مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة لتطبيع العلاقات بينهما، والذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيعود بالنفع على الطرفين وأكد أن مخطط ضم مناطق من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى السيادة الإسرائيلية تأجل ولم يُلغ.
وأضاف نتنياهو في مؤتمر صحافي خاص عقده في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس مساء أمس (الخميس)، أنه سعى دائماً لتحقيق انطلاقة بين إسرائيل والدول العربية وأكد أن ثمرة ذلك نشهدها اليوم وشهدناها عدة مرات في الماضي.
وشكر نتنياهو الرئيس الأميركي على مساهمته في تحقيق هذا الإنجاز، وتوجه باللغة العربية إلى مواطني الإمارات وولي عهدها الشيخ محمد بن زايد قائلاً: "السلام عليكم".
وقال نتنياهو: "بدأ اليوم عهد جديد من العلاقات مع العالم العربي. لقد قررنا اتفاقية سلام كاملة ورسمية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، إحدى أقوى دول العالم، بما في ذلك علاقات دبلوماسية كاملة، وتبادل السفارات، واستثمارات مشتركة، وعلاقات تجارية، وسياحة، وطيران يشمل رحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى أبو ظبي."
وأوضح نتنياهو أن الإمارات العربية المتحدة ستستثمر بكثافة في تطوير لقاح لفيروس كورونا، وأنه سيكون هناك المزيد من الدول العربية التي ستنضم إلى دائرة السلام مع إسرائيل، مشيراً إلى أن كل الدول العاقلة تقف في جبهة واحدة ضد المتطرفين وتسعى للسلام في مقابل السلام.
وتطرّق نتنياهو إلى تقارير إعلامية ذكرت أن الإمارات وافقت على التوصل إلى هذا الاتفاق في مقابل إلغاء مخطط إسرائيل ضم أراض في الضفة الغربية، فشدّد على أن مخطط الضم بموجب ما نصت عليه خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ["صفقة القرن"] تأجل، لكنه لم يُلغ.
واعتبر نتنياهو أن فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية سيكون بلا قيمة من دون دعم أميركي، وأشار إلى أن ترامب طلب من إسرائيل تعليق تنفيذ مخطط الضم.
في سياق متصل ناشد رئيس الحكومة البديل بني غانتس [رئيس أزرق أبيض] دولاً عربية إضافية دفع علاقاتها مع إسرائيل قدماً.
وقال عضو الكنيست يائير لبيد رئيس تحالف "يوجد مستقبل - تلم" وزعيم المعارضة إن الاتفاق هو أفضل برهان على أن الطريقة السياسية المثالية هي التوصل إلى اتفاقيات بواسطة المفاوضات وليس عن طريق اتخاذ خطوات ضم أحادية.
واعتبر عضو الكنيست نفتالي بينت رئيس تحالف "يمينا" أن نتنياهو فوّت فرصة تأتي مرة واحدة في 100 عام لفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق من الضفة الغربية.
وأكد مسؤول رفيع المستوى في حزب الليكود أن اليسار الإسرائيلي ادّعى دائماً أنه لا يمكن تحقيق السلام مع الدول العربية من دون سلام مع الفلسطينيين، وأنه ما من طريق سوى الانسحاب إلى حدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية، ولأول مرة كسر رئيس الحكومة نتنياهو المعادلة القائلة "الأرض في مقابل السلام" ورسّخ معادلة أُخرى فحواها "السلام في مقابل سلام."
وكان بيان صادر عن البيت الأبيض أعلن مساء أمس أن قادة الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات تحدثوا مؤخراً ووافقوا على التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. وأضاف البيان أن وفدين، إسرائيلي وإماراتي، سيلتقيان في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات الاستثمار والسياحة والرحلات المباشرة والأمن وإنشاء سفارتين متبادلتين.
وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "حققنا إنجازاً ضخماً اليوم؛ اتفاقية سلام تاريخية بين صديقتينا العظيمتين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة."
وبعد دقائق، كتب نتنياهو في تغريدة على حسابه في "تويتر": "يوم تاريخي"، وأرفق بها تغريدة ترامب التي أعلن فيها الاتفاق بين إسرائيل والإمارات.
ونشر ولي العهد والحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تغريدة على "تويتر" قال فيها: "اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خريطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك، وصولاً إلى علاقات ثنائية." لكن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش كان مباشراً أكثر في حديثه، وأقر بأن الإمارات وافقت على المباشرة في العلاقات الاعتيادية مع إسرائيل. وأضاف أن بلاده تفعل ذلك للمحافظة على فرص حل الدولتين وتدعو إلى استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتلتزم العمل مع الأصدقاء لإحلال الأمن وضمان استقرار المنطقة. وأشار إلى أن السفارة الإماراتية لن تكون في القدس، وأن افتتاحها لن يتطلب وقتاً طويلاً.
ورحبت مصر التي كانت أول دولة عربية وقعت اتفاقاً للسلام مع إسرائيل سنة 1978، بالاتفاق بين إسرائيل والإمارات.
وأشاد مرشح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن بالاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي ووصفه بأنه خطوة تاريخية صوب شرق أوسط أكثر استقراراً. لكن بايدن حذّر من أنه لن يدعم ضم إسرائيل مستوطنات يهودية إذا ما فاز في انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
كما رحب رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون بالاتفاق، وقال إن قرار الإمارات وإسرائيل تطبيع العلاقات هو نبأ سار للغاية. وأضاف: "كنت أتمنى بشدة ألّا يمضي مخطط الضم في الضفة الغربية قدماً واتفاق اليوم بتعليق ذلك المخطط هو خطوة محل ترحيب على الطريق نحو شرق أوسط أكثر سلاماً."
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأي مبادرة يمكن أن تعزز السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
وأعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن على إسرائيل الاختيار بين السلام العادل الذي يشكل إنهاء الاحتلال، وحل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة القابلة للحياة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، هو سبيله الوحيد، أو استمرار الصراع الذي تعمقه انتهاكاتها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وخطواتها اللاشرعية التي تقوض كل فرص تحقيق السلام.
وبشأن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل قال الصفدي إن أثر الاتفاق في جهود تحقيق السلام سيكون مرتبطاً بما ستقوم به إسرائيل، فإن تعاملت معه حافزاً لإنهاء الاحتلال وتلبية حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس على خطوط 4 حزيران/يونيو 1967، ستتقدم المنطقة نحو تحقيق السلام العادل، لكن إن لم تقم إسرائيل بذلك، فستعمق الصراع الذي سينفجر تهديداً لأمن المنطقة برمتها.
وأضاف الصفدي أن قرار تجميد ضم أراض فلسطينية، والذي تضمنه الاتفاق يجب أن يتبعه وقف إسرائيل كل إجراءاتها اللاشرعية التي تقوض فرص السلام وانتهاكاتها للحقوق الفلسطينية، والدخول فوراً في مفاوضات مباشرة وجادة وفاعلة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وأعلنت القيادة الفلسطينية رفضها واستنكارها الشديدين للإعلان الثلاثي الأميركي - الإسرائيلي - الإماراتي، واعتبرت هذه الخطوة نسفاً للمبادرة العربية للسلام وقرارات القمم العربية والإسلامية والشرعية الدولية وعدواناً على الشعب الفلسطيني.
ودعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى عقد اجتماع عاجل للقيادة الفلسطينية لمناقشة هذا الاتفاق.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إنه قام باستدعاء السفير الفلسطيني من الإمارات فوراً.
وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي إن إسرائيل تلقت جائزة من الإمارات عبر تطبيع العلاقات معها من خلال مفاوضات سرية.
وشجبت حركة الجهاد الإسلامي بشدة الاتفاق المعلن بين الإمارات وإسرائيل، وأكدت أن التطبيع مع إسرائيل استسلام وخنوع ولن يغير من حقائق الصراع.
كما أعلنت حركة "حماس" رفضها للاتفاق. وقال الناطق بلسانها حازم قاسم إن هذا الاتفاق مرفوض ومدان ولا يخدم القضية الفلسطينية، ويُعتبر استمراراً للتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني. وأضاف أن الاتفاق هو مكافأة مجانية للاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، ويشجعه على ارتكاب مزيد من المجازر.
قال الناطق بلسان حركة "حماس" فوزي برهوم إن التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد قطاع غزة ومنع وصول الوقود والبضائع وتشديد الحصار عليه يعتبر سلوكاً عدوانياً خطراً، وأشار إلى أن ذلك خطوة غير محسوبة العواقب تتحمل إسرائيل نتائجها وتبعاتها.
وأضاف برهوم في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الخميس)، أن "حماس" لا يمكن أن تقبل استمرار هذه الحال، وأكد أن هذه السياسات العدوانية التي تهدف إلى مفاقمة أزمات الفلسطينيين في القطاع المحاصر، وشلّ حياتهم اليومية، وتعطيل جهود مواجهة فيروس كورونا في ظل صمت إقليمي ودولي، ستستدعي إعادة رسم معالم المرحلة مجدداً وتحديد المسار المناسب لكسر هذه المعادلة.
وقامت طائرات حربية إسرائيلية الليلة قبل الماضية بشن غارات على مواقع متفرقة تابعة لـ"حماس" في قطاع غزة لم تسفر عن وقوع إصابات. وتزامنت الغارات مع إصدار الحكومة الإسرائيلية قرارات بتشديد الحصار على القطاع، حيث منعت إدخال الوقود وقلصت المساحة المتاحة أمام صيادي الأسماك.
وبررت إسرائيل الغارات وقرارات تشديد الحصار باستمرار إطلاق بالونات تحمل مواد مشتعلة من القطاع منذ نحو أسبوع تسببت باندلاع حرائق.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الخميس) خلال استقباله وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إن إسرائيل تقف إلى جانب اليونان في ظل الأزمة الناشبة بينها وبين تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف نتنياهو مخاطباً دندياس: "إن زيارتكم إلى إسرائيل هي تعبير آخر عن الصداقة الرائعة بين إسرائيل واليونان، والتي استغرقت بعض الوقت من أجل تعزيزها، لكنها الآن تتوسع في كل اتجاه، والاتجاه الأول هو المصالح الجيوسياسية المشتركة لديمقراطيتين في الشرق الأوسط، وطبعاً نحن نتعامل بجدية مع أي عمل عدواني في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك تركيا."
وارتفع منسوب التوتر في الأيام الماضية في منطقة شرق المتوسط الغنية بالغاز، والمتنازع عليها بين تركيا واليونان، بعد أن اتهمت أثينا أنقرة بالقيام بالتنقيب عن مصادر الطاقة في مياهها الإقليمية بصورة غير مشروعة. وحض رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس تركيا على التعقل في المواجهة البحرية في شرق المتوسط، والمرتبطة بالتنقيب عن مصادر الطاقة، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى صدام عسكري.
وزادت حدة التوتر مع إرسال أنقرة سفينة للمسح الزلزالي ترافقها سفن حربية قبالة شواطئ جزيرة كاستيلوريزو اليونانية في شرق المتوسط، ونشرت اليونان أيضاً سفناً حربية لمراقبة السفينة. وهذا الخلاف هو الأحدث على عمليات التنقيب عن مصادر الطاقة في شرق المتوسط الغني بالغاز، والتي باتت سبباً للنزاعات بين تركيا واليونان وقبرص وإسرائيل.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إن وزراء خارجية الاتحاد سيعقدون اجتماعاً طارئاً اليوم (الجمعة) لمناقشة قضايا شرق المتوسط ولبنان وبيلاروسيا.
من ناحية أُخرى، ذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية بعد لقاء جمع وزير الخارجية اليوناني ونظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، أن اليونان ستسمح للإسرائيليين بزيارتها. وأشار البيان إلى أن هذا القرار يعبّر عن العلاقة الحميمة بين إسرائيل واليونان والرغبة المشتركة في العودة إلى الحياة الروتينية في عصر فيروس كورونا.
- رويداً رويداً، بدأت حالة التأهب العسكرية في منطقة الجبهة الشمالية بالتراجع، والتي بلغت حداً يُعتبر الأقصى خلال السنوات الأخيرة. وبدأ الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع بخفض قواته، وتم منح الجنود أذونات بالعودة إلى منازلهم.
- ويمكن القول إن كل الأنظار تتجه حالياً نحو قطاع غزة نظراً إلى قرار حركة "حماس" إعادة موضوع القطاع إلى صدارة جدول الأعمال.
- ولا بد من القول إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لم يقم بتصفية الحساب مع إسرائيل. وحتى وقوع الانفجار في مرفأ بيروت كانت التقديرات السائدة في أروقة المؤسسة الأمنية تؤكد أن قيام حزب الله بعملية عسكرية ضد إسرائيل هي مسألة وقت فقط. ويبدو أنه بسبب المشكلات الكبيرة داخل لبنان وتوجيه إصبع الاتهام من طرف جهات في أوساط الرأي العام اللبناني إلى الحزب باعتباره أحد المسؤولين عن الأوضاع التي آلت إليها حالة البلد، أدرك نصر الله أنه لا يمكن أن يسمح لنفسه بتنفيذ عملية عسكرية ضد إسرائيل من شأنها أن تجر إلى مواجهة عسكرية كبيرة.
- ويعتقد المسؤولون في المؤسسة الأمنية أنه عندما تتبدّد الغيمة السوداء التي تحوم فوق لبنان ويعود الاستقرار إلى هذا البلد، سيعاود نصر الله المطالبة بجباية ثمن من إسرائيل.
- وفي مقابل الادعاءات التي تم تداولها في وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً، والذاهبة إلى أن قوة الردع الإسرائيلية في مقابل حزب الله تآكلت، نشر سلاح الجو الإسرائيلي معطيات بشأن النشاط الذي قام به خلال السنوات الأخيرة في إطار ما بات يُعرف باسم المعارك بين الحروب التي تخوضها إسرائيل ضد إيران وحزب الله، وكذلك ضد تعاظم قوة سورية العسكرية.
- ووفقاً لهذه المعطيات، شن سلاح الجو الإسرائيلي خلال السنوات الثلاث الفائتة 955 غارة، بعضها أشد تعقيداً من عملية مهاجمة المفاعل النووي السوري. وادعى مسؤولون رفيعون في سلاح الجو أنه منذ تفشي فيروس كورونا صعّدوا ضغطهم من منطلق القرار القاضي باستغلال الوضع. وشدّد هؤلاء المسؤولون على أنه فيما يتعلق بحزب الله، فإن هذا الضغط موجّه أساساً إلى منع تموضعه العسكري في هضبة الجولان وإحباط مشروع تزوّده بصواريخ دقيقة.
- إن ما يجب قوله إن إسرائيل ترتدع عن الحرب، شأنها شأن دول أُخرى في العالم، لكنها في الوقت عينه تخوض معركة ضد تعاظم قوة أعدائها لم تخض مثلها في الماضي، وتنتهج فيها سياسة تحاول من خلالها أن تحفظ لنفسها حرية العمل من دون الانجرار إلى حرب.
- اتفاق التطبيع بين اتحاد الإمارات وإسرائيل لا يزال ينتظر التفصيلات التي ستوضح حجم العلاقات وماهيتها. وهذه التفصيلات ستوضح ما إذا كان المقصود علاقات دبلوماسية كاملة، مثل الأردن ومصر، أو إقامة ممثليات على مستوى منخفض، مثل تلك التي تمثل العلاقة بين إسرائيل والمغرب، وتونس، وقطر، وإضفاء طابع رسمي على العلاقات التجارية والتعاون المتعدد الأوجه، القائم منذ فترة طويلة. في أي حال، هذا الاتفاق مهم للغاية، حتى لو كان إطاره محدوداً في الأساس، لأنه يصوغ معادلة جديدة للعلاقات مع الدول العربية - مفادها التزام إسرائيل بلجم خطوة سياسية مبدئية بالنسبة إليها، مثل ضم المناطق المحتلة أو أجزاء منها، في مقابل علاقات سلام.
- إسرائيل التي لم تتأثر بالتهديد والتحذيرات الأردنية من أن الضم يمكن أن يخرب اتفاق السلام معها، قررت تقديم التنازل، بالتحديد إلى دولة اتحاد الإمارات التي لا تشكل تهديداً أمنياً لها حتى من دون اتفاق معها. يبدو أن الانتخابات في إسرائيل التي هي على الأبواب، على الرغم من التكذيب المتواصل لنتنياهو، ساهمت مساهمة جوهرية في توقيت هذا السحر، وفي تنازل رئيس الحكومة. على ما يبدو، يقترح اتحاد الإمارات على إسرائيل ثورة في الإدارة التقليدية للمفاوضات. من دون تهديدات، أو مقاطعة، أو عقوبات - إنما علاقات رسمية في مقابل تعهدات سياسية.
- مع ذلك، فإن هذا الاتفاق سيحوّل اتحاد الإمارات إلى شريك آخر في العملية السياسية عندما تُستأنف، إذا استؤنفت. ويمكنه أن يسجل لنفسه إنجازاً، أولاً في أنه لم يستبعد فقط مسألة الضم عن جدول الأعمال، بل أيضاً رجّح الكفة في الخلاف الذي اندلع في البيت الأبيض بين مؤيدي الضم الفوري، مثل السفير ديفيد فريدمان، ومعارضي الضم الذين يمثلهم جاريد كوشنير. يجب أن نتذكر أن ضم أجزاء من الضفة الغربية هو جزء من خطة السلام للرئيس دونالد ترامب، لكن بشرط أن يكون تنفيذ الضم جزءاً من الرزمة، ولا يكون مكوناً منفصلاً. هذا هو موقف الرئيس ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو اللذين حذّرا نتنياهو من الضم في التاريخ الذي حدده. هذا التحذير كان ضرورياً لمنع ضم أحادي الطرف وغير منسق مع الولايات المتحدة، بخلاف تصريحات نتنياهو التي تعهد فيها دائماً القيام بالضم بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة. إذا فاز ترامب في الانتخابات وقرر التمسك بخطته، فإنه سيكون مكبلاً بالشرط السياسي الذي نشأ عن الاتفاق بين إسرائيل ودولة اتحاد الإمارات ونتنياهو أيضاً.
- في إمكان رئيس الحكومة الادعاء عن حق أن الاتفاق الجديد لا يلغي مخطط الضم. لكنه إذا أراد احترام الاتفاق مع الإمارات، فإنه لا يستطيع أن يطرح بعد اليوم موضوع الضم بصورة منفصلة عن المفاوضات مع الفلسطينيين. بذلك أوجدت دولة الإمارات علاقة بين خطة ترامب والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ومنعت الضم الأحادي الجانب. من دون مفاوضات لا ضم، وإذا جرى الضم، فإن الاتفاق مع اتحاد الإمارات من الممكن أن ينهار. لكن بينما يوقف الاتفاق الجري الإسرائيلي نحو الضم، فإنه لا يحمل بشرى جديدة للفلسطينيين. شبكة العلاقات المتهاوية بين إسرائيل والفلسطينيين ستبقى أيضاً بعد الاتفاق، ما دام نتنياهو لا يزال رئيساً للحكومة.
- السؤال الذي طُرح في الأمس في الحديث العام، ماذا تربح إسرائيل من هذا الاتفاق، وما الذي يميزه عن منظومة العلاقات القائمة من تلقاء ذاتها مع إسرائيل. بالإضافة إلى انفتاح دولة هي من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط أمام البضائع الإسرائيلية التي يمكن أن تجد قنوات لها إلى دول عربية وإسلامية أُخرى، اتحاد الإمارات منخرط تقريباً بكل نزاع سياسي وعسكري يجري في المنطقة، بما فيه مع إيران.
- هذه الدولة فتحت في السنة الحالية ممثلية دبلوماسية في سورية، وتتدخل عسكرياً في الحرب الدائرة في ليبيا، وكانت شريكة السعودية في حرب اليمن، وداعمة كبيرة للنظام في السودان ودولة تدير علاقات نصف طبيعية مع إسرائيل. لكن في الأساس، يعمل في دولة الإمارات أكثر من 3000 شركة إيرانية، ويوجد بين الدولتين اتفاق تعاون عسكري للدفاع عن الملاحة في الخليج الفارسي. إسرائيل وأبو ظبي متفقتان بشأن كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، لكن بينما تفضل دولة الإمارات خطوات دبلوماسية صامتة إزاء إيران، تعمل إسرائيل سياسياً وعسكرياً ضدها. لقد عبّرت إيران عن غضبها على الاتفاق، لكنها تنجح في العيش بسلام مع دول كثيرة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ومعها في آن معاً، من دون أن تطلب منها قطع علاقاتها مع إسرائيل.
- لقد نجح الحاكم الفعلي في اتحاد الإمارات ولي العهد محمد بن زايد، في الارتقاء ببلاده إلى وضع أفضل بكثير من جارته السعودية التي يحكمها فعلياً محمد بن سلمان الذي تحول إلى شخصية غير مرغوب فيها في واشنطن - ومؤخراً، هو يثير قلقها بسبب توثيق علاقاته مع الصين وروسيا، وتطلُّعه إلى تطوير برنامج نووي. مكانة دولة الإمارات ونفوذها يسمحان لها بإدارة سياسة خارجية مستقلة، غير مرتبطة بموافقة شقيقاتها من دول الخليج، المتحدة ضمن اتفاق تعاون، لكن في الوقت عينه، في إمكانها الدفع قدماً باتفاقات "خاصة" مع إسرائيل. الدول المرشحة الأُخرى هي البحرين، وعمان، وحتى قطر التي سبق أن كان لديها في الماضي ممثلية إسرائيلية رسمية، وتتوسط بين إسرائيل و"حماس"، ويمكن أن تكون حالياً الدولة التالية. نتنياهو لمّح إلى ذلك في مؤتمره الصحفي، ومن الممكن أن نتوقع اتفاقات أُخرى، هي في طور الإعداد السياسي.
- إعلان تطبيع العلاقات بين إسرائيل واتحاد الإمارات هو خطوة دراماتيكية تُظهر إلى العلن علاقات وثيقة عمرها 20 عاماً بين دولتين لديهما مصالح مشتركة عميقة، وعلى رأسها المحافظة على الستاتيكو الإقليمي، ومحاربة النفوذ الإيراني ومعسكر الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، وانحياز إلى المحافظة على الهيمنة الأميركية في المنطقة.
- دولة اتحاد الإمارات ليست إمارة نفطية عربية قليلة الأهمية. هي قوة إقليمية صاعدة ذات نفوذ سياسي وعسكري واقتصادي متصاعد في المنطقة، تجلى في تدخلها النشط في الصراعات في أماكن متعددة في الشرق الأوسط (ليبيا، واليمن، والقرن الأفريقي)، وفي دعمها للدول التي تتزعم المعسكر السني المعتدل، وعلى رأسها مصر التي تحظى بمساعدة اقتصادية واسعة منذ سنوات عديدة.
- هذه محطة مهمة في إطار الجهد الإسرائيلي المستمر منذ سنوات عديدة من أجل الدفع قدماً بالتطبيع مع العالم العربي، ويمكن أن يترافق في المستقبل مع إنجازات اقتصادية مهمة إذا توثقت العلاقات التجارية والتكنولوجية بين الدولتين.
- في الساحة الداخلية، يسمح تطبيع العلاقات لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بنزول محترم نسبياً عن شجرة فكرة الضم التي تبين منذ البداية أنها تنطوي على عقبات كثيرة وتنفيذها معقد، ودفعت إسرائيل ثمنها على عدد من الصعد من دون أن تتحقق عملياً. على الرغم من انتقاد اليمين، ستنال الخطوة ثناء أغلبية الأطراف السياسية في إسرائيل، وسينظر إليها الجمهور الذي يقلقه الكورونا والاقتصاد بإيجابية - وهو في الأساس أبدى اهتماماً محدوداً بفكرة الضم - وستُستقبل بترحاب من جانب أطراف في المجتمع الدولي المعارض لتحقيقها.
- المشكلة التي لم تُحل حتى الآن هي الأزمة الحادة مع السلطة الفلسطينية، والتي اتخذت شكل انقطاع مطلق تقريباً [للعلاقات] بين الطرفين منذ 19 أيار/مايو، في خطوة أقدم عليها أبو مازن رداً على إعلان إسرائيل نيتها تنفيذ الضم.
- لا يستطيع الفلسطينيون أن يتوقعوا لإشبين أكثر إشكالية من اتحاد الإمارات التي تُعتبر في حالة قطيعة كاملة مع الحكم في رام الله (على خلفية دعم الإمارات لمحمد دحلان، الخصم الشرس لأبو مازن)، وهي على عداء عميق مع "حماس"، على خلفية اعتبار تيار الإخوان المسلمين عدواً في نظرها.
- علاوة على ذلك، تطبيع العلاقات في نظر الفلسطينيين هو إهانة صارخة، في ضوء الإدراك أن المقصود هو نجاح استراتيجيا إسرائيل أن في الإمكان الدفع قدماً بالتطبيع مع العالم العربي من دون التسوية الشاملة مع الفلسطينيين.
- في ضوء ذلك، تلوح في هذه المرحلة معضلة في رام الله: صحيح أن سيف الضم، كما يبدو، سيتبدد، لكن الطريقة التي جرى فيها ذلك من الصعب هضمها من ناحية الفلسطينيين. هذه الفترة حساسة، والمطلوب فيها أن تُظهر إسرائيل شهامة، وأن تمد اليد إلى السلطة الفلسطينية التي تضعف يوماً بعد يوم في ظل الأزمة المستمرة.
- يتعين على إسرائيل العمل على مختلف الصعد (العلنية والسرية)، وبواسطة كل اللاعبين الإقليميين والدوليين من أجل إفهام الفلسطينيين أن موضوع الضم قد استُبعد عن جدول الأعمال اليوم، وإقناعهم بالعودة إلى التنسيق الكامل مع إسرائيل، والموافقة على الحصول على أموال الضرائب التي تشكل مكوناً مركزياً في قدرة عمل السلطة. المطلوب لاحقاً من إسرائيل فحص كيفية تعميق نفوذ اتحاد الإمارات في الساحة الفلسطينية، وخصوصاً في الضفة الغربية، وفي الأساس من خلال الدفع قدماً بمشاريع مدنية واسعة النطاق.
- من دون تحييد الأزمة الحادة مع الفلسطينيين، الإنجاز الدراماتيكي لإقامة العلاقات مع اتحاد الإمارات سيكون له تداعيات محدودة، وإسرائيل ستواصل مواجهة "التهديد الذي تلوح نذره" من الساحة القريبة منها. سواء بسبب تصاعُد العنف في الضفة الغربية، أو بسبب إمكان الضعف المتزايد للسلطة الفلسطينية، يمكن أن تضطر إسرائيل إلى ممارسة صلاحيات مدنية واسعة في الضفة، وهذا وضع يقرّب سيناريو الدولة الواحدة بالتدريج.