مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينت إن إسرائيل تمكنت من الانتقال من مرحلة كبح نفوذ إيران في سورية إلى مرحلة طردها بعيداً عن أراضي هذا البلد، وأكد أنها لن تتوقف عن ذلك.
وأضاف بينت في بيان صادر عنه في مناسبة إحياء ذكرى الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا في حروب إسرائيل ومعاركها، أول أمس (الثلاثاء)، أن إسرائيل لن تسمح بأن تتعزز التهديدات الاستراتيجية خارج حدودها من دون أن تتخذ إجراءات، وستواصل اتباع سياسة نقل الحروب إلى أراضي العدو.
وأشار بينت إلى أن إيران، مثل أعداء إسرائيل الآخرين، لا تزال تقاتل ضد الدولة اليهودية.
وقال: "لم نصل بعد إلى النقطة التي يقبل فيها أعداء إسرائيل وجود الدولة اليهودية على أرض إسرائيل. وللأسف لا يمكنني أن أعد بأن ذلك سيحدث في جيلنا. حتى الآن يعمل النظام الإيراني ووكلاؤه في محاولة إلحاق الأذى بدولة إسرائيل وسكانها. إن ما يمكنني أن أضمنه فقط هو ألّا تضع دولة إسرائيل أمنها أبداً في أيدي الآخرين، وأن تدافع عن نفسها بمفردها."
وجاءت تصريحات بينت هذه غداة إعلان وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الدفاعات الجوية التابعة للجيش السوري تصدت فجر يوم الاثنين الفائت لغارات جوية إسرائيلية من فوق الأجواء اللبنانية استهدفت مواقع في محيط دمشق، من دون أن تُحدد طبيعة تلك المواقع.
وأسفرت هذه الغارات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مقتل 4 مقاتلين موالين لإيران و3 مدنيين سوريين جرّاء إصابتهم بشظايا.
قال توني بلينكن، كبير مستشاري شؤون السياسة الخارجية لمرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن، إن هذا الأخير يعارض ضم أجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد، وهي خطوة يعتزم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تنفيذها في وقت مبكر من تموز/يوليو المقبل، لكن بلينكن أكد في الوقت عينه، أن بايدن سيُبقي السفارة الأميركية في القدس، ولن يقدم على إلغاء قرار الرئيس دونالد ترامب بنقل السفارة من تل أبيب.
وأضاف بلينكن في ندوة عبر الإنترنت استضافها المجلس اليهودي الديمقراطي الأميركي أول أمس (الثلاثاء)، أن بايدن قال عدة مرات إن الخطوات الأحادية الجانب التي يتخذها أي من الجانبين، والتي تجعل احتمال التوصل إلى نتيجة دولتين متفق عليها أقل هي شيء يعارضه وهذا يشمل الضم، مشيراً إلى أن ضم المستوطنات أو غور الأردن سيكون سيئاً لإسرائيل.
وأوضح بلينكن أنه في حال فوز بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية، فإن إدارته ستهدف إلى إحياء حل الدولتين وتطويره في نهاية المطاف.
وجاءت تصريحات بلينكن هذه بعد يوم واحد من إعلان ناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية أن الإدارة الأميركية مستعدة للاعتراف بالضم، لكنها ستطلب من الحكومة الإسرائيلية التفاوض مع الفلسطينيين أيضاً.
وقال هذا المسؤول الأميركي في تصريحات أدلى بها على وسائل إعلام يوم الاثنين الماضي: "كما أوضحنا باستمرار، نحن على استعداد للاعتراف بالإجراءات الإسرائيلية لتوسيع السيادة الإسرائيلية وتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق الضفة الغربية التي تتوقع خطة السلام الأميركية ["صفقة القرن"] اعتبارها جزءاً من دولة إسرائيل، لكن هذه الخطوة ستكون في سياق موافقة حكومة إسرائيل على التفاوض مع الفلسطينيين على النحو المحدد في خطة الرئيس ترامب."
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكد في خطاب مسجل تم بثه خلال مؤتمر نظمته جماعات إنجيلية في الولايات المتحدة يوم الأحد الفائت في مناسبة إحياء الذكرى الـ100 لمؤتمر سان ريمو، أنه واثق من أن الرئيس ترامب سيسمح له بالوفاء بوعده الانتخابي بتطبيق السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية في غضون بضعة أشهر من الآن.
وأضاف نتنياهو: "قبل 3 أشهر اعترفت خطة ترامب للسلام ["صفقة القرن"] بحقوق إسرائيل في كل يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وتعهد الرئيس ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على المستوطنات الإسرائيلية هناك وفي غور الأردن. بعد بضعة أشهر من الآن، أنا واثق من أنه سيتم احترام هذا التعهد وسنكون قادرين على الاحتفال بلحظة تاريخية أُخرى في تاريخ الصهيونية."
وأشار نتنياهو إلى أنه يخشى من أن يجلس على كرسي الرئاسة الأميركية في البيت الأبيض بعد أقل من سنة المرشح الديمقراطي جو بايدن، لكنه في الوقت عينه كرّر قناعته بأن ترامب سوف يحترم تعهده بفرض السيادة الإسرائيلية خلال الفترة القليلة المقبلة.
أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية في بيان صادر عنها أمس (الأربعاء) أنه لأول مرة منذ تفشي فيروس كورونا في إسرائيل، تجاوز عدد الأشخاص الذين تعافوا من الفيروس في البلد عدد المصابين به.
وأضاف البيان أنه من مجموع 15782 مصاباً مؤكداً تعافى 7929 شخصاً، ومن بين 7641 شخصاً لا يزالون مرضى يعاني 120 من أعراض خطرة، وتم ربط 91 منهم بأجهزة التنفس الصناعي. وأودى الفيروس حتى الآن بحياة 215 شخصاً.
وبسبب تفشي الفيروس تم فرض حظر تجول كامل خلال فترة يوم الاستقلال الـ 72 في إسرائيل من بعد ظهر أول أمس (الثلاثاء) حتى مساء أمس لمنع التجمعات الكبيرة.
وفي الأيام الأخيرة بدا أن معدل الإصابة في إسرائيل ينخفض بشكل ملحوظ، وتم التبليغ عن عشرات الحالات الجديدة، فقط كل 12 ساعة، وأعلنت الحكومة خطوات لتخفيف القيود على التجارة والحركة.
وفي وقت سابق من أول أمس، قالت وزارة الصحة إن إسرائيل لديها الآن القدرة المخبرية على فحص ما يصل إلى 15000 شخص يومياً، لكن انخفض الإقبال على الفحص مع ظهور عدد أقل من الحالات المشتبه بها.
وأضافت الوزارة أنه بسبب التراجع في الإحالات إلى فحوص فيروس كورونا وانخفاض عدد الأشخاص الذين يعانون جرّاء أعراض الفيروس، والذين يرغبون في إجراء فحص، انخفض أيضاً عدد الأشخاص الذين يتم فحصهم خلال الأيام القليلة الفائتة.
- قال رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي اللواء أهارون حليوة إن فيروس كورونا تسبب بتغيرات استراتيجية في العالم بصورة عامة، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وأشار إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال أفيف كوخافي وهيئة الأركان يعكفان منذ أكثر من شهر على درس التداعيات المحتملة لأزمة كورونا، والتي ستكون جمّة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية، ولم يتم التمكن من سبر غورها بعد.
- وجاء تأكيد حليوة هذا في سياق مقابلة أدلى بها إلى موقع "واللا" الإخباري عشية يوم الاستقلال الـ72 لدولة إسرائيل، وأشار فيها أيضاً إلى أن الجيش الإسرائيلي يقوم بعدة مهمات لمساعدة وزارة الصحة في كبح فيروس كورونا في إسرائيل، وذلك إلى جانب جهاز الموساد وجهاز الأمن العام ["الشاباك"]. وأوضح حليوة أن النشاطات العسكرية السرية لإسرائيل في سورية مستمرة وتنجح جيداً في دفع إيران خارجاً، ونفى احتمال حدوث تصعيد مع لبنان على خلفية الصراع بين إسرائيل وحزب الله.
- وتطرّق حليوة خلال المقابلة إلى الأوضاع في سورية، فقال إن الرئيس السوري بشار الأسد بات يدرك أن الإيرانيين الذين أنقذوا نظامه يشكلون حالياً خطراً على بقاء النظام، وعلى مشروع إعادة إعمار سورية، وأشار إلى أن أزمة كورونا زادت الوضع سوءاً في سورية. وأضاف: "إن الرئيس الأسد يفهم أو بدأ يفهم أن الإيرانيين الذين جاؤوا لمساعدته في الحرب ضد تنظيم ‹داعش› وأنقذوه، هم نفسهم اليوم يشكلون خطراً على استمرار حكمه، وخصوصاً لكونهم يشكلون خطراً كبيراً على قدرته لإعادة ترميم سورية."
- وأشار حليوة إلى أن إمكانات بقاء إيران في سورية انخفضت. وقال: "أعتقد أن التاريخ سيسجل يوماً ما نشاطات إسرائيل العسكرية السرية في السنوات القليلة الفائتة، ولا سيما في الفترة الأخيرة كنقطة نجاح للسياسة الإسرائيلية." وأكد ان النشاطات العسكرية الإسرائيلية لم تنخفض مؤخراً، كما ذكر بعض التقارير. وأضاف: "نحن نعمل بصورة دقيقة جداً ومتتابعة تتعلق بتقويمات الوضع المتواصلة وبشكل يهتم جيداً بالتموضع الإيراني في المنطقة كلها. وسنستمر بشكل متواصل في متابعة ما يجري في العالم بشأن البرنامج النووي الإيراني ووضع جميع الأدوات على الطاولة لمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية."
- ورأى حليوة أن إيران تعاني جرّاء أزمة كورونا أكثر مما تنشره رسمياً، الأمر الذي يزيد من الضغوط التي تعيشها هذه الدولة. وأعرب عن اعتقاده أنه في ضوء ذلك، باتت إيران تتراجع وتعيد الحسابات فيما يتعلق بتموضع قواتها في سورية أيضاً.
- ونفى حليوة إمكان حدوث تصعيد بين إسرائيل ولبنان، قائلاً: "إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يدرك جيداً الثمن الذي سيدفعه حزب الله ولبنان جرّاء أي تصعيد." وأشار إلى أن نقل الأسلحة والعتاد العسكري من إيران إلى لبنان لم يتوقف، وكذلك التموضع الإيراني في هذا البلد، لكنه أكد أن هناك خطوطاً حمراء يعلمها نصر الله ومنها عدم سماح إسرائيل بإدخال صواريخ ذات قدرات دقيقة، كما أنه يعي عزم إسرائيل على مواجهة التموضع الإيراني في سورية، ويعرف أن الأسد يفهم أن جزءاً من الشركاء تحولوا إلى عبء.
- وقال حليوة: "إن نصر الله ليس غبياً، وهو يدرك جيداً قدراتنا الاستخباراتية وقوة الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو. عندما يسمع عن هجمات سرية في كل مكان على الأرض بمستوى دقة عالية، يدرك أنها يمكن أن تُستنسخ إلى حرب مؤلمة. ولا أعتقد أن هذا هو ما يريده مواطنو لبنان."
- وبشأن الوضع في قطاع غزة، قال رئيس قسم العمليات إنه حساس للغاية، وإذا ما تفشى فيروس كورونا هناك بشكل حاد، فستكون لذلك انعكاسات خطرة على الوضع الأمني بين الطرفين، إسرائيل وحركة "حماس". وأضاف أنه لا يرى حتى الآن انتشاراً ذا مغزى للفيروس في القطاع، وأعرب عن اعتقاده أن المساعدات التي تقدمها قطر إلى قطاع غزة ستستمر على الرغم من أزمة كورونا. كما أعرب عن اعتقاده أن حركة "حماس" وقياداتها تعي أنها المسؤولة عن جميع السكان في القطاع، وأشار إلى أنها استخلصت العبر من عملية "الجرف الصامد" العسكرية [2014] التي لم تحقق من خلالها أي إنجازات.
- وفيما يخص مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، قال حليوة إن السلطة الفلسطينية تقف على أعتاب صراع بشأن خلافة رئيس السلطة محمود عباس، بالإضافة إلى احتمال الشروع في تنفيذ "صفقة القرن"، وهو ما يعني أن هذه المناطق قابلة للاشتعال في أي لحظة، وأكد أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة كافة السيناريوهات.
- في ظهور مصوَّر أمام إنجيليين أوروبيين في الأسبوع الماضي، تعهد بنيامين نتنياهو بضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية مع غور الأردن. وذكّر نتنياهو بوعد دونالد ترامب بالاعتراف بالضم، وأشار إلى أنه مقتنع بأن الرئيس "سيفي بوعده".
- محللون أميركيون رأوا في هذا الكلام ومنتدى التعبير عنه نوعاً من تهديد مبطن للرئيس: إذا لم تفِ بوعدك، فالإنجيليون يمكن أن يتراجعوا عن تأييدهم لك. ليس المقصود مجرد تهديد: من أجل إعادة انتخابه، ترامب بحاجة ماسة إلى ملايين من أصوات المسيحيين المؤمنين الذين نتنياهو والمستوطنون هم بهجة لقلوبهم. إذا استمر تراجعه في استطلاعات الرأي حتى تموز/يوليو، موعد الضم الموعود، سيحتاج ترامب إلى الإنجيليين كالحاجة إلى جهاز تنفس اصطناعي.
- لكن أيضاً من دون التهديد الخفي، من المعقول الافتراض أن نتنياهو على حق، وأن ترامب سيعطي حكومة إسرائيل، بغض النظر عن هويتهاـ ضوءاً أخضر للضم. ليس لأنه معني بتحقيق الصهيونية بحسب كلام نتنياهو، بل لأنه رئيس متهور وعديم المسؤولية، لا تعني له شيئاً حصانة إسرائيل. رئيس قادر على أن يقترح على مواطنيه شرب سائل مطهّر للتخلص من فيروس الكورونا.
- الرأي العام الإسرائيلي نجح حتى الآن، ببهلوانية عقلية مثيرة للإعجاب، في إقناع نفسه بعدم وجود علاقة بين الأمور. كأنما هناك ترامب جاهل ومتغطرس، بتفاهاته تسبب بكارثة لأميركا، وربما أيضاً بموت الآلاف. وترامب آخر - شجاع وعاقل، معجب بإسرائيل ويحقق رغباتها كما تريد.
- هناك احتمال آخر أكثر واقعية، هو أنه يوجد ترامب واحد، وثمة خط مستقيم يربط بين خطواته الفاشلة، المستغربة والمؤذية في معالجة أزمة الكورونا - وأي مسألة أُخرى تقريباً - وبين لفتاته الكريمة إزاء إسرائيل. ومثل استخفافه بالوباء، وتجاهُله خطوات الوقاية، وتوصياته الخرقاء باستخدام أدوية، أيضاً هداياه لإسرائيل متهورة، مؤذية وسامة وتعرّض الحياة للخطر.
- بماذا تحديداً استفادت إسرائيل من خطوات الرئيس حتى الآن؟ ما الفائدة من انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان وخطة القرن - باستثناء خطب نتنياهو البليغة، ورفض الفلسطينيين والقضاء على فرص عملية سياسية؟ هل أصبحت إسرائيل أقوى وأكثر رسوخاً وحصانة؟ هل إيران المعزولة والخائفة التي ترزح تحت عبء العقوبات وكارثة الكورونا، أصبح لديها حافز أقل لإنتاج سلاح نووي بعد قرار ترامب التخلي عن الاتفاق النووي، أم أنه أصبح أكبر؟
- لكن أيضاً إذا قيل إن المقصود خطوات ذات أهمية رمزية عميقة بالنسبة إلى أمة مدمنة على الرمزية - ما الفائدة التي جنتها الولايات المتحدة؟ ترامب شل عملية السلام، وقضى على مكانة الولايات المتحدة كوسيط نزيه، وزعزع علاقاته المتوترة أصلاً مع أوروبا. كل ذلك لقاء لا شيء، باستثناء مديح نتنياهو وإعجاب المسيحيين الميسانيين. ليس هكذا تتصرف قوة عظمى عاقلة، وليست هذه الطريقة التي تدار فيها سياسة خارجية عقلانية.
- بالنسبة إلى صحة إسرائيل وحصانتها ووحدتها وأمنها، فإن لفتات ترامب الكريمة وعلى رأسها الضم، هي مثل المزيج من صيدليته: مطهّر مع أشعة ما فوق بنفسجية وكميات كبيرة من الهيدروكسي كلوروكوين [دواء مثير للجدل لمعالجة الملاريا استُخدم مؤخراً في علاج مرضى الكورونا] وأشباهه. الغالبية في العالم تعرف أنها أدوية كاذبة ومضرة، وأي شخص عاقل لن يقترب منها، لكن إسرائيل في ظل حكم نتنياهو، مثل المتدينين في قاعدة الحزب الجمهوري، تتوق إلى الشرب من هذه الكأس السامة حتى الثمالة، وتواصل الإعجاب بترامب إلى أن يتسلل السم إلى دمائها ويفاقم مرضها.
- إن تأثير الكورونا من دون شك هو أهم مصمّم جيوسياسي - عالمي منذ الحرب العالمية الثانية. وهو ينطوي، إلى جانب المخاطر التي ستتسبب بها الأزمة، على فرص مهمة سيقود الكشف عنها إلى جانب العمل بصورة صحيحة إلى تغيير طويل الأمد.
- أيضاً حتى لو سبقت إسرائيل جيرانها في الخروج من الأزمة، فإنها لا تستطيع تحصين نفسها تماماً إزاء التداعيات الإقليمية لواقع الكورونا على جيرانها. الساحة الفلسطينية التي تعتمد اعتماداً وثيقاً على الاقتصاد الإسرائيلي، من المتوقع أن تزودنا بتحديات إنسانية - وأمنية – لا بأس بها.
- لكن ما يجري في إيران والدول الخاضعة لتأثيرها - لبنان وسورية والعراق - بسبب الكورونا، يمكن أن يزودنا أيضاً بفرص. إيران، التي تواجه منذ وقت طويل عقوبات خانقة، وتدنياً في أسعار النفط، وناتجاً قومياً ضئيلاً، تعيش اليوم إحدى أعمق وأخطر الأزمات التي عرفتها منذ صعود آيات الله إلى السلطة. إلى جانب الفقر والنقص الخطير في المواد، هناك أيضاً ازدياد في الخطر الذي تتعرض له من جهة واشنطن. في الأسابيع الأخيرة، أرسلت الولايات المتحدة حاملتين للطائرات إلى المنطقة، وكل ذلك يشكل مؤشرات مقلقة بالنسبة إلى القيادة الإيرانية.
- في لبنان، حزب الله غارق حتى عنقه في محاولة موضَعة نفسه في الساحة الداخلية - اللبنانية كـ"درع لبنان"، من خلال تخصيص موارد لتقديم مساعدة مدنية واجتماعية، في الأساس لمعاقله الشيعية. المقاربة التي قالت إنه بعد انتهاء مهمته في سورية في الدفاع عن النظام، سيكون أكثر تفرغاً للجبهة في مواجهة إسرائيل، تراجعت في هذه المرحلة لأيام مناسبة أكثر. تلويحاته إلى إسرائيل، مثل خرق السياج الحدودي في الأسبوع الماضي الذي اعتُبر رداً على هجوم إسرائيلي هي محاولة عقيمة، الغرض منها ربح الوقت، بينما هو غارق في معالجة مشكلات جمهوره المدنية في ظل ضغوطات مالية ازدادت تفاقماً.
- في سورية المدمرة، لا يمكن مقارنة خطر الكورونا بالمصائب الأُخرى، وثمة شك في أن يضع النظام هناك الموضوع في رأس اهتماماته. المحافظة على بقاء المحاور الأرضية مفتوحة إلى العراق، ومنها إلى إيران، تشير إلى أن الحاجة إلى تعزيز المحور الشيعي وزيادة قوته، لا تزال لها الأولوية في جدول الأعمال. لكن من الصعب أن نصدق أن الشريك الروسي القلق من ازدياد الوباء في روسيا، سيواصل تخصيص موارد لتحصين المعسكر الشيعي. ومن المحتمل أن يقلص تدخّله.
- على الرغم من هذا كله، يجب التشديد على أن المحور الشيعي لا يزال مصراً على تحقيق تطلعاته لتوسيع تمدده في المنطقة. إيران مستعدة لأن تستثمر من مواردها القليلة لتعميق وجود الميليشيات الشيعية في العراق وسورية، والدفع قدماً بإصرار بمشروع تزويد حلفائها بالصواريخ الدقيقة والعتاد العسكري إلى حلفائها، وقبل كل شيء، لن تتخلى عن الورقة النووية التي تشكل بالنسبة إليها بوليصة ضمان استراتيجية حيوية.
- على افتراض أن الضغط الاقتصادي في الأشهر المقبلة على إيران ووكلائها سيستمر ويزداد، والضغط الأميركي لن يتضاءل، وستتسع الاحتجاجات الشعبية في الساحة الداخلية، وسيضطر النظام إلى تخصيص موارده لمعالجتها، ستكون أمام إسرائيل والولايات المتحدة فرصة كي تبلور من جديد الخطوط الحمراء التي تآكلت في السنوات الأخيرة، في مقابل ازدياد القوة الإيرانية الإقليمية. في هذا الإطار يجب أن تتضمن الحملة ثلاثة مكونات عمل أساسية:
- أولاً، زيادة الضغوطات الاقتصادية. على الرغم من تداعياتها الإنسانية، فإنها قادرة على زيادة الضغط المدني الداخلي على النظام لتغيير سلم الأولويات الوطنية من النووي إلى بنى تحتية وطنية، ومن تمويل الميليشيات الإقليمية ووسائل القتال إلى إيجاد فرص عمل وغذاء.
- ثانياً، يجب استغلال الضعف وسط القوات الشيعية في سورية من أجل تحريك مركّز وصارم لخطوات عسكرية لتدمير منظومات القوة العسكرية الدقيقة في سورية ولبنان، من خلال إبعاد القوات الشيعية عن سورية ولبنان. كل ذلك من خلال عمليات حكيمة، بعيدة عن الأضواء (من دون تحمّل المسؤولية) لمنع التصعيد.
- ثالثاً، يجب استخدام منظومة دعاية ونزع للشرعية، هدفها زيادة الضغط الداخلي على النظام في إيران وسورية والعراق ولبنان. وتهدف إلى تجسيد الحاجة إلى تغيير عميق في سلم الأولويات القومية - نحو الاقتصاد والصحة والأمن الاجتماعي، بدلاً من الحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
- في الخلاصة، الكورونا والضعف الموقت الذي اعترى المعسكر الشيعي يسمحان للتحالف الإسرائيلي - الأميركي بإعادة تشكيل الحيز الجيو - سياسي في الشرق الأوسط.