مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قراراً يوم أمس، طلبت فيه من رئيس الكنيست الحالي يولي إدلشتاين (من الليكود) الدعوة إلى عقد جلسة للكنيست لانتخاب رئيس جديد له، وأعطته مهلة حتى يوم الأربعاء [غداً]. جاء هذا القرار بعد أن قال إدلشتاين إنه لا يستطيع أن يحدد موعداً محدداً لدعوة الكنيست إلى الانعقاد.
وكانت المحكمة قد اتخذت قرارها هذا بالإجماع، ومما جاء فيه: "إن الرفض المستمر لقيام الكنيست بانتخاب رئيس دائم له هو تقويض لأحد أسس العملية الديمقراطية، ومساس صارخ بمكانة الكنيست كسلطة مستقلة، وكذلك بعملية انتقال السلطة".
وجاء قرار المحكمة بعد طلب التماس ضد إدلشتاين قدمه إلى المحكمة العليا كل من حزب أزرق أبيض، وجمعية من أجل ديمقراطية متقدمة، والحركة من أجل جودة الحكم، وذلك بعد امتناع إدلشتاين من الدعوة إلى عقد جلسة للكنيست للبحث في انتخاب رئيس جديد له.
يتذرع إدلشتاين بعدم دعوة الكنيست إلى انتخاب رئيس جديد له بأن القانون الداخلي للكنيست يسمح له بتأجيل هذا الانتخاب إلى حين تأليف حكومة جديدة. واعتبر قرار المحكمة تدخلاً في عمل الكنيست. وقال إن انتخاب رئيس كنيست يحل محله، سيؤدي إلى وقف المفاوضات من أجل تأليف حكومة وحدة وطنية. وهذا ما قاله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبل يومين. [يمكن مراجعة تصريحات نتنياهو في عدد النشرة الصادر في تاريخ 23/3/2020].
أثار قرار المحكمة الإسرائيلية العليا ردات فعل غاضبة وسط أحزاب اليمين والأحزاب الدينية. فرأى عضو الكنيست موشيه غفني (من حزب يهدوت هتوراه) أن قضاة المحكمة العليا يدمرون في السنوات الأخيرة، وبصورة منهجية، النظام الديمقراطي، ومبدأ الفصل بين السلطات الذي يُعتبر الحجر الأساس في النظام الديمقراطي، والذي يعطي رئيس الكنيست صلاحية تقرير موعد دعوة الكنيست إلى عقد جلسة وتحديد جدول أعمالها.
وتوجه وزير السياحة ياريف ليفين (ليكود) إلى إدلشتاين قائلاً: "المحكمة سيطرت بصورة رسمية على الكنيست. هذا الأمر غير موجود في أي نظام ديمقراطي. أدعو رئيس الكنيست إلى الإعلان أنه هو فقط مَن يحدد موعد عقد جلسة للكنيست وجدول أعمالها". وزير العدل أمير أوحانا كتب على تويتر: "لو كنت رئيساً للكنيست لقلت كلا". وزير المواصلات بتسلئيل سموتريتش قال إن جهاز القضاء يحاول "القيام بانقلاب" ودعا إدلشتاين إلى تجاهل قرار محكمة العدل العليا والوقوف "سداً منيعاً دفاعاً عن استقلالية الكنيست". وزير الداخلية غلعاد إردان وعضو الكنيست جدعون ساعر، من الليكود، دعيا إلى احترام قرار المحكمة، لكنهما اعتبرا أن المحكمة ارتكبت خطأ كبيراً بتدخلها في العملية السياسية، وفي إدارة شؤون الكنيست.
إعلان الكشف عن أول إصابتين بالكورونا في غزة أمس أشاع جواً من الخوف الكبير في القطاع. وعلى الرغم من أن المريضين جاءا من باكستان، وهما في العزل منذ عودتهما إلى القطاع، فإن السكان يشعرون بالقلق، ولا سيما بعد إعلان عزل 29 شخصاً كانوا على تواصل معهما، بينهم قائد الأمن العام في القطاع، من حركة "حماس"، توفيق أبو نعيم ونائبه، وكذلك رئيس محافظة غزة.
في أعقاب هذا الإعلان، طلبت منظمة أطباء لحقوق الإنسان من المدير العام لوزارة الصحة موشيه بار سيمان طوف تزويد جهاز الصحة في غزة بمستلزمات طبية والعمل على سد النواقص فيها.
بحسب مصادر مطلعة على الوضع الصحي في غزة، يوجد حالياً 70 سريراً فقطً في المستشفيات التي تفتقر إلى المستلزمات المطلوبة لمعالجة فيروس الكورونا، ولا سيما الأقنعة والألبسة الواقية التي يحتاج إليها الطاقم الطبي.
وحذرت الأوساط الطبية في قطاع غزة من أن الجهاز الطبي كان على وشك الانهيار قبل تفشي فيروس الكورونا، وذكّرت بتقرير الأمم المتحدة الذي صدر قبل 5 سنوات، محذراً من أن القطاع سيصبح في سنة 2020 مكاناً "غير صالح للعيش".
قال حاكم مصرف إسرائيل المركزي البروفيسور أمير يارون إن "على الحكومة تحويل نحو 15 مليار شيكل لمنع انهيار قطاع الأعمال، حتى لو كان الثمن زيادة موقتة في العجز". وتمنى يارون على الكنيست الإسرائيلي إيجاد السبيل القانوني للموافقة على مثل هذه الخطة الضرورية لمساعدة قطاع الأعمال على الصمود. وتوقع أن يبلغ العجز في نيسان/أبريل القادم نحو 50 مليار شيكل، أي نحو 70% من الناتج المحلي. وفي ضوء التوقعات التي تتنبأ باستمرار الأزمة حتى شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو، فإن هذا من شأنه أن يزيد حجم العجز في الميزانية.
وفور نشوب الأزمة، اتخذ مصرف إسرائيل خطوتين مركزيتين: الأولى، إعلانه التدخل المباشر في سوق أسهم القروض، من خلال عمليات شراء بلغت مليار شيكل. والخطوة الثانية، تأمين السيولة لسوق العملة الأجنبية لتسهيل إجراء صفقات.
من جهة أُخرى، ذكرت صحيفة "يسرائيل هَيوم" (23/3/2020) أن عدد العاطلين عن العمل منذ بداية شهر آذار/مارس حتى اليوم بلغ 572.660 شخصاً، أي أن إسرائيلياً واحداً من مجموع سبعة أشخاص أصبح عاطلاً عن العمل بسبب وباء الكورونا. ووصل عدد العاطلين عن العمل خلال الـ24 ساعة الأخيرة إلى 62 ألف شخص، وبلغت نسبة البطالة اليوم في إسرائيل 17.6%. ومن أجل المقارنة، وصلت نسبة البطالة في إسرائيل خلال حرب حزيران/يونيو في سنة 1967إلى 10.4%، وفي حرب تشرين الأول/أكتوبر وصلت إلى 1.9%.
دعا العشرات من مدراء الأقسام والوحدات الطبية في كتاب مفتوح، موجه إلى المسؤولين، إلى استبدال مدير عام وزارة الصحة موشيه بار سيمان طوف بسبب إخفاقه في معالجة أزمة الكورونا. ورأى هؤلاء الأطباء أن سلوكه يعرّض المرضى والطواقم الطبية للخطر. وأشار هؤلاء إلى أن حماية الطواقم الطبية كان جزئياً وغير كاف، وفي بعض الأماكن غير موجود بتاتاً. وطالب الأطباء بأن يتولى المديرية طبيب مختص لديه معرفة بالعلاجات الطبية، ويعمل بالتعاون مع طواقم طبية مختصة. وتجدر الإشارة إلى أن المدير الحالي لوزارة الصحة ليس طبيباً.
- لا يزال من المبكر التقدير كيف ستنتهي الأزمة الصحية التي خلّفها تفشي فيروس الكورونا، لكن ليس من المبكر الاستعداد لعملية إعادة بناء اقتصادية، سيكون الاقتصاد بحاجة إليها، في أعقاب الاضطراب الهائل والمفاجىء للأزمة. من جميع الأنحاء يتوجه الى الحكومة متضررو الأزمة، مستقلون، أصحاب فنادق، صغار رجال الأعمال، قطاع الطيران، عاملون في الجهاز التعليمي، أُجراء، وطبعاً الجهاز الطبي الذي يحتاج إلى معدات ويطالب بمساعدة اقتصادية عاجلة.
- ارتفع عدد طالبي تعويضات البطالة خلال شهر من نحو 150 ألف شخص إلى نحو 570 ألف شخص، ومن المتوقع أن يستمر ازدياد هذا العدد بسرعة. كل يوم إغلاق ونشاط محدود يحكم على المزيد من الشركات والعمال الذين لا يمكنهم العودة إلى وضعهم السابق.
- أزمة استثنائية تتطلب مقاربة حكومية ديناميكية، تتلاءم مع التحديات الاقتصادية المتراكمة. نموذج الأيام العادية الذي يعتمد على تدخل حكومي قليل ومحافظة على السيطرة على العجز في الميزانية، وخضوع لمجموعات ضغط فقط، لا يمكن أن يستمر في الوضع الجديد. الحكومة تتحمل المسؤولية العليا عن القرارات التي اتخذتها في مجالات الصحة، والتي أرسلت ملايين المواطنين إلى الحجر المنزلي، وقضت على مئات آلاف الوظائف. أيضاً المسؤولية عن بناء استراتيجيا للتعافي من الأزمة تقع على عاتق الحكومة، أي استخدام وسائل شديدة القوة لكن بالتدريج، من أجل المحافظة على ذخيرة للمراحل المقبلة من الأزمة.
- الصعوبة الأساسية في هذه المرحلة هي محاولة تحفيز الاقتصاد في وقت تقمع الحكومة النشاطات الاقتصادية بواسطة المنع الذي تفرضه على السياحة، والسفر، والترفيه، والأعمال، والجهاز التعليمي. الأدوات العادية التي تستخدمها مصارف مركزية وحكومات في مثل هذه الحالات عقيمة في هذه المرحلة. لكن هناك أمور تستطيع الحكومة، ويجب عليها، معالجتها فوراً - دعم الجهاز الصحي، المساعدة في تدفق الأموال للشركات، دفع تعويضات بطالة للأُجراء، وللمستقلين، وللعاملين على حسابهم الخاص، والمحافظة على الأداء السليم للأنظمة المالية- وهناك مسائل تتطلب خطة عمل للخروج من الأزمة الاقتصادية: استثمارات في البنى التحتية، حوافز ضريبية للشركات - بما فيها شركات صغيرة - تقليص كبير للبيروقراطية وزيادة فعالية القطاع العام.
- الرسالة الأكثر أهمية التي يجب على الحكومة أن تبثّها هي تحمّل المسؤولية لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمتضررين منها، الاهتمام بجميع السكان، وفي الأساس الطبقات المتضررة، وليس فقط مجموعات الضغط، الجهوزية لاستخدام كل الوسائل الممكنة للحؤول دون أزمة اقتصادية واجتماعية مستمرة. المخاطر حقيقية، وهي تضع أمام الاختبار رأس المال الاجتماعي في إسرائيل - الثقة والقدرة على التعاون بين الأفراد والمجموعات، وبين السلطة والمواطن. السنة السياسية الأخيرة رفعت علامة استفهام كبيرة جداً على هذه القدرة، لكن الكورونا تهديد كبير ومحرك من أجل بداية جديدة لها.
- بنيامين نتنياهو راكم في السنة الأخيرة رقماً قياسياً مذهلاً من المخالفات ضد دولة إسرائيل - بالإضافة إلى لائحة الاتهام المقدمة ضده. في الإجراءات الجنائية الرسمية التي تأجلت في هذه الأثناء، لا يزال من حق نتنياهو ادّعاء البراءة، على الرغم من أن تصرفاته الأخيرة فيها ما يدل على مهمته السابقة. في المجال العام، والقانوني ـ والوطني، ذنوب نتنياهو واضحة وعلنية ومثبتة، ولا شك فيها.
- منذ أن اتضح له أن ادعاءه "لن يحدث شيء، لأنه لا يوجد شيء" يتناقض مع شهادات الشهود والبراهين، أخذ نتنياهو دولة إسرائيل رهينة. هو لوى الديمقراطية، وتمرد على سلطة القانون، وشوه سمعة عاملين رسميين مخلصين، وحرّض ضد العرب، واليساريين، والصحافيين، وتشبث بكرسيه تشبثاً شديداً، وفرض ثلاث معارك انتخابية وربما أربع، وقسّم الشعب، وقام بتسويق مزاعم عن مكائد ومؤامرات لا حصر لها.
- مع كل ذلك، خطواته الأخيرة منذ الانتخابات ونشوب أزمة الكورونا هي الأكثر حقارة وقبحاً، ولا يمكن مغفرتها. يبتز نتنياهو خصومه بالتهديدات، ومن خلالهم يبتز شعبه. يستغل خوف الجمهور من الفيروس المتفشي، للحصول من بني غانتس على تنازلات تسمح له بالاستمرار في رحلته، من المحكمة اللوائية في القدس إلى الحصانة والحرية.
- وكبديل، إذا لم يتحقق مبتغاه، يضخم نتنياهو الخطر ("الأزمة الأخطر في تاريخ البشرية منذ القرون الوسطى")، ويعزف على وتر خوف الرأي العام، كي يصور خصومه كأنهم يغرزون سكيناً في ظهر الأمة، وبأنهم "مجرمو الكورونا". يقول نتنياهو لغانتس إن خطورة الأزمة تفرض عليك التنازل عن الكتلة التي تقف وراءك، وعن مطالبتك بأن تكون رئيس حكومة، وعن وعودك في المعركة الانتخابية، وعن تباهيك بالدفاع عن الديمقراطية وسلطة القانون.
- في مقابل ذلك، نتنياهو مستعد للتنازل عن كل شيء، باستثناء الاستمرار في منصبه كرئيس للحكومة، وتعيين وزير العدل ورئيس الكنيست اللذين سيسمحان له بالاستمرار من دون إزعاج في حفر الأنفاق تحت الزنزانة التي ربما تنتظره جرّاء أفعاله.
- بكلمات أُخرى، متهم في محاكمة جنائية يبتز دولة إسرائيل في ساعتها الأصعب، كي يعيّن ألعوبته وزيراً للعدل. هذا لا يختلف، من حيث الجوهر، عن قضية بار - أون حبرون [قضية تعيين نتنياهو في سنة 1998 محاميه روني بار أون مستشاراً قانونياً للحكومة، على الرغم من الاعتراضات الكبيرة على هذا التعيين]، والتي نجا منها نتنياهو بصعوبة، إنما يومها لم يكن متهماً، ولم يجرّ الدولة إلى ثلاث معارك انتخابية، ولم يتحكم بها مع حكومة انتقالية لا صلاحيات لها، ولم يُخضع ضائقة شعبه لحاجاته القانونية.
- خطورة المخالفات المتهم بها نتنياهو رسمياً - رشوى، واحتيال وخيانة الثقة- تتضاءل مقارنة بالوضاعة والحقارة والغدر التي تميز جهوده للنجاة من المأزق. أغلبية الجمهور، بينها كثيرون من منتقديه، تعلموا التعايش مع جشعه المزمن وجنونه الإعلامي، لكن ليس مع إخضاع الدولة في الوقت الصعب لحاجات حملته للهروب.
- نظرياً، نتنياهو كان يمكن أن يكون الشخص الصحيح، في المكان الصحيح، في الوقت الصحيح: فهو صاحب تجربة، حكيم، ويعرف الأجهزة الحكومية التي من المفروض أن تعالج فيروس الكورونا أفضل من الجميع. لكن عملياً، هو يثبت يوماً بعد يوم أنه لا يستحق هذا المنصب، ومن الضروري جداً استبداله، حتى في هذه الفترة المصيرية، من أجل سلامة الشعب والبلد.