي الإيراني وعن عمل المفتشين الدوليين. كما يفترض أن تعرض هذه التقارير، بالتفصيل، أية مشكلة تعترض عمل المفتشين، بالإضافة إلى الجهود التي بُذلت لحلها وتجاوزها.
  • لم يجرِ تنفيذ هذه المهمات، للأسف الشديد، سوى بصورة جزئية فقط. لا خلاف على أن التفتيش والرقابة على المنشآت النووية المعلنة، وعلى المواد والنشاطات المعلنة في إيران يجريان بصورة مهنية. لكن المشاكل التي تظهر تتعلق بالبحث عن منشآت، ونشاطات مواد غير معلنة، وبالتحقق من عدم تنفيذ أية أعمال ذات علاقة بتطوير سلاح نووي. تستطيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية العمل على هاتين المسألتين، بموجب التفويض المعطى لها، لكن يتضح أن الوكالة لا تقوم بذلك. بموجب "اتفاق الضمانات الشامل" (Comprehensive Safeguards Agreement) ما بين الوكالة وإيران، من حق الوكالة أن تطلب إجراء "رقابة خاصة"، إذا ما توصلت إلى استنتاج بأنها تحتاج إلى معلومات إضافية لاستيضاح وتوضيح وضع غير عادي. وعلاوة على ذلك، فقد وافقت إيران، بموجب الاتفاق أيضاً، على تطبيق "البروتوكول الإضافي" (Additional Protocol) بصورة موقتة. وبالإضافة إلى هذه الوثائق، يشمل الاتفاق النووي أيضاً تعليمات إجرائية تفصيلية تمنح المفتشين صلاحيات، إذا ما تم استخدامها فسيكون باستطاعتها المساعدة في حل القضيتين المطروحتين على الطاولة الآن. غير أن هذه التعليمات الإجرائية لم توضع موضع التطبيق إطلاقاً وبقيت المسألتان الخطِرتان من دون حل. لهذا السبب، تستطيع إيران، بينما هي تتمتع بحصانة نسبية، إخفاء نشاطات تقوم بها ومواد ومنشآت تستخدمها، بما في ذلك معالجة مواد نووية وتطوير منظومة تفجير نووي.
  • تجنُّب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعمق في ماضي إيران - وفي حاضرها أيضاً، كما يبدو - في كل ما يتعلق بنشاطات تطوير السلاح النووي، ليس نتاج نقص في المعلومات. فثمة وفرة كبيرة من المعلومات بين يدي الوكالة الدولية، بدءاً بمصادرها المعلوماتية الخاصة بها، والتي لم يتم استغلالها (وخصوصاً في منشأة بارتش التي لم تخضع لتفتيش ثان، على الرغم من العثور على مواد مشتبه بها في عينات من الأرض جُمعت منها في أيلول/ سبتمبر 2015)، بينما كانت الذروة في الأرشيف النووي الذي كشفت إسرائيل النقاب عنه ويشمل معلومات وفيرة عن المنشآت، والعلماء، والتجهيزات والنشاطات المتعلقة بالمشروع الإيراني لإنتاج خمس قنابل نووية. من شأن التحقيق المعمق في المعلومات الأرشيفية - واستناداً إلى التفتيش أيضاً - أن يوصل إلى الاستنتاج بأن إيران لا تزال تقوم بنشاطات مرتبطة بتطوير السلاح النووي. لكن الوكالة الدولية كانت تعارض، حتى الآن، استغلال هذه الثروة المعلوماتية الهائلة التي تحوزها لأغراض التفتيش الذي تقوم به.
  • مشكلة أُخرى هي تقارير المدير العام للوكالة الدولية إلى مجلس الأمناء ومجلس الأمن الدولي، والتي يبدو أنها تعكس تجنُّب أمانو الدخول في أي خلاف، ورغبته في عدم الخوض في تفصيلات تتعلق بنواقص نظام التفتيش وتقصيره. المدير العام للوكالة هو الذي يوقّع التقارير الفصلية، وهي تعكس وجهة نظره وتقديراته، استناداً إلى الأعمال الميدانية والتقديرات التي يقوم بها ويضعها طاقمه. وقد استخدم أمانو نفسه ذريعة السرية التي جرى التعهد لإيران بالمحافظة عليها في علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بموجب الاتفاق، من أجل تبرير افتقار التقارير إلى معلومات مهمة ـ وهي ذريعة لا أساس لها في أنظمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
  • على الرغم من أن أمانو بدأ يزاول مهام منصبه، في سنة 2009، بأسلوب مهني بعيد عن الميول السياسية التي أبداها المدير العام السابق للوكالة، محمد البرادعي، إلّا إنه بدأ هو أيضاً في نهاية المطاف، وحتى انتهاء ولايته، باتخاذ قرارات غير تقنية خالصة. كان البرادعي قد منع شمل الملحق الكامل بشأن "الأبعاد العسكرية المحتملة" (PMD) للمشروع النووي الإيراني في التقارير الفصلية التي كان يقدمها، وذلك لأسباب واعتبارات سياسية، بينها الاعتبار القائل إن الملحق قد يعطي إسرائيل حجة لشن الهجوم. بعد سنة 2015، أظهر أمانو أنه ملتزم بالتحقق من امتثال إيران للتقييدات التي حددها الاتفاق النووي، أكثر من التزامه بفحص ما إذا كانت تسعى لنشاط عسكري يتنافى مع عضويتها في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT). هذه ليست من ضمن الاعتبارات التي يفترض بمدير عام لمنظمة تقنية أن يدرسها ويأخذها في الحسبان. كما لم يمارس "مجلس الأمناء" أيضاً ضغوطاً على أمانو لدفعه إلى اتخاذ موقف أكثر فاعلية في البحث عن خروقات إيرانية محتملة، أو عن أدلة على نشاطات تسليحية.
  • في ضوء هذا كله، ما هي الاعتبارات التي يُفترض أن تُقرّ في انتخاب مدير جديد للوكالة الدولية؟ إذا ما صرفنا النظر عن المؤهلات الإدارية، الضرورية طبعاً لدى من يقف على رأس منظمة كبيرة ومعقدة كهذه، فليس من الممكن عدم التذكير بأن جميع رؤساء الوكالة، منذ سنة 1981، كانوا أصحاب مهن تفتقر إلى الخلفية التقنية. ويبدو أن مجالات اهتمامهم كانت تميل أكثر نحو عالم السياسة والدبلوماسية. صحيح أن منصب مدير عام الوكالة هو منصب سياسي وتقني في الوقت نفسه، لكن في حالة إيران، يجب أن يكون الجانب التقني ذا أفضلية. في أداء أمانو، حظي الحفاظ على الاتفاق النووي بالأفضلية العليا، أي أن مهمة التحقق من أن إيران تلتزم بالتعهدات النووية القليلة التي أخذتها على عاتقها في إطار الاتفاق النووي هي التي حظيت بأفضلية أولى، على حساب الفحص المعمق للأدلة والقرائن التي تثبت استمرارها في جهود التسلح النووي.
  • وأكثر من هذا، من المفترض أن يقوم المدير العام للوكالة بالتبليغ عن أية صعوبات أو معوقات تظهر في عمليات الرقابة والتفتيش، بصورة كاملة ودقيقة، كي تكون الصورة التي تتلقاها الهيئات المخولة صلاحية وضع وإقرار سياسات الوكالة الدولية (مجلس الأمناء والمؤتمر العام) كاملة ودقيقة، بما يمكّنها بالتالي من التطرق إلى الجانب السياسي من المعادلة. ومع ذلك، ليس أقل أهمية من هذا الدور الذي يقوم به "مجلس الأمناء" في نقل رسالة عاجلة وملحّة إلى المدير العام للوكالة. فلو أن مجلس الأمناء نقل إلى أمانو رسالة حازمة بشأن الأرشيف النووي، لكان ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه كان سيتحرك بصورة أسرع. في نهاية المطاف، وعلى الرغم أن الأرشيف ليس ضمن صلاحيات مدير عام الوكالة، إلّا إنه يجب إعادة النظر مجدداً في مسألة المحافظة على السرية التي تم التعهد بها لإيران في إطار الاتفاق النووي، فيما يتعلق بعلاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ذلك بأن النقص الكبير في المعلومات الذي تعانيه التقارير العلنية الصادرة عن الوكالة ينتقص كثيراً من جودة ومضمون النقاش العام المتعلق بإيران والمشروع النووي.

ما من شك في أن الإيرانيين كانوا يعتبرون أن أمانو مفيد لقضيتهم، إلى درجة ـ بحسب ما أفادت تقارير الصحافة الإيرانية ـ أن الشائعات في إيران تحدثت عن أن إسرائيل والولايات المتحدة هما اللتان اغتالتاه. من الواضح، أيضاً، أن الحديث يجري عن لحظة حاسمة جداً، بل فارقة، في مسألة المشروع النووي الإيراني. وعليه، سيكون المدير العام الجديد للوكالة الدولية ملزماً بالأخذ بالحسبان كل الدلائل والإثباتات على أن إيران لم تلتزم بصورة كاملة بجميع تعهداتها في المجال النووي، حتى لو كان معنى ذلك حدوث صدام حاد بين الوكالة الدولية وإيران. أمّا فيما يتعلق بانتماء المدير العام الجديد القومي، فما من شك في أنه سيكون موضع نقاش بشأن وريث أمانو، لكن لا يجوز لهذا الاعتبار أن يغطي على انتخاب الشخص المهني الأفضل لهذا المنصب المهم والحساس.