مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قررت الحكومة الإسرائيلية، الليلة الماضية، فرض حزمة جديدة من القيود لمنع انتشار فيروس كورونا.
وعلى الرغم من أن المسؤولين في وزارة الصحة واصلوا الضغط لفرض إغلاق كامل، فإن القرارات الجديدة تسمح للمواطنين بالخروج مسافة قصيرة في محيط منازلهم، وفي الوقت عينه، تنص على إخضاع أي شخص يخالف التعليمات الجديدة لعقوبة تتراوح بين غرامة مالية والسجن مدة 6 أشهر.
وتسمح القيود الجديدة للمواطنين بمغادرة المنزل فقط إلى أماكن العمل التي مُنحت تصريحاً بمواصلة العمل. وسيُفرض على أصحاب العمل قياس حرارة الموظفين في كل مرة يدخلون فيها إلى مكان العمل. كما تشمل السماح للمواطنين بالخروج إلى مسافة لا تتجاوز 100 متر في محيط المنزل ولفترة قصيرة، وإلى المتاجر والصيدليات.
كما سيتم تعطيل عمل وسائل النقل العام ما عدا سيارات الأجرة الخاصة التي سيُسمح لها بأن تقل مسافراً واحداً فقط.
وتنص القيود على إغلاق مراكز التسوق والأسواق العامة المفتوحة.
وقالت مصادر مسؤولة في ديوان رئاسة الحكومة إن القيود الجديدة ستكون سارية المفعول ابتداء من مساء اليوم (الأربعاء). وأكدت أن الشرطة ستنتشر في الشوارع الرئيسية والمرافق العامة، بما في ذلك المتنزهات والحدائق لفرض القيود، وستتجنب الانتشار في المناطق السكنية.
وذكرت مصادر رفيعة المستوى في وزارة المال الإسرائيلية أن الوزارة أصرت على أن تواصل المرافق الاقتصادية التي مُنحت مصادقة لمزاولة نشاطها خلال أزمة كورونا، والتي تشكل 30% فقط من حجم الاقتصاد الإسرائيلي، عملها في ظل هذه القيود الجديدة، وشددت على أن فرض الإغلاق الكامل سيلحق ضربة قاصمة بالاقتصاد الإسرائيلي، وسيضعف قدرة مصالح تجارية قد تضطر إلى الإغلاق بموجب القيود على استئناف نشاطها بعد انتهاء الأزمة.
في المقابل، قال مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الصحة إن هناك حاجة إلى فرض إغلاق شامل حتى منتصف نيسان/أبريل المقبل. وأضاف هؤلاء المسؤولون أن التقديرات السائدة في الوزارة تشير إلى أن هناك 10.000 مصاب على الأقل بوباء كورونا لم يتم تشخيصهم بعد.
من ناحية أُخرى، قال وزير التربية والتعليم الإسرائيلي رافي بيرتس أمس إن الوزارة تفحص إمكان تمديد عطلة المدارس والإبقاء على منظومة التعليم عن بعد لمختلف المراحل التعليمية إلى ما بعد عيد الفصح العبري في أواسط الشهر المقبل، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا.
ونفى بيرتس أنباء نشرتها وسائل إعلام أمس وأفادت أن الوزارة تنوي تمديد عطلة المدارس حتى مطلع العام الدراسي الجديد، في الأول من أيلول/سبتمبر المقبل.
وأعلنت وزارة الصحة الليلة الماضية أن عدد المصابين بفيروس كورونا ارتفع إلى 1930 حالة، بينهم 34 حالة خطرة، بينما تماثل 49 منهم للشفاء. كما أُعلن مساء أمس ارتفاع عدد ضحايا كورونا في إسرائيل إلى ثلاثة أشخاص جميعهم مسنّون.
أعلن الجيش الإسرائيلي أمس (الثلاثاء) أنه سيشارك في فرض القيود الجديدة التي ستقررها الحكومة لمنع انتشار فيروس كورونا.
وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن الجيش سيخصص في المرحلة الأولى 8 وحدات عسكرية لهذا الغرض، وسيرافق الجنود رجال الشرطة خلال أدائهم مهماتهم. وفي المرحلة اللاحقة، سيقوم الجيش بإضافة 16 فرقة أُخرى، وسيخضع هؤلاء الجنود لتدريب خاص من أجل تنفيذهم هذه المهمة.
وأضاف البيان أن الجيش الإسرائيلي يستعد أيضاً لفرض الإغلاق التام على مناطق الضفة الغربية.
وأشار البيان إلى أن قيادة الجبهة الداخلية حصلت على المسؤولية عن الرحلات الجوية التي تعمل على إعادة الإسرائيليين من كافة أنحاء العالم، وسيتم نقلهم جميعاً إلى فنادق للمكوث في الحجر الصحي، بينما سيتم نقل المصابين إلى فنادق مخصصة لهم، أو إلى العزل المنزلي. كما تم تجنيد 1000 جندي احتياط لقوات الجبهة الداخلية لمساعدة المواطنين الذين يعيشون في خطر.
وذكر البيان أن الجيش الإسرائيلي بدأ منذ يوم أمس بتفعيل مختبر خاص لفيروس كورونا، إذ من المخطط إجراء مئات الفحوص للجنود المشتبه بإصابتهم بالفيروس يومياً، وسيتم توسيع نطاق هذه الفحوص لتشمل وحدات عسكرية كاملة.
عاد الكنيست أمس (الثلاثاء) إلى العمل وصوّت أعضاؤه على إقامة 4 لجان برلمانية لها هي لجنة لمكافحة كورونا، ولجنة لمكافحة العنف والجريمة لدى العرب في إسرائيل، ولجنة خاصة للإعداد للسنة الدراسية المقبلة والتعليم الخاص، ولجنة لشؤون العمل والرفاه الاجتماعي.
وقاطعت الأحزاب اليمينية الجلسة باستثناء رئيس الكنيست يولي إدلشتاين [الليكود] الذي طُلب منه إدارة الجلسة بناء على قرار صادر عن المحكمة العليا، وصوّت لمصلحة إقامة اللجان الأربع.
وفي إثر التصويت على إقامة هذه اللجان، قال رئيس تحالف "أزرق أبيض" عضو الكنيست بني غانتس في بيان نشره في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، إن عودة الديمقراطية الإسرائيلية إلى العمل عبر تفعيل الكنيست يجب أن تسبق تأليف الحكومة التي كُلّف تأليفها.
وأضاف غانتس: "بادئ ذي بدء، سأعيد الديمقراطية الإسرائيلية إلى العمل الكامل من دون خوف، ثم أنوي مناقشة جميع السبل الممكنة لتأليف حكومة وحدة وطنية تكافح كورونا وتتعامل مع التحديات الأُخرى التي نواجهها".
وقال عضو الكنيست منصور عباس من القائمة المشتركة إن منح القائمة رئاسة لجنتين من هذه اللجان وهما لجنة العمل والرفاه ولجنة مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي يؤكد أن القائمة أصبحت عنصراً مؤثراً في الساحة السياسية لا يمكن تجاهله. وشدد على أن أعضاء الكنيست العرب شرعوا في ترجمة القوة التي منحهم إياها الناخبون إلى قوة سياسية وفرض حضورهم في السلطة التشريعية من خلال تقلد مناصب نافذة.
في المقابل، وصف رئيس الحكومة وحزب الليكود بنيامين نتنياهو منح الكنيست القائمة المشتركة رئاسة لجنة العمل والرفاه بأنه وصمة عار، مشيراً إلى أن هذه اللجنة تتابع أيضاً شؤون متضرري الإرهاب والعائلات الثكلى والتعديلات التشريعية التي تستهدف عائلات الإرهابيين من العرب في إسرائيل.
قال بيان صادر عن مصلحة التشغيل الإسرائيلية أمس (الثلاثاء) إن عدد العاطلين عن العمل في إسرائيل منذ مطلع آذار/مارس الحالي، على خلفية أزمة فيروس كورونا، بلغ أكثر من 600.000، وهو ما أدى إلى رفع نسبة البطالة إلى 18.6%.
وأضاف البيان أن نحو 91% منهم تم إخراجهم إلى إجازة غير مدفوعة الأجر.
وأكد البيان أنه من المتوقع أن يزداد هذا العدد أكثر فأكثر في غضون الفترة المقبلة.
- لا شك في أن حق المساواة في الحقوق محفوظ لكل مواطن في إسرائيل، بما في ذلك المجتمع العربي. لكن هذا المقال يتناول جانباً واحداً من الموضوع، هو الجانب المتعلق بوباء الكورونا. فقد نشرت وسائل إعلام قبل عدة أيام أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التقى طواقم طبية عربية من أجل تجنيدها لإقناع المجتمع العربي في إسرائيل بتنفيذ التعليمات المطلوبة في كل ما يتعلق بتحاشي أخطار فيروس الكورونا. وأقدّر أن ضيوف رئيس الحكومة استجابوا لطلبه برحابة صدر.
- ولم تُشر وسائل الإعلام إلى ما إذا كان رئيس الحكومة استغل فرصة هذا اللقاء لتوجيه الشكر إلى مواطني الدولة العرب على مساهمتهم الحيوية التي لا مثيل لها في الكفاح الوطني ضد تفشي الكورونا.
- يمكن التقدير أن المجموعة التي التقت نتنياهو هي جزء صغير من جمهور واسع من العرب الذين يعملون في جهاز الصحة الإسرائيلي في وظائف متعددة في أرجاء الدولة، وبينهم من يشغلون وظائف مديري مستشفيات وعيادات تابعة لـ"صندوق المرضى"، وأطباء كبار في مجالات الجراحة وأمراض القلب والسرطان وغيرها.
- هناك أيضاً آلاف الممرضات من العرب وآلاف العمال والعاملات في الصيانة والنظافة. ويوجد للعرب في إسرائيل حضور كبير في مجال الصيدلة، فمعظم الصيادلة في منطقة تل أبيب - يافا ومحيطها مثلاً هم من العرب. وفي الكنيست هناك فقط عضوا كنيست طبيبان، أحدهما هو أحمد الطيبي الذي أنهى دراسة الطب بامتياز في الجامعة العبرية في القدس.
- يمكن الافتراض أن معظم المواطنين العرب في إسرائيل صوّت للقائمة المشتركة. وفي الوقت الحالي، المطلوب التضامن مع جميع مواطني الدولة وممثليهم في الكنيست. بناء على ذلك، فإن إقصاء وإهانة أعضاء الكنيست العرب هما بمثابة تهديد للأمن القومي في إسرائيل.
- إن جهاز الصحة في إسرائيل يعتمد اليوم بصورة رئيسية على العرب الذين يعملون فيه. ولو أن آلاف الأطباء والصيادلة والممرضات وعمال الصحة العرب الآخرين جلسوا في البيوت، لكان هذا الجهاز انهار بالكامل ولما كان هناك أي احتمال لإنقاذه.
- ولا بد من أن نشير إلى أنه حتى قبل انتشار الوباء الحالي عمل الأطباء، بمن في ذلك العرب، في ظروف غير إنسانية نتيجة وجود نقص كبير في القوة البشرية. كما أن العبء الكبير على الأطباء الذي يحتاج إلى ساعات عمل طويلة أدى في السنة الأخيرة بالأطباء إلى تطرّف أوضاع التوتر، إلى درجة حدوث حالات انتحار. ويتبين من بعض الشهادات أن التوتر في العمل كان السبب الرئيسي لحدوث هذه المآسي.
- إن محاولة الفصل بين الجمهور العربي الواسع وبين ممثليه في الكنيست مصيرها الفشل. والانتخابات التي فُرضت على الجمهور ثلاث مرات في السنة الأخيرة زادت بنسبة كبيرة تمثيل العرب في الكنيست. وفي كل مرة زادت نسبة التصويت في المجتمع العربي. ومَن يرفض أعضاء الكنيست العرب فهو أيضاً يرفض مؤيديهم، بمن فيهم الأطباء الذين ينقذون الآن حياة الإسرائيليين، اليهود والعرب والدروز على حد سواء. هذا الرفض بحد ذاته هو وصمة عار، فضلاً عن كونه أشبه بإطلاق النار على القدم في وقت مصيري للغاية يستلزم النأي عن كل ما من شأنه أن يعمق أي شروخ داخلية في إسرائيل.
- يواصل وباء الكورونا المس بالجمهور الإيراني بقوة، بمن فيه مسؤولون كبار في النظام، ويضع إيران في المرتبة الثانية في العالم بعد الصين في عدد المصابين والوفيات. مصدر في منظمة الصحة العالمية قدّر أن الأرقام الحقيقية لضحايا الوباء في إيران هي أعلى بخمس مرات من تلك التي نشرها النظام. إذا كان هذا التقدير صحيحاً، فإن إيران تتقدم حتى على الصين وتحتل المرتبة الأولى بين الدول المصابة بالعدوى.
- في هذه المرحلة، يبدو أن النظام لا ينجح أيضاً في فرض إغلاق المناطق الكثيرة الإصابات، ولا ينوي قط الوصول إلى إغلاق كامل. وذلك يعود، من بين أمور أُخرى، إلى أسباب اقتصادية، وأيضاً على خلفية معارضة رجال الدين وأجزاء من الجمهور غير المستعد للتعاون مع خطوات متطرفة جداً.
- في الوقت عينه، بدأ النظام بحملة واسعة، الغرض منها إجبار الولايات المتحدة على رفع العقوبات المفروضة على إيران. طلبت طهران من صندوق النقد الدولي قرض طوارئ بقيمة 5 مليارات دولار لمساعدتها على مواجهة أزمة الكورونا؛ الرئيس حسن روحاني بعث برسائل إلى رؤساء دول أشار فيها إلى "وحشية العقوبات الأميركية" التي تؤذي قدرة بلاده على مواجهة الوباء بنجاعة، بحسب كلامه؛ وزير الخارجية محمد جواد ظريف انتقد بشدة الجهاز الذي استخدمته سويسرا من أجل إيران لشراء غذاء ودواء، بموافقة الولايات المتحدة وبالتنسيق معها، وادّعى أنه غير فعال؛ سفارة إيران في لندن توجهت إلى الحكومة البريطانية بطلب رفع العقوبات، من خلال توضيح خطورتها على وضع الجهاز الطبي الإيراني. نقطة بارزة في العملية الدبلوماسية كانت رسالة مفتوحة مؤثرة ومحترمة من الرئيس روحاني إلى الشعب الأميركي. الرسالة التي بُعثت في 2 آذار/مارس بمناسبة عيد النيروز (رأس السنة الإيرانية)، تطرقت إلى عدم وجود حدود في وجه انتشار المرض، وإلى الحاجة إلى التشارك في محاربته، والصمود القوي لإيران في الحروب. وكانت ذروة الخطاب توجهه مباشرة إلى الجمهور الأميركي لممارسة الضغط على ممثليه في الكونغرس، وعلى الإدارة الأميركية نفسها، لرفع العقوبات.
- حظيت الحملة الدبلوماسية الإيرانية بأصداء في الساحة الدولية. وزارة الخارجية الصينية دعت الولايات المتحدة إلى رفع كل العقوبات المفروضة على إيران. وزيرا خارجية بريطانيا وإيران بحثا عدة موضوعات، بينها الاتفاق النووي والعقوبات، وأوضحت لندن أن في الإمكان البحث في تخفيف جزء منها. وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو رد على الاتهامات الإيرانية كما وردت في الرسالة المفتوحة، وأوضح عدم وجود أي عقوبات على مساعدة إنسانية تصل إلى إيران بحريّة، وذكّر أن النظام الإيراني رفض اقتراح طرحته واشنطن بتقديم مساعدة له من خلال منظمة الصحة العالمية. لكن الإدارة الأميركية أوضحت أنها لا تنوي التراجع عن سياسة "أقصى الضغوط"، وأعلنت مجموعة عقوبات جديدة ضد شركات وأشخاص متورطين في نقل تكنولوجيا لها علاقة بالنووي والتجارة في مجال البتروكيميائيات. تجدر الإشارة إلى أنه تُسمع في واشنطن في هذه الأيام دعوات متعارضة للإدارة الأميركية، بين مَن يرون أن المطلوب تخفيف العقوبات، وبين الذين يعتقدون أنه يجب عدم تغيير السياسة، وأن الاستمرار فيها سيجبر إيران على تغيير سياستها والعودة إلى طاولة المفاوضات.
- على خلفية قرار النظام الإيراني إطلاق سراح نحو 85 ألف سجين من السجون بسبب فيروس الكورونا (نحو 10 آلاف نالوا العفو العام)، وجّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى النظام الإيراني دعوة إلى إطلاق سراح معتقلين يحملون جنسية مزدوجة، إيرانية وأميركية أو غيرها، لدواعٍ إنسانية. ويبدو أن الموضوع تستمر مناقشته من خلال القناة السويسرية التي تصل بين إيران والولايات المتحدة، والتي جرت من خلالها عملية تبادل أسرى بين طهران وواشنطن في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وطلب بومبيو من كل دولة تقدم مساعدة لإيران لمواجهة الفيروس أن تشرطها بإطلاق سراح المعتقلين من أصحاب الجنسيات المزدوجة. في هذا السياق، جدير بالذكر عدد من الوقائع، يمكن تفسيره كبوادر حسن نية باتجاه مطلب بومبيو: إطلاق سراح صحافية من رويترز تحمل الجنسية الإيرانية والبريطانية قبل أسبوعين، خوفاً من فيروس الكورونا، كما أُطلق سراح مواطن لبناني يحمل الجنسية الأميركية كان قائداً في جيش لبنان الجنوبي، اعتُقل في لبنان قبل نصف عام، وأُعيد إلى الولايات المتحدة - خطوة ذكرها الرئيس ترامب نفسه في مؤتمر صحافي؛ مواطن أميركي آخر اعتُقل قبل عامين في إيران وحُكم عليه بالسجن مدة 13 عاماً، أُطلق سراحه بشرط أن يبقى في إيران، وهو موجود في السفارة السويسرية. أيضاً فرنسا وإيران تبادلا معتقلين بينهما. هذه الخطوات يمكن أن تفسَّر كبادرات حسن نيّة إيرانية تجاه الدول الأوروبية، وأيضاً إلى الولايات المتحدة، ضمن إطار الحوار في القناة السويسرية. لكن ثمة شك في أن يكون في مقدورها تعبيد الطريق أمام حوار أكثر اتساعاً، في ضوء العقوبات الأميركية الجديدة والكلام الواضح للإدارة الأميركية بأنها لا تنوي تخفيف العقوبات.
- في هذه الأثناء، يبرز تفاقم حدة التوترات العسكرية في العراق بين الميليشيات الشيعية الموالية لإيران والقوات الأميركية على الأرض. على الرغم من الرد على مقتل جنديين أميركيين وجندي بريطاني بالهجوم على قاعدة ميليشيات شيعية تابعة لكتائب حزب الله، بواسطة طائرات حربية أميركية (13 آذار/مارس)، يتواصل إطلاق قذائف على منطقة السفارة الأميركية في بغداد. كل ذلك، بالإضافة إلى تصريحات روحاني بأنه سيكون هناك استمرار للانتقام لاغتيال قاسم سليماني، يعزز التقديرات أن عمليات الميليشيات منسقة مع النظام في طهران.
- الاتفاق الذي وقّعته الولايات المتحدة مع طالبان، والذي سيؤدي إلى تخفيض تدريجي، وصولاً إلى مغادرة كاملة للقوات الأميركية الموجودة في أفغانستان، يشجع طهران على التفكير في أن الرئيس ترامب ينوي فعلاً تحقيق وعده الانتخابي بتقليص الوجود العسكري [الأميركي] في الشرق الأوسط. هذا التقدير يشجع استمرار استخدام الضغوطات على الوجود الأميركي في العراق، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تعزيز رغبة الرئيس ترامب من حيث المبدأ في الخروج من العراق. وفعلاً أعلنت الولايات المتحدة أنها تنفذ تغييراً في انتشار قواتها في العراق. في مركز التغيير - إخلاء ثلاث قواعد صغيرة وتجميع القوات في قواعد كبيرة يمكن الدفاع عنها بواسطة منظومات دفاع جوية بعيدة وقصيرة المدى. في 19 آذار/مارس، سلّم الأميركيون الجيش العراقي قاعدة القائم، وأعلن الناطق العسكري أن "هذه المرحلة هي الأولى لعملية خروج القوات الأميركية".
- مع أن هذه الخطوات تشجع النظام في طهران والميليشيات الشيعية على العمل من أجل تسريع الخروج الأميركي من العراق، فإنه يجب الأخذ في الحسبان أن استمرار المس المباشر بجنود ومدنيين أميركيين، سيجبر ترامب على الرد (بعد أن كانت إنجازاته الاقتصادية حتى تفشي الفيروس هي ورقته المركزية في حملته الانتخابية الرئاسية). وزير الخارجية الأميركية قال إن بلاده تعتبر إيران مسؤولة عن الهجمات، وكما جاء في تقارير وسائل الإعلام أنه تقرر في النقاشات بشأن أسلوب الرد عدم التحرك ضد إيران نفسها بسبب الخوف من الصورة السلبية التي ستنشأ في ضوء الأزمة الصحية والاقتصادية الحالية.
- على الصعيد النووي، تقف إيران أمام تحدّ مهم في أعقاب نشر التقرير الخاص للوكالة الدولية للرقابة على السلاح النووي، الذي أوضح أن إيران لا ترد على أسئلة وُجهت إليها، وتمنع الدخول إلى منشأتين من ثلاث منشآت يُشتبه باحتوائها على مواد نووية غير مصرح عنها. هذا الادعاء للوكالة معناه انتهاك إيران لتعهداتها في إطار وثيقة منع انتشار السلاح النووي. إيران من جهتها، أوضحت أنها لن تسمح بأي رقابة، وأنها ليست ملزمة بذلك، لأن ما قيل اتهامات واهية تعتمد على "أكاذيب" - المقصود معلومات قدمتها إسرائيل من الأرشيف النووي الإيراني. بناء على ذلك، قد تجد إيران نفسها في مواجهة سيناريو أن تطلب الولايات المتحدة طرح الموضوع على مجلس الأمن، وربما أيضاً تجديد كل العقوبات - عقوبات مجلس الأمن أيضاَ. مع ذلك، في هذه المرحلة، يبدو أن إيران والولايات المتحدة تمتنعان معاً من اتخاذ خطوات أكثر تشدداً.
- في الخلاصة، السلوك الإيراني في الأسابيع الأخيرة دمج بين محاولة استغلال تفشي فيروس الكورونا في أراضيه للضغط على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، وعلى الأقل، لضمان عدم انضمام الدول الأوروبية إليها، وبين ضرب القوات الأميركية في العراق. وذلك اعتماداً على التقدير أن الرئيس ترامب نفسه مشغول بمشكلات الكورونا في بلاده، بالإضافة إلى أنه سيتردد في ضرب إيران في وضعها الحالي الحساس بسبب تفشي المرض فيها. لكن إذا جرى خرق التوازن الهش، بين استمرار الضغط على الأميركيين في العراق وبين حاجة ترامب إلى الالتزام بكلمته بشأن الرد، في حال وقوع إصابات أميركية في الأرواح، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رد أميركي أكثر شدة.
- إيران موجودة اليوم في إحدى لحظات الحضيض الأكثر خطورة بالنسبة إليها. حجم وباء الكورونا، بالإضافة إلى الانعكاسات الاقتصادية الخطيرة للعقوبات، التي فاقمها الفيروس، والانخفاض الدراماتيكي في أسعار النفط، كل ذلك يضع النظام في مواجهة أحد أخطر التحديات التي عرفها. صحيح أن الوباء هو نوع من "درع" للنظام في وجه غضب الجمهور الذي لا يستطيع الخروج للتظاهر، لكن النظام يفهم أيضاً أنه وصل إلى حائط مسدود في ضوء الظروف والوسائل الضئيلة التي يملكها. والسؤال المطروح: هل نقطة الحضيض الحالية يمكن أن تعيد إيران إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة، التي يرغب فيها الرئيس ترامب بشدة، وهو بالتأكيد يشغل أيضاً القيادة الإيرانية؟ في النقطة الزمنية الحالية، يبدو أن موقف المرشد الأعلى علي خامنئي بعدم الذهاب إلى المفاوضات من نقطة ضعف، قد تعزز. في جميع الأحوال، من الصعب رؤية تجدُّد المفاوضات الأميركية - الإيرانية من دون بادرة حسن نيّة حقيقية من جانب واشنطن حيال طهران.